منارة الأسكندرية القديمة : أعجوبة العالم القديم التي عاشت 1500 سنة بُنيت منارة الإسكندرية القديمة الشهيرة على جزيرة فاروس عام 250 قبل الميلاد , ومن إسم الجزيرة أُشتق مصطلح " فنار " الذي تم استخدامه في اللغات الأوروبية , ومنارة الإسكندرية كانت منارة استثنائية , وصُنفت كأحدى عجائب العالم الدنيا السبع القديمة .
تم بناء منارة الإسكندرية القديمة بغرض مساعدة البحارة على الوصول إلى ميناء الإسكندرية في مصر , وقد كانت حقاً أعجوبة هندسية فريدة من عجائب العالم القديم , حيث بلغ إرتفاعها 400 قدم على الأقل , مما جعلها أحد أطول الهياكل التي بناها الإنسان في العالم القديم , ووقفت هناك صامدة على جزيرة فاروس لـ 1500 عام , حتى أطاح بها زلزال مدمر عام 1375م .
لماذا تم بناء منارة الأسكندرية ؟
تأسست مدينة الأسكندرية عام 332 قبل الميلاد بواسطة الاسكندر الأكبر , وهي تقع على بعدد 20 ميلاً غرب نهر النيل بمصر , واحتلت موقعاً متميزاً كميناء رئيسي على البحر المتوسط , وهذا الأمر ساعد المدينة على الازدهار , وسرعان ما اصبحت الإسكندرية واحدة من أهم مدن العالم القديم , كذلك بسبب مكتبتها الشهيرة التي ضمت مختلف العلوم والفنون من كل مكان في العالم .
ولكن كان العائق الوحيد أمام توافد الناس من كل حدب وصوب إلى مدينة الأسكندرية هو الصعوبة التي واجهها البحارة في تجنب الصخور والمياه الضحلة عند الإقتراب من ميناء الإسكندرية , وللمساعدة في إزالة هذا العائق , أمر " بطليموس الأول " ببناء منارة .
وقد استغرق بناء منارة الأسكندرية حوالي أربعين عاماً , وتم الإنتهاء منها في حوالي 250 سنة قبل الميلاد .
هندسة معمارية لا مثيل لها في العالم القديم
- هناك الكثير مما لا نعرفه عن منارة الأسكندرية القديمة , ولكننا نعرف على الأقل كيف كانت تبدو , فمنذ أن أصبحت المنارة رمزاً لمدينة الأسكندرية قديماً , ظهرت صورتها في العديد من الأماكن والأشياء , بما في ذلك العملات القديمة .
تم تصميم منارة الأسكندرية القديمة من قِبل المهندس المعماري اليوناني " سوستراتوس " من كنيدوس , وكانت المنارة طويلة القامة , وذات هيكل لافتاً للنظر , مثيراً للإعجاب , ونُصبت على الطرف الشرقي من جزيرة فاروس بالقرب من مدخل ميناء الأسكندرية .
كانت المنارة تقع على ارتفاع 450 قدماً على الأقل , وصُنعت من ثلاثة أقسام , حيث كان الجزء السفلي من المبنى مربعاً , وكان يشغله مكاتب حكومية واسطبلات و300 غرفة مجهزة لعاملي الفنار وأسرهم , أما الطابق الثاني فكان مثمن الأضلاع ولديه شرفة , حيث يمكن للسياح الجلوس فيها والاستمتاع بالمناظر الطبيعية , وتناول المشروبات المنعشة .
بينما كان القسم العلوى من المنارة أسطوانياً , ويستقر في قمة المنار فانوس دائم الإنارة مشتعلاً بنيران لا تنطفيء , كما كان يوجد بالأعلى تمثال لبوسيدون - إله البحر عند اليونان .
وبشكل مثير للدهشة , كان هناك منحدراً متصاعداً داخل تلك المنارة العملاقة سمح للخيول والعربات بتوصيل الإمدادات إلى الأقسام العليا من المنارة .
ولكن مازال من غير المعروف ما الذي تم استخدامه بالضبط لإشعال النار في أعلى المنارة , ولكن أياً ما تم استخدامه , فإن ذلك الضوء كان فعالاً للغاية , حيث استطاع البحارة بسهولة رؤيته من على بعد أميال , وبالتالي تمكنوا من العثور على طريقهم بأمان إلى الميناء .
الأعجوبة التي دمرها الزلزال
- صمدت منارة الأسكندرية القديمة في مكانها لمدة 1500 عام - وهو رقم مذهل بحق - نظراً إلى مبنى مجوف على ارتفاع كبير ومكون من 40 طابق , وقد عاصرت المنارة الإمبراطوريات اليونانية , والرومانية , ثم الإمبراطورية العربية الإسلامية بعد الفتح الإسلامي لمصر , ولكن أهميتها تضاءلت عندما تم نقل عاصمة مصر من الأسكندرية إلى القاهرة .
وفي نهاية المطاف , دُمرت منارة الأسكندرية بسبب زلزال في وقت ما من العام 1375 م , بعد أن أبقت البحارة سالمين لقرون عديدة .
وفي النهاية تم استخدام بعضاً من كتلها الحجرية في بناء قلعة لسلطان مصر , بينما سقطت بقية المنارة في المحيط .
في عام 1994 , قام عالم الآثار الفرنسي " جان إيف إمبرور " من المركز القومي للبحوث الفرنسية بالتحقيق في منطقة ميناء الإسكندية , وعثر على عدد قليل من هذه الكتل التي لا تزال موجودة في ماء الميناء .