ترحيل طوعي أو سجن مفتوح.. وعد إسرائيل ووعيدها للاجئين
القدس المحتلة- عبد الرؤوف أرناؤوط: يجد عشرات آلاف الإريتريين والسودانيين من طالبي اللجوء في إسرائيل أنفسهم أمام خيارين، فإما الترحيل الطوعي إلى بلد ثالث أو السجن إلى أجل غير مسمى.
وقالت درور سادوت، المسؤولة الإعلامية في “منظمة الخط الساخن للاجئين والمهاجرين” الإسرائيلية (غير حكومية)، للأناضول: “نتحدث عن 40 ألف شخص هربوا من الديكتاتوريات والقتل والظلم بحثا عن الأمن”.
وأضافت: “أعتقد أنه يتوجب على الحكومة الإسرائيلية استيعابهم، وليس إبعادهم عبر اتفاقيات سرية لا تضمن لهم الأمن والسلامة في رواندا وأوغندا، اللتين تنفيان بدورهما وجود اتفاقات لاستيعابهم”.
وتابعت سادوت: “إسرائيل اختارت أن تبعدهم ليصبحوا مرة أخرى مهددين بالتشرد واللجوء والملاحقة.. من المستغرب أنه بينما تقول إسرائيل إنها دولة ديمقراطية، فإنها تبعد أبرياء لجئوا إليها، وترفض حمايتهم”.
** 40 ألف لاجئ
في الثالث من يناير/ كانون ثانٍ الجاري تبنت حكومة بنيامن نتنياهو خطة لإبعاد طالبي اللجوء خارج إسرائيل.
آنذاك قالت الحكومة الإسرائيلية، في بيان، إنه “تم إقرار خطة لتشجيع خروج المتسللين من إسرائيل طوعا إلى دول ثالثة”.
وأوضحت أنه “في إطار الخطة سيتم تعزيز قوام وحدات إنفاذ القانون، التابعة لسلطة السكان والهجرة (تابعة لوزارة الداخلية)”.
وأضافت أن “الحديث يدور عن حوالي 60 ألف شخص، تم إخراج قرابة 20 ألف منهم بالفعل، والمهمة الآن هي إخراج البقية، وغالبيتهم الساحقة من (الجارتين) السودان وإريتريا”.
وقالت حكومة نتنياهو إن “المتسللين الذين يختارون الخروج طوعاً سيحصلون على منحة تبلغ 3500 دولار، وتمويل كلفة الرحلة الجوية، وترتيب أوراق السفر”.
وشددت على أنه “سيتم العمل بهذه التسوية حتى نهاية مارس/آذار 2018، وفي المقابل، سيتم احتجاز المتسللين الذين يختارون عدم الخروج من إسرائيل”.
** مصير مجهول
معلقة على خطة الحكومة الإسرائيلية قالت الحقوقية الإسرائيلية: “هذا يعني أنه يتعيين على طالبي اللجوء الاختيار بين أمرين، فإما المغادرة الطوعية إلى المجهول، ويتم منحهم ستين يوما للقيام بذلك، أو السجن إلى أجل غير مسمى”.
وتابعت سادوت بقولها: “يقولون إن هناك اتفاقا (إسرائيليا) مع حكومة أوغندا لاستيعاب طالبي اللجوء، ولكن أوغندا تنفي وجود هكذا اتفاقات، وبالتالي فلا أحد يعلم مصيرهم (اللاجئين).
ومنذ الأول من يناير/ كانون ثانٍ الجاري، شرعت سلطة السكان والهجرة بإبلاغ طالبي اللجوء بأن أمامهم حتى 31 مارس/آذار المقبل للمغادرة، وإلا فإنهم يواجهون عقوبة السجن.
وتم تسليم طالبي اللجوء ورقة مكتوب فيها: “نود أن نعلمك بأن إسرائيل وقعت اتفاقيات تمكنك من المغادرة إلى بلد ثالث آمن سيستقبلك ويمنحك تصريح إقامة يسمح لك بالعمل وضمان عدم إعادتك إلى بلدك الأصلي”.
وأضافت الورقة أن “البلد الذي ستذهب إليه (لم تسمه) حقق تقدما كبيرا، خلال العقد الماضي، ويستوعب الآلاف من السكان العائدين والمهاجرين من مختلف البلدان الإفريقية.. هناك استقرار في هذا البلد مكن التنمية في العديد من المجالات، بما فيها التعليم والطب والبنى التحتية”.
** رفض من طالبىء لجوء
لكن القرار الإسرائيلي يواجه معارضة من جانب طالبي اللجوء رغم محاولة السلطات تطمينهم.
وتجمع آلاف من طالبي اللجوء، أمس الإثنين، قبالة مقر السفارة الرواندية في مدينة تل أبيب، وهم يحملون لافتات مكتوب عليها: “الإبعاد إلى رواندا هو حكم بالقتل”.
وقال جوني، وهو لاجي إريتري، لصحفيين: “هذا الاتفاق بين إسرائيل ورواندا غير قانوني، وهو عار ورهيب ولا سابق له، نفضل الذهاب إلى السجن عن القبول بذلك الاتفاق”.
وأضاف: “في اللحظة التي سنصل فيها إلى هناك (رواندا) لن يسمح لنا بالبقاء، فلا توجد لدينا وثائق، ولا يمكننا العمل، ولا نتحدث اللغة، بدلا من مواجهة الموت، فإننا نفضل السجن”.
** انتقادات حقوقية
كما استهجنت منظمات حقوقية إسرائيلية ودولية الخطة الإسرائيلية بشأن طالبي اللجوء.
وقالت منظمة” الحق الآن” الإسرائيلية (غير حكومية)، في بيان يوم الجمعة الماضي، “أعلنت حكومة إسرائيل عن خطط لبدء ترحيل عشرات الآلاف من طالبي اللجوء الإريتريين والسودانيين إلى رواندا.. هذا الترحيل سيعرض حياة آلاف الأشخاص للخطر ويتناقض مع التزامات إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية”.
ودعت المنظمة، وهي تدفع عن طالبي اللجوء، الحكومة إلى “الوقف الفوري لخطط الترحيل، وتنفيذ سياسات سليمة للجوء، تتماشى مع القانون الدولي والقيم اليهودية”.
بدورها، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”الحقوقية الدولية إنه “على السلطات الإسرائيلية وقف سياسة جديدة تستخدمها قد تؤدي إلى الحبس لأجل غير مسمى لآلاف الإريتريين والسودانيين، في حال رفضوا مغادرة إسرائيل إلى رواندا أو أوغندا”.
وأضافت في تقرير، أمس، أن “هذه السياسة هي الأخيرة في سلسلة من التدابير الإكراهية ضد هذه المجموعات، وتهدف إلى حرمانهم من حقهم المشروع في طلب الحماية، وستؤدي لا محالة إلى الاحتجاز الجماعي غير القانوني لطالبي اللجوء”.
وقال جيري سميسون، المدير المشارك لبرنامج اللاجئين في المنظمة، إنه “في هذا الفصل الأخير من مسعى إسرائيل المطول للتنصل من واجب حماية اللاجئين، هددت السلطات بحبس آلاف طالبي اللجوء الذين يرفضون المغادرة”.
وتابع سميسون: “بدلا من حبسهم، على إسرائيل أن تتحرى النزاهة في الاعتراف بوجود لاجئين بينهم (المتسللين) وأن تحميهم”.
** سياج حدودي
وكشفت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية، أول أمس الأحد، أن نشطاء إسرائيليين، معارضين لتهجير طالبي اللجوء، يبحثون إمكانية التزوج من المهددين بالإبعاد كوسيلة أخيرة لمنع إبعادهم.
وكانت قضية طالبي اللجوء برزت عام 2006، حيث بدأت تقارير إعلامية إسرائيلة تتحدث عن تسلل عشرات الآلاف الأفارقة عبر الحدود مع شبه جزيرة سيناء المصرية.
وتقول الحكومة الإسرائيلية إن ظاهرة التسلل توقفت بالكامل بدءا من عام 2017، بعد إقامة سياج على طول الحدود بين مصر وإسرائيل، عام 2012.
وقالت الحكومة، في بيان مطلع العام الجاري، إنه “لم يدخل أي متسلل إسرائيل خلال عام 2017″.
وأضافت: “خرج طوعا خلال عام 2017 أكثر من أربعة آلاف متسلل، وإجمالا خرج حتى اليوم حوالي عشرين ألف متسلل”.
وردت الحكومة الإسرائيلية بداية على تسلل طالبي اللجوء بتدابير، بينها الاعتقال إلى أجل غير مسمى، ووضع عقبات أمام وصولهم إلى نظام اللجوء الإسرائيلي.
وبعد أن قضت المحكمة العليا الإسرائيلية، في سبتمبر/أيلول 2013، بأن الاعتقال غير قانوني، قالت الحكومة إنها تحتجزهم في “منشأة حولوت للإقامة” في النقب جنوبي إسرائيل.
وقالت “هيومن رايتس ووتش” إن سلطات الهجرة الإسرائيلية، وحتى بداية عام 2013، كانت ترفض جميع طلبات لجوء الإريتريين والسودانيين تقريبا.
ومنذ ذلك التاريخ وحتى أواسط 2017، تمكن 12 ألفا و437 شخصا من تقديم طلبات لجوء، بينها 7437 طلبا في انتظار الرد، حتى يونيو/حزيران الماضي.
وجميع الطلبات الأخرى تقريبا تم رفضها.
** نزعة الشرعية عن اللاجئين
وفق المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن عدد طلبات اللجوء القليل يعكس أيضا انعدام الثقة من جانب طالبي اللجوء، وإخفاق السلطات الإسرائيلية في تعريف الإريتريين والسودانيين بحقهم في طلب اللجوء”.
وتمنح السلطات الإسرائيلية “تصاريح إفراج مشروطة” من الحبس لجميع الإريتريين والسودانيين، الذين يدخلون إسرائيلية بطريقة عير رسمية.
وأضافت المنظمة، في تقرير أصدرته في ديسمبر/ كانون أول 2017، أن “احتياجات حماية غالبية الإريتريين والسودانيين (في إسرائيل) ترقى إلى مصاف احتياجات حماية اللاجئين” وأنها تعتبرهم “في وضع لجوء”.
ورأت اوريت ماروم، مديرة العلاقات العامة بمنظمة مساعدة اللاجئين (ASSAF)، وهي منظمة غير حكومية في إسرائيل، أنه “على مدى السنين لم تظهر أي حكومة إسرائيلية أنها تفهم أن طالبي اللجوء الأفارقة غير اليهود هم من بني البشر”.
وأضافت ماروم، في تسجيل مصور شرحت فيه قبل عامين قضية طالبي اللجوء: “إنهم بني بشر جاءوا إلى هذا البلد، ونحن لا نتحدث عن أعداء”
وشددت على أن “الحكومات الإسرائيلية استخدمت في وصفهم (اللاجئين) اللغة نفسها التي تستخدمها ضد (جماعة) حزب الله (اللبنانية) وإيران والإرهاب، ولهذا يكرر المسؤولون استخدام كلمة (المتسللين) من أجل نزع الشرعية عن اللاجئين”.