قراءة وإضاءة حول المعيار الشرعي رقم (4) بشأن المقاصة
1. معيار المقاصة من المعايير المعدلة في نسخة المعايير الصادرة في عام 2015. وقد جاء إحصاء التعديلات من قبل شركة رقابة في «تقرير مقارنة المعايير الشرعية» على النحو الآتي: « نسبة 62% إعادة صياغة لغوية، ونسبة 38% إضافة أو حذف لبعض فقرات/ جمل/ كلمات، ولم توجد تعديلات تنسيق فقرات».
والتعديلات التي تتضمن الإضافة والحذف تعود في النهاية إلى تحسين الصياغة.
2. يتناول المعيار الأحكام الشرعية لانقضاء الالتزام بالدين عن طريق المقاصة. ولا يتناول انقضاء الالتزام عن طريق الحوالة، والإبراء، والصلح، عن الدين، والظفر بالحق، والإقالة، لأن لها معايير خاصة.
3. ويتكون المعيار من 6 فقرات: نطاق المعيار، تعريف المقاصة وأنواعها، المواعدة على إجراء المقاصة، التطبيقات المعاصرة للمقاصة، المقايضة النقدية، تاريخ إصدار المعيار. ويضاف إلى ذلك مستند الأحكام الشرعية والتعريفات.
4. القراءة: تعريف المقاصة: «إسقاط دين مطلوب لشخص من مدينه في مقابلة دين مطلوب من ذلك الشخص لمدينه». والمقاصة نوعان: المقاصة الوجوبية، والمقاصة الاتفاقية.
5. المقاصة الوجوبية: تقع جبرًا أو وجوبًا في حق الطرفين أو في حق أحدهما/ وهي نوعان أيضًا جبرية وطلبية.
6. المقاصة الجبرية: هي سقوط الدينين تلقائيًا دون طلب أو توقف على تراضي الطرفين أو رضا أحدهما. ويفهم من الشروط أنها تقع بين طرفين كل منهما دائن للآخر ومدين له، والدينان متساويان في الجنس والنوع والصفة. وتقع مع تفاوت الدينين في القدر المشترك بنيهما.
7. المقاصة الطلبية: هي سقوط الدينين بطلب صاحب الحق الأفضل وتنازله عما تميز به حقه، سواء رضي صاحب الحق الأدنى أم أبى. والدين الأفضل الموثق برهن أو كفالة أو أجله أقصر، أو حالاً. ويفهم من الشروط أنها تقع بين طرفين كل منهما دائن للآخر ومدين له، والدينان متماثلان في الجنس والنوع لا في الصفة والقدر. وفي حال التفاوت في القدر تقع في القدر المشترك فقط.
8. المقاصة الاتفاقية: هي سقوط الدينين بتراضي الطرفين على انقضاء الالتزام فيما بينهما. وتجوز مع اختلاف الجنس والنوع والصفة والأجل والقدر حيث تقع في القدر المشترك فقط. ويفهم من الشروط أنها تقع بني طرفين كل منهما دائن للآخر ومدين له.
9. المواعدة على إجراء المقاصة: تجوز المواعدة على إجراء المقاصة فيما ينشأ من ديون في المستقبل، وإذا كان الدينان بعملتين مختلفتين، فتكون المواعدة على إجراء المقاصة بسعر الصرف السائد عند وقوع المقاصة، منعًا للتواطؤ على الربا.
10. التطبيقات المعاصرة للمقاصة: اشتراط المقاصة في الديون الناشئة بين المؤسسة والعميل عن البيوع الآجلة (set-off and consolidation)، والمقاصة بين المؤسسة القابلة للشيك، والجهة الدافعة له عن طريق غرفة المقاصة، والمقاصة بين المؤسسات المالية عن طريق الشبكات المحلية والعالمية التابعة للمنظمات الراعية لبطاقات الائتمان وغيرها.
11. المقايضة النقدية swap: لا تجوز، لأنها مقاصة بين الفوائد الربوية لسندات بفائدة مع سندات بفائدة.
12. الإضاءة: المشترك في المقاصة بجميع أنواعها على النحو الآتي:
أ)تتم بين طرفين كل دائنٌ للآخر ومدين له.
ب)تقع في القدر المشترك في حال تفاوت الدينين في القدر.
ج)ألا يترتب عليها محظور شرعي مثل الربا، وشبهة الربا.
د) إن كان الدينان بعملتين مختلفتين فتتم المقاصة بسعر الصرف السائد عند وقوع المقاصة.
13. والمختلف في المقاصة تبعًا لأنواعها على النحو الآتي:
أ) الدينان في المقاصة الجبرية متساويان جنسًا ونوعًا، وصفة، وحلولاً أو تأجيلاً. (مثل أن يكون كل من الدينين بالذهب عيار 24 لتاريخ استحقاق واحد).
ب) الدينان في المقاصة الطلبية متماثلان جنسًا ونوعًا لا في الصفة والأجل. (مثل أن يكون كل من الدينين بالذهب لكن الأول عيار 24 والثاني عيار 21 ويستحق الأول بعد شهر والثاني بعد شهرين).
14. تابع المختلف في المقاصة: ج) المقاصة الاتفاقية تجوز مع اختلاف الجنس والنوع والصفة والأجل بين الدينين. (مثل أن يكون أحد الدينين بالدينار الأردني وهو موثق برهن، والثاني قمحًا والأول يستحق بعد شهر والثاني بعد شهرين). د) يشترط في المقاصة الجبرية، ألا يتعلق بأحد الدينين حق للغير؛ مثل حق المرتهن. (ولم يذكر المعيار هذا الشرط في المقاصة الطلبية، أو الاتفاقية رغم مناسبته).
15. تتحدد ماهية الدين، بالجنس، والنوع، والصفة، والحلول والتأجيل، والقدر. وجاء في بند التعريفات أن الصفة «ما يميز الشيء عن غيره من الجنس نفسه كالجودة والرداءة أو التوثيق بالرهن أو الكفالة وخطاب الضمان وحجز الرصيد»، وأن الدين الحال ما يجب أداؤه فورًا أو عند طلب الدائن، والدين المؤجل ما كان أداؤه مستحقًا في وقت معين في المستقبل. وأهمل المعيار بيان الجنس والنوع.
16.إذا اجتهدنا فإن المقصود بالجنس؛ فهو أن يكون الدين ذهبًا أو فضة أو قمحًا أو شعيرًا أو ملحًا أو تمرًا، أو إلخ فكل واحدة مما سبق جنس أو صنف كما في باب الربا. أما المقصود بالنوع فيحتمل أن يكون المقصود به جنس العملات، أو جنس السلع، فقد يكون الدين عملات، وقد يكون سلعًا وقد يكون منافع، أو حقوق، فكل مما سبق نوع، ويكون لدينا في كل نوع أجناس متعددة ففي العملات لدينا الدراهم والدنانير والريال السعودي والدولار الأمريكي إلخ، وفي السلع لدينا القمح والشعير إلخ، وفي المنافع لدينا منافع الأشخاص ومنافع الأعيان إلخ. وهذا مجرد اجتهاد ومن الملائم أن يوضحه المعيار.
17.المعيار في صورته المعدلة لم يحقق الاختصار والوضوح المنشود، فالتعريف الرئيس غامض، وكرر المعيار الشروط رغم اشتراك أغلبها بين جميع الأنواع، وأهمل بعض التعريفات رغم أهميتها، وخلا عن الأمثلة رغم الحاجة إليها في إيضاح المعيار وتقريب فهمه إلى مؤسسات الصناعة المالية الإسلامية