التربية والتعليم: وزراء وإنجازات محدودة (1 - 4)
د. ذوقان عبيدات
استهلال..
هذه دراسة تاريخية لتوثيق مسيرة وزارة التربية وإنجازاتها عبر تاريخها منذ سنة 1921. جاءت الدراسة التي ستنشر في أربع حلقات شاملة لمعلومات موثقة في بعضها، ومعلومات عايشتها في بعضها. ومعلومات أكدت دقتها من خلال التواصل مع بعض الوزراء.
-كان هدف الدراسة تسجيل إنجازات وزارة التربية لا تقييم الوزراء. -إن بعض الإنجازات نضجت في عهد وزير ما. لكن التخطيط لها كان سابقا لهذا العهد، ولذلك تم تسجيلها وقت إعلانها. -وترون أيضًا أن الوزارة مرّت بعهود كلها إنجاز وعهود كانت راكدة.
-وكأي دراسة تاريخية، فقد تنقصها بعض المعلومات، او حتى بعض الدقة. فالدراسات التاريخية "كائن حي" نام تتطور وتتكامل وتتعدل على ضوء أية معلومات جديدة. ولذلك يرحب كاتب هذه الدراسة بأية تغذية راجعة.
-وترون تفاوت إنجازات الوزراء حسب متغيرات عديدة. فبعضهم كان ذا رؤية، وبعضهم كان مجرد مدير للعمل اليومي. وبعضهم مرّ بسرعة لم تسمح له بالتفكير بإنجازات. وليس هناك أعذار لغير هؤلاء.
-ومن المفزع حقا أن نرى أن معظم الإنجازات كانت في عهود وزراء غير مختصين في التربية، بل شخصيات عامة غير مختصة، لا تملك خبرات متخصصة ولو محدودة في التربية.
-وربما عادت خبراتهم إلى ذكرياتهم حين كانوا طلاباً أو ممّا سمعوه من أبنائهم وأحفادهم. بينما كانت إنجازات الوزراء التربويين محدودة تمامًا.. فالإنجازات الواضحة سجلت بأسماء مضر بدران، عبدالسلام المجالي، عبدالرؤوف الروابدة، خالد طوقان، وعمر الرزاز, وليس باسم أحد من التربويين ممن لم يمتلكوا رؤية أو رسالة.
تشير سجلات ووثائق وزارة التربية والتعليم أن أول من حمل لقب وزير تربية (معارف) كان مظهر بك أرسلان في 11/4/1921 ثم تعاقب على الوزارة 104 وزراء حتى الآن. مع ملاحظة أن بعضهم قد تكرر استلامه للوزارة أكثر من مرة.
وعند تحليل التواريخ والأسماء من وجهة نظر شخصية مستندة إلى معلومات يمكن إبراز ما يأتي:
1-كان معدل استلام الوزير لحقيبته أقل من سنة. وكان أكثر الوزراء تكرارا ذوقان الهنداوي، حيث استلم الوزارة إحدى عشرة مرة . كان أولها 1965 وآخرها 1991 وعمل وزيرا للتربية مددًا وصلت إلى اثني عشر عاما. وأقل الوزراء مدة ابراهيم الصايل مدة عشرة أيام من 16/9/1975 وحتى 26/9/1970.
2-استلم الوزارة اثنا عشر وزيرا يحملون لقب سماحة الشيخ حكموا مدة 129 شهرا، أي ما يعادل 11 سنة تقريبا كان أولهم سماحة الشيخ أحمد السقاف في 6/12/1939 وآخرهم سماحة الشيخ ابراهيم القطان في 27/1/1962 ولم يصل أي سماحة –رسمي- وزارة التربية بعد ذلك التاريخ.
3-استلم من الأخوان المسلمين، أو ممن جاء من خلفية إخوانية سبعة وزراء حكموا 152 شهرا أي ما يقارب ثلاث عشرة سنة. كان أولهم د. اسحق الفرحان سنة 1970. وآخرهم د. عبدالله العكايلة سنة 1990. اضافة الى د. عزت جرادات 1999.
هذا لا يعني عدم وجود وزراء آخرين "أخونوا الوزارة" من غير هؤلاء. فوزارة التربية والتعليم حكمت من الاخوان بشكل كامل، فأمين عام الوزارة –والمديرون العامون في جميع دوائر المملكة كانوا من الإخوان في الفترة (1980 – 1984) وفي عهد وزير غير إخواني. وكان هذا الوضع سببا في إبعادهم جميعا سنة 1986 في عهد عبدالوهاب المجالي.
كما أن من المهم أن نعي أن بعض الوزراء الذين جاءوا من خلفية إخوانية لم يكونوا مهتمين بجماعة الإخوان أو ثقافتهم. وعلى العكس فقد كان عهد الروابدة التربوي الأكثر انفتاحا وحداثة. على الرغم من أن أمين عام الوزارة في عهده حرم معلمة من وسام المعلم لأنه سمعها تطالب بالاختلاط عبر اذاعة BBC سنة 1965 !
4-استلم الوزارة من القوميين أو ممن كان لهم انتماء رسمي أربعة وزراء حكموا ما يقارب خمسة عشر عاما. كان اولهم الاستاذ ذوقان الهنداوي الذي عمل وزيرا أحد عشر مرة. كان أولها 1965 آخرها 1995. هؤلاء من كانوا بحدود معرفة الكاتب.
مع ملاحظة أن بعض هؤلاء لم يحكموا الوزارة إلاّ بعد أن تخلوا عن انتمائهم الحزبي، باستثناء شفيق ارشيدات وعبدالحليم النمر، فقد كانا يمثلان حزبيهما.
5-استلم الوزارة ممن يحملون درجة الدكتوراة في التربية ثمانية وزراء تكرّر بعضهم مرتين مثل د. محمد حمدان و د. تيسير النعيمي، وقد عبر معظمهم دون عودة ودون ترك آثارا مهمة. وكان أول وزير يحمل دكتوراة في التربية اسحق الفرحان سنة 1970 وآخرهم تيسير النعيمي سنة 2011.
وكان أول وزير يحمل درجة أستاذ دكتور سعيد التل سنة 1980 ومن الجدير بالذكر أن مدة حكم التربويين كان 14.6 عام حيث يمكن القول إنها أطول الفترات، بسب تعدد أشخاصهم فهم ثمانية أشخاص، في حين كان القوميون أربعة أشخاص، حكم أحدهم وحده 12 سنة.
وسأتحدث من وجهة نظر معايشتي لهؤلاء عن ندرة إنجازاتهم وربما عن غياب إنجاز معظمهم.
6- استلم الوزارة عدد ممن يحملون لقب سيد ثمانية وخمسين وزيراً، كان أولهم السيد مظهر بك أرسلان سنة 1921، وآخرهم السيد ذوقان الهنداوي سنة 1991.
ومنذ ذلك الحين لم يحصل أي "سيد" على وزارة التربية باستثناء عبد الرؤوف الروابدة الذي لُقب بالأستاذ سنة 1995 وعلى أية حال كان الروابدة آخر غير "الدكاترة" حيث سلمت الوزارة إلى من يحملون لقب الدكتوراة. علماً بأن أطول فترة حكم، كانت لمن يحملون لقب السيد.
7-استلم الوزارة 28 وزيراً يحملون درجة الدكتوراة أو لقب دكتور. كان أولهم د. اسحق الفرحان سنة 1970، وآخرهم .. عزمي محافظة سنة 2018.
كان من الدكاترة: ثمانية وزراء من التربويين، أما العشرون الباقون فكان منهم: طبيبان وحملة دكتوراة من غير التربية. وكانت مدة حكم " الدكاترة غير التربويين" ما يقارب عشرين عاماً. وهي الفترة الأطول في التاريخ التربوي.
وكان أكثر " الدكاترة غير التربويين" حكماً هو د. خالد طوقان مدة 7 سنوات، يليه د. محمد ذنيبات 3.6 سنة و د. عبد السلام المجالي 3 سنوات. وأقلهم حكماً د. خالد الكركي ثلاثة أشهر.
8-ولمقارنة عهد التربويين بغيرهم من الدكاترة فقد كان عمر الوزير غير التربوي أكبر بكثير من عمر الوزير التربوي فالوزراء غير التربويين من الدكاترة عبد السلام المجالي، وخالد طوقان ومحمد ذنيبات حكموا ثلاثة عشر عاما ونصف. والوزراء التربويون الأطول مدة: سعيد التل واسحق الفرحان ومنذر المصري حكموا ثمانية أعوام تقريبا.
أي أن عمر الوزير أو مدة ولايته في الوزارة ممن يحملون دكتوراة – غير تربوية- كان أطول من عمر الوزير التربوي.
مع ملاحظة أن معدل فترة الوزير التربوي يعادل فترة الوزير غير التربوي. وذلك لأن كثيرا من غير التربويين كانوا يتعرضون لتعديلات وزارية سريعة مثل: د عيد دحيات 5 أشهر. د. وجيه عويس 5 أشهر. د. محمد الوحش 5 أشهر. د. خالد الكركي 3 أشهر. د. فايز سعودي 6 أشهر.
لو حذفنا هذه الأسماء من الوزراء غير التربويين. لكان معدل الوزير غير التربوي يعادل 24 شهرا أي أنه أكثر قدرة على الحفاظ على مركزه ممن يحملون دكتوراة التربية. ولهذا دلالات قد تتعلق بالإنجاز أو بعوامل أخرى!!
- ويلاحظ أيضا أن عددا من وزراء التربية من غير التربويين صاروا رؤساء للوزارة هم : مضر بدران، عبدالسلام المجالي، عدنان بدران، عبدالرؤوف الروابدة، عمر الرزاز.
يلاحظ أن جميع الوزراء الذين صاروا رؤساء ليسوا من المختصين في التربية. باستثناء د. عبدالله النسور الذي شغل منصب وزير التربية مدة أربعة أشهر فقط. فهل في هذا دلالات؟
9-كان أطول فترة الوزراء حكما هو د. خالد طوقان مدة 7 سنوات متتالية ودفعة واحدة. أما أكثر المرات التي تكرر فيها وزير فكانت أحدى عشرة مرة لذوقان الهنداوي الذي حكم مدة 12 سنة بمعدل سنة واحدة في كل مرة.
هذه بعض ملاحظات على الأرقام وحاولت أن لا أقدم استنتاجات أو تدخلات . أرجو المعذرة لأي أخطاء قد تكون بها. فمراجعي كانت وثائق رسمية من مواقع رسمية وشهادات شخصية.. اما موضوع المقالة التالية فسيكون عن إنجازات هؤلاء الوزراء وإخفاقاتهم
التربية والتعليم: وزراء وإنجازات محدودة (2 - 4)
يتحدد موضوع هذه المقالة بما أنجزه وزراء التربية والتعليم أكثر ممّا فعلوه. فكل إنسان يعمل ولكن ليس كل إنسان ينجز، وبعض الوزراء بل غالبيتهم مرّوا مرورا كريما أو غير كريم بآثار محدودة أو دون أثر أو بأثر سلبي. ولذلك ستتركز هذه المقالة على ما أحدثه الوزراء من آثار ايجابية واضحة تتعلق بالتغيرات أو الإصلاحات على مستوى التشريع أو الإصلاح بحيث سنجيب على السؤال: ما الذي غيّره الوزراء؟
وسأحدد بعض المعايير التي سيتم الحديث بموجبها: - تغيير في التشريعات التربوية. - تغيير في السلم التعليمي. - تغيير في شكل الدراسة "السنة الدراسية". - تغيير في الأدوات "الحاسوب". - تغيير في المناهج ومجالات التعليم. - تغيير في التدريب. - تغيير في الإشراف التربوي. - تغيير في امتحان التوجيهي. - تغييرات متفرقة.
ويهمني أن أسجل هنا بعض الملاحظات: ليس كل التغييرات إيجابية. 1- بعض التغييرات هي تطور طبيعي للحياة. 2- لا ترتبط كل التغييرات بالوزير مباشرة. ولكن نظام الإدارة عندنا يربط أي إنجاز بعهد الوزير أو بالوزير نفسه. وفيما يأتي تفصيل لأبرز التغييرات مع ربطها بالسادة الوزراء.
(1) التشريعات
كان أول تشريع تربوي بصدور قانون 1955 ولو فرضنا أن التفكير في القانون يتطلب وقتا. فإننا نستطيع أن ننسب هذا القانون الى: أنور نسيبة 1954 – 1955،
وقد تم صدور قانون رقم 4 لعام 64 والذي حوى فلسفة التعليم وأهدافها ومراحل التعليم، حيث يمكن نسبة هذا القانون إلى : حسن الكايد 1963، وبشير الصباغ 1964.
وما زال هذا القانون في معظمه ثابتًا حيث جرت تعديلات بسيطة واجرائية عليه، بصدور قانون جديد للتربية تحت رقم 3 لعام 94 في عهد الاستاذ ذوقان الهنداوي وما زال هذا القانون ساري المفعول. وقد اعتبر الجميع أن مجرد صدور قانون هو تطور ايجابي كبير.
(2) السلم التعليمي
بدأ السلم التعليمي منذ بدء التعليم بأحد عشر عامًا. موزعة على ست سنوات ابتدائي وثلاث إعدادي وسنتان ثانويتان ينتهي هذا السلم بتقديم امتحان "المترك" بعد الصف الثاني الثانوي وقد بقي هذا النظام ساريًا حتى عام 1961 حيث أضيفت سنة سُميت بسنة التوجيهي حيث عقد أول امتحان توجيهي عام 1962 وينسب هذا التغيير إلى عهد كل من : سماحة محمد أمين الشنقيطي والسيد رفيق الحسيني.
وفي سنة 1987 قرر أو اوصى مؤتمر التطوير التربوي، أن تكون مرحلة رياض لأطفال جزءا من السلم التعليمي. وأن يكون التعليم الأساسي حتى نهاية الصف العاشر. ويعزى هذا التغيير إلى: الأستاذ ذوقان الهنداوي الذي شغل منصب الوزير في ذلك الوقت
(3) معاهد المعلمين وكليات المجتمع
تم افتتاح معاهد المعلمين منذ خمسينيات القرن الماضي، حيث بدأ معهد إعداد المعلمين في عمان. ثم معهد المعلمين- حوارة وبيت حنينا، حيث تزامن وجود كل من: الشيخ محمد أمين الشنقيطي : وقد عملت هذه المعاهد وزاد انتشارها لتشمل معهد عالية لإعداد المعلمات، ومعهد معلمات رام الله ثم لاحقا معهد عجلون للمعلمات وبقيت هذه المعاهد تعمل حتى سنة 1980، واستبدلت كليات المجتمع بهذه المعاهد بدءًا من تلك السنة وينسب هذا التغيير إلى د. سعيد التل الذي شغل منصب الوزير من الفترة 28/8/1980 – 10/1/1984.
ولست في صدد تقييم هذا التغيير، لكن هناك من رأى أنه كارثي بسبب ضياع هوية المعلم وضعف عمليات إعداد المعلمين إلى الدرجة التي ما زال كثير من المربين يطالبون بإعادة هذه المعاهد لدورها في الإعداد الجيد للمعلمين. بخلاف كليات المجتمع التي وإن كانت ضرورة لكنها قضت نهائيا على إنتاج معلم جيد – سيما وإن معاهد إعداد المعلمين احتضنت برامج تأهيل المعلمين في أثناء الخدمة – قبل أن تنتقل إلى معهد التأهيل ثم الجامعات.
(5) إعداد المعلمين وتأهيلهم
كما قلت سابقا كانت هذه العمليات تتم في معاهد إعداد المعلمين. ولكن عمليات تأهيل المعلمين انفصلت عن معاهد إعداد المعلمين حيث تم تشكيل مركز تأهيل التربوي عام 1971 ، حيث ينسب هذا الإنجاز إلى: د. اسحق الفرحان 28/10/1970 – 26/5/1973. وقد بقي العمل في مركز التأهيل التربوي حتى سنة 1990 وانتقل العمل في تأهيل المعلمين إلى الجامعات الأردنية.
ويروى أن تجاذبات كانت تجري بين وزارة التربية والجامعات حيث طلب وزير التربية سنة 1977 من الجامعة الأردنية تحمل مسؤولية تأهيل المعلمين حيث رفض عميد كلية التربية ذلك بذريعة عدم تخريب الجامعة .
وخلال الفترة ما بين 1980 – 1984 تبادل المسؤولان المواقع. حيث صار سعيد التل وزيرا للتربية وعبدالسلام المجالي رئيسا للجامعة فطلب الوزير من الجامعة تأهيل المعلمين – ورفض رئيسها ذلك لنفس الذريعة!! ولكن بعد نقاشات تحولت عمليات تأهيل المعلمين إلى درجة البكالوريوس في الجامعات الأردنية وذلك سنة 1990.
(6) تطوير الإشراف التربوي
الإشراف هو أداة أولى لتطوير التعليم. فالمشرفون على تماسّ دائم مع المعلمين.
وقد بدأ الإشراف التفتيشي منذ سنة 1916 بزيارة المفتشين للمدارس. وبقي التفتيش سائداً حتى ألغي سنة 1962 في مؤتمر أريحا التربوي. وينسب هذا الإنجاز إلى عهد: بشير الصباغ: 5/11/61 – 27/1/1962، الشيخ ابراهيم القطان: 27/1/1962 – 2/12/62.
وبموجب قرارات مؤتمر أريحا تغير اسم التفتيش الى التوجيه الفني وصار المفتش موجهاً للمعلمين وليس مراقباً أو فاحصاً.
على أن هذه القرارات لم تسهم في إحداث التطوير المنشود, فدعت وزارة التربية إلى أكبر مؤتمر في تاريخها، عقد في شباط 1975 في العقبة في عهد: ذوقان الهنداوي. حيث استبدل الإشراف التربوي بالتوجه الفني. وصار الموجه مشرفاً تربوياً يعني بدعم المعلم من خلال تحليل جميع العوامل المؤثرة على التعليم.
ومنذ ذلك الحين لم يحصل تطورات هامة في هذا المجال على الرغم من ظهور مفاهيم الحملة الإشرافية والإشراف الشامل والتكاملي. ويفي الإشراف على حاله بالرغم من تطوره عالمياً وظهور ما يسمى بالإشراف المعرفي !! وبالرغم من وجود وزير كان مختصًا بالإشراف في عام 1993-1994. وعلى أي حال يحتاج المشرفون التربويون حاليا إلى تدريب لم يحصلوا عليه من عشرين عاما! وقد يكون هذا الموضوع مقالة خاصة قريبا.
(7) اقتصاد المعرفة
بدا التفكير في التوجه نحواقتصاد المعرفة منذ عام 2002 بعد أن تم الحديث عنه في منتدى التعليم في أردن المستقبل الذي عقد 2002. وترجمت توصياته في برنامج ERFkE. وحصل على دعم مالي كبير، واستمر البرنامج حتى عام 2015 وبغض النظر عن نتائجه المحدودة، فإنه أدخل عدداً من المفاهيم الجديدة. وقد تزامنت بداية هذا البرنامج مع عهد د. خالد طوقان: حزيران 2000- تشرين ثاني 2007.
وينسب الى د. طوقان عدد من الإنجازات أهمها: - العناية بتكنولوجيا التعليم، - تدريب المعلمين على مهارات IDCL ، - تزويد المدارس بأجهزة كمبيوتر والانترنت. - بناء نظام رتب المعلمين.
ويجدر القول إن بداية رتب المعلمين كانت في عهد عبد الرؤوف الروابدة 1995-1996, حيث قُدمت أول ورقة حول رتب المعلمين، وبالمناسبة ما زال نظام الرتب في الوزارة لم يحقق أهدافه. ولم يحفز كثيراً من المعلمين. ولم ينشر فكرة إعطاء المعلمين القاباً مهنية مثل خبير، مستشار..... الخ.
( التعليم المهني والمشاريع التربوية بدأ التعليم المهني منذ الخمسينات من القرن الماضي، حيث تم تعريض الطلاب إلى تدريب مهني – نجارة. وتأسيس مدارس تجارية. وذلك بالتزامن مع عهد: انور نسيبة 5/1954 – 28/5/1955، سعيد علاء الدين 30/5/1955 – 14/12/1955، عمر البرغوثي 14/12/1955 – 21/12/1955.
ثم تطور التعليم المهني ليشمل فتح مدارس مهنية متعددة وتأسيس مديرية للتعليم المهني في وزارة التربية 1972 وكان ذلك تزامنا لعهد : د. اسحق الفرحان 28/10/1970 – 26/5/1973.
كما تم تأسيس مديرية للمشاريع التربوية في أكتوبر 1978 بالتزامن مع عهد : د. عبدالسلام المجالي. وتطور التعليم المهني لاحقا وتنوع التعليم إلى مهني وأكاديمي.
(9) المرأة
استلمت المرأة مراكز قيادية في وزارة التربية ، حيث كانت د. لبيبة صلاح مديرة في الوزارة منذ عام 1968 وبقيت فترة طويلة حتى نهاية السبعينات، وكان ذلك في عهد : ، ذوقان الهنداوي، بشير الصباغ، محمد اديب العامري.
أما أول مديرة تربية في الميدان فكانت السيدة وطفة الجابي 1998 حيث كانت مديرة للتعليم الخاص، وذلك في عهد د. منذر المصري. وتشغل المرأة الآن عددا واضحا من المراكز القيادية في الوزارة.
(10) الإصلاحات ذات التأثير القوي
يقصد بالإصلاحات ذات التأثير القوي البرامج والتغييرات الأساسية التي أثرت على شكل الحياة الدراسية وكثير من جوانبها. ومن أبرز هذه الإصلاحات إعطاء المعلمين علاوة فنية 1974 في عهد مضر بدران.
وفي عهد عبدالسلام المجالي 27/11/1976 – 11/12/1979 تم إحداث التغييرات الأساسية الآتية: - إدخال نظام الفصول وتقسيم العام الدراسي إلى فصلين. - السماح للمواطن بالالتحاق في مراكز الدراسة المسائية في أي عمر. - اختصار حجم المناهج والتركيز على أساسيات المنهج بعيدا عن التفاصيل.
وفي عهد عبدالرؤوف الروابدة 8/6/1994 – 8/1/1995 تم إنجاز التوسع في قروض الإسكان للمعلمين. وإعفائهم من أية فوائد. ورفع علاوة المعلمين إلى 100 % وفق نظام تدريجي. كما يذكر لهذا العهد أنه قاد الفكر التربوي في الأردن متخطيًا الجامعات وصارت وزارة التربية تصدر الأفكار التربوية حتى إلى الجامعات.
هذا عرض وصفي لإنجازات وزارة التربية . أما الاستنتاجات والتحليل فسيكون موضوع المقالة التالية.
ولكي أكون أكثر إنصافا، هناك وزراء تربويون سجلوا بعض إنجازات , فعلى الرغم من قصر فترة د فايز السعودي فإنه ترك أثرا مهما في تسمية قاعات الوزارة بأسماء بعض المربين واتجه نحو بناء بنك أسئلة لم يكتمل, كما يذكر للدكتور منذر المصري اهتمامه المتفاني في تطوير التعليم المهني والدكتور عزت جرادات الاهتمام بتدريس اللغة الانجليزية من الصف الأول أساسي على أن هذه الإجراءات لم تستمر.
التربية والتعليم: وزراء وإنجازات محدودة (3 - 4)
تتناول هذه المقالة مرجعيات وزراء التربية أو المؤسسات التي أتوا منها بدءا من العام 1980، حيث جاء أول وزير تربية من الجامعات. وحتى الآن وفيما يأتي بعض التفاصيل.
1-استلم وزارة التربية بدءا من سنة 1980 وحتى الآن 27 وزيرا تكرر بعضهم أكثر من مرة، أي بمعدل 1.2 سنة لكل وزير، ما يشير إلى صعوبة البحث عن إنجازات استراتيجية في مثل هذه المدة. وقد بلغ عدد الوزراء الذين يحملون درجة الدكتوراة 23 وزيرا أي بنسبة 80 % تقريبا. وهذا يعكس مدى إحساس الدولة بأهمية حملة الدكتوراة. مع ملاحظة أن نسبة حملة الدكتوراة من وزراء التربية منذ 5/2/1996 كانت 100 %. فلم يحدث أن استلم وزارة التربية أي وزير لا يحمل الدكتوراة منذ ذلك الحين، وإذا استمر هذا النهج. فإن فرصة من لا يحملون الدكتوراة هي 0 % تماما. وفي هذا إلغاء لفئات كثيرة خاصة من ذوي التجربة والخبرة أو من الشخصيات العامة.
2-كان معظم الوزراء من الجامعات الأردنية حيث استلم 20 وزيرا من المدرسين في الجامعات الأردنية وجميعهم طبعا من حملة الدكتوراة. بينما لم تتح الفرصة إلا لخمسة وزراء من حملة الدكتوراة من خارج الجامعات وهم: د. منذر المصري، د. عزت جرادات، د. محمد جمعة الوحش، د. فايز السعودي، د. عمر الرزاز.
فالجامعات هي المصدر الأول لتزويد وزارة التربية بالوزراء. أما المصدر الثاني، فهو وزارة التربية والتعليم التي قدّمت: د. عزت جردات، د. فايز السعودي. وهذا يعني أن فرص حملة الدكتوراة ممن يعملون في وزارة التربية، وهم الأكثر خدمة وألفة بما يجري في الوزارة لا تزيد عن 5 % علما بأنها تضم أعدادا كثيرة ممن يحملون الدكتوراة داخل الوزارة (المؤهل والخبرة العملية، والقرب من المشكلات). فالدولة إذن تفضل من يحملون المؤهل العلمي دون خبرة وهذا قد يرجع إلى أن، الدولة تفضل رؤية خارجية أو أنها لا تثق كثيرا بمن يعملون في وزارة التربية، علما بأن وزارة التربية والتعليم قد رفدت الدولة – عبر تاريخها – بالقيادات في مختلف أجهزتها.
3-كان معظم الوزراء غير تربويين، بمعنى لا يحملون الدكتوراة في التربية، حيث بلغ عددهم 14 وزيرا. بينما يبلغ عدد الوزراء من حملة الدكتوراة في التربية سبعة وزراء فقط، منهم من الجامعات ثلاثة وزراء هم: د. خالد العمري. د. محمد حمدان،
د. تيسير النعيمي.
ينتسب الوزراء – غير التربويين – إلى تخصصات مختلفة: د. عدنان بدران - علوم بيولوجيا، د. فوزي غرايبة -علوم إدارية، د. خالد طوقان- علوم فيزياء، د. وليد المعاني- طب، د. ابراهيم بدران-اقتصاد، د. خالد الكركي- لغة عربية، د. عيد دحيات-لغة انجليزية، د. وجيه عويس-علوم، . محمد ذنيبات- علوم إدارية، د. عمر الرزاز-اقتصاد، د. عزمي محافظة-طب.
وهذا يعني تنوع الاختصاصات بما يسمح بالقول انه لم يُختر أي وزير منهم بسبب تخصصه العلمي، وقد يخضع اختيارهم إلى معايير المنطقة الجغرافية، فهم من مناطق مختلفة.
4-كانت الجامعة الأردنية أكبر مصدر لتزويد الدولة بوزراء التربية، حيث كان عدد القادمين منها 12 وزيرا من أصل 13 وزيرا. أما بقية الوزراء فكانوا من جامعات مختلفة (خالد العمري- اليرموك، وجيه عويس- العلوم والتكنولوجيا) ويلاحظ عدم وجود أي وزير من جامعة خاصة.
(1)
إنجازات الوزراء والتربويين
نتحدث هنا عن أبرز إنجازات الوزراء التربويين، بدءا من سنة 1980:
-كان أول الوزراء د. نوري شفيق. يعرف عهده بوضع قواعد أخلاقية للسلوك المهني، ونشر الموسيقى في ردهات الوزارة 19/12/79 – 27/8/1980.
-وينسب إلى د. سعيد التل أنه أسس لكليات المجتمع وتوسع في برامجها وحوّل معاهد المعلمين إلى كليات مجتمع 28/8/1980- 10/1/1984. وكان إلغاء معاهد المعلمين نكسة لعمليات إعداد المعلمين من وجهة نظر كثيرين.
كما وضع تنظيما لا مركزيا بحيث حول الأردن إلى خمس دوائر عامة يرأس كل منها مدير عام– وكان جميع المديرين العامين والأمناء العامين في عهده من الإخوان المسلمين باختياره وقراره، وقد ألغيت الدوائر العامة بمجرد ذهابه كما احيلت قيادات الإخوان إلى التقاعد سنة 1985.
- وشغل د. محمد حمدان وزارة التربية مرتين: 7/12/1989 – 18/6/1990 ، 8/12/1998 - 1999، وكان يعمل مديرا للوزارة وفق روتينها المعهود، وتميز عهده بالهدوء والاستقرار ورضى الموظفين عنه فلم يقاعد أحدا.
-وشغل د. خالد العمري الوزارة من 29/5/1993 – 7/6/1994 وكان انجازه تركيزه على جعل المدرسة وحدة إدارية مستقلة يشارك في إدارتها مجلس محلي ولم تطبق هذه الفكرة حتى الآن.
-وشغل د. منذر المصري الوزارة مرتين متتاليتين من 5/2/1996 – 17/12/1998. تميز عهده بالأخلاق الفاضلة واحترام العاملين وكان أكثر اهتماماته بتطوير التعليم المهني.
-وشغل د. عزت جردات الوزارة من نيسان 1999 – 18/6/2000 وفي عهده تقررت فكرة فتح صفوف روضة تمهيدي، انشاء مدارس الملك عبدالله، وكان اهتمامه منصبا على العاملين في الوزارة، حيث تشكلت في عهده ما عُرف بغرفة العمليات التي ضمت عشرات الأشخاص لتجميدهم قبل إحالتهم على التقاعد.
- وشغل د. تيسير النعيمي الوزارة على فترتين: 11/2007 – 6/2009، 1/2011 – 10/2011، واكب عمله برنامج ERFKE أول اقتصاد المعرفة. وقد بدأ هذا البرنامج منذ 2002 واستمر حتى 2015. كما صدر في عهده قانون نقابة المعلمين رقم 14 لعام 2011.
يلاحظ ضعف إنجازات الوزراء التربويين وهنا يتكرر السؤال لماذا كان إنجاز الوزراء التربويين محدودا؟؟ ألا يمتلكون الفكر التربوي؟ أليسوا مختصين؟ وهل عملوا كوزراء أم خبراء؟ ويمكن بضمير مرتاح القول أن عهود الوزراء التربويين خلت من إنجازات مادية ملموسة أو إنجازات فكرية، وباستثناء عهد خالد العمري لم تطرح أية فكرة تربوية بحدود علم الكاتب – وحتى فكرة العمري ليست عجائبية وهي كما قلت جعل المدرسة وحدة مستقلة! ولم تطبق الفكرة حتى الآن!
(2)
إنجازات غير التربويين
سيشمل الحديث هنا أبرز أربعة وزراء من غير التربويين، وممن كان لهم تأثير واضح وأبرزهم:
- شغل الاستاذ عبد الرؤوف الروابدة وزارة التربية فترتين متتاليتين من 8/6/1994 ولغاية 4/2/1996 وينسب لعهده، اهتمامه بزيادة علاوات المعلمين وتطوير إسكان المعلمين، وجعل القروض دون فوائد. كما كان يشجع الفكر التربوي والذي تفوقت فيه الوزارة على الجامعات. كما يعتبر أول من فكر في رتب المعلمين.
-وشغل د. خالد طوقان الوزارة لمدة 7 سنوات متتالية في الفترة ما بين 5/2000 – 10/2007 وكانت من أكثر الفترات ازدهارا حيث سجل الانجازات الآتية:
• إعداد مشروع ERFKE في اقتصاد المعرفة. • إعداد نظام رقم 61 لعام 2002 الخاص برتب المعلمين . • ادماج التكنولوجيا في التعليم. • تزويد المدارس بأجهزة كمبيوتر وربطها بالإنترنت. • إعداد مناهج جديدة 2005 وما تزال حتى الآن. ولعل أكثر إنجازاته أهمية هي إدماج مهارات التفكير الناقد إلى كتب الصفوف الثلاثة الأولى.
-وشغل د. محمد ذنيبات وزارة التربية مدة أربع سنوات في الفترة ما بين 5/2013 – 1/2017 وكان اهتمامه منصبا على ضبط امتحان التوجيهي، ووضع كتب مدرسية جديدة جدلية تغيرت ثلاث مرات، وتعرضت لنقد من جهات متعددة.
-وشغل د. عمر الرزاز الوزارة مدة سنة ونصف تقريبا في الفترة ما بين 1/2017 – حزيران 2018. وكانت هذه الفترة ذهبية أو ماسية بالنسبة للتربية، حيث نجح في تطوير قواعد امتحان التوجيهي، والاهتمام بالأنشطة المدرسية وأثار ارتياح المواطنين تجاه امتحان التوجيهي، وبذا أزال أكثر التوترات في المجتمع حيث يرى كثيرون أن نجاحه التربوي قاده إلى الرئاسة.
أما باقي الوزراء فكانت فتراتهم قصيرة، ويؤخذ عليهم أنهم عملوا في إدارة العمل اليومي وتسييره دون أية تجديدات مؤثرة.
التربية والتعليم: وزراء وإنجازات محدودة (4 - 4)
عرضنا في المقالة الأولى تاريخ وزراء التربية والتعليم الذين تولوا مهمة قيادة التربية منذ نشأة الدولة وحتى الآن، مع وضع بعض الدلالات حول مؤهلاتهم ومدد مسؤولياتهم. وفي المقالة الثانية ربطنا الإنجازات التربوية بأسماء الوزراء الذين تزامن وجودهم مع هذه الإنجازات.
أما هدف هذه المقالة فهو الوصول إلى استنتاجات ودروس، لعل هناك من يسمع.
1 - إن بعض الانجازات تمت “تزامنا” مع وجود عهد وزير ما، وهذا لا يعني إنها إنجاز له ولكن على الأقل تمت في عهده، ولم يعطلها. فهناك الكثير من الوزراء والمسؤولين لا يقبلون أفكار غيرهم. ويريدون إنجازًا خالصًا من أفكارهم, وهناك عشرات الأدلة لوزراء أوقفوا مشروعات كانت موجودة قبلهم. كما أن هناك أدلة عديدة على وزراء ألغوا إنجازات ومشروعات سبقت وجودهم. ومن امثلة ذلك عدة قرارات لعمل امتحان للمرحلة الإعدادية وعدة قرارات بإلغائه. كما أن هناك عشرات التنظيمات الإدارية للوزارة قام بإلغائها وزراء لمجرد صدورها في غير عهودهم، أو –ربما – لأن لديهم وجهات نظر مختلفة، أو حتى لأنها غير منطقية.
2 - إن كثيرًا من الإنجازات كانت تطورات طبيعية نتيجة ظروف موضوعية، وليست أفكارا أو خططا لوزراء، ومن أمثلة ذلك كل التطورات الكمية في مجال أعداد المدارس والمعلمين والطلبة وتنويع التعليم، واجراءات التسرب والرسوب وفيما يتعلق بالكفاءة الداخلية، حيث لم تشمل الدراسة مثل هذه الاهتمامات، مع أن هناك برامج لليونسكو تعلقت بالتعليم للجميع وزيادة نسب الالتحاق وغير ذلك.
3 -إن إنجازات بعض وزراء التربية كانت مفاجئة وقوية قادتهم مباشرة الى رئاسة الوزراء، فالسيد مضر بدران، انتقل مباشرة من التربية إلى الرئاسة وذلك بسبب نجاحه الباهر في قيادة الوزارة، واهتمامه بالمعلمين ومعالجة آثار تركها من سبقوه، ولا ينسى معلم ان مضر بدران كان أول من دعا إلى علاوة المعلمين ونجح في ذلك. طبعا لا يمكن القول أن نجاحه في التربية كان سببا وحيدًا لتشكيل حكومته.
وكذلك د. عمر الرزاز فقد اشتهر بإنجازات تربوية عميقة الدلالة قادته إلى رئاسة الوزراء، حيث اعطى درسًا أن بإمكان الشخص العاقل أن يحقق إنجازات دون ضجيج، ودون مقاومة باسلة من أعداء التغيير.
4 -وهناك وزراء تربية آخرون ساهمت نجاحاتهم في الوزارة بوصولهم الى منصب رئاسة الحكومة، مثل: عبدالرؤوف الروابدة، ففي عهده في التربية، كانت الوزارة شعلة من النشاط والأفكار، ووضع كتابًا بعنوان “التربية والمستقبل” اشتمل على أكثر الأفكار التربوية حداثة. ونحن هنا لسنا بصدد تعداد إنجازاته، لكن كانت إنجازاته التربوية رصيدًا له في رئاسة الوزارة. على الرغم من تعامله مع قيادة جامدة، لم تحافظ على مستوى إنجازاته بعد تركه للوزارة.
5 - الدكتور عبدالسلام المجالي، وهو أكثر من أوجد إنجازات ملموسة في التربية، استلم رئاسة الوزارة بعد تركه لوزارة التربية حيث مرَ إلى رئاسة الجامعة أولاً، فهو من وضع نظام الفصول وتوسع دون عقد في بعثات الدكتوراة وفتح أبواب الدراسة لمن ضاقت بهم السبل.
ومن الجدير بالذكر، إن هؤلاء الوزراء الأربعة: بدران، المجالي، الروابدة والرزاز لم يكونوا من التربويين إطلاقًا. ولم يأت أي منهم من مؤسسة تربوية أو تخصص تربوي! وهنا تثور اسئلة لم أجد جوابًا لها:
- هل نجاح غير التربويين كان بسبب بعدهم عن الجو أو البيئة التربوية في وزارة التربية؟ أم بسبب كفاءتهم العامة؟ وهم بلاشك مختلفون عن وزراء تربويين وغير تربويين من حيث الشخصية والفاعلية.
- لماذا لم يقدم أي وزير تربوي، أي نموذج إصلاحي أو مهني قاده ليكون شخصية عامة بعد تركه لمنصب وزارة التربية؟
- أين اختفى معظم وزراء التربية– وخاصة التربويون؟ ولماذا لم نسمع أي إسهام عن العديد منهم، ولو بمقالة في صحيفة؟ أو محاضرة عامة؟
- هل يكون التخصص في التربية عائقا لوزير التربية؟
6 -هناك وزراء تربية، اختفوا من المجتمع بعد تركهم الوزارة، أو على الأقل اختفوا عن التأثير في المجتمع. مع أن الدولة رحيمة بأبنائها. لقد أسهم بعض وزراء التربية من التربويين في تجريف الوزارة من قياداتها:
• في سنة 1990 حدثت المجزرة الأولى. • في سنة 1991 حدثت المجزرة الثانية. • في سنة 1999 حدثت مجازر أخرى.
وليست صدفة أن هذه المجازر كانت بفعل تربويين، أو ليس غريبًا أن يشكو د. الرزاز من عدم وجود قيادي واحد في وزارة التربية؟ وبالمناسبة، لم يعمد الوزراء – غير التربويين – إلى التخلص من أي قيادي في الوزارة!! فلم يرو احد أن الرزاز تخلص من أحد، مع أنه حقق أكثر الإنجازات.
7 -وقد يقول قائل: لماذا لم تتحدث عن د. عدنان بدران ود. عبدالله النسور، اللذين وصلا لمنصب رئيس الوزارة؟ وجوابي، إن فترة إقامتهما في الوزارة لم تتجاوز أربعة إلى خمسة شهور، وليس لهما إنجازات تربوية بحكم قصر المدة، واعتقد ان ليس لدورهما في وزارة التربية تأثير على وصولهما للرئاسة.
فالدكتور بدران طوّر خبرته في اليونسكو. والدكتور النسور طوّر خبرته في مجالات متعددة.
8 - هذا عن الإنجازات. فماذا عمّن مروا دون أثر كعدد كبير من الوزراء التربويين وغير التربويين؟ إن هذه الاسئلة تقود إلى الاستنتاجات الآتية:
- قد يكون الوزير –غير المختص – أكثر قدرة على رؤية الموقف بشمول وبحيادية أكثر.
- لم يعرف عن الوزراء الناجحين من غير التربويين أي اهتمام بالتفاصيل. فقد كانوا وزراء قواعد ومبادئ وأطر عامة وسياسات. وهذه مهمة الوزير.
- أهتم الوزراء التربويون – بعضهم – بأمور أقل من أن تشغل بال موظف صغير، فما بالك بوزير يرفض أربع صيغ لبطاقة دعوة عادية، ليعدّل عليها ويعيدها ثانية؟. أو من وزير جامعي كان يتحدث في الاجتماع، ويطلب من الحضور كتابة ما يقول خوفًا من النسيان؟
9 - ولحسن حظ الوزارة أن استلمها د. عمر الرزاز بعد أربع سنوات عجاف، وربما عشر سنوات لم تشهد فيها الوزارة أية إنجازات تذكر. لقد تمكّن الرزاز من تطوير شكلي في امتحان التوجيهي، دون أن يصل إلى جوهر الامتحان أو التعليم، ولكن يحسب له أنه عمل بهدوء، واعاد وزارة التربية إلى مكانها ومكانتها دون خسائر في الأرواح.
ألخص فأقول: تطور التعليم بمقدار يفوق الجهد الذي بذله الوزراء، أو على الرغم من محاولة بعضهم في إعاقته. ومن يعمل أو عمل مقدار ذرة – في الوزارة – خيرًا فإنه يلقى ذلك في دعم المجتمع. لاحظوا أنني لم اتحدث عمن ساهموا في تدمير قيم التعليم!