[rtl]المحامي عبدالله حراحشه[/rtl]
[rtl]أصول التشريع الضريبي[/rtl]
[rtl]التاريخ:29/5/2018 - الوقت: 12:00م[/rtl]
إن التقدم البشري قد أرسى نظم وقواعد لإدارة الدولة الحديثة والسلطات فيها وخاصة التنفيذية بكافة الجوانب والمجالات، ولا شك بأن من أهم مجالات عمل السلطة التنفيذية هو إدارة الجانب المالي للدولة بشكل مهني محترف ودقيق؛ لتحقيق المقاصد الدستورية والأهداف الوطنية.
ونتناول في هذا المقال التشريع الضريبي وهو مكون هام وأساسي في الجانب المالي للدولة والمكلفة به السلطة التنفيذية (الحكومة) حيث نجد بأن:
- الضريبة هي مساهمة المواطن في نفقات وأعباء الدولة وليس ضمان والتزام المواطن بكامل دخل ونفقات الدولة.
- الضريبة تدفع من المواطنين مقابل خدمات وضمانات الدولة في توفير العمل والصحة والنقل وباقي الخدمات العامة.
- يقتضي دفع الضريبة سلامة الإجراءات المالية لدى السلطة التنفيذية باعتماد معايير الشفافية والإفصاح والنزاهة وانفاذ لمكافحة الفساد المالي والإداري على حد سواء ليتحقق هدف دفع الضريبة وهو مساهمة المواطن في دخل الدولة (المحدد) والمشروع وليس غير ذلك.
- العدالة والمساواة ويقتضي هذا المبدأ التوازن ويكون ذلك بموجب معايير محددة واضحة؛ بحيث يتحقق التوازن بين دخل المواطن وقدرته على تحمل أعباء الضريبة ومدى حاجة الدولة للمال، إنفاذا للمقصد الدستوري وهو المساهمة في الدخل وليس تحمل المواطن لكامل دخل الدولة ونفقاتها.
وبالرجوع الى أحكام الدستور الأردني والقوانين ذات الصلة، نجد بأنها أوردت من الأحكام والقواعد والالتزامات على الدولة (السلطة التنفيذية) لصالح المواطنين وهي:
1- كفالة العمل في المادة( 6/3 )والمادة (23).
2- كفالة الدولة لمجانية التعليم الأساسي في المدارس الحكومية في المادة (20).
3- توفير الخدمات الصحية والنقل وغيرها من احتياجات المواطنين الأساسية من واردات الدولة ومن أهمها الضرائب والتي تشكل نسبة كبيرة من دخل السلطة التنفيذية في الأردن (الحكومة) من خلال مرافقها ومؤسساته العامة بموجب التشريعات الناظمة لها.
4- وبموجب أحكام المادة (111) من الدستور الأردني فقد تم تحديد شروط عند إقرار الضريبة وهي: - التكليف التصاعدي.
- تحقيق مبدأ المساواه والعداله الاجتماعيه في فرض الضريبة (وليس الجباية).
- عدم تجاوز مقدرة المكلفين على الأداء.
-مدى حاجة الدولة للمال.
وتم صياغة هذه المادة بشكل محكم حيث تطلب المشرع الدستوري توافر هذه الشروط مجتمعة وبصيغة (الأمر) والوجوب حيث ورد مصطلح (تحقيق المساواة والعدالة) والذي يدل على الانجاز والتنفيذ للعدالة والمساواة وبغير هذه الشروط يكون القانون مخالفًا لأحكام الدستور.
وبالفحص العملي لمدى قيام الدولة (الحكومة) بالالتزامات وبما نص الدستور على كفالة وضمانتها له من تعليم وعمل وخدمات صحية ونقل وغيرها، نجد بأن الوصف العام هو في خدمات التعليم والأساسي منه بشكل خاص حيث شهدنا تراجعًا كبيرًا في هذا المستوى وتوسعًا ملحوظًا في التعليم الخاص تعويضا عن عجز الحكومات.
وهذا الأمر كلف المواطن أعباءً ماليةً كبيرة لم تحسب الحكومة (من خلال منطق الجباية الضرائبية) حساب هذه الكلف والأعباء عندما قررت إحالة مشروع ضريبة الدخل الى مجلس النواب، وتكرر هذه الحالة في الفشل التنموي في قطاع النقل وأزمات المرور والمعاناة الصحية للمواطنين وتراجع مستوى الخدمات الصحية وهكذا في معظم المجالات والتي يقابلها كلف وأعباء مالية ومعاناة لا نجد من الحكومة (الدولة) تقديرا لها عند حاجتها للسيولة النقدية وفرض ضرائب ومخالفة للقواعد والأصول العالمية والدستورية والتي تنص على وجوب تحقيق العدالة والمساواة وعدم تحميل المواطن أعباء مالية (ضرائبية) أكثر مما يحتمل واضافة الى حصول المواطن مقابل ما يدفع من ضريبة على خدمات تعليمية وصحية ونقل وعمل وغيرها.
والمطلوب ان تقابل السلطة التنفيذية مساهمة المواطن وعجزها عن تقديم الخدمات بأن تنزل بمستوى الضرائب بمقدار عجزها (الهائل) ومقدار أعباء المواطن الكبيرة والذهاب الى تنمية اقتصادية حقيقية وأصيلة ومكافحة للفساد ناجزة وليست شكلية و/أو موجهة للقطاع الخاص أكثر من القطاع العام وتحقيق رفاهية وخدمات للمواطن وتدفقات مالية للدولة تسد حاجتها.
الخلاصة:
نجد بأن المشروع الحكومي مناقض للأصول العلمية والقانونية في بناء القواعد القانونية للتشريعات الضريبية ويضاف الى ذلك مخالفته للقواعد الدستورية الآمرة واجبة الاتباع عند إقرار قانون الضريبة إضافة الى أن مجمل تقييم الأداء الحكومي تشير بشكل واضح الى ضعف كبير وعجز في تقديم الخدمات العامة وتدنٍ في مستوى مكافحة الفساد وفي الوقت ذاته تراجع حاد في مقدرة المكلفين المالية بسبب السياسات الاقتصادية الرسمية والآثار الاقتصادية السلبية لمشروع القانون على قطاعات الاقتصاد سواء كانت صناعية أو تجارية أو استثمارية أو زراعية أو غيرها.
واليقين الثابت لدينا بأن الجانب الحكومي يبحث عن السيولة النقدية (الكاش) بأي طريقة كانت دون حساب للآثار المترتبة على الوطن والمواطن جراء هذه السياسات والقرارات المتعسفة فتارة يرفع الدعم وتارة يرفع الضريبة وتارة يستدين من الخارج والداخل وهو في كل ذلك عن الشفافية بعيد.