قراءة وإضاءة حول المعيار الشرعي رقم 39 بشأن الرهن وتطبيقاته المعاصرة
1. يتناول هذا المقال المعيار الشرعي بشأن الرهن وتطبيقاته المعاصرة، ويتضمن المعيار تسعة بنود: نطاق المعيار، تعريف الرهن، أحكام الرهن، رهن الأوراق المالية والصكوك، رهن الحسابات الجارية والتأمينات، رهن الوحدات الاستثمارية والحسابات الاستثمارية، رهن ما سيملك، التأمين على المرهون، زكاة المرهون، عدا تاريخ الإصدار والنبذة التاريخية ومستند الأحكام الشرعية. ويتناول هذا المقال القضايا النقاشية في المعيار قراءة وإضاءة.
2. نطاق المعيار: يتنــاول هذا المعيــار الرهــون التي تطلبها المؤسســة لتوثيــق الديون والالتزامات التي تنشــأ لصالح المؤسســة في ذمم عملائها من الأفراد والمؤسسات الأخرى. كما يطبق على الرهون التي تقدمها المؤسسة لجهات أخرى لتوثيق ما ينشأ في ذمة المؤسسة من ديون والتزامات لصالح تلك الجهات. ويطبق أيضًا على الرهون التي تحفظها المؤسسة لصالح جهات أخرى بصفتها عدلًا أو وكيلًا.
3. القراءة: مشروعية الرهن: عقــد الرهن لازم في حق الراهن بمجــرد العقد، ولا يجوز للراهن فســخ عقد الرهن أو إنهاؤه من طــرف واحد، ويجوز للدائن المرتهن فسخه من طرف واحد.
4. الإضاءة: العقود إما أن تكون لازمة للطرفين كالبيع والإجارة، أو جائزة للطرفين كالوكالة من غير أجر والإعارة والقرض غير محدد المدة، أو لازمة لأحدهما جائزة للآخر كالرهن، فهو لازم للراهن المدين، وغير للمرتهن الدائن لأنه لمصلحته فجاز له التخلي عنه في أي وقت.
5. القراءة: يحصــل قبض المرهــون بما يحصل به قبــض المبيع فقد يكون قبضا حقيقيا بوضع اليد وهو الرهن الحيازي، وقد يكون قبضًا حكميًا عن طريق التســجيل والتوثيق وهو الرهن التأميني أو الرهن الرسمي، وتثبت له أحكام الرهن.
6. الإضاءة: الرهن الرسمي، يتيح فرصة للمدين أن يستعمل عقاره أو يستغله، ومن التطبيقات أن يلزم الدائن المدين بالتأمين على العقار، أو إجراء الصيانة الدورية للحفاظ على العقار بحاله صالحًا للوفاء بأصل الدين، وهذا فيه مصلحة للدائن.
7. يجــوز للمُرتِهن أن يشــترط على الراهــن توكيل المرتهن أو وكيــل المرتهــن أو الشــخص المتفق عليه فــي بيع الرهن والاســتيفاء من ثمنه عند عدم الوفاء دون الرجوع إلى القضاء. ولا يملك الراهن الرجوع عن هذه الوكالة.
8. الإضاءة: الوكالة ببيع الرهن، قد تثير شبهة غلق الرهن، لأن الأمر هنا هو لتسهيل استيفاء المرتهن لدينه عند تحقق موجب للرجوع على الرهن، كأن يتخلف الراهن المدين عن السداد عدة أقساط محددة بالعقد، والأصل ان يقوم الوكيل المرتهن أو غيره ببيع الرهن بسعر السوق ويستوفي منه المرتهن دينه الواجب، ويعيد الزائد إن وجد للراهن. ولا يخفى أن هذا التصرف ليس متاحًا في أي من البلاد غالبًا دون الرجوع للقضاء لأخذ حكم تنفيذي على الرهن، ويتم البيع بمعرفة القضاء. ولكن ما تذكره العقود الشرعية هو للتأسيس لهذا الحق شرعًا، ولا يعني بالضرورة إمكانية التنفيذ بموجبه دون رجوع للقضاء. ولا شك بأن الرجوع للقضاء فيه حماية للمدين من تغول الدائن.
9. وهنا تثار إشكالية الدين الواجب السداد في حال التخلف، فهل هو كل الدين (الأصل والربح) أم الأصل دون الربح. نصت المعايير الشرعية والمجمع الدولي على أن يجوز للدائن أن يشترط حلول كل الأقساط في حال التخلف عن السداد، ولم يفصل. فهل يستوفى الدائن عند الحلول كل الدين مع الأرباح التي أضيفت للتأجيل ابتداء أم يكتفي بالأصل دون ربح الفترة المتبقية؟
10. الإجابة: المقرر في المجمع الدولي في مسألة الحطيطة مقابل التعجيل أنه لا إلزام على الدائن بالحط من الدين مقابل التعجيل وإنما تكون صلحًا بين الطرفين بما يتفقان عليه عند التعجيل. والذي يظهر لي بأن حالة مطالبة الدائن بالحلول كما في حالتنا يلائمها إلزامه شرعًا بأن يحط من الدين ربح الفترة المتبقية. والشبهة الواردة في المنع من الإلزام بالحط مقابل التعجيل أو الاتفاق الملزم عليه هي شبهة الربا، لأن الثمن يصبح مترددًا بين الزيادة والنقصان بالنظر إلى الزمن. وهذه الشبهة لا ترد في محل النزاع لأنه لا يوجد اتفاق مسبق بين الطرفين على الحط، وإما حالة استثنائية لزم منها التعجيل بالوفاء. وبصفة عامة القضاء لا يحكم إلا بأصل الدين، مع مراعاة فوائد التأخير (المحرمة) والأضرار.