ايام في وجدان الامة.. 1- 16 نيسان… فلسطين ولبنان وسوريا
April 19, 2018
معن بشور
في 16 نيسان 1968 ( قبل خمسين عاماً) استشهد خليل عز الدين الجمل، ابن بيروت، وأول شهيد لبناني في الثورة الفلسطينية، وابن عم الضابط اللبناني نور الدين الجمل الذي استشهد قبل 3 أعوام على يد المجموعات الارهابية في عرسال.
وحين استقبل لبنان جثمان الشهيد المقاوم من أغوار الاردن، خرج اللبنانيون بكل تياراتهم في وداعه، وقرعت اجراس الكنائس مع علو آذان المساجد تكريماً له، وتأكيداَ على عمق العلاقة بين الشعبين اللبناني والفلسطيني.
وفي 16 نيسان 1988 (قبل ثلاثين عاما)، ارتكب الصهاينة في ضاحية ابي سعيد في تونس جريمة ارهابية موصوفة فاغتالوا القائد الفلسطيني الكبير خليل الوزير في منوله، وهو احد مؤسسي (فتح)، ونائب القائد العام لقوات العاصفة، ومهندس انتفاضة الحجارة والكثير من العمليات النوعية في المقاومة الفلسطينية.
كان اغتيال ابي جهاد بعد العديد من رفاقه قادة فتح والثورة الفلسطينية، شهادة جديدة على الارهاب الصهيوني، وعلى تواطؤ اجهزة أمن عربية، لكن ايضا كان اغتياله ، ثم جنازته في مخيم اليرموك في دمشق التي ضمت مئات الالاف من السوريين والفلسطينيين والعرب المقيمين في تأكيد على عمق التزام سورية القومي بفلسطين وشهدائها، لا سيما ان أبا جهاد ومؤسسي (فتح) قد انطلقوا في مسيرتهم الكفاحية من سوريا، وكانت معسكرات التدريب في دمّر بقيادة القائد الشهيد ابو علي اياد عنواناً لتلك العلاقة التاريخية بين فلسطين وسوريا
2- معنى الاجماع الفلسطيني على رفض العدوان على سوريا
لاجماع الفلسطيني العارم داخل فلسطين المحتلة وخارجها ، وبكل فصائله وتياراته، على ادانة العدوان الثلاثي على سورية هوتعبير عن ادراك الشعب الفلسطيني العظيم لعمق الترابط بين ما واجهه وما زال هذا الشعب منذ سبعين عاما وبين ما تواجهه سورية ،وما تزال ،منذ سبع سنوات من حرب كونية يأتي العدوان الثلاثي الاخير بالامس ليتوجها ..
ان الفلسطينيين ومعهم شرفاء الامة يعرفون حجم التضحيات التي قدمتها سوريا منذ بداية النكبة وحتى اليوم لاسيما في مواجهة كل مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، واخرها ماسمي بصفقة القرن التي تأتي لتحصد نتائج السنوات السبع العجاف التي سميت ربيعا واستهدفت بشكل خاص الدول التي وقفت في نهاية السبعينات من القرن الفائت ضد اتفاقيات كمب ديفيد …وبالتالي يدركون ان ابسط واجبات الوفاء تقتضي دعم سورية في مواجهة العدوان.
كان الكاتب العربي الكبير الراحل محمد حسنين هيكل يقول في جلساته :اذا اردت ان تعرف الموقف العربي الصح مما يجري عليك ان تتعرف الى موقف ابناء المخيمات الفلسطينية فهم ابناء الجرح الابلغ على يد اعداء الامة..
صدق الاستاذ رحمه الله…ففلسطين تبقى البوصلة دوما..ومع شعبها الموقف السليم…فكيف اذا كان هذا الشعب يخوض معركة “العودة الكبرى” ويقدم فيها الشهيد تلو الشهيد
3- 17 نيسان…
في هذا اليوم تجتمع ثلاث مناسبات تختصر ابرز قضايا الامة في مواجهة التحديات..
اولها ذكرى جلاء الاستعمار الفرنسي عن سوريةفي ١٧ نيسان ١٩٤٥ بعد ثورات ونضالات استمرت على مدى ربع قرن وتوجها المستعمر بقصف العاصمة السورية ومبنى البرلمان السوري في ٢٩ ايار/ مايو ١٩٤٥..انه يوم للاستقلال الوطني في سوريا وعلى مستوى الامة…فيما امتنا ما تزال، وسوريا بشكل خاص، تخوض معركة صون استقلالها الوطني وامنها القومي…
وثانيها ذكرى توقيع ميثاق الوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق في ١٧ نيسان ١٩٦٣، وهو ميثاق لو كتبت له الحياة لتغير وجه الامة كلها ولاتخذ تاريخنا منحى مختلفا تماما، كما كان سيكون الامر لو كتبت الحياة لميثاق العمل القومي بين سوريا والعراق في خريف عام ١٩٧٨.
انه يوم الوحدة العربية التي نفتقدها اليوم اكثر من اي وقت حيث لا تنمية مستقلة ولا امن قومي ولا كرامة وطنية بغياب الوحدة..
اما ثالث المناسبات فهي يوم اعلن المجلس الوطني الفلسطيني عام ١٩٧٤ ١٧ نيسان يوم الاسير الفلسطيني الذي بات عدد من دخل السجون الاسرأئيلية منذ الاحتلال حتى الان اكثر من مليون اسير مازال في الاسر منهم اليوم اكثر من ٦٥٠٠ اسير يواصلون مع بقية ابناء شعبهم ملحمة الحرية في وطنهم ولوطنهم…انه يوم فلسطين.
4- 18 نيسان… إرهاب الدولة ومسيرات العودة
بين 18 نيسان/أبريل 1996، حين ارتكب الصهاينة مجزرة قانا في جنوب لبنان، خلال عملية “عناقيد الغضب”، وبين 18 نيسان 2004، حين أقدم الصهاينة عبر مروحية “الأباتشي” على اغتيال القائد الشهيد عبد العزيز الرنتيسي أحد مؤسسي “حركة حماس” وقائدها في غزّة، وما بينهما وما سبقهما، وما تلاهما، من جرائم إرهابية، يتضح للقاصي والداني كيف أن الكيان الصهيوني قام منذ نشأته وما يزال على “إرهاب الدولة” المحتضن دولياً والمدعوم من دول الغرب التي قامت أيضاً على الإرهاب وعاشت عليه.
في نيسان 1996، وإثر مجزرة قانا التي ارتكبها الصهاينة بحق مدنيين لبنانيين حاولوا الاحتماء بأحد مراكز قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان، فقصفهم الطيران الصهيوني غير آبه بالحصانة الدولية وبالاعتبارات الإنسانية في جريمة تكرّرت ضد قانا وغيرها من قرى جبل عامل، ومع ذلك لم تجر أي محاكمة للكيان الصهيوني أمام القضاء الجنائي الدولي، بل على العكس دفع بطرس غالي أمين عام الأمم المتحدة ثمناً غالياً لإعداده تقريراً دولياً تضمن إدانة إسرائيل…
أما اغتيال الرنتيسي، وقبله اغتيال الشيخ المجاهد أحمد ياسين، وقبلهما اغتيال القائد الرمز أبي جهاد الوزير، والعديد من قادة فتح والثورة الفلسطينية، فقد مرّ هو الآخر دون أي محاكمة لمجرمي الحرب الموغلين حتى الساعة في جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني وأبناء الأمّة العربية.
وبعد ذلك يتحدثون عن “الإرهاب”، فيما أصل الإرهاب معروف من خلال المشروع الصهيو – استعماري الذي قتل الملايين من أبناء الشعوب في العالم، فيما يدعي حاملوه الدفاع عن حقوق الإنسان ويرفعون رايات الحضارة الإنسانية…
ولا أنسى صورة الشهيد الرنتيسي “أسد فلسطين” حين أبعده الاحتلال إلى مرج الزهور في البقاع اللبناني في 17 كانون الأول/ديسمبر 1992، مع العشرات من المجاهدين، فخاضوا أول معركة “للعودة” وأجبروا المحتل على السماح لهم بالعودة إلى فلسطين، وهي عودة يؤكّد شعب فلسطين عليها اليوم من خلال مسيرات العودة ومخيماتها وشهدائها وجرحاها وأسراها…
في مرج الزهور قيل للرنتيسي “لا تحاولوا، فالعودة إلى فلسطين مستحيلة”، ومع ذلك أصرّوا على البقاء في مرج الزهور، رغم الصقيع، وانتصروا مع لبنان الشعب والحكومة وعادوا إلى وطنهم، واليوم يقال لشعب فلسطين “العودة مستحيلة”، وسينتصر هذا الشعب بإذن الله…
في 18 نيسان 1996 و 2004، وما بينهما من سنين تلاقى الدم الفلسطيني والدم اللبناني، كما تتلاقى اليوم إرادة المقاومة في فلسطين ولبنان وسوريا وعلى امتداد الأمّة.
كاتب عربي