المبشرات بنبوته صل الله عليه وسلم ( الجزء الأول )
البشارات
(البشارة الأولى)
في الباب الثامن عشر من سفر الاستثناء هكذا: 17 (فقال الرب لي نعم جميع ما قالوا) 18 (وسوف أقيم لهم نبياً مثلك من بين إخوتهم وأجعل كلامي في فمه ويكلمهم بكل شيء آمره به) 19 (ومن لم يطع كلامه الذي يتكلم به باسمي فأنا أكون المنتقم من ذلك) 20 (فأما النبي الذي يجترئ بالكبرياء ويتكلم في اسمي ما لم آمره بأنه يقوله أم باسم إلهه غيري فليقتل) 21 (فإن أحببت وقلت في قلبك كيف أستطيع أن أميز الكلام الذي لم يتكلم به الرب) 22 (فهذه تكون لك آية أن ما قاله ذلك النبي في اسم الرب ولم يحدث فالرب لم يكن تكلم به، بل ذلك النبي صورة في تعظيم نفسه ولذلك لا تخشاه).
وهذه البشارة ليست بشارة يوشع عليه السلام كما يزعم الآن أحبار اليهود، ولا بشارة عيسى عليه السلام كما زعم علماء بروتستنت، بل هي بشارة محمد صلى اللّه عليه وسلم لعشرة أوجه:
(الوجه الأول) قد عرفت في الأمر الثالث أن اليهود المعاصرين لعيسى عليه السلام كانوا ينتظرون نبياً آخر مبشراً به في هذا الباب، وكان هذا المبشر به عندهم غير المسيح، فلا يكون هذا المبشر به يوشع، ولا عيسى عليهما السلام.
(والوجه الثاني) أنه وقع في هذه البشارة لفظ مثلك ويوشع وعيسى عليهما السلام لا يصح أن يكونا مثل موسى عليه السلام،
أما أولاً: فلأنهما من بني إسرائيل، ولا يجوز أن يقوم أحد من بني إسرائيل مثل موسى كما تدل عليه الآية العاشرة من الباب الرابع والثلاثين من سفر الاستثناء وهي هكذا: 5 (ولم يقم بعد ذلك من بني إسرائيل مثل موسى يوفه الرب وجهاً لوجه) فإن قام أحد مثل موسى بعده من بني إسرائيل، يلزم تكذيب هذا القول.
وأما ثانياً: فلأنه لا مماثلة بين يوشع وبين موسى عليهما السلام لأن موسى عليه السلام صاحب كتاب وشريعة جديدة مشتملة على أوامر ونواهي، ويوشع ليس كذلك، بل هو متبع لشريعته، وكذا لا توجد المماثلة التامة بين موسى وعيسى عليهما السلام، لأن عيسى عليه السلام كان إلهاً ورباً على زعم النصارى وموسى عليه السلام كان عبداً له، وأن عيسى عليه السلام على زعمهم، صار ملعوناً لشفاعة الخلق كما صرح به بولس في الباب الثالث من رسالته إلى أهل غلاطية، وموسى عليه السلام ما صار ملعوناً لشفاعتهم، وأن عيسى عليه السلام دخل الجحيم بعد موته كما هو مصرح به في عقائد أهل التثليث، وموسى عليه السلام ما دخل الجحيم، وأن عيسى عليه السلام صلب على زعم النصارى ليكون كفارة لأمته، وموسى عليه السلام ما صار كفارة لأمته بالصلب،وأن شريعة موسى مشتملة على الحدود والتعزيزات وأحكام الغسل والطهارات والمحرمات من المأكولات والمشروبات، بخلاف شريعة عيسى عليه السلام، فإنها فارغة عنها على ما يشهد به هذا الإنجيل المتداول بينهم، وأن موسى عليه السلام كان رئيساً مطاعاً في قومه نفاذاً لأوامره ونواهيه، وعيسى عليه السلام لم يكن كذلك
(الوجه الثالث)
أنه وقع في هذه البشارة لفظ من بين إخوتهم، ولا شك أن الأسباط الاثني عشر كانوا موجودين في ذاك الوقت مع موسى عليه السلام حاضرين عنده، فلو كان المقصود كون النبي المبشر به منهم، قال منهم لا من بين إخوتهم.
لأن الاستعمال الحقيقي لهذا اللفظ أن لا يكون المبشر به له علاقة الصلبية والبطنية ببني إسرائيل كما جاء لفظ الأخوة بهذا الاستعمال الحقيقي في وعد اللّه هاجر في حق إسماعيل عليه السلام في الآية الثانية عشر من الباب السادس عشر من سفر التكوين، وعبارتها في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1844 هكذا: (وقبالة جميع إخوته ينصب المضارب) وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811 هكذا: (بحضرة جميع أخوته يسكن).
وجاء بهذا الاستعمال أيضاً، في الآية الثامنة عشر من الباب الخامس والعشرين من سفر التكوين في حق إسماعيل في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1844 هكذا: (منتهى إخوته جميعهم سكن). وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811 هكذا: (أقام بحضرة جميع أخوته). والمراد بالأخوة ههنا بنو عيسو وإسحاق وغيرهم من أبناء إبراهيم عليه السلام.
وفي الآية الرابعة عشرة من الباب العشرين من سفر العدد هكذا: (ثم أرسل موسى رسلاً من قادس إلى ملك الروم قائلاً هكذا: (يقول أخوك إسرائيل أنك قد علمت كل البلاء الذي أصابنا) وفي الباب الثاني من سفر الاستثناء هكذا: 2 (وقال لي الرب 4 ثم أوص الشعب أنكم ستجوزون في تخوم أخوتكم بني عيسو الذين في ساعير وسيخشونكم 8 فلما جزنا أخوتنا بني عيسو الذين يسكنون ساعير الخ).
والمراد بأخوة بني إسرائيل بنو عيسو، ولا شك أن استعمال لفظ أخوة بني إسرائيل في بعض منهم كما جاء في بعض المواضع من التوراة، استعمال مجازي ولا تترك الحقيقة ولا يصار إلى المجاز ما لم يمنع عن الحمل على المعنى الحقيقي مانع قوي، ويوشع وعيسى عليهما السلام كانا من بني إسرائيل، فلا تصدق هذه البشارة عليهما
(الوجه الرابع -السابع
لنسبة تلك البشارة لنبينا صل الله عليه وسلم أنه وقع في هذه البشارة لفظ سوف أقيم، ويوشع عليه السلام كان حاضراً عند موسى عليه السلام، داخلاً في بني إسرائيل، نبياً في هذا الوقت، فكيف يصدق عليه هذا اللفظ.
(الوجه الخامس) أنه وقع في هذه البشارة لفظ أجعل كلامي في فمه، وهو إشارة إلى أن ذلك النبي ينزل عليه الكتاب، وإلى أنه يكون أمياً حافظاً
للكلام، وهذا لا يصدق على يوشع عليه السلام لانتفاء كلا الأمرين فيه.
(الوجه السادس) أنه وقع في هذه البشارة، ومن لم يطع كلامه الذي يتكلم به، فأنا أكون المنتقم من ذلك.
فهذا الأمر لما ذكر لتعظيم هذا النبي المبشر به فلا بد أن يمتاز ذلك المبشر به بهذا الأمر عن غيره من الأنبياء، فلا يجوز أن يراد بالانتقام من المنكر العذاب الأخروي، الكائن في جهنم، أو المحن والعقوبات الدنيوية التي تلحق المنكرين من الغيب، لأن هذا الانتقام لا يختص بإنكار نبي دون نبي، بل يعم الجميع فحينئذ يراد بالانتقام، الانتقام التشريعي، فظهر منه أن هذا النبي يكون مأموراً من جانب اللّه بالانتقام من منكره.
فلا يصدق على عيسى عليه السلام لأن شريعته خالية عن أحكام الحدود، والقصاص، والتعزيز، والجهاد.
(الوجه السابع) في الباب الثالث من كتاب الأعمال في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1844 هكذا: (فتوبوا وارجعوا كي تمحى خطاياكم 20 حتى إذا تأتي أزمنة الراحة من قدام وجه الرب، ويرسل المنادي به لكم وهو يسوع المسيح 21 الذي إياه ينبغي للسماء أن تقبله إلى الزمان الذي يسترد فيه كل شيء تكلم به اللّه على أفواه أنبيائه القديسين منذ الدهر 22 أن موسى قال إن الرب إلهكم يقيم لكم نبياً من أخوتكم مثلي له تسمعون في كل ما يكلمكم به 23 ويكون كل نفس لا تسمع ذلك النبي تهلك من الشعب).
وفي الترجمة الفارسية المطبوعة سنة 1816، وسنة 1828، وسنة 1841، وسنة 1842، هكذا: 19 (تونيه نما يدوباز كشت كند تاكه كناهان شمامحو شودتا كه زمان تازه كيراز حضور خداوند بيابيد) 20 (ويسوع مسيح راكه ندا بشمامي شودباز فرستد) 21 (زيراكه بايد كه آسمان أورنكا هدارد تاوقت ثبوت انجه خداوندبزبان بيغمبران مقدس خودازايام قديم فرموده است). 22 (كه موسى بيدران ما كفت كه خداى شماخداوند بيغمبري رامثل من ازبراى شما ازميان برادران شما مبعوث خواهد ثمود وهرجه أوبشما كويد شمار است كه أطاعت نماييد) 23 (واينجنين خواهد بودكه هركس كه سخن آن بيغمبر رانشنودازقوم بريده خواهدشد). فهذه العبارة سيما بحسب التراجم الفارسية تدل صراحة على أن هذا النبي غير المسيح عليه السلام، وأن المسيح لا بد أن تقبله السماء إلى زمان ظهور هذا النبي
(الوجه الثامن)
أنه صرح في هذه البشارة بأن النبي الذي ينسب إلى اللّه ما لم يأمره يقتل، فلو لم يكن محمد صلى اللّه عليه وسلم نبياً حقاً لكان يقتل، وقد قال اللّه في القرآن المجيد أيضاً: {ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين} وما قتل بل قال اللّه في حقه: {واللّه يعصمك من الناس} وأوفى وعده ولم يقدر على قتله أحد حتى لقي الرفيق الأعلى صلى اللّه عليه وسلم، وعيسى عليه السلام قتل وصلب على زعم أهل الكتاب.
فلو كانت هذه البشارة في حقه لزم أن يكون نبياً كاذباً كما يزعمه اليهود والعياذ باللّه.
(الوجه التاسع) أن اللّه بين علامة النبي الكاذب أن إخباره عن الغيب المستقبل لا يخرج صادقاً ومحمد صلى اللّه عليه وسلم أخبر عن الأمور الكثيرة المستقبلة كما علمت في المسلك الأول، وظهر صدقه فيها فيكون نبياً صادقاً لا كاذباً.
(الوجه العاشر) أن علماء اليهود سلموا كونه مبشراً به في التوراة لكن بعضهم أسلم وبعضهم بقي في الكفر، كما أن قيافا وكان رئيس الكهنة ونبياً على زعم يوحنا عرف أن عيسى هو المسيح الموعود به، ولم يؤمن بل أفتى بكفره وقتله، كما صرح به يوحنا في الباب الحادي عشر والثامن عشر من إنجيله من حديث مخيريق وكان حبراً عالماً كثير المال من النخل، وكان يعرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بصفته، وغلبت عليه ألفة دينه فلم يزل على ذلك حتى كان يوم أحد وكان يوم السبت، فقال: يا معشر اليهود واللّه إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم لحق، قالوا: فإن اليوم يوم السبت قال: لا سبت ثم أخذ سلاحه وخرج حتى أتى إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم بأحد وكان يوم السبت وعهد إلى من وراءه من قومه إن قتلت هذا اليوم فمالي لمحمد يصنع فيه ما أراه اللّه تعالى، فقاتل حتى قتل فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: مخيريق خير يهودي، وقبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمواله، فعامة صدقات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة منها.
وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيت المدراس فقال: أخرجوا إلي أعلمكم، فقال: عبد اللّه بن صوريا، فخلا به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فناشده بدينه وبما أنعم اللّه عليهم وأطعمهم من المن والسلوى وظللهم من الغمام، أتعلم أني رسول اللّه قال: اللّهم نعم، وأن القوم يعرفون ما أعرف وأن صفتك ونعتك لمبين في التوراة ولكن حسدوك قال: فما يمنعك أنت، قال: أكره خلاف قومي عسى أن يتبعوك ويسلموا فأسلم.
وعن صفية بنت حيي رضي اللّه عنها، لما قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المدينة ونزل قباء، غدا عليه أبي حيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مفلسين فلم يرجعا حتى كان غروب الشمس فأتيا، كالين، كسلانين، ساقطين، يمشيان الهوينا، فهششت إليهما فالتفت إلى أحد منهما مع ما بهما من الهم فسمعت عمى أبا ياسر يقول لأبي: أهو هو (أي المبشر به في التوراة) قال: نعم واللّه، قال: أتثبته وتعرفه قال: نعم، قال: فما في نفسك منه قال: عداوته واللّه ما بقيت أبداً فتلك عشرة كاملة فإن قيل أن أخوة بني إسرائيل لا تنحصر في بني إسماعيل لأن بني عيسو وبني أبناء قطورا زوجة إبراهيم عليهما السلام من أخوتهم أيضاً، قلت: نعم هؤلاء أيضاً من أخوة بني إسرائيل لكنهم لم يظهر أحد منهم يكون موصوفاً بالأمور المذكورة، ولم يكن وعد اللّه في حقهم أيضاً بخلاف بني إسماعيل فإنهم كان وعد اللّه في حقهم لإبراهيم ولهاجر عليهما السلام، مع أنه لا يصلح أن يكون مصداق هذا الخبر بني عيسو على ما هو مقتضى دعاء إسحاق عليه السلام المصرح به في الباب السابع والعشرين من سفر التكوين
لماذا لا تصدق تلك البشارة إلا على محمد صل الله عليه وسلم.
ومن ترك التعصب الباطل من المسيحيين، وتأمل في عبارة بطرس ظهر له هذا القول من بطرس يكفي لإبطال ادعاء علماء بروتستنت أن هذه البشارة في حق عيسى عليه السلام، وهذه الوجوه السبعة التي ذكرتها تصدق في حق محمد صلى اللّه عليه وسلم على أكمل صدق لأنه غير المسيح عليه السلام ويماثل موسى عليه السلام في أمور كثيرة:
[1] كونه عبد اللّه، ورسوله.
[2] كونه ذا الوالدين.
[3] كونه [ص 244] ذا نكاح وأولاد.
[4] كون شريعته مشتملة على السياسات المدنية.
[5] كونه مأموراً بالجهاد.
[6] اشتراط الطهارة وقت العبادة في شريعته.
[7] وجوب الغسل للجنب والحائض والنفساء في شريعته.
[8] اشتراط طهارة الثوب من البول، والبراز.
[9] حرمة غير المذبوح، وقرابين الأوثان.
[10] كون شريعته مشتملة على العبادات البدنية، والرياضات الجسمانية.
[11] أمره بحد الزنا
[12] تعيين الحدود، والتعزيرات، والقصاص.
[13] كونه قادراً على إجرائها.
[14] تحريم الربا.
[15] أمره بإنكار من يدعو إلى غير اللّه.
[16] أمره بالتوحيد الخاص.
[17] أمره الأمة بأن يقولوا له عبد اللّه ورسوله، لا ابن اللّه أو اللّه والعياذ باللّه.
[18] موته على الفراش.
[19] كونه مدفوناً كموسى.
[20] عدم كونه ملعوناً لأجل أمته.
وهكذا أمور أخر تظهر إذا تؤمل في شريعتهما، ولذلك قال اللّه تعالى في كلامه المجيد: {إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً}.
وكان من أخوة بني إسرائيل لأنه من بني إسماعيل، وأنزل عليه الكتاب وكان أمياً جعل كلام اللّه في فمه، وكان ينطق بالوحي كما قال اللّه تعالى: {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} وكان مأموراً بالجهاد، وقد انتقم اللّه لأجله من صناديد قريش والأكاسرة والقياصرة وغيرهم، وظهر قبل نزول المسيح من السماء وكان للسماء أن تقبل المسيح عليه السلام إلى ظهوره ليرد كل شيء إلى أصله، ويمحق الشرك والتثليث وعبادة الأوثان ولا يرتاب أحد من كثرة أهل التثليث في هذا الزمان الأخير، لأن هذا الصادق المصدوق قد أخبرنا على أتم تفصيل وأكمل وجه، بحيث لا يبقى ريب ما بكثرتهم وقت قرب ظهور المهدي
أهم الاعتراضات على البشارة الأولى ولعلماء بروتستنت اعتراضان، نقلهما صاحب الميزان في كتابه المسمى بحل الإشكال في جواب الاستفسار.
الأول: أنه وقع في الآية الخامسة عشر من الباب الثامن عشر من سفر الاستثناء هكذا: (فإن الرب إلهك يقيم من بينك من بين أخوتك) الخ.
فلفظ من بينك يدل دلالة ظاهرة على أن هذا النبي يكون من بني إسرائيل لا من بني إسماعيل.
والثاني: أن عيسى عليه السلام نسب هذه البشارة إلى نفسه فقال في الآية السادسة والأربعين من الباب الخامس من إنجيل يوحنا أن موسى كتب في حقي أقول آية الاستثناء على وفق التراجم الفارسية وتراجم أردو هكذا: (فإن الرب إلهك يقيم من بينك من بين أخوتك نبياً مثلي فاسمع منه) والقسيس أيضاً نقلها هكذا
(والجواب) أن اللفظ المذكور لا ينافي مقصودنا لأن محمداً عليه السلام لما هاجر إلى المدينة وبها تكامل أمره، وقد كان حول المدينة بلاد اليهود كخيبر وبني قينقاع والنضير وغيرهم، فقد قام من بينهم ولأنه إذا كان من أخوتهم فقد قام من بينهم، ولأن قوله من بين أخوتك بدل من قوله من بينك، بدل اشتمال على رأي ابن الحاجب ومتبعيه القائلين بكفاية علاقة الملابسة غير الكلية والجزئية في تحقيق هذا البدل، نحو جاءني زيد أخوه وجاءني زيد غلامه، وبدل إضراب على رأي ابن مالك، وعلى كلا التقديرين المبدل منه غير مقصود ويدل على كونه غير مقصود، أن موسى عليه السلام لما أعاد هذا الوعد من كلام اللّه في الآية الثامنة عشر لا يوجد فيه لفظ من بينك، ونقل بطرس الحواري أيضاً هذا القول ولا يوجد فيه هذا اللفظ كما علمت في الوجه السابع، وكذا نقله استفانوس أيضاً ولا يوجد في نقله أيضاً هذا اللفظ كما صرح به في الباب السابع من كتاب الأعمال وعبارته هكذا: (هذا هو موسى الذي قال لبني إسرائيل نبياً مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من أخوتكم له تسمعون) فسقوطه في هذه المواضع دليل على كونه غير مقصود فاحتمال البدل قوي جداً.
وقال صاحب الاستفسار: (إن لفظ من بينك إلحاقي زيد تحريفاً ويدل عليه ثلاثة أمور:
(الأول) أن المخاطبين في هذا الموضع كانوا بني إسرائيل كلهم لا البعض، فقوله من بينك خطاب إلى جميع القوم فصار لفظ من أخوتك لغواً محضاً لا معنى له، لكن لفظ من أخوتك جاء في الموضع الآخر فيكون صحيحاً، ولفظ من بينك إلحاقياً زيد تحريفاً.
(والثاني) أن موسى عليه السلام لما نقل كلام اللّه لإثبات قوله، لا يوجد فيه هذا اللفظ ولا يجوز أن يكون ما قال موسى مخالفاً لما قاله اللّه.
(والثالث) أن الحواريين كلما نقلوا هذا الكلام لا يوجد فيه لفظ من بينك،وإن قلتم: إن المحرف إذا حرف فَلِمَ لَمْ يحرف الكلام كله، قلت: نحن نرى في محكمات العدالة دائماً أن القبالجات المحرفة يثبت تحريف الألفاظ المحرفة فيها من مواضع أخرى منها غالباً، وأن شهود الزور يؤخذون ببعض بياناتهم، فالوجه الوجيه على أن عادة اللّه جارية بأنه لا يهدي كيد الخائنين ويظهر خيانة خائن الدين بمقتضى مرحمته، فبمقتضى هذه العادة يصدر عن الخائن شيء ما تظهر به خيانته، على أنه لا توجد ملة يكون أهلها كلهم خائنين، فالخائنون الذين حرفوا كتب العهدين كان لهم لحاظ ما من جانب بعض المتدينين فلذلك ما بدلوا الكل، انتهى.
أقول هذا الجواب بالنسبة إلى عادة أهل الكتاب النسيب كما عرفت في الأمر السابع وأقول في (الجواب) عن الاعتراض الثاني أن آية الإنجيل هكذا: (لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني) وليس فيها تصريح بأن موسى عليه السلام كتب في حقه في المواضع الفلاني، بل المفهوم منه أن موسى كتب في حقه، وهذا يصدق إذا وجد في موضع من مواضع التوراة إشارة إليه، ونحن نسلم هذا الأمر كما ستعرف في ذيل بيان البشارة الثالثة، لكنا ننكر أن يكون قوله إشارة إلى هذه البشارة للوجوه التي عرفتها وقد ادعى هذا المعترض في الفصل الثالث من الباب الثالث من الباب الثاني من الميزان أن الآية الخامسة عشر من الباب الثالث من سفر التكوين إشارة إليه، فهذا القدر يكفي لتصحيح قول عيسى عليه السلام، نعم لو قال عيسى عليه السلام أن موسى عليه السلام ما أشار في أسفاره الخمسة إلى نبي من الأنبياء إلا إليّ لكان لهذا التوهم مجال في ذلك الوقت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(البشارة الثانية)
الآية الحادية والعشرون من الباب الثاني والثلاثين من سفر الاستثناء هكذا: (هم أغاروني بغير إله وأغضبوني بمعبوداتهم الباطلة وأنا أيضاً أغيرهم بغير شعب وبشعب جاهل أغضبهم) والمراد بشعب جاهل العرب لأنهم كانوا في غاية الجهل والضلال، وما كان عندهم علم لا من العلوم الشرعية ولا من العلوم العقلية، وما كانوا يعرفون سوى عبادة الأوثان والأصنام، وكانوا محقرين عند اليهود لكونهم من أولاد هاجر الجارية.
فمقصود الآية أن بني إسرائيل أغاروني بعبادة المعبودات الباطلة فأغيرهم باصطفاء الذين هم عندهم محقرون وجاهلون، فأوفى بما وعد فبعث من العرب النبي صلى اللّه عليه وسلم فهداهم إلى الصراط المستقيم كما قال اللّه تعالى في سورة الجمعة: {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين}.
وليس المرد بالشعب الجاهل اليونانيين كما يفهم من ظاهر كلام مقدسهم بولس في الباب العاشر من الرسالة الرومية، لأن اليونانيين قبل ظهور عيسى عليه السلام بأزيد من ثلثمائة سنة كانوا فائقين على أهل العالم كلهم في العلوم والفنون، وكان جميع الحكماء المشهورين مثل سقراط وبقراط وفيساغورس وأفلاطون وأرسطاطاليس وأرشميدس وبليناس وأقليدس وجالينوس وغيرهم الذين كانوا أئمة الإلهيات والرياضيات والطبيعيات وفروعها قبل عيسى عليه السلام، وكان اليونانيين في عهده على غاية درجة الكمال في فنونهم، وكانوا واقفين على أحكام التوراة وقصصها وسائر كتب العهد العتيق أيضاً بواسطة ترجمة سبتوجنت التي ظهرت باللسان اليوناني قبل المسيح بمقدار مائتين وست وثمانين سنة، لكنهم ما كانوا معتقدين للملة الموسوية وكانوا متفحصين عن الأشياء الحكمية الجديدة كما قال مقدسهم هذا في الباب الأول من الرسالة الأولى إلى أهل قورنيثوس هكذا: (لأن اليهود يسألون آية واليونانيين يطلبون حكمة) 23 (ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوباً لليهود عثرة ولليونانيين جهالة) فلا يجوز أن يكون المراد بالشعب الجاهل اليونانيين، فكلام مقدسهم في الرسالة الرومية إما مؤوّل أو مردود وقد عرفت في الأمر الثامن أن قوله ساقط عن الاعتبار عندنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(البشارة الثالثة)
في الباب الثالث والثلاثين من سفر الاستثناء في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1844 هكذا: (وقال جاء الرب من سينا وأشرق لنا من ساعيرا ستعلن من جبل فاران ومعه ألوف الأطهار في يمينه سنة من نار).
فمجيئه من سيناء وإعطاؤه التوراة لموسى عليه السلام وإشراقه من ساعير وإعطاؤه الإنجيل لعيسى عليه السلام، واستعلانه من جبل فاران إنزاله القرآن لأن فاران جبل من جبال مكة في الباب الحادي والعشرين من سفر التكوين في حال إسماعيل عليه السلام هكذا: 20 (وكان اللّه معه ونما وسكن في البرية وصار شاباً يرمي بالسهام 21 وسكن برية فاران وأخذت له أمه امرأة من أرض مصر).
ولا شك أن إسماعيل عليه السلام كانت سكونته بمكة، ولا يصح أن يراد أن النار لما ظهرت من طور سينا ظهرت من ساعير ومن فاران أيضاً فانتشرت في هذه المواضع، لأن اللّه لو خلق ناراً في موضع، لا يقال جاء اللّه من ذلك الموضع إلا إذا أتبع تلك الواقعة وحي نزل في ذلك الموضع أو عقوبة أو ما أشبه ذلك، وقد اعترفوا أن الوحي اتبع تلك في طور سيناء فكذا لا بد أن يكون في ساعير وفاران
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(البشارة الرابعة)
في الآية العشرين من الباب السابع عشر من سفر التكوين، وعد اللّه في حق إسماعيل عليه السلام لإبراهيم عليه السلام في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1844 هكذا: (وعلى إسماعيل أستجيب لك هو ذا أباركه وأكبره وأكثره جداً فسيلد اثني عشر رئيساً وأجعله لشعب كبير).
وقوله أجعله لشعب كبير يشير إلى محمد صلى اللّه عليه وسلم لأنه لم يكن في ولد إسماعيل من كان لشعب كبير غيره وقد قال اللّه تعالى ناقلاً دعاء إبراهيم وإسماعيل في حقه عليهم السلام في كلامه المجيد أيضاً: {ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم}.
وقال الإمام القرطبي في الفصل الأول من القسم الثاني من كتابه وقد تفطن بعض النبهاء ممن نشأ على لسان اليهود وقرأ بعض كتبهم، فقال يخرج مما ذكر من عبارة التوراة في موضعين اسم محمد صلى اللّه عليه وسلم بالعدد على ما يستعمله اليهود فيما بينهم
الأول: قوله جداً جداً بتلك اللغة بمادماد وعدد هذه الحروف اثنان وتسعون لأن الباء اثنان والميم أربعون والألف واحد والدال أربعة والميم الثانية أربعون والألف واحد والدال أربعة، وكذلك الميم من محمد أربعون والحاء ثمانية والميم أربعون والدال أربعة.
والثاني: قوله لشعب كبير بتلك اللغة لغوي غدول، فاللام عندهم ثلاثون والغين ثلاثة لأنه عندهم في مقام الجيم إذ ليس في لغتهم جيم ولا صاد والواو ستة والياء عشرة والغين أيضاً ثلاثة والدال أربعة والواو ستة واللام ثلاثون، فمجموع هذه أيضاً اثنان وتسعون انتهى كلامه.
بتلخيص ما وعبد السلام كان من أحبار اليهود ثم أسلم في عهد السلطان المرحوم بايزيد خان، وصنف رسالة صغيرة سماها بالرسالة الهادية فقال فيها: (أن أكثر أدلة أحبار اليهود بحرف الجمل الكبير وهو حرف أبجد، فإن أحبار اليهود حين بنى سليمان النبي عليه السلام بيت المقدس، اجتمعوا وقالوا يبقى هذا البناء أربعمائة وعشرة سنين ثم يعرض له الخراب، لأنهم حسبوا لفظة بزات) ثم قال: (واعترضوا [ص 252] على هذا الدليل بأن الباء في بمادماد ليست من نفس الكلمة بل هي أداة وحرف جيء به للصلة فلو أخرج منه اسم محمد لاحتاج إلى باء ثانية ويقال ببمادماد، قلنا من المشهور عندهم إذا اجتمع الباآن أحدهما أداة والآخر من نفس الكلمة تحذف الأداة وتبقى التي هي من نفس الكلمة، وهذا شائع عندهم في مواضع غير معدودة فلا حاجة إلى إيرادها) انتهى كلامه بلفظه. أقول قد صرح العلماء بأن أسمائه صلى اللّه عليه وسلم مادماد كما في شفاء القاضي عياض
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(البشارة الخامسة)
الآية العاشرة من الباب التاسع والأربعين من سفر التكوين هكذا ترجمة عربية سنة 1722 وسنة 1831:(فلا يزول القضيب من يهوذا والمدبر من فخذه حتى يجيء الذي له الكل وإياه تنتظر الأمم) وفي ترجمة عربية سنة 1811 (فلا يزول القضيب من يهوذا والرسم من تحت أمره إلى أن يجيء الذي هو له وإليه تجتمع الشعوب).
ولفظ الذي له الكل أو الذي هو له، ترجمة لفظ شيلوه، وفي ترجمة هذا اللفظ اختلاف كثير فيما بينهم وقد عرفت في الأمر السابع أيضاً، وقال عبد السلام في الرسالة الهادية هكذا: (لا يزول الحاكم من يهوذا ولا راسم من بين رجليه حتى يجيء الذي له وإليه تجتمع الشعوب).
وفي هذه الآية دلالة على أن يجيء سيدنا (محمد) صلى اللّه عليه وسلم بعد تمام حكم موسى وعيسى، لأن المراد من الحاكم هو موسى، لأنه بعد يعقوب ما جاء صاحب شريعة إلى زمان موسى إلا موسى، والمراد من الراسم هو عيسى، لأنه بعد موسى إلى زمان عيسى ما جاء صاحب شريعة إلا عيسى وبعدهما ما جاء صاحب شريعة إلا محمد، فعلم أن المراد من قول يعقوب في آخر الأيام هو نبينا محمد عليه السلام، لأنه في آخر الزمان بعد مضي حكم الحاكم والراسم ما جاء إلا سيدنا محمد عليه السلام، ويدل عليه أيضاً قوله حتى يجيء الذي له أي الحكم بدلالة مساق الآية وسياقها،
وأما قوله: وإليه تجتمع الشعوب فهي علامة صريحة ودلالة واضحة على أن المراد منها هو سيدنا، لأنه ما اجتمع الشعوب إلا إليه وإنما لم يذكر الزبور لأنه لا أحكام فيه، وداود النبي تابع لموسى والمراد من خبر يعقوب هو صاحب الأحكام) انتهى كلامه بلفظه.
أقول إنما أراد من الحاكم موسى عليه السلام، لأن شريعته جبرية انتقامية، ومن الراسم عيسى عليه السلام، لأن شريعته ليست بجبرية ولا انتقامية، وأن أريد من القضيب السلطنة الدنيوية ومن المدبر الحاكم الدنيوي، كما يفهم من رسائل القسيسين من فرقة بروتستنت ومن بعض تراجمهم، فلا يصح أن يراد بشيلوه مسيح اليهود كما هو مزعومهم، ولا عيسى عليه السلام كما هو مزعوم النصارى.
أما الأول: فظاهر لأن السلطنة الدنيوية والحاكم الدنيوي زالا من آل يهوذا من مدة هي أزيد من ألفي سنة من عهد بختنصر ولم يسمع إلى الآن حسيس مسيح اليهود.
وأما الثاني: فلأنهما زالتا من آل يهوذا أيضاً قبل ظهور عيسى عليه السلام بمقدار ستمائة سنة من عهد بختنصر وهو أجلى بني يهوذا إلى بابل وكانوا في الجلاء ثلاثاً وستين سنة لا سبعين كما يقول بعض علماء بروتستنت تغليطاً للعوام وقد عرفت في الفصل الثالث من الباب الأول، ثم وقع عليهم أنتيوكس ما وقع فإنه عزل أونياس حبر اليهود وباع منصبه لأخيه ياسون بثلثمائة وستين وزنة ذهب يقدمها له خراجاً كل سنة، ثم عزله وباع ذلك لأخيه مينالاوس بستمائة وستين وزنة، ثم شاع خبر موته فطلب ياسون أن يسترد لنفسه الكهنوت ودخل أورشليم بألوف من الجنود فقتل كل من كان يظنه عدواً له وهذا الخبر كان كاذباً فهجم أنتيوكس على أورشليم وامتلكها ثانية في سنة 170 قبل ميلاد المسيح وقتل من أهلها أربعين ألفاً وباع مثل ذلك عبيداً،
وفي الفصل العشرين من الجزء الثاني من مرشد الطالبين في بيان الجدول التاريخي في الصفحة 481 من النسخة المطبوعة سنة 1852 من الميلاد (أنه نهب أورشليم وقتل ثمانين ألفاً) انتهى.
وسلب ما كان في الهيكل من الأمتعة النفيسة التي كانت قيمتها ثمانمائة وزنة ذهب وقرب خنزيرة وقوداً على المذبح للإهانة، ثم رجع إلى إنطاكية وأقام فيلبس أحد الأراذل حاكماً على اليهودية، وفي رحلته الرابعة إلى مصر أرسل أبولوينوس بعشرين ألفاً من جنوده وأمرهم أن يخربوا أورشليم ويقتلوا كل من بها من الرجال ويسبو النساء والصبيان فانطلقوا إلى هناك.
وبينما كان الناس في المدينة مجتمعين للصلاة يوم السبت هجموا عليهم على غفلة فقتلوا الكل، إلا من أفلت إلى الجبال واختفى في المغاير، ونهبوا أموال المدينة وأحرقوها وهدموا أسوارها وأخربوا منازلها ثم ابتنوا لهم من بسائط ذلك الهدم قلعة حصينة على جبل اكرا، وكانت العساكر تشرف منها على جميع نواحي الهيكل ومن دنا منه يقتلونه، ثم أرسل انتيوكس أثانيوس ليعلم اليهود طقوس عبادة الأصنام اليونانية ويقتل كل من لا يمتثل ذلك الأمر، فجاء أثانيوس إلى أورشليم وساعده على ذلك بعض اليهود الكافرين، وأبطل الذبيحة اليومية ونسخ كل طاعة للدين اليهودي عموماً وخصوصاً، وأحرق كل ما وجده من نسخ كتب العهد العتيق بالفحص التام، وكرس الهيكل للمشتري ونصب صورة ذلك على مذبح اليهود وأهلك كل من وجده مخالف أمر انتيوكس، ونجا متاثياس الكاهن مع أبنائه الخمسة في هذه الداهية وفروا إلى وطنهم مودين في سبط دان فانتقم من هؤلاء الكفار انتقاماً ما قدروا عليه على استطاعته كما هو مصرح به في التواريخ.
فكيف يصدق هذا الخبر على عيسى عليه السلام وإن قالوا أن المراد ببقاء السلطنة والحكومة امتياز القوم كما يقول بعضهم الآن، قلنا هذا الأمر كان باقياً إلى ظهور محمد صلى اللّه عليه وسلم، وكانوا في أقطار العرب ذوي حصون وأملاك غير مطيعين لأحد مثل يهود خيبر وغيرهم كما يشهد به التواريخ، وبعد ظهور محمد صلى اللّه عليه وسلم ضربت عليهم الذلة والمسكنة وصاروا في كل إقليم مطيعين للغير، فالأليق أن يكون المراد بشيلوه النبي صلى اللّه عليه وسلم لا مسيح
اليهود ولا عيسى عليه السلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
... يتبع