فريق ترامب يضع الملح على جروح الفلسطينيين
جوناثان كوك* - (ميدل إيست اونلاين) 20/12/2017
ترجمة: عبد الرحمن الحسيني
من المغري تفسير الإعلان في الأسبوع الماضي عن تأجيل زيارة مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي، إلى الشرق الأوسط إلى السنة الجديدة على أنه تحذير السفر النهائي. وهو يأتي في أعقاب تفجر القلاقل الإقليمية بسبب اعتراف الرئيس دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.
خلال الاحتجاجات التي جرت يوم الجمعة قبل الماضي، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلية أربعة فلسطينيين وأصابت أكثر من 250 آخرين.
ومع ذلك، ليس المسؤولون الأميركيون قلقين على سلامة بنس. وفي الحقيقة، ربما تكون أي تنبؤات باندلاع انتفاضة فلسطينة ثالثة رداً على إعلان ترامب عن القدس لترامب سابقة لأوانها.
بعد عقود من الانحياز الأميركي المفضوح لإسرائيل، أكد دونالد ترامب للفلسطينيين ما يعرفونه أصلاً. بل إن البعض رحبوا على مضض بصراحته. وهم يأملون في أنه أسكت أخيراً الادعاءات الأميركية بأن الولايات المتحدة "وسيط نزيه" في عملية سلام "غير منتهية"، والتي اشترت الوقت لإسرائيل، ببساطة، لتمكينها من تكريس احتلالها.
إن الغضب الفلسطيني من إسرائيل والولايات المتحدة هو فتيل يحترق ببطء. وسوف ينفجر في لحظة من اختيارهم هم، وليس من اختيار ترامب.
بدلاً من ذلك، يعكس التردد في واشنطن فيما يتصل بزيارة ترامب الواقع الدبلوماسي الفوضي الجديد الذي أطلقه البيت الأبيض.
وكان من المقرر أن يأتي بِنس إلى الشرق الأوسط لتمهيد الطريق أمام خطة ترامب للسلام، والتي لطالما وعد بها، بالإضافة إلى تسليط الأضواء على مأزق المسيحيين في المنطقة. لكن الباب أوصد بحزم في وجهه في الموضوعين. فقد أعلن المسؤولون الفلسطينيون مقاطعته، وكذلك فعل القادة المسيحيون في فلسطين ومصر.
وبدلاً من إلغاء زيارة بنس أو استغلال فسحة التنفس الإضافية لمحاولة تخفيف الضرر، ألمحت إدارة ترامب العنيدة إلى أنها شغوفة بكسر المزيد من قطع الخزف.
بعد قطع الطريق عليه للوصول إلى المسؤولين الفلسطينيين، سوف يركز برنامج بنس على إسرائيل. وفي أعقاب سابقة دبلوماسية وضعها رئيسه في أيار (مايو) الماضي، من المتوقع أن يزور بنس الحائط الغربي في البلدة القديمة من القدس، والذي يقع مباشرة بجوار ساحة المسجد الأقصى من الجهة الغربية.
مع ذلك، توصف زيارته بأنها "رسمية" وليست خاصة. وسوف يتم استثمارها برمزية أكبر بكثير على ضوء اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.
لإضافة الملح على الجرح، وبما يتناقض مع الادعاءات بأن واشنطن لن تحدد مسبقاً حدود قدس مقسمة قبل محادثات السلام، أعطى مسؤول أميركي رفيع، لم يذكر اسمه، زيارة بنس سياقاً أكثر إشكالية. وقد لاحظ المسؤول أنه لا يوجد أي سيناريو لم تر فيه الولايات المتحدة الحائط الغربي وهو ينتهي إلى أيدي إسرائيل.
من نافلة القول التأكيد أن تغير السياسة الأميركية حول القدس شكل ضربة قوية إلى الأعمدة الرئيسية الثلاثة التي تدعم قضية الدولة الفلسطينية: السلطة الفلسطينية، والاتحاد الأوروبي، والدول العربية.
وسيكون الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخاسر الأكبر في هذا الخضم. فقد جردته واشنطن من ملابسه الإمبراطورية، وأصبح يترأس الآن حكومة فلسطينية قيد الانتظار، والتي سيكون من غير المرجح على الإطلاق أن ترتبط بدولة، سواء كانت قابلة للحياة أو غير ذلك.
أما الدول العربية، التي كان يُفترض أنها تشكل المفتاح لاستراتيجية "الخارج، إلى الداخل" التي حظيت بالكثير من التهليل، خالقة إطار عمل إقليمياً للسلام، فقد تم تجريدها من القضية المفردة -القدس- التي تهم معظمها.
من جهتها، سعت مصر متعثرة إلى مساعدة عباس في عطلة نهاية الأسبوع قبل الماضي من خلال تقديم مسودة مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي، يقضي بإلغاء أي تغيير يطرأ على وضع القدس. لكن اعتراضاً أميركياً حتمياً باستخدام حق النقض، الفيتو، دفن ذلك التحرك في مهده.
كما أن أوروبا التي لعبت دور "الشرطي الجيد" في مقابل الشرطي الأميركي المتنمر، فقد تمت تعريتها كشريك متواطئ مع سلوك شريكها المارق.
وتكمن ورطة أوروبا في خطابها عن صنع السلام. فلطالما كانت تعرض الشكوى الزائفة، محذرة من أن اللحظة سوف تحل قريباً عندما لن يعود حل الدولتين قابلاً للتطبيق.
الآن، وقد التهم الذئب قلب الدولة الفلسطينية علناً، ما الذي ستفعله أوروبا وعباس؟
تقول المؤشرات إنهما سيدعيان بأن شيئاً لم يتغير -ولو حتى من باب الخوف مما قد يملأ الفراغ إذا تبين أن صنع السلام لم يكن سوى تمثيلية صورية فارغة من المحتوى.
لكنه التظاهر بوجود عملية سلام بالتحديد هو الذي أبقى الفلسطينيين موثقين إلى وهم. فتكريس أمل زائف عن قيام الدولة لا يفيد الفلسطينيين؛ وإنما هو يحافظ على هدوء يساعد إسرائيل.
هذا هو السبب في أن البيت الأبيض اتهم عباس مؤخراً بالانسحاب من الحوار. لكن الأحمق فقط هو الذي يواصل مناشدة الطبيعة الأفضل في رجل عصابة أصم.
الآن، يقع العبء على السلطة الفلسطينية والدول العربية وأوروبا لإدراك وقبول الواقع الجديد، وتأكيد سياسة مستقلة عن الولايات المتحدة. ويفهم بعض القادة الفلسطينيين، مثل حنان عشراوي، هذا الواقع مسبقاً. فقد قالت في الأسبوع قبل الماضي: "إن خطوة ترامب تمثل حقبة جديدة. ليست هناك عودة إلى الوراء".
يجب إجراء مراجعة كثيفة وإعادة تقييم للأهداف والاستراتيجيات الفلسطينية. وعلى الرغم من ذلك، سوف تكون الضغوط من أجل عودة إلى مسألة "السلام" كالمعتاد، وسوف تكون كثيقة.
قد يكون الفلسطينيون العاديون في القدس أول من سيعلن الوجهة الجديدة للصراع -واحدة تعترف بأن حلم إقامة دولة فلسطينية قد مات ودُفِن.
في الأعوام الأخيرة، بدأت أعداد متنامية من الفلسطينين في القدس التقدم بطلبات للحصول على المواطنة الإسرائيلية، لأن القانون الإسرائيلي يؤهلهم لذلك. لكن إسرائيل مارست الالتفاف ولجأت إلى تأجيل احترام التزاماتها، حتى بينما تسمي القدس "عاصمتها الموحدة".
سيكون على الفلسطينيين أن يلحقوا العار بإسرائيل والولايات المتحدة والعالم المراقب، من خلال تبني أدوات صراع مناهض لنظام الفصل العنصري، من خلال مقاومة غير عنيفة وعصيان مدني -من أجل كسب حقوق متساوية في دولة واحدة.
في الوقت الراهن، تتحرك التيارات التحتية للغضب الفلسطيني بشكل رئيسي أسفل السطح. لكنها سوف تصعد مع الوقت، وسوف تكون تداعيات فعلة ترامب واضحة جداً.
*فاز جوناثان كوك بجائزة مارتا غلهورن الخاصة للصحافة. من كتبه "إسرائيل وصراع الحضارات: العراق، إيران وخطة إعادة تشكل الشرق الأسط"، و"فلسطين المتلاشية: تجربة إسرائيل في البوس الإنساني".
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
Team Trump Add Insult to Injury for the Palestinians
By Jonathan Cook – Nazareth
It is tempting to interpret the announcement this week of a delay until the new year in US vice-president Mike Pence’s visit to the Middle East as the ultimate travel warning. It follows an eruption of regional unrest over Donald Trump’s recognition of Jerusalem as Israel’s capital.
During protests last Friday, Israeli occupation forces killed four Palestinians and injured more than 250.
US officials, however, are not worried about Pence’s safety. In fact, predictions of a third Palestinian uprising in response to Trump’s Jerusalem declaration may be premature.
After decades of flagrant US bias towards Israel, Trump has confirmed to Palestinians only what they already knew. Some even grudgingly welcomed his candor. They hope he has finally silenced US claims to being an “honest broker” in an interminable “peace process” that has simply bought time for Israel to entrench the occupation.
The Palestinians’ anger towards Israel and the US is a slow-burning fuse. It will detonate at a moment of their choosing, not of Trump’s.
Rather, the hesitation in Washington over the vice-president’s visit reflects the messy new diplomatic reality that the White House has unleashed.
Pence was due here to smooth the path to Trump’s long-promised peace plan and to highlight the plight of Christians in the Middle East. The door has now been firmly shut in his face on both counts. Palestinian officials have declared a boycott of him, as have Christian leaders in Palestine and Egypt.
Instead of cancelling Pence’s visit or exploiting the extra breathing space to try to reverse the damage, the bull-headed Trump administration has indicated it is eager to break more of the china.
Denied access to Palestinian officials, his schedule will focus on Israel. Following a diplomatic precedent set by his boss in May, Pence is due to visit the Western Wall in Jerusalem’s occupied Old City and immediately below the Al Aqsa mosque plaza.
His visit, however, has been billed as “official”, not private. And it will be invested with far graver symbolism, given Trump’s designation of Jerusalem as Israel’s capital.
To add insult to injury, and in contravention of claims that Washington will not pre-determine the borders of a divided Jerusalem before peace talks, an unnamed senior US official gave Pence’s visit an even more troubling context. He noted that there was no scenario in which the US did not see the Western Wall ending up in Israel’s hands.
The US policy change on Jerusalem has been a hammer blow to the three main pillars supporting the cause of Palestinian statehood: the Palestinian Authority, the European Union and the Arab states.
The biggest loser is Palestinian president Mahmoud Abbas. Washington stripped him of his emperor’s clothes: he now heads a Palestinian government-in-waiting that is unlikely ever to be attached to a state, viable or otherwise.
The Arab states, which assumed they were the key to a much-touted “outside-in” strategy, creating a regional framework for peace, have been deprived of the single issue – Jerusalem – that matters most to them.
Egypt scrambled to help Abbas at the weekend by drafting a UN security resolution to rescind any change of status for Jerusalem. But an inevitable US veto made the move moot.
And Europe, which has played “good cop” to the bullying US one, has been exposed as complicit in its partner’s rogue behavior.
Europe’s predicament is underscored by its peace-making rhetoric. It has long cried wolf, warning that a moment would soon arrive when a two-state solution was no longer feasible, when a temporary occupation morphed into permanent apartheid.
Now that the heart of a Palestinian state has been publicly devoured by the wolf, what will Europe and Abbas do?
The signs are that they will pretend nothing has changed – if only out of fear of what might fill the void if peace-making were exposed as a hollow charade.
But it is precisely the pretense of a peace process that has kept Palestinians chained to an illusion. The perpetuation of false hope about statehood does not benefit Palestinians; it preserves a calm that aids Israel.
That was why the White House accused Abbas of walking away from dialogue last week. But only a fool keeps on appealing to the better nature of a deaf thug.
The burden now falls on the PA, the Arab states and Europe to accept the new reality, and assert a policy independent of the US.
Some Palestinian leaders, like Hanan Ashrawi, already understand this. “Trump’s move is a new era,” she said last week. “There’s no going back.”
Palestinian goals and strategies must be reassessed. Nonetheless, the pressures for a return to the “peace” business as usual will be intense.
Ordinary Palestinians in Jerusalem may be the first to signal the new direction of struggle – one that recognizes that a Palestinian state is dead and buried.
In recent years, growing numbers have started applying, as Israeli law entitles them to, for Israeli citizenship. Israel has twisted and turned to delay honoring its commitment, even as it calls Jerusalem its “united capital”.
Palestinians will have to shame Israel, the US and the watching world by adopting the tools of an anti-apartheid struggle – of non-violent resistance and civil disobedience – to gain equal rights in a single state.
At the moment, the undercurrents of Palestinian rage chiefly swirl below the surface. But they will rise in time, and the consequences of Trump’s deed will become all too apparent