منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟ فواز طرابلسي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟     فواز طرابلسي Empty
مُساهمةموضوع: إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟ فواز طرابلسي   إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟     فواز طرابلسي Emptyالإثنين 12 فبراير 2018, 8:02 pm

[size=30]ثمار سايكس ـ بيكو والاستلهام التوراتي لخريطة فلسطين

إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟ 

فواز طرابلسي

[/size]


Oct 28, 2017

إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟     فواز طرابلسي 28qpt998

 يروي هذا النص قصة «إعلان بلفور» الصادر في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 1917، فيضعه في إطاره من وعود الحرب العالمية الأولى، والنزاع البريطاني- الفرنسي على الولايات العربية للسلطنة العثمانية. وتحلل هذه الصفحات الدوافع والمصالح والحجج وراء ما سمّي «أغرب وثيقة انتجتها حكومة في تاريخ البشرية»، وأثر تطورات الحرب، واتفاق سايكس – بيكو، على صياغة الرسالة؛ قبل ان تناقش عدداً من التفسيرات النمطية الرائجة للإعلان. والنص مسودة غير نهائية، وجزء من كتاب يصدر مطلع العام القادم عن اتفاق سايكس – بيكو وإعلان بلفور.
  بإطلالة العام 1917 كانت التصريحات البريطانية قد بدأت تتنصّل من اتفاق سايكس – بيكو. وصف سايكس الاتفاق بأنه مجرد مشروع وضعه جورج – بيكو ولا يمكن للحكومة البريطانية قبوله دون تعديلات عميقة. وفي آب/أغسطس نَعتَه بإنه «إجراء رجعي» نظرا للتطورات الجارية، بل «أنه اتفاق ميت وزائل وكلما أسرعنا في شطبه كلما أحسنّا فِعلا». (Barr, 60 Sykes, 304). وردّ لويد – جورج على حجة الأحقية الفرنسية في حماية الأماكن المقدسة في فلسطين بالقول إن بريطانيا أقدر على حماية الأراضي المقدسة من أي كان، وجزم بأن موضوع فلسطين الفرنسية «ليس وارداً أصلا». (Mansfield, 18). وعن اتفاق سايكس – بيكو أكد أنه «غير قابل للتطبيقً»، وقال في خلاصة الأمر إن بريطانيا هزمت الإمبراطورية العثمانية منفردة «وبريطانيا ينبغي أن تنال حصة الأسد من الغنائم». (Barr, 64). مع ذلك ظل آرثر بلفور يكرّر أن بريطانيا سوف تحترم اتفاقية سايكس – بيكو.
سوف تحمل تطورات ذلك العام على صعيدي الميدان والتنافس البريطاني- الفرنسي تعديلات جذرية للاتفاقية والخريطة المبنية عليها، أكان لجهة مصير كامل فلسطين أو الموصل أو المملكة العربية. وسوف يتأكد ما تخوّف منه جورج- بيكو عندما أبلغه سايكس قبل ذلك بعامين (في 13 آذار/مارس 1915) عن نيّة بريطانيا «تقديم فلسطين لليهود»: لم يخطئ الفهم بأن «تقديم فلسطين لليهود» يعني استحواذ بريطانيا عليها، فردّ قائلا «لن توافق فرنسا أبداً أن تصير فلسطين بريطانية». (Cloarec,153).
 
الاتصالات الأولى

في العام 1914 كان أول اتصال صهيوني مع الخارجية البريطانية. أجراه ناحوم سوكولوف، عضو المكتب التنفيذي للمنظمة الصهيونية في برلين، مركز قيادة المركزية الصهيونية حينها، ومسؤول العلاقات الخارجية فيها. رفض الأمين العام لوزارة الخارجية، سير آرثر نيكولصُن، لقاءه فتولى الأمر سكرتيره الخاص إيرل أونصلو. لم يتطرق الحديث إلى موضوع كيان يهودي في فلسطين. استمع المسؤول البريطاني إلى المبعوث الصهيوني يحاول اقناعه بمصلحة بريطانيا «أن يزيد عدد العنصر اليهودي في البلد المجاور لمصر» وأن يبلغه بتأسيس المنظمة الصهيونية لما يزيد عن 12 مستعمرة زراعية في فلسطين. انتهى اللقاء عند هذا الحد. في أيلول/سبتمبر، طلب سوكولوف مقابلة ثانية فأبلِغ بتقديم طلباته في مذكرة خطية.(Schneer, 109-110 ).
في نهاية ذلك العام، التقى حاييم وايزمان عددا من المسؤولين البريطانيين، منهم هربرت صموئيل، أول يهودي يدخل الوزارة البريطانية وقد دخلها العام 1914، ثم التقى آرثر بلفور ودافيد لويدـ جورج مطلع العام 1915. وقد سبق لوايزمان التعرف على الاثنين، الأول بما هو النائب المحافظ عن مدينة مانشستر، حيث كان وايزمان يدرّس في جامعتها؛ والثاني بما هو وزير للذخائر في حكومة الحرب اتصل بوايزمان للإفادة من اختراعه مادة الآسيتون التي يمكن استخدامها كبديل ناجح عن البارود في المتفجرات.
قبل نهاية ذلك العام قدّم صموئيل مذكرة إلى الحكومة تطالب بضم فلسطين إلى الإمبراطورية البريطانية مع إعطاء اليهود أفضلية في الهجرة إليها «بحيث ينمو الشعب اليهودي مع الوقت ليصير أكثرية ويستوطن الأرض فيُمنَح، ويُتنازل له، عن درجة من الحكم الذاتي تبررها ظروف تلك الأيام». (136 Schneer,).
في 13 آذار/مارس، اجتمعت حكومة أيرل آسكويث لبحث صيغة ملطّفة من مذكرة صموئيل عنوانها «مستقبل فلسطين» وقد قدّم لها الوزير بملاحظة أن اندلاع الحرب مناسبة لتغيير في «موقع فلسطين». وإذ لاحظ أنه من المبكر الحديث عن دولة يهودية مستقلة، فإن دمجها في الإمبراطورية البريطانية سوف يكون هو الحل الذي سيلقى الترحيب الشديد من قادة الحركة الصهيونية وجمهورها عبر العالم، فيعزز من سمعة الامبراطورية ويأتي بنتيجة إيجابية للإمبراطورية البريطانية، دون اضطرارها إلى تجريد ألمانيا من مستعمراتها وإثارة حرب انتقامية؛ ويعزز دفاعات مصر. وقد استعرضت المذكرة البدائل فعارضت ضم فلسطين إلى فرنسا، واستبعدت التدويل، الوارد في اتفاق سايكس – بيكو ، لأنه يضع فلسطين تحت سلطة غير واضحة، أما ضم فلسطين إلى مصر فيخلق تعقيدات، لكن التخلي عن فلسطين لتركيا لقاء ضمانات للاستيطان اليهودي لن يحسّن كثيرا من الوضع. وخلص صموئيل إلى أن «فلسطين بريطانية» هي وحدها الحل للمسألة اليهودية في أوروبا وسوف يكون لها الأثر الأبرز على «شخصية» يهود العالم ويكون من شأنها ان تثري العالم أجمع. (راجع  Bowle 168).
جرياً على الاستلهام التوراتي، وعلى الخريطة الأولى لفلسطين (1878)، حددت مذكرةُ صموئيل حدودَ فلسطين من دان شمالا إلى بير سبع جنوبا، وارتكزت حجتها إلى أن دعم إنشاء «مستعمرة يهودية شرقي السويس… سوف يسمح لبريطانيا بأن تحرم فلسطين على قوى منافسة قد تهدد سيطرتها على قناة السويس انطلاقاَ من الأراضي المذكورة». ( Barr, 32)  ودعت المذكرة إلى أن يُسمَح للحكم البريطاني في فلسطين بأن «يعطي تسهيلات للمنظمات اليهودية في شراء الأراضي وإنشاء المستوطنات وتنظيم الهجرة والمساعدة على التطور الاقتصادي، بما يمكّن اليهود من أن يصبحوا أكثرية في البلاد». (الشريف، أيار 2016).
لم تلقَ مذكرة صموئيل من يؤيدها داخل الحكومة، باستثناء لويد- جورج. عارضها إدوارد غراي، وزير الخارجية، ولم يتحمّس آسكويث لها الذي علّق قائلا إن لويد- جورج هو الوزير الوحيد الذي أيّد المذكرة لا لأنه يكترث قيد شعرة لليهود، ماضيهم أو مستقبلهم، لكن لأنه يستفظع ترك الأماكن المقدسة في يد «فرنسا المتشككة والمُلحدة، أو تحت حمايتها»(Lewi, 2009: 84). مهما يكن من مقدار الصحة والدقة في تفسير آسكويث لدوافع لويد- جورج، يجدر التذكير بأن مكتب المحاماة التابع له «جورج، روبرتس وشركاؤهما» كان وكيل الدفاع عن مشروع الدولة اليهودية في أوغاندا.
لكن أبرز معارضة لمذكرة صموئيل، جاءت من نسيبه إدوين مونتاغيو، مستشار دوقية لانكستر(1). كتب مونتاغيو، وهو من دعاة اندماج اليهود في المجتمع البريطاني، في تعليقه على المذكرة مستخفاً بأهمية فلسطين في حماية مصر، مشيراً إلى أن المنطقة المهمة لبريطانيا هي بلاد الرافدين، ومضيفا أنه لا يتصور أن اليهود سوف يعملون بالزراعة أو الرعي في فلسطين أصلا. على أن النقطة الأهم في مداخلة مونتاغيو هي نفيه أن اليهود يشكلون شعبا أو أمة، وتأكيده على أن قيام دولة يهودية في فلسطين سوف يهدّد مصير جميع اليهود خارجها. (Schneer, 146) .عدّل صموئيل من مذكرته بعض الشيء فاخذ يتحدث في الجلسات الحكومية عن إنشاء «كومنولث» – وهو تعبير عتيق يحتمل عدة معان: جماعة ذات مصالح مشتركة، كيان حكم ذاتي، دولة، الخ – وعن مساواة العرب باليهود، مضيفاً أن موضوع الدولة لن يطرح إلا بعد أن يتم استيطان عشرات الألوف من اليهود في فلسطين.
من كان ميالاً إلى فكرة وطن قومي لليهود من السياسيين البريطانيين في تلك الأيام كان لا يزال يناصر مشروع ثيودور هرتزل بانشاء مستعمرة يهودية في أوغاندا. ومعروف أن معارضة حاييم وايزمان لذلك المشروع، وتركيزه على فلسطين بصفتها «أرض الميعاد»، من بين عوامل صعوده في الحركة الصهيونية.
«إعلان بلفور» أم «إعلان سايكس»؟
قليلاً ما يذكر أن أبرز العاملين على استصدار إعلان بلفور هو مارك سايكس. يسمّيه ڤيريتي «مهندس إعلان بلفور» ويزيد: «مع شيء من التشديد وبعض المبالغة ربما نستطيع الحديث عن إعلان سايكس». (Vereté, 66).
تجدد البحث في موضوع الدولة اليهودية في نهاية العام 1916 مع مجيء لويد- جورج إلى رئاسة الحكومة وآرثر بلفور إلى وزارة الخارجية. وكان لويد- جورج اتخذ قراره باحتلال فلسطين فيما بدأت الجيوش البريطانية تطهير سيناء من الأتراك في تشرين الثاني/نوفمبر من ذلك العام. (بار، 34ـ35). في مطلع العام 1915، انطلقت الحملة التركية بقيادة جمال باشا، الآمر على سوريا وقائد الجيش التركي الرابع، الذي أقسم وهو يغادر لتسلّم مهمته الجديدة، بأنه لن يعود إلى اسطنبول إلا بعد دخول القاهرة. بمعاونة من قائد الأركان الألماني كريس ڤون كريسنستاين، شنّت القوات التركية هجومها الأول لاحتلال القناة مطلع1915، فحشدت القواتُ البريطانية لمواجهتها وحداتٍ هندية وأسترالية بقيادة الجنرال موراي وأفشلت الهجوم الأول. وكان آخر هجوم للقوات التركية في صيف 1916 بعده، اضطرت إلى التراجع أمام الهجوم المضاد للقوات البريطانية التي بدأت تطهير سيناء من الأتراك في تشرين الثاني/نوفمبر 1916 ووصلت إلى العريش في كانون الأول/ديسمبر 1916 ما شكّل خاتمة الوجود التركي في سيناء. وكانت الدبلوماسية البريطانية قد أخذت الموافقة الفرنسية على العملية العسكرية البريطانية في فلسطين، والافتراض أنها سوف تتم تحت سقف إدارة دولية لفلسطين كما في اتفاق سايكس- بيكو.  وتشير كافة الدلائل إلى العلاقة الوثيقة بين نمو الاهتمام الرسمي البريطاني بالسيطرة على فلسطين وتوطين اليهود فيها وتصاعد العمليات العسكرية على جبهة السويس.
باشر سايكس محادثاته مع القادة الصهاينة في ربيع العام 1916، بعيد توقيع اتفاق سايكس – بيكو، علماً أن الاتفاق لم يأت على ذكر أي مصالح لليهود في فلسطين. عُقِد أول اتصال له مع  اللجنة السياسية للمنظمة الصهيونية، في تشرين الأول/أكتوبر من العام وإتفق فيه على الآتي:1) إنشاء شركة يهودية مأذونة لها حق استخدام ما يمنحها إياه التاج البريطاني في فلسطين؛2) بسبب قلة عدد السكان المحليين وفقرهم وضعف تربيتهم على التقدم السريع، لا بد من إدخال عنصر جديد وتقدمي عليهم [هو العنصر اليهودي] مع حماية حقوق «الأقليات» [والسؤال هو: من هم الأقليات في هذه الحالة؟]؛3) الاعتراف بقومية يهودية منفصلة في فلسطين ومشاركة اليهود في الحكم الذاتي المحلي، وتوليهم الحكم الذاتي اليهودي في الشؤون اليهودية؛4) الاعتراف بمؤسسات الاستيطان اليهودية في فلسطين وتكريسها (John, 11). لم يصل هذا الاقتراح إلى أعمال الحكومة في ظل رئاسة آسكويث.
(1) منصب وزاري بريطاني، يقع من ضمن صلاحيات المستشار إدارة الممتلكات الملكية في دوقية لانكستر. تقع صلاحية تعيين لمستشار لدى الملك/ة بناء على نصيحة من رئيس الوزراء. وهو عادة ما يخدم بما هو وزير من دون حقيبة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟     فواز طرابلسي Empty
مُساهمةموضوع: رد: إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟ فواز طرابلسي   إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟     فواز طرابلسي Emptyالإثنين 12 فبراير 2018, 8:03 pm

[size=30]الحكومة البريطانية والاتحاد الصهيوني: تاريخ التواطؤ المعلن

إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟

فواز طرابلسي

[/size]


Nov 04, 2017

إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟     فواز طرابلسي 04qpt998

مطلع العام 1917، تحولت محادثات التعاون البريطاني مع القادة الصهاينة بشأن فلسطين إلى محادثات رسمية. عيّن لويد – جورج سايكس مفوضا سياسيا مع المسؤولين الصهيونيين بعد ترقّيته إلى عضو في سكرتاريا «حكومة الحرب» ومسؤول عن شؤون الشرق. وسوف تتميز تلك الأشهر بكثافة من الاتصالات، تتسارع على وقع التطورات العسكرية على محور سيناء- فلسطين. في 28 كانون الثاني/يناير التقى سايكس بوايزمان وقد بات نظيره في المفاوضات. دعم وايزمان مشروع السيادة البريطانية على فلسطين وفضّلوه على السيادة الفرنسية عليها (Schneer,189). ولكن عندما سُئِل سايكس ما إذا كانت بريطانيا قد وعدت فرنسا بحصة أو دور ما في فلسطين، نفي أي وعد وأخفى عن الوفد اتفاق سايكس- بيكو مثلما أخفى إمكان أن تكون مراسلات ماكماهون مع الشريف حسين قد تضمنت وعدا بضم فلسطين أو أجزاء منها إلى الدولة العربية.
من جهة أخرى سعى سايكس لتجنيد الصهاينة على أمل إقناع فرنسا بالتنازل عن فلسطين. جمع جورج- بيكو وسوكولوف في منزله بلندن، وعندما سأل الدبلوماسي الفرنسي سوكولوف كيف ينوي اليهود تنظيم أنفسهم كأمّة، أجابه المسؤول الصهيوني بإستلهام سوابق استيطان البيض في المستعمرات: الفرنسيين والبريطانيين في كندا أو الـ»بوير» في جنوب أفريقيا. لم يَرد ذكر العرب عند سوكولوف أو عند بيكو في ذلك الاجتماع. ولما طرح سوكولوف الموضوع مباشرة معربا عن رغبة المنظمة الصهيونية في سيادة بريطانية على فلسطين، أجابه بيكو بأن « 95٪ من الشعب الفرنسي يؤيدون بشدة ضم فلسطين إلى فرنسا». في لقاء ثانٍ رفض سوكولوف إعطاء العرب حقوقا متساوية لليهود في فلسطين ردا على سؤال من بيكو (شنير، 189-201). عند هذا الحد توقفت محاولة من محاولات سايكس انتراع فلسطين من فرنسا عن طريق الوطن القومي اليهودي.
لم يكن يحتاج الأمر إلى كثير من التبحّر لاكتشاف أن انعقاد العلاقة الصهيونية البريطانية تم على أساس قوة استعمارية، من جهة، ومشروع نقل المستوطنين، من جهة أخرى، تحت وطأة الحرب في سيناء. هربرت سيديبوثام، الصحافي في «مانشستر غارديان» جاء إلى الصهيونية انطلاقا من مصلحة بريطانيا الاستعمارية ومن دافع تحقيق الانتصار للحلفاء. كتب يدعو بريطانيا إلى «حماية مواقعها في مصر، وفي القناة خصوصا، وعدم الاكتفاء باحتلال سيناء بل احتلال فلسطين كلها، بحيث لن يعود أحد يهدد مصالح بريطانيا في تلك المنطقة ولا حتى فرنسا». ومن جهة أخرى، أهاب سيديبوثام باليهود أن يسيطروا على فلسطين، «لا لأنها وطنهم التاريخي ولا لأن العالم مَدين لهم بذلك تعويضا عن إساءاته السابقة… وإنما لأن اليهود، هم أولاً تحت الحماية البريطانية بما هم مستعمرة من مستعمرات التاج البريطاني برتبة «دومِنيون»، مستعمرة سوف تشكل موقعا متقدما للحضارة التقدمية في المنطقة وقلعة لدعم بريطانيا فيها. وسوف يضمن اليهود أمن القناة [قناة السويس] لبريطانيا». (Schneer, 206)

النزاع بين الاندماجيين و»رابطة أبناء العم»
على أن العقبة الأكبر أمام مشروع الوطن القومي اليهودي جاءت من داخل يهود بريطانيا ومن صفوف السياسيين اليهود أنفسهم. 
مطلع القرن العشرين كان الصهاينة يشكلون قلة قليلة في أوساط يهود بريطانيا البالغ عددهم لا أكثر من 300 ألف نسمة، والصراع محتدم على تمثيلهم وعلى الموقف من الوطن القومي بين صهاينة وما يمكن تسميتهم بالاندماجيين. أبرز الاندماجيين كلود لوسيان وولف، الصحافي في «جويش كرونيكل» واللاجئ السياسي إلى بريطانيا من النمسا بعد إخفاق ثورات 1848 وكان معروفا بعدائه الشديد للنظام القيصري الروسي واهتمامه بمصير اليهود الروس اللاجئين من مجازره بحقهم. وكان وولف من أقسى نقاد الحركة الصهيونية البريطانية منذ تأسيسها باسم «الاتحاد الصهيوني في المملكة المتحدة وإرلندة» في مانشستر العام 1899، يتهم القومية اليهودية بأنها «رجعية» ويعارض مشروع الوطن القومي اليهودي في فلسطين. وكان وولف يرأس «الرابطة الانكلو- يهودية» The Anglo-Jewish Association ، وهي جمعية تضامن يهودية تأسست العام 1871، وتضم عددا من رجال الأعمال، وعضوا في «اللجنة الجامعة لمجلس النواب البريطانيين اليهود مع الرابطة الأنكلو- يهودي». و»مجلس النواب البريطانيين اليهود» الذي تأسس العام 1879كان حينها برئاسة اللورد لوسيان مونتفيوري المعادي هو أيضا للصهيونية. 
في مقاله مشتركة مع كلود مونتيفيوري في «ذي فورتنايتلي رِڤيو»The Fortnightly Review وأخرى في «ذي إدينبرا رِڤيو» The Edinburgh Review (تشرين الثاني/نوفمير 1916 ونيسان/أبريل1917) أثار وولف سؤالا سوف تترجع أصداؤه إلى أيامنا هذه هو مسألة الولاء الوطني المزدوج لليهود: كيف يمكن لامرئ أن ينتمي إلى أمتين في آن معاً؟ وعلّق الكاتبان اليهوديان على رغبة الصهاينة بإجلاء اليهود من أوروبا بأنه لا عجب أن جميع المعادين للسامية متحمسون للصهيونية. وأخيرا أثارت المقالتان موضوع مصير سكان فلسطين وانحياز الصهيونية ضدهم. (شنير،307) 
لم يقتصر الأمر على ذلك وانما كان الاندماجيون يمثلون الجسم الأكبر من يهود بريطانيا. في لقاء بين «اللجنة المشتركة لمجلس النواب البريطانيين اليهود والرابطة الانكلو-يهودية» وكبار المسؤولين البريطانيين وعلى رأسهم لويد- جورج وآرثر بلفور، شدد لوسيان وولف أن الرابطة تنطق باسم كافة الجماعات اليهودية في بريطانيا والإمبراطورية البريطانية وهي تضم 159 جمعية وتشمل معظم المعابد اليهودية في المملكة ولها عضوية كبيرة، بمن فيهم نحو 40 ألف عضو في منطقة «الإيست أند» وحدها، وهي إحدى الضواحي العمالية الفقيرة بلندن، عدا عن عضوية قسم كبير من الجاليات اليهودية غير البريطانية في بريطانيا. (Schneer, 305). بصدد موضوع الوطن القومي، أبلغت «اللجنة المشتركة» أنها مستعدة للموافقة على مقدار من الحكم الذاتي لليهود في فلسطين بشرط تخلي الاتحاد الصهيوني عن المطالبة بدولة يهودية حصرية في برنامجه.

يهود معارضون للصهيونية
في 17 أيار/مايو 1917 أصدر مونتفيويري ووولف بيانا أدانا فيه النظرة الصهيونية إلى الجاليات اليهودية عبر العالم على أنها «قومية بلا وطن، عاجزة عن التماهي الاجتماعي والسياسي مع الأمم التي تسكنها». وعارض البيان اقتراح الصهاينة «منح المستوطنين اليهود في فلسطين حقوقاً خاصة تتجاوز ما يتمتع به سائر السكان وتكريس تلك الحقوق في وثيقة تتولى إدارتها «شركة استعمار يهودية مأذونة Jewish CharteredCompany». (Schneer, 309)
وبعد أسبوع من ذلك، استنكرت «اللجنة المشتركة» الاتصالات المتزايدة بين الاتحاد الصهيوني والحكومة البريطانية، في بيان نشر في جريدة «التايمز» اللندنية، يحاجج أن انشاء وطن قومي لليهود في فلسطين يجعل اليهود في سائر العالم «غرباء في بلادهم الأصلية». أثار البيان رد فعل غاضب من روثتشايلد ووايزمان وكبير الحاخامين هرتس، رغم صلة الأخير الوثيقة بوولف وسعيه للعب دور الوسيط بين التيارين اليهوديين، فتقدموا باقتراح إلى «مجلس النواب البريطانيين اليهود» ليتخذ موقفا من البيان، فأدين البيان بنسبة 61 صوتا مقابل 56 صوتا وامتناع 6 أصوات.
على الطرف الآخر ضم الفريق الصهيوني الذي يقوده وايزمان موزس غاستر، اللغوي الروماني الأصل، وحاخام الطائفة الاسبانية والبرتغالية (السيفارديم) وأحد مؤسسي الاتحاد الصهيوني البريطاني؛ ول. ج. غُرينبُرغ، رجل الأعمال الثري وأحد مؤسسي الأسبوعية اليهودية «جويش كرونيكل» الذي لم يكن على علاقة ود مع وايزمان لكونه أكثر تطرفاً منه، يعارضه لاكتفائه بالمطالبة بوطن قومي يهودي لا بدولة يهودية، ولقبوله اقتصار الوطن القومي على فلسطين الغربية دون الضفة الشرقية لنهر الأردن. ومن أعضاء فريق وايزمان الاقربين س. ي. سكوت، رئيس تحرير جريدة «مانشستر غارديان»؛ والمحامي هاري ساشر، المستشار القانوني للمنظمة الصهيونية وعضو لجنتها التنفيذية. في خلاصة الأمر اعتمد وايزمان اجتماعيا على جيل جديد من رجال الأعمال اليهود الصاعدين والأقل ثباتا في المجتمع البريطاني قياساً إلى أسر الارستقراطية المالية أو السياسية والإدارية العريقة التي تضم آل روثتشايلد ومونتيفيوري وموكالاتا وكوهين وغولدسميث وصموئيل ومونتاغيو. هذا مع العلم أن آل روثتشايلد كانوا معادين للصهيونية إلى حين مجيء اللورد إدوين. في المقابل، أبرز الأسر البرجوازية الصاعدة التي اعتمد عليها وايزمان هي آل سِيف وماركس وسبنسر وساشر وصموئيل، وبينهم أصحاب شركة «متاجر ماركس آند سبنسر»، وقد عرفوا باسم «رابطة أبناء العمومة والخؤولة the cousinhood « لعلاقات القربى والمصاهرة بينهم ( سايمون ماركس متزوج من شقيقة إسرائيل سيف؛ وهاري ساشر وإسرائيل سِيف متزوجان من شقيقتي سايمون ماركس، الخ.).

مسار صياغة الإعلان
في 15 حزيران/يونيو 1917 أرسلت الخارجية البريطانية مذكرة إلى لورد روثتشايلد وحاييم وايزمان تطالبهما بتقديم مقترح بشأن الوطن القومي اليهودي في فلسطين. وقد شارك عديدون في صياغة مسودة أشهر الرسائل في تاريخ الدبلوماسية البريطانية الحديثة. 
نشب النزاع على الصيغة بين صهيونيين واندماجيين. عرضت أول صيغة على الحكومة في 18 تموز/يوليو1917. صاغها سوكولوف، وينسب إليه نحت مصطلح «الوطن القومي اليهودي»، وتعلن المسودة «اعتراف بريطانيا بفلسطين بما هي الوطن القومي للشعب اليهودي» وتتعهد بتأسيس «شركة استعمار قومية يهودية مأذونة» فيها، بالتعاون مع المنظمة الصهيونية وتسمح بهجرة اليهود إلى فلسطين بحرّية والعيش في ظل حكم ذاتي كما تسمح بالتنمية الاقتصادية للبلد. 
تحفّظ سايكس وسير رونالد غراهام، مساعد وزير الخارجية، على الصيغة على اعتبارها طويلة. فقدّم هاري ساشر صيغة بديلة نصت على الآتي: 
«1 ـ إن حكومة جلالة الملك توافق على مبدأ أن يعاد تكوين فلسطين لتصير الوطن القومي للشعب اليهودي؛2. سوف تبذل حكومة جلالته أفضل مساعيها لتأمين تحقيق هذا الهدف وسوف تتباحث مع المنظمة الصهيونية في الوسائل والأدوات اللازمة لذلك». 
حظيت الصيغة بموافقة سايكس وغراهام فأرسلها ساشر إلى لورد روثتشايلد الذي نقلها بدوره إلى بلفور. (شنير،335). تحفظت عدة دوائر بريطانية رسمية على الصيغة. دعا سير ألفرد ميلنر، الوزير في حكومة الحرب، إلى حذف «إعادة تكوين فلسطين» وإسقاط الإشارة إلى المنظمة الصهيونية. فعدّل النص بناء عليه. على أن أبرز المعارضين كان لورد مونتاغيو الذي عارض الرسالة بالجملة وردّ على المسودة بمذكرة، مؤرخة في23آب/أغسطس 1917، عنوانها «العداء للسامية في الحكومة الحاضرة».

(1)كانت حكومة الحرب مكونة الى جانب لويد-جورج وبلفور، من آٰندرو بونر لو، تنانئيل كرزُن، والفرد ميلر، وآرثر هندرسون، ترأس موريس هانكي سكرتيرية الحكومة التي كانت تضم مارك سايكس وليوبولد آمري. 
(2)أستخدم مصطلح «استعمار» هنا بدلا من «استيطاني» لأن ذلك النمط من الشركات لم يكن يقتصر على نقل المستوطنين الأوروبيين إلى المستعمرات وإنما كانت شركات مجازة بمرسوم ملكي لشراء الأراضي والتوظيفات المالية واستغلال الموارد الطبيعية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟     فواز طرابلسي Empty
مُساهمةموضوع: رد: إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟ فواز طرابلسي   إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟     فواز طرابلسي Emptyالإثنين 12 فبراير 2018, 8:07 pm

[size=30]قراءة بديلة لرسالة بلفور

إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟

فواز طرابلسي

[/size]


Nov 25, 2017

إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟     فواز طرابلسي 25qpt998

والآن لنلقِ نظرة متفحصة على نص الإعلان في حصيلة كل التعديلات والتدقيقات التي أجريت عليه.
«وزارة الخارجية
         في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 1917
         اللورد روثتشايلد العزيز،
         ببالغ السرور أنقل اليك بإسم حكومة صاحب الجلالة الإعلانَ التالي عن التعاطف مع التطلعات اليهودية الصهيونية الذي عرض على الحكومة ووافقتْ عليه.
تؤيد حكومة صاحب الجلالة [views with favour] إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وسوف تسعى وسعها لتسهيل تحقيق هذا الهدف. وليكن مفهوماً بوضوح انه لن يبادَر إلى أي شيء يسيء إلى الحقوق المدنية والدينية للجماعات غير اليهودية في فلسطين، أو إلى الحقوق أو الموقع السياسي التي يتمتع بهما اليهود في أي بلد آخر».
                  سوف أكون ممتناً لو نقلتَ هذا الإعلان إلى الاتحاد الصهيوني.
                  بإخلاص،
                  آرثر جيمس بلفور»
غالبا ما قرئ الإعلان من زاوية ضيقة تشدد على الوعد بالدولة اليهودية، على حساب ما بدا حينها الأهم وهو نزع حق الشعب الفلسطيني في الدولة والاستقلال وتقرير المصير على أرضه. بناء عليه يمكن إعادة قراءة مدققة للإعلان ومحاولة التمييز بين الهدف والوسيلة فيه وبين الرئيسي والثانوي.
من أجل تثبيت الحق البريطاني في استعمار فلسطين، اقتضى الأمر أن تنصّ الرسالة ابتداءً على حرمان عرب فلسطين من صفة الشعب ومن كونهم يشكلون أمة (أو أنهم ينتمون إلى أمة كالأمة السورية أو الأمة العربية) وحرمانهم بالتالي من الحق في تقرير المصير، أي في إقامة دولة مستقلة خاصة بهم.
وقد تمت عملية نزع صفة الشعب عن عرب فلسطين وحرمانهم الحق في تقرير المصير بالاستبدال. فمُنِح اليهود، وعددهم في فلسطين لا يتجاوز الستين ألفاً، صفة الشعب، وما يستتبعه من الحق في إقامة دولة قومية لهم (دولة-أمّة) على الغرار السائد في أوروبا؛ هي بالإضافة لذلك دولة مفتوحة أمام كل من يرغب من يهود العالم في الهجرة إلى فلسطين؛ وحرم، في الآن ذاته، أكثر من 700 ألف عربي من الحق في تقرير المصير وبناء الدولة القومية.
ولتأكيد ذلك، كان لا بد من تعريف هوية سكان فلسطين التعريف الديني- الإثني وتوزيعهم بين «الشعب اليهودي» و«الجماعات غير اليهودية». فإذا التعهد بعدم إساءة إنشاء «الوطن القومي اليهودي» إلى الحقوق «المدنية والدينية» للجماعات غير اليهودية يزيد في الطين بلّة. فبدل أن يقدم أي ضمانة للحقوق الفلسطينية العربية، يكرّس اقتصار حقوقهم، بما هم مسلمون ومسيحيون، على الحقوق الدينية والمدنية وحدها، أي انه ـ التعهد – يكرر حرمان عرب فلسطين من الاعتراف بهم كشعب وحرمانهم بالتالي من حقوقهم القومية والسياسية في بناء دولة والاستقلال وتقرير المصير أو إدارة شؤونهم بأنفسهم بل يحرمهم حتى من حقهم في التمثيل السياسي والمشاركة السياسية في حكم البلاد.
من هنا فعدم ذكر «دولة يهودية» بدل «الوطن القومي اليهودي» في رسالة اللورد بلفور لم يكن فقط من قبيل التورية لعدم ذكر «دولة»، قدر ما كان للتأكيد بأن فلسطين سوف تكون «دولة بريطانية»، قبل أي شيء آخر، تماماً كما فهم جورج- بيكو عندما حدّثه سايكس بأمر منح اليهود وطن قومي في فلسطين، قبل ذلك بعامين.
لم تغب هذه الاعتبارات الرئيسية عن عدد كبير من الذين درسوا إعلان بلفور. نلقاها عند ستاين (1965) وڤارتيتيه (1970) وشنير (2010) وصولا إلى جيمس بار (2011) ويوجين روغان (2015).  لم يخلط أي من هؤلاء بين الوسيلة والهدف. يقول جيمس بار: «لاستبعاد احتمال أن تمارس فرنسا الضغط لصالح إدارة دولية لفلسطين عند احتلال هذه الأخيرة، قررت الحكومة البريطانية إعلان دعمها للصهيونية» (بار،56). ويشير ماير ڤيريتي إلى أن الرسالة التي وقّعها بلفور هي من صنع من كانت تحركهم الرغبة في استثناء فرنسا من حكم فلسطين. ويبدأ يوجين روغان، في كتابه «نهاية العثمانيين» (2015) بتعداد الأسباب التقليدية المألوفة لإعلان بلفور، كمن يمارس طقساً إلزامياً ممّلاً: إقناع ولسن بدخول الحرب، إقناع روسيا الثورة بالبقاء في الحرب، ورغبة البريطانيين في تعديل اتفاقية سايكس -بيكو وقد أعطوا فيها للفرنسيين أكثر مما يستحقون، إلخ.. لكنه لا يلبث أن يقلب المحاجة رأسا على عقب ليخلص إلى أنه «في الظاهر، بدا أن اللورد بلفور كان يقّدم فلسطين للحركة الصهيونية، في الحقيقة، كانت حكومة لويد ـ جورج تستخدم الصهاينة من أجل تأمين الحكم البريطاني لفلسطين» (Regan 350).
وكم هو معبّر أن تكون منظمة ماتسبن الإسرائيلية، المعادية للصهيونية، قد وصفت إعلان بلفور منذ الستينات بأنه «عقد الزواج الذي به زُفٌّت الصهيونية إلى الاستعمار».

إعلان بلفور يطيح سايكس ـ بيكو
مع اقتراب نهاية الحرب، بات لويد – جورج يتحدث من موقع الشريك الاستعماري الأقوى. فبريطانيا هي التي قادت عمليا قوى «التحالف» وهي التي قدمت فيها العدد الأكبر من الضحايا. فهي التي هزمت حملة جمال باشا لاحتلال قناة السويس، إضافة إلى أن قواتها باتت تحتّل كامل فلسطين. وخسرت فرنسا مطالبتها بالإدارة المشتركة لفلسطين بانسحاب روسيا من الحرب، قبل أن يقضي الاحتلال العسكري البريطاني عليه. وفوق هذا كله، كان لسان حال لويد ـ جورج أن بريطانيا هزمت السلطنة العثمانية منفردة «فيتوجب عليها أن تنتزع حصة الأسد من الغنائم» (Barr, 64).
   في شباط/فبراير 1918 رضخت فرنسا للأمر الواقع وأيّدت إعلان بلفور بعد أن كانت القوات البريطانية قد سيطرت عمليا على كامل فلسطين. وبناء على هذا الانقلاب في موازين القوى وبالنظر إلى التفاوت الكبير في المساهمة الحربية للحليفين، أمكن لويد ـ جورج أن ينتزع من كليمنصو فلسطين والموصل معاً في حوار شديد الدلالة جرى في السفارة الفرنسية بلندن عشية مؤتمر السلام في كانون الثاني/يناير 1919:
«كليمنصو: حسناَ، ما الذي سوف نناقشه؟
لويد ـ جورج: بلاد ما بين النهرين وفلسطين.
ـ قل لي ماذا تريد؟
ـ أريد الموصل.
ـ سوف تكون لك… أي شيء آخر؟
ـ نعم. أريد القدس أيضا.
سوف تكون لك، قال كليمنصو مجددا (Barr, 71-72).
وكان الجيش البريطاني قد احتل بغداد نهاية العام 1917 ودخل كركوك بعد استسلام الجيش التركي في صيف1918. ونصح أمين سر الحكومة موريس هانكي رئيسَه باحتلال الموصل التي أشارت تقارير إلى احتوائها احتياطيا كبيرا من النفط قد يكون الأكبر عالميا. فأمر لويد – جورج باحتلال المدينة في تشرين الأول/أكتوبر 1919 وكانت لا تزال بيد الأتراك فاحتلت القوات البريطانية المدينة في تشرين الثاني/نوفمبر من العام ذاته (Barr, 66-67).
 رفض الضابط التركي التوقيع على تسليم الموصل للقوات البريطانية، لوجود مطالبة تركية بالمدينة الشمالية استمرت إلى حين قيام الدولة التركية الحديثة ولم يتخلّ كمال اتاتورك عن اللواء العثماني السابق إلا في العام 1926.
هكذا افتتح الحديث المقتضب بين زعيمي الحلفاء التعديلات الجذرية التي تجرى على اتفاق سايكس – بيكو والتي سوف يزيد عليها ويستكملها مؤتمر السلام واتفاقات ما بعد الحرب بحيث لم يبقَ منه شيء تقريبا.
مراجع

Avidan,  Natan, Britain, Israel and Anglo-Jewry, 1948-1967, 2004.
Barr, J., A Line in the Sand. Britain, France and the Struggle that Shaped the Middle East, London and New York, 2011
John, Bowle, Viscount Samuel, A Biography, 1957.
Cloarrec, Vincent, La France et la Qustion de Syrie, 1914-1918, 1998.
Fromkin, D., A Peace to end all Peace. Creating the Modern Middle East 1914- 1922, London, 1989
John, Robert, ‘Behind the Balfour Declaration. Britain’s Great War Pledge to Lord Rothschild’, Institute for Historical Research, May 15, 2016.
Mansfield, P., A History of the Middle East, Third Edition, London, 2010
Rogan, E., The Fall of the Ottomans, The Great War in the Middle East, London, 2015
Schneer, Jonathan, The Balfour Declaration. The Origins of the Arab-Israeli  Conflict, New York, Random House, 2010.
Vereté, M., ‘The Balfour Delaration and its Makers’, Middle Eastern Studies, 6 (1) January 1970
ماهر الشريف، «اتفافية سايكس – بيكو وعلاقاتها بوعد بلفور»، موقع حزب الشعب الفلسطيني الالكتروني، الثلاثاء 10 أيار 2016.)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟     فواز طرابلسي Empty
مُساهمةموضوع: رد: إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟ فواز طرابلسي   إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟     فواز طرابلسي Emptyالإثنين 12 فبراير 2018, 8:09 pm

تعليق



عزيزي الدكتور فواز اقول كنا ننتظر وصفا للغابة فاذا بنا ننظر الى وصف اشجار وشجيرات عديدة ومعروفه وبعضها لا يتسق اصلا مع بعضها الاخر,ولم نرى غاية الوسيلة وهي في عنوان المقال
اذا يصح الحديث عن بؤرة او مركز ثقل للمقالة بعد كل الصور والمشاهد التي تنتقل من بغداد الى الموصل والقدس وقناة السويس فهي “ويد ـ جورج تستخدم الصهاينة من أجل تأمين الحكم البريطاني لفلسطين” ,وهذا كلام لا تسنده اي ادلة تاريخية ولا توثيقية ولا حتى ادعائية على الاطلاق. اصلا النصف الجنوبي من فلسطين كان اصلا في المنطقة “ب” البريطانية من سايكس بيكو. وبعد خروج روسيا من الاتفاقية بقت المنطقة الدولية بين بريطانيا وفرنسا. فهل كان الصراع بين الدولتين بهذه الحدة والضخامة بحيث تطلب الامر وعد بلفور لتامين الجانب البريطاني؟؟اصلا الدكتور فواز يجيب على هذا التساؤل بنفسه عندما يشرح انه في شربة قهوة في السفارة الفرنسية في لندن اخذ لويد جورج كل ما يريده من كليمنصو. ولو اغمضنا اعيننا وقلنا نعم بلفور كان لتامين “الحكم البريطاني” (كما يقتبس الدكتور من ريغان)فسنقع في اشكالات هائلة مثل:
1-كيف نفسر عبارة ” وسوف تسعى وسعها لتسهيل تحقيق هذا الهدف ” الواردة في نص الوعد ؟اي ان الحكم البريطاني بسعيه لاقامة وطن-امة فهو يسعى لتقويض نفسه !
2-هل كان التهديد للحكم البريطاني في فلسطين بهذا الهول واكثر من يلاد الرافدين ومصر بحيث تطلبت امرتامينه اقامة وطن بل وامة جديدة؟؟
3-الهيمنة البريطانية اصلا كانت بحكم المضمونة والمحمية من الجانب العربي الهاشمي وجيش لورنس العربي ومن بعد تشكيل امارة شرق الاردن التي اعطت استقرارا كبيرا للحكم الريطاني. فمم تخاف الامبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس هنا وفي فلسطين القليلة السكان؟
في الثلاثينات من القرن الماضي كتب جورج انطونيوس, وهو اصلا من الحاشية الهاشمية, وبوسائل معرفية بدائية لا ترتقي ابدا الى ما هو متوفر الان حيث قال: “اي كان عملهم (يقصد الحلفاء) هذا صدى لا شعوريا لمعاداة بالميرستون فكرة قيام دولة عربية مستقرة على الطريق البري الذاهب الى الهند” اظن ان الصدى كان “شعوريا” وبامتيازوليس لا شعوريا.
اما اقتباس قول ماتسبن عن “عقد الزواج” فهو للاسف غير كامل اولا وثانيا كان محل نقد من عضو ماتسبن العربي والمؤسس المرحوم جبرا نيقولا. لانه لا يجيب عن ماهية الهدف الكولونيالي الذي لا امن له الا ببلقور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
إعلان بلفور: وعدٌ أم وسيلة؟ فواز طرابلسي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: بلادنا فلسطين-
انتقل الى: