حضارات اختفت في ظروف غامضة !
على مر التاريخ ظهرت الكثير من الحضارات العظيمة في شتى بقاع الأرض، فكانت مختلفة في كثير في ثقافتها وتطورها وتنظيمها .. إلا أن شيئاً واحداً كان مشتركاً بينها جميعاً، أنها زالت.
هناك وثائق عمرها مئات السنين تشير إلى اكتشاف معابد عملاقة وسط الغابات، أو حفر كبيرة ملأى بالكنوز العائدة إلى قصور عظيمة. مما يثير تساؤلاً مثيراً.. لماذا ترك الناس هذه المدن المزدهرة أو المراكز الزراعية أو الطرق التجارية؟ غالباً؛ الجواب هو.. لسبب غير معروف!
إليكم أصدقائي عشر حضارات عظيمة ما يزال زوالها سراً كبيراً..
المايا
قد تكون حضارة المايا المثال الكلاسيكي للحضارة التي فقدت تماماً، تماثيلها العظيمة؛ طرقها؛ مدنها جميعها غائرة في أعماق غابات أميركا الوسطى، وسكانها تبعثروا في قرى صغيرة متناثرة.
رغم أن لغاتها وتقاليدها ماتزال باقية إلى يومنا هذا، إلا أن الذروة التي بلغتها هذه الحضارة كانت في الألفية الأولى بعد الميلاد، حيث كانت الإنجازات العمرانية والمشاريع الزراعية الضخمة التي غطت ما يعرف اليوم بيوكاتان (المنطقة الممتدة من المكسيك إلى غواتيمالا في أميركا الوسطى). كأعظم حضارة في أميركا الوسطى.
اعتمدت المايا بشكل واسع على الأدب والرياضيات والتقويم المفصل والهندسة المعقدة التي ظهرت في أهراماتها المشهورة ومساطبها الزراعية. ورغم أن الشائع أو المعروف هو بدء الانحطاط في القرن الأخير من حياتها، إلا أنه توجد دلائل كثيرة على تسبب الظروف المناخية القاهرة والحروب الطاحنة في مجاعة المايا ونزوح السكان عن مراكز المدن.
وادي السند
من أعظم حضارات العالم القديم. قبل آلاف السنين، حين كان عدد سكان الكوكب لا يتجاوز 50 ميلون، قارب عدد سكان هذا الوادي الخمسة ملايين نسمة متوزعين بين الهند وإيران والباكستان وأفغانستان.
بيد أن شوارعها الكبيرة (مع أنظمة التصريف المعقدة على جابني الطرق) ومحلات بيع المعادن وأبنيتها الضخمة متعددة الطوابق والمبنية بقطع الطوب كلها بقيت مهجورة من 3000 سنة إلى يومنا هذا !
يعتقد – كما في المايا – أن التغيرات التدريجية في كميات هطول الأمطار حرمت الناس من تأمين الطعام الكافي لهذا التعداد الضخم من السكان، فعزفوا عنها.
جزيرة الفصح
شعب هذه الجزيرة مثال آخر للحضارة المفقودة. حضارة اشتهرت بتماثيلها العملاقة والغامضة لرؤوس بشرية متوزعة على طول ساحل الجزيرة (كالحراس لها)، فكيف لهذه الحضارة المزدهرة بعد مئات السنين من بناء هكذا تماثيل والإبحار مئات الأميال لتصل من جزيرة إلى أخرى أن تندثر هكذا؟
يظن بعض العلماء اليوم أن سكان هذه الجزيرة أثناء قرون استيطانهم فيها استنفدوا كافة الأشجار والمزروعات مع الزمن فرحلوا عنها !
كاتال هيوك
غالباً ما تلقب بأٌقدم مدينة في العالم. هي مدينة كبيرة وحضارة زراعية قامت منذ 7000-9000 سنة في الجنوب التركي.
ما يثير حقاً حول هذه المدينة هو تصميمها المختلف جداً عن المدن في تلك الفترة، فلم تكن تملك شوارع. نعم بلا شوارع! بل كانت الأبنية تبنى على شكل قفير (خلية) النحل، وكانوا يتنقلون عبر سلالم بين السقوف ويدخلون بيتوهم عبر فتحات في سقوفها ! ليس هذا فقط، بل يعتقد أنهم كانوا يزينون مداخل بيوتهم بالجماجم المزخرفة.
رغم أن هذه الحضارة وجدت قبل العصور الحديدة وعصور الكتابة، إلا أنها تركت أدلة على وجود مجتمع معقد، متشبع بالفنون والمراسم والعادات العامة. استمرت هذه الحضارة لـ 2000 عام، ثم اختفت. لا سبب معروف حتى الآن.
كاهوكيا
قبل أن يفعلها الأوروبيون بزمن، قام ما يعرف بالميسيسبيين ببناء مدينة كبيرة محاطة بعشرات الأهرام الترابية والمجموعات الدائرية من البنى الخشبية التي تهدف لمراقبة حركة النجوم. افترشت هذه المدينة مساحة تقارب 16 كم2 يمكنك أن ترى بقاياه في ولاية إيلينويس في أميركا. أحاط بهذه المدينة حوالي 100 هرم واحتوت في مركزها على ميدان واسع. كان سكانها –الذي زاد عددهم عن 40,000- فنانين ومعماريين ومزارعين بارعين أبدعوا فنوناً رائعة بالأصداف المحار والنحاس والحجارة، حتى أنهم حولوا مجرى أحد فروع نهر الميسيسبي ليروي أراضيهم.
لا يعلم أحد كيف اختفت هذه الحضارة، لكن قد يفترض البعض أن الأمراض أو الأوبئة أبعدت الناس عن مدينة كاهوكيا.
كوبيك تيبي
هي أحد أكبر الألغاز البشرية التي اكتشفت على الإطلاق. بنيت قبل الميلاد بـ 10,000 سنة! وتقع في ذروة الهلال الخصيب، عبارة عن مجموعة من النصب الحجرية الضخمة على شكل دائري مقسمة بواسطة جدران والنصب الحيوانية -بطريقة توحي بشيء ما مجهول- ذات الحجم الأكبر من سابقتها. يعتقد أن هذا المكان كان معبداً للقبائل في تلك المنطقة.
في الحقيقة، هذا أقدم بناء باقٍ إلى اليوم صنعه البشر على الإطلاق، ويعتقد أنه يمثل ذروة حضارة بلاد الرافدين في تلك الفترة.
ماذا كان الناس يعبدون هنا؟ ومتى قدموا؟ وهل كانوا يقومون بشيء آخر غير العبادة؟ كلها أسئلة ربما لن تعرف لها جواباً مطلقاً.
أنغكور
ربما معظم الناس سمعت بمعبد أنغكور وات الشهير في كمبوديا، إلا أنه جزء بسيط من حضارة مدنية كبيرة قامت في عاصمة الإمبراطورية الخمرية أنغكور. المدينة التي بلغ عدد سكانها المليون نسمة، توجد العديد من الأسباب التي يظن أنها أدت إلى سقوطها، منها الكوارث الطبيعية والحروب والتي أدت جميعها أن تنطمر هذه الحضارة في غابات كمبوديا اليوم.قد يكون أكثر ما يثير الغرابة في هذه المدينة هو عدم قدرة علماء الآثار على تقدير عدد سكانها تماماً، فلو أخذنا بعين الاعتبار الطرق والأقنية المائية التي ربطت بين مناطقها، فستكون بذلك أكبر تجمع بشري في عصرها.
صحيح أن تمثالاً متحطماً قد لا يدل على حضارة بالضرورة، إلا أن بعض هذه التماثيل تدل بقوة. مثالنا هنا (مئذنة جام) وهي صرح عمراني مبهر بنيت في أحد المدن الأفغانية والتي لايزال علماء الآثار يظنون أنها مدينة عاشت فيها طوائف من عدة ديانات بينها المسلمون والمسيحيون واليهود معاً لمئات السنين. من الممكن أن هذه المئذنة كانت في العاصمة الأفغانية المفقودة، جبل فيروز.
نيا
الآن نيا هي بقعة مهدمة في الصحراء الصينية، لكن قبل 1600 سنة كانت مدينة مزدهرة في واحة على طريق الحرير الشهير. على مدى القرنين الماضيين، استخرج علماء الآثار كنوزاً لاتعد ولا تحصى من بين الرمال لمكان كان عامراُ بالبيوت الخشبية والمعابد.
تمثل نيا الأثر الباقي من بداية طريق الحرير الذي ربط الصين بوسط وغرب آسيا و بأوروبا وأفريقيا. الطريق الذي سلكه التجار والحجاج والعلماء يتبادلون الأفكار والثقافات خالقين حضارات مدنية ومتطورة على طول 7000 كم من طريقه، والذي زال أثره بانحطاط الإمبراطورية المغولية وتفضيل التجار الطرق البحرية للتجارة مع الصين بعدها.
نبتة بلايا
بين 6500-7000 سنة قبل الميلاد، حضارة مدنية عظيمة قامت في صحراء مصر. سكان هذه الحضارة ربوا الأبقار، ومارسوا الزراعة، وصنعوا الخزف، وتركوا وراءهم حجارة تدل على وجود فلكيين بينهم. يعتقد أن الأمطار الموسمية هي من جعلت من قيام هكذا حضارة في وسط الصحراء أمراً ممكناً حتى أن العلماء حتى يومنا يظنون أنها سلف حضارة مدن النيل العظيمة التي قامت فيما بعد.