القاهرة: تعهد صلاح البردويل، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، بعدم الانفراد بتشكيل حكومة من أعضاء حركته حال تحقيقها الأغلبية في الانتخابات التشريعية المتفق على إجرائها قبل نهاية العام المقبل.
وقال القيادي البارز للحركة، في حوار مع «الشرق الأوسط» أُجري داخل مقر إقامته بالقاهرة على هامش مشاركته ضمن وفد من حماس في مفاوضات المصالحة الموسعة التي ترعاها مصر: إن مشاركته الحركة في منظمة التحرير الفلسطينية لا يعني القبول ببرنامجها الحالي، الذي وصفه بأنه «أضاع 78 في المائة من أرض فلسطين»، مشدداً على تمسك «حماس بصياغة برنامج وبناء جديد للمنظمة».
وأوضح البردويل أن «حماس» لا تُنكر «علاقة المقاومة» العسكرية مع «حزب الله» اللبناني، رافضاً الكشف عن تفاصيلها الدقيقة. كما تطرق إلى العلاقة مع قطر ومصر...
وفيما يلي أبرز ما جاء في الحوار:
- بموجب الاتفاق الأخير في القاهرة تقرر إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية والمجلس الوطني قبل نهاية العام المقبل. هل تخطط «حماس» للمنافسة على كافة مقاعد المجلس التشريعي، أم أنكم ستلتزمون بنسبة لتجنب تكرار سيناريو عام 2006 الذي أعقبته سنوات الانقسام؟
- أريد أن أطمئن الجميع؛ لأننا حتى وفق الوضع الحالي الذي نمتلك فيه 60 في المائة من مقاعد المجلس ونمثل الأغلبية، من حقنا تشكيل الحكومة، وأن نفعل ما نريد، غير أننا لا نريد أن ندخل الشعب الفلسطيني في موجة جديدة من الضغوط اللاإنسانية التي تمارس، نحن على استعداد الآن لتفعيل المجلس التشريعي على قاعدة التوافق وليس الأغلبية، وتكون تلك الآلية التوافقية هي الملزمة في اتخاذ القرارات ولا تصدر من دونها، ونعمل على قاعدة لا غالب ولا مغلوب.
- لكن ما تتحدث عنه يرتبط بالمجلس القائم، فماذا عن انتخابات العام المقبل؟ والسؤال هنا: هل تنوون المشاركة على كل المقاعد، أم أنكم ستتركون فرصة لبقية الفصائل؟
- سنترك فرصة كبيرة للفصائل، وسنتعامل بقانون انتخابي لخفض نسبة الحسم في الانتخابات، ولن نعارض في أي شكل من أشكال التوافق، وحتى إذا فزنا بالأغلبية فإننا سنبادر بتشكيل حكومة تآلف وطني تمثل الجميع، وأن يكون القرار داخل المجلس الجديد بالتوافق وليس الأغلبية، ونحن ملتزمون بذلك.
- على ذكر الانتخابات هل تطمح «حماس» للمنافسة على مقعد رئيس السلطة الفلسطينية بالانتخابات المقبلة؟
- «حماس» لا تطمح كثيراً في المنافسة على منصب الرئيس، لكنها ستمارس حقها كاملاً في دعم الشخصية الوطنية القادرة على أن تقود هذه السفينة بطريقة ديمقراطية نزيهة، رغم قدرتنا على الفوز، أو تحقيقه لشخصيات محترمة ونزيهة.
- ماذا تقصد «حماس» بأن «سلاح المقاومة» غير خاضع للنقاش، لكن استخدامه يخضع لقرار وطني؟ هل يعني ذلك أنكم قبل استخدامه يجب أن تحصلوا على موافقة كافة الفصائل؟
- هذا يدخل ضمن رؤية أشمل بكثير. في عام 2006 اتفقنا على أن تكون هناك شراكة وطنية في قرار السلم والحرب، بمعنى أننا نؤكد على أن المقاومة هي حق للشعب الفلسطيني، لكن هذه المقاومة لا يقوم بها فصيل دون فصيل، بل نؤكد على ترشيد المقاومة وإخضاعها لقرار وطني شامل، وفي الوقت نفسه إخضاع المفاوضات والعملية السياسية لقرار وطني مماثل، فلا يجوز لأبو مازن (الرئيس محمود عباس) أن ينفرد بالتفاوض مع الاحتلال، رغم أنه لم ولن يلتزم ويريد الهيمنة على قرار الحرب كما هو الحال بالنسبة للمفاوضات، وهذه مسألة غير مقبولة، وبالتالي يكون من الصعب جداً إخضاع استخدام السلاح في المقاومة لقرار جماعي، إلا إذا وافق الرئيس الفلسطيني على أن يكون قرار الحرب والسلم بالشراكة... هذا ما نؤمن به.
- في إطار دعوتكم لتمثيل «حماس» في منظمة التحرير الفلسطينية... هل نشب أي خلاف داخل الحركة بشأن ذلك، وبخاصة أن المنظمة ملتزمة باتفاقية أوسلو مع إسرائيل التي تتضمن اعترافاً متبادلاً بين الطرفين، بينما حركتكم تعارض هذا الاعتراف؟
- المشكلة أن البعض يفهم دعوتنا لدخول المنظمة وكأنها دعوة لدخول المنظمة الحالية... نحن نقول بإعادة بناء وصياغة للمنظمة على برنامج وطني متفق عليه.
- إذن، أنتم تتحدثون عن منظمة جديدة وبرنامج جديد؟
- طبعاً؛ فالمنظمة الجديدة تحتاج إلى بناء وبرنامج جديدين، وبخاصة أن البرنامج الحالي تنازل عن 78 في المائة من أرض الشعب الفلسطيني، ولا علاقة له بالبرنامج القديم والميثاق الوطني الفلسطيني، وأنا عندما أدخل مؤسسة ما فإنني أساهم في برنامجها، ولا يُفرض عليّ برنامجها القديم... نحن نسعى لصياغة جديدة، ونحن في «حماس» متوافقون على ذلك.
- أعلنتم تحفظكم على البيان الوزاري العربي، وبخاصة ما يتعلق باعتبار «حزب الله» اللبناني جماعة إرهابية... هل أثير ذلك على جدول الأعمال في اجتماع القاهرة الأخير للمصالحة، وبخاصة أن القيادي في الحركة موسى أبو مرزوق دعا إلى ذلك؟
- لا، لم يحدث أن طرحت تلك النقطة على جدول أعمال المصالحة لأسباب مختلفة، أهمها أن مصر جزء من القرار، وأننا نجتمع في القاهرة، وعلى أي حال فتحفظنا لم يرتبط أبداً بمناكفة الدول العربية الراعية لإصداره، بل خوفاً من أن يأتي الدور علينا فوراً، وهذا ما لا نتمناه أبداً من الأمتين العربية والإسلامية، وما نرجوه هو أن تتوحد الجهود ضد «الكيان الصهيوني»؛ حتى لا يكون ذلك مقدمة للتطبيع مع الاحتلال.
- في خطاب لرئيس «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله مؤخراً، أعلن أنه أرسل صواريخ «كورنيت» إلى قطاع غزة لمقاومة إسرائيل. هل أنتم الطرف الذي تلقاها؟ وما طبيعة التنسيق بينكما؟
- بغض النظر عن طبيعة الأسرار العسكرية، إلا أننا اختلفنا في لحظة معه فيما يتعلق بالشأن السوري، وقد غضب «حزب الله» وإيران، رغم أننا لم نرغب في أن يلوث نفسه بالتدخل في سوريا، وقدمنا ذلك كنصيحة، ومع ذلك فنحن لا ننكر أن التعاون قائم بين «حزب الله» و«حماس» وأطراف المقاومة وإيران، ولا يمكن إنكاره قديماً أو حديثاً.
- هل تنسيقكم كحركة مع محمد دحلان وما قيل بشأن اتفاقكم على دور مستقبلي له يأتي في إطار محاولات تنسيقكم مع جميع الأطراف، وهل أثر على مفاوضاتكم مع ممثلي حركة فتح؟
- لم يكن هناك اتفاق على دور لدحلان في المرحلة المقبلة، و«حماس» لا تملك منحه ذلك وهي محاصرة، لكن المبدأ الذي انطلقنا منه هو أن نستكمل المصالحة المجتمعية نحن ودحلان، وقد دفعت الإمارات عن طريقه وطريق مصر أموالاً جيدة لتعويض الناس عن خسائرهم في الأرواح والممتلكات، لكن دحلان كشخص له جمهور وأنصار في غزة، ورغم قرار أبو مازن بفصله أو اعتباره منشقاً فلا يمكن الحكم بالإعدام على دوره السياسي، وإذا دخل الانتخابات وفاز بأي منصب فسنحترم ذلك، لكننا لا نملك تقسيم وظائف أو منح أدوار.