منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 قصة جفرا الحقيقية: جفرا الشهيدة، وجفرا التراث

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75848
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

قصة جفرا الحقيقية: جفرا الشهيدة، وجفرا التراث Empty
مُساهمةموضوع: قصة جفرا الحقيقية: جفرا الشهيدة، وجفرا التراث   قصة جفرا الحقيقية: جفرا الشهيدة، وجفرا التراث Emptyالخميس 24 مايو 2018, 11:11 pm

قصة جفرا الحقيقية: جفرا الشهيدة، وجفرا التراث



    جهينة محمد

دأبت مئات المواقع الإلكترونية على سرد قصة جفرا، بالحذف والإضافة حتى تحوَّلت هذه القصة الواقعية إلى أسطورة شائعة الصيت فلسطينياً وعربياً وعالمياً، ذلك أن أبناء الشعب الفلسطيني يرددون (قصتين في قصة)، هما جفرا الشهيدة، وجفرا التراث بالخلط بينهما أحياناً، وبإعلاء إحداهما على الأخرى أحياناً أخرى: جفرا التراث هي الأقدم، لكن جفرا الشهيدة هي الأكثر قداسة وتأثيراً، لأن جفرا التراث يشوبها التكرار، فهي قصة حب من طرف واحد، كما أن جفرا التراث باللهجة الفلسطينية، بينما جفرا الشهيدة بالفصحى. وقد أصبح معروفاً أن جفرا التراث، بطلها هو (أحمد عبد العزيز علي الحسن)، وهو من قرية كويكات، قضاء عكا. أمّا (جفرا الشهيدة)، فعاشقها هو الشاعر الفلسطيني الحديث (عزالدين المناصرة) من محافظة الخليل. وإليكم التفاصيل:
- حتى عام (1982)، كانت (جفرا)، نمطاً غنائياً شعبياً محدوداً يعرفه الفلسطينيون في الوطن والشتات، دون أن يُعرف (مؤلفه الأصلي)، شأن معظم الأنواع الغنائية، الشعبية السائدة في بلاد الشام. أما (قصة جفرا)، فقد كانت مجهولة تماماً إلاَّ في أوساط عائلات قرية (كويكات) العكيَّة، يتناقلونها همساً بينهم، بسبب التقاليد المرعية. ولهذا انفجرت القصة التراثية منذ عام 1982 فقط. ونحن نلاحظ أنَّ بداية تحول  (جفرا) إلى رمز عربي، بل وعالمي، كان منذ (عام 1976) على وجه التحديد. فكيف حدث ذلك، ولماذا؟
- تحولت جفرا إلى رمز فلسطيني، عندما نشر الشاعر عزالدين المناصرة، قصيدته: (جفرا الوطن المسبي) عام 1976 في الصحف اللبنانية. هذه القصيدة من نوع (الشعر الحر التفعيلي الفصيح)، وهي تحكي مأساة الشاعر مع حبيبته التي استشهدت بنيران طائرة إسرائيلية في غارة على بيروت. اسمها الحقيقي، هو (جفرا النابلسي)، وهي طالبة فلسطينية كانت تدرس في (الجامعة الأمريكية)، وقيل: الجامعة اللبنانية، وقيل: الجامعة العربية في بيروت. كادت العلاقة العاطفية بين الشاعر وحبيبته تصل إلى مرحلة الزواج. وقال شهود بأنهم شاهدوا جفرا مع الشاعر في شارع الحمراء في بيروت، وفي وادي العرائش بمدينة (زحلة) اللبنانية، بل في (صيدا، وصور)، وهم يصفونها بأنها (ساحرة الجمال). اشتهرت قصيدة الشاعر المناصرة، عربياً وعالمياً بعد أن ترجمت إلى أكثر من عشرين لغة أجنبية، وبعد أن غناها من لبنان: مارسيل خليفة، وخالد الهبر. وبعد أن تحولت إلى فيلم يوغوسلافي تضمن الأغنية بصوت مارسيل خليفة، عُرض في مهرجان موسكو السينمائي الدولي عام 1980. كما تحولت إلى رقصة على ألحان خليفة في مدينة (برنو) السلوفاكية. وأنشدها أحد نجوم المسرح الفرنسي بالفرنسية في مسرح موليير في باريس عام 1997، بعد أن ألقاها الشاعر المناصرة بالعربية، بحضور فدوى طوقان، ومحمود درويش، وبحضور (جاك دريدا) فيلسوف التفكيكية الفرنسي، الذي وصفها بقوله (كأنها السحر بعينه). ومن المفارقات العربية حول (جفرا المناصرة)، أن التلفزيون اللبناني الرسمي، أذاعها بصوت خالد الهبر، سبع مرَّات متتالية في ساعة واحدة، خلال انقلاب العميد عزيز الأحدب، الضابط في الجيش اللبناني، حين استولى على التلفزيون، مما أشاع أن الثورة الفلسطينية هي التي تقف وراء الانقلاب آنذاك. وفي الألفية الجديدة غنت القصيدة، التونسية (آمال المثلوثي) عام 2008، وغناها الأردني (محمد عبد القادر الفار) عام 2011. وبتأثير من هذه القصيدة بعد اشتهارها عربياً وعالمياً، منذ عام 1976 وحتى اليوم، نشأت فرق شعبية، ومحلات تجارية، ومواقع الكترونية، تحت اسم (جفرا)، كذلك تأسست إذاعات، وتليفزيون، وعدد كبير من المقاهي، والمراكز والمؤسسات الثقافية، تحت اسم (جفرا). بل ظهرت في (فلسطين - 48) حركة طلابية تحت اسم (جفرا)، وظهرت روايات وقصص وقصائد ومدوّنات تحت اسم جفرا، والأهم أن عشرات البنات في سوريا ولبنان وفلسطين والأردن وتونس والجزائر والمغرب، أطلق عليهن اسم (جفرا)، بتأثير قصيدة (جفرا الوطن المسبي)، وليس بتأثير الفولكلور. هكذا استطاعت قصيدة حديثة أن تتفوق على الفولكلور الجماعي، كما قالت إحدى الصحف. هذه هي (جفرا الشهيدة)، التي تناقلتها مئات المواقع الإلكترونية، تحت عنوان: (جفرا مارسيل خليفة)، أو (جفرا عزالدين المناصرة). وكان مارسيل قد غنى قصيدة أخرى للشاعر المناصرة (بالأخضر كفناه) عام 1984 في ملعب الصفا في بيروت أمام (مئة ألف متفرج)، اشتهرت أيضاً على أنها نشيد الشهداء، وأصبحت نشيد الثورات العربية عام 2011، بل وصلت إلى الولايات المتحدة، حيث غناها مؤدي فن الهيب هوب الأمريكي (ايرون شيك) في ذكرى رحيل المفكر الفلسطيني (إدوارد سعيد) في عدة ولايات أمريكية.
عزالدين المناصرة مع أحمد عزيز، المؤلف الأصلي للجفرا الفولكلورية الفلسطينية، مخيم عين الحلوة، صيدا، لبنان، 1982
- أما (جفرا التراث)، فقد كشف القصة الكاملة الحقيقية لها لأول مرَّة (الشاعر المناصرة نفسه)، عام 1982، على النحو التالي: لم تكن هناك أية قصة لجفرا أصلاً، لكن الشاعر المناصرة هو من كشفها وصاغها وقدّمها إلى الرأي العام، وقد حدث ذلك عن طريق (الصدفة)، كما أكد ذلك بنفسه: بتاريخ (22/2/1982)، كان الشاعر المناصرة، قد أحيا أمسية شعرية في مخيم عين الحلوة، قرب صيدا، وقرأ عدة قصائد من بينها جفرا، التي طلب منه الجمهور قراءتها بطريقته الاحتفالية، مرَّة أخرى، وفي نهاية الأمسية تقدَّم رجل يدعى (أبو عبدالله) من حركة فتح كان يعمل مع خليل الوزير (أبو جهاد ) نحو الشاعر، وفاجأه قائلاً: هل تريد التعرُّف إلى مؤلف الجفرا الفولكلورية!!. أجابه المناصرة في البداية: (المؤلف الأصلي لنمط الجفرا هو شخص مجهول، ولكن لا بأس من مقابلة هذا الرجل). يضيف المناصرة: (لم أكن واثقاً من صحة الخبر، مع هذا قررت أن أغامر، لعلّ وعسى). تحاور الشاعر الدكتور المناصرة مع صاحب البيت في منزله في (مخيم عين الحلوة) لساعات طويلة. أدرك بعدها أنه أمام مفاجأة واقعية حقيقية، وإن ساورته بعض الشكوك. عاد الشاعر مرة أخرى بعد أيام إلى منزل الرجل، وحاوره مرة أخرى. ثمَّ ذهب إلى (مخيم برج البراجنة) في بيروت والتقى بعض أهالي قرية كويكات. عندئذ وجد نفسه وجهاً لوجه أمام (جفرا الحقيقية) في (حارة حريك) في بيروت. عاد المناصرة إلى بعض المراجع التاريخية لتحقيق الأحداث التي وردت في (سردية العاشق)، وبهذا نشر قصة جفرا الكاملة الحقيقية لأول مرّة في مجلة (شؤون فلسطينية) عدد حزيران 1982، التي كانت تصدر عن مركز الأبحاث الفلسطيني في بيروت، حيث كان (سكرتير تحريرها)، ثمَّ أعاد نشرها في كتابه (جفرا والمحاورات) عام 1993، الذي صدرت منه طبعة ثانية عن دار ورد الأردنية عام 2009. وكان الشاعر المناصرة قد أصدر ديواناً شعرياً بعنوان (جفرا) عام (1981) في بيروت:
- قصة بسيطة: عشق (أحمد عبدالعزيز علي الحسن) من قرية كويكات، قضاء عكا بفلسطين فتاة من عائلته تدعى (رفيقة نايف حمادة الحسن)، وعقد قرانه عليها، لمدة أسبوع، لكنها هربت من بيته، لأنها أبلغته أنها تعشق (محمد إبراهيم العبدالله)، ابن خالتها، وقد أصبح زوجها لاحقاً، بينما تزوج (أحمد عزيز) كما يناديه أهل كويكات بامرأة أخرى. يقول المناصرة في كتابه: (الطريف هو أنني عندما زرته في مخيم عين الحلوة، قرب صيدا، قال لي بعض الجالسين أن زوجته ظلت تناديه باسم: أبو علي الجفرا!!. طبعاً كان أهالي كويكات يسردون قصة الجفرا فيما بينهم همساً، بسبب التقاليد المرعية آنذاك). ويقول المناصرة في كتابه: (وصلت إلى استنتاج أن قصة الجفرا، حدثت عام 1939). وبعد أن كانت الحادثة، ظل أحمد عزيز يعيش حالة عشق لجفرا، وكان (زجّالاً) في الأعراس، وبما أن التقاليد  تمنعه من ذكر اسمها الحقيقي، فقد سمّاها (الجفرا)، ترميزاً لها، وظل يغني في الأعراس (جفرا ويا هاالربع). طبعاً قدَّم لنا (المناصرة)، النصوص الأصلية للجفرا، كما سمعها حرفياً من مؤلفها الأصلي (أحمد عزيز)، بل وغنى أحمد عزيز بعضها أمامه بصوته الشجي الحزين، كما وصفه المناصرة، لكن أحمد عزيز تنكر لبعض النصوص نافياً نفياً قطعياً أن يكون هو قائلها، والسبب معروف، هو أنها تؤكد قصة هربها: (واللّي جوزها نذل ... ترخي السوالف ليش!!).
- استشهدت جفرا النابلسي (جفرا الشهيدة) عام 1976 في بيروت، وتوفي (أحمد عزيز) في حارة الناعمة، جنوب بيروت، عام 1987. وتوفيت (رفيقة نايف حمادة) أي جفرا التراث، عام 2007 في مخيم برج البراجنة، في بيروت، وزار (الشاعر المناصرة) قبرها في صيف 2008. أما قبر (جفرا الشهيدة) فهو في مقبرة مدينتها بفلسطين، على الأرجح، لكن البعض يقول إنه في دمشق. أما الشاعر المناصرة، فهو من مواليد الخليل، 1946، يعمل أستاذاً للأدب المقارن في جامعة فيلادلفيا، في العاصمة الأردنية، عمَّان منذ عام 1995. وهو قليلاً ما يتكلم في الموضوع، لكنه افتتح (مقهى جفرا) لصاحبه عزيز المشايخ بعمّان في أكتوبر 2006، حيث قرأ قصيدته أمام جمهور كبير، وغادر بسرعة. هكذا تحوّلت (جفرا) من قصة واقعية إلى أسطورة، والفضل كله لصانع الأساطير. - أما معنى جفرا اللغوي فهو (أنثى الغزال)، أو الماعز لم يبلغ حولاً، أو بلغة الريف الفلسطيني (الفتاة قمر 14)، أي الجميلة اليانعة.
المراجع:
عز الدين المناصرة: شؤون فلسطينية، عدد حزيران، بيروت، 1982.
عز الدين المناصرة: (الجفرا والمحاورات، وشعرية العنب الخليلي)، دار ورد، (ط2)، عمَّان، الأردن، 2009.
مواقع (جفرا في الإنترنت: (جوجل، فيس بوك، تويتر)).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75848
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

قصة جفرا الحقيقية: جفرا الشهيدة، وجفرا التراث Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة جفرا الحقيقية: جفرا الشهيدة، وجفرا التراث   قصة جفرا الحقيقية: جفرا الشهيدة، وجفرا التراث Emptyالخميس 24 مايو 2018, 11:18 pm

 
للشعر المكتوب على أرصفة الشياح أغني
وبيروت الطلقة أغني
"جفرا" أمي، إن غابت أمي
جفرا الوطن المسبي 
الزهرة والطلقة
والعاصفة الحمراء
جفرا إن لم يعرف من لم يعرف
غابة زيتون
ورفيق حمام 
وقصائد للفقراء
جفرا من لم يعشق جفرا
فليدفن رأساً في الرمضاء
أرخيت سهامي
قلت يموت القائل 
من لم يقتل وجه الغول الأصفر
تبلعه الصحراء
جفرا كانت في قصر الإقطاعي تنوح
جفرا كانت تحمل طلقتها في الجبهة وتبوح
بالسر المدفون على شاطئ عكا وتغني
وأنا لعيونك يا جفرا سأغني
 








د. عمر عبد الهادي عتيق
مشرف أكاديمي في جامعة القدس المفتوحة
فلسطين جنين
جفرا ظاهرة عشق أزلي ، تضرب جذورها في نخاع الأرض ، فنسمع مناغاة بين جفرا وذرات التراب، وتغدو الأرض  والإنسان  كيانا منصهرا في علاقة عشق لا تنتهي ، وتنبثق من جذورها سنديانة الثورة فتنشأ بين جفرا والثورة  علاقة مصاهرة تنجب أجيالا لا تعرف سوى عشق الوطن وحب التحرر ، ويتفرع من السنديانة أغصان قزحية ؛ خضراء أنثوية بلون العشق ، وحمراء دموية بلون الشهادة ، وبيضاء ناصعة بنكهة السلام والسكينة ، وسوداء حالكة كحنظل القهر والنفي ، وفيها ألوان أخرى تثير شهوة المتلقي فيشكل منها الوشاح الذي يعشقه ، أو يرى فيها النسيج الذي يخنقه !!!!!
لم تعد ( جفرا ) جذورا للزجل الشعبي الفلسطيني فحسب ، فقد خرجت من الرحم الفلسطيني الى رحاب العالم اللامتناهي ،وأضحت أغنية ورمزا وشعارا وأيقونة ، تتجسد بها إنسانية الإنسان وطموحاته وأحلامه ، لقد أضحت ( جفرا ) لغة تتجاوز العرق والجغرافيا والفلكلور ، وشيفرة لكل المعذبين في الأرض ، ومنارة للرافضين الساخطين ، وناموسا لخارطة العالم المنتظر ، إنها (محرك بحث ) في عصر التقنية ، يمنحنا ما نشاء من القيم والمثل والأصالة والمصداقية والتحضر ، يهبنا صفحات تاريخ صادق غير مزور ، صفحات ناصحة البياض ، نكتب فيها التاريخ الذي لم يُكتب بعد ، ونعيد صياغة التاريخ المزور .
جفرا هي المأذون الشرعي الوحيد  الذي يعقد قران عشق الإنسان بالأرض ، جفرا هي اندغام الوجدان بنكهة التراب ، وهي الوطن السليب ، والوطن المسجى في المزاد العلني ، والوطن الطاهر البكر الخالص من أوزار أبنائه . قل ما شئت عن جفرا ولكن لا تقل إنها مجرد أغنية شعبية .
دلالات جفرا من زئبق ، كلما امسكنا بدلالة  انفلتت منا عناقيد دلالية . هل هي الوطن والثورة والأرض والمرأة ؟ هي كل ذلك وأكثر . جفرا رمز عنقودي  يسكن وجدان الإنسان . مَنْ منا ليس فيه جينات من جفرا ؟ من منا لا تنبض مسامات وجدانه عشقا وفرحا لجفرا ؟ ولهذا ليس غريبا أن نسمع صدى التحدي ونتذوق نكهة العنفوان في قول الشاعر :
من لم يعرف جفرا .. فليدفن رأسه
من لم يعشق جفرا ... فليشنق نفسه
فليشرب كأس السم الهاري
.....
جفرا – من لم يعشق جفرا
فليدفن هذا الرأس الأخضر في الرمضاء
.....
من يشرب قهوته في الفجر ، وينسى جفرا
فليدفن رأسه
....
من يأوي لفراش حبيبته حتى ينسى الجفرا
فليشنق نفسه
إن تكرار أسلوب الشرط (من لم يعرف جفرا من لم يعشق جفرا من يشرب قهوته في الفجر من يأوي لفراش حبيبته ... ) يخلق علاقة جدلية بين دلالتي فعل الشرط وجوابه ؛ فلا معرفة ولا عشق إلا بحضور جفرا ، فمن لا يعرف جفرا تائه في صحاري الجهل ، ولا نكهة لقهوة الصباح ولا لذة في الفراش إلا في رحاب جفرا .
ومن لا يعشق إشراقات جفرا غارق في غياهب الكراهية والحقد ، فجفرا هي أيقونة الفكر والعشق . ولا طقوس في معابد الحياة مهما صغرت أو عظمت  إلا بحضور جفرا .
وجفرا وشم أبدي يعانق مساماته ويلون جلده :
علّمتك بالحبر الصيني
ورسمتك قبرة
فوق ذراع أسير بدوي مقروح
 والحبر الصيني ( الوشم ) في ثقافة الحب الشعبية سيمياء العشق والذكرى ، ودلالة جمال وأنوثة ، إذ يظهر الوشم حرفا و كلمة وشكلا وصورة ، ولا يتم اختيار الوشم إلا إذا كان غنيا بالدلالات والإيحاءات ، واختيار صورة القبرة  لجفرا  يعود لعلاقة الإنسان بالأرض ، فالقبر طائر يتخذ تراب الأرض عشا له ، فهو يلتصق بالتراب كما يلتصق وجدان الإنسان بالوطن .
وجفرا ماء الحياة وخيراتها :
يا جفرا النبع ويا جفرا القمح
ويا جفرا الطيون ، ويا جفرا
الزيتون ، السَرّيس، الصفصاف
تشرق جفرا في هذا السياق لوحة خضراء مزركشة ، وأسماء النباتات ليست معجما زراعيا ، بل هي رموز معجمية وطنية وجدانية حينما تكون الشجرة والنبتة  أيقونة تؤنس وحشة الوجدان ، وتسطع في فضاء الذاكرة وتغدو معلما وطنيا  وعبقا للتراث .  
وتتجلى دلالة جفرا في ديوان المناصرة في صورتين ؛ الأولى : صورة رمزية مركبة عنقودية كما في قوله :
جفرا ، الوطن المسبي
الزهرة ، والطلقة ، والعاصفة الحمراء
جفرا- ان لم يعرف جفرا ، من لم يعرف
غابة بلوط ورفيف حمام ... وقصائد للفقراء
جفرا – من لم يعشق جفرا
فليدفن هذا الرأس الأخضر في الرمضاء
لجفرا في هذا المقطع خاصية الامتصاص والإشباع ؛ فهي تمتص أريج عشق الوطن المسبي ، ورحيق الحب في الزهرة ، ،و صدى التحرر والخلاص في أزيز الطلقة ، وهبوب العاصفة .... وتمنح إحساسا بالإشباع لمن يبحث عن مفردات حب الوطن في معاجم المنافي والغربة .
والثانية صورة رمزية مفردة مباشرة تتوزع على مستويات عديدة ، إذ تبدو جفرا بعدا أنثويا ينصهر مع الوطن ، تمتطي صهوة العشق ، وتلوّح برايات النشوة ، وتبشر بالخصوبة والحيوية والديمومة ، كما في قوله :
جفرا أذكرها ، تلحق بالباص القروي
جفرا أذكرها طالبة في جامعة العشاق
.....
لثوبك هذا المطرز ، أركع ، قلت : دوالي الخليل
على صدرها آية في الصدور
وطالبة كنت في الجامعة
تقرئين الدروس على الورد كي تسمع النجمة الوادعة
تذبحين جيوشا بفتنتك الرائعة
يلامس الشاعر في هذا السياق جسد الذاكرة ، فينتفض الجسد فتاة في ربيع العمر في زيها المدرسي ، وهذه الملامسة تتجاوز خصوصية الشاعر وذكرياته حينما كان في مسقط رأسه ( بني نعيم )، لتشعل جمر عشق الصبا في وجدان الإنسان ،فيغدو لكل منا (جفراه )في براعم صباه ،فهي هنا رمز لأيقونة عشق الصبا التي تضيء رحاب الذكريات في الوجدان الإنساني .
وتتحول جفرا الفتاة الأيقونة إلى رمز للوطن المشتهى الذي تنبعث منه نكهة الأرض التي لا تقاوم ، ويغري الشاعر البعيد قصرا بزيارة الوطن المشتهى ، ولكنها زيارة طيف وخيال ، تتعانق فيها الروح مع مسارح الذكريات ، ومعالم الأمكنة ... في قصيدة ( جفرا... لا تؤاخذينا ) : 
ليلا... آتيك كقبلة
ليلا ... أغويك كنجمة
ليلا ... تجرحني ذكراك الدموية
ليلا ... أبكيك فيمنعني غضب المجروح
ليلا ... في حلمي أسري نحو كرومك
ليلا ... أسري نحو شعابك
يا خضراء الروح
إن تكرار السياق الزمني ( ليلا ) في مستهل السطور يمنح ظلالا نفسية لحزمة المعاني الرمزية التي تطفو فوق السطور حينا وتختبئ في علامة الحذف ( ... ) وبين السطور أحيانا أخرى ؛ فالليل غلاف للقاء العاشقين ، سواء كان العاشقان الشاعر والأرض أو الشاعر وجفرا ، ويتخذ الشاعر العاشق المنفي عن أرضه الحبيبة من الليل ساترا عن عيون الأعداء المتربصين فيأتي أرضه الجفراوية فدائيا ... 
وحينما ترتعش جفون الوجود و تنام الكائنات تستيقظ الذكرى التي لا تنام لأن الليل مبضع في جسد الذكريات .... والليل يغري بالبكاء الذي يتلاشى في عنفوان الكبرياء... والليل مسرى للأمكنة الممنوعة بالقهر والمحظورة بالقمع ، كإسراء الشاعر نحو كروم الخليل وشعاب الوطن . فالليل مساحة  رمزية زمنية لممارسة الحب الممنوع في زمن يفتك بعشاق الأرض ومحبي إنسانية الإنسان . لقد أصبح الليل في ثقافة الحب ملاذا لكل الذين تلاحقهم سياط القهر والقمع .
ويبرم الشاعر عهد العودة للوطن مع جفرا في قوله :
أذكر سمرتك الحنطية يا جفرا
إن مررت بأعالي الدير فوشوشيه
ولا تغازلي ، عين السلطان ... حتى نعود
يكشف اختيار المكان الجفراوي عن ارتباط وجداني ووعي تاريخي وثقافة جغرافية ؛ فبين دير القرنطل (القرنتل ) وعين السلطان في منطقة أريحا طريق لا يعرفه سوى من وطأ تلك الأرض بل من عشق شعابها وجبالها ، واختيار هذين المكانين ؛ الدير وعين السلطان دون غيرهما في سياق المكان الجفراوي يعزز التلاحم بين العناقيد الدلالية للفضاء الجفراوي والفضاء الكنعاني ؛ إذ إن دير القرنطل المنحوت في صخر الجبل كالحارس على ممتلكات كنعان يشكل معلما تاريخيا مائزا ، وعين السلطان من أقدم الأماكن الكنعانية في أريحا  التي تقف شاهدا حاضرا على الأرث الكنعاني ، ولهذا فإن  الدلالة الرمزية لجفرا في سياق هذين المكانين تنصهر مع الدلالة الرمزية  لكنعان إلى درجة التوحد . وهو انصهار وجداني حرص الشاعر على تصويره من خلال الصورة اللونية ( سمرتك الحنطية ) ، والصورة الصوتية الهمسية ( وشوشيه ) والغزلية التي تكمن في قوله : (ولا تغازلي ، عين السلطان ... حتى نعود) وفي هذا القول إبرام عهد بين الشاعر وجفرا للعودة إلى الوطن .
وحينما ينفجر بركان حنين العودة إلى الوطن تقفز جفرا من مهاد الوجدان لتفترش مهاد الوطن في قوله :
تهدل شعرك فوق الجبين ، ارتميتِ
تبوسين دالية في سماء الخليل
أقول لجفرا حلمت بأنك قافلة من سراب
ستكتشفين أن القبور تثور
إنها العودة التي ينتظرها الشاعر ، العودة التي تنبض في ثوابت فكره ، وليست تلك ( العودة ) في ظلال حراب الأعداء!!
ويستمد من التراث كناية عشق لجفرا في قوله :
منديلك في جيبي تذكار
لم ارفع صارية ، إلا قلت : فدى جفرا
الاحتفاظ بمنديل المحبوبة في حال السفر وفق الموروث الشعبي رمز وكناية عن وفاء العاشق ، يلمسه ويتحسسه بأنامله المرتعشة فيتدفق سيل الحنين لجفرا الوطن، وهذا المنديل الذي أضحى قطعة من جفرا الوطن يلازم الشاعر العاشق في حله وترحاله ، في البر والبحر ، وبين المنديل والصارية علاقة فنية تكمن في بنية دلالية عميقة ، إذ لا صارية بلا شراع ، والمنديل هنا شراع الصارية حيث يبحر العاشق من منفى إلى آخر وعيناه تعانقان جفرا الوطن .
وجفرا زاد روحاني في مواجهة جوع المنفى في قوله  :
سأرتب عادتي
وفق تقاليد المنفى
لكن ... سأطعم أطفالي بأغاني الجفرا وظريف الطول
لا بأس أن نتعايش مع السياق الثقافي والاجتماعي للمنفى من حيث المراعاة والاحترام ، ولكن حذار من الذوبان في محلول ثقافة الآخر ... وتظهر جفرا هنا  أغنية شعبية تختزل خبز التراث وملح الأرض ، ومصلا للهوية الوطنية ، ونشيدا وجدانيا يناجي طيف الوطن البعيد القريب ،  ودلالات ورموز تنساب في شعاب الوجدان ، إنها الحضن الدافئ في صقيع الغربة . وحصن منيع يحمي من عدوى التلاشي والاغتراب .
وجفرا لوحة فنية تشع منها أطياف العروبة في قوله : 
لا يهمني .. يا جفرا
ان كان قلبك من أرجوان صور
او كان من زجاج الخليل الملون
او كان قرميدا في اللاذقية
او رمالا نشكلها في زجاجة وادي الأنباط
لا تقتصر وظيفة اللوحة على جمال الإشراقات اللونية في الأرجوان والزجاج والقرميد ...  فالبعد اللوني يشع رموزا قومية وثقافية ، إذ إن أرجوان مدينة صور رمز للفينيقيين الذين اكتشفوا الأرجوان وسكنوا صور ، ولا يخفى أن الفينيقيين كنعانيون ... وبهذا يتقاطع أرجوان صور مع زجاج الخليل في بنيته الدلالية الكنعانية ، وكذلك مع قرميد اللاذقية . وأما الزجاج الرملي في وادي الأنباط البتراء فهو رمز للحضارة النبطية العربية .
 وجفرا في هذا الإشعاع اللوني أيقونات حضارية يتغنى بها الشاعر العاشق لتاريخه وحضارته ، وقد تجسد هذا العشق في اختيار الألوان ذات البريق الدلالي القومي .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
قصة جفرا الحقيقية: جفرا الشهيدة، وجفرا التراث
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: تاريخ وحضارة :: من التراث-
انتقل الى: