قصة الكلمات المتقاطعة
كثيرون يرون أو ربما يهوون حل الكلمات المتقاطعة المنشورة في الصحف والمجلات بل على الانترنت.
ولكن.. قلة يعرفون قصة "اختراعها" التي حدثت في شهر كانون الأول من العام 1913.
يومها وقع آرثر أوين رئيس تحرير جريدة "نيويورك وورلد" في مأزق تمثل باقتراب موعد طباعة الجريدة التي كانت تصدر يوم الأحد، وما يزال أمامه فراغ على إحدى صفحاتها عليه أن يملأه بأي مادة ممكنة.
وفي لحظة ارتباكه أمسك بقلم، وأخذ يكتب مجموعة من الكلمات المبعثرة من دون عناية بترتيبها، بحثاً عن فكرة لمادة صحفية.
ومن ثم راح يكتب كلمة واحدة ويختار الحرف الذي تنتهي به ليكتب كلمة أخرى تبدأ بهذا الحرف.
وسرعان ما وجد قصاصة الورق أمامه تتزاحم بالكلمات.. بعضها مكتوب بشكل أفقي والآخر رأسي.. وكل كلمة تتصل بأخرى من خلال حرف مشترك معها.
فكر أوين بهذه الكلمات وأوضاعها، ورأى أنها قد تشكل مادة مسلية، أو لعبة جديدة تكون الكلمات وكتابتها بشكل صحيح مادتها، الأمر الذي لا يخلو أيضاً من الفائدة، فقام الرجل بمحو بعض الكلمات، وترك أماكن حروفها خالية.
وكتب حلاً يتضمن معاني تلك الكلمات، بحيث يكون المطلوب من القراء تخمين ماهية الكلمات الناقصة استناداً إلى معانيها وعدد الفراغات المساوية لعدد الحروف الناقصة.
ويسهل ذلك على القارئ تقاطع الكلمات مع بعضها البعض وتوافر بعض حروفها، وأطلق أوين على هذه الأحجية "لعبة الكلمات المتقاطعة".
ظهرت أولى هذه الأحاجي في عدد 21 كانون أول 1913 في جريدة "نيويورك وورلد"، وأحب القراء هذه اللعبة المسلية والمفيدة وبسرعة تبنتها عشرات الصحف الأميركية، لتنتشر بعد ذلك في معظم الصحف والمجلات في العالم، وفي عام 1924 طبع أول كتاب مختص بالكلمات المتقاطعة، وقد أهدي مع كل كتاب قلم مجاني للدعاية التسويقية، فكان أكثر الكتب مبيعاً في العالم آنذاك.
والمثير أن دراسة علمية حديثة اكدت أن الحرص على حل الكلمات المتقاطعة يوميا يجعل العقول أكثر تنبهاً كلما كبر الأشخاص في السن، وتؤخر شيخوخة العقل 10 سنين.
ونقلت صحيفة الديلي ميل عن خبراء بريطانيين أن حل الألغاز اللغوية الصعبة التي غالبا ما توجد في الصحف الورقية، يساعد على زيادة التركيز والتفكير المنطقي ويقوي الذاكرة.
يبقى ان هذه اللعبة المهمة التي غذت عقول اجيال بالمعلومات، باتت مهددة في عصرنا، بسبب انتشار الالعاب الالكترونية والموبايلات، وأحيانا بسبب "جفاف" معلومات معديها واستسهالهم إعدادها.