يوميات سجين: أولمرت يفتح النار على نتنياهو وباراك وهما يردان بالمثل
Mar 17, 2018
الناصرة – «القدس العربي»: يكشف رئيس حكومة إسرائيل السابق، إيهود أولمرت، الذي اضطر للاستقالة من منصبه ودخل السجن لمدة عام ونيف لإدانته بالفساد، عن تجربته القاسية التي سقط فيها من رئاسة الوزراء للسجن، بأسلوب صريح ويميل للتندر والفكاهة، وهناك من تمكن من قراءة كل الكتاب ووصفه بأنه أسلوب رشيق وعميق.
جاء ذلك في مذكرات تضمنها كتابه الجديد «بضمير المتكلم» نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» مقتطفات منه أمس. وفي الكتاب المطول يشرح أولمرت (70 عاما )بالتفصيل كيف انه عمل داخل السجن في أعمال تنظيف الغرف بالمكنسة وإعداد السلطات داخل المطبخ.
وتحت عنوان «يوميات سجين للأسير رقم 9032478»، قال أولمرت إنه منذ اللحظة التي تم فيها إغلاق باب السجن خلفه، جلس في غرفته داخل السجن ودون يومياته، منذ تسلمه رئاسة الحكومة وحتى خروجه من السجن. وتقتبس الصحيفة ما كتبه أولمرت (رئيس حكومة إسرائيل 2009-2006) حول ما وصل إليه: «أسأل نفسي مرة تلو أخرى، هل كان كل هذا ضروريا. ألم يكن في الإمكان منعه، هل أخطأت في مرحلة ما في حياتي العامة بشكل جوهري إلى حد أن استدعيت لنفسي هذا السقوط الكبير من المنصب الذي لا يوجد أسمى منه طموحا في الحياة العامة، وتحولت إلى سجين؟».
داخل السجن مع «مكنسة وممسحة»
وضمن الحديث عن ظروف السجن الذي أودع فيه أولمرت سوية مع سجينين آخرين، قال إنه كان يعد فطوره بيده وهو عادة من الأجبان وسمك سردين حراق. ويضيف «هنا تناوبنا على العمل في ورديات ورفضت أن أكون شاذا فقد قمت بكل أنواع الشطف والتنظيف وإعداد السلطة دون لف ولا دوران. وقد أخذت بعض السجناء الدهشة حينما شاهدوني للمرة الأولى مع «الممسحة والمكنسة» خلال تنظيف الأرضية، فهبوا مسرعين نحوي طالبين إخراجهما من يدي عنوة وهم يتساءلون: هل مسك جنون؟ رئيس حكومتنا يعمل في التنظيف؟ هذا غير وارد في الحسبان. عندها توقفت وجلست معهم وشرحت لهم أنني لست راغبا في أن أكون مختلفا عن بقية السجناء وأنني سأكون سعيدا أكثر لو شعرت بالمساواة وأكون أسعد لو تعاملتم معي بهذه الروح. في البيت أيضا عملت داخل المطبخ وفي تنظيف أدوات الطعام، فلماذا لا أفعل ذلك في السجن ؟ كما أن زوجتي عليزا لا بد أنها ترغب بأن تساعدوني في تحسين قدراتي بالأعمال المنزلية كالطبخ والتنظيف. مع ذلك فقد أشفقوا علي، وخلال العمل داخل المطبخ أناطوا بي مهمة تقطيع الخيار وتقشير الثوم. بيد أنني لم أكن واثقا من أن فترة السجن كافية لتحويلي لطباخ ولكن المؤكد أنني أصبحت مساعدا حرفيا في الطبخ لزوجتي في سني المتقدم وهذا إنجاز ليس هامشيا».
حرب لبنان الثانية
ووفقا للصحيفة فإنه قبل طرحه في الأسواق، بات الكتاب يعصف في أوساط القيادات السياسية والقضائية والأمنية في الدولة. ومما يكتبه أولمرت حول حرب لبنان الثانية: «كان هناك الكثير من الإخفاقات في حرب لبنان الثانية: في كلمتي للكنيست يوم 14 اغسطس/ آب 2006 اليوم الذي دخل فيه وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وقفت وقلت: أنا أتحمل كل الفشل، أنا المسؤول، ولا أحد غيري، لم أناور، لم أتجمل، لم أتلاعب، لم أشكك بأحد، لم أتظاهر كضحية، لم أحمل أحدا من أعضاء حكومتي المسؤولية عن شيء. أنا كنت المسؤول آنذاك، وبعد ذلك». وتابع أولمرت الذي استقال بضغط السياسيين والرأي العام في 2008 مهاجما خليفته «بمجرد انتهاء الحرب، بدأ العمل المتآمر من قبل بنيامين نتنياهو وزملائه. وقام نتنياهو بمساعدة نفتالي بينت وغيره من اليمينيين، وبتمويل سخي من الخارج، بتحويل الحرب إلى أداة في محاولتهم لإسقاط الحكومة، ومن بين أمور أخرى تم تنظيم «مظاهرات رجال الاحتياط». وليس هذا فقط. لقد قام ثلاثة أزواج من الآباء الثكالى، الأعضاء في مركز حزب الليكود، بالتظاهر ضدي بعد الحرب، وهؤلاء، أيضا، حرضهم وحثهم نتنياهو بنفسه على التظاهر لغايات سياسية وشخصية «.
نبوءة الحاخام وصاروخ حزب الله
كما يكشف أنه خلال حرب لبنان الثانية عام 2006 دخل مكتبه على عجل وزير الداخلية المتدين إيلي يشاي طالبا لقاءه بسرعة وقبل أن يدخل يوم السبت المقدس لليهود. ويتابع أولمرت «دخل يشاي وأبلغني أن حاخاما موثوقا قد طلب منه الذهاب لرئيس الحكومة وتنبيهه بأن بارجة عسكرية إسرائيلية ستصاب الليلة في عرض البحر اللبناني. طبعا كانت كلماته تبدو فارغة وتشبه الخرافات. ابتسمت وشكرت دون أن أمس بمشاعره وعاد لمنزله وتمنيت له نهاية أسبوع سعيدة. بعد ساعة ونصف بلغني نبأ ضرب بارجة عسكرية مقابل بيروت بصاروخ أرض بحر».
عائلة نتنياهو
«في كل يوم يتبين أن الشبكة التي حاكها نتنياهو سببت ولا تزال المزيد والمزيد من الفساد والإفساد لأمور جيدة. أنا لا أتحدث عن استغلال المنصب لكي يرتب لكل واحد من أبنائه، حارس شخصي وسيارة مرافقة وغيرها من دلائل السلطة غير المعروف مثلها في الماضي، ومن المشكوك فيه ما إذا ستكون في المستقبل. بين الحين والآخر نرى حجم ونوعية نفقات هذه العائلة، على منزليها الخاصين، في القدس وفي قيساريا، بالإضافة إلى نفقات لم يسبق لها مثيل في مقر الإقامة الرسمي. التبذير، المتعة، ازدراء الحد الأدنى من معايير الحياء وضبط النفس ـ تصرخ حتى السماء. وكل هذا لا يساوي حتى نسبة الصفر من الهدايا التي تلقاها الزوجان. بتعبير أدق، الهدايا التي طلبها الزوجان من أغنياء العالم».
وضمن مقارنة عائلته بعائلة نتنياهو يقول أولمرت «كان لدينا نحن، أيضا، شقة خاصة في تل أبيب عندما كنت رئيسا للوزراء، وكنا ننزل فيها أحيانا. لا أعتقد أنه تم إنفاق مبلغ يقارب 5,000 شيكل على صيانة الشقة خلال فترة ولايتي. لم يطلب أحد من أولادي أبدا، ولم يحصل، بفضل منصبي، على أي مساعدة من اي نوع، أو دعم أو مرافقة أو دعم من مسؤول حكومي لا في إسرائيل ولا في الخارج».
أنا وباراك
كما فتح أولمرت النار على زميله رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك « فقال انه توسل اليه أن يضمه لقائمته الانتخابية عام 2006 لكنه رفض بسبب تدني شعبيته نتيجة فشله كرئيس حكومة. كما يقول أولمرت إنه في الساعة السابعة والنصف صباحا، جرت مناقشة حساسة للغاية في مكتبي بشأن عملية أمنية، وجلس باراك أمامي، متعجرفا، كالمعتاد. وبعد انتهاء الجلسة، قرابة الساعة 11:00 أخبرتني السكرتيرة أن باراك يريد الدخول إلى مكتبي للتحدث معي حول مسألة ملحة، لأنه سيعقد مؤتمرا صحافيا الساعة 12:00. أخبرت السكرتيرة أن تطلب منه الانتظار، بما أنه لم يحدد موعداً مسبقاً، وسأكون مشغولاً لمدة لا تقل عن نصف ساعة. وكلما مرت عدة دقائق، كانت تعود السكرتيرة وتقول إنها تضطر إلى منع دخول باراك بجسدها، لأنه يريد اقتحام غرفتي. في الساعة 11:45 سمحت له بالدخول. سار باراك ببطء نحو الطاولة، وقال وهو يمشي إنها ستكون محادثة صعبة «بسبب الصداقة «. وقبل أن يجلس، قلت له «إيهود، لست بحاجة إلى الجلوس، أعرف ما تريد قوله». وقرأت له نص بيانه، الذي يقترح فيه عليّ أن أفكر في الاستقالة. قلت له وأنا أشير إلى الباب «لا حاجة بنا للتحدث. قل ما يدور في ذهنك، بالنسبة لي يمكنك الذهاب إلى الجحيم».
وعقب باراك أمس ورد بالمثال بالقول في «تويتر»: أولمرت كاذب مع شهادة من المحكمة. وبهذه الروح ردت أيضا عائلة نتنياهو التي اتهمته بالتلفيق والافتراء والوقاحة».