متابعة إخبارية خاصة.. هل ينوي عباس عزل غزة واعتبارها "إقليم متمرد"..وهل يستطيع؟
22/03/2018
أمد/ غزة - كتبت أمل الزعانين: أعلن الرئيس محمود عباس، في خطابه يوم 19 مارس 2018، عن قراره بإتخاذ المزيد من العقوبات القانونية والمالية، لإعادة غزة لـ"المسار الصحيح" .
حركة حماس ، الشريك الآخر في حالة الإنقسام الفلسطيني ، اعتبرت هذا الخطاب بمثابة المسمار الأخير في نعش المصالحة الفلسطينية.
تحركات عربية ودولية عديدة واكبت ما بعد الخطاب العباسي لتعطيل تلك الاجراءات والعقوبات، ومنع تطبيقها.
السؤال الآن والأكثر الحاحا، هل ينوي فعلا عباس إعادة غزة الى حضن الشرعية الفلسطينية، أم أنه يسعى لإعلان غزة "إقليما متمردا"، ما يقدم "خدمة سياسية" لـ" صفقة ترامب" .
مؤشرات إعلامية محلية، عربية ودولية، ومحلليين سياسيين ناقشوا هذا الخطاب في ضوء ما يحدث على أرض الواقع.
وكالة "الأناضول" التركية ، نشرت تقريرا يوم الخميس 22 مارس، تحت عنوان "إجراءات الرئيس الفلسطيني قد تشمل إعلان غزة "إقليمًا متمردًا"، رجّح فيه خبراء ومراقبون، أن ينفذ الرئيس الفلسطيني محمود عباس "إجراءاته القانونية والمالية"، ضد قطاع غزة، بشكل تدريجي، بدءا بإحالة آلاف الموظفين للتقاعد القسري المبكر، وقد تنتهي بإعلان قطاع غزة "إقليما متمردا".
كما ونشرت صحيفة لوموند الفرنسية يوم الأربعاء 21 مارس، تقريرا تحت عنوان "السلطة الفلسطينية تخطط لتسمية غزة "كيان متمرد".
وقالت، في مواجهة إدارة أمريكية معادية ومصالحة مع حماس ، شدّد الرئيس محمود عباس على مواقفه."ابن الكلب! شتيمة جذبت انتباه المراقبين، هكذا وصف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس السفير الأمريكي في إسرائيل ، ديفيد فريدمان ، وهو مؤيد منذ فترة طويلة للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وكان الرئيس قد تحدث مساء يوم 19 مارس في اجتماع للزعماء الفلسطينيين، في أواخر حياته السياسية لم تكن الفضيحة غضبه الواضح بقدر نفاذ صبره وطريقة حديثه ، ويبدو أن حلمه بالدولة قد تعرض للخطر ، وإيمانه بالمفاوضات لم يسفر عن نتائج تذكر ، والغموض حول خلافته يجعل جميع الممثلين متوترين.
مع اقترابه من 83 سنة ، يحرق الرئيس عباس جميع الجسور مع إدارة ترامب ، معتبرها اكثر تأييدا والتزاما إسرائيل، وعدم ثقة الدول العربية ، التي يشتبه في خيانتها للقضية الفلسطينية ، باسم الأولويات الأخرى.
وأخيراً ، تشديد جديد ضد حماس في غزة، متهما حماس بخرق جهود المصالحة بين الحركتين. يقول مسؤول إسرائيلي : "الوقت ليس للتسوية ولكن لرص الصفوف في خندق ولقد دخلنا بالفعل مرحلة انتقالية ، ويريد عباس أن يتأكد من وجود استمرارية في خطه السياسي. "
صحيفة "الحياة اللندنية" نشرت تقريرا يوم الخميس، تحت عنوان "حماس أمام تسليم غزة فوراً أو العقوبات ... واتصالات للجم التصعيد"، جاء فيه، وظهر أن السلطة الفلسطينية وضعت حماس أمام خيارين: إما الكشف عن المتورطين في محاولة الاغتيال وتمكين الحكومة بشكل كامل، أو تحمل تبعات عقوبات جديدة. وأفيد بأن عدم إعلان عباس ماهية العقوبات هو لـ "منح الحركة فرصة الاختيار"، وطالبت الحكومة أمس بتسليم حماس غزة "دفعة واحدة".
وبدا لافتاً أن حماس برغم رفضها تهديدات عباس بإجراءات جديدة ضد غزة، إلا أنها لم ترد رداً انفعالياً.
وقال قيادي في الحركة لـ "الحياة" إن الحركة أصدرت تعليمات مشددة بعدم الرد بعنف أو توتير الأجواء على رغم رفضها اتهام عباس الحركة بالوقوف وراء جريمة تفجير موكب الحمدالله وفرج.
وطالبت الحركة في بيان لها بالذهاب إلى إجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، كي ينتخب الشعب قادته ومن هم أهل لتحقيق الوحدة وتحمل المسؤولية ورعاية المصالحة». وحضت الجهات الإقليمية والدولية وجامعة الدول العربية التدخل العاجل والمسؤول لوقف التدهور الخطير وتحمل مسؤولياتهم في منع وقوع الكارثة على المستوى الوطني الفلسطيني الداخلي.
وأُعلنت عدد من الفصائل في القطاع، عن رفض فرض عقوبات على غزة، فيما ذهبت حماس الى تصعيد ودعت إلى رفع الشرعية عن عباس.
ودعت حركة الجهاد، الجميع إلى إدراك أن وحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة العدو الصهيوني هو الموقف الوطني الذي يجب أن يقود كل جهودنا في هذه المرحلة التي تستهدف وجودنا كشعب وقضية.
وحضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على العمل سريعاً على احتواء ردود الفعل والتداعيات التي نجمت عن استهداف موكب الحمدالله.
وشددت على أن المصلحة الوطنية تقتضي وقف التراشق، وعدم الإقدام على أي إجراءات أو مواقف من شأنها أن تُعمّق حال الانقسام، وتجنيب القطاع مزيداً من المعاناة، والعمل على التخفيف منها بوقف الإجراءات السابقة.
وطالبت بـ تشكيل لجنة وطنية مهنية للتحقيق الشامل في محاولة الاغتيال وإعلان الحقيقة كاملة.
في المقابل، رأى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، أن الوضع قبل محاولة الاغتيال يختلف عما بعدها، لأننا نؤرخ لمرحلتين منفصلتين تماماً بالتعامل مع ملف المصالحة.
ودعا حماس إلى انتهاز الفرصة التاريخية والانتقال من مربع الانقسام إلى الوحدة. وأضاف: أمام حماس خيارات، فإما اتخاذ موقف صريح وقرار واضح يخدم المشروع الوطني، أو أنها تصر على الانقلاب ما سيضطر الرئيس محمود عباس إلى اتخاذ إجراءات للحفاظ على المشروع الوطني.
واضاف: على حماس أن تكشف عمن خطط ونفذ جريمة الاغتيال، وثانياً تطبيق اتفاقات المصالحة رزمة واحدة. مشيراً إلى أنه لن يكون هناك سقف زمني مفتوح لهذه الفرصة.
صحيفة "الشرق الأوسط " اللندنية، نشرت الخميس تقريرا، اشارت فيه الى ان مصر تتدخل بقوة لمنع عباس من إعلان غزة "إقليماً متمرداً"
وفي التفاصيل قال مسؤول فلسطيني، إن الرئيس محمود عباس ينوي إعلان قطاع غزة "إقليماً متمرداً"، إذا لم تسلم حركة حماس قطاع غزة للحكومة الفلسطينية بشكل كامل، لكنه أشار إلى أن مصر تعمل بجد من أجل منع إعلان هذا القرار.
وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه "إعلان القطاع إقليماً متمرداً هو الإجراء القانوني الذي تحدث عنه الرئيس".
وتابع: "إذا لم تسلم حماس قطاع غزة سيعلن الرئيس قطاع غزة إقليماً متمرداً وحكومته منقلبة وغير شرعية".
وتابع: "هذا سيعني وقف أي تعاملات مع هذا الإقليم مهما كان شكلها أو مصدرها". وبحسب المصدر "هذا الاقتراح قديم ونوقش مرات عدة، ولم تتخذه القيادة الفلسطينية على أمل إقامة الوحدة وإنقاذ القطاع، لكن بعد محاولة الاغتيال الأخيرة كل شيء تغير".
وأردف "الرئيس أعطى الآن فرصة للوسطاء. على حماس التقاط الفرصة والعودة إلى حضن الشرعية قبل فوات الأوان"
ورفضت حماس حتى الآن تسليم قطاع غزة للحكومة الفلسطينية بسبب خلافات حول مفهوم التمكين. كما انتقدت بالأمس دعوة تسليم القطاع دفعة واحدة، في حين حذر مسؤولون في الحركة التي تسيطر على قطاع غزة من أن استمرار الوضع الحالي سيعني انفجاراً قادماً لا محالة في وجه إسرائيل.
وقال الناطق باسم الحركة عبد اللطيف القانوع: "إن مطالبة حكومة الوفاق بتسليم قطاع غزة دفعة واحدة يؤكد سياسة الإقصاء".
وقال مصدر كبير لـ"الشرق الأوسط"، إن المصريين على اتصال مكثف بالقيادة الفلسطينية وبحماس.
وبحسب المصدر، فإن مصر تعهدت بتسليم القطاع للحكومة كما كان متفقاً ومأمولاً عندما تدخلت لإنجاز المصالحة قبل أشهر. وأكد عباس لكل محدثيه، أنه لن يقبل من الآن وصاعداً حلولاً وسطية.
وأضاف: "إما تسلم حماس المسؤولية كاملة للسلطة في قطاع غزة، أو تتحمل هي ذلك كحكومة أمر واقع منقلب
وسألت "الشرق الأوسط"، مسؤولين فلسطينيين حول إذا ما كان الباب أُغلق مع إعلان عباس اتخاذه إجراءات ضد غزة، أم ثمة احتمالات انفراجة.
وقال عزام الأحمد، مسؤول ملف المصالحة في الحركة، لـ"الشرق الأوسط": إن الجسور لم تحرق، وإن أمام حماس فرصة حقيقية لإنهاء الانقسام وإعادة الوحدة.
وطالب الأحمد حماس بتسليم قطاع غزة للحكومة قائلاً: إنه لم يعد ممكناً استمرار الانقسام في هذا المرحلة التاريخية والمهمة من الصراع.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف: إن الباب مفتوح أمام حماس قبل اتخاذ أي إجراءات.
وأضاف: «حماس جزء من النسيج الوطني الفلسطيني... ونحن أمام مرحلة صعبة معقدة وتحتاج إلى تكاتف الجهود». وتابع: "المطلوب الآن التوحد أمام الاستحقاقات الكبيرة المرتقبة.
بعض المحللين أشاروا في تصريحات لوكالة "الأناضول" التركية الى أن العقوبات لن يتم تطبيقها فورا.
ويقول الصحفي الفلسطيني، محمد دراغمة، إن المعلومات المتوفرة تؤكد ان الرئيس عباس سيتخذ إجراءاته في غضون أسبوع.
وأضاف دراغمة: " معلوماتي تقول إن الجانب المصري طلب مهلة لاحتواء الوضع، فمنحهم الرئيس أسبوعا لإقناع حماس... كل شيء أو لا شيء".
ويكمل دراغمة: " معنى ذلك أن الرئيس عباس، سيقطع جميع التمويل الذي تدفعه السلطة الفلسطينية إلى القطاع".
وقال دراغمة: " على سبيل المثال، يمكن للرئيس قطع تمويل الكهرباء بالكامل، وقطع تمويل الدواء والاحتياجات الصحية، ووقف تمويل الرواتب بالكامل أو إحالة كل موظفي القطاع إلى التقاعد".
وأضاف: " في حال أعلن القطاع إقليما متمردا، فإمكانه تجميد كل الحوالات المالية الموجهة إلى غزة".
ورجّح الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين، أن تكون عقوبات الرئيس الفلسطيني ضد القطاع، تدريجية.
وأشار إلى أن الرئيس "أبقى الباب مفتوحا أمام احتمال قبول حماس بمطالبه قبل المضي قدما في هذه العقوبات".
وقال: " الرئيس عباس قال بالحرف: إما أن نستلم كل شيء أو تستلم سلطة الأمر الواقع في غزة كل شيء، وبالتالي هو يعطي فرصة أخيرة قبل اتخاذ القرارات".
وأشار شاهين إلى أن عقوبات الرئيس الفلسطيني ستبدأ بإحالة آلاف من موظفي السلطة الفلسطينية المدنيين والعسكريين في غزة إلى التقاعد (العدد غير محدد).
وخلال الشهور الماضية أحال الرئيس، بالفعل، عدة آلاف من الموظفين في القطاع إلى التقاعد، كما قام بإجراء خصومات كبيرة على رواتب الموظفين.
ويعمل لدى السلطة الفلسطينية نحو 160 الف موظف نصفهم تقريبا في قطاع غزة.
ومنذ سيطرة حماس على القطاع عام 2007 واصلت السلطة الفلسطينية دفع رواتب الموظفين، مع الطلب منهم الاستنكاف عن العمل.
من جهتها، قالت نور عودة، الصحفية والكاتبة، إن الرئيس عباس قد يقدم على اتخاذ خطوات كان على وشك اتخاذها عقب سيطرة حماس على قطاع غزة قبل 11 عاما، وتتمثل في إعلان القطاع "إقليما متمردا".
وقالت عودة، إن القانون الفلسطيني الأساسي لا يوجد فيه بند يعطي الرئيس هذه الإمكانية، لكن قد يضطر إليها بموجب قوانين منظمة التحرير الفلسطينية.
وأشارت إلى أن معنى هذا الإعلان ببساطة هو "وقف كل شيء بما فيه تحويل الأموال، وحظر تعاملات البنوك مع قطاع غزة".
وأشارت عودة إلى أن الرئيس بموجب فكرة "الإقليم المتمرد"، يمكنه أن يوجّه تعليمات إلى سلطة النقد الفلسطينية، بتجميد حسابات لمؤسسات وأفراد محسوبين على حماس، ووقف الحوالات المالية إلى قطاع غزة".
وحسب بيانات وزارة المالية الفلسطينية، تنفق السلطة على قطاع غزة سنوياً نحو 1.3 مليار دولار منها نحو 840 مليون دولار سنويا لتغطية فاتورة رواتب الموظفين الحكوميين من قطاع غزة ما يعني 70 مليون دولار شهرياً .
وتشير البيانات إلى أن 155 مليون دولار، تدفع كفواتير كهرباء، ونحو 25 مليون أخرى كوقود لمحطة توليد الكهرباء، إلى جانب قرابة 60 مليون دولار سنوية للبنية التحتية.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة للعام العاشر على التوالي رفع نسبة الفقر بين سكانه إلى 65%.
وذكر المركز في تقرير صدر مطلع العام أن نسبة البطالة في غزة ارتفعت في الآونة الأخيرة إلى 47%، وأن 80% من سكان القطاع باتوا يعتمدون على المساعدات الخارجية لتأمين الحد الأدنى من متطلبات المعيشة اليومية.