المخيم الفلسطيني.. بين اليأس والاحباط والهجرة والموت
محمد دهشة
توترت الأنباء عن غرق قارب بين ليبيا وايطاليا على متنه لاجئون فلسطينيون من مخيمات لبنان، هو ليس الأول.. وعلى الأكيد لن يكون الاخير، "كارثة انسانية" جديدة بعنوان مختلف حلت بنا وبمن قرر الرحيل عبر الجو والبر والبحر، ما زال مصير هؤلاء مجهولا وأخبارهم مفقودة ومتضاربة، تابع أبناء المخيمات بقلق وحزن قضيتهم، إستنفرت اللجان الشعبية، دقت ناقوس الخطر من تداعيات الفقر والحرمان.. ومن قرار اميركي بحصار سياسي ومالي على وكالة "الاونروا"، هو الاخطر في المرحلة المقبلة والمؤشرات لا تبشر بالخير..
عين الحلوة، لا شيء يشي بالتغيير، الناس تعيش في نفق مظلم، في مرحلة انتظار قاتل، وسط "الأمن المفقود" والفقر والبطالة والمرضى والموت بصمت والمعاناة وانعدام الامل، تمضي الايام وتكبر المؤامرة، وتزاد المأساة، تصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة.
يبحث الميسورين وهم قلة عن شراء جوازات سفر، علها تبدل معاملاتهم السيئة، وتفتح امامهم ابواب الدول العربية والغربية الموصدة لا لسبب فقط لانهم لاجئون ويحملون وثائق سفر، بينما الاخرون وهم الاكثرية، يبحثون عن بلد يقبل لجوئهم، ورحيلهم عن لبنان الذين عاشوا سبعة عقود فيه، وهم محرومون من الحقوق المدنية والانسانية والاجتماعية، يعبرون البحار ويخاطرون بحياتهم من اجل فرصة لحياة افضل بكرامة وحرية، فيما البعض الثالث اختصر الطريق وقرر البقاء وهو يمسك بيده الجمر والنار، لا مكان له تحت الشمس سوى العودة الى فلسطين.
ثلاثية الناس في المخيم الفلسطيني الذي ما زال يرمز الى نكبة فلسطين والتمسك بحق العودة، وصلت الى حد اليأس والاحباط، في العمل كما في الطبابة والاستشفاء والتعليم والتربية، والادهى في المنازل المتداعية التي تنهار بين الحين والاخر فوق رؤوس قاطنيها، وفي "الامن المفقود" والمربعات الامنية، فالناس في واد والمسؤولون في واد آخر، الاغلبية الساحقة لا يعيشون فيه ولا يدركون مدى المعاناة، يسمعون عنها، وكأنهم لم يسمعوا، المشكلة تفوق قدرتهم على المعالجة، في مختلف نواحي الحياة.
هذا المخيم الفلسطيني الذي يجمع التناقضات، ما زال الكبار من جيل النكبة، يستعيدون ذكرياتهم في فلسطين، رحلت أجساد بعضهم وبقيت وصاياهم خالدة في الحفاظ على مفاتيح المنازل القديمة وصكوك الملكية، كأن فيها اشارة العودة في حين، فلنحافظ على "الوصايا" ولا نجعل من صم الاذان، وعدم الاكتراث سببا للرحيل الى المجهول، فلنتحرك نحو "خطة نجاة" طارئة، تنقذ الارواح من الموت وتوفر لجيل الشباب فرص العمل والحياة بحرية وكرامة بعيدا عن ذل السؤال والخيارات المرة