في ذكرى انتهاء الحرب العالمية الأولى… دعونا نستعد للثالثة!7في الحادي عشر من نوفمبر عام 1918 انتهت الحرب العظمى، أو الحرب العالمية الاولى كما تعرف، والتي راح ضحيتها الملايين من الجنود والمدنيين، إنها أحدى أشرس الحروب في التاريخ، وبها تغيرت سياسات الدول بالكامل، أدت إلى اختفاء دول وظهور دول جديدة…
ومن سخرية القدر أن تأتي ذكرى الحرب العالمية الاولى ، في هذه الأجواء التي نعيشها، العالم كله يترقب ما الذي سيحدث بعد فوز ترامب المتطرف، الكل بدأ يقتنع بنشوب حرب عالمية ثالثة قريبًا جدًا، نحن بكل تأكيد وبلا فخر… على شفا خطوة من الحرب العالمية الثالثة!
من خلال الحرب العالمية الاولى يمكننا معرفة ما ستؤول إليه الأمور، من خلال هذه المقاربة البسيطة بين ما حدث وما سيحدث…
لماذا متوقع حدوث حرب عالمية ثالثة؟
بالنظر إلى أجواء ما قبل الحرب العالمية الاولى ، سنعرف الجواب ببساطة، حيث كانت تسود حالة من التنافس بين الدول، سياسيًا واقتصاديًا على كافة الأصعدة، سباق دائم للاستحواذ على أكبر قدر من الأراضي، وهذا كان يخلق حالة من الكراهية بين الدول وبعضها البعض، رغبة كل دولة في السيطرة والهيمنة على الدول الأخرى، مثلما حدث في أزمة البلقان، والصراع الفرنسي الألماني حول الحدود، فضلًا عن تطلع أغلب الأقليات إلى الاستقلال وإنشاء كيان مستقل لها، أيضًا سباق التسلح غير المعلن والتنافس حول لقب صاحب الأسلحة الأكثر، فضلُا عن رغبة كل دولة في فرض سيطرتها الاقتصادية على العالم، كل هذا أدى إلى حالة من التوتر والحنق بين الدول، كأن كل طرف يترقب للطرف الآخر، ينتظر حدوث خطأ واحد ليبدأ الحرب، وقد كان…
جاءت حادثة اغتيال فرانز فرديناند ولي عهد النمسا وزوجته، على يد طالب صربي أثناء زيارتهما لسراييفو في العام 1914 ، سببًا مباشر لاندلاع الحرب، أو كما نقول كانت هذه الحادثة القشة التي قسمت ظهر البعير، بالرغم من أن ظهر البعير كان محملًا بالكثير، لكن كانت هذه الحادثة التافهة سببًا لقيام حرب طاحنة دمرت العالم أجمع.
ما نعيشه الآن ليس ببعيد عن أجواء الحرب العالمية الاولى ، نفس سباق التسلح، سباق الاستحواذ والسيطرة، سباق الهيمنة على العالم، الهيمنة بكل أشكالها، سباق التمدد والتوسع، سباق السيطرة على البترول، سباق الحفاظ على قيمة الدولار من الانهيار، وها نحن في انتظار تلك القشة التي تدق طبول الحرب، وتجعل الدول تكشف عن وجوهها الحقيقية وتبدأ في التناحر بشكل معلن وصريح…
في الحقيقة هناك ألف قشة ألف سبب وسبب، تجعل من حدوث الحرب أمرًا قريبًا جدًا، أولها ما يحدث في بحر جنوب الصين ، والحرب الباردة التي تدور بين اليابان والصين حول ملكية جزر سيناكو داياويو، والحرب الباردة التي تدور أيضًا بين القوات الأمريكية وقوات الصين، وفي المنطقة ذاتها، ثانيًا ما يحدث في أوكرانيا وحالة الترقب التي يعيشها كلًا من حلف الناتو وروسيا، التي كما ضمت جزيرة القرم لها، فلن تهدأ إلا بضم أوكرانيا بالكامل، وهذا يثير حنق حلف الناتو وأمريكا ويزيد من حالة التوتر، وكلاهما ينتظر خطئًا هيّنًا من الطرف الآخر، خطأ واحد فقط ليدفعهما للمواجهة المباشرة، ثالثًا ما يحدث في سوريا منذ سنوات، حيث تحولت إلى أرض معركة لقوى العالم العظمى، روسيا والصين وإيران من جهة، والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من جهة أخرى، وكلا الطرفان يزعمان بأن الهدف هو القضاء على داعش، لكن في الحقيقة أن هناك حرب خفية، أو لم تعد خفية لأحد، المغزى منها فرض السيطرة والهيمنة، وكبح الطرف الآخر وسحقه، وما يحدث على أرض سوريا ليس إلا حالة من الإحماء لحرب عالمية وشيكة، يأتي في النهاية فوز ترامب بالانتخابات سببًا آخر يعجَل من حدوث الحرب، فمنذ أن رشح نفسه للانتخابات وقبل حتى أن يضمن فوزه، وهو يتوعد للعرب والمسلمين، ويؤكد على منع دخول المسلمين لأمريكا وطرد اللاجئين، وبث حالة من العبث السياسي والفوضى والعنصرية التي لا تحمد عقباها.
ماذا سنفعل حينها كدول عربية؟
هناك الكثير لنقوم به في الحقيقة… الأول: أن نُجَّر في الحرب وننقسم تحت سلطة وسيطرة القوى العظمى، ويتم فرض التجنيد الجبري كما حدث في الحرب العالمية الاولى ، في بعض الدول التي شاركت في الحرب، وكانت تحت سيطرة الدول الأوروبية، وحينها سيتم الزج بالجنود العرب في الصفوف الأولى في الحرب، تمامًا كما حدث في الحرب العالمية الاولى ، أي باختصار سنكون مجرد دمى يتم تحريكها يمينًا ويسارًا دون فهم ما يحدث أو لما يحدث، فقط ننفذ الأوامر.
الثاني: أن نُدك ونُطحن بحكم أن ساحة المعركة هذه المرة هى الأراضي العربية، وفي حالة كنا طرف فاعل في الحرب لا مفعول به، أي في حالة أن تنضم كل دولة عربية لقوة معيّنة وفقًا لانحيازاتها وميولها منذ البداية، وتشارك في الحرب كطرف فاعل.
الثالث: أما إذا كانت شرارة الحرب الأولى، بعيدًا عن المنطقة العربية (لا أعتقد ذلك)، ولن يتم الزج بنا في صفوف المحاربين، لن يبقى سوى أن نحضر بعض المقرمشات ونجلس أمام التلفاز نشاهد العالم وهو ينهار، وننتظر دورنا القادم.
لماذا ستكون هذه الحرب أكثر شراسة من غيرها؟
عندما سألوا أينشتاين عن تصوّره للحرب العالمية الثالثة، والأسلحة المستخدمة فيها، وكيف ستكون الحرب ذاتها، قال: “الثالثة لا أعرف لكن الرابعة أستطيع تصوّرها، ستكون الحرب العالمية الرابعة بالحجارة والعصي.” وهذه إشارة إلى أن العالم سيستنفذ كل الشر في حربه الثالثة، سيقضي على الأخضر واليابس، ستفنى الحضارة الإنسانية ويعود الإنسان البدائي من جديد!هناك أسباب كثيرة تجعل من الحرب العالمية الثالثة، حرب شرسة أكثر من الحرب العالمية الاولى والحرب العالمية الثانية أيضًا، أبرزها:الأول: أن الدول العظمى جميعها مشحونة بأكبر قدر ممكن، معظمها تعيش حرب باردة بشكل أو بآخر، تنتظر فقط الشرارة الأولى للبدء، ولا تستغرب قد تكون على أهون سبب، كما حدث في الحرب العالمية الاولى ، بسبب حادثة اغتيال قامت الدنيا ولم تقعد.
الثاني: لأن المنطقة العربية أرض خصبة جدًا لقيام حرب، نزاعات طائفية، تنظيم داعش الإرهابي، تراشق الدول العربية بالإتهامات ببعضها البعض، ربيع عربي انقلب على رؤوسنا جميعًا واستحال خريفًا، أتى على الأخضر واليابس، فضلًا عن التنبؤ بثورة جياع في بعض الدول، وكل هذا يحدث بإشراف ومباركة الدول العظمى، التي ستتخذ أي سبب من كل هذه الأسباب التي تطفح بها المنطقة العربية كحجة لبدء الحرب، هذا إذا لم تقم الدول العربية نفسها بدق طبول الحرب.
الثالث: ما سيجعل هذه الحرب مختلفة عن الحرب العالمية الاولى ،بل وعن كل الحروب السابقة ، هو أن العالم وصل إلى مرحلة من التقدم، جعلته يفقد عقله حرفيًا، بدءًا من الأسلحة النووية المتطورة جدًا، مرورًا بالجيوش الإلكترونية، وليس انتهاءً بالأسلحة الحديثة القادرة على دك الأرض كلها في غمضة عين، لذلك في المرة القادمة عندما يخبرك أحد ما، بأن الحرب العالمية الثالثة ستقضي على العالم، رجاءً لا تتهمه بالجهل والغباء، لا تسخر منه فالرجل على ما يبدو محق تمامًا!
تصور بسيط لما سيحدث