الرزاز: بالحوار نصل لخير الأردن
أكد رئيس الوزراء المكلّف الدكتور عمر الرّزاز أن الوصول لخير أردننا يأتي عبر الحوار بين الجميع.
وقال الرزاز في تغريدة له عبر حسابه تويتر أمس، (تشرّفت بثقة سيدنا وسأكون إن شاء الله جندياً مخلصاً لهذا الوطن وخدمة أبنائه، لكي نصل معاً إلى ما فيه خير أردننا وذلك عبر الحوار بين الجميع، والله يقدرنا على الحمل).
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني كلّف الرزاز رسميا صباح أمس بتشكيل حكومة جديدة بعد قبول استقالة حكومة الدكتور هاني الملقي أمس الأول.
الرزاز وترميم البناء الأردني
تنتظر الدكتور عمر الرزاز مهمّة شاقة، ولكنّها ليست بالمستحيلة، فمختصر كتاب التكليف الملكي يأتي في: “رسم العلاقة بين المواطن ودولته في عقد اجتماعي واضح المعالم من حيث الحقوق والواجبات”، وهذا يعني ما يمكن اعتباره ترميماً كاملاً للبناء الأردني.
الكتاب لا يزيد على ألف ومائتي كلمة، ولكنّه يحتوي على كلّ عناصر الوصفة المطلوبة للعقد الاجتماعي الجديد الذي لا تعتبر الحكومة نفسها فيه الأب الذي يفكّر عن الابناء، ويتصرّف عنهم، ولا يلقي بالاً لآرائهم، بل يتصرّف بفوقية وغطرسة، وهذا ما ظللنا نشعر به على الدوام، وهو أصل المشكلة.
ويبدو كتاب التكليف رداً على الأسئلة التي ثارت في الاسبوع الماضي، وشكّلت لسان ضمير الشعب الأردني الذي خرج إلى الشارع، فالأمر لا يقتصر على الضريبة الظالمة، بل كلّ أوجه التقصير التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه من تراجع في ميادين كنّا السباقين فيها.
وصحيح أنّ الأردن يواجه الضغوطات القاسية جراء مواقفه المحترمة، ولكنّ هذا ينبغي ألاّ يقابل بالندب والتباكي وإنما بالفخر وبعده باعتبارها حافزاً للعمل والارتقاء، ويبقى أنّ الملك سمّى المرحلة المقبلة “مشروع نهضة وطني شامل” واختار الدكتور عمر الرزاز لإدارته ولعلّ النجاحات التي ميّزت عمل الرجل في كلّ المواقع التي شغلها سابقاً تدفعنا إلى التفاؤل بترميم متين لما خرب من البناء الأردني
الرزاز في طريق وعر إلى "الرابع" والمطالب تتزايد
التاريخ:5/6/2018
عمان - البوصلة
مع الإعلان الرسمي عن تكليف الملك عبدالله الثاني للدكتور عمر الرزاز بتشكيل الحكومة، تبدأ المهمة الصعبة في الوصول إلى مبنى الرئاسة وسط طريق مكتظ بالمحتجين الذين تتزايد مطالبهم كل يوم عن مجرد سحب مشروع قانون ضريبة الدخل، ولعل الوصول إلى مبنى الرئاسة يعني أكثر من مجرد الجلوس فيه.
ولا يبدو من السهل أن نقول إن نجاح الرزاز في مهمته ممكنًا، فالرجل إن استطاع أن يهدئ الشارع بالوعود والكلام الحسن واستثمار قربه من الناس كما هو معروف، فالتحدي القائم مع تيار الشد العكسي الذي أفشل محاولات إصلاحية سابقة لا زال قائمًا، خاصة وأن الرئيس الجديد ينتمي لمدرسة أخرى لم يثبت أنها تورطت بالفساد.
ويرى مراقبون أن أول ما يمكن للرزاز البدء به أن يسحب مشروع قانون ضريبة الدخل قبل أن يدعو النقابات ومجلس النواب والأحزاب والفعاليات الشعبية للحوار حول القانون، خاصة وأن الغاضبين في الشارع لا يحتجون لأجل القانون فقط ولكنه من أول الأسباب للبقاء في الشارع.
وإذا ما أدرجنا توصيات كتاب التكليف الرسمي للرزاز فإن إصرار الملك عبدالله الثاني على الوصول لصيغة توافقية لإقرار قانون ضريبة الدخل سيزيد من صعوبة المهمة.
ومع هذا فإن وجود الشارع وضغطه للإصلاح سيشكل فرصة مهمة للرزاز في دعمه لتقليل أثر تيار الشد العكسي الذي يبدو أنه لا يريد تغيير شيء قد يستهدف مصالحه وطريقة إدارته للأمور.
والشاهد هنا أن الحالة متضاربة، فكل يوم لا يتم فيه تهدئة الشارع تتزايد المطالب فيه وهو ما يحصل حقًا فاليوم ينادي المحتجون بإلغاء معظم قرارات الحكومة السابقة وعلى رأسها دعم الخبز وعلاج مرضى السرطان وغيرها، فيما إذا ذهب الشارع فإن فرصة الرزاز لو أراد الإصلاح تبدو صعبة في وجه تيار لديه مواضع نفوذ قوية في الدولة، وتجربة الرئيس عون الخصاونة خير شاهد على هذا.
الرزاز صاحب عقلية اقتصادية وإدارية جيدة وهذا يعرفه من كان يقرأ نتاجه البحثي الاقتصادي، ولديه القدرة على التواصل مع الناس، وما أنجزه في وزارة التعليم سواءًا تم الاتفاق معه أو الاختلاف، فهو نتاج عمل وليس إهمال، إلا أن كل هذا لن يفي بالغرض وحده، فهل سيلجأ الرزاز للأحزاب وتغيير قانون الانتخاب كذلك لنزع فتيل آخر للأزمة بعد نزع فتيل الحكومة؟
وبالطبع لا بد من حساب صعوبة إيجاد فريق عمل وزاري، وهنا نقول فريق عمل وزاري لا وزراء، لأن الحكومات السابقة أثبتت أن كل وزير يعمل لوحده وهناك رئيس الوزراء يعمل مع وزير واحد لفرض قرارات اقتصادية مجحفة بحق الشارع، فهل ينجح ركب الرزاز بالوصول؟
ملفات شائكة بانتظار رئيس الوزراء المكلف
أحمد برقاويما لبث المشهد المحلي أن تنفس قليلاً الصعداء مع استقالة حكومة الدكتور هاني الملقي بعد سلسلة احتجاجاتٍ شعبيةٍ شملت مختلف محافظات المملكة، كان أبرزها وما يزال الاعتصام اليومي لمواطنين على مقربةٍ من مقر رئاسة الوزراء في منطقة الدوار الرابع بالعاصمة عمّان.
احتجاجات أطلق شرارتها مشروع قانون ضريبة الدخل المرفوض شعبياً، ونقابياً ومن قوى اقتصادية ومنظمات مجتمع مدني، والذي أرسلته حكومة الملقي قبل استقالتها إلى مجلس النواب الشهر الماضي، فيما ترى فيه الجهات الرافضةٍ للقانون، إضراراً بالاقتصاد الوطني، وزيادةً في الأعباء الملقاة على كاهل شرائح المجتمع.
الرفض الشعبي لمشروع قانون ضريبة الدخل ما لبث أن تعاظم إلى رفضٍ للنهج والسياسات الاقتصادية والمالية المتبعة من قبل الحكومة، كونها طالت جيوب المواطنين من خلال فرض مزيدٍ من الضرائب عليهم ورفع الدعم عن سلعٍ أساسيةٍ، بينما غدا المواطن مثقلاً لا يقوى تحمل مثل هذه الإجراءات الرسمية التي تتساوق واشتراطات صندوق النقد الدولي ضمن برنامج التصحيح الاقتصادي.
وبالرغم من أن الأزمة في البلاد اقتصادية الطابع والملامح، إلا أن حلها يبقى سياسياً، يقتضي توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار، وإجراء حواراتٍ وطنيةٍ تتسع لكل طيفٍ ولونٍ، بحيث تشتبك الحكومة بالمعنى الايجابي مع الفعاليات الشعبية والقوى الوطنية والحزبية والنقابية والاقتصادية، ومنظمات المجتمع المدني؛ لبحث جذور هذه الأزمة وللوقوف عليها بكل تمحيصٍ، وكذلك للخروج بحلولٍ عمليةٍ قابلةٍ للتنفيذ بأسرع وقتٍ ممكنٍ بعيداً عن أي تراخٍ أو مواربةٍ.
وزد على ذلك، حتمية لجوء الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور عمر الرزاز إلى إحداث استدارةٍ في ملفها الاقتصادي نحو الاعتماد على الذات والانتاجية في المشاريع؛ لتغطية عجز الموازنة والدين العام بدلاً من الركون إلى وصفات صندوق النقد، والبنك الدولي، والتي أثارت سخط المواطنين ودفعتهم للتظاهر في الميادين والشوارع؛ للتعبير عن رفضهم للنهج الاقتصادي القائم.
حكومة الرزاز مطالبة بتفكيك ملفات شائكة إلى جانب الملف الاقتصادي، أهمها استعادة ثقة المواطن التي اضمحلت بالحكومات المتعاقبة في السنوات العشر الأخيرة؛ جراء سياساتها الاقتصادية والمالية، والعمل على إطفاء جذوة الاحتجاجات الشعبية التي أيقظها المساس بقوتها، فضلاً عن ضرورة الانفتاح على كافة مكونات العمل السياسي والنقابي والحزبي والاجتماعي عبر حوارٍ بناءٍ يراكم الانجازات ويوحد الموقف الرسمي والشعبي في مواجهة التحديات.
كما أن الحكومة الجديدة مطالبة بملامسة هموم المواطنين عن كثب لا من خلف المكاتب المريحة ومن تحت أجهزة التبريد في ظل إقبال صيفٍ يتوقع أن يكون ملتهباً على المستويين المحلي والإقليمي، ناهيك عن أهمية معالجة نسب البطالة المرتفعة بين فئة الشباب، إذ أن هنالك شاباً من كل خمسة شبابٍ متعطلٍ عن العمل، وفق أرقامٍ رسميةٍ.
وفوق ذلك، تبقى الحاجة إلى تحسين المستوى المعيشي للمواطن ذات أهمية قصوى، لا بدّ للحكومة الجديدة العمل على تحقيقها من خلال خلق فرص عملٍ للشباب في القطاعين العام والخاص، واستقطاب استثماراتٍ خارجيةٍ ترفد خزينة الدولة بالمال.
ويبقى الأهم إلى جانب كل ذلك، ضرورة تنويع الحكومة لخياراتها الاقتصادية والسياسية بشكل موسعٍ، لا أن تحصرها ضمن نطاقٍ محدودٍ، لا يسعفها على إطفاء الحرائق المشتعلة.