منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 أكذوبة دخول الجيوش العربية إلى فلسطين عام 1947 وتعطيل وتبديد قوى الشعب الفلسطيني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

أكذوبة دخول الجيوش العربية إلى فلسطين عام 1947 وتعطيل وتبديد قوى الشعب الفلسطيني Empty
مُساهمةموضوع: أكذوبة دخول الجيوش العربية إلى فلسطين عام 1947 وتعطيل وتبديد قوى الشعب الفلسطيني   أكذوبة دخول الجيوش العربية إلى فلسطين عام 1947 وتعطيل وتبديد قوى الشعب الفلسطيني Emptyالجمعة 25 مايو 2018, 9:41 pm

أكذوبة دخول الجيوش العربية إلى فلسطين عام 1947 وتعطيل وتبديد قوى الشعب الفلسطيني
دخلت الجيوش العربية إلى فلسطين بهدف انقاذ أهلها وحمايتهم من العدوان والمذابح اليهودية, وكان دخول تلك الجيوش بناءً على قرار جامعة الدول العربية في جلستها التي عقدت في لبنان في الفترة بين 7-15 أكتوبر/1947م. وجاء نبأ القرار الذي أصدره مجلس الجامعة في 12/إبريل/1948 والذي جاء فيه أن دخول الجيوش العربية فلسطين لإنقاذها يجب أن ينظر إليه كتدبير موقت خال من كل صفة من صفات الاحتلال أو التجزئة لفلسطين وأنه بعد إتمام تحريرها تسلم إلى أصحابها ليحكموا كما يريدون( ) وعلى أن تحشد الدول العربية قطعاً من جيوشها على حدود فلسطين وأن تقدم السلاح إلى عرب فلسطين الذين يقطنون في المناطق المتاخمة لليهود وأن تخصص من أجل ذلك عشرة آلاف بندقية مع ذخائرها وتدريب الشباب في المناطق غير المتاخمة لليهود وتعبئتهم للمعركة المقبلة وإن تكون قيادة عربية تتولى هذه الأمور وأن ترصد مبلغاً من المال يوضع تحت تصرفها لا يقل عن مليون جنيه وقد تشكلت لجنة عسكرية لتحقيق هذه الأهداف وتكونت من مندوبين عن العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين ولكن مندوب الأردن تغيب ولم يشترك في نشاط اللجنة وقد اتخذت اللجنة مدينة دمشق مركزاً لها.

واختارت العميد طه الهاشمي مسئولاً عن شئون التدريب والتعبئة وقد أنشأ معسكراً لتدريب المتطوعين ومدرسة في قطنا لتخريج الضباط الفلسطينيين وكان مركز التدريب يعد الأفواج ويرسلها إلى فلسطين وقد بدأت الأفواج بدخول فلسطين منذ الأشهر الأولى لعام 1948م واحتملت سوريا القسط الأوفر من مسئولية التدريب والإعداد والتجهيز كانت الهيئة العربية العليا موافقة على قرارات مجلس الجامعة الأخير خاصة وأنها تمثل وجهة نظرها ولأنها تزودها بالمعونة المادية والمعنوية دون أن تفقدها السيطرة على توجيه المعركة في فلسطين وعلى هذا الأساس أخذت تعمل على تهيئة المنظمات وشراء الأسلحة وإدخالها إلى فلسطين ولم تلبث أن عينت عبد القادر الحسيني أحد قادة ثورة عام 1936م ورئيس أحد الأفواج التي جهزتها اللجنة العسكرية في دمشق قائداً عاماً لقوات الجهاد المقدس التي أنشأتها ثم عادت الدول العربية فغيرت موقفها وقررت في 12/إبريل/1948م أي قبل نهاية الانتداب بشهر وثلاثة أيام إدخال جيوشها النظامية إلى فلسطين( ).

كانت في فلسطين قيادتان أولاهما: قيادة الجهاد المقدس وهي تابعة للهيئة العربية العليا والثانية هي قيادة جيش الإنقاذ المؤلف من متطوعين عرب والذي كان قائده العام إسماعيل صفوت ومن أبرز قادته في فلسطين فوزي القاوقجي.

مثلت القيادة الثانية وجهة النظر العربية الرسمية ومن هنا بدأ التنافس بينها وبين القيادة الأولى ولقد حسم دخول الجيوش العربية في 15/مايو/1948 الموقف لمصلحة الحكومات العربية عندما أعلن قرار التقسيم واندلعت الثورة في فلسطين في حين لم يكن عرب فلسطين قد استعدوا مع أنهم كانوا يعلمون مدى استعداد اليهود وتآمر الدول الاستعمارية على رأسها بريطانيا والولايات المتحدة معه.

انفجرت الثورة دون تنظيم ودون إعداد ونشأت لجان قومية في البلاد أخذت تجمع الأموال وتشتري الأسلحة بمقادير قليلة ولكن الوضع كان سيئاً ولا نستطيع أن نقول إنه كان هنالك نوع من الاستعداد حتى أنه لم تكن في مدينة حيفا عند إعلان قرار التقسيم وبدء الانفجار الشعبي بندقية واحدة وكان السلاح الموجود عبارة عن عدد من المسدسات والقنابل اليدوية( ) وأنشأت الهيئة العربية العليا قيادة عامة للعمليات وقسمت فلسطين إلى سبع قيادات عسكرية يتولى أمر كل منها قائد عسكري وهذه القيادات هي:
1- قيادة القدس.
2- قيادة بيت لحم.
3- قيادة رام الله.
4- قيادة المنطقة الغربية الوسطى (يافا والرملة واللد ووادي الصرار والمجدل).
5- قيادة الجنوب.
6- قيادة طولكرم–جنين.
7- قيادة المنطقة الشمالية( ).

كانت قوات المناضلين ثلاثة أصناف:
الأول: القوى المنظمة وعددها حوالي عشرة ألاف رجل تقدم لهم الهيئة العربية العليا كل عتادهم وأسلحتهم وتدفع لهم رواتب شهرية ضئيلة.

الثاني: قوى ترابط في مناطقها وتسهم الهيئة العربية العليا في تسليحها وتقدم لها بعض المعونات المالية وبلغ عدد أفراد هذه القوة خمسة وعشرين ألف رجل.

الثالث: وكان هنالك حوالي أربعين ألفاً وستمائة بندقية فقط أما الهيئة العربية العليا فقد قدمت خمسة آلاف وثلاثمائة وسبعاً وتسعين بندقية وأربعمائة وسبعة وسبعين مدفع رشاش وثلاثمائة وأربعة وستين بندقية توميو وثلاثمائة وتسعة مسدسات ومائة وأربعة وعشرين مدفعاً مضاداً للمصفحات وستة وستين مدفعاً مضاداً للدبابات وثلاثة وعشرين مدفع هاون وألفاً وستمائة وتسعة من الصناديق المتفجرة وستاً وأربعين ألف وسبعمائة وأربعون قنبلة وثلاثة آلاف وثمانمائة وسبعة وستين لغماً جاهزاً وكميات لا بأس بها من الذخيرة والتجهيزات( ).

قامت قوات الجهاد المقدس بدور في الدفاع عن فلسطين ولكنها لم تستطع حماية فلسطين من الغزو الصهيوني ويرجع ذلك إلى ما يلي:
أولاً: لم تكن القيادة السياسية في مستوى الأحداث ذلك أنها لم تستطع أن تعبئ الشعب تعبئة مناسبة وكافية لمجابهة الأخطار وكان العدو معداً ومهيأً وكانت مجابهته توجب وضع كل طاقات الشعب المادية والمعنوية في خدمة المعركة ولقد داهمهم الخطر فلم تفعل القيادة شيئاً مهماً بل اكتفت بأعمال جزئية في جميع الميادين ولقد كانت أمور القيادة السياسية منوطة بالحاج أمين الحسيني الذي كان في القاهرة ولم يستطع دخول أرض فلسطين خلال وجود الانتداب أو بعد خروجه في 15/أكتوبر/1948 ولهذا فقد انبثقت في المدن لجان وطنية كتلك التي نشأت عام 1936م وتولت أمور المقاومة كل واحدة في منطقتها وقد ساعد عدم وجود تنظيم شعبي على العفوية والارتجال والفوضى وأوجد حالة من التفكك وتبديد القوى.

ثانياً: لم تكن في فلسطين منظمات عسكرية تعمل على تدريب الشباب وتسليحهم فلقد كانت منظمة الشباب العربي حديثة العهد ولم تكن قادرة على القيام بعملية تدريب واسعة وكانت الحلقات الدفاعية التي أنشأتها الهيئة العربية العليا محدودة وحديثة وغير قادرة على تعبئة الجماهير.

بدأت اللجنة العسكرية ترسل أفواجها في أوائل عام 1948م كان الوقت متأخراً جداً كما أن الهيئة العربية العليا لم تستطع أن تنظم قوات عسكرية قبل أواخر عام 1947م كما أن امدادها لم يتناسب مع حجم المعركة ضد القوى الصهيونية العسكرية المنظمة ثم إن القيادة العسكرية لهذه القوات لم تستفد من الحماسة الشعبية المتزايدة بل اكتفت بإنشاء سراياها المنظمة ولم تعطِ القوى الشعبية الأخرى الاهتمام الذي يستحق ولم تعمل على تنظيمها وقد كان في فلسطين أكثر من ستين ألف مسلح يرابطون في قراهم ويعمل قسم منهم دون نظام وكان بالإمكان خلق قوى منظمة من هؤلاء.

فإن مدناً وقرى كانت تسقط بيد الصهيونيين وعشرات الألوف من المسلحين قابعون في قراهم لا يعرفون ماذا يفعلون وكانت المواقع الأمامية ترهق خلال صراعها من أجل دفع خطر الغزو وهنالك قوى كبيرة تطلق النار في الهواء تضامناً مع المواقع الأمامية الباسلة لقد اكتفت القيادة العسكرية بقواتها المحدودة مع أنها كانت تستطيع أن تحشد قوى هائلة تمنع سقوط أي موقع على الأقل إن لم تكن قادرة على التقدم واحتلال مواقع العدو كما أن القيادة العسكرية اكتفت بإمكانياتها المادية المحدودة لأنها رضيت بالتبرع والإحسان بدلاً من أن تسخر موارد البلاد كلها لخدمة المعركة.

ثالثاً: كانت فلسطين محاصرة حصاراً بدءً الحصار الذي فرضه الاستعمار البريطاني منذ عام 1917م ولم تستطع الهيئة العربية العليا في السنوات السابقة للنكبة أن تخترق هذا الحصار اختراقاً يسمح لها بإدخال ما تشاء من العتاد والرجال فلقد كانت تواجه بالمقاومة دائماً وكان الحصار العربي ذلك أن دول الجامعة العربية فرضت على نفسها وعلى فلسطين أن تكون وصية عليها فقررت في البدء تشكيل لجنة عسكرية ثم قررت دخول جيوشها وكانت الأردن تطمع بالحصول على جزء من فلسطين وكانت تعمل على تحقيق ذلك بكل الوسائل ولقد أسهمت اللجنة العسكرية كما أسهمت جيوش الدول العربية فيما بعد في تقييد طاقات الشعب الفلسطيني وحرمانهم من الدفاع عن بلادهم.

مع وجود قيادة اللجنة العسكرية في دمشق ومع تدريبها للمقاتلين الفلسطينيين إلا أن أميل خوري يقول أنها منعت السلاح من التدفق إلى فلسطين وكدسته في مخازنها في دمشق( ) حين يكون المناضلون الفلسطينيون في أشد الحاجة إليها إن التدخل الرسمي العربي كان ضاراً بمقدار ما استقبل بترحيب في فلسطين والبلاد العربية الأخرى ذلك أنه استهدف أول ما استهدف محاصرة الشعب الفلسطيني وتعطيل قواه.

كان للحكومة الأردنية دوراً سلبياً فلم تتوان الحكومة الأردنية عن احتلال مقر قيادة الجهاد المقدس في بيرزيت وحل تنظيماتها في القسم المتبقي من فلسطين.

رابعاً: ولم يقم الفلسطينيون عامة بما كان يتوجب عليهم أن يقوموا به فلقد تحمسوا واشترى الكثير منهم الأسلحة بأسعار باهظة وكذلك لم يشترك القسم الأكبر من المقاتلين في المعارك وظلوا في أماكن إقامتهم ولم يعبئوا كل قواهم المعنوية والمادية ولم يحسنوا الدفاع عن مواقعهم في أكثر الأحيان وفقد دب الذعر فيهم وتركوا بيوتهم بدون تنظيم مع أن المعركة كانت تقتضي ألا يبرح إنسان مكانه وكان عدم وجود تنظيم جماهيري يضبط الأمور وانتظار الجماهير دخول الجيوش العربية في وقت قريب جعلهم لا يعولون على الثبات في مواقعهم ما يستحق من عناية.

الجيوش العربية تجتاز حدود فلسطين
عبرت الجيوش العربية في 15/مايو/1948 حدود فلسطين بغية إنقاذها وكانت بعض الدول العربية تنوي القتال حتى النهاية وبعضها كان ينوي أن يقف عند الحدود التي رسمتها هيئة الأمم في قرار التقسيم.

عقدت سوريا النية على الجهاد وزحف الجيش السوري صوب فلسطين ولم يكن العدد الذي زحف إلى فلسطين يزيد عن ألف وخمسمائة مقاتل وأما لبنان فما كان باستطاعته أن يفعل شيئاً لأن جيشها ضعيف أصلاً ووقف الجيش اللبناني على خط الدفاع عند الحدود بألف مقاتل ومنذ البدء عقد العراق النية على إنقاذ فلسطين غير أن الأمير عبد الإله الوصي على العرش ونوري السعيد ربطوا أنفسهم بعجلة الأردن ودخل الجيش العراقي الميدان عند بدء القتال ألفاً وخمسمائة مقاتلاً وازداد عدداً فبلغ عند إعلان الهدنة خمسة آلاف رجلاً وكان الأردن يملك جيشاً كفئاً للقتال إلا أن الجيش والحكومة والملك مرتبطين ببريطانيا ولا يستطيعوا أن يفعلوا إلا ما ترضاه وكان عدد رجال الجيش العربي الذين خاضوا معارك فلسطين في البدء أربعة آلاف وخمسمائة من مجموع الجيش الذي بلغ عدد رجاله اثني عشر ألف كانت المملكة العربية السعودية مرتبطة بالولايات المتحدة وشركات البترول الأمريكية والتي لها في تلك المملكة مصالح تجارية وما كان العاهل السعودي شديد الرغبة في دخول الحرب الفلسطينية شأنه في ذلك شأن الحكومة المصرية التي ترددت في بادئ الأمر ولما رأت أن الرأي العام المصري يريد الحرب أعلنت الحرب وحذت المملكة السعودية حذو مصر فاشتركت في القتال.

قال فؤاد حمزة أحد الرجال السوريين المقربين من ابن السعود إلى محسن البرازي وزير الخارجية السورية عند زيارته الرياض في 25/يناير/1948 ليبحث مسألة فلسطين: لا أنكر عليك أنني لمست تهاوناً من حكومتنا بشأن فلسطين وشعرت بتردد في المبادرة إلى إرسال السلاح بالرغم من قرار مجلس الجامعة لقد وصل عدد السعوديين الذين حاربوا في فلسطين ألف وخمسمائة ولقد حارب هؤلاء في قطاع غزة وكانوا تابعين لقيادة الجيش المصري.

بادئ الأمر رأت الحكومة المصرية أنه ليس من مصلحتها وهي تقف مع الإنجليز وجهاً لوجه أن تزج بجيشها في قتال وأنه إذا كان لا بد من العمل لنصرة فلسطين فليكن ذلك بإرسال المال والأسلحة والمتطوعين ولكنها غيرت رأيها فقررت مشاركة جيشها أسوة بالجيوش العربية الأخرى.

ولما سأل عبد الرحمن عزام الأمين العام للجامعة العربية محمود فهمي النقراشي باشا رئيس الوزارة المصرية كيف ولماذا غير رأيه قال له هذا "إنني لم أر مفراً تحت ضغط الأحداث والرأي العام وحالة الأمن الداخلي وكرامة مصر أمام العالم الإسلامي واعتزام الدول العربية الأخرى خوض المعركة الفلسطينية ولذلك أمرت الجيش بالاشتراك في القتال كبقية الجيوش العربية".

قال الفريق محمد حيدر باشا القائد العام للقوات المصرية المسلحة أن الجامعة العربية هي التي طلبت دخول مصر إلى فلسطين بوصفها زعيمة الدول العربية وكان لزاماً على مصر الاستجابة لهذا الطلب وأنه هو شخصياً ما كان يرغب في دخول الحرب بسبب النقص الملحوظ في العتاد.

وفي 15/مايو/1948 يوم إعلان مصر الحرب ودخول جيشها أراضي فلسطين حينها قال الفريق عثمان المهدي باشا رئيس أركان حرب الجيش المصري أنه ورجال الجيش الآخرين فوجئوا بحملة فلسطين ولم يكونوا على أهبة الاستعداد لها وأنه عارض في دخول مصر الحرب لعدم وجود العتاد الكافي وأنه أبدى رأيه هذا في اجتماع حضره رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي باشا ورئيس ديوان الملك إبراهيم عبد الهادي ووكيل الديوان حسن يوسف وأضاف الفريق عثمان المهدي أن الذي كان يطالب بدخول الحرب هو الملك فاروق بوصفه القائد الأعلى للجيش وكذلك مجلس البرلمان والجامعة العربية والصحف والرأي العام.

وهناك من يقول أن الإنجليز كانوا يريدون أن تدخل مصر للقتال وذلك لأنهم عرفوا عن طريق بعثتهم التي كانت تعمل في مصر قبل ذلك أي في عام 1946 أنهم بسبب قلة جنودهم وقلة اسلحتهم سيخسرون الحرب لا محالة وكان الإنجليز يريدون أن تعرف مصر قدر نفسها فتقف عند حدها ولا تطالبهم بالخروج من بلادها.

كان عدد الجنود الجيش المصري الذين دخلوا فلسطين عند بدء القتال ستة آلاف وازداد هؤلاء في معارك النقب فبلغوا عشرين ألفاً يدخل في ذلك المتطوعون من الإخوان المسلمين وهم خليط من المصريين والسودانيين والليبيين ولقد تم تدريب هؤلاء المتطوعين على القتال في معسكرات أعدت لهذه الغاية في مرسى مطروح وهاكستب.

ويمكننا تلخيص الأرقام المتقدم ذكرها بقولنا أن مجموع المقاتلين التابعين للجيوش العربية النظامية عندما اجتازت تلك الجيوش حدود فلسطين كما يلي: 1500 الجيش السوري و1000 الجيش اللبناني و1500 الجيش العراقي و4500 الجيش العربي الأردني و1500 الجيش السعودي و10000 الجيش المصري يدخل في ذلك المتطوعون.

كانت الخطة التي رسمها رؤساء أركان حرب الدول العربية في اجتماع عقدوه في مدينة الزرقا إلى الشمال من عمان في أواخر نيسان تقضي بأن تدخل الجيوش فلسطين في 15/مايو/1948 وأن يزحف الجيش اللبناني من رأس الناقورة نحو الساحل الفلسطيني باتجاه عكا وأن يقوم جيش الإنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي بغارات على منطقة حيفا التي كانت تحت سيطرة اليهود وأن يزحف الجيش السوري من مرتفعات بانياس وبنت جبيل نحو صفد والناصرة والعفولة وأن يزحف الجيش العراقي عن طريق جسر اللنبي على نهر الأردن باتجاه غور بيسان فالعفولة وأن تزحف بعض قطاعات الجيش الأردني من جسر دامية وجسر الشيخ حسين علي النهر نفسه باتجاه جنوب بيسان فشمال جنين إلى العفولة أن تزحف نحو الساحل فتحتل منطقتي الخضيرة وناتانيا اليهوديين وبذلك تشطر اليهود إلى شطرين شطر في الشمال حيفا وصفد وطبريا وبيسان وشطر في الجنوب تل أبيب وملبس وديران وكان على الجيش المصري أن يجتاز الحدود الفلسطينية عند رفح والعوجا ثم يزحف في محاذاة غزة ومجدل عسقلان وبهذا يشطر اليهود هناك إلى شطرين شطر عند دير البلح والمستعمرات المجاورة لها وشطر في أقصى الجنوب عند القطاع المسمى بالنقب وكان على المتطوعين المصريين أن يصلوا عن طريق الخليل وبيت لحم إلى القدس فيطوقوها من ناحيتها القبلية بينما يطوقها الأردنيون من ناحيتها الشمالية والشرقية وأما القدس نفسها فقد اتفق على تجنيبها ويلات القتال.

كانت الخطة التي رسمها رؤساء أركان حرب الجيوش العربية في الاجتماع الذي عقد في مدينة الزرقا وقد أسندت القيادة العليا إلى جلالة الملك عبد الله وكان ذلك بطلب منه وإصرار من وزارة الخارجية البريطانية والطلب محفوظ في ملفات الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة وعين الجنرال العراقي نور الدين محمود قائداً عاماً تابعاً للملك عبد الله.

ولم ترق الخطة المتعلقة للفريق غلوب باشا فاستبدلها بوصفه رئيساً لأركان حرب الجيش العربي الأردني بخطة أخرى وما كان لأحد أن يعترضه إذ كان يصدر أوامره باسم القائد الأعلى الملك عبد الله.

ولقد تم هذا الاستبدال قبل الميعاد المقرر للزحف بثمان وأربعين ساعة فدخل الجيش السوري الحدود من ناحية تقع إلى الجنوب من بحيرة طبريا واحتل سمخ.

وعبر الجيش المصري الحدود عند رفح وراح يزحف نحو الشمال إلى أن وقف عند اسدود وكانت كتائب المتطوعين المصريين والسودانيين والليبيين قد سبقته عن طريق بئر السبع إلى قطاع الخليل وجنوب القدس.

وعبر الجيش العراقي الحدود عند جسر المجامع فاحتل مشروع روتنبرغ وراح يحاصر كيشر وكانت هذه محمية بخط منيع هو الذي كان البريطانيون يسمونه ب خط إيدن وزحف الجيش العربي الأردني على ذراعين ذراع اجتاز جسر اللنبي وراح يتأهب للزحف صوب القدس وذراع اجتاز جسر دامبة باتجاه نابلس وهنا انشطر إلى شطرين شطر بقى مرابطاً في ذلك القطاع وآخر أم باب الواد عن طريق رام الله أما الجيش اللبناني فقد بقى مرابطاً عند الحدود متخذاً لنفسه خط الدفاع وفي رأي الخبراء في الشؤون العسكرية أن تغيير الخطة الأصلية والنتائج السيئة التي أدى إليها هذا التغيير بزج الجيوش العربية مقصوداً وأن الذي اقترحه غلوب باشا كان يرمي إلى زج الجيوش العربية في مآزق لا قبل لها به من ذلك ما قاله الزعيم منير أبو فاضل من أن غلوب هذا كان يرمي إلى كشف الجناح الأيسر للجيش السوري.

وقال شكري القوتلي رئيس الجمهورية السورية أنه عندما اجتمع بالملك عبد الله في درعا وكان ذلك في 19/مايو/1948 وحضر الاجتماع كل من رياض الصلح وجميل مردم وعبد الرحمن عزام وسعد الدين صبور تساءل عن الأسباب التي أدت إلى تغيير الخطة فقال له الملك سأحتل القدس غداً وتل أبيب بعد أسبوع وأكد قوله هذا بشهادة سعد الدين صبور ضابط الارتباط المصري الذي أكد للقوتلي أن لدي الجيش العربي عتاداً لا ينضب وأنه يملك ما يقرب من 260 مدرعة.

أعلن اليهود استقلالهم وسادت في البلاد أنباء تقول أن بعض الدول العربية غير راغبة في القتال ومن ذلك ما قيل عن مصر من أنها لا تريد الحرب وأن النقراشي ممثلها في مؤتمر بلودان قال لزملائه أن بلاده لا تملك من القوة ما يؤهلها لكسب الحرب وما قيل عن العاهل السعودي الملك عبد العزيز آل سعود من أنه أبرق إلى ممثله في ذلك المؤتمر يقول أن بلاده ليست على استعداد لخوض الحرب وأنه ينصح الفلسطينيين أن يكونوا أكثر تعقلاً وأن يقبلوا بالأمر الواقع وكان قد ذاع أيضاً أن الملك عبد الله كان غير راغب في الحرب وأن بينه وبين اليهود اتفاقاً مسبقاً يقضي بأن يقتسم هو واليهود البلاد فيأخذ كل منهما شطراً.

هذه الأنباء كانت قد انتشرت بسرعة البرق حيث تلقى عرب فلسطين عامة وسكان بيت المقدس أنباء زحف الجيوش العربية بالرضا وانتظروا سقوط القدس وسقوط تل أبيب وخلاص البلاد من محنتها.

ولكن عندما اجتاحت الجيوش العربية الحدود الفلسطينية تلاشت هذه المخاوف وحل محلها الاغتباط والرجاء وبدأ اليهود بتغيير خططهم إذ كانت الدلائل كلها تشير إلى اتحاد العرب وأن لهم خطة عسكرية موحدة ولم يكن عند اليهود أكثر من ثمانية آلاف مقاتل نظامي ليست لديهم مدافع ثقيلة وأسلحتهم الخفيفة محدودة فاجتمع على اثر ذلك تسعة من كبار قادة الهاغانا في منزل بن غوريون بتل أبيب وبدئوا في وضع خطة حيث أن قواتهم موزعة في جميع أنحاء فلسطين من فقد قوتهم ولم يكن في مقدورهم أن يجمعوها في أماكن معينة.

اشترى اليهود من براغ عاصمة تشيكوسلوفاكيا طائرات ولم يستطيعوا جلبها إلى إسرائيل عن طريق الجو إذ أن الحكومة اليونانية رفضت أن تسمح لهذه الطائرات بالنزول في مطاراتها والتزود بالبنزين منها واضطر اليهود أن يرسلوا هذه الطائرات أجزاء وفي طائرات من نوع داكوتا وكانت العملية صعبة وصلت هذه الطائرات متأخرة ولم تتمكن من الاشتراك في قتال ضد الجيش المصري إلا بعد شهر وكان يدير الطائرات اليهودية رجال من قوة الطيران الإنجليزي القدامى( ).

اختلاف الآراء وتعدد الجهات والاتجاهات في غزة
اللجنة القومية في غزة: تنادى زعماء غزة فيما بينهم وألفوا لجنة لإدارة شؤون النضال وقد سموها اللجنة القومية تألفت من خمسة وخمسين رجلاً من أبناء المدينة (نذكر من أعضاء اللجنة الآتية أسماءهم: موسى الصوراني ورشدي الشوا ورجب أبو رمضان وعبد الخالق أبو شعبان وحسني خيال ومحمد أبو شعبان وعاصم بسيسو ومحمد دلول وموسى حلس ويوسف الصايغ وحمدي الحسيني ورشاد الطباع ومنير الريس ورأفت البورنو والشيخ عبد الله القيشاوي وإبراهيم الصوراني وعيسى سيسالم وعبد القادر حتحت وأحمد سكيك, الإثني عشر الأولون تولوا إدارة الشؤون السياسية والسبعة الباقون للشؤون المالية وانتخب رشاد الطباع أميناً للسر ورشدي السقا مساعداً له), وكان الأعضاء كلما اجتمعوا ينتخبون واحد من بينهم لرئاسة الجلسة ولكن هؤلاء الأعضاء لم يكونوا متحدين ولا متجانسين وبعضهم يحترمون الهيئة العربية العليا ويميلون للأخذ برأيها.

كانوا يسيرون على الخطة التي يرسمها لهم رئيسها الحاج أمين الحسيني والبعض الآخر يكرهون تلك الهيئة ولا يميلون للأخذ برأيها وكان هناك فريق ثالث لا يميل إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء وهذا ما جعل اللجنة كثيرة التردد في قراراتها وهو الذي حال دون نجاحها في كثير من الأمور ومع ذلك فمن الإنصاف أن نذكر أن اللجنة قدمت لبلدها خدمات لا بأس بها.

إن زعماء غزة لم يغادروا مدينتهم أثناء النضال ولم تلهيهم عن واجباتهم الغارات الجوية المتواصلة التي كان يقوم بها اليهود أثناء معارك النقب وأن الأمن غزة وقطاعها كان مستتباً وأن الفضل في ذلك يعود للتدابير التي اتخذتها اللجنة القومية كان أول عمل قامت به تلك اللجنة هو جمع التبرعات من القادرين على الدفع ولما رأت أن المبالغ التي جمعتها عن تلك الطريق لا تفي بالمرام راحت تفرض على السكان بعض الضرائب لكي تتفق على المتطوعين وأنفقت جزءاً كبيراً منه في ثمناً للسلاح وكانت الصفقة الأولى من الأسلحة التي اشترتها عبارة عن ستين بندقية إيطالية.

دعت اللجنة القومية أبناء غزة للتطوع فتقدم أربعين جندي وكانوا هؤلاء هم النواة الأولى لحامية المدينة وازداد عددهم بعد حين فبلغ المائة وكثيراً ما جاوز المائتين ولكن هذا العدد لم يكن دوماً ثابتاً فكثيراً ما كان ينقص ويزداد تبعاً للظروف والأحوال وثبات المتطوعين وتم تنظيم المتطوعين بعد قليل فألفت منهم فرقة أسموها فرقة الجهاد المقدس ألفت من مائة وتسعون من غزة وتسعة مصريين وخمسة سوريون وثلاثة يوغسلافيون واثنان عراقيان ولبناني واحد وألباني واحد والباقون وعددهم خمسة وخمسون من مدن فلسطين وقراها الأخرى( ).

كان منهم خمس عشرة ضابطاً وسبع وثلاثون صف ضابطاً ومائة وثلاثة وثلاثين جندياً أما قائدهم فهو المقدم عبد الحق العزاوي العراقي الجنسية الذي عهدت إليه الهيئة العربية العليا بقيادة هذه الحامية.

كان يعمل معه الرئيس الأول محمد عليم تراجارني وهو ألباني الجنسية و الدكتور محمود كمال مفتيش وهو يوغوسلافي الجنسية والملازم الأول جمال الصوراني من غزة والملازم الأول مالك الحسيني من القدس والملازم الثاني خليل عويضة من غزة والملازم الثاني خالد وناس المغربي من القدس وانتدبت اللجنة القومية السيد سعيد العشي ليساعد العزاوي في أعماله الإدارية.

قسمت قوة الجهاد في غزة إلى ثلاث سرايا فعهد بقيادة السرية الثالثة (بنادق المشاة) إلى الملازم الأول راسم مصطفى علي من يوغسلافيا والسرية الثامنة إلى الملازم الثاني إبراهيم محمود السعدني من يافا وأما السرية التي كان يقودها الملازم الأول عبد الحفيظ العسيلي من الخليل فكانت تعمل في دير البلح.

وزودت الهيئة العربية تلك الفرقة بـ:
واحد وسبعون بندقية إنجليزية وتسعة وثلاثين بندقية ألمانية وبندقيتين أمريكيتين وبندقيتين إيطاليتين وبندقيتين روسيتين وثمانية برنات وستة ستنات وأربعة تومي وخمسة عشر مسدساً ورشاشين من طراز لويز وأربعة مدافع مضادة للدبابات من نوع بويز.

وانضم إلى المناضلين المتقدم ذكرهم بعد قليل عدد من المتطوعين جاءوا من مصر بقصد الجهاد وأول من جاء منهم هم من الإخوان المسلمون المصريون عبد المنعم النجار وبعد ذلك بقليل جاء اليوزباشي كمال صدقي.

جاء في أعقاب ذلك رجل يدعى الحاج حسني الميناوي وهو مصري فتولى هذا قيادة المناضلين الغزيين وعمل مع المناضلين الفلسطينيين جنباً إلى جنب في عرقلة سير القوافل اليهودية وتخريب الأنابيب التي تسيل فيها المياه من بيت حانون إلى المستعمرات اليهودية الكائنة في الجنوب إلى أن جرح في معركة وقد أصيب في عدة مواضع من جسده وفقد إحدى عينيه وعاد إلى مصر ومنهم المناضلين الفلسطينيين الذين استشهدوا بينما كانوا يحاربون معه مدحت الوحيدي ويوسف داود وعبد ربه الإفرنجي.

جاء فريق من الإخوان المسلمين المصريين يقودهم الشيخ محمد فرغلي وعددهم حوالي الثمانين أرسلهم المرشد العام حسن البنا وقد عسكر هؤلاء في معسكر النصيرات على مقربة من دير البلح واشتبكوا في قتال مع اليهود في كفار داروم واستشهد منهم عشرون رجلاً.

جاء بعدهم البيكباشي الورداني من جماعة أحمد عبد العزيز ومعه حوالي مائتي متطوع معظمهم من الليبيين وصلوا من العريش إلى خان يونس عن طريق الشاطئ ولكنهم لم يمكثوا في قطاع غزة حيث رابطوا في عراق سويدان وسافر فريق منهم مع أحمد عبد العزيز إلى قطاع الخليل وجنوب القدس.

أرسلت الهيئة العربية العليا من مصر ستة من الألمان الذين تطوعوا للقتال في صفوف العرب وقد أرسلتهم خصيصاً لتدريب المناضلين على الألغام وطرق استعمالها.

كانت أسلحة المناضلين عبارة عن بنادق إنجليزية وإيطالية وفرنسية وعثمانية أكثرها قديم وبعضها حديث وأما عتاد الجميع فضئيل واشترت اللجنة القومية رشاشين من طراز برن ورشاشاً من طراز تومي وبندقية مضادة للدبابات (بويز) وكان لديها أربع سيارات للنقل واثنتان صفحتا واستعملتا بقصد الحراسة وسيارة لشؤون الإسعاف.

واتخذ المناضلون مطار غزة الكائن على بعد ميل واحد من مدينتهم إلى الجنوب مقراً لهم وكان البريطانيون قد سلموا هذا المطار العسكري إلى بلدية غزة قبل جلائهم عن المدينة بخمسة أيام وهي بدورها سلمته إلى اللجنة القومية.

وما كاد العرب يتسلمون مطار غزة حتى جاء اليهود سكان المستعمرات المجاورة يريدون الاستيلاء عليه واشتبك الفريقان من اجله ولكن الغلبة كانت للعرب فاندحر اليهود تاركين وراءهم عدداً من القتلى وأعطبت مصفحة إلا أن اليهود تمكنوا من جرها وسحب قتلاهم .

كان يقود المناضلين المقدم عبد الخالق العزاوي في غزة وطارق الإفريقي في المجدل ووضع الاثنان في فترة قصيرة من الوقت تحت إمرة اللواء عبد الواحد سليمان سبل باشا الذي أرسلته الجامعة العربية من مصر لقيادة المعارك في جنوب فلسطين وجاء معه اثنان من كبار الضباط المصريين هما: اليوزباشي مصطفى كمال صدقي واليوزباشي عبد المنعم النجار ولكن اللواء عبد الواحد سليمان سبل لم يمكث في غزة سوى بضعة أيام فعاد إلى مصر عندما رأى قلة السلاح والعتاد ورأى فوق هذا وذاك الفوضى ضاربة أطنابها في كل ناحية.

ولما اشتد القتال في قطاع غزة ورأت اللجنة القومية أن عبد الخالق الغزاوي لا يصلح للقيادة انتدبت وفداً مؤلفاً من ثلاثة أشخاص فزار الوفد عمان وبيروت والشام والقاهرة كان ذلك في أوائل إبريل عام 1948 وبعد أن تحدث الوفد إلى المسئولين في العواصم العربية وأوضح لهم حقيقة الوضع في فلسطين عاد خائب الأمل وكل ما استطاع أن يحمله معه مائة بندقية ومائة ألف طلقة منها ما هو إنجليزي ومنها ما هو ألماني وعدداً من قنابل اليد ألمانية وإيطالية ومائة جندي يقودهم العقيد عاهد السخن وأتى الوفد معه بمدفع واحد من مدافع الهاون إلا أن اللجنة العسكرية عادت فاستردت هذا المدفع وبعثت به إلى يافا.

قام الحاج أمين الحسيني بتزويد اللجنة القومية بالرصاص والقنابل اليدوية وأما الجنود والبنادق فقد زودتهم بها اللجنة العسكرية بدمشق ووعدهم عبد الرحمن عزام الأمين العام للجامعة بمائة ألف جنيه وبطارية مدافع لكنه لم ينفذ وعده غادر العقيد السخن دمشق قاصداً غزة وقد وصلها عن طريق العقبة وتسلم حاميتها وفي البيان الأول الذي أذاعه على الناس بوصفه مساعد الحاكم العسكري لمدينة غزة ولوائها قال: إن قيادة جيش الإنقاذ هي التي انتدبته وقد وقع بيانه الثاني بوصفه قائد اللواء الجنوبي انتدبت القيادة عبد الخالق الغزاوي مساعداً له وأما المائة جندي الذين دخلوا معه فقد كانوا خليطاً من المتطوعين الفلسطينيين والليبيين والأردنيين والمصريين والسوريين الذين كانوا قد دربوا على القتال في معسكر قطنا وقد اتخذوا مطار غزة مقراً لهم.

وما أن وصلوا حتى انضم إليهم مائة متطوع من أبناء غزة فأصبحوا مائتين وقصارى القول كان عدد المناضلين قبل انسحاب الإنجليز من البلاد كما يلي: مائة وتسعة غزيون جهاد مقدس وستة وسبعون متطوعون من أبناء فلسطين وسوريا والعراق وليبيا وألبانيا ويوغسلافيا أرسلتهم الهيئة العربية مع عبد الحق الغزاوي وثمانون إخوان مسلمون مصريون جاءوا بقيادة الشيخ محمد فرغلي أرسلهم المرشد العام حسن البنا ومائة غزيون جيش الإنقاذ ومائة متطوعون من أبناء فلسطين وسوريا والأردن وليبيا جاءوا مع العقيد عاهد السخن وستة ألمان متطوعون.

تألفت في بعض الأحياء المحلية بالإضافة إلى حامية المدينة فرقاً صغيرة مستقلة كالفرقة التي تألفت في حارة الزيتون وقد سموها الفرقة المحمدية مهمتها حراسة الحي إنها وإن لم تكن تابعة للجنة القومية إلا أنها تتعاون معها وكانت هذه تمدها بالعتاد عند اللزوم.

وأما عدد المناضلين في القرى التابعة لغزة فكان كما يلي: مائة وثلاثين من قرية بربر وكان حولها عشيرتان من الثوابتة والسواركة في كل منهما عشرون مسلحاً وخمسون من قرية سمسم وثلاثون من قرية دمرة و عشرون من قرية نجد وعشرون من قرية حليقات وعشرة من قرية المنصورة و خمسون من قرية عراق سويدان

وكانت هناك في غزة وفي أواخر عهد الانتداب 9/إبريل/1948 سرية أردنية هي السرية السادسة مشاة من سرايا الجيش العربي يقودها ضرغام الفالح ومعه اثنان من الضباط الأردنيين هما: مصطفى الجبور وعيسى الزعمت وكثيراً ما آزرت هذه السرية المناضلين من أبناء غزة والقرى المجاورة لها في أعمالهم التي أزعجت اليهود وكانت تمد المناضلين بالعتاد حتى أنها أي السرية الأردنية اشتركت في ضرب مستعمرة بيرون اسحق بمصفحاتها وكان رجالها يلبسون الثياب المدنية وفيما كان المناضلون يقومون بأعمال الحراسة داخل المدينة كانت السرية الأردنية تتولى حراسة أبواب المدينة وكان ضرغام يشرف على أعمال المناضلين بوجه عام ولكن هذه السرية انسحبت من البلاد مع الجيش البريطاني عند انتهاء الانتداب في 15/مايو/1948.

انحصرت أعمال المناضلين في هذا القطاع في عرقلة سير القوافل اليهودية والحيلولة دون وصول المؤن والأسلحة إلى المستعمرات الواقعة جنوب فلسطين( ).

الهدنة الأولى
أعلن رسمياً في 10/يونيو/1948 أن الفريقين العرب واليهود قبلا اقتراح مجلس الأمن بوقف القتال وأن القتال سيقف في الساعة العاشرة من صباح اليوم التالي.

أصدرت قيادة الجيش العربي وفي 11/يونيو/1948 في عمان وقيادات الجيوش العربية الأخرى أوامرها بوقف القتال وأعلن رسمياً أن هدنة مدتها أربعة أسابيع قد بدأت وأن الوسيط سيسعى خلال هذه المدة لإيجاد حل لقضية فلسطين.

يقول مناحم بيغن ما أن تم الإعلان عن الدولة اليهودية حتى دخلت الجيوش العربية إلى فلسطين أما جيش إسرائيل فلم يكن لديه سوى 8000 مقاتل وقد أحس حكام تل أبيب بالخطر ووجه بن غوريون نداء إلى العالم يطلب فيه مساعدة الدول الصديقة وتواردت الأنباء من جميع المدن والمستعمرات اليهودية أن الشعب اليهودي أصابه الخوف وخصوصاً أهل القدس الذين شهدوا فشل القوات اليهودية في فتح طريق باب الواد وتموينهم وكان الجيش العربي قد دخل القدس وبدأ يقصف أحياءنا بمدافعه الثقيلة.

قام الشعب اليهودي بالمظاهرات الصاخبة داعياً إلى إنهاء الحرب بأي ثمن وكان الشعب اليهودي في القدس ثائر يطالب بالخلاص فأعلنت الأحكام العرفية ومنع التجول.

كانت الدوائر الصهيونية تعمل لإرسال رسول سلام إلى فلسطين وعقد هدنة مؤقتة ووردت الأنباء بأن رسول السلام في طريقه إلى فلسطين وتمت الهدنة وتم تزويد يهود القدس بالطعام و الماء وكانت الهدنة في صالحنا فاستعددنا وجلبنا الأسلحة والعتاد والمتطوعين والمحاربين من الخارج.

ولا نعرف حتى الآن كيف ولماذا قبلت الدول العربية الهدنة وقد كان الوضع بوجه عامة في صالحها وساد الاعتقاد يومئذ أن الدولة التي أرادت الهدنة وعملت لها أكثر من غيرها هي المملكة الأردنية وثبت بعد حين أن الحكومة المصرية أيضاً كانت تواقة لعقد الهدنة نزولاً على رغبة قادة الجيش المصري( ).

كذلك التقرير الذي وصفته لجنة التحقيق النيابية في قضية فلسطين ذلك التقرير الذي رفعته إلى مجلس النواب العراقي بتاريخ 4/سبتمبر/1948 أن الفريق الركن نور الدين محمود فاه ببيان أمام اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية جاء فيه أنه لم تكن هناك أسباب ملحة تلجئ الحكومات العربية إلى التماس الهدنة أو قبولها.

وجاء في التقرير نفسه أيضاً ما يلي المفهوم أن الدول العربية تعرضت لضغط سياسي شديد من الدول الكبرى بقصد حملها على قبول الهدنة.

وقالت الوزارة العراقية أنه لا علم لها بالعوامل السياسية التي حدت بالحكومات العربية لقبول الهدنة وأنه ليس لديها ما تقوله بشأن الكيفية التي تم بها هذا الضغط.

وقال رياض الصلح رئيس وزراء لبنان في كتابه الذي أرسله إلى مزاحم الباججي رئيس وزراء العراق بتاريخ 14/أغسطس/1948 أن ممثلي شرق الأردن بلغونا قبل قرار مجلس الأمن وعند الاجتماع في عالية أن شرق الأردن لا يمكنه أن يرفض قرار هذا المجلس حتى ولو رفضته جميع الدول العربية.

وقال أيضاً أن القيادة العراقية أعلنت عندئذ أن الجيش العراقي في حالة انسحاب الجيش الأردني ينسحب هو أيضاً من الميدان دون ريبة وهذا ما وقع.

وقال عبد الرحمن عزام الأمين العام لجامعة الدول العربية بعد أر رفع استقالته إلى مجلس الجامعة في 10/سبتمبر/1952 وقبلت أنه لم يوافق على الهدنة الأولى بعد ما ثبت له من المعارك الأولى أن العرب يستطيعون قهر اليهود ولما أعلنت الهدنة الأولى ضد رأيه كتب استقالته من الجامعة في اليوم نفسه ولكنه عاد فاستردها نزولاً على رغبة النقراشي رئيس وزراء مصر.
قال فارس بك الخوري ممثل سوريا قي هيئة الأمم وكان عند فرض الهدنة الأولى عضواً في مجلس الأمن أنه العضو الوحيد الذي خالف قرار الهدنة وأن القرار أعطى بأكثرية سبعة أصوات وليس بصحيح ما قيل عنه من أنه نصح حكومته بقبول الهدنة والحقيقة هو أنه لا هو ولا أحد من زملائه ممثلي الدول العربية في هيئة الأمم نصح بقبول الهدنة وكل ما قالوه لحكوماتهم عندما استشيروا في الأمر أن قبول الهدنة ورفضها متوقف على الوضع العسكري في فلسطين فإذا كانت الجيوش العربية قادرة على القتال فلترفض الهدنة وإلا فلتقبلها( ).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

أكذوبة دخول الجيوش العربية إلى فلسطين عام 1947 وتعطيل وتبديد قوى الشعب الفلسطيني Empty
مُساهمةموضوع: رد: أكذوبة دخول الجيوش العربية إلى فلسطين عام 1947 وتعطيل وتبديد قوى الشعب الفلسطيني   أكذوبة دخول الجيوش العربية إلى فلسطين عام 1947 وتعطيل وتبديد قوى الشعب الفلسطيني Emptyالجمعة 25 مايو 2018, 9:41 pm

موقف العرب واليهود من الهدنة
كانت الهدنة الأولى في 11/يونيو/1948 وبالاً على العرب ونعمة اليهود إذ توفرت لليهود خلال فترة الهدنة أدوات القتال على جميع أنواعها وازداد عدد رجالهم ومرنوا جنودهم على الرماية وانقلبوا من طور الدفاع إلى طور الهجوم.

والأهم من هذا أن اليهود وحدوا صفوفهم واستنجدوا بيهود الولايات المتحدة فأتت الإمدادات والإعانات.

كان اليهود قبل إعلان الهدنة خائفين ونزح عن مدينة القدس عدد كبير يزيد عن الأربعين ألفاً وبذلك هبط عددهم من مائة ألف إلى ستين ألفاً وأصبح العرب بعد إعلانها هم الخائفين فرحل معظم العرب سكان القدس القديمة عن مدينتهم حتى أنه لم يبق منهم فيها خلال الأسابيع الأولى للهدنة سوى عدد لا يزيد على الخمسة آلاف بعد أن كان عددهم خمسة وستين ألفاً حيث رحلوا إلى الخليل وإلى شرق الأردن وتبعثر في المدن الفلسطينية الباقية بيد العرب كنابلس وأريحا ورام الله وغزة والخليل ولم يبق في المدينة الفلسطينية الباقية بيد العرب ولم يبق في المدينة سوى العجزة والفقراء غير القادرين على الرحيل وأصبحت القدس خلال الهدنة في حالة رهيبة مخازنها مغلقة ومعظم منازلها مهدمة وشوارعها مهجورة ووسائل النقل عزيزة والأجور غالية والبنزين مفقود وكذلك قل عن سائر أنواع الوقود وبلغت أجرة السيارة من القدس إلى أريحا عشرين جنيها ومنها إلى عمان ثلاثين وأربعين جنيها.

جرى الرحيل من بابين من أبواب المدينة أحدهما باب الأسباط وقد مر منه النازحون إلى أريحا وشرقي الأردن والثاني باب الساهرة وقد مر منه النازحون إلى رام الله ونابلس وأما أبواب المدينة القديمة الأخرى باب العمود وباب الخليل والباب الجديد وباب المغاربة وباب النبي داود فإنها كانت قد سدت سداً محكماً لأغراض حربية وكان غلوب باشا أمر بجمع السلاح من المناضلين بحجة وجود هدنة وخوفه من خرق المناضلين له وتعهد بإرجاع أسلحتهم إليهم عندما تنتهي الهدنة ولكنه لم يرجعها وعبثاً حاول المناضلون أن يحصلوا على الأسلحة من هنا وهناك فإن النجاح في هذا المضمار كان عسيراً لعدم توفر الأسلحة في البلاد العربية.

ولم يقم الجيش العربي خلال فترة الهدنة بأي ترتيب جدي يدل على أنه ينوي استئناف القتال أو انه يتأهب لصد العدوان وما كان يبدو أنه آبه بالاستعداد الذي كان يجري في المعسكر اليهودي وكل ما رآه المقدسيون يومئذ أن الجيش العربي ولم يزد عدده عن أربعة آلاف مقاتل في جميع فلسطين أنشأ بعض الطرق الجديدة في بعض القرى وأتى بعدد من البدو المسلحين ونصب على سطح القلعة بباب الخليل مدفعاً ليضرب به الأحياء اليهودية المقابلة.

كان غلوب باشا يعتقد أن هيئة الأمم كانت تريد الهدنة ولا تريد استئناف القتال كذلك قل عن الجيوش الحليفة الأخرى فإن الجيش المصري وإن كان عدده قد ازداد خلال الهدنة الأولى فأصبح 18000 غير أنه لم يتزود بالأسلحة الجديدة إلا بعدد من المدافع البريطانية من عيار 25 رطلاً وآخر من مدافع المورتر من عيار أربع بوصات ونصف البوصة وبعدد من الطائرات المعروفة بنافثات اللهب واشترى كميات كبيرة من الأسلحة الأخرى تبين بعد حين أنها معطوبة واتهم عدد كبير من رجالات مصر بسببها.

ولم تف بريطانيا بتعهدها لمصر رغم أنها كانت قد تعهدت بتسليح الجيش المصري ولكنها لم تسلحه سوى بالقليل وامتنعت عن تسليم الباقي بضغط من الولايات المتحدة وازداد عدد العراقيين المحاربين في فلسطين خلال الهدنة الأولى من 5000 إلى 15000 مقاتل وعدد السوريين واللبنانيين إلى 8000.

والأدهى والأمر أنه لم يقم زعماء العرب في مختلف أقطارهم بإزالة ما بينهم من اختلافات وشكوك لا بل ازدادوا خلافاً على خلافاتهم السابقة( ).

استئناف القتال
استؤنف القتال في 9/يوليو/1948 وانسحب المراقبين بطلب من الوسيط الدولي وكانت قوات الجيش العربي مرابطة في أطراف مدينة القدس كما يلي: الكتيبة السادسة في مواقعها السابقة بالبلدة القديمة وعلى الأسوار والكتيبة الثالثة أيضاً في مواضعها السابقة من باب العامود إلى نحلات شمعون وانضم إلى هذه الكتيبة سرية من سرايا الكتيبة الخامسة جاءت في آخر يوم من أيام الهدنة واشتركت في القتال عند استئنافه وبعد يومين انسحبت بعد أن قتل اثنا عشر جندياً من جنودها وأما المناضلون المنتمين إلى فرق الجهاد المقدس فقد زيد عددهم خلال الهدنة وبلغوا ألفا وتسعمائة: 700 منهم في القدس نفسها و800 في قطاعها الجنوبي في بيت صفافا وبيت لحم و400 في قطاعها الشمالي عابود وبير زيت.

وحدثت بعد ذلك معارك حامية الوطيس في القطاعين الجنوبي والشمالي ومعارك القطاع الشمالي كانت على أشدها في المناطق الواقعة بين سنهدريا والشيخ جراح نسف اليهود في 10/يوليو/1948 جانباً من السور الملاصقة لمدرسة الفرير عند الباب الجديد وحاولوا اقتحام المدينة عبر الثغرة الواسعة التي أحدثوها إلا أن جنود الجيش العربي وكان عددهم مائتا مقاتل تعاون معهم المناضلون من أبناء بيت المقدس واستطاعوا صد الهجوم اليهودي.

قذف اليهود الحرم وطريق الآلام والأحياء العربية الأخرى بوابل من نيران مدافعهم في 10/يوليو/1948 فسقطت بعض القذائف في وسط الحرم وبعضها في أطرافه باب العتم والروضة وعقبة المفتي وكان هدفهم هدم الحرم وتحطيم مقر قيادة الجيش العربي في الروضة وتخويف اللاجئين الذين كانوا قد لجئوا إلى الحرم وإلى المباني الكائنة في أطرافه.

قصفت المدافع العربية في 11/يوليو/1948 والأحياء اليهودية من وراء أكمة النبي صموئيل فأصيب عدد كبير من المنازل اليهودية وأصيب النوتردام فاحترق جانب كبير منها وأصيب محطة إذاعة الهاغانا واحتل العرب مركز البوليس القديم في حي مياشورم كما احتلوا ثلاث عمارات أخرى مجاورة له وكان اليهود قد اتخذوا الأحياء اليهودية مركزاً لتجمع قواتهم بقصد الإغارة على جبل سكوبس واشتركت طائرات العدو التي وصلت مؤخراً في القتال فتقطعت أسلاك الهاتف التابعة للجيش بفعل قنبلة ألقتها أحداها وفيما كانت هذه الطائرات اليهود تبحث عن مواضع المدافع العربية الثقيلة في جبل بدو والنبي صموئيل كانت الطائرات المصرية نافثات اللهب تقذف حمما على تل أبيب( ).
اشترك عدد من الطائرات اليهودية في القتال اثنتان من نوع داكوتا وراحت مدافعهم الثقيلة التي أحضروها في فترة الهدنة تقصف وادي الجوز والحرم والأحياء العربية الكائنة شرقي مدينة القدس لم يستطع اليهود أن يحتلوا قرية صوبا في 11/يوليو/1948 وعين كارم في 11/يوليو/1948 ووقف جنود مشاتهم هناك فلم يستطيعوا أن يتقدموا إذ أن رجال الجيش ورجال الجهاد المقدس كانوا لهم بالمرصاد كما كانت مدافع الجيش ترد على النار بمثلها.

بينما كانت مدافع الفريقين تتبادل النيران في القدس وصلت أنباء سقوط عين كارم من أعمال القدس وسقوط تل الصافي من أعمال الخليل في 10/يوليو/1948 والسوايمة وبيت جرين في 12/يوليو/1948 وتل المكخر من أعمال بئر السبع في 12/يوليو/1948 وفشل المصريين في استرجاع بيت دراس وسقوط اللد في 11/يوليو/1948 والرملة في 12/يوليو/1948.

اختلاف الملوك والزعماء و الرؤساء العرب
بدأ الشعب الفلسطيني في اليوم التالي لوقف القتال 19/يوليو/1948م انتقاد الزعماء أكثر من أي وقت مضى لأنه مهما كانت الأسباب التي أدت إلى النكبة كان لاختلاف الزعماء المقام الأكبر بين هذه الأسباب.

لم يكن بين الدول العربية السبع التي يتألف منها مجلس الجامعة وهي مصر والمملكة العربية السعودية وسوريا ولبنان والأردن واليمن والعراق دولتان على قلب واحد وخطة واحدة وهدف واحد. لا بل كانت كل دولة منها تخشى الأخرى وتحسب حساباً لمطامعها وما كانت الواحدة منهن لتعرف عن الأخرى شيئاً لا عن جيشها ولا عن أسلحتها وخططها.

انقسمت الدول العربية إلى كتلتين متضادتين: كتلة يتزعمها الهاشميين وهي مؤلفة من الأردن والعراق وكتلة يتزعمها الملك فاروق وهي مؤلفة من مصر وسوريا والمملكة العربية السعودية ووقفت كل واحدة تناوئ الأخرى فالملك عبد الله الذي يتزعم الهاشميين كان يرنو ببصره إلى بر الشام ليحقق حلماً طالما راوده من أجل إنشاء سوريا الكبرى ولم ينقطع حتى في أثناء القتال عن ترنيم هذه الأنشودة ولو لحظة واحدة حتى أنه بعث إلى شكري القوتلي رئيس الجمهورية السورية وزير خارجيته رسولاً من قبله هو محمد باشا الشريفي مطالباً من شكري القوتلي أن ينضم إلى لوائه فرفض الأخير لأنه رأى من الأولى أن ينضم الأردن وهو فرع من سوريا وسوريا الأم وتصبح الأردن تسير على نظام الحكم الجمهوري المستقل لا الملكية المرتكزة على حراب الإنجليز.

وخشي السوريون أن يزحف الملك عبد الله بجيشه نحو سوريا وكان الجيش الأردني يومئذ قادراً على الزحف فلجأ الرئيس شكري القوتلي إلى المملكة العربية السعودية التي كانت تخشى عبد الله في استرداد الحجاز منه إذا ما نجح في تحقيق فكره سوريا الكبرى واتسع سلطانه فشجع السوريون على مقاومته ووعدهم بالتأييد إذا ما حدثت عبد الله نفسه أن يهاجم بلادهم ومما قاله لمحسن البرازي وزير خارجيتهم : إذا ما هاجمكم عبد الله حاربوه ولو لعشرة أيام واصمدوا حتى آتيكم بخيلي ورجالي( ).

وبدأ الملك فاروق يجس نبض الإنجليز والأمريكيين طالباً إليهم وقف الملك عبد الله عن حده وإثناؤه عن أطماعه في سورية وكان الملك فاروق يكره الملك عبد الله ولا يؤمن به وسعى للتكتل ضده مع عبد العزيز بن سعود والرئيس شكري القوتلي وكان هؤلاء جميعاً عند حد الاعتقاد الجازم أن الملك عبد الله دخل الحرب وهو عازم أن يقف عد حدود التقسيم وأنه يميل إلى عقد الصلح ولو منفرداً مع اليهود وأنه ينوي أن يضم الجزء العربي من القدس ومن فلسطين إلى مملكته وأن الإنجليز حلفائه يؤيدونه في هذه الخطة.

وسارت الحكومة العراقية في ركب الأردن وعاهله إلى أبعد الحدود وكانت بين ملكيهما صلة قربى و معاهدة تقضي أن يسيرا معاً في الخير والشر الأمر الذي زاد في شكوك مصر وسوريا والمملكة العربية السعودية.
وراح كلا الفريقين يكيد للآخر ويدس له من الدسائس ما شاء الدس أن يكون هذا بدلاً من أن يتناسوا أحقادهم ولو في فترة القتال . وكان من الطبيعي أن لا يتفقوا في مسألة القيادة.

إن رجال الحكم في هذه الدول وان عهدوا بالقيادة العامة إلى أحدهم وهو الملك عبد الله ملك الأردن إلا أن هذه القيادة كانت صورية بحتة فلا هم وثقوا به ولا هو وثق بهم ، إنهم كانوا مرتابين من صدق نواياه وأكثر ارتيابهم كان موجهاً لقائد جيشه ورئيس أركان حربه غلوب باشا وكان هذا يدافع عن مصلحة بلاده إنجلترا أكثر مما يدافع عن فلسطين ويطلب نفع قومه الانجليز أكثر مما يطلب نفع البلاد التي تجنس بجنسيتها وراح يزعم أنه من رعاياها وما كان للملك عبد الله أن يفعل غير ذلك لأن بقائه في كرسي الحكم وبقاء جيشه في الميدان متوقفان على رضى الإنجليز والتاج الملكي وعلى المال الذي كانوا ينفقونه وكذلك قل عن ابن أخيه الأمير عبد الإله الوصي على عرش العراق وعن نوري باشا السعيد رئيس الوزراء وعن كثيرين من رجال العرب البارزين ومنهم الملك عبد العزيز بن سعود فقد كانوا ضالعين إلى أبعد الحدود مع الانجليز وثبت في النهاية أن الإنجليز مصدر الشر للجميع هذا عن رجال الحكم في بلاد العرب بوجه عام.

وأما عن الرجال الذين أنيط بهم أمر القتال في فلسطين فنقول كان هناك هيئتان مسئولتان عن إدارة القتال هما:
1-اللجنة العسكرية ومقرها في دمشق.
2-الهيئة العربية العليا وكان مقرها بادئ الأمر في القدس ثم نقلته إلى القاهرة وكان لها فروع في القدس وبيروت ودمشق.

ولم يكن بين هاتين الهيئتين اتصال وثيق ولا توافق وانسجام بل بينهما شيء كثير من التنافر والتباعد وبلغ حداً جعل اللجنة العسكرية تعارض في تسليم الهيئة العربية السلاح.
جاء في بيان نشرته جريدة الحياة البيروتية العدد 2100 في 13/مارس/1953م لمحمد منيف الحسيني على لسان الحاج أمين الحسيني أن الحكومة المصرية قررت اثر صدور قرار التقسيم تزويد المجاهدين الفلسطينيين بألفي بندقية ومائتي مسدس وأن اللجنة العسكرية أرسلت اثر صدور هذا القرار مندوبها إلى مصر طالبة عدم تسليم أي مقدار من السلاح إلى الفلسطينيين وذهب مندوب آخر و هو محسن البرازي إلى الحجاز ونجد ليطلب من الملك عبد العزيز آل سعود الطلب نفسه وكانت مصر قد سلمت الهيئة العربية 1107 بندقية و أرسلت الباقي وقدره 893 بندقية و200 مسدس إلى دمشق.

ويقول البيان أن الهيئة العربية أرسلت البنادق التي تسلمتها من مصر 1107 مع 196 بندقية كانت ابتاعتها من جهات أخرى إلى المجاهدين الفلسطينيين أرسلتها بالقطار إلى العريش ومنها شحنت إلى فلسطين بإشراف محافظ سيناء الأميرالاي زكي عبد الحميد وقد تم ذلك في شهر ديسمبر/1948م .

كان رجال اللجنة العسكرية يعتقدون أن الحاج أمين الحسيني يجب أن يظل بعيداً عن شئون القتال وكان بعض رجال الجامعة أيضاً يميلون للأخذ بهذا الرأي وقد ازداد الخلاف بين المفتي والنقراشي عندما التقيا في قصر عابدين وجرى البحث في مشكلة فلسطين والطريقة التي يجب أن تتبع من أجل إنقاذها ، ثم عادا فاختلفا عندما تكونت في غزة حكومة عموم فلسطين إذ كان رأي النقراشي أن لا يشترك الحاج أمين الحسيني في أعمال تلك الحكومة ولكن الحاج أمين الحسيني رفض الانصياع لرأيه و ذهب إلى غزة وترأس جميع الأعمال التي أدت إلى قيام تلك الحكومة الأمر الذي حدا بالنقراشي لاستدعائه ونقل إلى مصر مخفوراً في طائرة عسكرية.

ولم تكن علاقة الحاج أمين الحسيني بفوزي القاوقجي أيضاً حسنة فقد ساءت هذه عندما التقى الرجلان في ألمانيا (1945) وازدادت سوءاً عندما أعلن التقسيم ورشح فوزي القاوقجي للقيادة فقد كان الحاج أمين الحسني عن حد الاعتقاد أن هذا لا يصلح للقيادة وكان هذا يعتقد أنه كفء لها ولقد أدى هذا الكره إلى ذلك الجمود الذي شهده الناس بين بفوزي القاوقجي وعبد القادر الحسيني زميله في القتال عندما كانت رحى المعارك تدور في فلسطين وكان كلاهما يدير قطاعاً مجاوراً لقطاع الآخر هذا بالرغم من الحقيقة أن الاثنين يواجهان عدواً واحداً.

وسرى هذا الخلاف بين القادة إلى رجال المنظمتين: جيش الإنقاذ والجهاد المقدس فقد كان رجال الإنقاذ ينظرون نظرة سلبية إلى الفلسطينيين وأنهم منقسمون إلى شيع وأحزاباً وأما رجال الجهاد المقدس فكانوا يقولون أنهم أولى بالدفاع عن وطنهم وليس لهم طلب إلا أن يزودوا بالسلاح والعتاد والمال.

وفي الميادين الأخرى كان المناضلون فرقاً لا يجمعها جامع وكانت كل فرقة من هذه الفرق تعمل منفردة وحسب مصلحتها وقليلاً ما كانت الواحدة منها تعرف عن الغرفة المجاورة لها شيئاً غير أن اختلاف الفرق الصغيرة لم يكن عن كره وإنما عن جهل بفنون القتال وفقدان القيادة العامة الرشيدة.

لقد انقسم الفلسطينيون على أنفسهم تارة بسبب وتارة من غير سبب وازدادوا انقساماً عندما راحوا يبحثون قائد حر من بينهم فتشتتوا بسبب ولاءات عائلية بينما راح فريق آخر ينادي بتناسي الأحقاد والعمل على جمع الشمل لأن العدو لا تغمض لع عين وهو قوي يدعمه الغرب وتدعمه قوى الشر والطغيان وعبثاً حاول هذا الفريق أن يجد حلا وسطاً إذ راحت الشكاوى تنهال من الفريق الأول على دار الأمانة العامة لجامعة الدول العربية قائلة أن الهيئة العربية حزبية وليست ذات صبغة شعبية وأنها حسينية بحتة وأن الحاج أمين الحسيني رئيسها إذا ما توفر له المال والسلاح استعملها لقهر منافسيه من أبناء العائلات والأحزاب الأخرى كما فعل في الثورة الفلسطينية الأخيرة 1936-1939 وراحوا يعيدون إلى الأذهان أسماء الأشخاص الذين اغتيلوا في تلك الثورة.

واستغل مندسون هذه الفرصة فراحوا يزيدون النار اشتعالاً الأمر الذي خلق جواً من عدم الاطمئنان وفقدان الثقة مما كان له تأثير سلبي على سير المقاومة والهيئة العربية نفسها وهي المتهمة بالحزبية والعائلية لم تخص من شر الخلاف والانقسام فقد كان يرأسها الحاج أمين الحسيني المفتي وابن عمه جمال الحسيني وقد كانا على خلاف, وكان جمال الحسني من أبرز أعضاء الهيئة فقد لمع نجمه في الأوساط الشعبية وكان من رأيه قبول التقسيم ولما كان الحاج أمين الحسيني ليقره في ذلك الرأي لا بل وجد الحاج أمين الحسيني حوله من يقول له: انك إذا سلمت الأمر لجمال الحسيني عاد الأمر عليك بالوبال وقال محسن البرزاي وزير خارجية سوريا في مذكراته التي نشرت بعد وفاته أن جمال الحسيني وافق على ما قاله البرزاي من أن يسلم السلاح والمال إلى اللجنة الفنية وليس الحاج أمين الحسيني.

كانت صلة عبد القادر الحسيني بابن عمه الحاج أمين الحسيني وبصحبه الذين كانوا من حوله كإسحق درويش ومنيف الحسيني والشيخ أبي سعود وغيرهم سيئة لدرجة أن عبد القادر عندما ذهب إلى دمشق قبل استشهاده في معركة القسطل ليحصل على المال والسلاح اللازم للقتال راجع قبل أي إنسان آخر أعضاء الهيئة ولكن هؤلاء لم يلبوا طلبه فما أعطوه مالاً ولا سلاحاً فمن قائل أنه ما كان لديهم مال ولا سلاح.

ومن قائل أن ثقتهم به كانت ضعيفة وكانوا يخشون شره وقيل أنهم ما كانوا يؤثرون عليه الشيخ حسن سلامة ويفضلون أن يكون الشيخ حسن سلامة هو القائد( ).

هذا ما روي عن الذين رافقوا الحاج أمين عدداً من السنين وقد أكدوا أن عبد القادر كان يكره رجال الحاج أمين وصحبه الذين كانوا يحيطون به إحاطة السوار بالمعصم وانه كان يعتقد اعتقاداً جازماً أنهم هم سبب الفوضى التي انطبعت على أعماله وفي المرة الأخيرة التي زار فيها عبد القادر الحسيني دمشق والتقى بأعضاء الهيئة حيث وجد الخلاف على أشده قائماً بين الرجال المسئولين عن إدارة حركة القتال بفلسطين.

كانت الحكومة الأردنية بعد إعلان الهدنة الثانية وقبل التوقيع على اتفاقية رودس تطارد رجال الجهاد المقدس وهم من أبناء فلسطين وحاصرتهم في 18/ديسمبر/1949 واعتقلت عدداً منهم وصادرت أسلحتهم وكانت حكومة النقراشي في مصر قد حلت جماعة الإخوان المسلمين وراحت تطارد رجالها وتصادر أسلحتهم وقد انعكس الحالين على الفلسطينيين بألوان شتى, وتأججت النعرات الحزبية والطائفية والعائلية( ).

المراجع
1- فيصل أبو خضرا: تاريخ المسألة الفلسطينية الأزمة والحل- مطابع الأهرام التيارية- قليوب- مصر1991- صـ129-192.
2- أكرم زعيتر: القضية الفلسطينية- دار المعارف بمصر 1955- صـ211-244.
3- صبحي ياسين: طريق العودة إلى فلسطين- مطبعة الحرية- القاهرة- ص10-11.
4- راجع في ذلك العقيد محمد الشاعر: الحرب الفدائية في فلسطين- ط3- بيروت 1969- ص 245-260.
5- محمد طارق الأفريقي: المجاهدون في معارك فلسطين- دار اليقظة في دمشق.
6- أميل الغوري: المعذبون في أرض العرب- بيروت- 1960 ص82-83.
7- عارف العارف: نكبة فلسطين والفردوس المفقود- الجزء الثاني- صـ339-346.
8- عارف العارف: نكبة فلسطين والفردوس المفقود- الجزء الثاني- دار الهدى.
9- عارف العارف: نكبة فلسطين والفردوس المفقود- الجزء الثاني- دار الهدى- صـ387-392.
10-: عارف العارف: نكبة فلسطين والفردوس المفقود- الجزء الثالث ص548.
11- عارف العارف: نكبة فلسطين والفردوس المفقود- الجزء الثالث- صـ549-551.
12- عارف العارف: نكبة فلسطين والفردوس المفقود- الجزء الثالث - صـ564-569.
13- عارف العارف: نكبة فلسطين والفردوس المفقود 1947-1952- الجزء الثالث- دار الهدى- صـ597-599.
14- عارف العارف: نكبة فلسطين والفردوس المفقود 1947-1952- الجزء الثالث -ص602-604.
15- عارف العارف: نكبة فلسطين والفردوس المفقود 1947-1952- الجزء الثالث-ص663-665.
16- عارف العارف: نكبة فلسطين والفردوس المفقود 1947-1952- الجزء الثالث - صـ666-668.
 

أكذوبة دخول الجيوش العربية إلى فلسطين عام 1947  وتعطيل وتبديد قوى الشعب الفلسطيني 
أكذوبة دخول الجيوش العربية إلى فلسطين عام 1947 وتعطيل وتبديد قوى الشعب الفلسطيني
المصدر : محسن الخزندار
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
أكذوبة دخول الجيوش العربية إلى فلسطين عام 1947 وتعطيل وتبديد قوى الشعب الفلسطيني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: قصة قضية فلسطين :: الحروب العربية الإسرائيلية-
انتقل الى: