(( سنة الوضوء عند النوم ))
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَلَغْتُ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ قُلْتُ وَرَسُولِكَ قَالَ لَا وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ
الحديث
صحيح البخارى – كتاب الوضوء / ترقيم العالمية 239 ، ترقيم فتح البارى 247 ، ترقيم د. البغا 244
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَلَغْتُ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ قُلْتُ وَرَسُولِكَ قَالَ لَا وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ
شرح الحديث فى فتح البارى:
قوله : ( أخبرنا عبد الله ) هو ابن المبارك , وسفيان هو الثوري , ومنصور هو ابن المعتمر . أن يكون مخصوصا بمن كان محدثا . ووجه مناسبته للترجمة من قوله " فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة " والمراد بالفطرة السنة . وقد روى هذا الحديث الشيخان وغيرهما من طرق عن البراء , وليس فيها ذكر الوضوء إلا في هذه الرواية , وكذا قال الترمذي . وقد ورد في الباب حديث عن معاذ بن جبل أخرجه أبو داود , وحديث عن على أخرجه البزار , وليس واحد منهما على شرط البخاري , وسيأتي الكلام على فوائد هذا المتن في كتاب الدعوات إن شاء الله تعالى . قوله : ( واجعلهن آخر ما تقول ) في رواية الكشميهني " من آخر " وهي تبين أنه لا يمتنع أن يقول بعدهن شيئا مما شرع من الذكر عند النوم . قوله : ( قال لا ونبيك الذي أرسلت ) قال الخطابي : فيه حجة لمن منع رواية الحديث على المعنى , قال : ويحتمل أن يكون أشار بقوله " ونبيك " إلى أنه كان نبيا قبل أن يكون رسولا , أو لأنه ليس في قوله " ورسولك الذي أرسلت " وصف زائد بخلاف قوله " ونبيك الذي أرسلت " وقال غيره ليس فيه حجة على منع ذلك , لأن لفظ الرسول ليس بمعنى لفظ النبي , ولا خلاف في المنع إذا اختلف المعنى , فكأنه أراد أن يجمع الوصفين صريحا وإن كان وصف الرسالة يستلزم وصف النبوة , أو لأن ألفاظ الأذكار توقيفية في تعيين اللفظ وتقدير الثواب , فربما كان في اللفظ سر ليس في الآخر ولو كان يرادفه في الظاهر , أو لعله أوحى إليه بهذا اللفظ فرأى أن يقف عنده , أو ذكره احترازا ممن أرسل من غير نبوه كجبريل وغيره من الملائكة لأنهم رسل لا أنبياء , فلعله أراد تخليص الكلام من اللبس , أو لأن لفظ النبي أمدح من لفظ الرسول لأنه مشترك في الإطلاق على كل من أرسل بخلاف لفظ النبي فإنه لا اشتراك فيه عرفا , وعلى هذا فقول من قال كل رسول نبي من غير عكس لا يصح إطلاقه . وأما من استدل به على أنه لا يجوز إبدال لفظ قال نبي الله مثلا في الرواية بلفظ قال رسول الله وكذا عكسه ولو أجزنا الرواية بالمعنى فلا حجة فيه , وكذا لا حجة فيه لمن أجاز الأول دون الثاني لكون الأول أخص من الثاني , لأنا نقول : الذات المخبر عنها في الرواية واحدة فبأي وصف وصفت به تلك الذات من أوصافها اللائقة بها علم القصد بالمخبر عنه ولو تباينت معاني الصفات , كما لو أبدل اسما بكنية أو كنية باسم , فلا فرق بين أن يقول الراوي مثلا عن أبي عبد الله البخاري أو عن محمد بن إسماعيل البخاري , وهذا بخلاف ما في حديث الباب فإنه يحتمل ما تقدم من الأوجه التي بيناها من إرادة التوقيف وغيره والله أعلم . ( تنبيه ) : النكتة في ختم البخاري كتاب الوضوء بهذا الحديث من جهة أنه آخر وضوء أمر به المكلف في اليقظة , ولقوله في نفس الحديث " واجعلهن آخر ما تقول " فأشعر ذلك بختم الكتاب والله الهادي للصواب . ( خاتمة ) : اشتمل كتاب الوضوء وما معه من أحكام المياه والاستطابة من الأحاديث المرفوعة على مائة وأربعة وخمسين حديثا , الموصول منها مائة وستة عشر حديثا , والمذكور منها بلفظ المتابعة وصيغة التعليق ثمانية وثلاثون حديثا , فالمكرر منها فيه وفيما مضى ثلاثة وسبعون حديثا , والخالص منها أحد وثمانون حديثا , ثلاثة منها معلقة والبقية موصولة وافقه مسلم على تخريجها سوى تسعة عشر حديثا وهي الثلاثة المعلقة وحديث ابن عباس في صفة الوضوء وحديثه توضأ مرة مرة وحديث أبي هريرة ابغني أحجارا وحديث ابن مسعود في الحجرين والروثة وحديث عبد الله بن زيد في الوضوء مرتين مرتين وحديث أنس في ادخار شعر النبي وحديث أبي هريرة في الرجل الذي سقى الكلب وحديث السائب بن يزيد في خاتم النبوة وحديث سعد وعمر في المسح على الخفين وحديث عمرو بن أمية فيه وحديث سويد بن النعمان في المضمضة من السويق وحديث أنس إذا نعس في الصلاة فليتم وحديث أبي هريرة في قصة الذي بال في المسجد وحديث ميمونة في فأرة سقطت في سمن وحديث أنس في البزاق في الثوب وفيه من الآثار الموقوفة على الصحابة والتابعين ثمانية وأربعون أثرا الموصول منها ثلاثة والبقية معلقة . والله أعلم .
رقم الفتوى: 75462
السؤال
الشيخ الفاضل... لقد سمعت أن من سنن النبي صل الله عليه وسلم الوضوء قبل النوم، وسؤالي هو: إذا كنت متوضئا من صلاة العشاء وذهبت للنوم فهل أصبت السنة، أم أن علي أن أتوضأ وضوءاً خاصاً قبل النوم، وشق آخر هو أنه قد أتوضأ وأذهب للنوم ولكن لا أنام قبل نصف ساعة مثلاً، وفي ذلك الوقت أقوم من السرير للذهاب إلى دورة المياه، أو أحدث أياً من نواقض الوضوء الأخرى قبل أن أهوي فعلياً في النوم، فهل يجب أن أتوضأ مرة أخرى إذا ما أردت الالتزام بالسنة؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالوضوء قبل النوم سنة ثابتة عن النبي صل الله عليه وسلم، ففي الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه مرفوعاً: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن.... الحديث.
وقد نص العلماء على أن من كان متوضئا أصلاً كمن توضأ لصلاة العشاء مثلاً وبقي على طهارته كفاه ذلك الوضوء ويكون مصيباً للسنة إن شاء الله تعالى لأن المقصود هو النوم على طهارة، قال النووي رحمه الله تعالى: فإن كان متوضئاً كفاه ذلك الوضوء لأن المقصود النوم على طهارة.... انتهى.
فإن اضطجع متوضئاً ثم قام لقضاء حاجته استحب له أن يتوضأ لينام على طهارة لقوله في الحديث: .... إذا أتيت مضجعك فتوضأ.... الحديث.
وأما إن اضطجع متوضئاً ثم انتقض وضوؤه وهو في سريره فإنه يكفيه الوضوء الأول ويكون مصيباً للسنة، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 66320 ، وفيها نقول مفيدة في الموضوع.