منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 Empty
مُساهمةموضوع: أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918   أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 Emptyالجمعة 25 مايو 2018, 9:44 pm

[rtl]أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918[/rtl]
مقدمة:
  كان هيرودوتس وغيره من كتاب اليونانية واللاتينية ، هم الذين أطلقوا اسم فلسطين على أراضي الساحل الفلسطيني ، وفي بعض الاحيان كانوا يشملون بالاسم أيضا تلك الاراضي الواقعة بين الساحل ووادي الاردن.وفي مستهل عهد الامبراطورية الرومانية، اطلق اسم فلسطين على المنطقة الواقعة حول القدس، كما استخدم الاسم نفسه ايضا زمن البيزنطيين للتدليل على الأراضي الواقعة غربي نهر الأردن، والممتد  بين جبل الكرمل في الشامل وغزة في الجنوب.

روما وبيزنطة
في سنة 70 للميلاد  قمع الامبراطور الروماني تيتوس ثورة يهودية في فلسطين ، وسوّى القدس بالأرض، ودمر معبدها. وفي اعقاب ثورة يهودية اخرى (132-135 ميلادية) شيّد الامبراطور هادريان مدينة وثنية جديدة على أنقاض القدس، أطلق عليها اسم "كولونيا إيليا كابيتولينا" ، وحرم على اليهود دخولها. وبعد انتهاء عهد هادريان ، زاد باطراد عدد المسيحيين  المقيمين في القدس.ومع اعتناق الامبراطور قسطنطين الأول للمسيحية (توفي سنة 337م) وزيارة أمه الملكة هيلانة للقدس سنة 320م، بدأ طابع القدس وفلسطين المسيحي يغلب على طابعها الوثني. وشيّد قسطنطين نفسه كنيسة القيامة، ودأب خلفاؤه ـ ولاسيما جستينيان (توفي سنة 565م)  على الإكثار من بناء الكنائس والنصب المسيحية في فلسطين . سمح البيزنطيون لليهود بدخول القدس يوما واحدا في السنة فقط، للبكاء قرب حجر كان لا يزال باقيا في موقع المعبد. لكن البيزنطيين أبقوا على الموضع أجرد موحشا ، إكراما لما كان قد تكهن به المسيح عليه السلام (إنجيل متى 2:24).

الإسلام والأمويون
قبل وقت طويل من ظهور الإسلام في القرن السابع ، كان قد حدث تمازج متصل بين المسيحيين في فلسطين والسكان العرب (وكان العديد منهم من المسيحيين أيضا) الى الجنوب  والشرق. وكان النبي محمد ، صل الله عليه وسلم ، وأتباعه يتجهون أول الأمر عند اقامة الصلوات ناحية القدس لا مكة. وقد أُسريَ بالنبي من مكة الى القدس، ومنها عرج الى السماء. وحتى يومنا هذا يحتفل العالم الإسلامي بأسره سنويا بهذه الرحلة الاعجازية لنبي الله ، وذلك في ليلة السابع والعشرين من رجب. وبعد قرون طويلة من هذا الحدث الفريد اصبح موضوع الاسراء مصدر إلهام للشاعر الايطالي دانتي (Dante)، الذي استند اليه عند كتابه "الملهاة الالهية".

وقد استولى العرب على القدس من البيزنطيين سنة 637م. وأعرب عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، عن احترامه للمدينة بأن تقبل بنفسه استسلامها ، وعامل أهلها برأفة واعتدال متميزين، وكتب لهم وثيقة أمان عرفت فيما بعد بالعهدة العمرية، أعطاهم فيها "امانا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم… فمن خرج منهم فهو آمن على نفسه وماله… ومن أقام آمن.."  وشهد على ذلك خالد بن الوليد ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان. وفي هذا يقول السير وليم فيتز جيرالد ( Fitzgerald  sir William) : "لم يحدث قط في التاريخ المؤسف للفتوحات حتى تاريخ فتح القدس ، ونادرا منذ ذاك ، ان أظهر فاتح تلك المشاعر النبيلة السخية التي أظهرها عمر للقدس." (2) وقد اهتم عمر ، بنفسه ، بتحديد الأماكن التي ارتبطت بإسراء النبي ومعراجه ، وتم بصعوبة تحديد موقع الصخرة التي عرج منها نظرا الى أنها كانت مدفونة تحت أكوام من المخلفات، وأخذ يزيل هذه المخلفات بيديه ولما تم تنظيفها وتطهيرها أمّ المصلين بالقرب منها في جمع غفير من الصحابة والأنصار. ودعا بلال،  مؤذن الرسول ، الى الصلاة. وكانت تلك أول مرة يؤذن فيها للصلاة بعد وفاة النبي ، صل الله عليه وسلم. وأمر عمر بتعيين عبادة بن الصامت ، وكان من الصحابة الذين حضروا ذلك الاحتفال ، أول قاض للقدس. وقد توفي عبادة في المدينة في أثناء شغله هذا المنصب. وكان الاسم العربي الذي أطلق على القدس هو بيت المُقدَّس، كمقابل للبيت الحرام، وأصبحت ولاية فلسطين البيزنطية ولاية إدارية وعسكرية عربية أطلق عليها اسم "جند فلسطين " منذ ذاك.

ولقيت فلسطين التشريف والتكريم من الأمويين (661-750م)  الذين كانت دمشق عاصمتهم. وكان معاوية (661-680م) ، مؤسس هذه السلالة، قد نصب نفسه خليفة في القدس. كما ان الخليفة الأموي الخامس ـ وهو عبد الملك  (685-705م) ، شيّد المسجد العظيم الذي عرف باسم مسجد الصخرة ، فوق الصخرة نفسها التي عرج منها النبي عليه الصلاة والسلام. كما شيّد الوليد بن عبد الملك (705-715م) المسجد الأقصى المجاور. ويعتبر مسجد قبة الصخرة مزيجا مدهشا من العمارة البيزنطية والفارسية والعربية ، وهو اقدم صرح اسلامي لا يزال قائما، وعرفت المنطقة المحيطة بالمسجدين باسم الحرم الشريف. وكان تفضيل الأمويين لفلسطين والقدس مدفوعا بدافع سياسي الى حد ما ، لأن مكة المكرمة والمدينة المنورة كانتا في العقود الأولى في أيد خصوم بني أمية. لكن موقف الأمويين كان له أصل أيضا فيما ورد من الحديث الشريف في ذكر ثواب الصلاة في بيت المقدس وفضل الرحال اليها. وعلى هذا ، فحتى عندما دانت مكة المكرمة والمدينة المنورة بالولاء للأمويين سنة 692م ،نصب الخليفة السابع سليمان (715-717م) نفسه على كرسي الخلافة في القدس.

كما بنى مدينة الرملة في فلسطين ، واتخذها مقرا له ، وزانها بمسجد وقصر في غاية الفخامة. وبعد وقت طويل من انتهاء عهد الامويين ، ظلت للقدس جاذبيتها، وهو ما لاحظه وسجله الرحالة الفارسي ناصري خسرو،  الذي كتب يقول بعد زيارته للمدينة سنة 1047م: "إنْ عجز أهل تلك البلاد عن التوجه الى مكة المكرمة لأداء ، فريضة الحج، فهم يذهبون الى القدس في موسم الفريضة".

العباسيون
جاء العباسيون (750 ـ 1225م)  في أعقاب الأمويين، واتخذوا من بغداد مقرا لخلافتهم. وبلغت الخلافة العباسية أوج سلطانها ونفوذها في غضون قرن من إنشائها. أما بعد ذلك ، فقد وقع الكثير من أراضي الامبراطورية تحت سلطان حكامها المسلمين، الذين كان ولاؤهم للخلافة العباسية اسميا. وظلت فلسطين ، طوال الشطر الأكبر من الفترة الواقعة بين انتهاء القرن التاسع والحملات الصليبية ، تحكم من قبل حكام مسلمين اتخذوا من القاهرة مقرا لهم.

وزار اثنان من الخلفاء العباسيين مدينة القدس ، وكانا وقتها في أوج سلطانهما . فقد قام المنصور ، ثاني الخلفاء العباسيين (754-775م)، بزيارة  القدس مرتين، وأمر بإصلاح التلف الذي حاق بالمدينة بسبب زلزال كان قد أصابها. أما المهدي ، ثالث الخلفاء العباسيين (775-785م) ، فقد زار القدس خصيصا لأداء شعائر الصلاة في المسجد الأقصى، وقد امر المأمون ، سابع الخلفاء العباسيين (813-833م) ، بإجراء ترميمات كبرى في مسجد قبة الصخرة، تحت اشراف المعتصم (833-842م) شقيقه وخلفه، الذي كان آنذاك مندوب الخليفة في سوريا. ولقد بلغ تهافت العباسيين على الاقتران بالقدس درجة دفعتهم الى سلوك سخيف تمثل في إحلال اسم المأمون مع اسم الخليفة الأموي عبد الملك في النقوش المبينة لمشيّد المسجد.

وتكثر أوصاف فلسطين في القرون التي سبقت الحملات الصليبية ، في كتابات الجغرافيين العرب والمسلمين. فقد لاحظ اليعقوبي ، و هو من خراسان ، في 891-892م ، ان "بالقدس عددا كبيرا من العرب… ونسبة معينة من غير المسلمين،  المسيحيين ،اليهود والسامريين." أما ابن الفقيه الهمذاني ، فقد حكى سنة 903م بعض الروايات عن القدس ، ووصف بالتفصيل مساجدها . كذلك قدم ابن عبد ربه (توفي سنة 940م)،وهو من قرطبة ، وصفا لمسجد قبة الصخرة ، علاوة عن النصب الإسلامي الأخرى  في القدس ، على نحو ما فعل الاصطخري (ازدهر عمله سنة 950م)، وفي اثره ابن حوقل (توفي سنة 977م)  ،وهو من أهالي القدس؛ فقد عدّد المنتوجات الرئيسية في فلسطين ، "التي كانت الحاصلات الزراعية منها وفيرة وممتازة، وهي تشمل الفواكه بأنوعها  (ومن ذلك الزيتون والتين والعنب والسفرجل والبرقوق والتفاح والبلح والجوز واللوز والعنّاب والموز)، وكان بعضها للتصدير. كذلك هناك الحاصلات التحضيرية (ومنها قصب السكر ، والنيلة ، والسماق). ولكن الموارد المعدنية مهمة ايضا: فهناك الصلصال الطباشيري … والرخام من بيت جبرين ، والكبريت الذي يعدّن من الغور [وادي الأردن]، ناهيك بالملح والقار من البحر الميت. أما الأحجار التي تكثر في البلاد فهي أكثر مواد البناء استعمالا في المدن المهمة".

واقتفاء لأثر الخلفاء ، من عمر ومن تلوه ، حج الى القدس آلاف الاتقياء والصالحين. وكان للقدس أثرها في اجتذاب أتباع الحركة الصوفية منذ بدايتها في القرن الثامن. فنجد ،مثلا ، ان رابعة العدوية (نحو 717-801) التي خصص لها المقام الأول في قائمة الأولياء المسلمين الصالحين ، والتي دعت الى "التوبة والصبر والعرفان بالجميل وخشية الخالق واختيار حياة الفقر والتوكل التام على الله سبحانه وتعالى"،  قد ارتأت ترك مدينتها البصرة في العراق ، كي تحيا وتتعبد وتموت في القدس. كما اجتذبت القدس، الى جانب الحجاج والمتصوفة ، سيلا متدفقا من العلماء والباحثين. وكان من هؤلاء كبار العارفين بالتفسير والحديث ، وسائر العلوم العقلية والنقلية ، الذين توافدوا على المدينة ليكتبوا ويحاضروا في مساجدها وعشرات المعاهد  العلمية الملحقة بها.

وكان ابو حامد الغزالي حجة الإسلام (1058-1111م) أعظم أولئك الأئمة. فهو الذي يحتل مركز الصدارة في قائمة علماء الفقه والكلام المسلمين، ومن أكثر مفكري الإسلام أصالة. فقد فضل الغزالي ان يترك عمله كمحاضر في المدرسة النظامية في بغداد سنة 1095م، ليتخذ القدس مقرا له ، حيث بدأ العمل في تحفته العظيمة "احياء علوم الدين" ، وهو كتاب جليل يسعى فيه للتوفيق بين العقلانية والصوفية والاستمساك بالشريعة. ولم يقتصر هذا الكتاب على إحياء الفقه الإسلامي ، وانما ترك أثره أيضا في الفكر اليهودي والمسيحي ، بعد ان تُرجم بعض اجزائه الى اللاتينية. كذلك اتم الغزالي وهو في القدس ـ وبطلب من تلاميذه ومريديه ـ الرسالة القدسية ، وهي موجز لأسس العقيدة الإسلامية اصبح فيما بعد جزءا من كتاب الإحياء.

وكان عمر رضي الله عنه قد سمح للمسيحيين، كما أسلفنا ، بالتعبد في كنائسهم بالقدس من دون ازعاج. والتزم من جاؤوا بعده هذه السياسة التزاما شديدا ، باستثناء ما حدث في عدد من وقائع التعصب  ضد المسيحيين في القدس سنة 966م (والتي اشترك فيها اليهود مع المسلمين)، وأيضا في سنة 1009م . غير ان قيام المسيحيين بالحج الى الأماكن المقدسة استمر بلا انقطاع. ووافق الخليفة العباسي ، هارون الرشيد ، (786-809م) على طلب شارلمان إقامة نزل للحجاج المسيحيين  في فلسطين ، كما سمح للراهبات بالخدمة الدينية في القدس.

وكان اليهود قد منعوا من العيش في القدس ، بقرار من الرومان في عهد هادريان ، ثم بأمر من البيزنطيين المسيحيين . وأغلب الظن ان يكون الأهالي المسيحيون قد طلبوا من عمر ، خلال تفاوضهم في امر تسليم المدينة له ، إدراج فقرة في عهدته تنص على منع اليهود من الاقامة في القدس. غير ان خلفاء عمر خرجوا عن شروط المعاهدة، فيما يختص باليهود، وبدأوا  ـ بالتدريج ـ يسمحون لهم بالاقامة في المدينة. والظاهر ان أول ذكر لوجود معبد يهودي في القدس هو ما ورد في كتاب ناصري خسرو سنة 1047م .

الحروب الصليبية  والحملات المضادة لها
انقطع تسلسل الحكم العربي والإسلامي لفلسطين بتأثير الغزو الصليبي ، وإقامة مملكة القدس اللاتينية (1099-1187م) . لكن الحملات المضادة للصليبيين ، بقيادة السلطان صلاح الدين الأيوبي (توفي سنة 1193م)  وخلفائه ، استمرت حتى سنة 1291م، حين استرد المسلمون آخر المعاقل الصليبية في قيصرية وعكا . وقد قام الصليبيون ، بعد دخولهم القدس ، بتعذيب واحراق وذبح الآلاف من المسلمين العزّل (من الرجال والنساء والاطفال)، فضلا  عن العدد القليل من الأهالي اليهود الذي التجأوا الى معبدهم. وبالمقارنة بذلك ، نجد ان دخول صلاح الدين الى القدس (1187م) ، وهو في اوج قوته العسكرية ، قد اتسم بالتوقير والإجلال للمدينة، وبالعطف والرأفة على سكانها المسيحيين ، على نحو ما اظهره عمر قبل خمسمئة سنة. وكما قال ستانلي لين ـ بول (Stanley Lane Poole):  "لئن كان استرداد القدس هو الشيء الوحيد الذي يعرف به صلاح الدين ، فهو امر كاف للتدليل على انه كان أكثر فاتحي عصره ، وربما العصور كافة ، فروسية ورحابة صدر" .

وكانت أولى المهمات التي قام بها صلاح الدين ، بعد دخوله القدس ، تطهير قبة الصخرة والمسجد الأقصى مما علق بهما من دنس. وعلى مدى اسبوع كامل ، ظل وجهاء القوم وعامتهم يعملون ،جنبا الى جنب ، لغسل الجدران والأرضيات ورشها بماء الورد. وأعيدت الى اقارب وأسلاف الأهالي المسلمين في القدس (الذين أصبحوا لاجئين بسبب الفتح الصليبي للمدينة) ممتلكاتهم. وفي الحالات التي لم تعرف فيها هوية المالكين، سلمت المباني الى العشائر العربية المعروفة.  وأدخل صلاح الدين  نظام "المدرسة" في القدس ، وأوقف مالا على مدرسة من هذه المدارس عرفت باسمه ،وهي الصلاحية. كذلك اوقف مالا على مستشفى ورباطين للعلماء والمتصوفة. أما الجنود الذين استشهدوا في حملته ، فقد دفنوا بأمره  خارج بوابة الرحمة عند الجانب الشرقي للحرم الشريف. وفي سنة 1193م، شيّد الأفضل بن صلاح الدين مسجد المغاربة بالقرب من بوابة المغاربة، عند الجانب الغربي من الحرم. وكانت تلك هي البقعة التي قيّد فيها النبي محمد ، عليه الصلاة والسلام ، مطّيته "البراق" بعد إسرائه. وأوقف  الأفضل الأرض الواقع  الواقعة خارج البوابة على المسجد ، لخدمة الحجيج والعلماء والمجاورين من بلاد الغرب.

وسمح صلاح الدين وخلفاؤه الأيوبيون للمسيحيين بالاقامة في القدس ، وممارسة شعائرهم الدينية فيها. وفتحت أبواب المدينة أمام الحجج المسيحيين من أوروبا ، وإنْ ظل الخوف يعتمل في النفوس قرونا طويلة، من احتمال ان يفكر الافرنجة في احتلال المدينة ثانية. وكان عدد اليهود المقيمين في القدس ، في عهد الصليبيين ، قد تضاءل الى شخص واحد ، وهو صبّاغ ، كتب عنه الحاخام بتاحيا الريجنزبيرغي (Pethahiag of Regensburg) (نحو 1177م). أما صلاح الدين وخلفاؤه ، فقد أحيوا الوجود اليهودي في القدس. والواقع ان الديار الإسلامية جميعا قد اصبحت ـ بعد انهيار الفتح الصليبي ـ موئلا لليهود من أوروبا . وكان ذلك على عكس مسلك الصليبيين الذين كانوا مناهضين للسامية والاسلام.

وأثارت الحرب الصليبية والحملات المضادة لها اهتماما كبيرا بفلسطين ، من جانب المسلمين والعرب ؛  وهو اهتمام اتخذ ثلاثة أشكال : الأول ظهور عدد كبير من الكتاب والشعراء الذين تغنّوا بالمغزى الديني للقدس وقيمتها، في نطاق نوع جديد من الانتاج الأدبي ـ الديني عرف باسم كتب الفضائل. وكان مضمون هذه الأعمال الاشادة بفضل الصلوات التي تؤدي في القدس ، وبمزايا  الحج اليها او الاقامة او الوفاة فيها. ولم تكن القدس المدينة الفلسطينية الوحيدة التي اختيرت لتوقيرها. فقد ابرز الكتاب والشعراء والمتصوفة الأضرحة والمقامات والمزارات الإسلامية في أنحاء اخرى من فلسطين (ومن ذلك قبر هاشم ، جد الرسول عليه الصلاة والسلام، في غزة) ، فضلا عن المواقع المرتبطة بالأنبياء والأولياء والصالحين ، مثل القبور او المواضع التي كان يضن ان الأنبياء قد ولدوا فيها ، او زاروها ، أو سكنوها ، او دفنوا فيها ، او ظهروا للبعض فيها بالمنام. أما الشكل الثاني لاهتمام العرب والمسلمين بفلسطين ، فقد تمثل في تضاعف عدد رحلات الحج والزيارات لها ، بحيث اصبحت تلك ظاهرة منتظمة واسعة الانتشار في المنطقة . كذلك اشتدت المنافسة، بين السلاطين والحكام والأمراء المسلمين وكبار القوم الأثرياء ، في بناء المؤسسات العامة، كالمدارس والرُبُط والزوايا والأنزال والسبل والمستشفيات والحمامات ، وأوقفوها جميعا ، وخصصوا للانفاق عليها من عوائد المزارع والمتاجر الأموال الوفيرة.

ولم يكن اهتمام المسلمين والعرب بفلسطين نزوة عابرة كردة فعل للتهديد الصليبي. ففي أثناء القرنين السابع عشر ميلادي والثامن عشر ميلادي مثلا ، أي بعد دحر الصليبيين بمئات السنين، اتخذ هذا الاهتمام شكلا جديداً. فقد اصبح الحج الى القدس من المبادئ الأساسية لكثير من طرائق الصوفية. وبات مسجد قبة الصخرة في القدس ملتقى لشيوخها وأتباعهم ، يأتونه من دمشق والقاهرة وغيرهما من المدن ، ليختلوا في جواره ويلتقوا مريديهم عنده. وكانت تقام هناك حلقات الذكر وتلاوة الأوراد ، تردد خلالها صفات الله ومدائح نبيّه بتنويعات تبتعث حالة من الوجد عند موقع الإسراء والمعراج ذاته تصور المتصوفون أنها تحاكي حالة النبي عندما عرج الى السماء ، ذلك بأن اهل الطرائق نظروا الى المعراج على انه رمز لانطلاق الروح من إسارها الجسدي.

فلسطين في عهد المماليك
انتقل النفوذ والسلطان ، سنة 1260م، من ايدي الأيوبيين خلفاء صلاح الدين ، الى ايدي المماليك سلاطين مصر ، ومنذ ذاك الحين حتى الفتح العثماني لمصر سنة 1517م، ظلت فلسطين جزءا من دولة المماليك . وكان المماليك هم الذين طردوا آخر الصليبيين من فلسطين ، وهم الذين هزموا جحافل المغول بقيادة هولاكو ، حفيد جنكيز خان ، سنة 1260م ، في موقعة عين جالوت قرب الناصرة فأنقذوا البلاد من دمار محقق. وقد ظل "جند فلسطين " ـ وهو الوحدة الادارية التي كان الخليفة عمر رضي الله عنه قد أنشأها ـ على ما هو عليه ، باستثناء فترة احتلال الصليبيين لأراضي فلسطين . وقد نظم المماليك إدارة البلاد ، بتقسيمها الى ستة اقضية هي : غزة ، واللد ، وقاقون ، والقدس ، والخليل ونابلس . وظلت هذه الأراضي، الواقعة غربي نهر الأردن ، بمثابة مفترق طرق رئيسي يربط القاهرة بدمشق وحلب ، لا يعبره التجار فحسب  ، وانما يمر به الاداريون والحجيج والرسل والجند والعلماء.

وقد منح المماليك القدس مزايا خاصة ؛ فقد خفف الكثير من السلاطين ضرائبها ، او قدموا المصاحف الرائعة لمساجدها ، في حين قام معظمهم ببناء المدارس والرُبط والزوايا والقناطر ، وبإصلاح وترميم الأورقة والمآذن. فقد بني السلطان بيبرس (1260-1277م) خانا او نزلا للتخفيف عن الفقراء، كما أعاد السلطان الأشرف قايتباي  (1468-1495م)  بناء مدرسة ما زالت تحمل اسمه ، وهي الأشرفية . وأشار الجغرافيون المسلمون ، مرات متكررة في كتاباتهم ، الى فلسطين والقدس خلال هذه الفترة ، وكان منهم ياقوت (1179-1229م) من منطقة الأناضول ، وأبو الفدا (1273-1332م) ، وهو من أسلاف شقيق صلاح الدين فضلا عن ابن بطوطة (1304-1977م) وكان من طنجة. وروى أولئك الكتّاب ما ورد من إشارات عن القدس في القرآن الكريم والحديث، ووصفوا مساجدها وأحرامها ومدارسها وأسواقها وأنزالها ومؤسساتها الدينية . ولعل من اهم الكتابات التي ظهرت عن القدس والخليل ، كتاب "الانس الجليل بتاريخ القدس والخليل " للقاضي مجير الدين ابي اليمين الحنبلي (1455 ـ 1520م) ، وهو كتاب جامع لتاريخ القدس ومؤسساتها وحكامها ، ولمن أمّها او دفن فيها من الصحابة والأنصار والأولياء وكبار العلماء والأمراء.

العثمانيون
أصبحت منطقة غرب آسيا  بأكملها جزءا من الامبراطورية العثمانية ، منذ سنة 1516م حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. وتشهد المباني العظيمة للجدران المحيطة بالمدينة القديمة في القدس ، والتي أقامها السلطان العثماني سليمان القانوني (1520-1566م)، على مكانة القدس في نظر العثمانيين. ومن الدلائل المهمة ، أيضا الوقف الذي خصصته سنة 1552م خسكي سلطان، زوجة سليمان والمفضلة لديه. فقد شيّدت مجمعا في القدس  ابتغاء "رضا الله سبحانه وتعالي ، من أجل الفقراء والمحتاجين ، والضعفاء والمحزونين" ، ضم تكّية "لها خمسة وخمسون بابا" ، ونزلا ومطبخا عاما ومخبزا واسطبلات ومخازن. ونصّت حجة الوقف على عدد الموظفين المطلوبين لإدارة هذا المجمع ، من خدم وكتبة وطهاة  (ومتدربين ) ومفتشي أطعمة وغسالي  صحون وطحّانين وعمال وجامعي قمامة. ووصفت حجة الوقف بالتفصيل نوع الوجبات التي تقدم ، والعناصر الغذائية المستخدمة ،والكميات التي يتعين طهيها. ورصد الوقف لصيانة المبنى عوائد تحصّل من ثلاث وعشرين قرية فلسطينية ، علاوة على عوائد تجلب من قرية في شمال لبنان، ومن متاجر ومصانع صابون في طرابلس. وقد ظل مطبخ خسكي سلطان ومخبزها يعملان طوال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين.

وواصل العثمانيون، بحرص شديد، تطبيق الأساليب الإسلامية نفسها في التسامح والاعتدال تجاه المصالح الدينية المسيحية في فلسطين . وتم الاعتراف ببطريكية الروم الأورثوذكس في القدس ، في القرن السادس عشر ، باعتبارها القيّمة على الأماكن المقدس. وأصبحت فرنسا ، في الوقت نفسه  تقريبا ، راعية الرهبان الكاثوليك. وفتحت الامبراطورية العثمانية أبوابها ـ شأنها في ذلك شأن سائر أنظمة الحكم الإسلامية السابقة عليها ـ أمام مئات الآلاف من اللاجئين اليهود ، الذين فروا من الاضطهاد الديني المسيحي في اسبانيا وغيرها من دول العالم المسيحي . لكن الأغلبية العظمى من هؤلاء اليهود سلكت مسلك أسلافها في القرون الماضية بعد الحروب الصليبية وفضلت الا تعيش في فلسطين ذاتها. ومن هنا هبط عدد اليهود ، في القدس مثلا في القرن الأول للحكم العثماني من 1330 شخصا سنة 1525م الى 980 شخصا سنة 1587، وانخفض عددهم في القرن التالي الى 150 شخصا سنة 1688م، واستمر في الانخفاض الى ان بلغ 115 شخصا في منتصف القرن الثامن عشر . وحتى بحلول القرن التاسع عشر ، لم يستفد إلا قلة من اليهود من فرصة الاستقرار في فلسطين . أما الذين اختاروا العيش فيها ، فقد اقتصرت اقامتهم على مدن اربع هي : القدس ، والخليل وصفد وطبرية. ووضع العثمانيون طائفة من الأحكام واللوائح ، تضمنت حقوق اليهود والمسيحيين وواجباتهم في ممارسة شعائرهم الدينية في مزاراتهم ، واستندت هذه الأحكام الى العرف والى الحقوق التي اقر بها الحكام المسلمون منذ العهدة العمرية .

ولم يعرقل العثمانيون نشاط التجار الأوروبيين في مدن فلسطين الساحلية. وكانت الحاصلات الزراعية والمنتوجات الصناعية في المناطق الداخلية من البلاد ، تصدر الى أوروبا عبر موانئ غزة وعكا ويافا. كذلك استمرت طرق التجارة البرية مفتوحة بين سوريا ومصر عن طريق فلسطين ، في حين التقت طرق الحج الى مكة المكرمة (سواء من القاهرة او دمشق او غيرهما)  في بلدة العقبة الفلسطينية . وبحلول منتصف القرن التاسع عشر ، كانت دول اوروبية كثيرة قد فتحت لنفسها قنصليات في فلسطين . وخلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، بدأت البعثات التبشيرية المسيحية ، من كاثوليكية وبروتستانتية ورومية أورثوذكسية ، تتغلغل  بمدارسها ومستشفياتها ومطابعها وأنزالها. وفي سنة 1892 ، أكملت شركة فرنسية بناء خط حديدي يصل ما بين يافا والقدس . وكانت فلسطين ، قياسا بجميع الولايات العربية في الامبراطورية العثمانية ـ باستثناء القطاعات المارونية من جبل لبنان ـ أكثر المناطق انفتاحا على أوروبا المسيحية.

لكن هذا الانفتاح كانت له سيئاته أيضا ، ولا سيما مع الاضمحلال التدريجي لسلطة العثمانيين السياسية والعسكرية. فقد ادت الثورة الصناعية ، والتغلغل الاقتصادي الأوروبي الى توجيه لطمة كبرى للحرف والصنائع المحلية ، والى ممارسة ضغط سياسي متزايد على الآستانة. ومن مظاهر هذا الضغط اقامة نظام من الامتيازات الأجنبية (Capitulations)  يعطي الأجانب ، الزائرين او المقيمين ، وحتى من اكتسب الجنسية الأجنبية من المواطنين ، أنواع الحصانة تجاه السلطات الادارية والقضائية العثمانية. ولقد استفاد أكثر من استفاد من هذه الامتيازات أوائل المهاجرين الصهاينة الى البلاد.

وفي عام 1887-1888 ، قسمت المنطقة التي عرفت فيما بعد بفلسطين تحت الانتداب ، الى ثلاث وحدات إدارية هي : سنجق القدس ، الذي كان يتألف من نصف أراضي البلاد في الجنوب ، وسنجقا نابلس وعكا في الشمال . قد ألحق السنجقان الشماليان بولاية بيروت . أما سنجق القدس ، فقد تم حكمه من الآستانة مباشرة ، نظرا الى اهميته للعثمانيين. أما شرق الأردن ، فكان منفصلا إداريا عن سناجق فلسطين ، وملحقا بولاية سوريا ، وعاصمتها دمشق.وفي ذلك الوقت كان تعداد سكان السناجق الفلسطينية الثلاثة 600000 نسمة تقريبا ، منهم  نحو 10 %  من المسيحيين والباقي من المسلمين السنة في معظمهم. وكان عدد اليهود نحو 25000 شخص نصفهم من المتدينين الذين كانوا يكرسون حياتهم للصلاة والتعبد ، ويتعمدون الابتعاد عن التوظف او التجارة او الزراعة.  أما سائر اليهود فلم يكونوا من المواطنين العثمانيين، بل من حملة جنسيات اجنبية تتمتع بحماية نظام الامتيازات الذي ذكرنا. وحتى ظهور الصهيونية كانت العلاقات بين الفلسطينيين واليهود مستقرة ومسالمة ، يدعمها أكثر من ألف سنة من التعايش والعداء المشترك للغير.

ومما ساهم في مناخ التسامح والاعتدال ، ذلك التوقير الذي كان يشعر به المسلمون تجاه الأنبياء كافة ، وهو شعور تأصل في حالة فلسطين بسبب تقاليد الحج الى المقامات الدينية كما ذكرنا. وكان المسلمون الفلسطينيون أكثر من غيرهم شعورا بهذا الاحترام والتوقير، لأنهم كانوا يعيشون على مقربة من المواقع المقترنة بأولئك الأنبياء . وكانت المساجد والمزارات الإسلامية التي تكرم الأنبياء العبرانيين ، وتحمل أسماءهم باللغة العربية ، من السمات العادية في الحياة الفلسطينية العامة. ولعل من الأمور الفريدة وسط المسلمين ، مسلك الفلسطينيين في الاحتفال بالاعياد الدينية التي تكرم الأنبياء العبرانيين. ويتضح التسامح نفسه في مواقف المسلمين الفلسطينيين من رفاقهم المسيحيين، وهي علاقات خلت من التوتر بصورة ملفتة للنظر (على عكس الأوضاع التي سادت في دول عربية مجاورة). وليس مصادفة ان يعهد مختلف الطوائف الدينية المسيحية في القدس بمفاتيح كنسية القيامة الى اسرة فلسطينية مسلمة.

ومع ان الفلسطينيين كانوا يفاخرون بتراثهم العربي ، الا انهم كانوا يعتبرون انفسهم منحدرين لا من صلبة الفاتحين العرب في القرن السابع فحسب ، وانما أيضا من شعوب متوطنة عاشت في تلك البلاد منذ الأزل،  ومنها العبرانيون القدامى والكنعانيون قبلهم. ورأى الفلسطينيون انفسهم ،وهم المدركون إدراكا واعيا لتفرد التاريخ الفلسطيني ، انهم ورثة كل هذه الروابط والعلاقات. وكان ولاؤهم السياسي للآستانة، لأن السلطان العثمانية  كان الخليفة ورأس الأمة الاسلامية، ولأنهم شعروا بشعور المواطنين لا بشعور رعايا الدولة. وقد اشتقوا شعورهم بالمواطنة من حقيقة ان الاتراك العثمانيين لم يستعمروا قط الولايات العربية، بمعنى الاستيطان فيها على حساب أهل البلاد. ومن ثم اكتسبت صفة "العثمانية" بين العرب صفة المشاركة بينهم وبين الأتراك في نطاق دولة واحدة، لا صفة الهيمنة من قبل مجموعة عرقية على اخرى . ومع ذلك ، توترت العلاقات بين مختلف المجموعات العرقية داخل الامبراطورية ، خلاف الفترة الواقعة ما بين نهاية القرن والحرب العالمية الأولى، وذلك بتأثير الشعور القومي الأوروبي؛ فقد تأثر العرب والأتراك معا بهذا المناخ العام ، الذي عزز جاذبية الهوية الثقافية والسياسية المتميزة لهذا الجانب وذاك. ومن المؤثرات الأخرى القوية في الاتجاه نفسه ، نهضة العرب الفكري والأدبية ، التي تبلورت عند نهاية القرن التاسع عشر ، وشعّ أثرها من القاهرة ودمشق وبيروت.

وكان اعلان الدستور العثماني الجديد سنة 1876(على الرغم من قصر عمره ) مدعاة الى إجراء أول انتخابات لانشاء مجلس نيابي عثماني ، انضم اليه مندوبون من مختلف الولايات العربية ، ومنهم فلسطينيون  من القدس . (ومما يلفت النظر ان يحتل فلسطينيون مقاعدهم في المجلس النيابي في الآستانة ، قبل عشرين عاما من عقد الصهاينة أول مؤتمر لهم في بال سنة 1897).
أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 1(10)أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 2(9)
كذلك عُينّ العرب ، ومنهم الفلسطينيون ، في مناصب عليا ، لا في سلك الخدمة المدنية او السلك الدبلوماسي او الهيئة القضائية او الجيش فحسب ، وانما كوزراء  في الحكومة العثمانية أيضا. وساعدت ثورة حزب الاتحاد والترقي العثماني سنة 1908، التي جاءت بالاصلاحيين الى الحكم، في إثارة آمال العرب والفلسطينيين ، وأنعشت الحوار السياسي والنشاط الفكري الذي تمثل، في فلسطين بظهور العديد من الصحف والمنشورات الجديدة. وانتخب مندوبون عن القدس ويافا ونابلس وعكا وغزة ، لحضور المجلس النيابي العثماني في سنتي 1908 و1912. لكن الاصلاحات العثمانية لم تتمكن من التغلب على تدهور العلاقات التركية ـ العربية ؛ فقد رغب كثيرون في الحصول على قدر أكبر من السلطة ، ودعا البعض الى تطبيق نظام اللامركزية ، في حين تحدث آخرون عن الوحدة العربية والثورة والاستقلال.

 بدء الغزو الصهيوني والحرب العالمية الأولى
خلال الثمانينات من القرن الماضي ، حدث تطور مهم في أوروبا الشرقية، وبدأ يلقي ظلاله الثقيلة على مستقبل الفلسطينيين . فقد ادت ظاهرة الشعور القومي الأوروبي ، والاستعمار ، الى بلورة حركة سياسية يهودية عرفت باسم الصهيونية ، وانتشرت في أوساط المثقفين اليهود من ابناء شرق أوروبا. وكان الصهاينة يحنون الى الفكاك من وضعهم كأقلية في المجتمعات الأوروبية ، ومن الخطر المزدوج للاضطهاد والاندماج. ورأوا ان الحصول على ارض يقيمون عليها دولة يهودية ذات سيادة، هو السبيل الأمثل لتحقيق هذا الهدف. ونُظر الى الارتباط اليهودي القديم بفلسطين ، والتعلق الديني بها ، كمبرر لاختيارها موقعا لهذه الدولة ، وانْ اعرب بعض الصهاينة الأوائل عن استعدادهم للتفكير في مواقع بديلة.

وكان القرار الصهيوني الذي اتخذ في أواخر القرن التاسع عشر ، باستعمار فلسطين لتحويلها الى دولة يهودية ـ بغض النظر عن وجود أهلها الأصليين ورغباتهم ، مدعاة الى بدء الطور الحديث المضطرب من تاريخ فلسطين ؛  وهو طور مازالت عواقبه ومضاعفاته ماثلة أمامنا اليوم. وكان الطريق الذي اختطه الصهاينة كفيلا بأن يؤدي الى الصراع والمآسي ، وهي نتيجة تكهن بها بعض زعماء الصهاينة انفسهم. ففلسطين ،كما رأينا ، لم تكن أرضا خالية؛ فقد عاش سكانها في نحو عشرين مدينة وبلدة،ونحو ثمانمئة قرية ونجع ، ذات مبان مشيّدة بالحجر. وفي حين كان الاهالي في معظمهم يرتزقون من العمل بالزراعة ، كان أهل المدن يشتغلون بالتجارة والحرف التقليدية. كما كان البعض يعمل في سلك الخدمة المدنية ومختلف المهن. وكان معظم أثرياء المدن من ملاك الأراضي، لكن بعض أفراد الأسر العريقة كان يعمل أيضا في المناصب العليا لجهاز الدولة والقضاء والوظائف المهنية. وكان الفلسطينيون ـ من مسيحيين ومسلمين ـ يشكلون مجتمعا عزيز النفس حيوي النشاط ، تجاوز عتبة النهضة الفكرية والوطنية التي بدأت تعم الأقطار العربية  في النصف الثاني من القرن التاسع عشر . كذلك كان الفلسطينيون يشاركون أبناء هذه الأقطار في قيمهم الثقافية والسياسية . وطوال قرون عدة كانت لهم صلاتهم التجارية بأوروبا، كما كانت لهم علاقاتهم بالأوروبيين الذين كانوا يزورون فلسطين كحجيج مسيحيين للتبرك بالأماكن المقدسة. كذلك تعرض أهل فلسطين ، طوال عشرات السنين ، لمؤثرات التحديث ، كنتيجة للنشاط التربوي والطبي للبعثات المسيحية ، الأوروبية منها والأميركية ، فضلا عن خدمة العديد منهم في الولايات الأوروبية من الامبراطورية العثمانية.

ولقد كان الفلسطينيون متأصلين في بلادهم عشية المغامرة الصهيونية، شأنهم في ذلك شأن أي مواطنين في أي بلد آخر. ولعل مجموعة الصور الفوتوغرافية المعاصرة لتلك الفترة ، والتي أبدعتها عدسة فيليكس بونفيس (1831-1885)  وولده ادريان (1860-1929)  ، هي خير شاهد على ذلك. ولا تقل عن ذلك بلاغة براهين الفنانين والرسامين الأوروبيين الذين زاروا فلسطين قبل ظهور الصهيونية، مثل : وليم هنري بارتلت (1809-1854)، وديفيد روبرتس (1796-1864)، وادوارد لير (1812-1888)، ووليم هولمان هنت (1827ـ 1910) . ولا بد من ان يقال ، قبل هذا وذاك ، ان تظلم الفلسطينيين وغيرهم من أبناء  الأقطار العربية الرئيسي ضد الدولة العثمانية ، انما تمثل في رغبتهم في اعتراف العثمانيين  بالمزيد من الحقوق وبتمكينهم من تحمل قدر اوفر من مسؤوليات الحكم ، وما كان لهم بالتالي ان يرضوا بالبرنامج السياسي الصهيوني الذي انطلق أساسا من رفض حقهم الطبيعي في أرض آبائهم وأجدادهم .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918   أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 Emptyالجمعة 25 مايو 2018, 9:46 pm

[rtl]أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918[/rtl]

وقد تأسست أول مستعمرة صهيونية في فلسطين سنة 1878، وبدأت  طلائع المهاجرين الصهاينة تصل سنة 1882 . وفي السنة نفسها ، بدأ البارون إدموند دي روتشيلد، وهو مليونير يهودي فرنسي ، حملة تأييده للاستعمار اليهودي في فلسطين . وفي سنة 1896، أنشأ البارون موريس دي هيرش ، وهو مليونير يهودي ألماني ، "رابطة الاستعمار اليهودي " في فلسطين ، في حين نشر تيودور هيرتسل ـ وهو يهودي مجري ـ كتابه المسمى "الدولة اليهودية"؛ وهو عبارة عن بحث دمج فيه الأفكار الصهيونية السائدة وقتها، وحدد برنامجا لتنفيذها. وفي السنة التالية ، دعا هيرتسل الى عقد المؤتمر الصهيوني الأول في بال بسويسرا ، الذي تمخض عن انشاء المنظمة الصهيونية العالمية ؛ وهي الاطار التنظيمي الذي احتوى العمليات والتحركات الصهيونية اللاحقة كافة. وفي سنة 1901، أُنشئ الصندوق القومي اليهودي في لندن، للحصول على أراض في فلسطين تدخل الحيازة اليهودية ولا تخرج منها أبدا ، ولا تستخدم فيها إلا الأيدي العاملة اليهودية. وفي الفترة الواقعة بين الثمانينات من القرن الماضي وسنة 1914، كان قد أُنشئ ثلاثون مستعمرة صهيونية تقريبا. وما ان حلت سنة 1914 حتى كان مجموع السكان اليهود في فلسطين قد بلغ نحو ثمانين ألفا ، وإن احتفظت الأغلبية بجنسياتها الأوروبية.

وظهرت الأطوار الأولى للنشاط الصهيوني في فلسطين على الرغم من الاعتراض والرفض المتزايدين من قبل الفلسطينيين.
وحاولت السلطات العثمانية ، مرارا وتكرارا ، فرض تشريعات مقيدة للهجرة الصهيونية الجماعية ، ولشراء الأراضي، لكن جهودها أُحبطت بسبب ضغط الدول الأوروبية، وفساد الموظفين الأتراك المحليين انفسهم، وطمع بعض ملاك الأرض الأفراد ، وبراعة الصهاينة في استغلال نظام الامتيازات الأجنبية. وظهرت بشائر التوتر بين الفلسطينيين واليهود نتيجة لبرنامج الاستعمار ، وما أعلنه المهاجرون الصهاينة الأوروبيون من أغراض سياسية. وقامت المؤسسات الصهيونية بشراء ضياع واسعة ، من ملاك الأرض الاقطاعيين الغائبين في بيروت ،وذلك من دون اعتبار للمستأجرين  والمزارعين بالمشاركة من الفلسطينيين.
 أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 3(7)أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 4(2)
وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى تحالفت بريطانيا مع أولئك العرب الذين كانوا غير راضين عن الحكم العثماني. وقد أمل الشريف حسين بأن يكسب الوحدة والاستقلال للعرب عند انتهاء الحرب ، جزاء تعاونه مع بريطانيا والتحالف الغربي ضد الآستانة. وفي تموز/ يوليو 1915، دخل الشريف حسين في مراسلات بنية طيبة مع السير هنري مكماهون ، المفوض السامي البريطاني في مصر. وعند انتهاء هذه المراسلات سنة 1916 ، فسّر العرب مراسلات حسين ـ مكماهون على اساس اعتراف بريطانيا ـ في تسويات ما بعد الحرب ـ باستقلال دولة عربية متحدة تتألف من الولايات العربية في الامبراطورية العثمانية، ومنها فلسطين. على انه بحلول أيار / مايو 1916 ، كانت بريطانيا وفرنسا وروسيا قد توصلت الى اتفاق سري ، تقرر بموجبه تدويل الجزء الأكبر من فلسطين .

وكان من التطورات ذات المغزى بالنسبة الى المستقبل ، صدور خطاب سري في تشرين الثاني / نوفمبر 1917، عن آرثر جيمس بلفور وزير الخارجية البريطاني ، الى البارون ليونيل وولتر دي روتشيلد ـ وهو صهيوني بريطاني ـ يتعهد فيه بتأييد بريطانيا لاقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين . وكانت هذه الوثيقة بمثابة الحد التاريخي الفاصل في تطور الحركة الصهيونية. ووقعت القدس في يد القوات البريطانية وقوات الكومنولث بقيادة الجنرال أللنبي في كانون الأول / ديسمبر 1917. أما بقية أنحاء فلسطين فقد احتلت بحلول شهر تشرين الأول / اكتوبر 1918؛ وبذا فتح الطريق على وسعه أمام تحقيق الفكرة الصهيونية.


التسلسل الزمني للأحداث

1876
إصدار الدستور العثماني
1876/1877
انعقاد أول مجلس نيابي عثماني في ألآستانة، وحضور أول مندوبين فلسطينيين من القدس انتخبوا لهذا البرلمان
1878
إنشاء أول مستعمرة صهيونية في فلسطين ، وهي مستعمرة بتاح تكفا.
1881
تشرين الثاني / نوفمبر: الحكومة العثمانية تعلن الإذن لليهود الأجانب في الاستيطان بجميع أنحاء الامبراطورية العثمانية ، باستثناء فلسطين
1882
البارون إدموند دي روتشيلد ، المليونير الفرنسي ،يبدأ الدعم المالي لعملية الاستعمار اليهودي في فلسطين.
 
أول موجة من موجات الهجرة الجماعية الصهيونية تبدأ بالوصول الى فلسطين
 
عدد اليهود في فلسطين يصل الى 24000 نسمة
 
تموز/ يوليو: الحكومة العثمانية تتبع سياسة تسمح للحجيج ورجال الاعمال اليهود بزيارة فلسطين من دون الاستيطان فيها.
 
كانون الأول/ ديسمبر: الحكومة العثمانية تبلغ الى الزعماء اليهود في الآستانة أنها تعتبر الاستعمار الصهيوني في فلسطين مشكلة سياسية.
1884
آذار / مارس: الحكومة العثمانية تقرر إغلاق الباب أمام رجال الأعمال من اليهود الأجانب الراغبين في زيارة فلسطين ، مع السماح للحجيج اليهود فقط بالدخول.
1888
أيار/ مايو: الدول الأوروبية تضغط على الحكومة العثمانية للسماح لليهود الأجانب بالاستقرار في فلسطين ، شرط ان يفعلوا ذلك فرادى لا جماعات.
1891
البارون موريس دي هيرش ، المليونير اليهودي الألماني ، يؤسس رابطة الاستعمار اليهودي.
 
السلطان العثماني عبد الحميد الثاني يعرب عن مخاوفه من منح الجنسية العثمانية للمهاجرين اليهود في فلسطين ، "لئلا يؤدي ذلك الى إقامة حكومة يهودية في القدس".
1892
تشرين الثاني / نوفمبر: الحكومة العثمانية تمنع بيع أراضي الدولة لليهود الأجانب في فلسطين.
1893
نيسان /ابريل : الدول الأوروبية تضغط على الحكومة العثمانية للسماح لليهود ، المقيمين بصورة قانونية في فلسطين ، بشراء الأراضي فيها شرط ألا يقيموا أية مستعمرات عليها.
1896
رابطة الاستعمار اليهودي تبدأ عملياتها في فلسطين .
 
صدور كتاب " الدولة اليهودية" للزعيم الصهيوني المجري تيودور هيرتسل ، وفيه يدعو الى إقامة دولة يهودية في الأرجنتين او فلسطين.
 
السلطان عبد الحميد الثاني يرفض اقتراح هيرتسل منح فلسطين لليهود ، ويقول : "لا استطيع ان أفرط في أي جزء (من الامبراطورية )… ولا أوافق على تشريح الاحياء.".
1897
تأليف لجنة برئاسة محمد طاهر الحسيني ، مفتي القدس ، للتدقيق في الوسائل التي يتبعها الصهاينة من أجل الحصول على الأراضي.
 
آب/ أغسطس: انعقاد أول مؤتمر صهيوني في بال بسويسرا، واصداره برنامج بال بشأن استعمار فلسطين ، وانشاء المنظمة الصهيونية العالمية.
 
السلطان عبد الحميد الثاني يرد على عقد أول مؤتمر صهيوني، بايفاد أفراد من هيئة العاملين في قصره للاشراف شخصيا على حكم ولاية القدس.
1898
الصحافة العربية ترد على عقد المؤتمر الصهيوني الأول، اذ حذرت صحيفة "المنار" القاهرية من مغبة أهداف الصهيونية الرامية الى الاستيلاء على فلسطين.
 
القيصر ويلهلم الثاني ، قيصر ألمانيا، يزور القدس.
1899
19 آذار / مارس: هيرتسل يبعث برسالة الى رئيس بلدية القدس الفلسطيني ، يلمح فيها الى ان الصهاينة مستعدون للتوجه ال مكان آخر ، إنْ لم يجدوا الترحيب في فلسطين.
 
تشرين الأول / أكتوبر: ألبير عنتيبي ، ممثل رابطة الاستعمار اليهودي في القدس ، يقول ان برنامج المؤتمر الصهيوني الأول قد اضر بالعلاقات بين الفلسطينيين والمهاجرين اليهود
1900
رابطة الاستعمار اليهودي تتحمل مسؤولية بناء المستعمرات بتأييد من البارون دي روتشيلد.
 
حزيران / يونيو: الحكومة العثمانية  توفد لجنة تحقيق الى فلسطين لدراسة مغزى الهجرة الجماعية الصهيونية ، والاستحواذ على الأراضي.
1901
الحكومة العثمانية تسمح لليهود الأجانب ـ نتيجة ضغط من الدول الأوروبية ـ بشراء الأراضي في شمال فلسطين .
 
إنشاء "الصندوق القومي اليهودي" ، كجهاز منبثق من المنظمة الصهيونية العالمية ، لشراء الأراضي في فلسطين ، على أن تصبح الأراضي التي يشتريها يهودية الى الأبد ، ولا يسمح بالعمل فيها إلا  للأيدي العاملة اليهودية.
 
كانون الثاني / يناير : القيود العثمانية على الهجرة الصهيونية الى قضاء القدس وشراء الأراضي فيه ، تصبح سارية المفعول.
 
أيار / مايو: المجلس الاداري للقدس يعارض بشدة محاولات رابطة الاستعمار اليهودي للحصول على الأراضي في قضاء القدس.
 
تموز/ يوليو: المزارعون الفلسطينيون في منطقة طبرية يعربون عن معارضتهم اتساع نطاق الاستحواذ على الأراضي بواسطة الصهاينة.
1902
كانون الثاني / يناير: صحيفة "المنار"  المصرية تحذر من ان الصهيونية تسعى لتحقيق السيادة الوطنية لها في فلسطين
 
شبطا/ فبراير : ألبير عنتيبي ، ممثل رابطة الاستعار اليهودي ، يقول "ان مشاعر الحقد التي تعتمل في نفوس الأهالي انما تتصادف مع ظهور الصهيونية".
1903
الموجة الثانية من موجات الهجرة الجماعية الصهيونية تبدأ بالوصول الى فلسطين.
 
كانون الأول / ديسمبر : الشركة الأنغلوفلسطينية ، وهي شركة تابعة لرابطة الاستعمار اليهودي، تتأسس في فلسطين لتمويل الاستعمار الصهيوني.
1904
تموز / يوليو: وفاة تيودور هيرتسل.
 
آب /أغسطس ـ أيلول / سبتمر: تزايد التوتر بين المستعمرين الصهاينة والمزارعين الفلسطينيين في منطقة طبرية
1905
صدور كتاب "يقظة الأمة العربية" بقلم نجيب عازوري ، وفيه تحذير من مغبة الأهداف السياسية الصهيونية في فلسطين.
1907
إنشاء أول كيبوتس، على أساس استخدام الأيدي العاملة اليهودية من دون غيرها.
 
آب /أغسطس: حاكم القدس العثماني يصدر تقريرا عن تهرب الصهاينة من تنفيذ قوانين الهجرة ونقل ملكية الأراضي ، التي سنتها السلطات العثمانية.
1908
انتخاب نواب فلسطينيين يمثلون القدس ويافا ونابلس وعكا، لعضوية المجلس النيابي العثماني لسنة 1908 في الآستانة.
 
إصدار صحيفة "الكرمل" الفلسطينية في حيفا ، بغرض معارضة الاستعمار الصهيوني.
 
16 آذار / مارس: اشتباك بين المهاجرين الصهاينة والفلسطينيين في يافا ، يسفر عن مقتل فلسطيني واحد وجرح 13 يهوديا.
 
24 تموز /يوليو: بدء ثورة الشباب الأتراك في الآستانة.
1909
إنشاء مدينة تل ابيب شمالي يافا.
 
شباط /فبراير ـ نيسان / ابريل: تجدد التوتر والاشتباكات بين المستعمرين الصهاينة والمزارعين الفلسطينيين قرب الناصرة.
 
حزيران / يونيو: إثارة القضية الفلسطينية أول مرة في المجلس النيابي العثماني ، بمبادرة من مندوب فلسطيني عن يافا.
 
تموز / يوليو: خمسة أعضاء في المجلس النيابي العثماني ، ومنهم مندوب  فلسطيني عن القدس ، يجتمعون في لندن الى السير فرانسيس مونتفيوري ـ وهو زعيم صهيوني بريطاني ـ للاعراب عن مخاوفهم من الأهداف السياسية للصهيونية.
1910
الصحف العربية في بيروت ودمشق وحيفا تعرب عن معارضتها لحصول الصهاينة على الأراضي في فلسطين.
 
حزيران / يونيو: مندوبون عن الولايات العربية ، في المجلس النيابي العثماني، يطلبون الحصول على ضمانات من وزير الداخلية في الآستانة، لتوفير الحماية اللازمة من اتجاه الصهاينة الى الاستحواذ على الأراضي في فلسطين .
1911
الصحافي الفلسطيني نجيب نصار يصدر أول كتاب بالعربية عن الصهيونية بعنوان "الصهيونية: تاريخها وهدفها وأهميتها".
 
كانون الثاني /يناير ـ شباط/ فبراير: الدول الأوروبية تضغط على الحكومة العثمانية للسماح للصهاينة بالحصول على الأراضي في فلسطين.
 
كانون الثاني / يناير: صحيفة "فلسطين" تبدأ بالظهور ، وتوجه النداء الى قرائها "الفلسطينيين" بالحذر من عواقب الاستعمار الصهيوني.
 
آذار /مارس ـ نيسان / ابريل: المندوبون العرب عن القدس وبيروت ودمشق يسعون ، داخل المجلس النيابي العثماني ، لإصدار تشريع من أجل وقف الهجرة الصهيونية الجماعية الى فلسطين.
 
نيسان / ابريل: 150 فلسطينيا من يافا يبرقون الى الآستانة بطلب اتخاذ اجراءات ضد الهجرة الجماعية الصهيونية والاستحواذ على الأراضي.
 
16 أيار / مايو: نائبان  عن القدس يفتتحان أول نقاش واسع النطاق في المجلس النيابي العثماني بشأن الصهيونية ، ويحذران من ا نهدف الصهيونية هو انشاء دولة يهودية في فلسطين .
1912
نواب فلسطينيون عن القدس وغزة ونابلس وعكا ينتخبون لعضوية المجلس النيابي العثماني لسنة 1912.
 
كانون الثاني / يناير: الدول الأوروبية تجدد ضغطها على الحكومة العثمانية لتسهيل استحواذ الصهاينة على الأراضي في فلسطين.
1913
كانون الثاني / يناير: محرر فلسطيني في صحيفة "فلسطين" يكتب قائلا: "ان الصهاينة سوف يسيطرون على بلادنا قرية بعد قرية، وبلدة بعد أخرى."
1914
أول آب / أغسطس: اندلاع الحرب العالمية الأولى.
1915
14 تموز / يوليو: بدء المراسلات بين الشريف حسين شريف مكة ، والسير هنري مكماهون المفوض السامي البريطاني في مصر.
 
آب / أغسطس: جمال باشا، الحاكم العسكري العثماني، يأمر بشنق احد عشر وطنيا عربيا في بيروت.
1916
30 كانون الثاني: يناير: انتهاء مراسلات حسين ـ مكماهون، والعرب يفسرونها بأنها تقدم ضمانة باستقلال ووحدة الولايات العربية في الامراطورية العثمانية ، ومنها فلسطين ، وذلك في فترة ما بعد الحرب.
 
أيار/ مايو: جمال باشا يأمر بشنق 21 زعيما ومثقفا عربيا ، ومنهم فلسطينيان ، في بيروت ودمشق
 
16 أيار/مايو: توقيع اتفاقية سايكس ـ بيكو السرية ، التي تم بمقتضاها تقسيم الولايات العربية في الامبراطورية  العثمانية بين بريطانيا وفرنسا
 
حزيران / يونيو: الشريف حسين يعلن استقلال العرب عن الحكم العثماني، على أساس مفهوم مراسلاته مع مكماهون ، وبدء الثورة العربية ضد الآستانة.
 
تشرين الثاني/ نوفمبر: الشريف حسين يُنصب "ملك الدول العربية"
1917
2 تشرين الثاني / نوفمبر: آرثر جيمس بلفور ،وزير الخارجية البريطاني ، يبعث برسالة الى البارون ليونيل وولتر دي روتشيلد، يتعهد فيها بتأييد بريطانيا لاقامة وطن قومي لليهود في فلسطين (وعد بلفور).
 
9 كانون الأول / ديسمبر: استسلام القوات العثمانية في القدس للقوات المتحالفة بقيادة الجنرال أللنبي.
1918
أيلول / سبتمبر : إتمام احتلال أراضي فلسطين كلها من قبل القوات المتحالفة بقيادة الجنرال أللنبي.
 
30 تشرين الأول/ أكتوبر : انتهاء الحرب العالمية الأولى.

 
 
أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 Article_sep
[rtl]المصدر : قبل الشتات / التاريخ المصور للشعب الفلسطيني / د. وليد الخالدي / مؤسسة الدراسات الفلسطينية.[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918   أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 Emptyالخميس 27 فبراير 2020, 7:26 pm

عن العلاقات اليهودية -العربية في أواخر الفترة العثمانيّة

يوفال بن بسات[1]
ترجمة: سوار قربي
في أواخر 1890 توجّه سكّان خربة دوران البدوّ للصدر الأعظم في إسطنبول من أجل التّصدّي لإنشاء مستوطنة رحوفوت:  “تضمّ قبيلتنا 32 عائلة، 200 نفر، جميعهم من الموالين للإمبراطوريّة، يقيمون في خيام في خربة دوران….هذه القبيلة، من أيّام آبائنا وأجدادنا، لا تعرف أرضًا عدا أرض خربة الدوران… تعتاش منها، ولا مسكن آخر لها غيرها”.
لم يكن هذا الطلب استثنائيًّا إطلاقا، إذ يحفظ الأرشيف العثماني آلاف العرائض المشابهة الّتي قُدّمت من سكّان فلسطين الانتدابيّة إلى إسطنبول في أواخر القرن التّاسع عشر وفي أوائل القرن العشرين. كان ذلك امتدادًا لتقليد قديم يعود أصله لفترة ما قبل الإسلام حتّى؛ وهو التوجّه مُباشر للحاكم للمطالبة بتحقيق العدالة والرّحمة.  وعلى الرّغم من وجود وسائل متعدّدة جديدة في القرن التاسع عشر، أمام الرعايا العثمانيّين لتحقيق العدالة من الدّولة ومؤسّساتها، إلا أن المعظم فضّل التوجّه للسلطان مباشرة.
أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 11
معظم العرائض المقدمة تتعلق بشؤون ضرائب، شكاوي على مسؤولين محليّين، مطالب لإكراميّات واحتجاجات ضدّ اجراءات رسمية جديدة منبثقة عن سياسات سابقة وأمور أخرى. كُتبت غالبيّة هذه العرائض باللّغة العربيّة، والقليل منها كُتب باللّغة العثمانيّة وتم إرسالها عبر أفراد أو مجموعات ذات مصلحة مشتركة، وفي بعض الأحيان يترأسها أعيان وأصحاب مناصب (لا نملك اليوم العرائض الأصليّة إنما ما نُقل منها إلى العثمانيّة في إسطنبول)
من المثير حقًا مراجعة العرائض التي أرسلها القرويون لإسطنبول ؛ سواء المقيمين منهم أو البدوّ، والّتي تتعلّق بالاستيطان اليهوديّ. تعتبر هذه العرائض مصدرًا مهمًّا ونادرًا ومتاحًا لنا كمؤرّخين، على الرّغم من أنّها لم تكتب بأيدي المتوجّهين أنفسهم وإنّما بأيدي مختصّين مهنيّين تم الاستعانة بهم في حينه. الصّورة المتشكّلة نتيجة لهذه العرائض، فيما يخصّ الاستيطان اليهوديّ، هي صورة مركّبة. من ناحية، نجد بأنّ عدد العرائض المتعلّقة بعمليّة الاستيطان والهجرة ليست بالعدد الكبير، الأمر الّذي يدحض الادّعاء القائل بأنّ الاستيطان والهجرة اليهوديّة كانت المسألة المركزيّة الّتي شغلت سكّان فلسطين في أوائل الاستيطان اليهوديّ الجديد 1882.
ومن ناحية أخرى، يظهر لنا الأرشيف أنّه لم تكن هناك حالة واحدة تقريبًا لاستيطان يهوديّ لم تقدّم على إثرها عريضة لإسطنبول، احتجاج إما على الآلية تم بها شراء الأرض وإما على السمسرة التي استخدمت، أو على علاقة السلطة وموقفها من شكاوي السكّان المحليّين وعلى علاقات السّكان ببعضهم. أكثر من مرة صاحبت عمليّة الاستيطان اليهوديّ خلافات حول السّيادة على الأرض، أو حول حدود التّقسيم، وحول حقوق مختلفة متعلّقة في الأرض؛ مسائل تعود جذورها لفترات ما قبل مجيئ المستوطنين.  أنظروا مثلا أقوال البدوّ، سكّان خربة دوران، ضدّ الاستيطان في رحوفوت:
“باعت الدّولة العَلية مؤخّرًا أرض الخربة هذه لأناس أغنياء من أبناء الوطن. لم يبدوا خدّامكم الأوفياء أيّ اعتراض على ذلك، لأنّ أصحاب الأرض الجدد عرفوا حقّ المعرفة بأنّنا نفلح المزرعة ونعتني بها منذ زمن سحيق.  لم يحاولوا اعتراضنا ولا طردنا من مكان سكنانا ولا حتّى من مزرعتنا. لكن، بينما نحن في هذا الحال، بيعت المزرعة لغرباء، الّذين وصلوا ومعهم ميزانيات كبيرة وموارد اقتصاديّة ضخمة. نجحوا بشراء المزرعة بمساعدة علي هيكل أفندي، عضو في المجلس الإداريّ في يافا، ذائع الصيت في مثل هذه الأعمال. لاحقًا، المشترين اليهود الأغنياء…. لم يكتفوا بذلك. بل بدأوا بطردنا من مكان سكنانا ومنعنا من حرث الأرض والشغل بها.. المتّهم بإلحاق هذا الضرر والذلّ بنا لا يمكن أن يكون إلّا الأفندي المذكور أعلاه صاحب الأعمال غير المقبولة.
نستنتج من أقوال البدوّ بأنّ، بالنّسبة لهم، الأرض المذكورة هي ملكهم من مجرّد وجودهم عليها منذ عهود، ذلك بخلاف قوانين الدّولة الجديدة والّتي أعلت من شأن حقّ الشّاري. يلقي البدوّ اللّوم في هذه الحالة على ذاك الأفندي، الّذي كان الوسيط في بيعة الأرض للمستوطنين. كما ونفهم من أقوالهم بأنّهم عندما كانوا قادرين على العمل في الأرض الّتي عاشوا فيها، لم تكن لديهم أيّة صعوبة ولم يتبادر لهم أيّ سؤال فيما يتعلّق بالملكيّة. فقط عندما جاء المستوطنون اليهود وامتلكوا الأرض وأرادوا تحقيق ملكيّتهم وفقًا لقوانين الأراضي العثمانيّة الّتي أقرّتها الدّولة بدءًا من قانون الأراضي عام 1858.
بعد ثورة 1908، ومع رفع القيود المفروضة على حريّة الصّحافة والتنظيم السياسي، الّتي كانت متّبعة في فترة السلطان عبد الحميد الثّاني (1876-1908)، طرأ تدهور بشكل تدريجيّ في العلاقات اليهوديّة العربيّة في البلاد. ولأوّل مرّة تشكّل تنظيم سياسيّ للتّصدّي للهجرة والاستيطان اليهوديّ، كما وانعكس ذلك في العرائض في إسطنبول، الّتي باتت أكثر حدّة. الأمر الّذي عبّر على الأرجح عن تغير الحالة المزاجيّة لسكّان المدن فيما يتعلّق في النّشاط اليهوديّ وعن انخراطهم المتزايد  في المواجهات بين اليهود والعرب في المناطق القرويّة في فلسطين.
مثالًا على ذلك، حادثة قرية زرنوقة الّتي وقعت بين منظمة “هشومير”[2] في مستوطنة رحوفوت وبين العرب سكان المنطقة، والّتي انتهت بعدد من المصابين والقتلى، إذ تعتبر هذه الحادثة نقطة تحوّل في تاريخ العلاقات بين اليهود والعرب في البلاد. فقد بعث عشرات المخاتير عرائض مشتركة لإسطنبول في أواخر تمّوز 1913، بمبادرة أحد النشطاء السياسيّين؛ سليمان التّاجي من يافا.
بحسب أقوالهم، فقد هاجم اليهود المذكورون أعلاه؛ رجال”هاشومير”، أبناء قريتنا، سرقوا ونهبوا أملاكنا، قتلوا ودنّسوا أعراض العائلة… وكدليل على عدوانهم، فقد أرسلوا حراساً (رجال هاشومر) من اليهود والشركس يحملون أسلحة مختلفة ومنها أسلحة محظورة… مع خيولهم في الطرق العامّة. حيث يصطادون كلّ قرويّ سائر في الطريق العامّ، يضربونه ويجرّدوه من ملابسه وماله. كما ويقتلون كلّ من يتصدّى لهم ويطلقون النيران على المارّة في الطرق العامّة ويقتلونهم.
“في بداية الأمر، هاجم رجال هشومير في قرية عين قارة (ريشون لتسيون) قائِدَي قافلة جمال تنقل الحديد. أرادوا في حينه تجريدهم من ملبسهم ومالهم وجمالهم، لكنّهم رفضوا تسليمهم الجمال وفرّوا من عين قارة… على أمل أن يجدوا مأوى لهم. لكن، وللأسف، اضطروا السير مدّة ثلاث ساعات بأراضي المستعمرات اليهوديّة في المنطقة، ومدّة ساعة في قرية القبيبة (لواء غزّة)، حتّى وصلوا لقرية الزرنوقة. وفي ذلك الوقت كان لدى رجال “هشومير عين قارة” متّسعًا من الوقت ليطلبوا العون من رجال “هشومير دوران” (رحوفوت)، اللّذين بدورهم أطلقوا وابلًا من النّيران باتّجاه قافلة الجمال وأصابوا خمسة خدّام وحصانًا واحدًا… في كلّ مرّة نتوجّه بها إلى الحكومة المحليّة ونطالبهم باستجوابهم، أي استجواب المستوطنين اليهود، وإحضارهم للمحكمة بموجب القانون، كان جواب اليهود… بأنّ الناس المطلوبين غير متواجدين، بل سافروا إلى روسيا أو أوروبا. هم يفعلون ما يحلو لهم بمساعدة المال، وكأنّهم يتمتعون بدولة صغيرة داخل الدّولة.”
 
أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 2222
عريضة رؤساء القرى للصدر الأعظم عقب أحداث زرنوقة. 29 تموز 1913
المصدر: أرشيف رئيس الحكومة، تركيا. نشرت في مجلة “كاتدرا” وننشرها هنا بموافقتهم.
 
مقارنة مع العريضة السّابقة، الّتي تعود لسنة 1890، نرى بأنّ هذه العريضة تعكس قلقاً أكبر من الاستيطان اليهوديّ، الّذي يمارس أصحابه كلّ ما يحلو لهم متهرّبين من العقوبة بسبب الموارد الاقتصاديّة الّتي يتمتّعون بها. كما ويتّضح من هذه العريضة، والتي تحوي إتهامات أكثر حدّة ضدّ الاستيطان اليهوديّ، بأنّ هناك تنظيمًا لعشرات رؤساء القرى ضدّ المستعمرات. من المهم الاشارة هنا بأنّ منظّم هذا الاتّحاد والقائم على كتابة هذه العريضة هو ابن مدينة يافا، والّذي يدلّنا على وجود تعاون قرويّ- مدنيّ ضدّ الاستيطان اليهوديّ في حينه.
للخلاصة، تعدّ العرائض الّتي تعود لأواخر القرن التّاسع عشر عرائض مثيرة للاهتمام، وذلك لكونها تمثّل فترة الاستيطان اليهوديّ الحديث في فلسطين، وفيها تقبع جذور الصراع العربيّ اليهوديّ. والذي يؤثّر كثيرًا على الشّكل الّذي كُتب به تاريخ المنطقة، والّذي لا يزال رهين المنظور القومي في كتابة التاريخ. وبالتّالي نادرًا ما يتمّ النّظر إلى الأحداث مع الأخذ بالحسبان وجهة النظر العثمانيّة، أو ضمن السياق الإمبراطوريّ الأوسع، ونادراً ما يتم الاستعانة بالمصادر العثمانيّة المتاحة والّتي لم تستخدم حتى اللحظة على نطاق واسع. توفّر هذه المصادر نظرة عميقة لقراءة الأحداث من الأسفل، وخاصّة فيما يتعلّق بالمجتمع القرويّ والّذي ترك وراءه القليل من الوثائق المكتوبة.
المقال نشر في جريدة هآرتس، ضمن “ورشة التاريخ الاجتماعي” وهي مجموعة أكادميين إسرائيليين وعرب يحاولون طرح خطاب تاريخي جديد يعيد قراءة الرواية التاريخية من خلال جوانب اجتماعية غفلتها القراءة الكلاسيكية.
رابط المقال: http://blogs.haaretz.co.il/sadna/35/
[1] يوفال بن بساط، محاضر في دائرة التاريخ والشرق الأوسط – جامعة حيفا. كُتب المقال في إطار
[2] هاشومير، كلمة عبريّة تعني الحارس، وهي من أوائل المنظّمات الصهيونيّة في أرض فلسطين، أُنشئت عام 1909 على يد مجموعة من المهاجرين اليهود بهدف حماية المستعمرات اليهوديّة وحراستها وإدخال أسس الدفاع عن النّفس فيها (المترجمة)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918   أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 Emptyالخميس 27 فبراير 2020, 7:26 pm

عن العلاقات اليهودية -العربية في أواخر الفترة العثمانيّة

يوفال بن بسات[1]
ترجمة: سوار قربي
في أواخر 1890 توجّه سكّان خربة دوران البدوّ للصدر الأعظم في إسطنبول من أجل التّصدّي لإنشاء مستوطنة رحوفوت:  “تضمّ قبيلتنا 32 عائلة، 200 نفر، جميعهم من الموالين للإمبراطوريّة، يقيمون في خيام في خربة دوران….هذه القبيلة، من أيّام آبائنا وأجدادنا، لا تعرف أرضًا عدا أرض خربة الدوران… تعتاش منها، ولا مسكن آخر لها غيرها”.
لم يكن هذا الطلب استثنائيًّا إطلاقا، إذ يحفظ الأرشيف العثماني آلاف العرائض المشابهة الّتي قُدّمت من سكّان فلسطين الانتدابيّة إلى إسطنبول في أواخر القرن التّاسع عشر وفي أوائل القرن العشرين. كان ذلك امتدادًا لتقليد قديم يعود أصله لفترة ما قبل الإسلام حتّى؛ وهو التوجّه مُباشر للحاكم للمطالبة بتحقيق العدالة والرّحمة.  وعلى الرّغم من وجود وسائل متعدّدة جديدة في القرن التاسع عشر، أمام الرعايا العثمانيّين لتحقيق العدالة من الدّولة ومؤسّساتها، إلا أن المعظم فضّل التوجّه للسلطان مباشرة.
أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 11
معظم العرائض المقدمة تتعلق بشؤون ضرائب، شكاوي على مسؤولين محليّين، مطالب لإكراميّات واحتجاجات ضدّ اجراءات رسمية جديدة منبثقة عن سياسات سابقة وأمور أخرى. كُتبت غالبيّة هذه العرائض باللّغة العربيّة، والقليل منها كُتب باللّغة العثمانيّة وتم إرسالها عبر أفراد أو مجموعات ذات مصلحة مشتركة، وفي بعض الأحيان يترأسها أعيان وأصحاب مناصب (لا نملك اليوم العرائض الأصليّة إنما ما نُقل منها إلى العثمانيّة في إسطنبول)
من المثير حقًا مراجعة العرائض التي أرسلها القرويون لإسطنبول ؛ سواء المقيمين منهم أو البدوّ، والّتي تتعلّق بالاستيطان اليهوديّ. تعتبر هذه العرائض مصدرًا مهمًّا ونادرًا ومتاحًا لنا كمؤرّخين، على الرّغم من أنّها لم تكتب بأيدي المتوجّهين أنفسهم وإنّما بأيدي مختصّين مهنيّين تم الاستعانة بهم في حينه. الصّورة المتشكّلة نتيجة لهذه العرائض، فيما يخصّ الاستيطان اليهوديّ، هي صورة مركّبة. من ناحية، نجد بأنّ عدد العرائض المتعلّقة بعمليّة الاستيطان والهجرة ليست بالعدد الكبير، الأمر الّذي يدحض الادّعاء القائل بأنّ الاستيطان والهجرة اليهوديّة كانت المسألة المركزيّة الّتي شغلت سكّان فلسطين في أوائل الاستيطان اليهوديّ الجديد 1882.
ومن ناحية أخرى، يظهر لنا الأرشيف أنّه لم تكن هناك حالة واحدة تقريبًا لاستيطان يهوديّ لم تقدّم على إثرها عريضة لإسطنبول، احتجاج إما على الآلية تم بها شراء الأرض وإما على السمسرة التي استخدمت، أو على علاقة السلطة وموقفها من شكاوي السكّان المحليّين وعلى علاقات السّكان ببعضهم. أكثر من مرة صاحبت عمليّة الاستيطان اليهوديّ خلافات حول السّيادة على الأرض، أو حول حدود التّقسيم، وحول حقوق مختلفة متعلّقة في الأرض؛ مسائل تعود جذورها لفترات ما قبل مجيئ المستوطنين.  أنظروا مثلا أقوال البدوّ، سكّان خربة دوران، ضدّ الاستيطان في رحوفوت:
“باعت الدّولة العَلية مؤخّرًا أرض الخربة هذه لأناس أغنياء من أبناء الوطن. لم يبدوا خدّامكم الأوفياء أيّ اعتراض على ذلك، لأنّ أصحاب الأرض الجدد عرفوا حقّ المعرفة بأنّنا نفلح المزرعة ونعتني بها منذ زمن سحيق.  لم يحاولوا اعتراضنا ولا طردنا من مكان سكنانا ولا حتّى من مزرعتنا. لكن، بينما نحن في هذا الحال، بيعت المزرعة لغرباء، الّذين وصلوا ومعهم ميزانيات كبيرة وموارد اقتصاديّة ضخمة. نجحوا بشراء المزرعة بمساعدة علي هيكل أفندي، عضو في المجلس الإداريّ في يافا، ذائع الصيت في مثل هذه الأعمال. لاحقًا، المشترين اليهود الأغنياء…. لم يكتفوا بذلك. بل بدأوا بطردنا من مكان سكنانا ومنعنا من حرث الأرض والشغل بها.. المتّهم بإلحاق هذا الضرر والذلّ بنا لا يمكن أن يكون إلّا الأفندي المذكور أعلاه صاحب الأعمال غير المقبولة.
نستنتج من أقوال البدوّ بأنّ، بالنّسبة لهم، الأرض المذكورة هي ملكهم من مجرّد وجودهم عليها منذ عهود، ذلك بخلاف قوانين الدّولة الجديدة والّتي أعلت من شأن حقّ الشّاري. يلقي البدوّ اللّوم في هذه الحالة على ذاك الأفندي، الّذي كان الوسيط في بيعة الأرض للمستوطنين. كما ونفهم من أقوالهم بأنّهم عندما كانوا قادرين على العمل في الأرض الّتي عاشوا فيها، لم تكن لديهم أيّة صعوبة ولم يتبادر لهم أيّ سؤال فيما يتعلّق بالملكيّة. فقط عندما جاء المستوطنون اليهود وامتلكوا الأرض وأرادوا تحقيق ملكيّتهم وفقًا لقوانين الأراضي العثمانيّة الّتي أقرّتها الدّولة بدءًا من قانون الأراضي عام 1858.
بعد ثورة 1908، ومع رفع القيود المفروضة على حريّة الصّحافة والتنظيم السياسي، الّتي كانت متّبعة في فترة السلطان عبد الحميد الثّاني (1876-1908)، طرأ تدهور بشكل تدريجيّ في العلاقات اليهوديّة العربيّة في البلاد. ولأوّل مرّة تشكّل تنظيم سياسيّ للتّصدّي للهجرة والاستيطان اليهوديّ، كما وانعكس ذلك في العرائض في إسطنبول، الّتي باتت أكثر حدّة. الأمر الّذي عبّر على الأرجح عن تغير الحالة المزاجيّة لسكّان المدن فيما يتعلّق في النّشاط اليهوديّ وعن انخراطهم المتزايد  في المواجهات بين اليهود والعرب في المناطق القرويّة في فلسطين.
مثالًا على ذلك، حادثة قرية زرنوقة الّتي وقعت بين منظمة “هشومير”[2] في مستوطنة رحوفوت وبين العرب سكان المنطقة، والّتي انتهت بعدد من المصابين والقتلى، إذ تعتبر هذه الحادثة نقطة تحوّل في تاريخ العلاقات بين اليهود والعرب في البلاد. فقد بعث عشرات المخاتير عرائض مشتركة لإسطنبول في أواخر تمّوز 1913، بمبادرة أحد النشطاء السياسيّين؛ سليمان التّاجي من يافا.
بحسب أقوالهم، فقد هاجم اليهود المذكورون أعلاه؛ رجال”هاشومير”، أبناء قريتنا، سرقوا ونهبوا أملاكنا، قتلوا ودنّسوا أعراض العائلة… وكدليل على عدوانهم، فقد أرسلوا حراساً (رجال هاشومر) من اليهود والشركس يحملون أسلحة مختلفة ومنها أسلحة محظورة… مع خيولهم في الطرق العامّة. حيث يصطادون كلّ قرويّ سائر في الطريق العامّ، يضربونه ويجرّدوه من ملابسه وماله. كما ويقتلون كلّ من يتصدّى لهم ويطلقون النيران على المارّة في الطرق العامّة ويقتلونهم.
“في بداية الأمر، هاجم رجال هشومير في قرية عين قارة (ريشون لتسيون) قائِدَي قافلة جمال تنقل الحديد. أرادوا في حينه تجريدهم من ملبسهم ومالهم وجمالهم، لكنّهم رفضوا تسليمهم الجمال وفرّوا من عين قارة… على أمل أن يجدوا مأوى لهم. لكن، وللأسف، اضطروا السير مدّة ثلاث ساعات بأراضي المستعمرات اليهوديّة في المنطقة، ومدّة ساعة في قرية القبيبة (لواء غزّة)، حتّى وصلوا لقرية الزرنوقة. وفي ذلك الوقت كان لدى رجال “هشومير عين قارة” متّسعًا من الوقت ليطلبوا العون من رجال “هشومير دوران” (رحوفوت)، اللّذين بدورهم أطلقوا وابلًا من النّيران باتّجاه قافلة الجمال وأصابوا خمسة خدّام وحصانًا واحدًا… في كلّ مرّة نتوجّه بها إلى الحكومة المحليّة ونطالبهم باستجوابهم، أي استجواب المستوطنين اليهود، وإحضارهم للمحكمة بموجب القانون، كان جواب اليهود… بأنّ الناس المطلوبين غير متواجدين، بل سافروا إلى روسيا أو أوروبا. هم يفعلون ما يحلو لهم بمساعدة المال، وكأنّهم يتمتعون بدولة صغيرة داخل الدّولة.”
 
أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918 2222
عريضة رؤساء القرى للصدر الأعظم عقب أحداث زرنوقة. 29 تموز 1913
المصدر: أرشيف رئيس الحكومة، تركيا. نشرت في مجلة “كاتدرا” وننشرها هنا بموافقتهم.
 
مقارنة مع العريضة السّابقة، الّتي تعود لسنة 1890، نرى بأنّ هذه العريضة تعكس قلقاً أكبر من الاستيطان اليهوديّ، الّذي يمارس أصحابه كلّ ما يحلو لهم متهرّبين من العقوبة بسبب الموارد الاقتصاديّة الّتي يتمتّعون بها. كما ويتّضح من هذه العريضة، والتي تحوي إتهامات أكثر حدّة ضدّ الاستيطان اليهوديّ، بأنّ هناك تنظيمًا لعشرات رؤساء القرى ضدّ المستعمرات. من المهم الاشارة هنا بأنّ منظّم هذا الاتّحاد والقائم على كتابة هذه العريضة هو ابن مدينة يافا، والّذي يدلّنا على وجود تعاون قرويّ- مدنيّ ضدّ الاستيطان اليهوديّ في حينه.
للخلاصة، تعدّ العرائض الّتي تعود لأواخر القرن التّاسع عشر عرائض مثيرة للاهتمام، وذلك لكونها تمثّل فترة الاستيطان اليهوديّ الحديث في فلسطين، وفيها تقبع جذور الصراع العربيّ اليهوديّ. والذي يؤثّر كثيرًا على الشّكل الّذي كُتب به تاريخ المنطقة، والّذي لا يزال رهين المنظور القومي في كتابة التاريخ. وبالتّالي نادرًا ما يتمّ النّظر إلى الأحداث مع الأخذ بالحسبان وجهة النظر العثمانيّة، أو ضمن السياق الإمبراطوريّ الأوسع، ونادراً ما يتم الاستعانة بالمصادر العثمانيّة المتاحة والّتي لم تستخدم حتى اللحظة على نطاق واسع. توفّر هذه المصادر نظرة عميقة لقراءة الأحداث من الأسفل، وخاصّة فيما يتعلّق بالمجتمع القرويّ والّذي ترك وراءه القليل من الوثائق المكتوبة.
المقال نشر في جريدة هآرتس، ضمن “ورشة التاريخ الاجتماعي” وهي مجموعة أكادميين إسرائيليين وعرب يحاولون طرح خطاب تاريخي جديد يعيد قراءة الرواية التاريخية من خلال جوانب اجتماعية غفلتها القراءة الكلاسيكية.
رابط المقال: http://blogs.haaretz.co.il/sadna/35/
[1] يوفال بن بساط، محاضر في دائرة التاريخ والشرق الأوسط – جامعة حيفا. كُتب المقال في إطار
[2] هاشومير، كلمة عبريّة تعني الحارس، وهي من أوائل المنظّمات الصهيونيّة في أرض فلسطين، أُنشئت عام 1909 على يد مجموعة من المهاجرين اليهود بهدف حماية المستعمرات اليهوديّة وحراستها وإدخال أسس الدفاع عن النّفس فيها (المترجمة)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
أيام الحكم العثماني في الفترة الأخيرة من 1876الى 1918
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: قصة قضية فلسطين :: تاريخ فلسطين قديما-
انتقل الى: