[rtl]
“المتسلل إلى أعلى”.. رئيس الوزراء “الأكثر إرباكاً” في السياسة الأردنية: أسلافه يراقبونه بتوجس والمؤسسات تتركه لمصيره.. التيارات السياسية مرتابة وتتخلى عنه في البرلمان “وتدعمه على الخاص”.. الحراك يتذبذب أمام الرزاز والشارع يمسك وردة “نحبه أو لا نحبه”!
July 29, 2018
[/rtl]
[rtl]
أمام الأحزاب.. رئيس بلا “رأس”!
ليس فقط التوازن الديمغرافي، فالتوازن السياسي التقليدي يتهاوى أيضا بمعادلة الحراك، فما كان يشير بالسابق الى أهمية “ساحقة” لمكون الاخوان المسلمين مثلا بين المعارضة خارج المؤسسات او حتى داخلها، تلاشى مع ديناميات التحرك الشعبي، وهنا يمكن التذكير بتأكيد للقيادي- الذي قد يصبح قريبا “سابقاً”- في جماعة الاخوان المسلمين زكي بني ارشيد ان شباب الاخوان المسلمين كانوا متواجدين في الحراك ولكن بصفتهم متضررين من قانون الضريبة ودون ان يقوموا بما يدلّ على هويتهم السياسية.
التصريح المذكور يؤكد ان الجماعة أدركت جيداً خطورة الظهور كجماعة، وهنا ان تحدث القياديون عن “حماية الحراك”، فهذا لا ينفي انهم ايضاً كانوا يحمون أنفسهم بعدما خرج مكوّن لا يمكن لهم حتى ان يتنبؤوا بهويته وتوجهاته، رغم ان إشارات الغناء والعزف وتدخين الارجيلة على الدوار الرابع، قد تشي على الأقل انه ليس من الاخوان.
“الحراك الأردني كان بلا رأس″، كانت هذه معضلة الدولة في الحراك الأخير، فالتقديرات الأمنية في أحسن احوالها لم ترصد “ثلثا” من الموجودين كاملاً ككتلة محسوبة على أحد، بل على العكس فبعض التقديرات وبعد انتهاء الحراك بدأت تحاول “حساب” الشباب في الشوارع على جهة التيار المدني للإيحاء بأن هذا ما دفع المرجعيات لاختيار شخصية كالدكتور الرزاز. ولكن ذلك لا يستقيم مع معلومات “رأي اليوم” التي اشارت الى عدم استشارة “نهائياً” لرموز التيار المدني حول شخص الرئيس، بالإضافة الى كون الدكتور الرزاز لم يأتِ محمولاً على الاكتاف، أو طالب به التيار المدني، لا بل وتخلى عنه في أولى معاركه المتمثلة في طلب الثقة.
على العموم حكاية التيار المدني أصلا مختلفة، فكثير من رموز التيار أصلا لا يحسبونه “أباً فعليا للتيار” لا بل ويشيرون الى انه لم يكن يريد الظهور بواجهة التيار في اطلاقه وانطلاقته، وحتى الرزاز لا يحسب نفسه على التيار ولا يسوق لنفسه على أساس انه ابن التيار البار، طبعاً هذا كله مع افتراض ان التيار نفسه “تيار مكتمل” وتجربته ناضجة.
النخب السياسية المختلفة (لم يحجب فقط نواب التيار المدني فقد حجب أيضا نواب الاخوان المسلمين والمحسوبون على اليسار)، تصر على انها تدعم تجربة الرجل رغم ان معظم من تحادثت معهم “رأي اليوم” خلال الأيام الماضية كانوا ممن حجبوا عنه الثقة في البرلمان اما بشخوصهم او تياراتهم او انصارهم. الغريب ان نمطاً بدا واضحاً جداً امام “رأي اليوم” فهؤلاء بمعظمهم حجبوا الثقة امام الشاشات ولكنهم منحوها له في المحادثات الخاصة، وهو ما يتفرد به أيضا الرئيس الجديد، حيث المسيسين منقسمين على أنفسهم أيضا على الرجل.
بحجب الثقة عن الرزاز من النواب المسيسين في البرلمان وخصوصا النواب المحسوبين على التيار المدني يكون الرجل تماهى تماماً مع الحراك، وأصبح بكل الحسابات “بلا رأس” ولا مرجعية الا مرجعيته الشخصية، وعليه تصدُق مجدداً حساباته ولو مرحلياً.
الرزاز والحراك.. علاقة معقدة!
الرزاز ومنذ توليه منصبه اعتبر ان مطالبات النخبة السياسية بولاية عاملة وإصلاح سياسي وغيرها، ليست هي ما يلزم الشارع في المرحلة الحالية، وبالنظر الى هرم الاحتياجات في المجتمع الأردني، يمكن التأكد من كون الرجل راهن أصلا على الأغلبية التي أوصلت البلاد لمرحلة أصبح هو رئيسا بعدها. من هنا يمكن مراقبة ان الرجل بات فجأة مقبولا شعبيا وبصورة واسعة رغم انه فعليا لم يقم باستعراضات كبيرة ولم يظهر منه أي قفزات في الهواء على وزن اعتقال “حيتان الفساد” الحقيقيين او اقتياد مسؤولين للسجون او حتى زيادة الرواتب وحدودها الدنيا.
الشباب الحراكيون الذين تتابعهم “رأي اليوم” يرصدون بصورة محمومة الرجل وتحركاته وتتقلب آراؤهم بما يقوم به كل يوم، وهذا بحد ذاته قد يؤخذ كمؤشر إيجابي ولصالح الدكتور الرزاز، لو استمر في استغلال مرحلة “عدم اليقين” التي تشكلت حوله بصورة إيجابية.
حراك الشارع الذي كان بحد ذاته “غير تقليدي” قبل نحو شهرين، يبدو انه لم يجد تماما ما تصوره في الرزاز (هذا لو افترضنا ان السواد الأعظم منه تصوّر أصلاً شكل رئيس الوزراء القادم)، وهذا مُبَرّر بنشوة ما حققه الشارع، فالحراك الشعبي الناجح والذي اقال حكومة الدكتور هاني الملقي خلال اقل من أسبوعين، يجب ان يكون توقّع “سيكولوجياً” رئيس وزراء مختلف واستعراضي، ولكنه فوجئ برئيس يكاد لا يحمل جانباً استعراضياً الا في حقيقيته التي يتعامل فيها مع الشارع، سواء وهو يكتب ويجيب على شبكات التواصل الاجتماعي، او حتى وهو يتواصل مع الشارع في العدد المحدود من الزيارات الميدانية التي قام بها حتى اللحظة.
بهذا المعنى لا يصل الرزاز لأقصى ما يتمناه الحراك، ولكن الأهم انه لم ينزل عن الحد الأدنى للتوقعات، أو للدّقة، فالحراكيون والشارع بشكل عام لم يصنّف الرئيس بعد، رغم كل ما يبدو أحيانا كشعبية واسعة، فمتابعة “رأي اليوم” الدقيقة تؤكد أن “تخطيط نبض الثقة الشعبية” لا يزال يرتفع وينخفض ولم يستقر حتى اللحظة. الايجابي ان الشارع لا يتأهب لانقضاضة على الرجل حتى اللحظة ويحاول ان يجد أي مؤشر حقيقي للإيجابية، كمحب يمسك وردة ويقطع اوراقها متسائلا “نحبه او لا نحبه.. نريده او لا نريده”!
بكل الأحوال، حالة اللايقين يستغلها الرزاز في محاربة بعض “الانطباعات السلبية” اكثر من القيام بالأفعال، وهذا له إيجابيات مرحلية، ولعل الدكتور عمر صاحب الشهادات العليا في الاقتصاد والتخطيط والقانون معاً، وابن المؤسسات الدولية المالية الاعقد، يدرك ذلك جيداً، ويدرك أيضا ان فريقه الوزاري المرتبك والمزدحم جداً بات بحاجة تنظيم وانه امام استحقاق تعديل الفريق بالضرورة، والأخطر ان الرئيس لا بد يعرف ان حسم الحيرة في الشارع سيكون عبر نائبه الدكتور رجائي المعشر وما ستخلص اليه لقاءاته مع الشارع خصوصاً فيما يتعلق بقانون ضريبة الدخل، الذي كان سبب تحرك الدوار الرابع بالأساس.
بهذا المعنى ففتيل الحسم بيد المعشّر الذي يصرّ كثيرون على حسابه على المحافظين، رغم انه أوضح غير ذلك امام “رأي اليوم”، هذا كله يجعل من الضروري تذكير الرزاز المُربك جداً “أن الحراك الذي عرف طريق الرابع مرة، لن يتوانى بالعودة اليه إذا اضطر”!
[/rtl]