| د. مصطفى يوسف اللداوي مسيرة الشعب الكبرى | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75807 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: د. مصطفى يوسف اللداوي مسيرة الشعب الكبرى الثلاثاء 24 أبريل 2018 - 10:52 | |
| جيش الذبح الإسرائيلي في مواجهة مسيرة الشعب الكبرى
لا يستحي رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو عندما يصف جيش كيانه بأنه من أكثر جيوش العالم مناقبيةً وانضباطاً، ومن أكثرها التزاماً بالأخلاق العامة، وأشدها حرصاً على حقوق الإنسان، وأنه من أكثرها التزاماً بالتعليمات العسكرية، واحتراماً للتراتبية القيادية، التي تحاسب جنودها على أخطائهم، وتعاقبهم في حال إدانتهم، ولا تسمح لهم بالإساءة إلى سمعة كيانهم. ولهذا فقد هنأ جيشه على ما قام به جنوده على الحدود الشرقية لقطاع غزة، بعد المذبحة التي ارتكبها جيشه الأخلاقي بحق السكان العزل، الذين خرجوا في مسيرة سلمية لا سلاح فيها ولا متفجرات، ولا قنابل ولا بنادق، ولم يقتربوا من الأسلاك الشائكة التي تبعد عن جنودهم عشرات الأمتار، ومع ذلك فقد افتخر بهذا الجيش النظامي الذي قتل خمسة عشر فلسطينياً، وأصاب بجراح أكثر من ألف وخمسمائةٍ منهم، إصابة بعضهم خطرة، وكانت قيادة جيشه قد استجلبت عشرات القناصة الذين تنافسوا في إظهار براعتهم واستعراض مهارتهم في قنص الشبان والشابات، الذين خرجوا مع أسرهم وأفراد عائلاتهم، دون أن يكون في أيديهم حجارة أو أي شيءٍ آخر قد يخيف جنود الاحتلال. لست أدري هل يضحك نتنياهو على نفسه، أم يكذب على جيشه، أم يخدع المجتمع الدولي، أم يحاول أن يطمس الحقائق بلسانه، ويمحوها بكلامه، أو يوهم نفسه بما تخرف، عندما يتبجح بهذه التصريحات، ويتشدق بهذه الأوصاف التي تخالف الحقيقة، وتتنافى مع الواقع، وتكذبها الأحداث والأرقام والصور والوثائق والشهود والمستشفيات، ويدحضها إعلامهم ومستوطنوه، الذين رفض بعضهم تصريحاته، وكذب شهادته، ونفى روايته، وأنكر المبررات التي ساقها واستعرضها لتشريع القتل وجواز القنص. نحن لا ندعي عليهم ولا نفتري، ولا نحاول وصفهم بما ليس فيهم، أو إلصاق التهم بهم وهم منها براء، وإن كانوا هم أعداؤنا، وهم من يطلقون النار علينا ويقتلون أبناءنا ويحاصرون شعبنا، ومن حقنا أن نتهمه ونهاجمه، وأن ننتقده وندينه، إلا أن انتقاده هذه المرة جاء على لسان مواطنيه، فهذا الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي يقول "الجيش الإسرائيلي الذي يطلق النار من الدبابات، ومن قبل القناصين، على متظاهرين ليسوا مسلحين، وهم خلف الجدار، ولا يهددون حياة الجنود، ويتفاخر بقتل فلاحٍ في أرضه، هو جيشٌ يقوم بمذبحةٍ، ويستحق أن يسمى بجيش الذبح الإسرائيلي". جيش الكيان الصهيوني جيشٌ قاتلٌ، وجنوده مجرمون، وقادته إرهابيون، وسياسته عنصرية، وعقليته سادية، وتعليماته فاشية، ومنهجه العنف، وأفكاره التطرف، ومفاهيمه التشدد، ولا يستطيع رئيس حكومتهم أن ينفي هذه الصفات عن جيشه، مهما حاول أن يزينه ويزخرفه، وأن يحسنه وينقحه، فإن صفاته القبيحة بادية عليه، وسياسته العنصرية طاغية فيه، وهم لم يمارسوا القتل هذه المرة فقط، إنما يمارسونه كل يومٍ، ولا يترددون في إطلاق النار على الفلسطينيين سواء كانوا أطفالاً أو شيوخاً، أو رجالاً وكهولاً، أو فتياتٍ ونساء، فهم لا يبالون بالضحايا الفلسطينيين أياً كانت أعمارهم، ولا يبرؤونهم من التهم التي يلصقونها بهم، ويبررون بها قتلهم والاعتداء عليهم، والشواهد على جرائمهم كثيرة، وحالات الإعدام الميداني التي نفذوها في الشوارع عديدة. هل ينتظر العالم الحر وقيادته الديمقراطية مشاهد أكثر وضوحاً مما حدث في غزة في يوم الأرض، فقد خرج سكان القطاع المحاصرين ومعهم أطفالهم الرضع والصغار، والمرضى والمصابون والمعاقون، والنساء والشيوخ وطلبة الجامعات وتلاميذ المدارس، وما كان في نية أحدهم أن يرشق العدو بحجرٍ وإن كان هذا من حقهم، وقد صدرت تعليمات الهيئة المركزية للمسيرة الكبرى بمنع الاحتكاك مع جنود العدو، ومنع الاقتراب منهم أو الاشتباك معهم، وكانت قيادة أركان جيش العدو تعلم تماماً أن الذين خرجوا من بيوتهم، ما كانوا ينوون القتال، ولم يبيتوا نية الاشتباك، وكان كل همهم أن يعلنوا للعالم كله رسالتهم، رسالة الحصار والاضطهاد، والقيد والأسر والحرمان، والمعاناة والفقر والجوع والمرض والألم. رغم ذلك فقد تربص بهم جيش نتنياهو "المؤدب"، وأطلقت قناصته "ذات المناقبية العالية" رصاصها على فتاةٍ تحمل علماً، وعلى شابٍ يجري أمام إخوانه، وآخر يحاول اللعب مع رفاقه، ومن قبل أطلق جنوده قذائف الدبابات على المزارعين في أرضهم، وقتلت شاباً في حقله، وما زالت دباباته تطلق حمم قذائفها، وبنادقه الآلية تمشط الأرض وتطلق النار عشوائياً على المواطنين الفلسطينيين في أرضهم، وأثناء عملهم في حقولهم، ولا يتوقف وزير حربهم وكبار ضباط جيشه عن إطلاق المزيد من التحذيرات للفلسطينيين، والتأكيد على نيتهم في إطلاق النار على المحتجين الغاضبين، وعلى المتظاهرين المسالمين. لعل رئيس حكومة العدو وأركان قيادته العسكرية والأمنية يدركون أبعاد هذه المسيرة، والآفاق التي يتطلع إليها المشاركون فيها، فهم يدركون أن هذا الشعب مصرٌ على مواصلة نضاله بكل الأشكال الممكنة ليصل إلى غايته، ويحقق أهدافه، التي هي ليست فقط في رفع الحصار وتمكين الشعب من العيش الكريم، لكنهم يعلمون أن هذا الشعب يتطلع إلى العودة إلى دياره، وإلى استعادة أرضه وحقوقه، والعيش في وطنهم والاستمتاع بأملاكهم، وقد أدرك المستوطنون ذلك فهربوا، وعرفوا نية الفلسطينيين فخافوا. يثبت الفلسطينيون يوماً بعد آخر أنهم سادة المقاومة وأبطال المواجهة، ورجال المحن والتحدي، وأنهم دوماً يبتكرون وسائل نضالية جديدة، وأشكال مقاومة مختلفة، فهم لا يجمدون على شكلٍ من أشكال المقاومة، ولا يحصرون نضالهم في أسلوبٍ وحيدٍ، فقد فجروا هباتٍ وانتفاضاتٍ، وخاضوا حروباً ومعارك، واشتبكوا مع الجيش وواجهوا المستوطنين، وأطلقوا النار وزرعوا العبوات والمتفجرات. لكنهم هذه المرة يخوضون مسيرة الصمت، ويصنعون منها سيلاً جارفاً لا يرد، وإرادةً عظيمةً لا تقهر، ولعل زحف الآلاف يخيف الإسرائيليين، وسعي الأطفال يرعبهم، وصراخ الأطفال يقلقهم، فهؤلاء لا ينسون، وآباؤهم وأجدادهم لا يموتون، بل يورثون أولادهم حقوقهم، ويستودعونهم أماناتهم، فهل يقوى جيش العدو على استئصال العقيدة وكي الوعي وضعضعة اليقين، وقتل الأمل واغتيال الحنين، أم أنه يدرك أن هذه المسيرات الصامتة ليست إلا مسيرات ما قبل الزحف، ومظاهرات ما قبل الطوفان، وحشود ما قبل الاجتياح، ولعلهم مثلنا يرونه قريباً، ويشعرون بدنوه يقيناً. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75807 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: د. مصطفى يوسف اللداوي مسيرة الشعب الكبرى الثلاثاء 24 أبريل 2018 - 10:53 | |
| صفقة القرن رَفاهيةٌ بذلٍ أو سَحقٌ بعزٍ
لم تعد صفقة القرن وهماً أو خيالاً، ولا أماني أو أحلاماً، ولا هي هرطقات عجوزٍ أو حسابات تاجرٍ هرمٍ، كما لم تعد مجرد أفكارٍ ومجموعة تصوراتٍ، ولا مبادراتٍ ومساعي حلولٍ، بل غدت خططاً ومشاريع، وخرائط ورسوماتٍ، وحدوداً وحكوماتٍ، ووقائع وحقائق، وعما قريب سيتم الإعلان عنها رسمياً، والكشف عن بنودها فعلياً، ولن تعود غامضة أو سرية، بل ستكون علنية وصريحة، وسينشغل العالم بها وستخضع المنطقة كلها لها، وسيعمل حكام المنطقة عبيداً فيها وخدماً لسيدها، وسيعبدون الطريق أمامها وسيذللون العقبات من طريقها، ولن يقوَ أحدٌ منهم على الوقوف ضدها، بل سيخضعون الرافضين لها وسيعاقبون المناوئين لها، وسيضيقون على المعارضين لها حتي يقبلوا بها، أو ينسحبوا من الميدان ويتركوا الساحة السياسية لغيرهم ممن ينسجم معهم ويقبل، ويخضع لهم ويخنع، ويسلم بتصوراتهم ويتبع. انتهى الوقت الممنوح لمختلف الأطراف عدا الفلسطينيين الرافضين لها بالمطلق، والمعارضين لها بمختلف توجهاتهم السياسية وانتماءاتهم الحزبية والتنظيمية، للتعديل عليها، أو لتبديل بعض بنودها، أو لإبداء الرأي في مختلف جوانبها، ولم يبق إلا الإعلان عنها رسمياً، والمباشرة في فرض تنفيذها عملياً، وإكراه الأطراف على القبول بها، ويبدو أن دول المنطقة كلها باتت تترقب خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي سيخصص لها، وفيه سيتم الإعلان الرسمي عنها، وقد كان من المقرر أن يعلن عنها يوم الثاني عشر من شهر مارس/آذار الحالي، ولكن الإعلان أرجئ ولم يلغَ، وتأخر ولم ينسَ، وتنتظره بعد الخطاب مرحلتان مهمتان لهما دورٌ كبيرٌ في خطته، الأولى القمة العربية التي ستبارك الصفقة، والثانية زيارته للكيان الإسرائيلي في ذكرى النكبة لافتتاح سفارة بلاده في مدينة القدس المحتلة. المعروض على الفلسطينيين اليوم أمران لا ثالث لهما، ولا خيار أمامهم في غيرهما، فإما القبول بهذه الصفقة المبهمة الغامضة الغريبة العجيبة المجحفة الظالمة، مقابل رغد العيش ورفاهية الحياة، واتساع الأرض، وحرية العمل والتجارة، وانتعاش الحياة الاجتماعية ودوران عجلة الاقتصاد المحلية، وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم من كهرباء دائمة ومياه شربٍ نقيةٍ، وبنى تحتية جيدة، وخدماتٍ مدنية على مدى الساعة، وحرية سفر وانتقال، وجواز سفرٍ محترمٍ ومقدر، واعترافٍ دولي بكيانهم الجديد ودولتهم العتيدة، وعلاقاتٍ حسنةٍ مع الجوار العربي المحيط ودولة الكيان، ومع الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا مجتمعة، ومعها سلة أخرى من تقديمات حسن النوايا الإسرائيلية، كالإفراج عن الأسرى والمعتقلين، وإعادة جثت الشهداء وكشف اللثام عن المفقودين وتسليم رفاتهم، والسماح بالعمالة الفلسطينية بالعمل في سوق العمل الإسرائيلي في مختلف قطاعات البناء والزراعة والمعامل والمصانع وغيرها. أما الخيار البديل للقبول والموافقة، والسير في طريق تصفية القضية الفلسطينية وإنهائها، ووضع حلٍ نهائي وأبدي لها، بما يرضي "الشعب اليهودي" كله، وبما يحقق الأمن المطلق والدائم للإسرائيليين داخل حدود كيانهم الجديد، فإنه السحق الكامل والحصار الدائم والتجويع المطلق، والشطب الكلي من على الخارطة السياسية والقطاعات العسكرية، وعلى القوى السياسية أن تعمل فكرها وتحرر عقلها وتجري حساباتها، وتقرر بين أن تكون أو لا تكون، وبين أن تشارك أو تشطب، وبين أن يكون لها دور أو تهمش وتتبع، وفي خطط الصفقة الموازية تأليب الشعب ضد قواه، وتشجيع حركات التمرد والخروج، والثورة والانتفاضة ضد القوى والتنظيمات، وضد السلطة والمنظمة. ربما لا تعلم الشعوب العربية أن حكوماتها وقادتها أصبح أغلبهم جزءً من هذه الصفقة وطرفاً فيها، وركناً أساسياً في فرضها وتطبيقها، بل إن بعضهم يمارس الضغط والإكراه، ويلوح بالحصار والعقوبات، والتجريد والإقصاء والحرمان، في حال لم يوافق الفلسطينيون على الصفقة ويقبلوا بها، ولتعلم الشعوب العربية أن حكومات بلادهم قبلت بهذه الصفقة المذلة المخزية بلا مقابل، ووافقت عليها بلا ثمن، بل إن بعضها سيدفع مالاً وأخرى ستتنازل عن أرضٍ، وغيرها ستتكفل بمشاريع، وجميعها ستقبل بالتوطين وستمنح الجنسية للفلسطينيين المقيمين على أرضها، وستشطب عنهم صفة اللجوء التي حملوها معهم لسنين طويلة، أي أن هذه الحكومات ستعمل في هذه الصفقة بالسخرة والإكراه، أجيرةً ومستخدمةً، وإلا فستكوى ظهورهم بالسياط الأمريكية، وسيقصون من مناصبهم، وسيحرمون من سلطاتهم، وسيسقطون كما سقط غيرهم وهرب أو قتل. لعلنا اليوم وللمرة الأولى أمام قيادتين ترفضان ما نرفض، وتعترضان على ما نعترض، وهما السلطة الفلسطينية وحكومة المملكة الأردنية الهاشية، التي تستشعر الخطر مثلنا، وتبدي خوفها أكثر منا، وتعلن معارضتها للصفقة وعدم قبولها بها، وهو نفس الموقف الذي سمعناه من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي أعلن بوضوحٍ رفضه للصفقة وعدم موافقته عليها، ووعد بعدم تمريرها مهما كانت الأسباب. لذا نحن مدعوون جميعاً للتوافق والمصالحة والحوار، واللقاء والتفاهم والثبات، وعلينا أن نقوي مواقفنا، وأن نوحد جهودنا، وأن ننحي مشاكلنا جانباً، وأن نتحالف مع الموقف الأردني ما بقي معارضاً لهذه الصفقة ورافضاً لها، وعلينا أن نحرض الشعوب العربية لتقف معنا وتؤازرنا في موقفنا، وأن تمنع حكوماتها من الضغط على الفلسطينيين وتشديد الحصار عليهم، أو فرض عقوباتٍ جديدةٍ عليهم. لا شك أن الفلسطينيين بين أمرين أحلاهما مرُ، وبين خيارين أفضلهما شرُ، ولكن المخلص للوطن والصادق مع الشعب والنفس، والمتطلع إلى المستقبل والغد، والذي ينشد الماضي العريق وصفحات المجد التليد، فإنه لا يقبل بالمساومة، ولا يخضع للخيارات، ولا يقبل بالتسويات. فالفلسطينيون أصحاب قرار وعندهم عزمٌ وإرادة، وبدونهم لا يكون حلٌ ولا تمضي صفقة، ولا يقوى رئيس أكبر دولةٍ ولا زعيم أبغض كيانٍ أن يملي على الفلسطينيين حلاً لا يقبلونه، أو يفرض عليهم تسويةً تشطب وجودهم، وتصفي قضيتهم، وتشتت المشتت من شعبهم، وتنزع عنهم جنسيتهم وتستبدلها بغيرها، أو تنفي عنهم ملكية الأرض والأقصى والمقدسات، فالفلسطيني هو الأساس وهو صاحب الحق الشرعي المطلق، فلا تمر صفقةٌ بغير إرادته، ولا يفرض حلٌ بغير موافقته، وهيهات أن يكون بينهم خائنٌ فيفرط، أو عميلٌ فيبيع، أو مهادن فيضعف، أو متآمر فيقبل. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75807 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: د. مصطفى يوسف اللداوي مسيرة الشعب الكبرى الثلاثاء 24 أبريل 2018 - 10:54 | |
| الاحتجاج بالإطارات المشتعلة في الميزان النضالي
مسيرة العودة الكبرى (3) ضجت مختلف وسائل الإعلام الإسرائيلية بفعاليات الجمعة الثانية من المسيرة الوطنية الكبرى، وعبر العديد من المسؤولين الإسرائيليين عن مخاوفهم إذا أقدم الفلسطينيون المحتجون على تنفيذ تهديداتهم بإشعال آلاف إطارات السيارات على السياج الفاصل بين قطاع غزة والأرض المحتلة عام 48، واعتبر مسؤولون أمنيون أن إشعال هذه الإطارات سيضر بالبيئة، وسيؤدي إلى تلوثٍ كبيرٍ في المنطقة، وسيلحق ضرراً فادحاً بمستوطنات غلاف قطاع غزة، وذهب بعض المحللين إلى أن السحب السوداء ستغطي سماء الجنوب، وستصل سحب الدخان الأسود إلى بلدات بئر السبع والنقب، وقد تؤدي إلى حالات اختناقٍ كثيرةٍ، خاصةً بين كبار السن ومرضى الرئة والقلب، ممن يشكون من ضيقٍ في التنفس أو من اضطراباتٍ في القلب، ولهذا فقد طلبوا من مستوطنيهم إغلاق نوافذ بيوتهم، وعدم التعرض لسحب الدخان. ثم استنجد الإسرائيليون بمنظمة الصحة العالمية للحيلولة دون قيام الفلسطينيين بتنفيذ تهديداتهم، بعد أن رصدوا آلاف الإطارات المعدة للحرق على طول الحدود الشرقية، وفي جميع نقاط التماس مع جيشهم ومستوطناتهم، وطلبوا من المنظمة الدولية ممارسة الضغط على الفلسطينيين في قطاع غزة، ومخاطبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليصدر أوامره إلى مواطنيه بمنع إشعال الإطارات، وتحذيرهم من مغبة الإقدام على هذه الخطوة المضرة بالبيئة بصورةٍ عامةٍ، لأنها قد تعود بالضرر على الفلسطينيين أنفسهم، وناشدوا مصر وأصدقاء الفلسطينيين في العالم لممارسة الضغط عليهم وتقديم النصح لهم. ومن جانبٍ آخر هدد مسؤولون أمنيون وعسكريون إسرائيليون حركة حماس في قطاع غزة خصوصاً، والمواطنين الفلسطينيين على وجه العموم من مغبة الاشتراك في هذه الجريمة البيئية الكبيرة، ووجهوا لهم تحذيراً شديد اللهجة بأن جنودهم سيردون على المحتجين بكل قوةٍ، وسيتصدون لمحاولاتهم المس بأمن مستوطنيهم وسلامة صحتهم، وأكد وزير حربهم أفيغودور ليبرمان أن تعليمات وضوابط إطلاق النار على المتظاهرين لم تتغير، ولذا فعلى الفلسطينيين أن يكونوا حذرين من ردة فعل الجيش عليهم. غريبٌ منطق سلطات الاحتلال الإسرائيلي، يريدون منع الفلسطينيين من الشكوى وإظهار الألم، ويطلبون منهم الصمت والسكوت على الوجع، ويضغطون عليهم للامتناع عن الاحتجاج والتوقف عن التعبير عن الغضب، في الوقت الذي يحصدون فيه أرواح عشرات الشبان الفلسطينيين، ويصيبون بنيران بنادقهم الرشاشة مئات الشبان والشابات، ثم يريدون من الفلسطينيين أن يسكتوا على الظلم، وأن يرضوا بالضيم، وأن يسلموا أقدراهم للجزار يذبحهم، وللطاغي يبطش بهم، ولجنود جيشهم الذباح أن يحصد أرواحهم ويمزق أجسادهم، وكأنهم لا يرتكبون جريمةً تستحق الاحتجاج، ولا يقترفون فعلاً يستوجب الغضب. أليست احتجاجات الفلسطينيين سلمية، بل حضارية وإنسانية، وتتسم بالوعي والإدراك، والفهم والتعقل، وليس فيها شيءٌ من ضروب الجنون، ولا مشاهد عنف ولا محاولات اشتباكٍ أو عمليات استفزازٍ، بل إن تعليمات قادة المسيرة واضحة وصريحة، ومعلنة ومكشوفة، فهم لا يريدون الاحتكاك بجيش الاحتلال، ويمنعون المحتجين من الاقتراب من السياج، ويصرون عليهم عدم القيام بأي أفعالٍ قد يفهم منها أنها محاولة اقتحام، أو فيها شبهة زرع عبواتٍ أو إلقاء حجارة، فقط لنزع الذرائع من الاحتلال، ونفي الاشتباه ومنع اللبس. ألا يلاحظ الإسرائيليون ومعهم المجتمع الدولي أن أحداً من المحتجين لا يحمل سكيناً أو بندقية، وأنهم لا يحملون عصا ولا حجراً، ولا يزرعون عبوةً ولا يلقون قنبلة، وكل الوسائل التي يعتمدونها إنما هي سلمية وغير عنفية، وقوانين العالم كلها تجيزها وتقبل بها، ولا تصفها بأنها مخالفة للقوانين والأعراف، بل على العكس من ذلك فإنها تنسجم مع موروثات الشعوب ووسائل الأمم، وقد اعتادت عليها الشعوب الثائرة، وعرفتها الأنظمة الكولونالية الاستعمارية. إشعال إطارات السيارات ما هو إلا وسيلة للتعبير عن الاحتجاج، وأحد أشكال إظهار الغضب، علَ العالم ينتبه إلى معاناة الفلسطينيين، ويتعرف على مأساتهم، فلا ينزعنها العدو من بين أيدينا، ولا يحاول إظهار مظلمته أمام دول العالم، وكأن مستوطنيه سيختنقون، وسكان بلداته سيموتون، جراء دخانٍ أسودٍ قد لا يصلهم، ومخلفاتٍ إطاراتٍ قد لا تضرهم، بينما يجيزون لأنفسهم إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، وقنابل الغاز الخانق، والتي تحمل ذرات الفلفل الحار وغيرها، وهو يعلم أن قنابله تخنق الرجال قبل الأطفال، وتتسبب في مقتل الأصحاء قبل المرضى، ويتعمد جنوده إطلاقها على الفلسطينيين في الأماكن الضيقة والمغلقة، وباتجاه الرياح التي تحمل الدخان إليهم، ثم يرفعون أصواتهم إلى المجتمع الدولي بالشكوى من إطارات شعبٍ مظلوم، وسحاب دخانٍ قد يرتد عليهم وإن كان يحمل رسائلهم وينقل معاناتهم. وإذا اشتكى رياض منصور سفير فلسطين في الأمم المتحدة من ممارسات جيش الاحتلال ضد فلسطينيي قطاع غزة، يصب عليه مندوبهم جام غضبه، ويتهمه بالتضليل والكذب، وبتشويه الحقائق وتزوير الوقائع، وأنه يتعمد تشويه حكومة كيانه وتحريض المجتمع الدولي عليها، رغم أن حكومته لا تعاقب قطاع غزة، بل تسعى بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي لتخفيف الأعباء ورفع الحصار جزئياً عنه، والمساهمة في حل بعض مشاكله، ولكن رئيس سلطته هو الذي يعاقب القطاع وسكانه. نحن شعبٌ متحضر، وننتمي إلى أمةٍ عظيمةٍ، ثقافتنا عالية ووعينا كبير، وفهمنا ناضج وعقولنا مستنيرة، نعرف ما يضر وما ينفع، وندرك ما يفسد وما يفيد، ولسنا بحاجةٍ إلى نصح عدو ولا إلى توجيه صديقٍ، ولا تعنينا تهديدات أركان حرب جيشهم ولا تحذيرات قادة كيانهم، فغاية شعبنا الحرية والكرامة، ورفع الظلم ووقف العدوان، وإزالة الحصار والعودة إلى الديار، وهذا حقنا العادل، وغايتنا المرجوة، وأهدافنا المشروعة، فلا يَصًدَّنا عنها أحد، ولا يردعنا عدو، ولا يستخف بعقلنا مغرورٌ، ولا يستقوي علينا ظالمٌ، ولا يستقل قدراتنا جاهلٌ، ولا يحرض علينا أحمق. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75807 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: د. مصطفى يوسف اللداوي مسيرة الشعب الكبرى الثلاثاء 24 أبريل 2018 - 10:56 | |
| مسيرة العودة مشاهدٌ وصورٌ
شكلت مسيرة العودة الكبرى مسار حياةٍ جديدةٍ لفلسطينيي قطاع غزة، وباتت مفردة طبيعية في حياتهم، وفعالية يومية مشوقة لا يستغنون عنها، ونشاطاً دائماً مرغوباً يتهيأون لها ويستعدون لاستقبال يومها، ويترقبونها بشغفٍ وينتظرون انعقادها بأملٍ، رغم ما يكتنفهم فيها من مخاطر، وما قد يتعرضون له من حوادث كبيرة كالاستشهاد والإصابة، إلا أن هذه الأخطار المتوقعة لا تنفي أبداً تعلق الفلسطينيين بمسيرتهم، وإيمانهم بها، وحرصهم على الالتزام بفعالياتها، والمشاركة في أنشطتها، والحفاظ على وتيرتها والاستمرار فيها. العلم الفلسطيني الزاهي القشيب، بألوانه الأربعة الأصيلة، حاضرٌ في كل مكانٍ، وموجودٌ في كل الساحات، يرفعه الفلسطينيون جميعاً أياً كانت انتماءاتهم التنظيمية وولاءاتهم الحزبية، فهو الراية التي اتفق المنظمون على رفعها، وهي العلم الذي قبل الفلسطينيون الاجتماع في رحابه، والتفيؤ تحت ظلاله، فلا تنافسه رايةٌ، ولا يحل مكانه شعارٌ آخرٌ، ولا يختلف أو يتأخر عن رفعه أحدٌ. لكن الفلسطينيين لا يكتفون برفع العلم فوق خيامهم، ولا على سارياتٍ عاليةٍ نصبوها في مناطقهم، بل يقدم في كل يومٍ شبانٌ فلسطينيون، شجعانٌ لكنهم مغامرون، تملأهم الحماسة وتسكنهم الغيرة، لا يعرفون الخوف ولا يهابون من الخطر، يرفعون علم بلادهم فوق السياج الفاصل، ويزرعونه في الأرض وتداً أمام عيون جنود الاحتلال، ويدعونه يرفرف فوق الأسلاك وعلى الرُّبى والتلال، وقد يسرع بعضهم حاملاً العلم عالياً، ويتجه به بقوةٍ نحو السياج، ويقترب بعلمه من جنود العدو وقناصته. يحرص المحتجون الفلسطينيون خلال فعالياتهم اليومية في مسيرة العودة الكبرى، على رفع الأذان وإقامة الصلوات وأدائها في أوقاتها بأعدادٍ كبيرةٍ على السياج الفاصل، فيبدو مظهرهم مهيباً وحضورهم لافتاً، وأصواتهم المؤمنة على الدعاء أو المكبرة أثناء الصلاة مرعبة للإسرائيليين، الذين يرقبونهم وهم يؤدون الصلاة، ويشاهدون صفوفهم الطويلة، وأعدادهم المرصوصة، وحركاتهم المنسجمة، وأصواتهم الموحدة، فيصيبهم الهلع مما يرون، ويعتريهم الخوف مما يشاهدون. ولهذا فإنهم يحرصون في كل مرةٍ على تعكير صفو صلاتهم، وتكدير جمعهم وتشتيت صفوفهم، إذ يطلقون على المصلين قنابل الغاز المسيلة للدموع، كيما تفرق جمعهم، وتفسد صلاتهم، ورغم علم المصلين بسلوك جنود الاحتلال ومعرفتهم المسبقة بنواياهم الخبيثة، إلا أنهم يصطفون أمامهم رجالاً ونساءً، وأطفالاً وشباناً، ويتحدونهم بصلاتهم، ويثبتون أمامهم بأجسادهم العارية، وصدروهم المنتفخة، ورؤوسهم العالية المتشامخة، ويجلسون على الأرض قبالتهم يسامعون إلى الخطيب ويصغون بصمتٍ له. تتعدد الحلقات والندوات على السياج الفاصل خلال أيام مسيرة العودة، وتتبارى الجامعات في تنظيم حلقات البحث والمناقشة، وتجتهد الهيئات القانونية والحقوقية في عقد محاكم دولية "صورية" لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وإصدار الأحكام في حق الجنود والضباط الذين يرتكبون جرائم في حق الفلسطينيين، وخلالها يستعرضون حقوق الفلسطينيين واعتداءات الإسرائيليين ومخالفاتهم للقوانين والأحكام والأعراف الدولية. ويلتقي في الخيام المنصوبة والسرادقات الواسعة جمهورٌ كبير يستمع إلى المتحدثين والخطباء، إذ دأب مسؤولون فلسطينيون كبار على إلقاء كلماتهم العامة من على منابر مسيرة العودة الكبرى، حيث يؤم المحتجين في ساحاتهم، قادةُ الفصائل والتنظيمات، ومسؤولون ونقابيون وحقوقيون وسياسيون وغيرهم، يلقون كلماتهم، ويشحذون همم أهلهم، ويشجعونهم للمضي قدماً في مسيرتهم. ولا يكاد يمر يومٌ دون أن يعقد منظمو مسيرة العودة مؤتمراً صحفياً، يشرحون فيه أهدافهم، ويبينون مواقفهم، ويحددون فيها ضوابطهم وحدود التحرك الشعبي، وفيها يعلنون عن حصيلة الجرائم الإسرائيلية بحق أبناء شعبهم، ويكشفون عن أعداد الشهداء والجرحى، والمناطق التي استهدفوا فيها، وغير ذلك من نتائج الحراك الشعبي خلال أسبوع ما بين الجمعتين. ويشارك عامة الفلسطينيين في بطحاء الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة بأشكال مختلفة، وفعالياتٍ متنوعة، فبعضهم يلقي قصائد شعرية، وآخرون يشتركون في مشاهد تمثيلية، بينما يتحلق بعضهم حول واعظٍ أو شيخٍ، أو يستمعون إلى خبيرٍ أو مختصٍ، بينما تنقل مكبرات الصوت التوجيهات والتعليمات، وتكرر الضوابط والإرشادات، مما يجعل من المسيرة العامة، يوماً حافلاً بالأحداث، ومليئاً بالمفاجئات، وزاخراً بالفعاليات التي تبعث على الحماس، وتحرض على الثبات، وتدعو للاستمرار، وتشجع على البقاء والتضحية والفداء. أما المجلس التشريعي الفلسطيني فما كان غائباً عن الأحداث، ولا بعيداً عن الساحات، فقد حضر عبر سكرتاريته التي أعلنت عن نية المجلس عقد اجتماعٍ عامٍ لأعضاء المجلس التشريعي على السياج الفاصل خلال أحد أيام المسيرة الكبرى، وقد يشهد جلساته جموعٌ عامة من الفلسطينيين، وستطرح فيها قضايا كثيرة ومتعددة، وإن كانت هموم الأسرى والمعتقلين في مقدمة برنامجهم، وأحد أهم البنود على جدول أعمالهم. إلا أن هذه المشاهد كلها لا تحجب التجمعات الشعبية على السياج، التي تقف تهتف وتكبر، وتتطلع بعيونها من بعيدٍ إلى أرضها، وتهفو قلوبها إلى مواطنها، فيكون رد جنود الاحتلال عليهم وابلاً من الرصاص القاتل والمطاطي، ومئات قنابل الغاز الخانقة والمسيلة للدموع، ظانين أن رصاصهم سيخيف المحتجين وسيردعهم، وقنابلهم ستفرقهم وستشتتهم، وأن قناصتهم ستبث الرعب في قلوبهم وترهبهم، وما علموا أن الفلسطيني قد جاء إلى أرض المعمعة وهو يعلم أنه في مواجهة عدوٍ سيقتله، وجنودٍ سيطلقون النار عليه، وأنهم في هذه المواجهة جميعاً مشاريع شهداء أو أهدافاً للإصابة. غدت لمسيرة العودة الكبرى طقوسٌ وعاداتٌ، وعلاماتٌ ومميزاتٌ، وأصبح لها مرافقها ولوازمها، وساحاتها ومراكز التجمع فيها، وأصبحت خيامها مكاناً للقاء وساحاتها مراكزاً للتجمهر والاجتماع، وكثرت فيها المشاهد الجديدة المميزة، وتعددت الصور الشعبية الرائعة، التي تدل على الوحدة والاتفاق، وعلى التعاون والإخاء، وقد يصعب على أحدٍ أن يرصد كل ما يدور في ساحات العودة من أنشطة، أو أن يسجل ما يدور في أروقتها من أحداث، إذ أنها عديدة ومتجددة، وفي كل يومٍ تبرز مشاهد جديدة، وتطغى ظواهر أخرى، الأمر الذي يجعل من مسيرة العودة فرصةً للإبداع، وميداناً رحباً للعطاء، ولهذا فقد لا أذكر هنا غير القليل من مشاهدها الجميلة، والنزر اليسير من فعالياتها اليومية، ومع الأيام وتوالي المقالات قد أحيط بأغلبها، وقد أسلط الضوء على أكثرها. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75807 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: د. مصطفى يوسف اللداوي مسيرة الشعب الكبرى الثلاثاء 24 أبريل 2018 - 10:56 | |
| مسيرة العودة الكبرى (5) شكلت مسيرة العودة الكبرى مسار حياةٍ جديدةٍ لفلسطينيي قطاع غزة، وباتت مفردة طبيعية في حياتهم، وفعالية يومية مشوقة لا يستغنون عنها، ونشاطاً دائماً مرغوباً يتهيأون لها ويستعدون لاستقبال يومها، ويترقبونها بشغفٍ وينتظرون انعقادها بأملٍ، رغم ما يكتنفهم فيها من مخاطر، وما قد يتعرضون له من حوادث كبيرة كالاستشهاد والإصابة، إلا أن هذه الأخطار المتوقعة لا تنفي أبداً تعلق الفلسطينيين بمسيرتهم، وإيمانهم بها، وحرصهم على الالتزام بفعالياتها، والمشاركة في أنشطتها، والحفاظ على وتيرتها والاستمرار فيها. العلم الفلسطيني الزاهي القشيب، بألوانه الأربعة الأصيلة، حاضرٌ في كل مكانٍ، وموجودٌ في كل الساحات، يرفعه الفلسطينيون جميعاً أياً كانت انتماءاتهم التنظيمية وولاءاتهم الحزبية، فهو الراية التي اتفق المنظمون على رفعها، وهي العلم الذي قبل الفلسطينيون الاجتماع في رحابه، والتفيؤ تحت ظلاله، فلا تنافسه رايةٌ، ولا يحل مكانه شعارٌ آخرٌ، ولا يختلف أو يتأخر عن رفعه أحدٌ. لكن الفلسطينيين لا يكتفون برفع العلم فوق خيامهم، ولا على سارياتٍ عاليةٍ نصبوها في مناطقهم، بل يقدم في كل يومٍ شبانٌ فلسطينيون، شجعانٌ لكنهم مغامرون، تملأهم الحماسة وتسكنهم الغيرة، لا يعرفون الخوف ولا يهابون من الخطر، يرفعون علم بلادهم فوق السياج الفاصل، ويزرعونه في الأرض وتداً أمام عيون جنود الاحتلال، ويدعونه يرفرف فوق الأسلاك وعلى الرُّبى والتلال، وقد يسرع بعضهم حاملاً العلم عالياً، ويتجه به بقوةٍ نحو السياج، ويقترب بعلمه من جنود العدو وقناصته. يحرص المحتجون الفلسطينيون خلال فعالياتهم اليومية في مسيرة العودة الكبرى، على رفع الأذان وإقامة الصلوات وأدائها في أوقاتها بأعدادٍ كبيرةٍ على السياج الفاصل، فيبدو مظهرهم مهيباً وحضورهم لافتاً، وأصواتهم المؤمنة على الدعاء أو المكبرة أثناء الصلاة مرعبة للإسرائيليين، الذين يرقبونهم وهم يؤدون الصلاة، ويشاهدون صفوفهم الطويلة، وأعدادهم المرصوصة، وحركاتهم المنسجمة، وأصواتهم الموحدة، فيصيبهم الهلع مما يرون، ويعتريهم الخوف مما يشاهدون. ولهذا فإنهم يحرصون في كل مرةٍ على تعكير صفو صلاتهم، وتكدير جمعهم وتشتيت صفوفهم، إذ يطلقون على المصلين قنابل الغاز المسيلة للدموع، كيما تفرق جمعهم، وتفسد صلاتهم، ورغم علم المصلين بسلوك جنود الاحتلال ومعرفتهم المسبقة بنواياهم الخبيثة، إلا أنهم يصطفون أمامهم رجالاً ونساءً، وأطفالاً وشباناً، ويتحدونهم بصلاتهم، ويثبتون أمامهم بأجسادهم العارية، وصدروهم المنتفخة، ورؤوسهم العالية المتشامخة، ويجلسون على الأرض قبالتهم يسامعون إلى الخطيب ويصغون بصمتٍ له. تتعدد الحلقات والندوات على السياج الفاصل خلال أيام مسيرة العودة، وتتبارى الجامعات في تنظيم حلقات البحث والمناقشة، وتجتهد الهيئات القانونية والحقوقية في عقد محاكم دولية "صورية" لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وإصدار الأحكام في حق الجنود والضباط الذين يرتكبون جرائم في حق الفلسطينيين، وخلالها يستعرضون حقوق الفلسطينيين واعتداءات الإسرائيليين ومخالفاتهم للقوانين والأحكام والأعراف الدولية. ويلتقي في الخيام المنصوبة والسرادقات الواسعة جمهورٌ كبير يستمع إلى المتحدثين والخطباء، إذ دأب مسؤولون فلسطينيون كبار على إلقاء كلماتهم العامة من على منابر مسيرة العودة الكبرى، حيث يؤم المحتجين في ساحاتهم، قادةُ الفصائل والتنظيمات، ومسؤولون ونقابيون وحقوقيون وسياسيون وغيرهم، يلقون كلماتهم، ويشحذون همم أهلهم، ويشجعونهم للمضي قدماً في مسيرتهم. ولا يكاد يمر يومٌ دون أن يعقد منظمو مسيرة العودة مؤتمراً صحفياً، يشرحون فيه أهدافهم، ويبينون مواقفهم، ويحددون فيها ضوابطهم وحدود التحرك الشعبي، وفيها يعلنون عن حصيلة الجرائم الإسرائيلية بحق أبناء شعبهم، ويكشفون عن أعداد الشهداء والجرحى، والمناطق التي استهدفوا فيها، وغير ذلك من نتائج الحراك الشعبي خلال أسبوع ما بين الجمعتين. ويشارك عامة الفلسطينيين في بطحاء الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة بأشكال مختلفة، وفعالياتٍ متنوعة، فبعضهم يلقي قصائد شعرية، وآخرون يشتركون في مشاهد تمثيلية، بينما يتحلق بعضهم حول واعظٍ أو شيخٍ، أو يستمعون إلى خبيرٍ أو مختصٍ، بينما تنقل مكبرات الصوت التوجيهات والتعليمات، وتكرر الضوابط والإرشادات، مما يجعل من المسيرة العامة، يوماً حافلاً بالأحداث، ومليئاً بالمفاجئات، وزاخراً بالفعاليات التي تبعث على الحماس، وتحرض على الثبات، وتدعو للاستمرار، وتشجع على البقاء والتضحية والفداء. أما المجلس التشريعي الفلسطيني فما كان غائباً عن الأحداث، ولا بعيداً عن الساحات، فقد حضر عبر سكرتاريته التي أعلنت عن نية المجلس عقد اجتماعٍ عامٍ لأعضاء المجلس التشريعي على السياج الفاصل خلال أحد أيام المسيرة الكبرى، وقد يشهد جلساته جموعٌ عامة من الفلسطينيين، وستطرح فيها قضايا كثيرة ومتعددة، وإن كانت هموم الأسرى والمعتقلين في مقدمة برنامجهم، وأحد أهم البنود على جدول أعمالهم. إلا أن هذه المشاهد كلها لا تحجب التجمعات الشعبية على السياج، التي تقف تهتف وتكبر، وتتطلع بعيونها من بعيدٍ إلى أرضها، وتهفو قلوبها إلى مواطنها، فيكون رد جنود الاحتلال عليهم وابلاً من الرصاص القاتل والمطاطي، ومئات قنابل الغاز الخانقة والمسيلة للدموع، ظانين أن رصاصهم سيخيف المحتجين وسيردعهم، وقنابلهم ستفرقهم وستشتتهم، وأن قناصتهم ستبث الرعب في قلوبهم وترهبهم، وما علموا أن الفلسطيني قد جاء إلى أرض المعمعة وهو يعلم أنه في مواجهة عدوٍ سيقتله، وجنودٍ سيطلقون النار عليه، وأنهم في هذه المواجهة جميعاً مشاريع شهداء أو أهدافاً للإصابة. غدت لمسيرة العودة الكبرى طقوسٌ وعاداتٌ، وعلاماتٌ ومميزاتٌ، وأصبح لها مرافقها ولوازمها، وساحاتها ومراكز التجمع فيها، وأصبحت خيامها مكاناً للقاء وساحاتها مراكزاً للتجمهر والاجتماع، وكثرت فيها المشاهد الجديدة المميزة، وتعددت الصور الشعبية الرائعة، التي تدل على الوحدة والاتفاق، وعلى التعاون والإخاء، وقد يصعب على أحدٍ أن يرصد كل ما يدور في ساحات العودة من أنشطة، أو أن يسجل ما يدور في أروقتها من أحداث، إذ أنها عديدة ومتجددة، وفي كل يومٍ تبرز مشاهد جديدة، وتطغى ظواهر أخرى، الأمر الذي يجعل من مسيرة العودة فرصةً للإبداع، وميداناً رحباً للعطاء، ولهذا فقد لا أذكر هنا غير القليل من مشاهدها الجميلة، والنزر اليسير من فعالياتها اليومية، ومع الأيام وتوالي المقالات قد أحيط بأغلبها، وقد أسلط الضوء على أكثرها. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75807 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: د. مصطفى يوسف اللداوي مسيرة الشعب الكبرى الثلاثاء 24 أبريل 2018 - 10:57 | |
| أسلحة مسيرة العودة وأدوات المقاومة الشعبية
عزم الفلسطينيون على مواصلة مسيرة العودة الوطنية الكبرى، وصمموا على خوض غمارها بوسائل سلمية مدنية بسيطة، لا شبهة للعنف فيها، ولا نية فيها لأي شكلٍ من أشكال العمليات العسكرية، لئلا يكون لدى العدو أي ذريعة ضدهم، أو مبرر لاستخدام القوة المفرطة في التصدي لهم، ولكنهم عندما تخلوا عن المقاومة المسلحة، فقد قرروا أن يتسلحوا بأسلحة أخرى، يصعب وصفها بأنها قتالية، كما لا يمكن تصنيفها بأنها محرمة أو ممنوعة، ولكنها مجدية وفعالة، ولها أثر كبير، ومتوفرة بين أيديهم بكثرة، ويمكن إنتاجها بوفرة. فقد لجأ الفلسطينيون إلى ألعاب الأطفال، وعادوا إلى الوراء إلى أيام الصبا، عندما كانوا يلهون بالطائرات الورقية الملونة والمزركشة، ويطلقونها في السماء عالياً، ويتنافسون فيما بينهم أيهم تحلق طائرته أعلى من طائرة غيره، وأيها تبقى في الأجواء لفترةٍ زمنيةٍ أطول، وغالباً ما كانوا يلهون بها في مثل هذه الأوقات من السنة، خلال فصلي الربيع والصيف. استعاد الفلسطينيون طائراتهم الورقية التي حرمهم منها الاحتلال كثيراً، وصادر حقوق أطفالهم المشروعة فيها، عندما منعهم من الاستمتاع بها، وقد كانت محببة لهم وأثيرة عندهم، فقرروا اليوم أن يعودوا إليها، بمهارة الأطفال وقوة الرجال، وأن يستخدموها سلاحاً ضد العدو الذي حرمهم قديماً من اللعب فيها، فطيروا طائراتهم الورقية المتعددة الأشكال والأحجام، والمختلفة الألوان والرسوم، ولكن بعد أن زودوها بمواد حارقة. أطلقوها بعيداً خلف الحدود والأسوار، فوصلت إلى حيث لا يستطيعون الوصول، وأودعوها أمانيهم التي يحلمون بها، ورغباتهم التي يضحون من أجلها، فاستطاعت هذه الطائرات الورقية الصبيانية الصغيرة البسيطة أن تتجاوز الأسوار، وأن تجتاز السياج، وأن تحلق في السماء عالياً، وتطير فوق الحقول والبساتين، وتهوي عليها من علٍ، فتشعل النار في بعضها، وتحرق محاصيلها، وتتلف ثمارها، وتلحق أضراراً في المرافق والممتلكات. جن جنون المستوطنين وباتوا في حيرةٍ من أمرهم، وفي حالٍ من الكرب والفزع كبير، يطالبون حكومتهم بحمايتهم من هذه الطائرات الورقية الحارقة، فقد تسببت في خسائر مادية لهم بعشرات آلاف الشواكل، بينما الطائرة الورقية الواحدة لا تكلف صاحبها مع الخيوط التي تتحكم فيها أكثر من عشرة شواكل، مما حدا بسكان مستوطنات غلاف قطاع غزة إلى دعوة حكومتهم إلى إطلاق قبة جديدة في سمائهم، تحميهم من الطائرات الورقية الحارقة، أو أن تتنبأ بها راداراتهم وتطلق عليها صواريخهم الاعتراضية من طراز باتريوت أو حيتس "السهم" بكل أجياله لتسقطها. ازدادت مع كثرة النيران المشتعلة شكاوى المستوطنين من مختلف المستوطنات على امتداد الحدود الشرقية لقطاع غزة، وعلا صراخهم واشتد الخصام فيما بينهم، ودبت الخلافات بين قادتهم العسكريين والسياسيين، إذ عجز الأوائل عن مواجهة هذا السلاح الجديد، وأعلنوا أنهم لا يستطيعون إسقاطه، ولا يملكون تكنولوجيا خاصة به للتصدي له، فقد نشطت الطائرات الورقية، وكثرت طلعاتها، وازدادت حدة قذائفها، وتبارى الفلسطينيون في صناعتها، وتفننوا في تسليحها وتحميلها مواداً حارقةً، لتكون فاعلةً أكثر ومؤثرة، وربما ستخضع في الأيام القادمة إلى تجارب جديدة، وقد تتطور وتُجرى عليها تعديلاتٍ فنية تجعل منها أكثر قوةً وفتكاً. لن يعيَّ الفلسطينيون ولن يعدموا حيلةً، ولن يعجزوا عن ابتكار وسائل للمقاومة جديدة، وابتداع أدواتٍ للقتال مفاجئةٍ وفعالةٍ، فهم يصرون على أن تبقى مسيرتهم الوطنية الكبرى مسيرةً سلميةً، ولهذا فإنهم لن يألوا جهداً في البحث عن أشكال للمقاومة جديدة، ووسائل للصمود كبيرة، تكون قريبة منهم، وفي متناول أيديهم، ولا يستطيع العدو أن يحرمهم منها، أو أن يحاصرهم فيمنعهم من إنتاجها، أو يجردهم منها وينزعها من بين أيديهم. فهذه أسلحة وطنية محلية الصنع، تشبه حجارة الأرض وتنتمي إليها، وتحمل طهرها وقداستها، فكما كانت الحجارة كثيرة ومنتشرة، ومتنوعة ومتعددة، صخرية وإسمنتية، وقرميد وصوان وحصى وزلط وكركار وغير ذلك، فإن أسلحة المسيرة الوطنية ستكون على منوال الحجر وصنواً له، وستكون رمزاً لها وعلامةً مميزةً فيها. لن يقف الفلسطينيون عند الحجر والمقلاع، والإطار والعلم، والطائرة الورقية والجموع البشرية، وإن كانوا قد برعوا فيها كلها ونجحوا، ولكنهم سيسعون دائماً لخلق البدائل، وابتكار الوسائل، لتكون نماذج تحتذى وأيقوناتٍ تحفظ، ولعل العدو يقف عاجزاً عن مواجهة هذه الأسلحة البدائية البسيطة، التي حرمته استخدام وسائله القتالية الحديثة والفتاكة، إذ كيف يمكنه منع سحائب الدخان الأسود المنبعث من إطارات السيارات المشتعلة من أن تجتاح مستوطناته، وأن تزكم أناف مستوطنيه وتخنقهم، وقد وقفت الرياح إلى جانب الفلسطينيين ضدهم، وهبت من مناطقهم إلى مستوطناته. الإسرائيليون باتوا حيارى مضطربين، يفكرون بجدٍ كيف يستطيعون أن يسقطوا هذه الطائرات الورقية، أو أن يحرقوا العلم ويسكتوا الصوت ويفرقوا الجمع، فباتوا يشعرون أن مسيرة العودة تطوقهم، وإرادة الجماهير الفلسطينية تحاصرهم، وأن العالم يقف معهم ويؤيدهم، ويناصرهم في مطالبهم ويساندهم، في الوقت الذي يدين فيه عنف جنوده وقسوة جيشه، واستخدامهم المفرط للأعيرة النارية التي تسببت في مقتل أكثر من ثلاثين فلسطينياً وإصابة أكثر من أربعة آلافٍ آخرين. في أيام الجمعة القادمة وصولاً إلى ذكرى النكبة، سيسمع العالم عن تفانين فلسطينية كثيرة، وسيفاجئ العدو بأفكارٍ نضالية عجيبة، تزيد من حرجه، وتفاقم من أزمته، وتضيق عليه الحصار أكثر، فهذا شعبٌ أقسم أن يستعيد حقه، وعاهد أجياله وشهداءه أن يحفظ حقوقهم، وأن يقاتل من أجلهم، وأن يصبر على أذى العدو وظلمه، حتى ينال حريته، ويسترجع وطنه، ويرفع الحصار عن أرضه وشعبه، ولعل هذه الأهداف قريبة المنال، ممكنة التحقيق، مهما تجبر العدو وتغطرس، وكابر وامتنع، فسيخضع في نهاية المطاف وسيخنع، فما دام في التاريخ استعمارٌ ولا مات شعب، ولا بقي احتلال ولا اضمحلت أمة، ولا استأصل عدو من الوجدان حلماً، ولا قتل في قلوب المؤمنين أملاً، وما صبح الليل مهما طال ببعيد، ولا نور الفجر بمستحيل. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75807 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: د. مصطفى يوسف اللداوي مسيرة الشعب الكبرى الثلاثاء 24 أبريل 2018 - 10:58 | |
| بين انتفاضة الحجارة ومسيرة العودة دروسٌ وعظاتٌ
مسيرة العودة الكبرى (6) يعلق الفلسطينيون عامةً وسكان قطاع غزة خاصةً الكثير من الآمال على مسيرة العودة الكبرى، ويأملون فيها أن تكون بوابة الأمل ومفتاح الفرج، والسبيل الناجع لرفع الحصار وإنهاء العقوبات، واستعادة الحرية وتحقيق الوحدة الوطنية بين الأطراف الفلسطينية المختلفة، ويرون أنها بصيصُ أملٍ جادٍ في مسيرة المقاومة، ووسيلةٌ نضالية جديدة، يجمع عليها الفلسطينيون ويتوحدون من أجلها، وتتلاشى اختلافاتهم أمامها، فهي شكلٌ عليه يتوافقون، وأسلوبٌ له قد يطورون. لهذا بات الفلسطينيون يرغبون أن تبقى المسيرة سلمية مدنية شعبية، لا مقاومة عنفية فيها، ولا عمليات عسكرية تتخللها، ولا استفزازات قاسية تخرجها عن سمتها، ولا اشتباكاتٍ مع قوات الاحتلال خلالها تجهضها، أو تغير صورتها، أو تحرفها عن مضمونها وتضفي عليها صفة المواجهة العسكرية، فيفقد الفلسطينيون وجهها الشعبي وطبيعتها السلمية وتفوقها المدني، ويكون حينها للعدو لدى دول العالم مبررٌ شرعي أو قانوني لضربها، والقضاء عليها في مهدها، وخنقها في بداياتها، ومنعها من الاستمرار في أحلامها الكبيرة. ولهذا فإنهم يتمسكون بها ويحرصون عليها ويخشون من فشلها، ولا يريدون أن يخسروها، ولا أن يحبطوا أو تضيع جهودهم ودماء شهدائهم فيها هباءً، بل يريدون لها النجاح الكامل، وأن تؤتي ثمارها المرجوة، وأن تحقق الأهداف المنشودة منها، ولهم في ذلك في انتفاضة الحجارة الأولى أبلغ مثال وأفضل نموذج. فقد استطاعت انتفاضة الحجارة الأولى التي اندلعت شرارتها صبيحة يوم الثامن من ديسمبر/كانون أول عام 1987، أن تصمد لأكثر من خمسة سنواتٍ متتالية، عجز فيها العدو الإسرائيلي لولا المفاوضات السرية والحوارات الخفية، عن وضع حدٍ لها، أو إطفاء جذوتها وإنهاء فعالياتها، رغم أنه سجن واعتقل عشرات آلاف الفلسطينيين، وقتل آلافاً آخرين، وكانت قواته حينها في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولكنه رغم قواته الكبيرة وعتاده الخطير، إلا أن حجارة الأطفال، وشعبية المواجهة، منعته من استخدام قوته المفرطة في مواجهة الفلسطينيين، الذين اقتصرت عملياتهم على الحجر والسكين، وعلى المدية والفأس، وغيرها من الأدوات البدائية التي لا تشكل خطراً على أكثر من مستوطنٍ واحدٍ. يرى الفلسطينيون أن الفرصة أمامهم سانحة، وقدرتهم على الثبات والصمود رغم الحصار والظروف الصعبة كبيرة، فلا ينبغي أن تضيع منهم هذه الفرصة، ولا أن تفلت من بين أيديهم هذه السانحة، حتى ولو أتيحت لهم أهدافٌ إسرائيلية سهلة ومغرية، فلن ينجرفوا إلى ما يريده العدو منهم، ولن يعطوا السيف الذي به يقتلهم، خاصةً في ظل حالة التردي العربي الكبيرة، والانهيارات المتوالية في الأنظمة والحكومات، وتوالي الاختراقات الصهيونية وتلاشي جدران الممانعة والمقاطعة العربية، وبداية مواسم الهجرة العربية الرسمية إلى إسرائيل، والاعتراف بها وتقديم أوراق الاعتماد إليها. وعليه ينبغي الحفاظ على سلمية المقاومة، ومدنية المسيرات، وعدم القيام بأي أعمالٍ عسكرية، كإلقاء القنابل وإطلاق الأعيرة النارية، أو إطلاق الصواريخ والقيام بعمليات تسللٍ واشتباكٍ خلف خطوط النار، أو وراء السياج الفاصل، والإبقاء على هذا الشكل من المواجهات التي تخلو من العنف، وتحافظ على شكل المقاومة الشعبية التي لا يقوى أحدٌ على إدانتها، ولا تستطيع جهة التنديد بها أو التشكيك في جوهرها. ولعل المقاومة الشعبية السلمية كانت مطلب بعض الجهات الرسمية في السلطة الفلسطينية، وفي الطليعة منهم الرئيس محمود عباس الذي كان ينادي بالمقاومة السلمية، والأنشطة الشعبية والفعاليات المدنية، وهل أن مسيرة العودة الكبرى شيئاً غير هذا، أو فيها ما يخالف ذلك ويناقضه. هذه المسيرة قد تمنع العدو الإسرائيلي تماماً كما الانتفاضة الأولى من استخدام ترسانته العسكرية، وطائراته المقاتلة، ودباباته الحديثة، وسيجد نفسه مضطراً لأن يحيد أغلب قطاعاته العسكرية، في مواجهة شبانٍ وشاباتٍ، وشيوخٍ وأطفالٍ، وأسرٍ وعائلاتٍ، أتت من كل مكان، لا تحمل معها أدواتٍ للقتال ولا وسائل للمقاومة، اللهم إلا بعض المؤن والقليل من الطعام أو الشراب مما يقيم أودهم، ويمكنهم من الصبر على الجوع، والبقاء لساعاتٍ طويلةٍ على السياج في مواجهة جنود الاحتلال. وقد كان للقيادة الموحدة وعمليات التنسيق بينها وبين حركتي حماس والجهاد الإسلامي، دورٌ كبير في ديمومة الانتفاضة واستمرارها، وفي انتظام فعالياتها والتفاف المواطنين حولها، والتحاق الشبان بها في مختلف أجهزتها، كالسواعد الرامية، والكتبة على الجدران، وموزعي البيانات، والقائمين على الخدمة والمؤونة، والمتطوعين في سلك التعليم بعد أن أغلقت الجامعات والمدارس، والعاملين في الأطقم الطبية والمراكز الصحية، وقد كان للأطر القيادية الموحدة للفصائل دورٌ واضحٌ وكبير في استمرار الأحداث وتطورها، والتي ما كان لأحدٍ أن يتنبأ بها أو يتوقعها، ولكنها فاجأت الجميع واستمرت، وأدهشت العالم وصمدت، وأصبحت وما زالت أيقونة المقاومة ورمز النضال الشعبي، تحتذي بها الشعوب، وتتعلم منها الأمم. أما التضامن الشعبي والتماسك المجتمعي فقد كان هو عنوان الانتفاضة الأول وشعارها الأقوى، الذي مكنها من الصمود والثبات، وأعطاها الفرصة للتواصل والتطور، فقد اتحدت قوى الشعب الفلسطيني وفصائله، وتضامن أهله، والتحم مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، أهلُنا في الأرض المحتلة عام 1948، الذين ما غابوا عن النصرة، ولا امتنعوا عن تقديم العون والمساعدة، بل كانت قوافلهم الغذائية لا تتوقف، ومساعداتهم اليومية لا تنقطع، وكذا شعبنا الفلسطيني في دول اللجوء والشتات، فقد أبدعوا في فنون التضامن وأشكال المناصرة، وكانت لهم فعالياتٌ وطنيةٌ في كافة أرجاء العالم، ساندت الانتفاضة وقوتها، ومنحتها نفساً قوياً وروحاً جديدة. أما الأمة العربية والإسلامية، فقد كانت خير حاضنةٍ للانتفاضة، وأفضل مرجعٍ حنونٍ لها، تحدب عليها وترعاها، وتدعمها وتصونها، وتتنافس في إسنادها ومد يد العون إليها، وأصبحت رموز الانتفاضة في الدول العربية والإسلامية أيقوناتٍ قومية، ومناراتٍ للأمة يقدرونها ويبجلونها، ويرونها تمثلهم وتعبر عنهم، وتتحدث باسمهم وتقاوم بالنيابة عنهم. مسيرة العودة الكبرى تكاد تشبه الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي نجحت بالعوامل التي ذكرت وغيرها، وصمدت بما توفر لها وقدم إليها، فإذا أردنا لهذه المسيرة أن تستمر وتنجح، وأن تقطف ثمارها وتحصد جنى ما زرعت، فإن عليها أن تهتدي بالملحمة التي سبقت، وأن تقرأ الصفحة المضيئة التي مضت، فإن فيها علامات فوزٍ وبشائر نصرٍ وأمارات صحةٍ وسلامةٍ، فهلم بنا نقتفي آثارها ونتعلم منها، ونضيف إليها ونحسن فيها، ونجعل مسيرتنا الوطنية لكبرى نقلةً نوعيةً، وصفحةً نضاليةً جديدةً. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75807 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: د. مصطفى يوسف اللداوي مسيرة الشعب الكبرى الثلاثاء 24 أبريل 2018 - 10:59 | |
| أهداف مسيرة العودة الكبرى بين الواقعية والعدمية مسيرة العودة الكبرى ( قد كان ولا زال لمسيرة العودة الوطنية الفلسطينية الكبرى عندما انطلقت أهدافٌ وغاياتٌ، أعلن عنها منظمو المسيرة والمنظرون لها، وكشفت عنها الجهات الحزبية والقوى الوطنية، وانطلق على أساسها المواطنون واحتشد تحقيقاً لها الشعب بكل فئاته، وعبرت عنها وسائل الإعلام وركز عليها المتحدثون باسم المسيرة والناطقون باسمها، وقد آمن المواطنون بالأهداف المعلنة، واعتقدوا بها وعملوا بموجبها، ورأوا أنها أهدافاً واقعية يمكنهم تحقيقها، ويسهل عليهم إنجازها، وتستحق أن يخرجوا من أجلها، وأن يضحوا في سبيلها، ويمكن تطويرها والبناء عليها، وصولاً إلى الغايات الكبرى للشعب الفلسطيني، إن هم أحسنوا التخطيط وراكموا الجهود ونظموا العمل، ولفتوا الرأي العام الدولي، واستجلبوا التأييد الشعبي العربي والإسلامي والأممي لها. لم يرفع الفلسطينيون سقفهم عالياً مخافة ألا يصلوه، ولم يكبروا حجرهم خشية أن يعجزوا عن تحريكه، فكانت أهدافهم متواضعة بسيطة، ويسيرةٌ محدودة، ومنطقيةٌ سهلة، بقدر ما هي طبيعية ومشروعة، وممكنة ومرنة، واعتقدوا أن مسيرتهم ستكون أمضى من السلاح، وأقوى من المواجهات، وأشد تأثيراً وأكثر تغييراً من المتفجرات، لأنها تخاطب الضمائر وتستفز المشاعر وتحرك القلوب، وتلفت الأنظار إلى الألم والمعاناة، والظلم والقهر، والاضطهاد والجور، وإلى ممارسات الاحتلال بحقهم، واعتداءاته عليهم، وقتله البشع لأبنائهم، وتعمده إطلاق النار عليهم بقصد القتل أو العطب. أعلن الفلسطينيون عندما خططوا لانطلاق مسيرتهم في ذكرى يوم الأرض، أن غايتهم العودة إلى الأرض والديار، وإلى القرى والبلدات التي أخرجوا منها، وتحرير الأرض واستعادة الحقوق، ونيل الحرية وتحقيق الاستقلال، وأن مسيرتهم التي بدأت يوم الأرض ستتواصل على مدى الأيام، ولن تقتصر على قطاع غزة فقط، بل ستمتد لتشمل مدن الضفة الغربية والقدس، والأرض المحتلة عام 1948، وكافة مناطق شتات ولجوء الشعب الفلسطيني، وستتعدد الفعاليات وتتنوع بكل جديدٍ يفاجئ الاحتلال ويربكه، ويفسد خططه ويبطل مشاريعه، ويجبره على التراجع والانكفاء، والتروي والانضباط والالتزام وعدم التهور. لكن الفلسطينيين يدركون أن الأهداف العامة التي تضمنها بيان مسيرتهم الأول أكبر من تحققها المسيرة، وأصعب من أن ينالها الشعب أو يحوز عليها المقاومون في هذه المرحلة من الزمن، فهي أداة نضالية جديدة ووسيلة مقاومة مختلفة، يجب الأخذ بها والاستفادة منها، شرط ألا نحملها أكثر مما تحتمل، وألا نتوقع منها أكثر مما تستطيع، وإلا فسنحبط أنفسنا وشعبنا، وسنضر بقضيتنا وأهلنا. لذا فإن على القائمين على المسيرة أن يكونوا صادقين مع الشعب وناصحين له، وألا يخدعوه ولا غيره، وألا يغرروا به ويضروا بمصلحته، بأن يدعوا أن هذه المسيرة ستحقق ما لم تحققه المقاومة المسلحة، وسترغم العدو على الخضوع والخنوع، والهزيمة والاستسلام، وأنه ينبغي الاستمرار فيها حتى تتحقق العودة ويتم النصر ويعود الشعب إلى دياره الأولى وبلداته الأصلية. وقد صدق القائمون والمنظمون، وهم في أغلبهم شعبيون ومستقلون، عندما أعلنوا أن من أهداف مسيرتهم الوطنية الكبرى، رفع الحصار المفروض عليهم وعلى قطاعهم منذ أكثر من عشر سنواتٍ، وتمكينهم من العيش الحر الكريم، ووقف الاعتداءات عليهم، والكف عن استفزازهم وإطلاق النار عليهم، والاعتداء على حقولهم وتعطيل عمل مزارعيهم، أو إطلاق النار واعتقال صياديهم، وطالبوا بفتح المجال البحري لهم، وتوسيع مدى نشاطهم وعملهم ضمن مناطق الصيد المتفق عليها، وإطلاق سراح من اعتقلتهم من الصيادين، وإعادة ما صادرته من مراكب الصيد الخاصة بهم. كما أراد الفلسطينيون أن يبطلوا صفقة القرن، وأن يعطلوا مشاريع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويلقوا في وجهه كل مشاريع التسوية والتصفية التي يعرضها، وأن يظهروا له وللمجتمع الدولي كله رفضهم لكافة القرارات الأخيرة التي اتخذها بحق مدينة القدس، وإعلانها عاصمة أبدية موحدة للكيان الصهيوني، وكذلك الرد عليه وعلى الدول التي تتآمر على مؤسسة الأونروا وحقوق اللاجئين، وتسعى لتصفيتها وإنهاء خدماتها، تمهيداً لإلغاء قرار العودة، وتوطين الفلسطينيين حيث هم في أماكن لجوئهم وشتاتهم. وهي تحمل رسائل واضحة إلى كل الدول العربية وجامعتها، وإلى الأنظمة المفرطة المنقلبة على إرثها، والقادة الشباب الجدد الحالمين الواعدين، أن القضية الفلسطينية هي أساس الصراع وعنوان الاستقرار في المنطقة، وأنه لا يمكن الالتفاف عليها أو التآمر على شعبها، وبناء علاقات سلامٍ مع عدوها، أو تطبيع العلاقات معه، فلا سلام مع الكيان الصهيوني الغاصب للحقوق والمحتل للأرض على حساب الشعب الفلسطيني، ولا استقرار في المنطقة دون إقرار حقوقه المشروعة، ولا عدو حقيقي للأمة غير الكيان الصهيوني، وأنه لا يمكن أن يكون يوماً صديقاً للعرب، ولا يصلح بأي حالٍ أن يكون حليفاً لهم وشريكاً معهم. لعل هذه الأهداف كلها ممكنة التحقيق، وتستطيع المسيرة الوطنية الكبرى أن تفرضها وتحققها، فهي واقعية ومنطقية ويمكن للمجتمع الدولي أن يصغي لها، وأن يقتنع بها، وأن يمارس الضغط على الكيان الصهيوني ليخضع لها ويستجيب لشروطها، فهي في أغلبها إنسانية وحقوقية، وهي تحاكي الضمير وتخاطب العقل والوجدان، وتحرك القلب وتثير المشاعر وتستجيش العواطف، ويؤمن بها المجتمع الدولي ويقيم لها وزناً واعتباراً، وتنسجم مع قراراته الشرعية واتفاقياته الدولية، فضلاً عن أنها توحد الشعب الفلسطيني وتجمع كلمته، إذ عليها يجتمعون وعلى شكل المقاومة السليمة يتفقون. حتى لا نخسر هذه المعركة، ولا نفقد هذا السلاح، وحتى يستمر معنا شعبنا ويواصل النضال ويعمم المقاومة، وحتى لا نحبطه ولا ندفعه لليأس والقنوط، يجب على القائمين على مسيرته العظيمة التي لم يتأخر في المشاركة فيها، ولم يجبن عن خوض غمارها، ولم يتردد عن التضحية فيها بالروح والدم والمال الجسد، وقبل أن نصل إلى يوم الذروة في ذكرى النكبة، أن نضع الخطط الحقيقية لقطف الثمار، وتحقيق الأهداف، والاستفادة من هذه المرحلة النضالية في التراكم والانتشار، والضغط على العدو والقوى وكل الأطراف، وإلا فلا قيمة في فعلٍ لا مردود إيجابي فيه، ولا لمقاومةٍ جامدةٍ لا تحركنا من مواقعنا ولا تحقق شيئاً من أهدافنا، ولا مشروعية لحراكٍ أعمى ونضالٍ حائرٍ لا يعرف الطريق ولا يستدل على السبيل. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75807 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: د. مصطفى يوسف اللداوي مسيرة الشعب الكبرى الإثنين 7 مايو 2018 - 11:06 | |
| جريمةٌ عربيةٌ في القدس
د. مصطفى يوسف اللداوي إنهم كمن يزنون في باحة الحرم، أو يبولون في الحجر وعلى الحجر الأسود، ويحتسون الخمر في محراب الأقصى، فقد ارتكبوا إثماً عظيماً، واقترفوا معصيةً لا تغتفر، وأتوا عملاً يبرأ الله ورسوله والمؤمنون منه، وجاؤوا بعيبٍ يستحي منه الوطنيون ويخجل منه القوميون، ويرفض أن يدافع عنهم المخلصون أو يقف إلى جانبهم الصادقون، إذ لا تبرير لجريمتهم، ولا تفسير لفعلتهم، اللهم إلا الخيانة والنكاية، والتفريط والتنازل، والإذعان والاستسلام، والمهانة والمذلة، والتبعية والدونية، فقد هرولوا بمحض إرادتهم إلى سيدهم، وركعوا على الأقدام بهوانٍ عند قاتلهم، وخنعوا بصغارٍ أمام عدوهم، ظانين أنه سينقذهم، وأنه سيكون معهم وسيقف إلى جانبهم، وسيخلصهم من خوفهم، وسيسكب الطمأنينة على مستقبلهم في قلوبهم، وأنه سيكون حليفهم الصادق وصديقهم القادم، وأنه سينصرهم على أعدائهم، وسيحمي ملكهم ويبقي في الأرض على ذكرهم. بوقاحةٍ وقلة أدبٍ، ودون خوفٍ أو خجلٍ، وبلا مراعاةٍ للعروبة التي إليها ينتسبون، وإلى الإسلام الذي به يدينون، أقدم رياضيون عرب من دولتي الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، في الذكرى السبعين لتأسيس دولة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين الطاهرة، على المشاركة في سباق "جيرو دي إيطاليا" للدراجات الهوائية، الذي ينظم في مدينة القدس المحتلة، التي يعيث بها الاحتلال فساداً، ويسوم أهلها فيها سوء العذاب، إلا أنهم شاركوا العدو مهرجانه الرياضي على مقربةٍ من المسجد الأقصى، وفي قلب المدينة التي يعمل الإسرائيليون على تهويدها، وشطب معالمها العربية والإسلامية، وطرد أهلها وأصحابها منها، وتسعى الإدارة الأمريكية الجديدة إلى انتزاعها من العرب، وحرمان أهلها الفلسطينيين من حقهم فيها، بالاعتراف بها عاصمةً أبديةً موحدةً للكيان الصهيوني. لم يكتف الرياضيون المطبعون، المجرمون المفرطون، المهادنون المستسلمون بالسباق الرياضي، بل تعمدوا أن يصافحوا المصطفين على جانبي الطريق، وأصروا على تحية الجمهور الذي رافق السباق وتابع الدراجين، وهم يعلمون أن من بينهم من أطلق النار على إخوانهم، ومنهم من انتهك حرمة مسجدهم الأقصى، وغيرهم ممن يعذب أبناءهم، ويحقق مع إخوانهم، ويضيق الخناق على أسراهم، ورغم ذلك فقد بالغوا جداً بالتعبير عن مشاعرهم، وبيان مواقفهم، إذ صرحوا لوكالات الأنباء وعموم الصحافة الإسرائيلية والأجنبية، أنهم سعداء بالمشاركة، وفخورين بما قاموا به، وأنهم يتطلعون إلى غيرهم ليحذوا حذوهم ويسيروا على طريقهم، إذ أنهم وحكوماتهم لا يرون في الكيان الصهيوني عدواً، ولا يشعرون أنه يهدد مصالحهم أو يتآمر على مستقبلهم. قد أساء هؤلاء إلى حجاب المرأة المسلمة ولطخوا شرفه ودنسوه طهره، وأساؤوا إلى الشعب الفلسطيني وطعنوه في ظهره، بل صفعوه على وجهه، ِوارتكبوا في حقه جريمةً كبيرةً، فرح بها العدو وسَعِدَ، وابتهجَ وطَرِبَ وتباهت وسائله الإعلامية في نقل الصورة وتعميم الخبر، وكأنهم يقولون للفلسطينيين أنه لا أحد معكم، ولم يعد يؤيدكم أحد، فهؤلاء إخوانكم معنا، يزوروننا ويشاركوننا أفراحنا ومهرجاناتنا، ويشتركون معنا في أنشطتنا وفعالياتنا، فلماذا تصرون على مواصلة المقاومة، وتعاندون في مواقفكم وتتمسكون بخيالاتكم وأوهامكم، التي ستبقى أوهاماً وأحلاماً لن يتحقق منها شيئاً. تُرى هل يقبل الإماراتيون والبحرانيون العرب بما قام به مواطنوهم، وهل يسكتون عن جريمتهم، ويبررون فعلتهم، ويغضبون ممن ينتقدهم ويعترض عليهم، أم أنهم سيؤوبون إلى الحق، وسيصطفون مع أهله، وسيقفون في وجه المخطئين من مواطني بلادهم، وسيقولون كلمة الحق بعالي صوتهم ولو كانت موجعة ومؤلمة، وتثير غضب السلطات وسخط الحكومات، وقد يترتب عليها عقوباتٌ واعتقالاتٌ، وملاحقاتٌ وتضييقاتٌ، ولكنهم سيقولونها بلا خوفٍ ولا تردد، لأن فلسطين عندهم أكبر والقدس أعظم والأقصى أغلى وأنفس، والكيان الصهيوني عدوٌ غاصبٌ ومحتلٌ قاتلٌ، وخائنٌ غادرٌ. رغم هذا الفعل السيئ الأليم، وهذا السلوك المحزن الرخيص، وهذه المشاركة المخزية المشينة، إلا أننا لن نفقد الأمل يوماً في شعوبنا العربية والإسلامية، ولن نيأس من نصرتها وتأييدها، بل نحن على يقينٍ تامٍ أنها صادقة ومخلة، وأنها ثابتة وأمينة، وأنها لا تفرط ولا تخون، ولا تخنع ولا تخضع، وأنها أبداً لن تقبل بفعل حكوماتها، ولن ترضى عن سلوك بعض أبنائها، فهذه الشعوب الحرة قد عودتنا على الثورة والنصرة، وسبقتنا بالعون والنصرة، فلن تسوخ أقدامها، ولن يغيب صوتها، ولن تهن قواها، بل ستنهض وستغضب، وستقولها كلمتها الحرة الأصيلة، الصادقة القديمة، أنها مع فلسطين وشعبها، ومع القدس وأهلها |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75807 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: د. مصطفى يوسف اللداوي مسيرة الشعب الكبرى الخميس 24 مايو 2018 - 23:03 | |
| تغريداتٌ عربيةٌ شاذةٌ ومواقفٌ ثقافيةٌ ضالةٌ في ظلال شهر رمضان الفضيل، وفي جوف لياليه المباركة، وأيامه العظيمة، التي تصفو فيها النفوس، وترق القلوب، وتسمو فيها الأرواح، وتخضع الجوارح وتستكين الأهواء، ويتنافس فيها المسلمون في التبتل والعبادة، وفي الذكر والدعاء، وفي الصلاة وقراءة القرآن الكريم، وفي فعل الخيرات والجود والبذل والعطاء والسخاء بالصدقات، حيث يكثر الخير ويتراجع الشر، ويَجِدُ المسلمون في عمل الطاعات، والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالفرائض والنوافل والصالحات، في وقتٍ تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد فيه الشياطين، ويتقارب العباد وتتصافى القلوب وتتسامح النفوس. يطلع علينا في هذه الأيام المباركات وفي هذا الشهر الفضيل، الزاخر بالانتصارات، والغني بالمعارك والفتوحات، والعامر بالأمجاد والبطولات، من ينغص علينا أيامنا، ويفسد صيامنا، ويسئ إلى وعينا، ويشوه حقيقتنا، ويعيب تراثنا، ويتطاول على تاريخنا، ويسفه ماضينا، ويستخف بحاضرنا، ويعتدي على قيمنا ويتطاول على مفاهيمنا، ويتهمنا السفه والجنون، والتيه الضياع، والجهل والضلال، ويريد أن يجردنا من الشرف الذي نسجناه، والعز الذي بنيناه، والكرامة التي صنعناها. أعني بكلامي الذي قدمتُ، والذي قصدتُ أن يكون قاسياً ومباشراً، هذه الشرذمة القليلة، الضالة المنحرفة، الشاذة الغريبة، المارقة المندسة، التي تحاول بأقلامها المأجورة وتصريحاتها المقصودة، وتغريداتها وتدويناتها المشبوهة، تبرئة عدونا، والإعلان عن طهره وصدقه، وعدالته ونزاهته، ووسطيته واعتداله، فقد بدا لهم من بعد جرائمه النكراء وحروبه الغبراء، أنه صديقهم وشريكهم، وحليفهم وجارهم، وذخرهم وسندهم، وأنه يستحق منهم العون والنصرة، والدعاء والرجاء، بأن يبقى قوياً عزيزاً، قادراً ومتفوقاً، مهاب الجانب منيع الجدار، إذ يستشعرون في ظل قوته بالأمن، وفي ظلال تفوقه بالطمأنينة والسلامة والاستقرار. يظن هؤلاء المتشدقون الواهمون أنهم مثقفون واعون، وأنهم نخبٌ فكرية وسياسية وإعلامية، وأنهم أعلامٌ في مجتمعاتهم ودولهم، وأنهم قيمة في بلادهم وبين شعوبهم، وأن الناس تصغي إليهم وتسمع كلامهم، وتعتقد بتصريحاتهم وتؤمن بمواقفهم، وما علموا أن شعوبهم تكرههم، وأمتهم تنبذهم، والتاريخ يلعنهم، وأهلهم يشعرون بالمعرة منهم، ويتمنون البراءة منهم، فهم لا يتحدثون إلا بلسانهم، ولا ينوبون إلا عن أنفسهم، ولا يستطيعون مجابهة شعوبهم، أو الظهور في مجتمعاتهم، ولهذا فإنهم يستغلون بصمتٍ وخفاء، في السر وبعيداً عن الأنظار، صفحاتهم على الفيس بوك وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، ليبثوا من خلالها سموهم، وينشروا أفكارهم، ويشيعوا الضلال بتصريحاتهم، ولولا العدو الذي يلتقط تغريداتهم ويعيد نشرها، ويسلط الضوء عليها، ما علم بهم أحد، وما سمع بتغريداتهم أو اهتم بملصقاتهم أحد. لا يكتفي هؤلاء المارقون بتمجيد العدو وتعظيمه، والإشادة به والدعاء له، بل يصبون جام عضبهم على الشعب الفلسطيني المظلوم، ويتهمونه بالعدوان، ويصورونه بالمجرم وقيادته بالخائنة، وأنهم باعوا وطنهم وفرطوا في حقوقهم، وأنهم يستحقون ما حل بهم وحاق بوطنهم، ويدعون شعوبهم وحكومات بلادهم إلى مقاطعتهم بل وإلى عقابهم، بكلماتٍ لا تخلو من الشماتة، ولا ينقصها الحقد والكره. ومما غرد به أحدهم قائلاً " اللهم انصر بني إسرائيل على عدوهم وعدونا، اللهم إن من الفلسطينيين من باعوا أرضهم ثم نقضوا بيعهم، وخانوا المسلمين وظاهروا عليهم تحت راية المجوس، ثم قذفوا المسلمات وبهتوا المسلمين، وقتلوا المسلمين في سوريا واستكبروا، فشتتهم واخذلهم، وانصر بني إسرائيل عليهم". الأصل في الدولة التي ينتمي إليها هذا المغرد، أن تستدعيه أجهزتها الأمنية للتحقيق، وأن تقدمه للمحاكمة، بتهمة الخيانة والإساءة إلى مشاعر العرب والمسلمين، وفق الأدلة المذكورة، والتغريدة المنشورة، إذ أن كلماته واضحة، ومفرداته صريحه، وولاءه للعدو مكشوف وحبه له معلن، ومجافاته للعرب والفلسطينيين واضحة، وينبغي أن يكون حكمها عليه قاسياً ومؤلماً، ليكون له درساً ولغيره رادعاً، إذ أنه يستحق العقوبة القصوى والحساب العسير، وألا تأخذنا به رحمة، وإلا فإننا سنسمع عما قريب غيرهم يأتون بأسوأ منهم وأقبح مما جاؤوا به، وأبشع مما عبروا عنه. لكن يبدو أن بعض الحكومات العربية هي التي مهدت الطريق لهم، وسكتت عن تصريحاتهم، ووافقت على تغريداتهم، وسهلت لهم ولغيرهم المضي بها والاستمرار فيها، إذ أنها تعبر عن سياستهم، وتنسجم مع برامجهم، وتتفق مع مواقفهم الجديدة ولا تتعارض معها، بل إنها تعتقل معارضيهم، وتحاسب منتقديهم، وتقسو على من يبدي رفضه لمواقفهم ويعترض على مشاركاتهم. الإسرائيليون فرحون سعداء، مبتهجون ويرقصون، فها هم يجدون من العرب من ينتصر لهم ويقف إلى جانبهم، ويجرم الفلسطينيين ويتخلى عنهم، ويصف مقاومتهم بالإرهاب، ويتهمهم بالعدوان ويطالبهم بالكف عنه، ولعل أفيخاي أدرعي الناطق باسم جيش الاحتلال هو أكثر السعداء بهذه التغريدات، فهو يعيد نشرها، ويذكر بها، ويواجه العرب والفلسطينيين بها، ويشيد برجاحة عقل أصحابها، وحصافة رأي كتابها. لا يدري أشباه المثقفين هؤلاء وأسيادهم، أنهم بفعلهم الخسيس وعملهم الدنيء، فإنهم يخسرون أنفسهم ويفقدون انتماءهم، وينسلخون عن أمتهم، ويقتلعون أنفسهم من جذورهم، ويَنْبَتُّونَ عن مجتمعاتهم، في الوقت الذي يحتقرهم فيه العدو ويزدريهم، ولا يحترمهم ولا يوقرهم، ولو كانوا خُدَّاماً له وعبيداً عنده، وأجراء معه يقدمون له الخدمات، ويقومون عنه بالأعباء، ويذللون له الطريق، ويزيلون من أمامه العقبات والتحديات، ورغم ذلك فإنهم لا يكسبون ثقته، ولا ينالون رضاه، ولا يرتقون عنده إلى مصاف الصادقين الأمناء، أو المخلصين الحلفاء، بل يبقون في وعيه عملاء وأجراء، يؤدون الخدمات بالسخرة، ويعملون عنده وهو السيد بمذلة، يستخدمهم وقتما أراد، ويلقي بهم كورقةٍ مهملةٍ وقتما يشاء. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75807 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: د. مصطفى يوسف اللداوي مسيرة الشعب الكبرى الأربعاء 13 يونيو 2018 - 23:32 | |
| [size=30]د.يوسف يكتب عن حماس في مشهد الحكم والسياسة: ما لها وما عليها؟![/size] ما تزال حركة حماس تحظى بالتغطية الإعلامية الواسعة، وإن كانت الرواية الإسرائيلية تحاول دائماً إلباسها ثوب الشيطان، واتهامها بالتطرف والإرهاب!! نعم؛ نجحت إسرائيل عبر ماكينتها الدعائية في تسويق الكثير من المقولات السلبية حول الفعل المقاوم الذي تمارسه الحركة من خلال كتائب القسام، لكن وجوه الحقيقة لا ترسمها فقط الرواية الإسرائيلية وإساءات الخصوم في الساحة السياسية، بل تبقى هناك قراءات أخرى لاستكمال مشهد الرواية وملامح الرؤية.. لذلك، فإن عملية استنطاق تجربة الحركة على لسان أبنائها وأنصارها من الإسلاميين يستوفي حالة التوازن المطلوبة في الحكم على التجربة، من حيث الإيجابيات والسلبيات.
في الحقيقة، ليس من السهل اليوم، وفي ظل الحالة السياسية والمعيشية البائسة، أن تسمع مواقف تتسم بالعدل والإنصاف من خصومك في فصائل العمل الوطني، حيث درجت العادة وطبيعة المناكفات أن يقوموا – ظلماً - بتحميل كل أخطاء الحكم خلال الاثني عشر سنة الماضية لحركة حماس، وفقاً لمنطق "وعين السُخط تُبدي المساويا". من هنا، ومن باب الإحاطة بكل جوانب المعادلة وأبعاد المشهد، ارتأينا أن نحاور العديد من الشخصيات الفلسطينية الإسلامية من داخل الوطن وخارجه حول حركة حماس وتجربتها في مشهد الحكم والسياسة، من حيث الإنجازات والإخفاقات، وما يمكن اسداؤه لها من نصائح وتوجيهات حول المستقبل، إذا ما قررت المشاركة في أي انتخابات قادمة؟ حاولت أيضاً استطلاع أدمغة بعض الخصوم، والاستعانة بما أوردته بغيرة وطنية من نصائح لحركة حماس فيما يتعلق بمستقبل العمل السياسي، والشكل الذي يناسب هذا المستقبل. تباينت الرؤى والإجابات، وإن كان من الواضح أن هناك إشادة ببعض الإنجازات، كما أن هناك أيضاً محاولات لتبرير الإخفاقات، ولكن ربما كان هناك اتفاقاً في الرؤية بين الجميع حول المستقبل، من حيث طبيعة المشاركة في الانتخابات، وحجم الحضور في العملية السياسية من جهة الشراكة والتحالفات الوطنية، وهذا حقيقة يعكس حالة النضج والوعي السياسي المتنامي لدى كوادر ونخب حركة حماس وأنصارها من الإسلاميين في الداخل والخارج. وعليه؛ وفي سياق تلخيص الكثير ممن استجابوا لتساؤلاتنا، وتفضلوا جميعهم مشكورين بإبداء الرأي، أعرض للنقاط التي شكلت بين الحمساويين وأنصارهم حالة إجماع في سياق الإيجابيات، وكذلك نقاط النصيحة التي أسداها المؤيدون والخصوم لحركة حماس. تجربة حكم حماس: الإيجابيات - نجحت حركة حماس في المزاوجة بين الحكم والمقاومة، وكانت ظهراً واقياً لها، وداعماً قوياً لرجالاتها، كما أثبتت أنها وفيَّة لمبادئ تأسيسها التي قامت عليها، ولم تنزلق في مسار التنازلات بلا كوابح. - ابقت الحركة القضية الفلسطينية في صدارة قضايا التحرر من الاحتلال في عصرنا الحديث، كما أظهرتها باعتبارها قضية شعب يناضل بكل الوسائل لاسترداد أرضه ومقدساته، وكشفت لأحرار العالم الوجه الحقيقي الإجرامي للاحتلال. - أعادت الحركة تعريف القضية الفلسطينية، وأرجعت القطار إلى مجراه الصحيح، ووضعت العربة خلف الحصان بعدما كانت أمامه، كما أعادت العديد من الحقوق المسلوبة، ونجحت في رفع بعض أشكال المظلومية عن الناس. - سنَّت الحركة العديد من القوانين التي تحمي حقوق الأسرى والقدس والزكاة وغيرها، وألغت العديد من القوانين التي تخالف الشريعة الإسلامية. - شكل وجود حركة حماس داخل منظومة الحكم، حرجاً كبيراً لأي اتفاقيات سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.. وفي ظل بقائها في قطاع غزة، أصبح القطاع عائق لأي توجهات تفاوضية لا تحمي الحقوق الوطنية. - استطاعت الحركة النهوض بالقدرات العسكرية للمقاومة، سواء لها أو لفصائل المقاومة الأخرى، وقد شكل تواجدها على شريط الحدود مع مصر دون أي رقابة من السلطة أو الاحتلال الإسرائيلي، إدخال منظومات عسكرية، أوجدت حالة من التوازن في مقاومة الفصائل مع الاحتلال الإسرائيلي. - مراكمة قدرات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، والارتقاء بجاهزيتها العسكرية لصدِّ أي عدوان إسرائيلي على القطاع، إضافة إلى حالة الاستقرار الأمني التي عاشها قطاع غزة فترة طويلة تحت إدارة حماس. - تعزيز الحركة لقوة المقاومة وحماية ظهرها، وعدم الرضوخ لشروط الرباعية لكسر الحصار والاعتراف الدولي، وتمسكها بالثوابت الفلسطينية، رغم تعرضها لثلاثة حروب وحصار مشدد. - القدرة المتميزة على تحريك الشارع الفلسطيني في إطار مسيرة العودة الكبرى بقيادة وطنية تضم كل القوى، فكانت غزة هي الصوت الوحيد القوي الذي يقف في وجه تنفيذ سلس لصفقة القرن، وندد بواقع الفعل ضد نقل سفارة الولايات المتحدة للقدس. - قدمت حماس نموذجاً لنظافة اليد من خلال إدارتها للحكم، وكذلك أحيت الثوابت الوطنية وحمتها عبر برامجها المختلفة، إضافة لحمايتها ورعايتها للمقاومة الفلسطينية وبرامجها. تجربة حكم حماس: السلبيات - كانت مشاركة حماس في الانتخابات ونجاحها فيها إنجازاً وطنياً كبيراً، ولكنه - للأسف - لم يتم استثماره لبناء شراكة سياسية حقيقية تؤسس للنهوض بالمشروع الوطني. - الترهل الإداري، وبالطبع ارتفاع وتيرة الحصار التي باتت ترهق كاهل الناس، وأيضًا كاهل حماس. هناك مشكلة كبيرة وقعت فيها قيادة الحركة عندما تأخرت في إدراك أن أهم مقوم لنجاحها واستمرارها هو أن تعيش التجربة مع الناس بكافة تفاصيلها، وأن يرتقي منسوب الشفافية والمحاسبة لدى أفرادها بشكل أكبر. - اصطدمت الحركة بالواقع السياسي؛ الإقليمي والدولي، وبالظروف السياسية التي تجهل أدوات التعامل معها، فكانت سنوات الحكم ثقيلة على أناس لم يتمرسوا عليه، ومشائخ جلسوا لإدارة الدولة بعدما كانوا يديرون مساجد وجمعيات خيرية؛ فوقع الحصار والاقتتال والاخفاق في العديد من الأشياء. - أخفقت الحركة في تقديم نموذج صالح للحكم، برغم اجتهاداتها في هذا الأمر، وذلك كونها تعاملت مع إدارة العمل الحكومي بمنطق تنظيمي، مما كان له انعكاسات وتداعيات سلبية على التجربة، إضافة إلى أن دخول حماس الفج في الانتخابات بقيادات الصف الاول لم يَكُن موفقاً؛ لأنها وضعت نفسها في مواجهة شروط الرباعية، وكان الاجدى بها أن تدخل بقيادات الصف الثاني والثالث الأكثر مرونة وحركة في التعاطي مع المتطلبات الدولية، ويُعفي الحركة من تحميل الشعب أثمان سياسية واقتصادية واجتماعية باهظة نتيجة لهذه السياسة. - ان الموائمات التكتيكية التي صاغتها حماس لناحية محاولة التوفيق بين الحكم والمقاومة، وبين المبدئية والبرغماتية لم تأت أكلها في سياق محيط عربي معاد لها، ومعادلة فلسطينية مختلة، وقيادة رسمية لا كوابح لديها في سياق التنازلات، وهو ما انتقص من قيمة موائمات حماس وضرورتها لإسرائيل. - تجربة الحركة في الحكم هي تجربة مزدوجة النتائج، ما بين فشل عميق في إدارة الأزمات الداخلية التي كانت تعالجها بأزمات ومواجهات مع الاحتلال، وأزمة في إدارة ملف التحالفات، وهو ما انتبهت له في السنوات الأخيرة وبدأت تحدث تقاربًا أكتر ليبرالية مع دول الجوار على وجه التحديد. - إن عقد من الزمان في وجود حركة حماس على رأس الهرم السياسي في غزة شهد أزمات كبرى ومعقدة كان من أهمها الأزمة السياسية في النظام الفلسطيني وانقسامه، وهو أحد أهم خطايا حركة حماس التي تقدمت للأمام بخطى متسارعة أدت لوقوعها في الشرك الذي نصب لها، وتسبب في زيادة أزمة النظام السياسي وتعميق أزماتها الداخلية. - إن تجربة الجمع بين المقاومة العسكرية والحكم لم تنجح، بل ساهمت سلباً في رفع تكلفة المقاومة وربطها بأخطاء الحكم، وهو ما قاد إلى تشويه نصاعة صورة المقاومة في الوعي الوطني، ورفع التكلفة المفروضة على الشعب. - فقدنا الكثير من العلاقات العربية بسبب الانقسام، وتحملت كل من فتح وحماس جزءاً من المسؤولية؛ باعتبار أن ذلك أثَّر سلباً على المشروع والقضية، وأدى ذلك لتراجع الدعم والتعاطف بسبب هذه الحالة من التشظي، والتي أعقبت الأحداث المأساوية في يونيو 2007. - لم تقدم الحركة نموذجاً مشرِّفاً للحكم وإدارة المؤسسات العامة، حيث وقعت الحركة بين معادلة الحكم بما يتطلب من مرونة سياسية لتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، والمقاومة بما تتطلب من استعدادات حقيقية. فوقعت الحركة في المنطقة الرمادية، فهي لم تقدم نموذج مشرف في الحكم عبر توفير الحياة الكريمة للسكان التي تحكمهم نتيجة الحصار وتكرار الحروب، وفي المقابل لم تستطيع الاستمرار في مشروع المقاومة واقتصرت مقاومتها على رد العدوان ومواجهة الاقتحامات الإسرائيلية. نصائح وتوجيهات للمستقبل - عدم الدخول في أية انتخابات قادمة في ظل الظروف الدولية والإقليمية الراهنة، والاكتفاء بدعم شخصيات وطنية قادرة على التعاطي مع المعادلات السياسية المتقلبة، وألا تنزلق مرة أخرى في مربع المناكفات الداخلية، التي قد تفقدها كثيراً من الشرعية الشعبية. - ابتعاد الحركة عن "الأنا الحزبية" عند دخولها لمعترك الحكم وميدان السياسة، وتجنب حشر أنف التنظيم في كل ما هبَّ ودبَّ، لتصبح حكومة شعب مسئولة عن شعب.. وفي الظروف التي نعيشها، وتعقيدات جغرافيا المكان والمحيط الإقليمي، فمن الصعب أن تنجح حماس في المزاوجة بين السياسة ومتطلبات الحكم وبين العمل بنهج المقاومة. - عدم تصدر أيُّ أحد من القيادات الحالية مشهد الانتخابات، إضافة إلى أن على قيادة الحركة قبل الانتخابات إعادة بناء القدوات بشكل قوي، فغالباً سقطت مكانة القدوات والرموز في إنشغالات العمل الدنيوي، وأصبحوا لا يختلفون عن غيرهم. - إظهار الحرص على الشراكة الوطنية، وأن تكون معايير الاختيار مبنية على حسابات الكفاءة والمهنيِّة، وأن تستند التحالفات مع الآخرين إلى المصلحة العامة، حيث إن الحشد للمعركة الفاصلة مع الاحتلال بحاجة إلى كافة الجهود. - تأسيس حزب سياسي مدني أو إعادة تفعيل حزب الخلاص الوطني؛ لأن الحزب يرفع عن الحركة حرج الاعتراف بإسرائيل، ويرفع عنها تكاليف سياسية كثيرة، على أن يكون الحزب ممثلاً عن كل أطياف الشعب الفلسطيني. - التركيز على انتخابات المجلس الوطني وتشكيل قيادة جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية على أساس وثيقة الوفاق الوطني، وليس على أساس اتفاقية أوسلو، وأن تدخل الحركة انتخابات السلطة بحزب سياسي يُغلب البعد الوطني على الأيديولوجي، ويضم المرأة والمسيحيين. - قيام الحركة بفصل السياسي عن الدعوي، واستحداث نظام انتخابي حديث ومؤهل، وإعادة النظر في المنهاج التربوي والحركي، وضرورة الاستفادة من تجربة حزب العدالة والتنمية المغربي. - تطبيق الحركة لوثيقة المبادئ والسياسات التي أصدرتها في يونيو 2017؛ لأنها لم تنعكس بعد على سياسة الحركة داخلياً وخارجياً. - يجب على الحركة أن تبني علاقاتها الإقليمية والوطنية بناء على دعم القضية الفلسطينية، بغض النظر عن المذهب والدين والجغرافيا. - اختيار الحركة لممثليها في المؤسسات الحكومية بناءً على الكفاءة والتجربة دون إعطاء البعد التنظيمي أهمية كبيرة، كما الحال في السابق، وعليها أن تعطي الشباب أولوية كبيرة، على غرار ما يحدث في تركيا والدول الأوروبية وتونس وغيرها من الدول الواعية، وعليها أيضاً أن تعطي المرأة أهمية كبيرة. - عدم الجمع بين المتناقضات؛ لأن محاولة الجمع بين الحكم والمقاومة كانت على حساب الحركة والشعب والقضية، وهذا يتطلب أن تختار حماس بين أن تكون حركة مقاومة وتنسحب من مشهد الحكم بشكل كامل، أو حزب سياسي مرن عليه التجاوب مع الواقع المحلي الفلسطيني والإقليمي والدولي. - أن تقوم الحكومة على الشراكة الوطنية وعدم الاستفراد بالحكم. - إيجاد مراكز أبحاث لدراسة السياسة الخارجية وتدريسها للوزراء، مع إعداد وتأهيل الوزراء والنواب على أسلوب الحكم وإدارة الدولة. - إجراء الحركة لمراجعات شاملة تقوم على أساس الانسحاب من مشهد الحكم كلياً، وإعادة النظر في أدبياتها الفكرية وتعزيز الدمقرطة داخلها، وفتح أبوابٍ أكثر لمناخات الحرية والتعددية الفكرية في داخلها، وعقد مؤتمر عام يشارك فيه جميع أعضائها، ويقومون بانتخاب قيادات الحركة وفق التصويت الحر المباشر. - تشكيل الحركة لمجموعات تفكير من المساندين لها، ومن الخارجين عن إطارها التنظيمي؛ لأن من يقف خارج التنظيم يمكن أن تكون الصورة أكثر اتساعاً وشمولاً أمامه، وأن تستفيد من توصيات هذه المجموعات في تطوير أدائها السياسي. - تقوية العلاقات الوطنية والعربية قبل الخوض في الانتخابات. - الفصل بين الدعوي والسياسي، وبين العسكري والحكومي، وعدم خوض الانتخابات بالشخصيات القيادية الأولى. - العمل على تشكيل حزب سياسي برجماتي قادر على التعاطي مع المتطلبات الدولية، مما يمنح الحركة الفرصة للتعافي تنظيمياً بعد الإنهاك الذي تعرضت له، وتخفيفاً على الشعب. كما أن هناك حاجة لإجراء مراجعة وتقييم لتجربة الحكم بشكلٍ صادق لاستخلاص الدروس والعبر للاستفادة منها في التجارب القادمة. - قيام الحركة بتجديد الخطاب السياسي والإعلامي، وأن تعيد تشكيل واجهة إعلامها المرئي، كما أن عليها إبعاد الإعلاميين الذين كانوا مثار جدل أو خلاف، وعليها كذلك أن تكون أكثر واقعية من ذي قبل. - العمل مع الكل الوطني الفلسطيني في إطار وطني جامع، وتصدير كفاءات وطنية للعمل الحكومي، بعيداً عن الحزبية الضيقة، وضرورة فصل عمل التنظيم عن الحكومة مع تقديم مصلحة الوطن والمواطن. - التمسك بمركز القوة، وليس مركز السلطة المليء بالقيود، وأن تبحث الحركة عن خروج آمن لها ولكتائب القسام من السلطة فوراً، وبأقل قدر من الخسائر، وأي تأخير يزيد المشهد تعقيداً أمامها. - الابتعاد عن الحكومة، والعمل على دعم مرشحين مستقلين، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية تكون قادرة على بناء جسور تفاهم مع المجتمع الدولي، ومؤهلة لنزع أي ذرائع للاحتلال بأنها حكومة إرهابية، وتعمل هذه الحكومة على إنعاش الحياة الاقتصادية الفلسطينية، وتحقيق نمو اقتصادي عاجل وشامل. - العمل على طرح مشروع سياسي يحاكي فقه الواقع السياسي والمتغيرات الدولية، ويكون واضح المعالم يتقبله العالم، وأن تكون المقاومة - بأشكالها المختلفة العنفيِّة واللاعنفيِّة - حاضرة في هذا المشروع.. - الاكتفاء بالوجود في المجلس الوطني والمجلس التشريعي، حيث إن معاناة المواطن اليوم هي في غياب الشفافية والمسائلة. - يجب أن تكون الحركة واضحة في أنها لن تطلب الأغلبية، ولا حتى تصدر المشهد السياسي. ولا يكفي بالطبع إعلان عدم طلب الأغلبية، بل ينبغي أن تكون حساباتها صحيحة في عدم طلب ذلك. هذا على مستوى النظام السياسي الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية. وحتى لا تقدم تفويضاً شعبياً وشرعياً مفتوحاً لأي جهة أو فصيل فيما يتعلق بالمشروع الوطني، يمكن للحركة أن تركز في خطابها على الفصل بين سلطة تعمل لتدبير شؤون الناس، وبين احتكار المشروع الوطني الفلسطيني، والذي لا يمثله إلا منظمة التحرير؛ باعتبارها ممثلة للكل الفلسطيني في جميع أماكن تواجده تمثيلاً عادلاً ديمقراطياً. - الانتقال من مربع الإخوان المسلمين كإطار أكبر إلى الإطار الوطني، بهدف استيعاب الجميع، والتأهل للمشاركة الحقيقية في قيادة المشروع الوطني. ختاماً: الحكيم من عرف الخطأ وتجنبه من خلال الحوارات والنقاشات التي تدور داخل أروقة حركة حماس، وما يتهامس به الكثير من أبناء الحركة، وخاصة نخبها الفكرية وشرائح المثقفين الواسعة داخل إطاراتها التنظيمية، فإن هناك إقراراً بوقوع أخطاء، واعتراف بأن قلة التجربة في العمل الحكومي، واشتغال الكثير من قيادات الحركة في الدوائر الدعوية والتربوية من على منصات الخطابة ومنابر الوعظ والإرشاد، وغياب الوعي الكافي بفقه الدين والسياسة لدى الغالبية منهم، قد كان وراء تعثر التجربة، والتي - للأسف - تعرضت لتآمر دولي وتواطؤ إقليمي ومناكفات محلية، كان من نتيجتها الاحتراب الداخلي، وشق الصف الوطني، وفرض الحصار الظالم على قطاع غزة، وكذلك تعاظم الضغوط على السلطة، وترنح الحالة السياسية الفلسطينية للسقوط تحت براثن الاحتلال وما يسمى اليوم بصفقة العصر، لشطب القضية من على الأجندة الدولية، بهدف تكريس واقع الكيانية الاستعمارية التي تمثلها إسرائيل بدعم وإسناد أمريكي، والذي يشهد أعلى درجات استكباره مع هذه الإدارة الأمريكية التي يقودها الرئيس ترامب. باختصار: إن لحركة حماس الكثير مما يعتبره أبناؤها إنجازات سياسية ووطنية، وعليها كذلك ما ينظر له خصومها كأخطاء وخطايا أدت إلى ما آلت إليه الأمور من ضعف وهشاشة الحالتين السياسية والأمنية، وكذلك الأوضاع المعيشية الكارثية. وفي إطار النصائح وحركيِّة الوعي المطلوب لمستقبل فلسطيني واعد، فإن هناك الكثير مما تعلمناه كفصائل وتنظيمات حول مفهوم الشراكة السياسية والتوافق الوطني. وإلى أن يتأتى ذلك وتتحقق وحدتنا، فإن لسان حال الشعب الفلسطيني سيبقى يردد ويصدح في أذن كل فصيل: "أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جئتنا"!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75807 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: د. مصطفى يوسف اللداوي مسيرة الشعب الكبرى الثلاثاء 17 سبتمبر 2019 - 7:33 | |
| العالمُ يصلي من أجلِ أمنِ إسرائيلَ وسلامةِ شعبِها بقلم / د. مصطفى يوسف اللداوي
قبل أن ينشأ الكيان الصهيوني ويستوطن المهاجرون اليهود في فلسطين، وأثناء تشكيلهم لعصاباتهم العسكرية المسلحة، التي ارتكبت أفظع المذابح وأبشع المجازر بحق المواطنين الفلسطينيين، ومنذ إعلان دولتهم ورفع علمهم واعتراف الأمم المتحدة بهم، وهم يحضون بالرعاية الأجنبية، ويتمتعون بالحماية الدولية، ويتلقون المساعدات الدورية، ويحصلون على الأسلحة الفتاكة والتقنية الحديثة، ويتلقون الدعم المالي والتعاطف الإنساني، ويلقون التشجيع والمساندة، وينبري دوماً للدفاع عنهم كبار قادة العالم وأعظم الدول وأعرق الحكومات، الذين لا يتورعون عن تهديد خصومهم وإعلان الحرب على أعدائهم، وهم على هذا العهد يتواصلون ويتوارثون، ويتواصون ويتعاهدون، وبالوفاء به يلتزمون ويعملون، وكأنه تكليف رباني وواجبٌ ديني.
المدافعون عن الكيان الصهيوني والمؤمنون به، والحريصون عليه والمؤيدون له، يعلنون صراحةً أن الرب قد كلفهم بحماية إسرائيل والدفاع عنها، وأنهم ملزمون بسياستهم وغير مخيرين في قراراتهم، فالرب هو الذي يرسل دائماً من يساعد دولة إسرائيل ويحميها، ويكون في خدمتها ويعمل لصالحها، فهذه مهمة دينية يتشرفون بالقيام بها، ويعتزون بتنفيذها والوفاء بها، ويبدو أنه لن يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب آخرهم، كما لم يكن جورج بوش أولهم، بل سيكون قادة غيرهم وسيأتي رؤساءٌ من بعدهم، والويل لمن خالفهم أو اعترض عليهم، إذ سيحل عليه غضبهم وسينزل به سخطهم، فإسرائيل في شريعتهم وجدت لتبقى وتأسست لتدوم وتسود، وهي في سياستهم حاجة وضرورة، وفي حياتهم مصلحة ومنفعة.
وعلى الرغم مما تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية ومعها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرهم من خدماتٍ جليلةٍ للكيان الصهيوني، إلا أنهم يشعرون تجاهها بالتقصير، ويتقدمون إليها بالاعتذار، ويعدونها بالجديد والمزيد حتى ترضى، وتبقى هي الأشد قوة والأكثر تفوقاً في المنطقة، رغم أنهم يرون اعتداءاتها، ويرصدون جرائمها، ويعرفون نواياها، ويدركون أهدافها، ويعلمون أنها ليست على الحق أبدا، بل هي الظالمة والمعتدية، إلا أنهم يمضون معها ويساندونها، ويبررون لها ويدافعون عنها، ويخافون على أمنها ويخشون على استقرارها.
يجزع العالم للقتلى الإسرائيليين ويصيبهم الفزع لمنظر دمائهم، وتحزنهم دموع الباكين منهم، وتقلقهم الصور التي تنقلها وسائل الإعلام لهم، التي تظهر أطفالهم ونساءهم وهم في حالة فزعٍ وهلعٍ، ويشغلهم مصير جنودهم الأسرى وأشلاء جنودهم القتلى، ويحرصون عند زيارتهم للكيان على زيارة نصبهم التذكاري والوقوف بخشوع أمام متحف محرقتهم، كما يستقبلون ذوي الجنود المفقودين ويستمعون إليهم وينصتون لهم، ويعدونهم ببذل أقصى الجهود الممكنة، وممارسة مختلف الضغوط على القوى الفلسطينية التي تحتجزهم، رغم أنهم أربعة جنودٍ أو أكثر، وبقايا أشلاء وأجزاء أجسادٍ لا تذكر.
بينما يعتقل الاحتلال آلاف الأسرى الفلسطينيين من الرجال والنساء والأطفال، يوضيق عليهم ويعذبهم، ويحرمهم ويصادر حقوقهم، ويعزلهم ويمنع زيارتهم، ويهمل علاجهم ويتأخر في تقديم الدواء لهم، ويقمعهم دائماً ويقتل بعضهم أحياناً، لكن العالم لا ينتبه لهم ولا يقلق لشأنهم، ولا يعنيه أمرهم أو يشغله مصيرهم، ولا يطالب بالإفراج عنهم أو تحسين شروط اعتقالهم، كما هو حاله مع شؤون الإسرائيليين وشجونهم، رغم أنهم آلاف وقد مضى على اعتقال بعضهم أكثر من عشرين سنة متوالية.
يطلق الغرب عموماً والولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً يد إسرائيل لتفتك بالمنطقة وشعوبها، وتقتل أبناءها وتدمر بلادها، إذ يحق لها وفق معاييرهم أن تعتدي وتنتهك، وأن تضرب وتقصف، وأن تقتص وتعاقب، وأن تنهب وتسرق، وأن تغتصب وتصادر، وأن تحتل وتستولي، فقانونهم الأعوج يسمح لها، ويمنحها الحق في أن تقترف كل تلك الجرائم وغيرها، بحجة دفاعها عن نفسها وحمايتها لمستوطنيها، واتقاء لخطرٍ مرتقبٍ أو احباطاً لاعتداءٍ متوقعٍ.
ويجوز لها خلال عدوانها أن تفرط في استخدام القوة، وأن تبادر بالضربات الاستباقية، وأن تجتهد في العمليات الوقائية، ولا بأس إن سقط خلال عملياتها العدوانية قتلى وجرحى، أو تسببت في حالات هدم وتخريب، ونزوحٍ ولجوءٍ، فالقانون الدولي الذي صنعوه بأنفسهم ولأنفسهم، يبرؤها من سوء النية وقصد الإضرار، ويصف ما تقوم به أنه دفاع عن الشعب ومصالحه وأمنه مشروعٌ ومباحٌ.
عوجاء هي السياسة الدولية، وعرجاء هي عدالتهم، وعوراء هي عينهم التي يرون فيها، إذ إن فكر المُعتدَى عليهم أو هَمَّوا بالرد أو الثأر والانتقام، وهو حقٌ مشروعٌ لهم، فإن عملياتهم تصبح خارجة عن القانون، ومخالفة للوائح والنظام، وتصنف بأنها عمليات عدوانية إرهابية غير مشروعية، ومن قبل تمارس دول العالم الكبرى الضغط على المقاومة وحاضنتها، لمنعها من الرد، وإجبارها على ضبط أدائها ولجم غضبها، أو قد يشكلون حلفاً دولياً لمحاربة أصحاب الحق وأهل الأرض، إكراماً لإسرائيل علها ترضى، وحرصاً على أمنها علها تبقى. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75807 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: د. مصطفى يوسف اللداوي مسيرة الشعب الكبرى السبت 21 سبتمبر 2019 - 19:56 | |
| الخياراتُ الفلسطينيةُ والرهاناتُ العربيةُ بين بيبي وبني
2019-09-20 د. مصطفى اللداوي أمد/ انتهت الانتخابات الإسرائيلية الثانية والعشرون بنفس ما انتهت إليه الانتخابات السابقة، فلا جديد لافت في النتائج النهائية، ولا تغيير حاسم في المقاعد والحصص، ولا اختراق لأحزابٍ جديدة، ولا اختلال في التوازنات السابقة، إذ بقيت بيضة القبان اليمينية المتطرفة نفسها، وراوح الحزبان اليمينيان الأقويان في مكانهما، إلا أنهما بقيا على حالهما الأول، عاجزين عن التشكيل بمفردهما، وغير قادرين على الاستغناء عن غيرهما، وباتت حاجتهما للأحزاب الصغيرة أكبر، وارتهانهما لهم أكثر، واستعدادهما لتقديم تنازلاتٍ لبعضهم أقل وأصعب، فالخلافات البينية بينهم شديدة، وتنافسهم على السلطة حادٌ، وبرامجهم الاجتماعية والدينية مختلفة، وأولوياتهم الاقتصادية متعددة.
التناقضات الداخلية للأحزاب أو التكتلات الإسرائيلية الثمانية الفائزة إذا استثنينا منها القائمة العربية كثيرة، وكرهها لبعضها شديدٌ، وحسدها بينها كبير، إلا أنهم جميعاً ينسون اختلافاتهم أمام الشعب الفلسطيني وحقوقه، فهم على قتاله يجتمعون، ولحرمانه من حقوقه يعملون، ولطرده من أرضه يخططون، ولمنعه من العودة إلى وطنه يصرون، وهم جميعاً لا يبالون بقتل الفلسطينيين أو اعتقالهم، والتضيق عليهم وحصارهم، وتعذيبهم وتجويعهم، فعلى هذه الأهداف المميتة وغيرها جميعاً يتفقون، بل فيها يتنافسون وبارتكابها يفتخرون، ويعدون التقصير فيها عيب، وعدم القيام بها جبنٌ وخيانة.
مخطيءٌ من يظن أن نتنياهو هو الأسوأ بينهم، وأنه الأكثر تطرفاً والأشد يمينيةً فيهم، وأنه وحده الذي أضر بالشعب الفلسطيني وأهدر حقوقه، وارتكب في حقه المجازر والجرائم، وصادر أرضهم وسمح بالاستيطان فيها، وعزلهم وبنى حولهم الجدر والأسوار، وخنقهم بالمعابر والبوابات، وحرمهم من الماء ومنعهم من البناء والإعمار، واعتدى على القدس والمسجد الأقصى والمقدسات، وسهل لغلاة المستوطنين وقادة الكيان اقتحامه وانتهاك حرمته، وأنه يخطط لحرمان الفلسطينيين من مقدساتهم الدينية، وينازعهم عليها مكاناً وزماناً، ظناً منه أنه بهذه السياسة يستعيد الحقوق اليهودية، ويمهد الطريق للهيكل الذي آن أوانه وحل زمانه، ولهذا يعد بإعلان السيادة الإسرائيلية عليها.
بيني غانتس لا يختلف أبداً عن نتنياهو الذي عمل تحت إمرته رئيساً لأركان جيش الكيان، وأشرف على تنفيذ العديد من المهام العسكرية ضد الفلسطينيين، وهو يقود حزب "أزرق أبيض" الذي يضم في صفوفه عدداً من رؤساء الأركان السابقين، منهم موشيه يعالون وجادي أشكنازي، وغيرهم الكثير من كبار ضباط الجيش السابقين، الذين ارتكبوا في حق الشعب الفلسطيني واللبناني أسوأ المجازر وأبشع الجرائم، وما زالوا يحلمون بتنفذ المزيد منها، وتحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه خلال فترات خدمتهم السابقة.
بيني ومن معه يقولون بأن "أورشاليم" عاصمة الكيان الصهيوني مدينة يهودية، واحدة موحدة، لا مكان فيها لغير اليهود، وأنه لا دولة فلسطينية، ولا استقرار في غزة، ولا هدوء مع المقاومة، ولا اعتراف بها أو تفاوض معها، ويفتخر بأنه قتل في غزة خلال حرب "الجرف الصامد" أكثر من 1360 فلسطينياً، وهو على استعداد لإعادة غزة إلى العصر الحجري.
كما يؤمن بأن الجولان جزءٌ من الكيان، لا انسحاب منها ولا تخلي عنها، ويجب على الجيش أن يبقى فيها وفي غرب نهر الأردن، يسيطر على الأرض، ويحمي الحدود، ويمنع أي تواصل بينها وبين الأردن، وينبغي الإصغاء إلى صوت المستوطنين في "يهودا والسامرة"، ومنحهم المزيد من الأرض الفلسطينية، ليتوسعوا فيها أو ليبنوا مستوطناتٍ جديدةً فيها.
بعض القادة العرب الذين نسجوا علاقاتٍ قوية مع نتنياهو يشعرون بالأسى لخسارته، وينتابهم القلق لغيابه، ويخشون من اتهامه ومحاسبته، وعقابه وسجنه، وهم الذين أملوا كثيراً أن يكون طود نجاتهم إلى بر الأمان، وأن يكون حصنهم الحامي ودرعهم الواقي، يحميهم من إيران ويدافع عنهم إذ هاجمتهم.
ولهذا فإن خسارة نتنياهو ألمتهم وأحزنتهم، وأحبطتهم وأفسدت مخططهم، وباتوا يخشون ألا يلتزم خلفه بسياسته، وألا يفي بوعده لهم، ويتخلى عن التحالف معهم، وينأى بكيانه بعيداً عنهم، ويتركهم وحدهم بعد أن أيقظتهم نتائج الانتخابات من سكرتهم، وأعادتهم إلى واقعهم الأليم ومستقبلهم البئيس.
أما الفلسطينيون جميعاً على اختلاف انتماءاتهم وتعدد ولاءاتهم، في الوطن والشتات، وفي السلطة والمقاومة، وفي الأرض المحتلة عام 67، وأولئك الذين بقوا متمسكين بوجودهم في أرضهم ولم يخرجوا منها، وحافظوا على حقوقهم وهويتهم في أرضهم، فإنهم يؤكدون أنه لا فرق بيني بيبي وبني، فكلاهما قاتلٌ ومبيرٌ، وعدوٌ وخصيمٌ، يريدان أن يخرجانا بعدوانهم من أرضنا، وصدق من قال من أهلنا عنهم، أن الفرق بينهم هو كالفرق بين البيبس كولا والكوكا كولا، وأنهما وجهان لعملةٍ واحدةٍ لا فرق بينهم أبداً في السياسة والاعتقاد.
يخطيء من يراهن على خلف رابين وأرنس وباراك وشارون وآليعازر وإيتان، فحزب الجنرالات بزعامة بيني ومن معه سيكون أسوأ بكثيرٍ من رهان البعض واعتقادهم، وإن الخلاص من بيبي ورحيله سيكون تماماً كالانتقال من المقلاة إلى النار، وكالمستجير من الرمضاء بالنار، فالموعود بالرحيل طرداً أو سجناً ليس أسوأ من المتشدق بالتسوية والمؤمن بالعملية السلمية.
فلا حزن على الراحلين ولا استبشار بالوافدين، بل لعنة الله وملائكته والعرب والفلسطينيين والناس أجمعين على السابقين منهم واللاحقين، وليس أمامنا حتى ننتصر عليهم ونرد كيدهم إلى نحرهم، إلا أن نستقبلهم بوحدتنا، ونواجههم بمقاومتنا، ونتصدى لهم ببأسنا، ونتحداهم بإرادتنا، ونكون لهم بالمرصاد بكل سلاحنا وقوتنا |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75807 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: د. مصطفى يوسف اللداوي مسيرة الشعب الكبرى السبت 5 يونيو 2021 - 13:28 | |
| عناقيدُ الغضبِ المرة وحارسُ الأسوارِ الخائب
د. مصطفى يوسف اللداوي كأنه التاريخ يعيد نفسه على الأرض نفسها، ويعيد ذات النتائج المؤلمة، ويجني نفس الحصاد المر، ويصيب بلعنته اللاعبين أنفسهم، ويطبق عليهم سنته الأبدية ومحاكمته التاريخية، فيمحقهم ويذلهم، ويسخطهم ويهينهم على سوء فعالهم وفحش جرائمهم، ويلقنهم درساً لم يتعلموه ممن سبقهم، ولم يستفيدوا منه في سابق أيامهم، فاستحقوا ماحل بهم وأصابهم، واستأهلوا الخاتمة التي تليق بهم، إذ أن سنة الله عز وجل لا تتبدل ولا تتعطل، وإن كانت تتأخر أحياناً أو تستعجل، ولكنها لا محالة تقع وتصيب، وتنزل بالأقوام التي تقصدهم، وتحل على الأمم التى حذرتهم، ولكنهم عاندوا وأصروا، وجَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا، فاستحقوا العذاب بلا رحمة، والمصير بلا شفقة. في العام 1996 ارتكب شيمعون بيرس حماقةً كبيرةً وجريمةً مهولةً، فاعتدى على لبنان وشعبه، وقصفه بهمجيةٍ وجنونٍ على مدى أيامٍ طويلة، كانت جداً قاسية على اللبنانيين، استخدم فيها أحدث ترسانته العسكرية، وأكثر صواريخيه تدميراً وتخريباً، وأطلق حمم نيرانه القاتلة على المدنيين اللبنانيين من الجو والبر والبحر، وأحدث خراباً واسعاً وتدميراً كبيراً، وتسبب في استشهاد وإصابة المئات من أبناء الشعب اللبناني، وكان جُلُّ الجرحى والشهداء من المدنيين، من سكان القرى والبلدات اللبنانية الجنوبية، القريبة من فلسطين المحتلة. لكن أم الجرائم التي ارتكبها، وأشد الفواحش التي أتى بها، كانت عدوانه الغادر على أحد مقرات قوات الطوارئ الدولية في بلدة قانا الجنوبية، وهو المقر الذي لجأ إليه المدنيون اللبنانيون هرباً من القصف المجنون والتدمير الممنهج، مما تسبب في مجزرةٍ مروعةٍ ومذبحةٍ كبيرةٍ، عرفت باسم “مجزرة قانا”، سقط فيها مئات الشهداء من النساء والأطفال والشيوخ، ممن لا يحملون سلاحاً ولا يقاتلون في الميدان. عض الشعب اللبناني على جرحه الأليم وصبر، واحتمل العدوان الهمجي وقاوم، وصمدت مقاومته وقاتلت، واتحدت جبهاته واتفقت قواه وناضلت، حتى تحقق لهم النصر بالثبات، إذ افشلوا مخططات العدو وكبدوه خسائر وأجبروه على التراجع والانكفاء، ولكن الخسارة الأكبر والهزيمة المرة، كانت تلك التي مني مسعر الحرب وقائد جريمة العدوان، إذ عاد شيمعون بيرس من الحرب خائباً خاسراً، ضعيفاً مهزوماً، متهماً عاجزاً، فخسر الانتخابات وفقد منصب رئاسة الحكومة، وهي التي كان يمني نفسها برئاستها، ولكن لعنة الحرب التي فجرها، وفحش المجزرة التي ارتكبها، خلعته من منصبه، وطردته من مكتبه، وألزمته بيته خائباً حسيراً. واليوم ها هي معركة “حارس الأسوار”، التي تولى كبرها المجرم نتنياهو، وخاض غمارها ضد الشعب الفلسطيني كله على امتداد الأرض المحتلة كلها، واستخدم في عدوانه على قطاع غزة أكثر الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية فتكاً وتدميراً، دمر بها المساكن والبيوت، والأبراج والمكاتب والمقرات، وقتل النساء والأطفال والمدنيين، وخرب بنيتها التحتية وعطل خدماتها الحيوية، ظاناً أن هذه الحرب ستمكن له في الأرض، وسترفع من قدره وستزيد من رصيده، وستعجل في تتويجه ملكاً ل”دولة إسرائيل”، ومنقذاً لشعبها ومستعيداً لهيكلها، ورائداً لمشروعها القومي وحلمها الديني. لكن لعنة “عناقيد الغضب” لم تكن بعيدة أبداً عن لعنة “حارس الأسوار”، فالجريمة واحدة والعدوان واحدٌ، والمجرم نفسه والقاتل ذاته، لم يتغير شكله ولم يتبدل نهجه، والمظلوم المعتدى عليه نفسه، فلسطينياً كان أو عربياً ولبنانياً، ففي الأولى اعتدوا على الشعب اللبناني وارتكبوا في حقه المجازر المروعة، وفي الثانية اعتدوا على الفلسطينيين عموماً، وارتكبوا ضدهم عشرات الجرائم المهولة التي يندى لها جبين الإنسانية، وفي الحربين كان القاتلان يبغيان السلطة ويتطلعان إلى رئاسة الحكومة، ويريدون استغلال الدم العربي أصواتاً لصالحهم في صناديق الانتخابات الإسرائيلية. لكن سنة الله عز وجل التي لا تتأخر ولا تتبدل، وإرادة شعوب الأمة التي لا تنكسر ولا تتراجع، ومقاومتها التي تكبر وتقوى، وتزداد قدرةً ومِنعة، أبت إلا أن تسقطهما وتنهي عهدهما، وتطردهما ذليلين، وتقصيهما ملعونين، وتنهي عهدهما فاشلين، فقانا أسقطت بيرس وأقعدته، فغدا منحوساً لا يفوز وخائباً لا يربح، وها هي غزة العزة ومقاومتها العظيمة، تدق عنق نتنياهو وتكسره، وربما تعجل في محاسبته ومعاقبته، وتخرجه وزوجته من المكتب الذي ظنوا أنهم حصنوه بجرائمهم، وثبتوا أنفسهم فيه بعدوانهم، فهل يتعلم منهما خلفهما ومن سيأتي بعدهما، أم أن سيف القدس البتار سيطالهم، وسيقتص منهم ويرديهم، فهذا السيف ما بارز أحداً إلا جندله، وما قاتل عدواً إلا بدمه ضرجه |
|
| |
| د. مصطفى يوسف اللداوي مسيرة الشعب الكبرى | |
|