[rtl]
كيف دمّرت "إسرائيل" اقتصاد غزة بشكل ممنهج؟[/rtl]
سلطت صحيفة الباييس الاسبانية الضوء في تقرير لها على الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي وصل إليها قطاع غزة بسبب سياسة ممنهجة فرضها الاحتلال الإسرائيلي.
وكشفت الصحيفة تفاصيل الخطة الإسرائيلية لتدمير اقتصاد غزة وجعله يعتمد فقط على الإعانات الخارجية وكيف أثرت في قرارات ترامب وخاصة فيما يتعلق بقطع المساعدات عن الأونروا.
"البوصلة" رصدت التقرير الذي ترجمته صحيفة "عربي21" ولأهيمته نضعه بين يدي قرائنا.
إلباييس: هكذا دمرت إسرائيل اقتصاد غزة بشكل ممنهج
حذرت صحيفة "الباييس" الإسبانية، في تقرير لها، من انفجار الأوضاع في قطاع غزة الفلسطيني، مشيرة إلى الظروف البائسة التي يعيش فيها سكان قطاع غزة بسبب الحصار المفروض عليهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وقال الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن إسرائيل قد دمرت اقتصاد المنطقة بشكل ممنهج بهدف جعلها تعتمد بشكل كامل على الإعانات الخارجية. وعلى ما يبدو بدأت إدارة ترامب باتخاذ الإجراءات اللازمة. فبعد عدة أشهر من التهديدات المستمرة بقطع المساعدات التي تقدمها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، قررت إدارة ترامب في النهاية تقليص نسبة المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة بشكل كبير، والتي تجاوزت قيمتها حوالي 350 مليون دولار خلال سنة 2017.
ومن المتوقع أن تنعكس نتائج هذا القرار المتهور خاصة على المخيمات الفلسطينية، حيث من الممكن أن تضطر الأونروا إلى تقليص نسبة الخدمات التي تقدمها منذ سنة 1950 إلى اللاجئين. وعلى الرغم من أن ذلك سيؤثر على جميع المناطق التي تعمل فيها هذه المنظمة، (أي في كل من الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة)، إلا أن قطاع غزة سيكون المتضرر الرئيسي من هذا القرار نظرا لأنه أكثر عرضة للخطر نتيجة الحصار القاسي الذي يعاني منه سكان المنطقة منذ أكثر من عقد من الزمن.
وأضاف الكاتب أن المفوض العام للأونروا، بيير كرينبول قد وصف الوضع البائس في غزة "بالقنبلة الموقوتة". وتجدر الإشارة إلى أنه في هذا الشريط الصغير المطل على البحر المتوسط، الذي يمسح بالكاد 365 كيلومترا مربعا، يتكدس أكثر من مليوني شخص (70 بالمائة منهم من اللاجئين)، مما جعلها ثالث أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم بعد سنغافورة وهونغ كونغ على الرغم من اختلاف معايير الحياة.
وأورد الكاتب أنه، منذ سنة 2007 شنت إسرائيل ثلاث حملات عسكرية على قطاع غزة، لعل أبرزها ما يعرف باسم عملية "الرصاص المصبوب" خلال سنة 2008، إلى جانب عملية "عامود السحاب" خلال سنة 2012، فضلا عما يعرف بعملية "الجرف الصامد" التي شنتها القوات الإسرائيلية على القطاع خلال سنة 2014. في المقابل، كانت تكلفة هذا النزاع باهظة من الناحية الإنسانية وساهمت في تأجيج المزيد من المشاكل داخل القطاع.
وبين الكاتب أنه على الرغم من أن القانون الدولي ينص على ضرورة أن تضمن قوات الاحتلال حق الصحة والتعليم والعمل ومستوى عيش ملائم، إلا أن الحقيقة تشير إلى عكس ذلك حيث يعيش سكان غزة في الوقت الراهن في وضع بائس للغاية. وعموما، يعتمد حوالي 80 بالمائة من السكان على المساعدات الإنسانية، ويعيش 47 بالمائة منهم تحت خط الفقر، في حين أن 41 بالمائة منهم عاطلين عن العمل.
وأبرز الكاتب أنه وفقا للتقرير الذي نشرته منظمة الأمم المتحدة قبل خمس سنوات، "لن يتمكن الناس من السكن في قطاع غزة بحلول سنة 2020 ما لم يطرأ أي تغيير على الوضع الحالي". ومن المهم جدا الأخذ بعين الاعتبار أن 50 بالمائة تقريبا من سكان غزة تقل أعمارهم عن 18 سنة، وأن نصفهم تقريبا قد ولدوا في العقد الماضي، حيث عاشوا معظم حياتهم معزولين تماما عن العالم وتحت الحصار.
وأوضح الكاتب أنه بحسب منظمة "أنقذوا الأطفال"، فإن "حوالي مليون طفل يعيشون في ظروف معيشية غير ملائمة في غزة، بسبب نقص الكهرباء، ونقص المياه وتلوث البحر. وبدلا من البحث عن حلول، يزداد الأمر سوءا يوما بعد يوم". ومن جهته، فشل المجتمع الدولي في الاستجابة وتخفيف معاناة الأطفال في غزة. لهذا السبب، من المهم جدا حث إسرائيل على رفع الحصار، إلى جانب ضرورة حث كل من السلطات الفلسطينية والإسرائيلية على توفير الخدمات الأساسية لقطاع غزة".
وعلى الرغم من خطورة الوضع، تجاهل المجتمع الدولي هذا النداء. كما كان لتدهور الظروف المعيشية في غزة تداعيات سلبية أخرى على غرار ارتفاع معدل حالات الانتحار والطلاق، فضلا عن ارتفاع حالات العنف ضد المرأة.
والجدير بالذكر أن هذه الأزمة الإنسانية لا تعد نتيجة لكارثة طبيعية، وإنما هي نتيجة استراتيجية متعمّدة لإفقار السكان وجعلهم في حالة تبعية مطلقة. وفي هذا السياق، كشف موقع ويكليكس أن السفارة الأمريكية في تل أبيب قد سلطت الضوء خلال سنة 2008، على نية هذه السياسة وصرحت أن "المسؤولين الإسرائيليين قد أكدوا مرارا لأعضاء السفارة أن هدفهم يكمن في ضمان استمرار اقتصاد غزة في العمل في أدنى مستوياته".
وأفاد الكاتب أنه، وفقا لهذا المنطق، دمرت إسرائيل بشكل منهجي الهياكل الاقتصادية لقطاع غزة إلى جانب نسيجها الإنتاجي بهدف جعلها تعتمد اعتمادا كليا على الخارج. بالإضافة إلى ذلك، فقدت القطاعات التقليدية المسؤولة عن تدوير عجلة الاقتصاد في المنطقة، على غرار الصناعات التحويلية أو الزراعة أو الصيد، قيمتها وأهميتها.
وبين الكاتب أن إسرائيل أغلقت الحدود البرية والبحرية، وتسببت في أضرار جسيمة لاقتصاد المنطقة. وعلى الرغم من أن الاقتصاد نما في الضفة الغربية بنسبة 48.5 بالمائة خلال العقد الماضي، إلا أنه انخفض خلال نفس الفترة بنسبة 5.3 بالمائة. وعلى ما يبدو أن هذا التباين ليس عرضيا بل يستجيب لسياسة "السلام الاقتصادي" التي يروج لها بنيامين نتنياهو، والتي ترتكز أساسا على تقديم بعض المزايا للمنطقة في حال التزمت السلطات الفلسطينية بضمان الأمن لإسرائيل.