[rtl]
مصطفى محمد نصراللهوجهة نظر في بيان "الجنائية الدولية" حول أحداث غزةالتاريخ:18/4/2018 - الوقت: 12:44م[/rtl]
بعد طول انتظار المراقبين والحقوقيين الذين ما انفكوا يطالبون وباستمرار من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بضرورة التحرك للتحقيق في جرائم الاحتلال الصهيوني اصدر المدعي العام بيانا بتاريخ 8/ 4/ 2018 حول ما يجري من أحداث على حدود قطاع غزة في فلسطين أو القدس أو الضفة الغربية، إلا أن هذا التحرك ومن خلال البيان لم يكن هو المطلوب وليس المأمول.
المدعي العام وفق نظام روما الأساسي (المحكمة الجنائية الدولية)، يمتلك صلاحيات أكبر بكثير من إجراء الدراسة الأولية للحالة الفلسطينية، ومن ثم إصدار بيان مع التأكيد على أهمية الدراسة الأولية لتكون أساساً للتحقيق في جرائم الاحتلال.
إن نص المادة (13/ج) جاء واضح ليس فيه غموض الذي منحت المدعي العام الصلاحية في فتح تحقيق إذا ما كان هناك جرائم ترتكب (إذا كان المدعي العام قد بدأ مباشرة بتحقيق فيما يتعلق بجريمة).
والمادة (15) من ذات النظام جاءت لتؤكد أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، من حقه ملاحقة الذين يرتكبون جرائم تهدد السلم والأمن الدوليين (15/1) { للمدعي العام أن يباشر التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة } والمادة (53،54 ) من ذات النظام .
وهناك القرارات الكثيرة التي صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار رقم (2625) لعام (1970) تحت عنوان "الإعلان المتعلق بمبادئ القانون الدولي": "على كل دولة أن تمتنع على اللجوء إلى أي تدبير قريب من شأنه أن يحرم الشعوب من حقها في تقرير مصيرها وحريتها واستقلالها، وعندما تنتفض هذه الشعوب وتقاوم خلال ممارستها حقها في تقرير مصيرها لا يجوز اتخاذ أي تدبير قرئ بحقها".
يتبادر إلى أذهاننا أسئلة كان من المفروض الإجابة عليها من قبل مكتب المدعي العام قبل إصدار هذا البيان؟.
إلى ماذا توّصل مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية فيما يتعلق بالجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني خلال حروبه التي شنّها على الشعب الفلسطيني وآخرها عام (2014)، والتي ما تزال أثارها المادية موجودة على الأرض في قطاع غزة تشهد على جرائم المحتلين.
ألم يعلم أو يصل إلى علم المدعي العام ما يقوم به قادة الاحتلال من هدم للبيوت واعتقال للشباب والأطفال والنساء وأبعاد لسكان القدس عن أماكن سكناهم !
ألم يصل إلى مكتب المدعي العام ما يقوم به قادة الاحتلال الصهيوني من بناء للمستوطنات وبشكل علني وسافر، وفيه اعتداء وتغير للأرض والجغرافيا في فلسطين !!
ما هو موقف المدعي العام من جريمة بناء جدار الفصل العنصري على الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي يشكل جريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان وتوجب المساءلة الجنائية الدولية ؟
ولا بد من تسجيل الاستغراب من تبني البيان للرواية "الإسرائيلية" عندما أشار إلى عبارة (استخدام المدينين في قطاع غزة كدروع بشرية)، وهذا يشكل بمثابة الحكم المسبق وقبل قيام المدعي العام من التحقيق، وليس مقبولاً أن يتم التعاطي مع الموضوع بهذا الشكل .
إن البيان الذي صدر من مكتب المدعي العام مع أهميته وتقديرنا له إلا أنه غير كافي، وقد اغفل الكثير من الحقائق التي تقع على حدود قطاع غزة إذ انه تجنب ذكر الجرائم التي يرتكبها قادة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، الذي انطلق بمسيرات العودة يطالب بحق بالعودة وتقرير المصير بالطرق السلمية المقررة له بموجب قرارات هيئة الأمم المتحدة وأشهرها القرار (194) الفقرة (11(.
الأفعال على الأراضي من قبل قوات الاحتلال تشكل بيّنات قاطعة وأساسا قانونياً مقبولاً لفتح تحقيق جدي للوصول إلى نتيجة تخدم العدالة الدولية، وتبقي الأمل وتعزز الثقة لدى الشعوب في المؤسسات الدولية، وفي ذات الوقت تشكل ردعاً حقيقياً لمرتكبي الجرائم من قادة الاحتلال التي تهدد الإنسانية .
*محامي وباحث في القانون الدولي والمحكمة الجنائية الدولية