دراسة إسرائيلية : مصر تضغط على إسرائيل لمنع وصول مساعدات قطر إلى غزة
Mar 19, 2018
الناصرة ـ «القدس العربي»: كشفت دراسة صادرة عن معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، أن مصر تمارس الضغوط على إسرائيل كي تمنع وصول مساعدات قطر إلى غزة. وتشير الدراسة التي أعدها الباحثان الإسرائيليان الدكتور كوبي ميخائيل، والدكتور يوئيل جوجانسكي، إلى أن دعم قطر لحركة حماس في غزة ينسجم وتوجهاتها البراغماتية وسياساتها الخارجية، المتميزة من جملة عدة مميزات بمناصرة الإسلام السياسي، ولعب دور هام في الشرق الأوسط.
وتشير الدراسة الإسرائيلية إلى ان دعم قطر لحماس في غزة يستعدي عليها مصر ويعكر علاقاتهما. وتكشف أن إسرائيل تقف حائرة أمام معضلة، لأنها معنية كما هو الحال مع قطر بمساعدة غزة كي لا تنفجر بسبب أزمتها الإنسانية، ومن جهة أخرى هي معنية جدا بالمحافظة على علاقاتها الإستراتيجية مع مصر، وفي أن تقود الأخيرة عملية إسعاف للقطاع.
ومن ناحية إسرائيل فإن مساعدة قطر لغزة تساهم في تأجيل نزاع محتمل مع حماس. وتتابع الدراسة متهمة قطر « تدعي الدوحة أنها تقدم مساعدات لغزة لكن من غير المعقول أنها لا تدعم حركة حماس التي يجد أعضاء مكتبها السياسي حضانة في عاصمتها «. وتقول إن العلاقات بين قطر وغزة توثقت في 2012 عندما زارها الأمير حمد بن خليفة, وتقدر أن حجم الدعم القطري بلغ بالمجمل حتى الآن منذ انتهاء حرب صيف 2014 نحو 800 مليون دولار، وهذه أكبر مساعدة تلقتها غزة من دولة عربية، وهي معدة لتوفير رواتب وتطوير بنى تحتية وتمويل مشاريع إنسانية.
وتزعم الدراسة الإسرائيلية أن قطر أيضا تستفيد من هذه المساعدات سياسيا بتعزيز مكانتها في المنطقة، وفي مواجهة الحصار السعودي، وفي علاقاتها مع الولايات المتحدة أيضا. وقالت إن إسرائيل وقطر معنيتان بوجود تنسيق بينهما حول غزة، لكنها تستذكر في المقابل أن قيادة منتدى الأمن القومي التابع لرئاسة الوزراء تنشر تباعا تحذيرات للإسرائيليين من زيارة قطر لاعتبار ذلك تهديدا أمنيا. كما تستذكر تصريحات قادة إسرائيليين هاجموا قطر بشدة في الماضي ودعوا لمحاصرتها بدعوى إنها تدعم «الإرهاب». في المقابل فإن إسرائيل وجدت نفسها بحاجة للتنسيق مع قطر حول مصلحة مشتركة في غزة، رغم وجود عدة مناقب ومثالب في العلاقة معها، منها محاصرة النفوذ الإيراني في القطاع وإضعاف تأثيرها على حماس وعلى كل ما يجري في القطاع. كما ترى الدراسة أن قطر بوسعها أن تكون قناة بينها وبين حماس في مجالات شتى، منها تبادل الأسرى وبناء ميناء ومطار في غزة على سبيل المثال. لكن في المقابل ترى الدراسة ان هناك دولا عربية ترغب بتضييق الخناق على دور قطر في غزة، منها دول خليجية تعمل على محاولة فتح قناة مع غزة من خلال محمد دحلان المناهض للرئيس محمود عباس، ويدعم مشاريع مختلفة في القطاع بتمويل الإمارات المتحدة الساعية لتنصيبه رئيسا بدلا من عباس.
بيد أن إسرائيل وكذلك السلطة الفلسطينية تخشيان من فوز جديد لحركة حماس في القطاع في حال جرت انتخابات بفضل الدعم القطري.
غير أن الدراسة تلقي الضوء بالأساس على أن نشاط قطر في غزة يعني نشوء ونمو توتر بين إسرائيل وبين نظام عبد الفتاح السيسي الذي ترى به حليفا إستراتيجيا وترغب باستمرار التعاون الوثيق معه، علاوة على رغبتها باستمرار التعاون مع السعودية والإمارات والبحرين التي تلتقي في حصار مضروب على الدوحة منذ منتصف 2017. وتشير إلى أن إسرائيل تجد ذاتها أمام معضلة لأنها معنية جدا باستمرار التعاون الوثيق مع الدول الخليجية بقيادة السعودية لمواجهة عدو مشترك يتمثل بإيران، منوهة لتناقض مصالحها خاصة مصلحتها بتخفيف الأزمة الإنسانية في القطاع من جهة، ومصلحتها بصيانة علاقاتها الإستراتيجية مع مصر لاسيما بعد توقيع اتفاق تصدير الغاز إليها، إضافة لتعاونها مع السعودية وحليفاتها التي تنظر بعين السوء للنفوذ القطري في غزة. وتوضح أن ما يزيد حيرة إسرائيل هي العلاقة المتينة بين قطر وبين تركيا اللتين تتعاونان في مد يد العون لغزة ودعم الإسلام السياسي في المنطقة وفي دعم القدس، كما تجلى في أزمة نصب البوابات الإلكترونية على مداخل الأقصى قبل شهور. وتوضح أن تعاون قطر وتركيا في غزة هو بمثابة منديل أحمر بالنسبة لمصر مما يتسبب بارتفاع منسوب التوتر بينها وبين إسرائيل.
وعلى خلفية كل ذلك تكشف الدراسة أنه منذ فرض الحصار السعودي على قطر باتت عملية تحويل المساعدات القطرية لغزة أكثر تعقيدا، لأن مصر باتت ترفض فتح المعابر مع غزة أمام إدخال بضائع ومواد خام مصدرها قطر، ولذا باتت إسرائيل البوابة الوحيدة التي يمكن منها إدخال مساعدات قطرية للقطاع مما يضع بيدها رافعة لممارسة ضغط إسرائيلي على حماس وقطر معا في مواضيع مختلفة، منها إعادة الأسرى الإسرائيليين. وترى أنه على إسرائيل القيام بعمليات منسقة مع البيت الأبيض ومصر من أجل محاولة تليين رفض قطر الرضوخ لشروط الرباعية العربية: السعودية، الإمارات، البحرين ومصر من أجل رفع الحصار المفروض عليها وعلى رأسها تبريد علاقاتها مع إيران. ووسط كل ذلك على إسرائيل برأي معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أيب، أن تحافظ على تنسيق وثيق مع الولايات المتحدة وعلى عملية مثابرة في محاولة لتخفيف معارضة مصر لإشراك قطر في إغاثة غزة وتخفيف أزمتها الإنسانية، وذلك من خلال فتح معبر رفح بشكل أكثر مرونة من قبل السلطات المصرية بموازاة المساعدات والجهود الأمريكية لخفض منسوب التوتر بين قطر وبين مصر. ويتزامن نشر هذا الدراسة مع نشر تقرير للبنك الدولي حول الأوضاع الاقتصادية الكارثية في غزة.