خبراء يرحبون بـ‘‘العقوبات البديلة‘‘ للتوقيف..ويؤكدون أهمية التطبيق
غادة الشيخ
عمّان - أثنى قانونيون وخبراء على تعديلات قانون المحاكمات المدنية، التي أقرت العقوبات البديلة، معتبرين أن من شأنها تغيير منظومة العدالة الجنائية، بما يضمن احترام آدمية الإنسان وصون كرامته.
جاء ذلك في حديث هؤلاء لـ"الغد"، حيث اعتبروا أن "الموضوع لا يتوقف على إدراج تعديل يتعلق بإطلاق العقوبات البديلة، بل تكمن الأهمية في آلية تنفيذها"، مشيرين الى أن "لهذه الخطوة آثارا إيجابية على كافة الأصعدة خصوصا الجانب الاجتماعي، فضلا عن التخفيف من مشكلة الاكتظاظ التي تعاني منها مراكز الإصلاح والتأهيل".
وكشف مصدر أمني لـ"الغد" أن "أكثر من 14 ألف نزيل موجودون في مراكز الإصلاح، بالرغم من أن سعة المراكز هي 12 ألفا و200 نزيل، الأمر الذي يكشف عن مشكلة اكتظاظ تعاني منها تلك المراكز".
واعتبر أن هناك "الكثير من القضايا يمكن استبدال عقوباتها بعقوبات مجتمعية بديلة، تجنب الشخص الاحتجاز، وفي المقابل تخدمه اجتماعيا وتحقق مصلحة للطرفين، له وللمجتمع".
يشار إلى أن القانون المعدل الذي يشمل العقوبات البديلة والذي تمت المصادقة عليه وسيتم العمل به بعد نشره بالجريدة الرسمية، يهدف إلى "تغليب المصلحة العامة الوطنية، بما يخدم جميع الأطراف، بمن فيهم الجاني، وبشكل يعود بالنفع على الصالح العام".
وفي هذا الصدد، أشار القاضي علي المسيمي "إلى أنه يتم تنفيذ العقوبات البديلة، هناك أنظمة تصدر بموجب القوانين حتى يكون هناك تطبيق سليم، اذ لا بد من إصدار أنظمة لتطبيق هذه العقوبات وتوفير الكادر الإداري المدرب على التطبيق".
وأضاف المسيمي أن هذه الخطوة من شأنها أن "تخفف من عبء الاكتظاظ في مراكز الإصلاح والتأهيل وتخفف من العدوى الجرمية، وتعتبر إعادة تأهيل لتعريف النظام العقابي والإصلاحي، بحيث يكون هناك توجه نحو نظام إصلاحي وليس إلى نظام عقابي".
وعن الفئات المستهدفة، بين المسيمي أن "من تطبق عليه العقوبات البديلة هم الذين ليس لديهم سجل جرمي، وظروفهم مناسبة لتطبيق هذه العقوبات".
وشدد على أهمية التنسيق بين المؤسسات الرسمية وغير الرسمية لتطبيق العقوبات البديلة على أعلى مستوى، مؤكدا أهمية رفع الوعي لدى العاملين في القطاع القانوني حول العقوبات البدلية.
بدوره، يثني المحامي حسين العمري على خطوة إيجاد عقوبات بديلة، مبينا أنه "ضد التوسع في مسألة التوقيف في مراكز الإصلاح والتأهيل، وأنه ليس مع العقوبات السالبة للحرية"، معتبرا أن "هناك بدائل للتوقيف مثل التوسع في الكفالة والإسوارة الإلكترونية". وأضاف أن ذلك "يعود لعدة أسباب، منها أن هناك أشخاصا لم يصدر قرار قضائي بإدانتهم، ولا مبرر لتوقيفهم فترات طويلة، إضافة إلى أن التوقيف بحد ذاته مكلف على الدولة".
ويضيف أن التوقيف "يعد أخطر إجراء، لأنه يمس الحرية، والأصل أن يقدم الشخص للمحكمة وهو حر طليق"، معتبرا أن "وجود عقوبات بديلة يعتبر تطورا في النظام العقابي"، فيما دعا إلى التوسع في الحالات المشمولة بالعقوبات البديلة.
بدوره، بين المحامي عاكف المعايطة أن "بعض القوانين مثل قانون الأحداث، اتجهت إلى العقوبات البديلة، بحيث أصبح هناك اهتمام بالحدث من ناحية التأهيل والتدريب، الامر الذي يوفر حماية أكثر من العقوبة".
وأضاف أن "قانون العقوبات الجديد يكشف أن هناك سعيا لكي يصبح نمط العقوبة مختلفا، فإذا كانت الجرائم بسيطة تكون هناك عقوبات بديلة بدلا من التوقيف، وهو أمر طبق في العديد من البلدان الأوروبية وكانت نتائجه ناجحة".
وأكد أهمية العقوبات البديلة على الصعيد الاجتماعي، بحيث يقدم الشخص خدمة للمجتمع، فضلا عن تخفيف العبء والنفقات على مراكز الإصلاح والتأهيل.
من جهتها تصف مديرة مركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز، العقوبات البديلة بأنها "خطوة إيجابية إذا نفذت بطريقة صحيحة، خصوصا وأن مراكز الإصلاح والتأهيل تعاني من مشكلة الاكتظاظ، وتكاليفها عالية من ناحية مادية وإنسانية، فضلا عن أن هناك نسبة عالية من تكرار الجرم لأن المجتمع يتخذ موقفا ضد الموقوفين السابقين".
وأضافت: "يجب أن نحاول دفع الناس إلى تجنب الدخول في منظومة مراكز الإصلاح والتأهيل، لأن هناك تحديا في هذه المراكز حول مدى تحقيق أهدافها، من حيث كونها لا تحقق الإصلاح، كما تشكل عثرة في إعادة اندماج الشخص في المجتمع".
وكان وزير العدل عوض المشاقبة أكد في تصريحات سابقة أن "التعديلات التي أجريت على القانون ستحقق طموحات كانت أحلاما، خاصة فيما يتعلق بقصر أمد الدعاوى وتقديم الخدمة للمواطنين"، متوقعا أن يسهم البدء بتطبيق العقوبات البديلة "بتخفيض عدد نزلاء مراكز الإصلاح بنسبة كبيرة، ما سيؤدي إلى خفض الإنفاق الحكومي على السجون من 90 مليون دينار إلى 69 مليونا".