NOVEMBER 25, 2017
مع تواصل تصريحات نتنياهو الجوفاء: لماذا لا تُنفّذ إسرائيل تهديداتها ضدّ إيران بسوريّة؟ ولماذا لم تقُم بتدمير النوويّ الإيرانيّ مع أنّها توعدّت بذلك منذ حوالي العقدين؟ هل صعدت لشجرةٍ عاليّةٍ بالقضيتين؟
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
لا يختلف عاقلان بأنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، بات يُعاني من متلازمة إيران، وتمكّن منذ مطلع الألفيّة الحاليّة بواسطة تصريحاته المُباشرة وتسريباته غيرُ المُباشرة من إقناع الإسرائيليين بأنّ الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران تُشكّل خطرًا إستراتيجيًا-وجوديًا على الدولة العبريّة، خلافًا لموقف الأجهزة الامنيّة بالدولة العبريّة، التي تعتبر أنّ القضيّة الفلسطينيّة هي التي تُعتبر التهديد الوجوديّ على دولة الاحتلال، وفي مُقدّمة هذه الأجهزة، شعبة الاستخبارات العسكريّة في الجيش الإسرائيليّ (أمان) وعلى لسان قائدها الجنرال هرتسي هليفي.
ولكن، اعتبار إيران تهديدًا وجوديًا على إسرائيل من قبل أركان اسرائيل، يُحتّم بحسب المعايير السياسيّة والأمنيّة، ردّ فعلٍ لمُواجهة هذا التهديد، وحتى اقتلاعه من جذوره، والسؤال الذي يُطرح في هذه العُجالة: لماذا لم تقُم إسرائيل، هذه الـ”دولة العظمى عسكريًا واقتصاديًا وتكنولوجيًا” بتدمير المشروع النوويّ الإيرانيّ كما تعهدت، وكما قال وزير أمنها السابق ورئيس الوزراء الأسبق، إيهود باراك، بأنّ بلاده ستُعيد إيران مئات السنين إلى الوراء ولن بيقى فيها مَنْ يعّد ويحصي عدد القتلى والجرحى؟
في هذه الأيّام، انتقلت إسرائيل إلى التهديد على الجبهة السوريّة، وأرغت وأزبدت فيما يتعلّق بالتواجد الإيرانيّ على أراضي بلاد الشام، تصريح وزير الخارجيّة الروسي، سيرغي لافروف، بأنّ إيران تتواجد في سوريّة بشكلٍ شرعيٍّ شكّل صفعةً مُجلجلة للدولة العبريّة، التي فشلت في حجز تذكرة في لعبة “الحلّ السياسيّ للأزمة السوريّة”، وانتقدت بشكلٍ غيرُ مباشرٍ الدور الأمريكيّ الذي عاد إلى النكوص، لصالح روسيا، التي باتت الأمر الناهي في الشرق الأوسط، باعترافٍ من قادةٍ تل أبيب السياسيين، العسكريين والأمنيين.
إلى ذلك، كشفت صحيفة (هآرتس) العبرية عن أقوالٍ خطيرةٍ أدلى بها رئيس مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ السابق، الجنرال في الاحتياط يعقوب عميدرور في لقاءٍ جمعه مع عددٍ من الصحافيين الأجانب، وتحت عنوان إسرائيل ترفع سقف تهديداتها ضد إيران، نقل مراسل الشؤون العسكريّة في الصحيفة، عاموس هارئيل عن الجنرال عميدرور قوله للصحافيين إنّ بناء القواعد الإيرانية في سوريّة تمنح طهران وحزب الله موقعًا قريبًا لإطلاق الصواريخ ضدّ إسرائيل.
واللافت في حديثه، أنه أضاف قائلاً إنّه يتحتّم على الدولة العبرية عمل كلّ شيءٍ وبكلّ ثمنٍ من أجل منع ذلك. وأوضح عميدرور، المُقرّب جدًا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أنّ إسرائيل مُلزمة بمنع ذلك، وإذا لم يقُم من يرسمون الخطط مثل الأمريكيين والروس وآخرين، بمنع إقامة القواعد الإيرانيّة، فإنّ من شأن ذلك، أنْ يُستخدم الجيش الإسرائيليّ للتدخل والقضاء على كل محاولةٍ لبناء قواعد عسكرية بسورية، على حد تعبيره.
وتابع عميدرور قائلاً: لن نسمح للإيرانيين ولا لحزب الله اللبناني أنْ يستغلا انتصاراتهما في الحرب الطويلة في سورية لكي يُركزوا جلّ اهتماماتهما في كيفية المسّ بالدولة العبرية، هذه هي المصلحة الإستراتيجيّة الإسرائيليّة، وعليها أن نُحافظ عليها.
هارئيل أشار إلى أنّ الجنرال عميدرور لا يحمل اليوم صفةً رسميّةً في إسرائيل، ولكنّه ما زال يحظى باهتمامٍ كبيرٍ في ديوان نتنياهو، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ أقوال عميدرور، جاءت بعد يومٍ واحدٍ من تصريحات نتنياهو في باريس ضدّ الاتفاق الأمريكيّ-الروسيّ حول وقف إطلاق النار في جنوب سوريّة.
كما شدّدّ على أنّ العديد من الحكومات العربيّة والغربيّة أبدت اهتمامًا كبيرًا بهذه التصريحات التي أدلى بها عميدرور.
ونقل هارئيل عن مصادر رفيعة في تل أبيب قولها إنّه على الرغم من أنّ احتمال قيام إسرائيل بمهاجمة القواعد الإيرانيّة في سوريّة ما زال حتى الآن ضئيلاً، فإنّه في هذه القضية، التي تؤرق نتنياهو جدًا، إسرائيل باتت على استعداد لمُواجهةٍ علنيةٍ مع إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
ولكنّ المُحلّل هارئيل شدّدّ في مقالٍ نشره أمس على أنّ الانطباع السائد هو أنّ تل أبيب صعدت إلى شجرةٍ عاليةٍ جدًا فيما يتعلّق بالوجود الإيرانيّ في سورية، لافتًا إلى وجود مشكلتين: الأولى هي أنّ الخطوط الحمراء التي وضعتها إسرائيل ليست موحدّةً ولا تُفصح عن مطالبها، فعلى سبيل الذكر، أشار إلى أنّ مُعارضة الخطوات الإيرانيّة لتعزيز نظام الأسد، سيكون مطلبًا الصعب الحصول على تأييد ودليّ لتطبيقه. وبرأيه، فإنّ المُشكلة الأخرى هي أنّ تكرار التهديدات الإسرائيليّة بشنّ ضربةٍ عسكريّة من دون إخراجها إلى حيّز التنفيذ، يمكن أنْ يُفسّر في الشرق الأوسط على أنّه مظاهر ضعف وتصريحات جوفاء، بينما تطبيق التحذيرات قد يؤدّي بسهولةٍ كبيرةٍ إلى تدهور الوضع على طول الحدود مع سورية ولبنان إلى مواجهة عسكريةٍ واسعةٍ، مشدّدًا على أنّ الدولة العبريّة ليست حاضرةً ولا جاهزةً لخوضها.
أمّا الجنرال الإسرائيليّ في الاحتياط، عاموس غلبواع، فرأى في مقالٍ نشره أمس في صحيفة (معاريف) العبريّة أنّه بالمقارنة مع فزاعة تهديد داعش، يوجد اليوم في الهلال الخصيب، تهديد استراتيجيّ حقيقي نال رخصة أمريكيّةٍ بالحصول على السلاح النووي بعد أقل من 10 سنوات، وإنتاج صواريخ بعيدة المدى، ولديه منطقة نفوذ سياسيّ وعسكريّ تمتد من بحر قزوين حتى البحر المتوسط، واختتم قائلاً: إنّه إيران – آيات الله. وليس من المستغرب أنّهم يرتعدون خوفًا في المملكة العربيّة السعوديّة.