قانون ساكسونيا
د. أحمد سعيد يكتب:
ما زالت كلمة قانون ساكسونيا تقفز إلى الأذهان مع أي من المشاهد والممارسات التي نراها في حياتنا اليومية، ولا تحترم القانون أو تتجاوز وجود القانون في حد ذاته..
ولمن لا يعرف أصل قانون ساكسونيا فقد نشأ هذا القانون في ولاية ساكسونيا الألمانية في القرن الخامس عشر الميلادي حيث انقسمت تلك الولاية إلى طبقة العمال الكادحين وطبقة النبلاء الأغنياء الذين امتلكوا أراضي وأموال الولاية, وقام النبلاء بوضع قانون ساكسونيا الذي نص على معاقبة المخطئين من الفقراء والنبلاء ولكن كانت العقوبة تختلف في طريقة تنفيذها فكانت تنص على قطع رقبة القاتل إن كان من الفقراء أما لو كان من النبلاء فيؤتى به ليقف في الشمس ثم تقطع رقبة ظل النبيل وهكذا ... لو سرق احد الفقراء يجلد اما لو سرق احد النبلاء فيجلد ظله , ولو حكم بالسجن على احد الفقراء يتم سجنه اما لو صدر الحكم بالسجن على احد النبلاء فكان يدخل السجن من الباب الرئيسي ولكن يخرج من الباب الخلفي في الحال ...
هذه هي العدالة في ولاية ساكسونيا والتي اصبحت رمزا للقانون الغائئب الذي يطبق على بعض الافراد ويستثني البعض الاخر وللاسف اصبحنا نرى العديد من المشاهد التي يقف فيها القانون غائبا مستلهما روح العدالة الساكسونية .
وابسط تلك المشاهد نراها يوميا في الشارع فكم من سيارات قام اصحابها بطمس ارقام لوحاتها المعدنية ووضعوا مكانها ما يفيد بانتمائهم الي الهيئات القضائية او جهاز الشرطة في اشارة ساخرة الي غياب العدل بواسطة من يفترض بهم ان يكونوا اداة تنفيذه .
لماذا يختفي القانون امام اسغلال الشوارع والارصفة فمن اعطي حق اشغال الرصيف للمقاهي كي تمتد المقاعد والمناضد والشيشة لتحتل مساحة تفوق مساحة المقهي نفسه وتمنع اي مواطن من اي يمشي في طريقه وتجبره على السير بين السيارات بعيدا عن حرم المقهى ..؟؟؟
من اعطى الحق لمعارض السيارات ان تضع سيارتها فوق الرصيف وتحوله الى ساحة لعرض السيارات وتضع السيارات في كل مساحة خالية تستطيع ان تصل اليها فوق الرصيف وتحت الرصيف ليصبح وجود معرض للسيارات في اي عقار لعنة تصيب قاطني هذا العقار الذين يعجزون عن ايجاد اماكن لسيارتهم ؟؟
لماذا يختفي القانون امام وجود تلك الفئة المسماة بالسياس وهم في الاصل مجموعة من البلطجية استباحوا لنفسهم فرض اتاوة على اصحاب السيارات وبسطوا نفوذهم على الشوارع ومن لا يمتثل لهم يتحمل ما يفعلونه بسيارته كي لا يعاندهم مرة اخرى ..؟؟
لن نتكلم عن قضايا كبيرة او عدالة اجتماعية ولكن نتكلم عن مشاهد يومية يراها الجميع واعتاد عليها حتى اصبحت لا تثير الدهشة والاستغراب من وجودها مع ان الاصل هو غيابها ولو ان القانون يطبق فعلا لأحس المواطن بالعدالة ولكن يبدو انه كتب علينا ان نشعر فقط بعدالة ساكسونيا حتى يتغير الوضع ويطبق القانون على الجميع بدون استثناء....