أسباب انسحاب أمريكيا من الاتفاق النووي الإيراني
أشرف صالح
عندما أبرمت الولايات المتحدة الأمريكية اتفاق نووي مع إيران بالشراكة مع الدول الخمس الكبرى , كان ذلك قبل سنوات قليلة في عهد الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية أوباما , وذلك لأن أوباما كان يميل للسلام أكثر من غيره , وكانت له سياسة قريبة من العرب والمسلمين كونه من أصول أفريقية , محاولا منه كسب علاقة جيدة مع أعداء الولايات المتحدة من شأنها تحسين صورته كرئيس مميز من أصول أفريقية , ووصل به الحال أنه قال للعرب بأنه من أصول عربية , ومن هذا المنطلق دخلت إيران في ميزان القوى والمنافسة مع الدول الخمس الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية .
ولكن مع ترامب الوضع اختلف لأن هذا بالطبع لا يرضي غروره وسياسة القوة التي يتبعها , فمنذ إستلم الحكم قرر أن يتبع سياسة القوة والعربدة بشكل علني وبدون أي مقدمات , حتى وصل به الحال أن ينسحب بشكل فردي من إتفاق نووي مع إيران , والأخطر في الموضوع أن هذا الإتفاق يجمع بين مجموعة من الدول وتحت إشراف مجلس الأمن الدولي , وكأنه يرمي بإرادة هذه الدول عرض الحائط وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي أيضا .
لماذا إنسحب ترامب من الإتفاق ؟ برأيي أن هناك ثلاث نقاط أساسية أدت الى الإنسحاب وهما , سوريا والموساد والأهم من ذلك شخصية ترامب نفسها .
سوريا : إن التحالف السوري الإيراني الروسي الصيني بالإضافة الى حزب الله كان له دورا هاما في إنسحاب ترامب من الإتفاق , لأن التحالف بحد ذاته كان يعني العداوة للولايات المتحدة وحلفاءها , وبالطبع هذا يستدعي أن تكون إيران في مواجهة مع الولايات المتحدة على أرض سوريا وهذا يتطلب منها أن تتحرك بحرية في النشاط النووي بالتوازي مع إتفاقية سارية المفعول , فأصبح هناك لبس أو تناقض واضح في الموضوع , فأدرك ترامب أنه ليس من الممكن أن تحافظ إيران على إتفاقها مع الولايات المتحدة في ظل صراع بينهما يتمثل في التحالفات , فأراد ترامب أن يسبق في فك الإرتباط بينه وبين إيران , ويكون بذلك هدفه إضعاف إيران من خلال فرض العقوبات وأيضا إضعاف سوريا كطرف في التحالف .
الموساد : لقد سمعنا عبر وسائل الإعلام بأن الموساد حصل على وثائق مهمه من إيران بطريقته الخاصة وقدمها للولايات المتحدة , وهذه الوثائق تختص في الملف النووي الإيراني وتحمل معلومات بأن إيران كثفت نشاطها النووي خارج نطاق الإتفاق , وأنها تستعد لزيادة قدرتها النووية إستعدادا لدخول معركة مصيرية على أرض سوريا ومن ثم تنطلق الى العالم إستكمالا لمشروع طموحها النووي , وهذا ما زاد القلق لدى ترامب وأصبح أحد أسباب إنسحابة من الإتفاق النووي .
شخصية ترامب : شخصية ترامب الهجومية والتي تستخدم سياسة القوة باتت واضحة للجميع , وخلقت تغيرات كثيرة في الشرق الأوسط , بداية من نقل السفارة الأمريكية الى تل أبيب , وحتى إنسحابها بشكل مفاجئ من الإتفاق النووي مع إيران , وهذه الشخصية لعبة دورا هاما في تغيير سياسات الولايات المتحدة الأمريكية .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه , كيف إستطاع ترامب أن ينسحب من إتفاقية دولية لها شركاء كثر وتحت إشراف مجلس الأمن , فحسب القوانين الدولية والتي تنص على معاقبة كل من يخترق الإتفاقيات من طرفه تلزم الجميع لإحترام الإتفاقيات الموقعة , فهل بالفعل قدم ترامب وثائق تثبت إدانه إيران قبل عملية الإنسحاب , أم هي عملية عربدة سياسية إستخدمها ترامب ضاربا مجلس الأمن بعرض الحائط . أنا برأيي أن الأخيرة هي التي إستخدمها ترامب , لأننا ومن خلال متابعتنا لوسائل الإعلام لم نقرأ أي وثائق قدمها ترامب بشكل رسمي تثبت تورط إيران بالخروج عن الإتفاق النووي .
انسحاب امريكا من الاتفاق النووي.. ماذا بعد؟!
شاكر فريد حسن
أعلن الرئيس الامريكي دونالد ترامب رسميًا انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع ايران، مؤكدًا على أنه سيفرض عقوبات اقتصادية صارمة على طهران، ضاربًا عرض الحائط بكل ما قدمته له دول العالم من نصائح وتحذيرات بشأن المخاطر التي تنطوي عليها مثل هذه الخطوة الكارثية على السلم العالمي والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وانغردت اسرائيل والسعودية والامارات من بين دول العالم أجمع، بتأييد قرار الانسحاب من الاتفاق النوري الايراني، وهذا الانفراد الثلاثي لا علاقة له بمضمون هذا الاتفاق بقدر علاقتة بالدور الوظيفي لهذه الكيانات الثلاثة.
ايران بدورها تعاملت بعقلانية ومسؤولية مع قرار ترامب الفادح، ومنحت الاطراف الدولية، وخاصة الدول الاوروبية فرصة لا تتجاوز أسابيع قليلة لتوضيح موقفها الحقيقي من الانسحاب الامريكي، وكيف ستحافظ على مصالح ايران في اطار الاتفاق.
وفي الواقع ان الموقف الايراني من الانسحاب الامريكي من الاتفاق جاء متماشيًا ومنسجمًا مع السياسة الهادئة المتزنة والمسؤولة لطهران. وهي السياسة التي جعلت امريكا واسرائيل والسعودية والامارات في جانب والعالم كله في جانب آخر.
وهذه السياسة ستساهم بلا شك في تعقيد وعرقلة مساعي امريكا في فرض عقوبات اقتصادية وتجاربة على ايران، لعدم اقتناع العالم بذرائع وحجج امريكا من وراء فرض هذه العقوبات.
انسحاب امريكا من الاتفاق النووي الايراني، يشكل اعلان حرب على ايران، بهدف تغيير واستبدال النظام الحاكم الحالي، بالطريقة ذاتها التي جرى فيها تغيير أنظمة الحكم في العراق وليبيا وغراندا، بحجة امتلاك أسلحة الدمار الشامل.
الرئيس الامريكي ينفذ ما تريده حكومة اسرائيل ورئيسها بنيامين نتنياهو، فهو مطية وأداة لتحقيق مطالب اسرائيل بشن عدوان على ايران، وتحشيد دول الخليج النفطية خلفه، واغراق المنطقة من جديد في بحر من الدماء الذكية، وتوظيف كل ما تبقى في جيوبها وخزائنها من أموال لتغطية نفقات هذا العدوان المدمر.
ايران ليست هي التي تهدد سلامة المنطقة والعالم، وانما امريكا واسرائيل التي تحتل الارض الفلسطينية وتمارس الارهاب والقتل والمجازر يوميًا بحق الشعب الفلسطيني، وحين يكون الموقف بين امريكا واسرائيل وقوى الرجعية العربية والانطمة العميلة المتهادنة من جهة، ومحور المقاومة من ناحية أخرى فيجب أن يكون الخيار الوقوف مع المقاومة وليس في معسكر أعداء الشعوب والحريات والسلام.