مخيم اليرموك رمز للمعاناة خلال سنوات الحرب السورية
May 21, 2018
بيروت: من الفقر والنزوح مروراً بالحصار والجوع ثم قيود الجهاديين وقصف قوات النظام، شهد مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق، معاناة قل نظيرها استمرت طيلة سنوات الحرب السورية.
وتحولت صورة صارخة التقطت في العام 2014 تظهر المئات من المدنيين الجوعى والمتعبين المتراصين وسط شارع لفه الدمار بانتظار الحصول على مساعدات غذائية، رمزاً لمأساة الحرب في سوريا.
وشكل مخيم اليرموك الذي يُعد أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا آخر جيب كان تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في جنوب دمشق، قبل أن يعلن جيش النظام السوري الاثنين سيطرته بالكامل على المخيم ومحيطه، معلنا دمشق ومحيطها مناطق “آمنة بالكامل” للمرة الأولى منذ العام 2012.
وكان اليرموك يؤوي 160 ألف شخص بينهم سوريون، لكن الحرب التي لم تستثن المخيم بدءاً من العام 2012 أجبرت سكانه على الفرار مجدداً.
ويُعد اليرموك وأحياء محاذية له أقرب نقطة من وسط دمشق تمكن التنظيم من الوصول اليها، ويمكن منه رؤية القصر الرئاسي.
وبعد سيطرته الشهر الماضي على الغوطة الشرقية التي بقيت لسنوات معقل الفصائل المعارضة الأبرز قرب دمشق، وضع جيش النظام السوري نصب عينيه استعادة أحياء في جنوب دمشق تحت سيطرة التنظيم المتطرف.
وقاد جيش النظام العملية الحالية بدعم من مستشارين روس ومشاركة مئات العناصر من فصائل فلسطينية موالية لدمشق.
وبعد شهر من المعارك والقصف، تم التوصل الى اتفاق لإجلاء مئات مقاتلي التنظيم المتطرف وعائلاتهم، بدأ تنفيذه الاحد “برعاية روسية” قبل ان يستكمل فجر الاثنين وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ولم يأتي جيش النظام السوري او الاعلام الرسمي على ذكر عملية الاجلاء.
وقدر المرصد عدد المقاتلين في وقت سابق بنحو ألف مقاتل، قضى منهم 233 عنصراً على الاقل خلال المعارك.
ونشر تنظيم الدولة الإسلامية على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي في قوت سابق صوراً قال إنها تعود لجثث عناصر من جيش النظام، وقد جرى قطع رؤوس بعضهم.
- “قاموس اللا إنسانية” -
تأسس المخيم في العام 1957 وكان عبارة عن مجموعة من الخيم أوت مئات العائلات الفلسطينية، قبل أن تستبدل لاحقاً بأبنية. وعلى مدى عقود، تحول اليرموك الى منطقة سكنية وتجارية محتفظاً بتسمية “المخيم”.
وانتهت معركة جنوب دمشق مع مزيد من الدمار الذي لحق بمخيم اليرموك الشاهد على معاناة طويلة خلال سنوات الحرب السورية.
في أيلول/سبتمبر 2012، شهد المخيم معارك ضارية بين فصائل معارضة وقوات النظام، وانقسمت المجموعات الفلسطينية بينهما.
وأدت المعارك إلى موجة نزوح ضخمة. وتحدثت الأمم المتحدة عن فرار 140 ألف فلسطيني وآلاف السوريين من المخيم.
إثر تلك المعارك، سيطرت الفصائل المعارضة على المخيم وفرضت قوات النظام حصاراً عليه أدى إلى ازمة إنسانية حادة طالت آلاف المتبقين فيه، وجرى تداول تقارير حول أطفال يأكلون الورق وعائلات تعيش على أكل الحيوانات، فضلاً عن تفشي مرض التيفوئيد.
وفي كانون الأول/يناير العام 2014، انتشرت صورة نشرتها الأمم المتحدة تظهر حشوداً كبيرة تخرج سيراً على الأقدام بين الأبنية المدمرة بانتظار الحصول على المساعدات. ولا تزال تعتبر من أكثر الصور تعبيراً عن مآسي المدنيين في النزاع.
وقال المتحدث باسم وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (اونروا) كريس غانيس في 2014 “تضاف الى قاموس لا إنسانية الانسان تجاه اخيه (الإنسان) كلمة جديدة هي اليرموك”.
وفي العام 2015، شنّ تنظيم الدولة الإسلامية هجوماً على المخيم، وطرد الفصائل المعارضة وأحكم سيطرته على الجزء الأكبر منه، فيما سيطرت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة وقتها) على أجزاء أخرى.
وأدى دخول التنظيم المتطرف الى موجة نزوح جديدة، وفرّ السكان بشكل أساسي إلى بلدات قريبة في جنوب دمشق.
وقبل اندلاع المعارك الأخيرة، قدرت وكالة الأمم المتحدة لتشغيل وغوث اللاجئين (أونروا) عدد المقيمين في المخيم بستة آلاف شخص، لكن معظمهم فروا مع اشتداد المعارك في الأسابيع الأخيرة.
وأبدت المنظمة الدولية الشهر الماضي “قلقها الشديد إزاء مصير المدنيين” مع استمرار “القصف واطلاق قذائف الهاون والاشتباكات العنيفة داخل المخيم وفي محيطه”.(أ ف ب) .