( كلام الحمير) !!
د.عبد القادر فارس
*في الأدب السياسي الساخر : من حكايا الحمير( 5 )
قررت " الجمعية العامة للحمير " , عقد اجتماع للتباحث في ازدراء إحدى سلالات الحيوان - المسماة بني الانسان - لفصيلة الحمار, وهو حسب العلوم ولأبحاث البيولوجية الحديثة , الأقرب للإنسان , لتقارب صفات حليب الأتان ( أنثى الحمار ) , مع أمهات البني آدمين , وهو ما رفع سعر لتر حليب الحمير إلى مئة يورو في أوروبا , وسعر كيلو الجبنة البيضاء من الحليب المستحلب من ضرع أنثى الحمار إلى أكثر من ألف دولار في أميركا , التي يتخذ فيها الحزب الديمقراطي الحمار شعارا له ... عندها اقترح أحد الحمير مشروع قرار في جمعيتهم المحترمة وذات الوقار , أن يتم التصويت على المساواة بين الحمير والبشر, عندها اعترض شيخ الحمير , وقال إن ذلك لا يجوز , ومن غير المقبول مساواة الحمير بالبني آدمين , فالله ميز الانسان وكرمه عن باقي الخلوقات حين قال " ولقد كرمنا بني آدم ..وفضلناهم على من خلقنا تفضيلا ", كما أن الله سبحانه وتعالى خلقنا لخدمة الانسان حين قال: " والخيل والبغال والحمير لتركبوها", وكيف لنا أن نتساوى مع الانسان , الذي يشدو بأعذب الألحان , بينما يقول الله تعالى في كتابه الكريم : " إن أنكر الأصوات لصوت الحمير " , عندها طلب حكيم الحمير المداخلة وقال : إننا لا نعترض على ما وصفنا به من الخالق سبحانه وتعالى , وسنبقى ملتزمين بخدمة الانسان , مهما كلفنا ذلك من أثمان , ولن ننهق أبدا عندما يعلو صوت الأذان , ولكننا نعترض على هذا الاحتقار والازدراء والاضطهاد من الانسان , ولذلك سيكون لنا كلام وقولان , ولا يمكننا السكوت بعد الآن على هذا الذل والهوان أمام الانسان , الذي يعلم تماما أنه ليس أكثر من حيوان ناطق , ضمن ما خلق الله من دواب وحيوان , رغم ما منحه من عقل وتفكير وحسن تدبير, ولكننا معشر الحمير , يجب أن يكون لنا بعض التقدير.
بعد نقاش وجدال , تواصل لساعات واستطال , ولإخراج الحديث عن العلاقات الداخلية بين الحمار والإنسان , قرر مسؤول اللجنة السياسية في الجمعية , أخذ الكلام للحديث في السياسة الخارجية , بعيدا عن وصف الحمير بالحمرنة والغباء والتياسة , مبادرا بطرح سؤال , لم يخطر للحمير على بال : هل تعلمون لماذا خسرت " هيلاري " مرشحة حزب الحمير , أمام هذا (الطرمب) الفيل؟! ( الفيل شعار الحزب الجمهوري الأميركي ) أجاب جحش صغير , لا يفقه في السياسة الكثير : لأن الفيلة أضخم من الحمير , ولديها ذيل قصير وخرطوم طويل , فرد عليه سياسي الحمير : " انطز" واقعد وبلاش تهبيل .. بعد ذلك طلب الجواب " كُرٌ غُر" , فقال إن الفيل يستطيع أن يحمل الكثير من الأثقال مقارنة بالحمار , لكن الجواب لم يعجب الحضور , واجمعوا أن الحمير أكثر احتمالا على حمل الأثقال , ولذلك يسمينا بنو الانسان " أبو صابر" .
ومن أجل انهاء الجدال , والجواب والسؤال , تقدم خبير الحمير , وطلب التدخل والادلاء بما لديه من تحليل وتفسير , وقال لقد ثبت أن "هيلاري" هي فعلا من فصيلة الحمير , عندما قبلت أن تجلس "مونيكا" الجميلة في حضن زوجها الأنيق , وأن تلتزم الصمت دون نهيق , رغم أنها كما وصفها أحد الرؤساء السابقين من حزب المحافظين المنافس, بأنها تملك " قاعدة " عريضة , " وخلفية " محترمة تؤهلها لأن تكون أول رئيسة لأميركا , وأضاف الخبير في القول والتأويل : ولأن الفيل (طرمب) " زير نسوان " , ولديه من الزوجات اثنتان , ومن المحظيات العديد من المومسات , ويحب المصارعة و" المطارحة " والسهرات .. وكذلك ما قدمه من وعود للصهاينة واليهود , وأنه سيكون مرشح الأمريكان واسرائيل , وسينقل سفارة أميركا إلى القدس , ويعترف بها عاصمة لدولة اسرائيل , فقد تمكن من الفوز بالضربة القاضية في آخر السباق , رغم تقدم الحمارة على الفيل في معظم الجولات , ومحاولتها توجيه " رفسة قوية " للفيل العنيد , الذي حظي في آخر السباق بهذا التأييد , من معظم الحكام والحكماء في الولايات التي كانت تحكمها الحمير... وهكذا انتهى الاجتماع , وانفض الكلام , بعد أن قطعت " حُميرة " قول أي كلام.!!