الأكراد يناشدون النظام السوري للتدخل… وأنقرة تحذّر واشنطن من الاصطدام بالقوات التركية
«الهيئة العليا» لـ«القدس العربي»: جنيف 9 سيفشل كسابقه... وموسكو تدعو 1600 شخص لـ«سوتشي»
Jan 26, 2018
فيينا ـ إسطنبول ـ دمشق ـ «القدس العربي» من هبة محمد وإسماعيل جمال ووكالات: ناشدت الإدارة الذاتية في منطقة عفرين شمال حلب، النظام السوري للتدخل وحماية حدودها من هجمات الجيش التركي والسوري الحر خلال عملية «غصن الزيتون».
وقالت الإدارة الذاتية في بيان لها أمس الخميس « ندعو الدولة السورية للقيام بواجباتها السيادية تجاه عفرين، وحماية حدودها مع تركيا من هجمات الجيش التركي».
وكشف البيان أن النظام السوري قام بنشر قواته في المناطق الحدودية لعفرين لمنع أي هجوم قد تتعرض له المنطقة، مشيرا إلى أنه حتى الآن لم يقم بأي عمليات حماية قائلا: «لم يقم النظام السوري بواجبه حتى الآن على الرغم من الإعلان عنه بشكل رسمي، ونشر قواته المسلحة السورية لتأمين حدود منطقة عفرين».
وأضافت الإدارة الذاتية «نؤكد مرة أخرى أن منطقة عفرين هي جزء لا يتجزأ من سوريا، وأنها تقوم بواجبها الوطني منذ ست سنوات بحماية المنطقة ضد هجمات تنظيم داعش الإرهابي وغيره من المجموعات الإرهابية من القاعدة وغيرها الموجودة على الأرض السورية».
وتزامناً مع عمليات عسكرية واسعة في عدد من المناطق في سوريا وصدور أقوى موقف لأنقرة تجاه واشنطن حول عفرين، ومع شن تركيا هجوماً على المدينة التي يسيطر عليها الأكراد، بينما تشن القوات الحكومية هجوماً في محافظة إدلب (شمال غربي سوريا)، والغوطة الشرقية المتاخمة للعاصمة، التقى المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا أمس وفدي النظام السوري برئاسة بشار الجعفري، وهيئة التفاوض المعارضة برئاسة نصر الحريري، كل على حدة، في إطار جولة جديدة من مفاوضات تستمر يومين في فيينا برعاية الأمم المتحدة، وذلك قبل أيام من انعقاد محادثات أخرى في روسيا.
وتأتي هذه الجولة التاسعة من المحادثات «في مرحلة حرجة»، بعد نحو شهر من فشل جولة محادثات سابقة في جنيف في إحراز أي تقدم لحل للنزاع المستمر في البلاد منذ نحو سبع سنوات. وكان دي ميستورا أعلن الأربعاء أن المحادثات تأتي في «مرحلة حرجة جدا»، مضيفاً «بالطبع أنا متفائل لأنه لا يسعني أن أكون غير ذلك في مثل هذه اللحظات»، مضيفاً «أنها مرحلة حرجة جدا جدا».
وأكد المتحدث باسم الهيئة العليا للتفاوض، يحيى العريضي، لدى وصوله مقر الأمم المتحدة، تمسك المعارضة بالقرار 2254 ، واصفاً هذه الجولة بأنها «امتحان حقيقي لالتزام جميع الأطراف بتطبيق القرار الدولي». وأوضح «هناك شيء أساسي بالنسبة لنا لأننا نريد سوريا ديمقراطية حرة لكل أهلها وأن يعودوا إليها آمنين». بينما قال مصدر خاص من وفد الهيئة العليا في اتصال مع «القدس العربي» إنه لا أمل من إحراز أي تقدم في الجولة التاسعة من مسار جنيف، ومن المرجح أن تكون الجولة «فاشلة» كالجولات السابقة.
واكد المصدر الذي فضل حجب هويته، أن الجلسة أمس الخميس «فارغة ولن تعبر بالمسار السياسي إلى الأمام، وهي مجرد مراوحة في المكان»، مشيراً إلى أن اليوم الأول من النسخة التاسعة لمحادثات السلام انتهى دون أي تقدم، ومن المتوقع أن لا يحمل اليوم الجمعة شيئاً أفضل». ورجح المصدر خلو جدول أعمال المحادثات في فيينا من أي جلسة مفاوضات مباشرة مع وفد النظام خلال اليوم الجمعة.
وعلى صعيد عملية عفرين، وفي أقوى تصريح لها، حثت تركيا الولايات المتحدة أمس الخميس على وقف دعمها لوحدات حماية الشعب الكردية أو المخاطرة بمواجهة القوات التركية الموجودة في سوريا، وذلك في أقوى تصريحات لأنقرة حول احتمال حدوث مواجهة بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي. وتسلط التصريحات التي أدلى بها المتحدث باسم حكومة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الضوء على التوتر المتزايد بين البلدين بعد سبعة أيام من إطلاق تركيا عملية جوية وبرية باسم «غصن الزيتون» في منطقة عفرين في شمال غربي سوريا.
وسيعقب المحادثات التي تجري في فيينا، مؤتمر سلام يعقد في منتجع سوتشي البحري الروسي في 29 و30 كانون الثاني/ يناير بمبادرة من روسيا وإيران حليفتي النظام السوري وتركيا التي تدعم المعارضة. من جهتها قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا «لقد تم توجيه دعوات ويجري توزيعها لمشاركين سوريين وسيتلقى 1600 شخص دعوات». وسيشارك مراقبون دوليون بينهم من الأمم المتحدة في المؤتمر إلى جانب الأطراف السورية، كما أوضحت زاخاروفا في تعليقات أوردتها وكالات أنباء روسية.
وقال مسؤول كردي كبير أمس إن الجماعات الكردية الرئيسية السورية لن تشارك في مؤتمر السلام المزمع عقده في روسيا الأسبوع المقبل، في ظل استمرار الهجوم التركي على منطقة عفرين. من جهتها طلبت المعارضة السورية الإثنين من روسيا إيضاحات تتعلق بمؤتمر سوتشي لاتخاذ قرار حول المشاركة فيه. من جهته أعلن السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين، أن بلاده وجّهت دعوة إلى لبنان للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني – السوري الذي سينعقد نهاية الشهر الجاري في مدينة سوتشي الروسية.
الجيش السوري في عفرين لمصلحة الجميع .. ماذا عن إدلب؟
كمال خلف
معركة عفرين حيث الجيش التركي يسعى لاحتلالها ، تدخل منعطفا جديدا بعد أن أعلن مصدر كردي يرجح انه من قادة وحدات حماية الشعب الكردية ترحيبه بدخول الجيش السوري إليها . بعض المصادر الكردية نفت هذه الأنباء تماما . ولكن هذا النفي الصادر من قيادات خارج عفرين لا يغير في واقع الأمور . فموافقة وحدات حماية الشعب تمت بعد مفاوضات جرت مع الحكومة السورية منذ أن أعلنت تركيا نيتها الهجوم على عفرين ، وها هم اليوم الكرد يصلون إلى قناعة بضرورة الموافقة الفورية على هذا العرض . في ضوء المشهد الذي بات واضحا أمام أعينهم .
الولايات المتحدة كما هو متوقع ومكرر تخلت عن كرد عفرين ، وقال وزير خارجيتها أن الولايات المتحدة تسلح الكرد وتقف معهم في مواجهة تنظيم داعش فقط . و قد أعلنت قبل ذلك ان عفرين لا تشكل منطقة مهمة لها والقصد أن اهتمام واشنطن منصب على مناطق شرق الفرات فقط حيث حقول النفط والغاز والقطن والقمح والسلة الغذائية لكل سوريا .
أما روسيا فسحبت وحداتها من عفرين ، وأيدت ضمنا أنقرة في هجومها ، بعد أن رفض الكرد انتشار الجيش السوري في المنطقة لتترك الكرد إلى المواجهة التي اختاروها .
وبناء عليه وجد الكرد أنفسهم لوحدهم في مقابل الجيش التركي وما يسمى فصائل الجيش الحر التي تعمل بأمرة أنقرة . فلم يكن منهم إلا أن لجؤا إلى العرض السابق بدخول وحدات الجيش السوري إلى عفرين. وهذا بمنطق الأمور سيؤدي إلى وقف العملية العسكرية التركية في عفرين ، لأن قادة تركيا قالوا صراحة أن جيشهم لن يدخل في مواجهه مع الجيش السوري ، أو الروسي أو الأمريكي في سوريا . ولأن ذريعة القلق التركي من قيام دولة كردية على حدودها تكون قد سحبت مع تسلم الجيش السوري للمنطقة . ستقبل تركيا انتشار الجيش السوري في عفرين أمام قوة الأمر الواقع ، كما قبلت ذلك بنفس الطريقة في حلب . وربما هذا سينطبق على إدلب ، مع احتفاظ تركيا بحزام حدودي تضع فيه القوات المسلحة من الفصائل السورية التابعة لها إلى حين دمجهم بالحل السياسي الشامل في سوريا .
ليس هذا فحسب إنما التطور البارز يكمن في الخيارات الكردية التي ستذهب لمنطق الأنضواء إلى المسار السياسي في إطار الدولة السورية الواحدة ، وربما الخطوة الأولى ستكون من خلال مشاركتهم في محادثات سوتشي أواخر هذا الشهر وبقبول تركي طالما أن فكرة الدولة الكردية المستقلة في شمال شرق سوريا ستتراجع في أذهان الساسة الكرد . وهذا باعتقادنا قرارا كرديا سيتبلور بشكل أكثر وضوحا بعد وقف القتال في عفرين .
ولكن هل توقف صوت المدافع في عفرين ، سيعيد لهجة الاعتراض التركي العالية على العملية العسكرية السورية باتجاه إدلب بعد فترة صمت ترافقت مع الهجوم التركي الأخير ؟؟
سيناريو تحرير حلب كان في طور التكرار في ادلب . ففي أثناء تحرير حلب قبل أكثر من عام بقليل ، قالت جبهة النصرة هناك أن سحب تركيا لمقاتلين من الفصاىل التابعة لها من جبهات حلب إلى جرابلس والباب للقتال صمن تشكيل درع الفرات أدى إلى ضعف الجبهات وبالتالي تقدم الجيش السوري نحو إنجاز المهمة في حلب . والان تبرر هيئة تحرير الشام هزيمتها في ريف ادلب بان الفصائل المقاتلة إلى جانبها سحبت مقاتلين لصالح جبهة القتال التركي في عفرين . فهل ستدفع تركيا بهم مجددا لتعزيز جبهة القتال في ادلب ؟
الجيش السوري والحلفاء أخذوا قرارا باستعادة إدلب ، والعقبة أمام هذا الإنجاز ليست القوة العسكرية لجبهة النصرة وأخواتها في ادلب ، لأن المنطق العسكري يقول إن معركة استعادة إدلب ستكون اسهل من تلك التي خاضها الحلفاء لتحرير كامل مدينة حلب .إلا أن معركة إدلب ستصطدم بالمصالح التركية ، وهذا يفرض علاقة مستقبلية بين دمشق وأنقرة يجري العمل عليها أكثر من أي وقت مضى .
كاتب واعلامي فلسطيني
عفرين.. معركة الكبار ودمشق الرابح الاخير
ابراهيم شير
مدينة عفرين في الشمال الغربي السوري باتت تشكل بوصلة الخريطة السورية المستقبلية وارضية التحالفات القادمة. لنكن واضحين بان الكرد السوريين في عفرين لم يتلقوا دعما اميركيا طوال سنوات الازمة، والسلاح الذي حملوه هو سلاح سلم لهم من قبل الدولة السورية لحماية انفسهم من الجماعات المسلحة وعلى رأسها “جبهة النصرة” و”احرار الشام” حيث انهم طوال السنوات الماضية شنوا هجمات عنيفة ضد الكرد في عفرين بتحريض تركي علني، وهذا السلاح كان مهما للصمود بوجه الهجمات والحيلولة دون ان تقع عفرين وريفها بيد الجماعات المسلحة، وفي المقابل لم تقع مواجهات بينهم وبين الجيش السوري. اما الكرد السوريين في الحسكة وشمال شرق سوريا فكان الدعم الاميركي علني لهم، اضافة الى انهم تواجهوا مع الدولة السورية في اكثر من منطقة وخصوصا في مدينة الحسكة، بالرغم من دعم دمشق لهم واعطائهم السلاح ومدهم به في اكثر من مناسبة خصوصا في عين العرب عام 2014.
اما روسيا فهي اللاعب الاساسي في عفرين كما ان الولايات المتحدة هي اللاعب الاساسي في الشمال الشرقي لسوريا، ونشرت موسكو وحداتها العام الماضي في المدينة، الا ان اعادة تموضعها وتنسيقها السري او العلني مع انقرة بخصوص عملية الاخيرة في عفرين دفع العديد من الشخصيات لاتهام روسيا بالخيانة، ولكن هل في السياسة خيانة؟ السياسة هي لعبة التناقضات وكان الهدف الروسي واضحا من السكوت عن عملية عفرين، وهو وحدة الاراضي السورية، والسؤال هنا كيف تكون هذه الوحدة بعملية عسكرية تركية؟
منذ دخول الجيش الروسي الى سوريا كانت هناك محاولات ودعوات للجماعات الكردية في عفرين لنبذ فكرة الفدرالية والدويلة وعودة الجيش السوري الى المدينة وريفها، وخلال هذه الفترة ايضا كانت المدينة عبارة عن فزاعة سورية روسية بوجه انقرة، وورقة رابحة لن يلعب بها الا في حال اشتعال معركة ادلب الكبرى، وفعلا عندما اندلعت المعركة او بدأت تتحرك العجلة العسكرية فيها، وقع التركي في فخ عفرين وبمواجهة مباشرة مع شعب وليس فصيل مسلح، فمن يعرف الاكراد يعلم انهم يقاتلون على ارضهم والجميع يحمل السلاح نساءا ورجالا.
معركة عفرين هي رسالة واضحة للكرد السوريين، بان موسكو تمشي خلف مصالحها وواشنطن لن تدعمهم وانقرة تحاربهم، اذا ليس لهم من ملجأ غير العودة للحضن السوري الذي احتضنهم طوال السنوات الماضية، وهذه العودة ستكون رسالة واضحة للكرد السوريين في شمال شرق البلاد، وهو ما يسهل بعودة الدولة السورية لتلك المنطقة ايضا، وربما تكون العودة متوازية او بعد فترة بسيطة من العودة لعفرين حيث ان انقرة قررت توسيع عملياتها لتشمل منبج وشرق الفرات في الشرق السوري.
الخاسر الاكبر في عملية عفرين هي تركيا بلا ادنى شك، فعسكريا لا يمكنها التقدم لمسافات كبيرة واحتلال مدن وقرى مهمة، اضافة الى ان التضاريس والطقس ومعرفة الارض بشكل دقيقة هو في صالح الوحدات الكردية، واذا استمرت المعركة كما هي عليه الان فستتفاجئ انقرة بوجود الدولة السورية في عفرين وعلى حدودها وستكون قد تخلصت من عدو لكنها كسبت اخر. ام دمشق فهي الرابح الاكبر، فكل شبر تتقدم فيه الدولة وتبسط سيطرتها عليه هو مكسب لها، اضافة الى ان جذب الصوت الكردي الى صفها في المؤتمرات الدولية وعلى رأسها سوتشي سيكون عاملا اساسيا في اللعبة السياسية المقبلة.
كاتب واعلامي سوري