غربال نكبة فلسطين والفرز الطبيعي للحاصل في المنطقة
May 14, 2018
الدكتور محمد بكر
ليس ثمة يوم تتباهى فيه الكرامة العربية بأنها حاضرة ومتجذرة في نفوس المدافعين عنها أكثر من اليوم الذي دكت فيه الصواريخ السورية مواقع عسكرية إسرائيلية في الجولان السوري المحتل، وفي وقتٍ تعالت فيه اصوات الفلسطينيين في مسيرات العودة، ليس مهماً من الذي قصف سواء الجيش السوري ام إيران، لطالما كانت وجهة الصواريخ في جبهتها الصحيحة، والمستَهدف هو الكيان الصهيوني، تحضر نكبة فلسطين في ذكراها السبعين وبرغم كل الجراح التي عمقت انحراف السلوك القومي، إلا أن الأمل يُولد من جديد لإنهاء الغطرسة الإسرائيلية ووضع حد لعنجهية الكيان الصهيوني، لذا كان لزاماً على فصائل المقاومة الفلسطينية أن تبارك القصف السوري لطالما أعاد البوصلة لمسارها الذي يجب أن تكون فيه.
غربال نكبة فلسطين يعمل في ذروته هذه الأيام ويخلق فرزاً واضحاً لكل الحاصل في المنطقة، هذا الفرز الذي يؤكد مجدداً أن المعركة كانت ولا زالت بين مشروعين، لكن المهم هو مراكمة مسار البوصلة والبناء عليه، للوصول إلى وحدة مصير وخندق قادرة على الوقوف في وجه كل القادمات من المرحلة المقبلة، التي ربما سيكون عنوانها، المعركة مع الأصلاء بعد أن وضعت المعركة مع الوكلاء أوزارها، تماماً كما قال الأمين العام لحزب الله، وأن مسوقي وممولي ومهندسي المشروع الأميركي في المنطقة لن يسكتوا على هزيمة مشروعهم في سورية والمنطقة.
مطالبة ليبرمان الدول العربية بالخروج من الجحور والإعلان الصريح عن محور الاعتدال بين الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية لمواجهة مايسميه ليبرمان محور الشر، وبالرغم من إعلان إسرائيل أنها لاتريد التصعيد، إلا أن العمل جارٍ على قدم وساق لتفعيل سبل المواجهة مع إيران وحلفائها.
لا نعرف إذا كان ماقاله الباحث في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية الكسندر كريلوف أن موسكو تدرك بأن الصبر السياسي لإيران كافٍ، ولن تسعى الأخيرة لتفاقم الوضع مع إسرائيل، وكذلك ماأعلنه معاون الرئيس الروسي للشؤون العسكرية فلاديمير كوجين بأن روسيا لم تسلم الجيش السوري منطومات دفاع جوي من نوع S300 وأن الأخير يمتلك دفاعات جوية روسية جيدة وفاعلة، هي استراتيجية روسيا في تهدئة التوتر القائم، أم مجرد حبة مخدر لتخفيف الهيجان الإسرائيلي، لأنه في الحالة الأولى تكون موسكو قد انتهجت سلوكاً غير ردعياً يجرؤ في حضرته الإسرائيلي مواصلة عنجهيته وخروقاته، فيما تُظهر الحالة الثانية مدى تمسك موسكو بتحالفها الاستراتيجي مع طهران ودمشق.
لتمضي بعض الدول في تطبيعها مع الكيان الصهيوني كما تشاء، ولتعلو الأصوات المباركة للسلوك الإسرائيلي فيما يسمونه دفاعاً عن النفس، لكن المؤكد أن كل ذلك الصراخ، لم يصل لمستوى هدير الكرامة العربية الذي صدح في هضبة الجولان والأمل كل الأمل أن لا يخفت.
* كاتب صحفي فلسطيني
روستوك – ألمانيا