الغموض "غير البناء" مدخلا لإنهيار "اتفاق القاهرة 2"!
كتب حسن عصفور/ لم يتفق غالبية الفلسطينين على شيء منذ زمن، كما إتفقوا على أن "بيان القاهرة 2"، حمل بداخله عوامل فشله، بل أنه يمهد الطريق لإنهيار "الأمل الوطني العام" لإنهاء - إنتهاء الكارثة الثالثة المعلومة باسم الإنقسام.
ذلك الاتفاق العام لم يأت من فراغ، أو بسبب حالة "الإدمان" على فشل ما يتم الاتفاق عليه بين فريق الرئيس محمود عباس "فتح وفصائلها"، وحماس ومن يتحالف معها، وحضور دون دور حقيقي لقوى اليسار الفلسطيني، في كل ما سبق توقيعه من اتفاقات، ما قبل الانقلاب وما بعده، رغم أن الاتفاق الأخير تم صناعته بـ"حرفية" أعلى، عندما أحضرت القاهرة طرفي المعادلة الانقسامية أولا، وأجبرتهم موضوعيا على توقيع اتفاق القاهرة1..
عناصر اتفاق القاهرة 2، كانت غاية في وضوح مآلها، حيث استبدلت فصائل الاتفاق، عناصر "الإثبات السياسي"، بعناصر "الغموض السياسي"، وكأنها بحثت عن نجاح الاعلان واعتباره "مكسبا تاريخيا"، دون ان تدرك أنها بذلك تفتح باب "مصيبة سياسية مضاعفة"، لأن فريق عباس لم يكن راغبا بالعودة الى قطاع غزة في ظل "القوة العسكرية" لحركة حماس، وغيرها من الأجنحة المسلحة، التي تمثل، موضوعيا، قوة تفوق كثيرا قدرة وحضورا وتسليحا، بل وروحا كفاحية، كل ما سيكون من أجهرزة أمنية رسمية لفتح أو حكومتها..
تلك هي جوهر الأزمة الحقيقة، القوة العسكرية للفصائل، ليس لفتح وعباس فقط، رغم أهميتها، بل لأمريكا واسرائيل، فدون قبول ذلك الواقع العسكري منهما، وايجاد آلية لعمله تكون واضحة تماما، لن تقدم "فتح" ورئيسها على أي خطوة حقيقية للتصالح الوطني، وبالتالي للمصالحة الوطنية..
فتح تعلم وكذا رئيسها، ان "التسوية التاريخية" التي يحلم بها لن تكون في غياب وضع "آلية محددة" للقوة العسكرية الفصائلية في قطاع غزة، خاصة وان أجهزة السلطة الأمنية، خلال سنوات الانقسام، تركزت عقيدتها السياسية - الأمنية على عناصر تتعاكس كليا مع عقيدة تلك الأجنحة، فسياسة وممارسة مفاهيم "التنسيق الأمني" بكل أركانها تشكل حجر الزاوية لتلك الأجهزة، ومعها تغيب أي تعئبة وطنية ضد دولة الاحتلال، وليس صدفة انه لم تحدث أي حالة مواجهة بين تلك الأجهزة وقوات الاحتلال منذ اعتلاء عباس رئاسة السلطة، حتى يوم اهانته شخصيا، واقتحمت بيته الخاص، مكتفيا باعتذار من نتنياهو..خلافا لما كان في زمن الخالد الشهيد المؤسس ياسر عرفات..
"بيان القاهرة 2" قفز كليا عن تحديد الموقف من هذه القضية، وتركها لمجهول "حسن النوايا"، رغم لا وجودها من حيث المبدأ، ما فتح الباب "لنوايا الشيطان" تتحكم في تفسير ما ترى أنه "حق وضوروة".
غياب الوضوح ومعه غياب "آلية التنفيذ"، يمثل أحد أهم ركائز الفشل السياسي لأي اتفاق، فما بالك باتفاق تجاهل كل تلك المسائل كي يصل الى خلاصات لا تنتج تنفيذا عمليا ناجحا لأي من بنوده، حتى وصلت المهزلة أن يتحول "النص" الى سخرية لا قبلها بعد "إختراع" منسق شؤون الارتباط مع الكيان الاسرائيلي، نجم فتح الحديث، حسين الشيخ بأن يضع معيارا خاصا بالاشارة الى أن التمكين المطلوب لم يصل الى ما نسبته الـ5% من المطلوب إثباته..هذه العبارة دون غيرها تكشف مدى العوار الفكري في مفهوم التصالح الوطني..
لو حددت فصائل بيان القاهرة 2 آلية تنفيذ واضحة، محددة بزمن، مع آلية رقابة (وهذا ما تم الاشارة اليه في مقالي اليوم التالي لتوقيع الاتفاق بعنوان "عن ردة الفعل الصادمة لاتفاق القاهرة2"
لتصبح جزءا من آلية تنفيذ متفق عليها، ولا تترك مفتوحة أو حسبما يرى هذا الطرف أو ذاك، ومعها وضع قوة حماية للتنفيذ، من خلال لجنة مصغرة برئاسة مصر ليس للإشراف فحسب بل والمحاسبة وتحديد الطرف المسؤول عن العرقلة والتخريب..
رغم كل ما حدث، من بيانات فتحاوية تعلن "إنقلابا سياسيا علنيا" على جوهر اتفاق القاهرة 2، لا زال بقدرة مصر أن تفرض آلية تنفيذ ورقابة، وأن تضع ورقة محاسبة للخارج عن النص الوطني العام..
الفرصة قائمة رغم ملامح محاولات هروب فتح، عبر ما اعلنه 2 من أعضاء وفدها المحاور، اعلانات تنعي الاتفاق، لكن مصر مع غالبية الفصائل قادرة على رسم "آلية عملية للتنفيذ والرقابة والمحاسبة"، قبل ان تصل المسألة الى لحظة انفجار تقود الى "ردة سياسية شاملة" تسمح لفريق تهويد المشروع الوطني بالنصر السياسي، ودفع قطاع غزة الى "خيارات مفتوحة" كلها تؤدي الى طريق "القسمة الكبرى عن شمال بقايا الوطن"..
ملاحظة: "صفقة نتنياهو" مع الأحزاب الدينية "الحريديم" تكشف عمق الفساد السياسي في المؤسسة الحاكمة..وزير يستقيل لحرمة السبت يوافق ان يصبح نائب وزير رغم منعه قانونا.. بيقلك دولة "ديمقراطية"..للفساد عنوانه بيبي!
تنويه خاص: غزة غرقت في "كبشة مطر"..شخص لقي حتفه بصعقة كهرباء نتيجة لذلك..طيب هاي المسوؤلية على مين..الغرق من فريق "التمكين" ام لا تمكين!
عن ردة الفعل الصادمة على (اتفاق القاهرة 2)!
كتب حسن عصفور/ لعله الدرس السياسي الأهم لقيادة فصائل العمل الوطني الفلسطيني، ما كان من ردة فعل "شعبية"، تحديدا أهل قطاع غزة ( الضفة والقدس خارج التغطية)، على "بيان القاهرة 2" بتاريخ 22 نوفمبر ( سيرتبط في الذاكرة بيوم إغتيال كينيدي وصدور قرار مجلس الأمن 242)، متابعة سريعة جدا لمنتديات سياسيين وكتاب ومشاركات شعبية، تعطي مؤشرا أوليا وكأن ما حدث يمثل "نكسة سياسية" لا تقل عن نكسات كبرى مرت في تاريخ الشعب الفلسطيني..
ردات فعل لن تجد منها، من يكسر سواد المشهد الذي حدث، بل خلافا له زاد كثيرا من المشاركين السواد سوادا، وبينهم قيادات حمساوية، فضحت من هول صدمتها بعضا مما كان "مستورا"، في رحلة مدير مخابرات عباس، اللواء ماجد فرج ورسائل التهديد الأمريكية للسلطة، ما يتطلب أن تراعي قيادة حماس "الجديدة" وضع عباس وما يتنظره لو ذهب بعيدا..
ما قاله البردويل، عن رسالة فرج، كشف بعضا من "المستور"، كونه لم يكمل ماذا وعدته حماس، وما هو مقابلها الموعود للوعد المشؤوم..
بلا أي نقاش، هي المرة الأولى في تاريخ "بيانات التصالح الفلسطيني"، التي يحدث بها ما حدث من "هبة غضب شاملة" ضد البيان وموقعيه، وصلت للتحريض على تشكيل "جبهة إنقاذ وطنية" بقيادة "الثنائي السنوار ودحلان"، ما يكشف أن رد الفعل لا يقل "صدمة" عن الفعل البياني، لكن الحقيقة أن قواعد الكل الفصائلي والشعبي رافضة لذلك البيان الموصوف بالمعيب وطنيا..
الدرس السياسي الأول فيما حدث، يكشف عن عمق الهوة بين "قيادات فصائلية" تدعي التمثيل والحضور، وبين واقعها التمثيلي، ولم تنج حركتي فتح وحماس من ذلك، بل أن غضب القاعدة الحمساوية، قد يفوق غضب غيرها، وجوهر الغضب هو استمرار "العقوبات الجماعية" للفريق العباسي ضد قطاع غزة، واستمرار الحصار بكل مكوناته، وكأن "أحكام الإعدام البطيئ" على أهل القطاع لم تعد تشكل قيمة سياسية - إنسانية لمن وقع بيانا، ربما يمثل "علامة غضب فارقة" في تاريخ الحركة الوطنية، وبداية لسقوط نهج واستبداله بآخر..
العقبة الكبرى القادمة، ليس بما نفسر من نصوص، وما سيقال من هذا الناطق أو ممثل الفصيل، بل بما أدركه المراقبون فورا عن جوهر "بيان القاهرة 2"، وعدم معالجته أي قضية واقعية، وعاد لتقييد أي عمل بالقبضة الحديدية العباسية الجديدة "التمكين"، فهي مفتاح عباس وفريقه للتعامل مع قطاع غزة، دون أي توضيح لمدى زمني واقعي لنهاية الرحلة التمكينية، سوى ما سيقره فريق عباس ذاته..
مخاطر الصدمة الشعبية على "بيان القاهرة 2"، ان الحراك السياسي القادم سيكون خارج قوة الدفع الشعبية، التي أحاطت كثيرا ببيان "القاهرة 1" يوم 12 أكتوبر، إذ سادت حركة "تفاؤل طاغية" بأمل إنهاء مرحلة "النكبة الثالثة"، وبداية "عهد سياسي" جديد يعزز العنصر الفلسطيني في المعادلة السياسية القادمة، المتجهة لصياغة "صفقة إقليمية كبرى" في المنطقة، تشمل فيما تشمل المسألة الفلسطينية، كل مؤشراتها لا تبشر خيرا..
هل بالإمكان "تدارك" بعضا من آثار تلك "الصدمة الكبرى"، التي أحدثها مضمون البيان، بعيدا عن أي محاولة "تجميلية"، أو "مجاملاتية" لهذا أو ذاك، نعم هناك آفاق يمكنها ان تحاصر تلك "الصدمة الكبرى"، من خلال البحث التفسيري لبعض بنود البيان ارتباطا بتشكيل خلية مصغرة، لتحديد آلية تنفيذ عناصر البيان - غرفة تنسيق مشتركة بحضور مصري -، بشكل متوازي وليس متتالي كما فسرها رئيس وفد فتح..
توازي التنفيذ، يؤدي الى أنه مع بداية أي خطوة عملية تبدأ فورا وفي ذات اللحظة حركة رفع العقوبات عن أهل القطاع، ويمكن بحث عناصرها ضمن غرفة التنسيق المشتركة، وهذا يشمل تحديد واضح لحركة عمل معبر رفح، كون المعبر يمثل "عنصرا رئيسيا"، لمنح قوة دفع لأي اتفاق سياسي، دونه تصبح كل البيانات ذات بعد أرشيفي..
العمل على أن يتوازى الحديث عن التمكين، بعودة عمل المجلس التشريعي لممارسة دوره الرقابي والمحاسبي، ولو كان عند البعض، وخاصة محمود عباس وبعض فريقه "مخاوف" من فتح "ملفات فساد مغلقة"، وصفقات تمت بدون رقابة أو مكاشفة، يمكن الاتفاق على منحهم فترة زمنية الى حين بعدم فتح تلك "الصفقات المريبة"، وابرزها بالتأكيد "صفقة العصر الخاصة بالاتصالات" حيث رائحة فسادها سممت أجواء الوطن بكل أركانه، ومعها فتح ملفات رموز الزمن العباسي..
"التمكين" مقابل "الرقابة التشريعية"ـ معادلة قد تحدث بعضا من توازن يعيد ثقة بـ"الأمل المفقود"، خاصة إن ما ارتبطت بتفعيل "القانون الأساسي" بما يمنع إصدار "المراسيم العباسية" خارج القانون، وتنهي عمل ما سمي "محكمة دستورية"، تم تشكيلها لمهمة محددة وهي "دسترة مراسيم عباس غير الدستورية"..
دون ذلك يصبح كل شي حدث ليس بذي قيمة سياسية - وطنية، بل "سيفتح باب جهنم على مركبات الفصائل"، بما فيها حراك شعبي خارج "النص المعلوم"..
السرعة في إستدراك " مصائب البيان"، خيرا من الاستكبار السياسي الفارغ..
ملاحظة: "الفرقة العباسية" مستمرة في لعبة الاستغماية السياسية مع شعبها بخصوص مكتب منظمة التحرير في واشنطن وقصة الاتصالات..الكذب مش بس عمره قصير لكنه سيكون مهينا..ومش دايما تعتمدوا عليه!
تنويه خاص: بعض وزارات السلطة ترفض حتى الساعة أن توحد صفحاتها على مواقع التواصل الإجتماعي مع ما كان في قطاع غزة رغم أنها "تمكنت" منها..ما زال هناك "فيس ضفة وفيس غزة"..ياااه شو صغار!