يديعوت: سيناريوهات "اليوم التالي" لـ 15 مايو
08/05/2018
أمد/ تل أبيب: نشرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" تقريرا كتبه اليكس فيشمان، بعنوان اليوم التالي لـ15 ماي، جاء فيه:
في إسرائيل وفي غزة يتعاطون مع التصعيد والإصابات على الحدود وكأنها قدر محتم. لا تزال هناك إمكانية لوقف هذا الجنون من خلال التعاطي مع المبادرات السياسية لإعمار القطاع ولهدنة على الحدود.
تتحدث حماس عن التضحية بحياة أكثر من 200 فلسطيني على جدار الحدود مع إسرائيل في ذروة الاضطرابات الأسبوع القادم. في إسرائيل يقدرون بأنه حتى لو خرجت الاضطرابات عن السيطرة واجتاز الفلسطينيون الجدار ووصلوا إلى محور حركة السير في الجانب الإسرائيلي – لن يكون أكثر من مئة قتيل.
خطاب الجثث هذا يبدو مجنونا، ولكن الطرفين يتجهان نحو هذا الصدام بعيون مفتوحة. هذه الأعداد لا تبدو غير واقعية لمن رأى يوم الجمعة الركض "المجنون" لأولئك الشبان – الذين حتى حماس فقدت السيطرة عليهم – إلى الجانب الفلسطيني من كرم سالم.
حماس تقدر بأنه في أيام الذروة للصدامات، يوم النكبة وفتح السفارة الأمريكية في القدس، ستنجح في تجنيد مئات آلاف الأشخاص ممن يهجمون على الأسيجة. في "إسرائيل" يقدرون بأنه رغم الجهد في الجانب الفلسطيني، لن تنجح حماس في أن تجند أكثر من مئة ألف شخص.
في اضطرابات يوم الجمعة الأخيرة، رغم اقتحام الجدار في عدة أماكن، لم يقتل أي فلسطيني. هذا لم يكن صدفة. فالجيش يبذل بالفعل جهودا جبارة لتخفيض كمية المصابين بالنار الحية، باستثناء حالات "متطرفة". قد لا يبدو هذا مقنعا بعد أن قتل أمس ثلاثة فلسطينيين في جنوب القطاع، "بعد أن حاولت خلية اقتحام الجدار والمس بالبنى التحتية الأمنية بجواره".
ولكن لا يزال، حقيقة هي أنه بعد نحو شهرين من "الاستفزازات" في كل نهاية أسبوع، يبدي الجيش ضبطا للنفس. فعلى كل مجموعة قناصة يتولى المسؤولية قائد كتيبة، وهو فقط يقر النار. كل رصاصة تطلق تعد وتسجل. كل رصاصة تتسبب بإصابة تتجاوز الإصابة في الأرجل يجري التحقيق فيها لدى قائد الفرقة، العميد يهودا فوكس، الذي يوجه القناصة بشكل شخصي. مرشدو مدرسة القناصة – بالمناسبة، هؤلاء هم أساسا مرشدات – يتواجدون مع القناصة لغرض حل المشاكل المهنية. والتجربة المتراكمة في الأسابيع الأخيرة أدت إلى انخفاض في عدد القتلى.
الكل يستعد للانفجار الذي سيقع الأسبوع القادم وكأن الحديث يدور عن قدر محتم. في الجيش ينشغلون بـ "اليوم التالي" لـ 15 أيار ويرسمون سيناريوهين محتملين. الأول: كمية المصابين في الجانب الفلسطيني يخلق وضعا لا تعود فيه لقيادة حماس رغبة أو قدرة على لجم الذراع العسكري وتنشب مواجهة عسكرية، من شأنها أن تصبح حربا أخرى في القطاع.
والثاني: بعد انفجار الـ 15 أيار، والذي يبدو أنه لم يعد ممكنا منعه، ستظهر في الساحة مبادرة سياسية – اقتصادية تعطي جوابا للإغلاق. وبالأساس يدور الحديث عن تنفيذ الخطة التي بادر إليها منسق أعمال الحكومة في المناطق في السابق، بمباركة الحكومة، التي تجند مجموعة من الدول التي تبدي الاستعداد منذ الآن لتنفيذ مشاريع بنية تحتية في القطاع بحجم غير مسبوق في مجال المياه، المجاري والكهرباء. ويوفر تدفق الأموال حلا تشغيليا لسكان القطاع وبصيص نور للمستقبل. هذه الخطة عالقة بسبب معارضة أبو مازن. ففي أواخر حياته السياسية قرر الزعيم إذا لم يكن يحقق رؤيا دولة فلسطينية، فلتحرق "إسرائيل" وحماس الواحدة الأخرى.
حتى اليوم، فإن كل مسيرة إعمار غزة مرت عبر آلية مرتبطة بالمؤسسات الدولية وبالسلطة الفلسطينية. ليس للدول الأوروبية وللولايات المتحدة أي قدرة على العمل مباشرة مع حماس في القطاع، طالما كان المفتاح في يد أبو مازن. يتعين على حكومة "إسرائيل" أن تتخذ قرارا مصيريا: هل تسمح بنشاط إنساني في القطاع باستثمار مئات ملايين الدولارات، من خلال آليات تتجاوز السلطة الفلسطينية. لا يبدو أن هذه الحكومة مبنية لذلك. صحيح أن الأوروبيين يفهمون العوائق التي يضعها أبو مازن ويهددونه بتجاوزه في نهاية المطاف، ولكنهم يحتاجون إلى التعاون الإسرائيلي.
لكل هذا الجنون يوجد حل. اليوم أيضا تنقل حماس للجيش رسائل في أنها لا تزال معنية "بهدنة". وهناك في قيادة حماس تيارات مختلفة، والتيار الذي يتحدث عن الهدنة يخرج من الزعيم المنتخب يحيى السنوار. توجد كل أنواع التخمينات حول مضمون هذه الهدنة. حماس نفسها نقلت لإسرائيل على مدى السنة الأخيرة روايات مختلفة، ضيقة وواسعة للهدنة. تضم غزة فقط، ولكن الضفة أيضا. هذه المطالب والشروط لم تبحث أبدا، إذ أن "إسرائيل" غير مستعدة للحديث مع حماس. أما مصر، فبالذات مستعدة. لعل هذا هو الوقت لتجاوز السلطة الفلسطينية لإعطاء احتمال للحوار الذي قد ينجح في وقت ما يبدو كحرب آتية في القطاع.