منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الشاعر معين بسيسو

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الشاعر معين بسيسو Empty
مُساهمةموضوع: الشاعر معين بسيسو   الشاعر معين بسيسو Emptyالأربعاء 24 يناير 2018, 6:29 pm

نبذة
ولد معين بسيسو في مدينة غزة بفلسطين عام 1926 ، أنهى علومه الابتدائية والثانوية في كلية غزة عام 1948 .
بدأ النشر في مجلة ” الحرية ” اليافاوية ونشر فيها أول قصائده عام 1946 ، التحق سنة 1948 بالجامعة الأمريكية في القاهرة ، وتخرج عام 1952 من قسم الصحافة وكان موضوع رسالته ” الكلمة المنطوقة و المسموعة في برامج إذاعة الشرق الأدنى ” وتدور حول الحدود الفاصلة بين المذياع والتلفزيون من جهة والكلمة المطبوعة في الصحيفة من جهة أخرى .
انخرط في العمل الوطني والديمقراطي مبكرا، وعمل في الصحافة والتدريس .
وفي 27 كانون الثاني ( يناير ) 1952 نشر ديوانه الأول ( المعركة ) .
سجن في المعتقلات المصرية بين فترتين الأولى من 1955 إلى 1957 والثانية من 1959 إلى 1963 .
أغنى المكتبة الشعرية الفلسطينية والعربية بأعماله التالية :
أعماله الشعرية :

  • المسافر (1952م).

  • المعركة (دار الفن الحديث، القاهرة، 1952م).

  • الأردن على الصليب (دار الفكر العربي، القاهرة، 1958م).

  • قصائد مصريّة / بالاشتراك (دار الآداب، بيروت، 1960م).

  • فلسطين في القلب (دار الآداب، بيروت، 1960م).

  • مارد من السنابل (دار الكاتب العربي ، القاهرة، 1967م).

  • الأشجار تموت واقفة / شعر (دار الآداب، بيروت، 1964م).

  • كرّاسة فلسطين (دار العودة، بيروت، 1966م).

  • قصائد على زجاج النوافذ (1970م).

  • جئت لأدعوك باسمك (وزارة الإعلام، بغداد، 1971م

  • الآن خذي جسدي كيساً من رمل (فلسطين، بيروت، 1976م).

  • القصيدة / قصيدة طويلة (دار ابن رشد، تونس، 1983م).

  • الأعمال الشعرية الكاملة / مجلد واحد (دار العودة، بيروت، 1979م).

  • آخر القراصنة من العصافير.

  • حينما تُمطر الأحجار.


أعماله المسرحية :

  • مأساة جيفارا (دار الهلال، القاهرة، 1969م).

  • ثورة الزنج (1970م).

  • شمشون ودليلة (1970م).

  • الأعمال المسرحية (دار العودة، بيروت، 1979م) يشمل :
    – مأساة جيفارا.
    – ثورة الزنج.
    – الصخرة.
    – العصافير تبني أعشاشها بين الأصابع.
    – محاكمة كتاب كليلة ودمنة.


أعماله النثرية:

  • نماذج من الرواية الإسرائيلية المعاصرة (القاهرة، 1970م).

  • باجس أبو عطوان / قصة (فلسطين الثورة، بيروت، 1974م).

  • دفاعاً عن البطل (دار العودة، بيروت، 1975م).

  • البلدوزر / مقالات (مؤسسة الدراسات، 1975م).

  • دفاتر فلسطينية / مذكرات (بيروت، 1978م).

  • كتاب الأرض / رحلات (دار العودة، بيروت، 1979م).

  • أدب القفز بالمظلات (القاهرة، 1982م).

  • الاتحاد السوفيتي لي (موسكو، 1983م).

  • 88 يوماً خلف متاريس بيروت (بيروت، 1985).

  • عودة الطائر / قصة.

  • وطن في القلب / شعر مترجم إلى الروسية – مختارات موسكو.

  • يوميات غزة (القاهرة).


و شارك في تحرير جريدة المعركة التي كانت تصدر في بيروت زمن الحصار مع مجموعة كبيرة من الشعراء و الكتاب العرب .
ترجم أدبه إلى اللغات الانجليزية والفرنسية والألمانية والروسية ، ولغات الجمهوريات السوفيتية أذربيجان ، أوزباكستان و الإيطالية و الإسبانية و اليابانية و الفيتنامية و الفارسية .
حائز على جائزة اللوتس العالمية وكان نائب رئيس تحرير مجلة ” اللوتس ” التي يصدرها اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا .
حائز على أعلى وسام فلسطيني ( درع الثورة ) .
كان مسؤولاً للشؤون الثقافية في الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين .
كان عضو المجلس الوطني الفلسطيني .
استشهد أثناء أداء واجبه الوطني وذلك إثر نوبة قلبية حادة آلمة في لندن يوم 23 / 1 /1984 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الشاعر معين بسيسو Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشاعر معين بسيسو   الشاعر معين بسيسو Emptyالأربعاء 24 يناير 2018, 6:29 pm

 
مقال بقلم رشاد أبو شاور
عام 1984، رحل الشاعر الكبير معين بسيسو في العاصمة البريطانية (لندن)، ولم تكتشف وفاته إلاّ بعد 14 ساعة لأنه كان يعلّق علي باب غرفته بالفندق الذي نزل فيه عبارة: الرجاء عدم الإزعاج.
رحل معين بسيسو شّاباً في السابعة والخمسين، فهو ولد في (غزّة) بتاريخ 10 تشرين الأوّل (أكتوبر) 1927.
كان يريد أن ينام، أن يرتاح، ولكن قلبه الذي أجهد نبض نبضات سريعة، ربّما احتجاجاً علي إرهاق الشاعر له، فمدّ معين يده إلي الهاتف يريد طلب المساعدة، ولكن الوقت كان قد فات…
عندما فتح باب الغرفة، وجد الشاعر نائماً، ويده ممدودة إلي الهاتف في مشهد جامد.
مفارقة هذه، أن يموت شاعر فلسطيني في (لندن) عاصمة السياسة التي كانت أس المصائب، وأصل النكبة والخراب في فلسطين، وأن لا يحظي بالراحة، ولا يصل نداء استغاثته بطلب العون، ثمّ ينقل جثمانه ليدفن في القاهرة، محروماً من دخول غزّة ، حتى بعد أن مات، وهذا ما يدّل علي مدى حقد عدونا على الشعر والشعراء.
كأنما هذه حكاية الشعب الفلسطيني، مع فارق أن شعبنا حي، وأنه يمضي علي طريقه، وأنه يتقوّي بصوت الشاعر، وبالشعر، حداءً لأمل سيتحقق. معين بسيسو، الفلسطيني، الغزّي، المدفون في ثري مصر الطهور، بين من أحبهم، لم تسمح سلطات الاحتلال الصهيوني لجثمانه بالدخول ليدفن هناك في تراب غزة الذي درجت عليه أقدامه، والشاهد الأول لتفجّر موهبته الشعرية.
حدث في زمن بعيد، أن أخرج أبي يده من تحت عباءته ومدّها وقد طوت كتاباً رقيقاً غير مدرسي، وقال لي محتفياً:
ـ هذا شعر لمعين بسيسو.
ثمّ طلب منّي أن أقرأ، فقرأت…
كان الأب الأمّي فخوراً برفيقه، رغم أنه لا يعرفه، وكان يريد لابنه أن يحفظ هذا الشعر، وأن يصونه في ذاكرته، فهذا الشعر يصل كالمنشورات السريّة، وهو بذور لا بدّ لها من تربة لتخصب فيها، وتربة الشعر هي النفوس، والعقول…
كبرت، وعرفت من هو هذا الشاعر، وصرت أقرأ شعره دون حّث من الأب، ولكن بحافز منّي، فشعر معين بسيسو يشّد العزيمة، ويقوّي المعنويات، وهو قريب إلي روحي.
ردد أبي وقد حفظ لفرط ما تلوت علي مسمعه:
من لم تودّع بنيها بابتسامتها
إلي الزنازين لم تحبل ولم تلد
وحفظ عن ظهر قلب:
أنا إن سقطت فخذ مكاني يا رفيقي في الكفاح
واحمل سلاحي لا يخفك دمي يسيل من السلاح
وكان يدخل السجن، ويخرج، وفي يقينه أنه ينبغي أن يكون إبناً لائقاً، شجاعاً ومفتدياً، ومضحيّاً، لتباهي أمّه به، وليعش هو في أفئدة الجماهير مكرّماً، تماماً كما يقول شعر رفيقه معين بسيسو. هذا شعر يشجّع، يغذّي الروح بالإيمان، يدحر الشعور بالعزلة بعيداً عن ضمير المناضل المضحّي، الذي يتعرّض لكّل ما يتسبب له بالأذي، والإحباط.
صوتان وصلانا من غزّة: صوته وصوت هارون هاشم رشيد، وبشعرهما عشنا مع (غزّة) المأساة والمعجزة.
شعرهما انتشر موحّداً مشاعر الفلسطينيين، ومنشئاً صلة وصل بينهم، إن في منافيهم البعيدة، أو في مخيّمات اللجوء في الضفّة الفلسطينيّة، وسوريّة، ولبنان.
صورة معين بسيسو وصلت إلينا كما يليق بالشاعر، فهو يتقدّم المظاهرات، بقميص مفكوك الأزرار عن الصدر، مشرع للاستشهاد، هاتفاً بشعره، رافضاً مع شعبه التوطين في سيناء، فلا بديل عن فلسطين.
تلك كانت صورة الشاعر، الذي ينتسب إلي سلالة شعراء، حملوا دمهم علي راحاتهم، ومضوا في مقدمّة الصفوف، بكامل عدّتهم: الموهبة الشعرية، الالتزام، حمل المبادئ، الجاهزية للتضحيّة، بمصداقية القول المقترن بالفعل. إن دور شعرائنا التنويري، التثويري، قد دشّن منذ بداية الصراع والاشتباك مع الحركة الصهيونيّة، والاستعمار البريطاني، والمؤامرات المحليّة المتصاعدة علي عروبة فلسطين، وها هم شعراؤنا أحياء يرزقون بيننا: إبراهيم طوقان، عبد الرحيم محمود، عبد الكريم الكرمي (أبو سلمي)، مطلق عبد الخالق، حسن البحيري، نوح إبراهيم الشاعر الشعبي، محمد العدناني، كمال ناصر، فدوي طوقان، علي فودة، فوّاز عيد… ومن بعد، حين وقعت النكبة، وهيمن اليأس، والشعور بالعجز، ارتفعت أصوات شعرائنا، حاضة علي الصبر، والتشبّث بفلسطين، والاعتماد علي النفس، وفاضحة الخيانة وأسباب الهزيمة والكارثة، ومحرّضة علي مواصلة المعركة.
قد يقال بأن هذا الشعر فيه مباشرة، وتحريض آني، والحق أن تلك المباشرة حملتها مواهب أصيلة ذكيّة، عرفت كيف تغوص في عمق الحدث، وتستخرج منه قيماً إنسانيّة جوهرية لا تموت مع الزمن.
ما كان صدفة أن عنوان أحد بواكير أعمال معين بسيسو هو (المعركة)، فشعراء فلسطين قديماً وحديثاً يعيشون في المعركة، وفي نيرانها يكتبون، وهم يكتبون عن الوطن، والشهادة، والبطولة، والتضحية، والحب، والمنفي، والعودة التي ستتحقق، وهم يتأملون في مصائر البشر، والحياة، والكون، فهم لا يغلقون علي أنفسهم، وما هو بغريب أن الفلسطينيين كانوا في مقدمة من ترجم عن الغرب روائع أدبية، وفلسفيّة …
معين بسيسو شاعر معركة، واشتباك، يحيا، ويتألّق، ويجوهر في الميدان، بين الناس في أتون المعركة… من عرفه في غزّة رآه شاعراً ومناضلاً في الميدان، يتقدّم جموع الفلسطينيين الرافضين للتوطين في صحراء سيناء، والمطالبين بالتسلّح للتصدّي لاعتداءات المحتلين الصهاينة، وكانت آنذاك قد ازدادت علي قطاع غزّة.
كان معين بسيسو يباهي بأن أهل غزّة أفشلوا مشروع التوطين، وكانوا السبب في صفقة الأسلحة التشيكيّة التي أبرمتها مصر الناصرية، ليتمكن جيشها من الرّد علي الاعتداءات، وتدشين حقبة العلاقة مع الاتحاد السوفييتي، أي أن هذا التحوّل الاستراتيجي كان فيه دور بارز لفلسطينيي غزة الأباة العنيدين المكافحين.
من عرفوا معين بسيسو آنذاك، رأوه وهو يشرّع صدره للبنادق، هاتفاً باسم فلسطين، معلياً من شأن البطولة والتضحية. هنا كان صوت عبد الرحيم محمود يتجاوب، يتناسخ، يتواصل في حنجرة معين وكلماته…
إنه صوت معين بسيسو الذي تحدي قوات العدوان الثلاثي عام 56:
قد أقبلوا فلا مساومة
المجد للمقاومة
لم يكن هذا مجرّد شعار، لقد كان قرار حياة، فيه تتجاوب روح عبد الرحيم محمود:
فإمّا حياة تسّر الصديق وإمّا ممات يغيظ العدا يستمّد شعر (معين) قيمته من أنه يكتنز معني الحياة، كرامتها، قيمتها، في كلمات قليلة، يقولها شاعر أصيل الموهبة، عميق الثقافة، صاحب مباديء.
من غزة انتشر صوت معين بسيسو في بلاد العرب، فالتقطه الفلسطينيون، وأنشدوه، وعمموه، وتبنّوه. معين ابن الشعب، وصوت الضحايا، كما وصفه شاعر مصري شعبي:
يا معين يا صوت الضحايا
معين هذا تعرّض للسجن، للمنافي، للمطاردة، في عدّة أقطار عربيّة، وحافظ علي صلابته الروحيّة، وتقوّي بالشعر علي المصائب والصعاب. كل من تعرّف بمعين، لمس فيه روح ابن البلد، الطيّب، العفوي، البسيط، الشعبي، القريب إلي القلب، والذي تبلغ فيه حدود البساطة مدي يسهّل علي المخادعين أن يستغلّوا كل هذه المناقب.
معين بسيسو وفي، وأنا رأيته مراراً يزور مخيّم (اليرموك) قرب دمشق العاصمة السوريّة، ليلتقي برفاقه (الشيوعيين) الغزازوة الذين أقام كثير منهم في المخيم، وكان يعني بهم وبأسرهم بصمت وتواضع ووفاء نادر. هذا الشاعر إبن الشعب، صوت الضحايا، ما في جيبه ليس له، سعادته أن يسمع كلمة طيبة وكفي. في المعركة يجوهر معين، ولذا امتلأ حماسة أثناء معركة (تل الزعتر). كان يكتب ليل نهار، يرسل صوته إلي المحاصرين بين أنياب الانعزاليين الوحوش، يحمل مسدساً ويمشي في الشارع، فهو في (المعركة) وهو يقول الشعر، يندفع في الشوارع ممتلئ الصدر صهيلاً.
كان يصيح من جذور قلبه:
الآن، خذي جسدي كيساً من رمل
الشعر عند معين هو دعم لوجستي، كالذخيرة، كالتموين، به يصمد المحاربون، فالروح بحاجة للغذاء، والشعر غذاء الروح، به تتقوّي وتنتصر…
عام 82 كان يشارك في مؤتمر أدبي في (طشقند)، وعندما سمع ببدء العدوان علي الثورة الفلسطينيّة والحركة الوطنيّة اللبنانيّة، بادر بالعودة سريعاً إلي (بيروت) مخترقاً الحصار، ليكون مع الفلسطينيين واللبنانيين في المعركة، إذ لا يعقل أن تكون معركة، ويكون معين بعيداً يتفرّج. منذ لحظة وصوله انخرط (معين) في المعركة شعراً، ونثراً، وبدأ يكتب زاويته (متاريس) حاضّاً علي الاستبسال:
ولدي محمّد: في ظلي الدامي تمدد
أو فوق ركبة أمك العطشي تمدد
وإذا عطشت وجعت فاصعد
هي الكلمة الشجاعة في وجه الظلم والجور والطغاة ، وقد قالها معين صادقةً، ودفع الثمن مراراً ولم يركع. ولأنه شاعر مقاومة، ولأننا في بيروت قررنا أن نقاوم مع البنادق بالكلمات، فقد أسسنا صحيفة (المعركة) اليوميّة، واقترح بعضهم أن نضع ترويسة علي صفحتها الأولي مقطعاً من قصيدة شاعر المقاومة الفرنسي (أراغون):
اللعنة علي العدو المحتل
ليدو الرصاص دائماً تحت نوافذه
وليمزّق قلبه الرعب
ولكننا ثبّتنا منذ العدد الخامس مقطعاً من قصيدة معين:
اقبلوا فلا مساومة،
المجد للمقاومة…
في (المعركة) التقي الكتّاب والشعراء من كل الأقطار العربيّة : فلسطين، الأردن، مصر، لبنان، سوريّة، العراق، وقاوموا بكلماتهم، وبعضهم شارك في إذاعة (صوت الثورة الفلسطينيّة)، وكانت تلك أيّاماً مجيدة لتلاحم الكلمة والبندقيّة، تعبيراً عن صمود الناس، والتصدّي للإعلام الصهيوني والكتائبي الانعزالي، وحربهما النفسيّة.
معين بسيسو كمبدع يتمتّع بموهبة فذّة، وثقافة إنسانيّة فسيحة، وهو لا يكتفي بالتعبير عن رؤيته بالشعر، فقد كتب للمسرح، وقدّمت مسرحياته في القاهرة، ودمشق، وبعض الأقطار العربيّة.
نثره يعتمد الجمل القصيرة المتوترة، وإذ تقرأه تحسب أن الشاعر يكتب وهو يركض في الشوارع، والأزقّة، والحواري، وفي القطارات، وعلي سطح سفينة تضربها أمواج عاتية، فهو يكتب ويركض من جهة إلي جهة، للتواري عن عيون مطارديه، لا خوفاً ولكن ليكتب ويوّزع ما يكتبه كالمنشورات السريّة، حريصاً علي تأدية دوره علي أتّم وجه للمساهمة في إنقاذ السفينة، وبلوغها شاطئ الحريّة والأمان.
المرحلة المصرية في حياته صبغت شعره، وذوقه، ومزاجه، فهو ترعرع ونما في أحضان الحركة الثقافية في مصر، وارتبط بصداقات هي الأعمق في حياته، وبخّاصة مع عبد الرحمن الخميسي، الشاعر، والقّاص، والفنان، والممثل، والمخرج السينمائي.
ودائماً تكلّم بحب عن الخميسي، وهو الذي استضافه مراراً في (بيروت) وقدّمه، وعمل علي إعادة طباعة أعماله الشعرية.
ثمّة ما هو مرح، وفكه بينهما، وفي حياتهما، فالمقالب لا تنتهي بينهما، معين كان مصري المزاج، والذوق، وهو ما نلحظه في شعره، ومسرحه الشعري، وأسلوب حياته.
إنه معين، إبن البلد، صوت الضحايا…
في الملعب البلدي، يوم 21 آب (أغسطس)، تعانقت ومعين، وبكينا واحدنا علي كتف الآخر، فقد ازدادت علاقتنا حميمية أثناء معركة بيروت، وهو ما أشار له في كتابه (88 يوماً خلف المتاريس).
معين بسيسو كان مؤمنا بطليعيّة الاتحاد السوفييتي، وبدوره القيادي علي الصعيد العالمي، في مواجهة الإمبرياليّة الأمريكيّة.
كان زائراً دائماً لموسكو ـ بل صاحب بيت ـ التي له فيها رفاق، من الشعراء، والمبدعين الروس (سوفرونوف) الشاعر الروسي، ومن شعوب الاتحاد السوفييتي، ومن بلدان العالم الثالث (فايز أحمد فايز) الشاعر الباكستاني المنفي عن بلده. كان معين محترماً ومحبوباً جداً في (موسكو)، وأذكر أنه عندما زار موسكو بعد معركة بيروت كان الإعلان عنه في نشرة الأخبار الرئيسة مع تقديم ريبورتاج جوانب حياته الأدبيّة والنضاليّة.
كتب معين (الاتحاد السوفييتي لي)، وهو كان وفيّاً للاتحاد السوفييتي، والكتاب عن رحلاته في جمهوريات الاتحاد السوفييتي الأوروبيّة والآسيويّة.
في البرافدا كتبوا عن معين، وترجم لنا الدكتور شوقي العمري، وهو شاعر غزّي من تلاميذ ومريدي معين، درس في موسكو وأتقن الروسية كأفضل الناطقين بها، وأكّد لنا بالفم الملآن أن جائزة لينين ستكون من نصيب معين… التقيته في موسكو بعد خروجنا من بيروت، في عام 83، وهناك احتفي بي كثيراً، وكانت روايتي (البكاء علي صدر الحبيب) قد ترجمت مع بعض قصصي القصيرة، فبقيت في موسكو قرابة الشهر ، ولست أنسي اهتمام معين بي.
القصيدة :
في المجلس الوطني الفلسطيني بعد الخروج من بيروت، عام 83، قرأ معين قصيدة كانت قد كتبت على عجل، ولقد رأيت أنها أقّل من قيمته الشعرية، فعتبت عليه جداً.
من الجزائر توجهنا إلي تونس، وذات يوم تلفن له (زياد عبد الفتاح) رئيس وكالة (وفا)، وأخبره بوجودي، فطلب أن يحكي معي، وبطريقته الشعبية اللطيفة طلب مني أن أزوره مع زياد، فقلت له :
ـ شريطة أن تبدي استعداداً لسماع ما سأقوله لك، لأنه جدّي وخطير، فهل تقبل ؟
صمت علي الهاتف، ثمّ جاءني صوته:
ـ تعال…
أعدت عليه ما قلت، فألّح علي حضوري، وقد لمس جديّة في صوتي، وعرف أنني لا أمزح.
رحنا إلي نزل (أبو نواس) ، وكان يقيم في غرفة وصالة علي التلة المجاورة، وما أن دخلنا حتى بادرني مستفسراً :
ـ ماذا تريد أن تقول ؟!
جلست، وسألته بلهجة هجومية لم يتوقعها :
ـ هل ما قرأته في المجلس الوطني شعر يا (أبو توفيق)؟!
سألني بانزعاج:
ـ وما هو الشعر برأيك ؟
فأخذت اقرأ له ما أحفظ من شعره، ولعله دهش لما أحفظ، ولما أختار، وختمت بقصيدته المهداة إلي شهيد معركة جبل (صنين) جورج عسل :
استشهد الماء ولم يزل يقاتل الندى
استشهد الصوت ولم يزل يقاتل الصدى
وأنت بين الماء والندى
وأنت بين الصوت والصدى
فراشة تطير حتى آخر المدى
مدّ يده، وتناول كومة أوراق، وأخذ يقرأ، وأنا لا أستقبل أبداً، فاستنتج أنني لم أعجب بما سمعت، فقال بلهجته المحببة:
ـ طيّب : اسمع…
وأخذ يقرأ مقاطع من قصيدته (القصيدة) ، آخر قصائده، قصيدة الوداع.
صفّقت له واقفاً، وأنا أردد :
ـ هذا شعر، أي والله هذا شعر يا أبو توفيق…
أمسية لندن :
في عام 83 أقيم أسبوع ثقافي فلسطيني في العاصمة البريطانية (لندن)، وكان معين يشارك مع شعراء فلسطينيين آخرين. جاء إلي الأمسية متأنقاً، وكما هو شأنه فشعره ينفر كما لو أنه عرف حصان. جلس بجواري، وكنت أجلس أنا وصديقي ياسين رفاعية وزوجته الشاعرة أمل جرّاح.
قلت له:
ـ الليلة ستكون ليلتك، صدّقني…
استفسر :
ـ بجد ؟
ـ نعم يا (أبو توفيق). الليلة ستكون ليلتك، ليلة (القصيدة)، الليلة ستتألّق، وتنال ما تستّحق من ثناء.
وهذا ما كان. صعد معين، وفي القاعة كان شعراء، سياسيون، فنّانون عالميون، تتقدمهم صديقة الشعب الفلسطيني، الفنّانة البريطانية العالمية (فانيسيا ردغريف)، والصحافي البريطاني الكبير (مايكل آدمز) ، ومئات من حركات التحرر العالمية. استحوذ معين علي الجو، شعراً وإلقاءً، وصفّق له الجمهور واقفاً، صفّق للقصيدة:
مطر علي الشبّاك
في لون البنفسج والخزامي
مطر علي المرآة
في لون الدوالي والندامي
مطر علي البحر المسيّج
زبد وعوسج
موج يعبئ بالنوارس
لي المسدس
كانت تلك ليلة (معينيّة) حقاً، أفرحت معين.
في تونس، في المؤتمر العام لاتحاد العمّال الفلسطينيين تكررت تلك الأمسية، حيث قرأ معين (القصيدة).
بعدئذ لم ألتق بمعين، وجاء الخبر الفاجع: رحل معين بسيسو!
لم تسمح سلطات الاحتلال لجسد معين أن يدفن في غزّة، فدفن في مقبرة آل بسيسو في القاهرة…
الاحتلال يخاف أجساد الشعراء، لأن الشعراء أمثال معين بسيسو لن يصمتوا بعد الموت، فهم أحياء بشعرهم الذي تتناقله الأفواه، وتردده الحناجر، وتختزنه الذاكرة الجمعية لشعبهم، وأمّتهم.
الاحتلال يكره الشعر والشعراء، لأن أجساد الشعراء الراحلين ستتحوّل إلي مزارات تتجدد عندها نداءات الحريّة والمقاومة…
من وقّعوا علي اتفاق (أوسلو) لم يتفطنوا إلي بند ينص علي عودة جثامين المبدعين الفلسطينيين، علي الأقل الذين من مدن وقري الضفّة والقطاع… من العجيب أننا كلّما انتقدنا مسيرة الخراب الاستسلاميّة فلا نسمع سوي : تعالوا ناضلوا معنا!
طيّب، أيها المناضلون: لماذا (نسيتم) أن تصطحبوا معكم في (عودتكم) المظفّرة جثامين : كمال ناصر (بير زيت)، وحنّا مقبل (الطيبة)، وعلي فودة (علاّر)، ومعين بسيسو (غزّة)، وجبرا إبراهيم جبرا (بيت لحم)، وائل زعيتر (نابلس) وماجد أبو شرار (دورا).
نحن لا نريد أن نحرجكم، ونطالبكم بإعادة جثامين: غسّان كنفاني، ناجي العلي، سميرة عزّام، وأحمد عمر شاهين، فهؤلاء من: عكّا، الشجرة، الناصرة، الرملة،…
يا لهذا (السلام) الذي يحرم جثامين الشعراء، والكتّاب، والصحفيين، من حق العودة والدفن في مساقط رؤوسهم !
شاعر الوحدة الوطنيّة :
ظلّ معين بسيسو شيوعيّاً حتى رحيله، ولكنه لم يكن متعصّباً، فهو كتب شعراً جميلاً في جمال عبد الناصر، رغم أنه سجن في مصر مع مئات الشيوعيين… وهو رغم أنه علي النقيض مع (الإخوان المسلمين) ، سار هو وشيوعيو غزّة، والقوميون، كتفاً لكتف، معاً، يتقدمون الجماهير، رافضين التوطين، مطالبين بالسلاح للمقاومة.
في مذكراته (دفاتر فلسطينيّة) يسرد معين ملامح تلك المرحلة في منتصف الخمسينات، ويقدّم رموز (الإخوان المسلمين) بكّل الاحترام، والإنصاف، رغم الخلاف الفكري، معتزاً بروح الوحدة الوطنيّة.
لقد حافظ شاعرنا الكبير علي صلاته الحميمة مع كل مناضلي تلك المرحلة حتى أيّامه الأخيرة…
اليوم، ونحن نستعيد ذكراه، ونقرأ شعره، ونحن نري ما يحدث في وطننا فلسطين بكّل فخر ـ ما جاءت به الانتخابات التشريعيّة الفلسطينيّة ـ نجدنا مدعوين لصيانة روح الوحدة الوطنيّة التي ميّزت معين، ومنحته إضافة لقيمته الشعرية احتراماً وطنياً، ودوراً قياديّاً.(…)
هذا هو الشعر، وهذا هو دوره :
في آخر مقابلة أجراها معه تلفزيون الإمارات العربية ـ المذيع أحمد زين العابدين ـ قال معين: الدور الذي يجب أن ينهض به الشعر العربي الآن هو أن يقف مع الإنسان العربي، يقف مع الأمة العربيّة، يقف مع كل صديق لهذه الأمة، في سبيل نهوضها، وفي هذه المرحلة علي الكلمة أن تكون صادقة، شجاعة، وصريحة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الشاعر معين بسيسو Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشاعر معين بسيسو   الشاعر معين بسيسو Emptyالأربعاء 24 يناير 2018, 6:33 pm

6 مشاهد في حياة الشاعر الفلسطيني معين بسيسو

فى مثل هذا اليوم رحل عن عالمنا الشاعر الفلسطينى معين بسيسو، وترصد البوابة لايت أهم 6 مشاهد فى حياة الشاعر الراحل:
1ـ ولد معين بسيسو بغزة في ١٩٢٦ وأنهى تعليمه فيها عام ١٩٤٨ وبدأ ينشر كتاباته في مجلة "الحرية" في يافا نشر فيها أولى قصائده في ١٩٤٦.
2ـ التحق بسيسو في ١٩٤٨ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة وتخرج في قسم الصحافة ١٩٥٢ وانخرط في العمل الوطنى وعمل في الصحافة والتدريس.
3ـ فى ٢٧ يناير ١٩٥٢ نشر بسيسو ديوانه الأول "المعركة" وتعرض للاعتقال في مصر مرتين الأولى من ١٩٥٥ إلى ١٩٥٧ والثانية من ١٩٥٩ إلى ١٩٦٣.
4ـ كان معين شيوعيًا فلسطينيًا وصار أمينًا عامًا للحزب الشيوعى الفلسطينى في غزة وفى ١٩٨٨ عندما توحد الشيوعيون الفلسطينيون في حزبهم الموحد أعلن بسيسو ذلك من على منبر المجلس الوطنى الفلسطينى الذي عقد بالجزائر حينها وظل "معين" عضوا باللجنة المركزية للحزب حتى وفاته.
5ـ من أعمال بسيسو الشعرية المسافر والمعركة والأردن على الصليب وقصائد مصرية بالاشتراك وفلسطين في القلب ومارد من السنابل والأشجار تموت واقفة وكراسة فلسطين وقصائد على زجاج النوافذ وجئت لأدعوك باسمك والآن خذى جسدى كيسًا من رمل والقصيدة وآخر القراصنة من العصافير وحينما تُمطر الأحجار.
6ـ توفى معين بسيسو إثر نوبة قلبية في أحد فنادق مدينة لندن فى ٢٣ يناير ١٩٨٤.







اليوم.. ذكرى رحيل الشاعر الفلسطيني معين بسيسو

تحل اليوم ذكرى رحيل الشاعر الفلسطيني معين بسيسو، أحد كبار الشعراء الفلسطينيين، وواحد ممّن جنّدوا شعرهم من أجل المقاومة الفلسطينية.
بسيسو من مواليد غزة 1926، عاش في مصر، حيث خاض تجربة المسرح الشعري. بدأ النشر في مجلة "الحرية" اليافاوية ونشر فيها أولى قصائده عام 1946، التحق سنة 1948 بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتخرج عام 1952 في قسم الصحافة، وكان موضوع رسالته "الكلمة المنطوقة والمسموعة في برامج إذاعة الشرق الأدنى"، وتدور حول الحدود الفاصلة بين المذياع والتلفزيون من جهة، والكلمة المطبوعة في الصحيفة من جهة أخرى. انخرط في العمل الوطني والديمقراطي مبكرًا، وعمل في الصحافة والتدريس، وفي 27 يناير1952 نشر ديوانه الأول "المعركة". سجن في المعتقلات المصرية فترتين، الأولى من 1955 إلى 1957، والثانية من 1959 إلى 1963.
كان معين شيوعيًّا فلسطينيًّا، وصل إلى أن أصبح الأمين العام للحزب الشيوعي الفلسطينى في قطاع غزة.
من أعماله الشعرية "المسافر"، و"الأردن على الصليب"، و"مارد من السنابل"، و"الأشجار تموت واقفة"، و"قصائد على زجاج النوافذ". ومن أعماله المسرحية "مأساة چيفارا"، و"الصخرة"، و"شمشون ودليلة".
توفي بسيسو إثر نوبة قلبية في أحد فنادق مدينة لندن يوم 23 يناير 1984.







في ذكرى غياب الشاعر الكبير معين بسيسو..قَدمُ المرأةِ جَرَسُ الأرضِ

عبد الرحمن بسيسو
إلى الشاعر الثائر، الفلسطيني الوفي، المقاوم العنيد، الإنسان النبيل، والمناضل الحر من أجل الحرية، معين بسيسو، في يوم حضوره المتجدد الموافق 23 يناير من كل عامٍ أعقب يوم اشتعال هذا الحضور في اليوم نفسه من العام 1984
قَدمُ المرأةِ جَرَسُ الأرضِ
المرأة التي تظلُّ مُغْفَلَةُ الاسم حتَّى ينطُقهُ الممرضُ إذْ يُذَكِّرها به، المرأة التي هي نظيرة ليلى جبل التوباد، وتوأمُ بائعة الزنبق في الرَّملة. المرأةُ الجريحة المُكَسَّرة العَظْم، المُقَيَّدُ جِسْمُها كُلُّهُ بالجبس والأربطة البيضاء. المرأة التي تريد أنْ تلد من قدميها وتناضل من أجل تحريرهما وفك أربطة الجبصِ عن جسدها المُقيَّد بأكمله.
المرأة التي ترى أنَّ الوقتَ منشارٌ تُريدُ أنْ تقطع به قيد قدميها لتفكَّ أغلالها.
المرأة التي تسألُ الآخرين الذين قيَّدوها ويحرسون قيدها: "من أنتم؟" فيما هي تسألُ نفسها: "وأنا من؟".
المرأة التي تُحاول استعادة اسمها من خلل ذاكرة ملفوفةٍ بالشَّاش.
المرأة التي تعرف، من ضمن ما تعرف، أنها ترزح تحت القيد منذ سنوات طِوال، وأنَّ ساقيها معلَّقتان من دون إرادة منها، وأنَّ توقف قدميها عن المشي سيجعلها "تفقد ذاكرة الأرض"، وأنها لو مشت لن تفقد شيئاً غير أغلالها والقيود.
المرأة التي يعكس اسمها وتحولات هويتها اسم وطن وشعب وتحولات هويتهما المُلتحمة.
المرأة التي وصلت إلى الزنزانة لأنها كانت تقود العربة ضدَّ قوانين شوارع هذا العالم! وما ذلك لشيء إلا لأنها ترفضُ العالم الذي اقتلعها من وطنها، فأذلها وأفقرها وانتهك إنسانيتها وسلبَ حقوقها، وأفقدها قدرة الحصول على خاتم تزين به إصبعها ذات يوم!
المرأة التي يتصوُّرها أعداءُ الحياة خطرةً جداً لأنها لو اشْتَمَّت النُّطفة لحملت! أو لأنَّها لو أمسكت عود كبريت في يدها لأشعلت شُموساً تُضِيء عتمة الدَّياميس!
المرأة التي لا تزال تحمل في قدميها المُصفَّدتين بالأغلال نُطْفَة الأرض؛ أرضها، رغم سنوات الاقتلاع والرحيل والأسر والقيد وضراوة المنفى!
المرأة التي أحالَ المُستعمرُ المحتلُّ، هذا الَّذي أسرها وقيدها، دَمَهَا إلى بحيرة أفيون، فتمرَّدت وانتفضت وانقضت على سجانها حتى أسالت دَمَهَا كي لا يصبح سُمَّاً إنْ كفَّ عن الجريان!
المرأة التي لا يراها أعداءُ الحياة جميلةً إلا حين تكون تحت القطن وتحت الأربطة البيضاء!
المرأة التي تعرَّضت لكل الظلم والعسف على يد عدوٍّ مُتوحِّشٍّ فما كفَّت، أبداً عن، الرَّفض والانتفاض، وما كان لها أن تنطقَ، في وجه شراسته، سوى الكلمة: "لا".
المرأة التي اختارت الانتماء إلى الأرض رغم كلِّ شيء، فما عرفت في مواجهة الموت سوى الحياة!
المرأة التي لم يكن رأسها، أبداً، محضَ كأس فارغ!
المرأة التي تَحُوُلُ مقاومتُها العنيدةُ دون أعداء الحياة وبتر ساقيها لإصرار إرادتها على قطعَ حَبْلِ القيد وتحرير القَدَمَين!
المرأة التي بإمكان أسنانها أن تقطع هذا الحبل ولكنَّها تُصرُّ على أنْ تُرغم عدوها على قطعه بمنشارِ يده!
المرأة صاحبةُ النَّار الخالدة التي ستقطعُ نسل الاحتلال والاستبداد وتحرمهما التَّمكُّن من قطع نسلها!
المرأة التي حرَّرت بنفسها ساقيها من قيودٍ الاحتلال الأجنبي والاستبداد المحلَّي، وصار بمقدورها أن تمشي بقدميها فوق الأرض كي لا تفقد أبداً ذاكرة الأرض!
المرأة التي تصرُّ على حماية ساقيها بكفيها بعد أنْ فكَّت أغلالها بمقاومتها العنيدة، وتحرَّرت!
المرأة التي تريد لقدميها أن يحملاها إلى "ذاك البستان"!
المرأةُ العاشقة التي لا تفتقدُ فَمَ من تهوى فوق فمها، ويده فوق يدها، ودمه في دمها، كالشَّامة فوق الخد!
المرأة التي تخطو صوب البستان وتدعو أحرار الناس أن يخطوا جميعاً خلفها، والتي تدرك أنَّ اللحظة التي تلامس فيها قدميها الأرض ستكون لحظةً للثورة والفرح، حيث كل المقهورين من أهل الأرض، عُشَّاق الحياة والحرِّية، سيتبعون خطوها، وسيصيرون، جميعاً، ملوك الأرض!
المرأة التي تعلن أنَّ من يعشقها وهي مصلوبة فوق الخشبة ويصيح "أمي"، ليس هو ابنها، وإنما ابنها هو من يُنزلها من فوق الخشبة، ليكون ابنها ووطنها في آن معاً!
المرأة التي تدرك أنَّ ساقيها مجدافان، وأنَّ قدميها هما الزَّورق!
المرأة التي تصرخ بأعداء الحياة، غاصبي أرضها والمستبدين والسَّاكتين عليهم والمتقاعسين عن مواجهتهم، أن يُبْعِدوا وحلهم عنها، ويرحلوا!
المرأة التي تبحث عن قدميها قبل البحث عن عَلَمِهَا، مدركةً أنَّ القَدَمَ عَلَمٌ، وأنَّ الدَّم يتبع القَدَم، وأنَّ اللحظة التي ترفرف فيها القَدمُ فوق الأرض هي نفسها لحظة رفرفة العلم في سماوات الوطن!
المرأة التي تَعِدُ من يتبع قدميها بتحرير الأرضِ، كلِّ الأرض، لتكون له وطناً ترفرف فيه أجنحةُ قدميه كما يرفرف عَلَمَهُ!
تلك هي بعض ملامح "شامة" التي رأها معين بسيسو، قبل ما يربو على أربعة عقود، في مسرحيته "العصافير تبني أعشاشها بين الأصابع"، وأرادها رمزاً على نساءٍ هُنَّ منبعُ هُويَّة الوطن، وهُنَّ الوطن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الشاعر معين بسيسو
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: شخصيات من فلسطين-
انتقل الى: