بدء العد العكسي: البحث عن دولة تستقبل بن سلمان كلاجئ.. ولن تكون فرنسا حيث يمتلك أغلى قصر في العالم
هل يتم البحث عن دولة تستقبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لاجئا بضمانات دولية؟ هو الخبر الذي تتداوله دوائر غربية في الوقت الراهن ويفسر الكثير من المعطيات الحاصلة في المشهد الدولي بشأن قضية اغتيال الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية يوم 2 أكتوبر الماضي.
في هذا الصدد، حصلت جريدة “القدس العربي” على خبر من مصدر غربي يفيد بمحاولات للبحث عن دولة تستقبل ولي العهد محمد بن سلمان وتحميه من أي ملاحقة قانونية مستقبلا في جريمة اغتيال خاشقجي وجرائم أخرى ومنها اعتقال الأمراء ورجال الأعمال وحرب اليمن، وقد تكون هذه الدولة من أوروبا الشرقية أو ربما آسيا.
والواقع أنه منذ عودة مديرة المخابرات الأمريكية سي إيه إيه جينا هاسبل من تركيا منذ أسبوعين واطلاعها على التسجيلات الصوتية وأدلة متعددة حول التورط الرسمي السعودي في مقتل خاشقجي تجد الإدارة الأمريكية نفسها أمام حلين لا ثالث لهما: الأول وهو فرض عقوبات قوية على السعودية بسبب خرقها القانون الدولي، ويتجلى السبب الثاني في مغادرة محمد بن سلمان ولاية العهد ولجوئه إلى دولة ثالثة.
ومنحت واشنطن لنفسها أسابيع للبحث النهائي في الحلين، وهنا يجب فهم تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عندما تحدث عن أسابيع لبحث العقوبات وهي في الوقت ذاته، مهلة زمنية للبحث عن دولة تستقبل محمد بن سلمان.
ويدخل في هذا السياق مقال الرئيس التركي طيب رجب أردوغان في جريدة الواشنطن بوست يوم الجمعة الماضية عندما شدد على صدور قرار اغتيال خاشقجي من أعلى هرم السلطة في السعودية، ومستثنيا فقط الملك سلمان بن عبد العزيز ليترك ثقل التهمة على ولي العهد محمد بن سلمان. وبهذا يقطع أردوغان الطريق على أي محاولة لتبرئة ولي العهد من طرف ما في الإدارة الأمريكية.
ولكن لماذا دولة من أوروبا الشرقية؟ التوضيحات التي حصلت عليها “القدس العربي” تؤكد استحالة لجوء بن سلمان الى دولة غربية مثل الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا، فمن جهة هناك العمل بالمحاكم الدولية التي تلاحق المسؤولين المتورطين في جرائم، ومن جهة أخرى لن يسمح الرأي العام الغربي بلجوء شخصية ممقوتة مثل بن سلمان إلى دولة غربية، وعليه الحل هو دولة من أوروبا الشرقية أو دولة من آسيا.
[rtl][/rtl] وتبقى المفارقة الكبيرة والغريبة هو امتلاك محمد بن سلمان أغلى قصر في العالم ويوجد في فرنسا، لكن لن يلجأ إليه أو يزوره نهائيا بسبب جريمة خاشقجي.
والمفارقة الكبيرة والغريبة هو امتلاك محمد بن سلمان أغلى قصر في العالم ويوجد في فرنسا، لكن لن يلجأ إليه أو يزوره نهائيا بسبب جريمة خاشقجي
المصدر المذكور يبرز “الإستبلشمنت الأمريكي يرفض استمرار محمد بن سلمان وليا للعهد لأنه متهور وسيقود إلى مغامرات قد تكلف الولايات المتحدة الكثير، وقرر التخلص منه حماية للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. السعودية دولة ذات ثقل، ومع بن سلمان أصبحت مارقة لا يمكن التعامل معها، والحل هو رحيل ولي العهد فهناك عشرات الأمراء يمكنهم تولي ولاية العهد والعرش، لقد تم اتخاذ القرار، وبقي ترامب الوحيد المتردد حتى الآن”. ويستطرد “بقاء محمد بن سلمان يعني أن الكونغرس سيفرض عقوبات عسكرية شديدة ضد السعودية، ولن يكون الكونغرس في حالة أغلبية ديمقراطية رحيما بالرياض، والعقوبات العسكرية سيعني أن إيران ستستأسد في المنطقة”.
يضاف إلى هذا، لا يمكن لابن سلمان البقاء في السعودية في حالة تخليه عن ولاية العهد لأنه سيتعرض للانتقام بل وهناك تخوف من الآن من حدوث انقلاب سواء من داخل العائلة الملكية أو من طرف الجيش الذي يعيش قلقا بسبب العقوبات العسكرية المفترضة التي قد تفرض على البلاد، مما سيضعفه في محيطه الإقليمي.
وحول كيفية تخليص ابن سلمان من الملاحقة الجنائية، يبدو أن كل شيء معد سلفا، يوجد مخرج قانوني وقد جرت الإشارة إليه وهو تأويل وقوع الجريمة في سياق وجود قرار سابق للسلطات السعودية بتكليف الخارجية والاستخبارات باستقدام كل معارض من الخارج الى الداخل حتى لا تستغله دول ثالثة معادية للمملكة. وتؤكد الدولة السعودية أنه في حالة خاشقجي وقع خطأ فظيع بقتله. هذه الرواية المعدة سلفا ترمي الى تحميل بن سلمان المسؤولية السياسية بينما تقع المسؤولية الجنائية على عاتق مساعديه الأقربين، الجنرال أحمد العسيري والوزير في الديوان الملكي سعود القحطاني.
وتعتبر إسرائيل الطرف الخاسر الأكبر من رحيل بن سلمان، وبعدما تأكدت من قرار الإدارة الأمريكية التخلص من ولي العهد وبالخصوص بعد تقرير مدير الاستخبارات الأمريكية التي زارت تركيا، لم تعد تلتزم الصمت، وخرج رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للدفاع عن ولي العهد السعودي وأهميته للشرق الأوسط. ويعد رحيل بن سلمان رحيل عراب التقارب العربي-السني مع إسرائيل من أجل وقف الهيمنة الإيرانية.
وما يجري من تطورات هو ما كانت جريدة القدس العربي أشارت إليه، وهي الخطة التي حملها مايك بومبيو الى الرياض منذ ثلاثة أسابيع وتتجلى في الاعتراف السعودي بجريمة اغتيال خاشقجي، ثم البدء في الإفراج عن أمراء ومعتقلين آخرين، وأخيرا قضية تخلي محمد بن سلمان عن ولاية العهد.
وعمليا، اعترفت السعودية بالجريمة وكانت “القدس العربي” سباقة إلى الحديث عن ذلك، وجمدت الأجهزة الأمنية السعودية اعتقال المعارضبن بل وجرى الإفراج عن الأمير خالد بن طلال كما نشرت القدس العربي يوم الجمعة الماضية في سبق لها، كما جرى الإفراج عن أمراء آخرين غير معروفين كانوا قد احتجوا أمام قصر الملك خلال ديسمبر الماضي وهناك لائحة أخرى من الذين سيفرج عنهم، والآن بدأ الانتقال إلى المرحلة الأخيرة التي وهي انسحاب محمد بن سلمان عندما سيتفق مجلس البيعة عن أمير جديد كولي للعهد لتفادي وقوع فراغ قد يؤدي إلى فوضى.
في غضون ذلك، في حالة إصرار بن سلمان على الإستمرار في ولاية العرش والاستفراد بالقرارات بسبب الوضع الصحي المتدهور لوالده الذي يعاني من ألزهايمر قد يكون الحل عبر العنف.