العرش والجيش ونكتة الانقلاب الموتورة
عمر كلاب
لا يحتاج الاردنيون الى دلائل جديدة على تماسكهم ووحدتهم الداخلية, ولا ينتظرون من طرف خارجي سواء كان هذا الطرف مغمورا او عائما على سطح الكرة الارضية أن يُرشدهم الى خريطة طريق في علاقتهم مع الهاشميين, او ان يرسم لهم “كتالوجًا” في العلاقة وطبيعتها, والاهم انهم لا يحتاجون الى من يرشدهم الى فهم القرارات الملكية وتحديدا في اطارها العسكري, فالجيش الثابت الاردني بعد العرش, سواء في الترفيع او الاحالة إلى التقاعد او تغيير قادته, فذلك شأن خاص لقائد الجيش, الامر الذي يزعج كثيرون من الصغار والكبار في الملعب الاقليمي في فهم طبيعة العلاقة بين العرش والجيش وبين الملك والشعب الاردني بكل مكوناته والوانه الاجتماعية والديمغرافية .
كذلك لا يحتاج الاردنيون الى من يرشدهم الى شكل العلاقة بين افراد العائلة المالكة فهم يعرفونهم عن ظهر قلب, يعرفون اخلاقهم وتربيتهم وسلوكهم العام المحكوم بنُبل الاخلاق والتماسك خلف عميد آل هاشم وعميد العائلة الاردنية الواحدة, ولعل مراجعة قصيرة لصورة الامير الحسن بن طلال في جنازة الراحل الحسين رحمه الله تُجيب على الاف الاسئلة لكل المحيط الاقليمي بصغاره وكباره, حين سار الامير الحسن في جنازة الراحل العظيم حاسر الرأس – دون شماغ العز “ لمزيد من اثبات الولاء والانضباط لقرار الحسين رحمه الله بتنحيته عن ولاية العهد, بعد ان حمل رايتها 37 عاما وسكن في ضمائر الاردنيين, أميرا نبيلا ومثقفا موسوعيا, ضرب أعلى امثلة الانضباط والالتزام بقرار مليكه قبل قرار شقيقه, فما بالنا بالامراء كلهم وليس ثلاثتهم ممن احيلوا إلى التقاعد أخيرًا, وهم نسل عائلة كريمة طاهرة تُضرب الامثال في خلقها وتربيتها وانضباطيتها, فهذه سلالة طاهرة ضاربة الجذور ووارفة الظلال .
ويعلم الارنيون وهم القادرون على سرد الاف القصص والحكايا عن علاقاتهم مع الاسرة الهاشمية وعن جلساتهم معهم وعن تفاصيل صغيرة وكبيرة بحكم العلاقة المفتوحة ان خبراً تناقلته اطراف لا تراها العين الاردنية المجردة عن محاولة انقلاب يقودها الامراء الثلاثة, بانه مُضحك حتى سيلان الدموع من العين, ومع احترامنا وتقديرنا للجهة الامنية التي نسب الصغار معلوماتهم اليها, فإننا نمتلك اقوى جهاز أمني في الاقليم وسبق ان ارشد دولا عظمى الى مخاطر محدقة وليس دولا اقليمية فقط, والمُضحك اكثر, أن الخبر يأتي في ظرف اردني استثنائي من الالتحام بين الشعب والقائد والجيش, يقود فيه الاردن والملك الضمير الكوني دفاعا عن القدس والمقدسات بإجماع عربي غير مسبوق , كما اظهرت نتائج التصويت في الجمعية العامة للامم المتحدة .
ثمة مثل اردني طريف , مفاده : “ كيف تعرف الكذبة فتكون الاجابة من كُبرها “ وهذا ما انتجه خبر الصغار, بأن دولة تربطنا بها علاقة اكثر من تاريخية بالوقوف خلف محاولة الانقلاب الفاشلة, فالامارات العربية الشقيقة, تربطنا بها علاقة قربى ونسب وتوافق سياسي واجتماعي وعروبي, فهي تحتضن الاردنيين في ربوعها وتدعم الاردن في كل مواقفه وثمة علاقة بين القيادتين أبعد واكبر من هذه الترَهات, وكذلك مع باقي الاقطار الشقيقة في الخليج العربي وسائر المنظومة العربية, قد تفتر العلاقة قليلا وقد تعلوها بعض الغبار, لكنها ابدا لا تنقطع ولا تدخل في خانة الثأرية والعبث, فنحن نعرف الامارات وقيادتها وشعبها اكثر من غيرنا كما نعرف باقي الاشقاء في الخليج العربي, بوصفهم الاقرب الى نسيجنا الاجتماعي وطبائعنا العشائرية .
نعلم ان مواقف الاردن مزعجة اولا للطرف الصهيوني واتباعه واذنابه, ونعلم اكثر ان طبيعة العلاقة الاردنية الداخلية مرهقة لكل الخصوم, فكلنا واحد وواحدنا للكل, هكذا تربينا في مدرسة الشرف الاردني وهكذا تعلمنا في اللحظات الحرجة, نختلف نعتب ولكن ابدا لا نغضب على وطننا وعلى قيادتنا الهاشمية, ونمتلك قلبا ناصع البياض للاشقاء العرب جميعا, فنحن المختبر لكل قرار قومي ونحن اول الرباط والحشد ونحن الاقرب الى القدس ومقدساتها والاقرب الى الخليج العربي والى النيل والى الفرات ودجلة والى بردى, وهذا قدرنا نحمله عن طيب خاطر ولن نتراجع عنه وسنبقى خلف العرش والجيش تحت راية واحدة موحدة, ونضحك من اخبار الصغار لأن الحَصى الصغيرة لا تُغلق الدروب ابدا