النووي الإيراني و"النووي الإسرائيلي"..ولا توازن عربي!
10/05/2018
كتب حسن عصفور/ لم يتراجع الرئيس الأمريكي عن "وعده" بالإنسحاب من اتفاقية (5+ 1) حول النووي الإيراني، الذي كان جزءا من حملته الإنتخابية، موقف كان من بين حساباته، حماية الكيان الإسرائيلي وخدمته ليبقى حاضرا بقوة في المنطقة، واليد العليا عسكريا وأمنيا في الشرق الأوسط..
قرار الرئيس ترامب، يوم الثلاثاء 8 مايو 2018، بالإنسحاب من ذلك الإتفاق، لم يجد من التأييد سوى أقلية محدودة، فيما وقفت الغالبية العظمى من دول العالم ضد القرار الأمريكي، الذي لم يقدم أي دليل يؤكد أن إيران قامت بإختراق لبنود الإتفاق، وسجل الإتحاد الأوروبي رفضا صريحا للموقف الأمريكي، وكذلك بريطانيا، الى جانب روسيا والصين..
موقف عالمي كان مثيرا جدا وملفت للإنتباه بالتمسك بالإتفاق خلافا وتصادما مع أمريكا، بعد أن عجزت واشنطن أن تبرهن على أي خروقات إيرانية لنص الإتفاق، حتى أن منظمة حظر ومراقبة الأسلحة النووية، أكدت الإلتزام الإيراني بما تم الإتفاق عليه..
القرار الأمريكي، لم يحكمه الخروقات الإيرانية، بل حكمته أسبابا أخرى، بينها وربما هو الأهم، منع قيام أي وجود لقوى تهدد دولة الكيان الإسرائيلي، وكانت المسرحية الإسرائيلية التي تحدث عنها نتنياهو، بالخروقات الإيرانية، أهم "سبب" كشف عنه ترامب، وهي سابقة نادرة أن تسنتجد أمريكا بما ينشر من معلومات في مؤتمر صحفي، لم تجد من يؤيدها حتى في إسرائيل، بل كثيرا من وسائل الإعلام جعلت من نتنياهو ومعلوماته مثارا للسخرية السياسية..
ترامب، قالها، ان إسرائيل لا تريد أي اتفاق مع إيران حول النووي، وترفض الإتفاق فكان لا بد من تنفيذه، إستجابه لذلك، وهو ما لا يتفق مع أي من "مصالح أمريكا العليا"، كما تدعي دوما الإدارات الأمريكية المتعاقبة..موقف يكمل ما بدأ ترامب تنفيذه لتعزيز مكانة الكيان في المنطقة، بعد أن قرر تحدي العالم بنقل السفارة الأمريكية من تل الى القدس..
المفارقة الكبرى، ان "العزلة الأمريكية" العالمية في الموقف من قرار ترامب، انه وجد ترحيبا ومباركة من بعض دول عربية، وكذلك من أمين عام الجامعة العربية، توافق سياسي مع موقف الكيان، الذي سارع نتنياهو كأول مسؤول غير أمريكي، ليرحب بالقرار، وإعتبره "نصرا" لما نادت به إسرائيل..
الترحيب العربي بالقرار الأمريكي، لم يستقم مع مسببات الإنسحاب أبدا، وربما لو دقق المرحبين بما قاله من مسببات لأصابهم "إرتباك"، بأن يكون تهديد إيران لأمن إسرائيل أهم أسباب ذلك القرار..
مسألة لا يجب أن تمر مرورا عابرا، فالخطر على الكيان الإسرائيلي هو دافع ترامب، ولم "يتكرم" الرئيس الأمريكي بالإشارة الى أي دولة عربية يمثل النووي الإيراني خطرا عليها، ولذا يبحث عن "حمايتها"، فهو تجاهل بالمطلق مثل تلك الإشارة لدول سارعت لتأييد الخطوة الأمريكية دون تدقيق في أقوال ترامب، وكأن البيان معد مسبقا، ودون أي تفكير بأن هناك في البيان ما يمثل إهانة سياسية تتعلق بأحد أسباب الإنسحاب الخاصة بأمن إسرائيل..
كان يمكن "تفهم" التأييد العربي السريع جدا لقرار ترامب، لو وضعت دول الترحيب وكذلك أبو الغيط بصفته، مسألة النووي الإسرائيليكخطر لا بد من حصاره، الذي يمثل خطرا مباشرا وحقيقيا على الدول العربية وفلسطين، قبل الخطر الإيراني، فالكيان هو المهدد الأول للأمن القومي العربي، رغم كل ما يقال عن "خطر إيراني"، فإسرائيل هي رأس رمح للتهديد الوجودي، وهي من تحتل فلسطين، وترفض أي رقابة على مشروعها النووي..
لا يمكن إطلاقا تفهم أن يتم التأييد الفوري للقرار الأمريكي، دون إعتبار أن "النووي الإسرائيلي" هو خطر حقيقي لا بد من حصاره وإخضاعه للقانون الدولي والرقابة والتفتيش، حسب نص مئات القرارات العربية الرسمية، ومنها الجامعة العربية..
تجاهل خطر النووي الإسرائيلي في البيانات "الترحيبة" العربية يمثل إنتكاسة سياسية إستراتيجية، وتشجيعا لدولة الكيان الهروب من أي ملاحقة ومساءلة سبق أن طالبت بها الدول العربية وجامعتها..
لا نعلم متى تذكرت الدول العربية والجامعة النووي الإسرائيلي، وهل لا زال يعتبر "خطرا تهديديا"، ام انه تحول ليكون "سلاحا صديقا"..
حتى القيادة الرسمية الفلسطينية أصابها بكم شامل عن الحديث بهذا الخصوص، وهي الجهة المفترض أن تكون أول طرف في العالم لتشير الى الخطر النووي الإسرائيلي، لكنها أدارت الظهر وكأن الأمر لا يعنيها إطلاقا..
أن ترفض دول عربية النووي الإيراني ذذلك شأنهم، لكن أن تكون هي وإسرائيل وأمريكا فقط في خندق ضد العالم فتلك هي المصيبة الكبرى..نعم هناك خلل كبير في تحديد أوليات الخطر..مع كل رفض لأي سلوك إيراني ضد أي دولة عربية ورفض صريح إحتلال أراضي عربية..
موقف بعض العرب والجامعة العربية لم يكن في سياق يمثل مصلحة إستراتيجية لخدمة لقضايا الأمة ومركزها قضية فلسطين..
وليت الأمين العام لجامعة الدول يعيد التذكير بقرارات "بيت العرب" حول النووي الإسرائيلي وينشرها من جديد، ولو كان في سياق وذكر إن نفعت الذكرى!
ملاحظة: التطورات في الجبهة الشمالية للكيان الإسرائيلي يشير الى أن الأحداث لم تعد حكرا على موقف تل أبيب..الصواريخ أيضا يمكنها أن تنطلق وتدمر مواقعا ومدنا في قلب الكيان..رسالة قد تكسر غطرسة طال أمدها..
تنويه خاص: غزة وصلت الى حد الإنفجار..الهدف وبوضوح ودون أي إلتباس دولة الكيان وسلطة عباس رئيسا وحكومة وأدوات..غزة ليست "رقما حسابيا" يا ذاك فإحذر غضبها وإحذر إنفجارها ..غزة أقوى من نذالتك!