منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 تلك هي المسألة بمنتهى البساطة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75881
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تلك هي المسألة بمنتهى البساطة Empty
مُساهمةموضوع: تلك هي المسألة بمنتهى البساطة   تلك هي المسألة بمنتهى البساطة Emptyالأربعاء 17 يناير 2018, 1:45 pm

تلك هي المسألة بمنتهى البساطة

احمد ابو خليل

اقتصاديات "الإهانة".. نظرة في أسلوب النقاش حول الخبز

من قال إن العلاقة بين السلطة والمواطن هي علاقة "داعم ومدعوم"؟ وحتى لو كان الأمر كذلك، فمَنْ يدعم مَنْ أصلاً في "ثنائية المواطن والسلطة" هذه؟
إلى زمن قريب (بضع عشرات من السنين فقط)، كان الأردنيون يدفعون مباشرة "أجور السلطة" بأشكالها المختلفة: المختار والحارس والمدرس (الكتاتيب) وشيخ المسجد والمُخَضّر (حارس الزرع)...الخ. وإلى زمن أقرب، كان المواطنون يبنون المدارس ويتكفلون بصيانتها، ويوفرون المبيت للمعلم، وكان على الطالب ان يحضر كرسيه معه من بيته، ثم صاروا مكلفين بتوفير الغذاء للجابي و"التحصلدار" والمُحْضِر (موظف المحكمة)، ويوفرون العلف لخيولهم أيضاَ.
كان الناس يدفعون لهؤلاء الذين كان عليهم مقابل ذلك أن يتولوا مهمة الإشراف والإدارة والتنظيم، وبالمناسبة لم يكن الانتماء إلى وظائف السلطة مطمحاً، فهؤلاء كانوا في العادة من غير المنتجين، بمعنى "ثقيلي الظل" اقتصادياً.
كان ذلك يجري في علاقة مباشرة بسيطة، لكنها كانت تعبّر تماماً عن جوهر العلاقة بين "السلطة والناس". بالتدريج بدأت تلك العلاقة تتعقد، وتحوّل هؤلاء المديرون والمنظمون "اليدويون" إلى هيئات ومؤسسات، صارت تبتعد عن العيون، وأخذت تُغلق الأبواب وتبني المقرات والصروح... إلخ. وسرعان ما أصبحت السلطات الجديدة (وهي ليست أكثر من ورثة الحراس والمخاتير والجُباة) تُنتَخب وتُعيّن وتَخضع لقوانين وتُخضِع غيرها للقوانين... وهكذا.
تلك هي المسألة بمنتهى البساطة، لقد بقي جوهر العلاقة واحدا، ولكن تغيرت الأحجام والأشكال والملابس وحلّت سيارات الدفع الرباعي محل الأحصنة والبغال والحمير!
في عالم اليوم، وفي ميدان إدارة موضوع الاقتصاد، يُفترض أن الدولة تقوم بمهمة "إعادة التوزيع"، وليس الدعم! فلا توجد علاقة داعم ومدعوم، لأن هذه العلاقة تعني أن طرفاً في الأعلى يعطي والثاني أدنى منه يأخذ؛ طرفاً يملك ويحوز والثاني محتاج، وهذه العلاقة غير صحيحة. لقد استمرأت الحكومات في بلدنا هذا الفهم لعلاقاتها بالناس، فهي مثلاً منذ سنين تصر وبطريقة مخجلة على ذكر تفاصيل ما تسميه "الدعم" على فاتورة الكهرباء والماء! فهي تكتب بحروف ملونة بارزة: "إن قيمة فاتورتك كذا وقيمة الدعم الحكومي كذا".. يا سلام؟
أما قضية الخبز بالذات، فقد نوقشت في الأسابيع الماضية بطريقة مهينة!
ليست الإهانة في رفع السعر، فبالمناسبة مرت أوقات كان الأردنيون حتى في أيام الفلاحة والزراعة يشترون القمح بغالي الثمن في سنوات القحط، كان كل جهدهم يذهب لتحصيل الخبز، ولم يكن في الأمر إهانة.
لكن الحكومة دخلت مع الناس خلال الأسابيع الماضية في علاقة "مْفاصلة" مهينة. لقد بلغ الأمر أن تقارن الحكومة سعر السجائر بسعر الخبز! واليوم بعد أسابيع من النقاش، يبدو ان الصيغة استقرت على صرف دينارين للمواطن في الشهر. إن مفردات لغة المسؤول وهو يتحدث ويصرح بخصوص الخبز، تبين تماماً انه لا يعرف معنى الخبز، كونه أكثر من مجرد سلعة وسعر. بل إن الحكومة تكاد تقول لمواطنيها: إنكم ستوفرون مبلغاً إضافياً، فنحن نعرف أنكم لا تأكلون خبزا بهذا المبلغ. وقد يكون ذلك صحيحاً في بعض الحالات.
الخبز يا سادة ليس مجرد سلعة، بل ليس مجرد سلعة غذائية، أي ليس مجرد طعام. إنه كان وما يزال قيمة حياتية كبرى، ولا يجوز نقاشه من زاوية سعره فقط.
وهذا الكلام ليس شعراً ولا ثقافة شعبية وليس طقوسا للتغني، مع أن الشعر والثقافة الشعبية والطقوس تشكل مع غيرها فلسفة الشعب وأحد أسس وجوده. إن شخصيات الأفراد والجماعات والشعوب والأمم والمجتمعات والأوطان، هي كل مركب من عناصر مادية تقاس بالأرقام والكميات والأسعار والنسب والمعادلات، وعناصر غير مادية أكثر عمقاً في غالب الأحيان، غير أن الخبز يدمج هاتين المجموعتين من العناصر المادية وغير المادية معاً.
لقد اعتدنا أن نضحك من جهل الآنسة أنطوانيت التي لا تعرف أن من لا يملك الخبز لا يستطيع الحصول على البسكويت! لكن الأمر عندنا أكثر تعقيداً من الحالة الفرنسية؛ ذلك أنه حتى لو امتلك الأردني البسكويت وبالكميات التي يريد فإنه لا يعني امكانية استغنائه عن الخبز.
إن حساسية الخبز لا تتعلق بسعره بالدرجة الأولى. إن الخبز هو حائط الصد الأول في الصراع من أجل مسألتي الغذاء والكرامة معاً.
أرجو أن لا يعتقد أحد أن في الكلام مبالغة، فأنا ممن يرون أن قضية الفقر وصعوبة المعاش في الأردن، ليست لغاية الآن بتلك الحدة التي تجعل من رفع سعر الخبز مأساة عامة كبرى من الناحية المالية. بالطبع قد تكون كذلك في حالات. ومع هذا فالخبز حالة خاصة.
يكرر الأردنيون عبارة شهيرة تتجاوز معناها الحرفي بكثير، وهي: "إذا خلص الخبز عيب على المضيف وإن خلص الطعام عار على الضيف". تعالوا نفكّر بالمعنى الدقيق لهذه العبارة، فهي تنطوي على فلسفة شعبية عميقة؛ لأن "المنطقي" أن يكون الموقف معكوساً؛ فكيف يكون عاراً عليك إذا أكثرت لضيفك من اللحوم والخضار مثلاً وأنقصت من الخبز؟ وكيف يكون عارا على ضيفك أن يأكل كل اللحوم والخضار؟
إن توفير الخبز، أو تقديمه، هو التكليف الرئيسي والأول والأساسي، وما يضاف إلى ذلك زيادة أنت غير مجبر عليها. وإذا نقص الخبز، فأنت مقصر ومصاب في مركزك وكرامتك، أما إذا نقص باقي الطعام فأنت لست مسؤولاً، لأنك غير مكلّف به! تلك هي مكانة الخبز، ولهذا يحظى بهذه الحساسية ويحيط القلق بنقاشه. 
إن نقاش الخبز لا يحتاج لحكومة تتقن مهارات الحساب والإحصاء والقياس، بقدر حاجته إلى حكومة تتقن مهارات الفهم والمعرفة، وإن حكومة تثير وتسمح بمثل هذا النقاش لموضوع الخبز لا تعرف ما هو معناه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
تلك هي المسألة بمنتهى البساطة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: اردننا الغالي-
انتقل الى: