منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالخميس 29 نوفمبر 2018, 6:49 pm

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:09 am

نبذة مختصرة عن المذاهب والفرق الإسلامية



أولا : نشأة الفرق الإسلامية
       جرى التفسير منذ زمن النبوة إلى زمن أتباع التابعين ، على طريقة تكاد تكون واحدة ، فخلف كل عصر يحمل التفسير عمن سلف بطريق الرواية والسماع ، وفى كل عصر من هذه العصور ، تتجدد نظرات تفسيرية ، لم يكن لها وجود قبل ذلك ، وهذا راجع إلى أن الناس كلما بعدوا عن عصر النبوة ازدادت نواحى الغموض فى التفسير . فكان لابد للتفسير من أن يتضخم كلما مرت عليه السنون .

       لم يكن هذا التضخم فى الحقيقة إلا محاولات عقلية ، ونظرات اجتهادية ، قام بها أفراد ممن لهم عناية بهذه الناحية ، غير أن هذه الناحية العقلية فى التفسير لم تخرج عن قانون اللغة ، ولم تتخط حدود الشريعة ، بل ظلت محتفظة بصبغتها العقلية والدينية ، فلم تتجاوز دائرة الرأى المحمود إلى دائرة الرأى المذموم الذى لا يتفق وقواعد الشرع .

       ظل الأمر على ذلك إلى أن قامت الفرق المختلفة ، وظهرت المذاهب الدينية المتنوعة ، ووجد من العلماء من يحاول نصرة مذهبه والدفاع عن عقيدته بكل وسيلة وحيلة ، وكان القرآن هو هدفهم الأول الذى يقصدون إليه جميعا ، كل يبحث فى القرآن ليجد فيه ما يقوى رأيه ويؤيد مذهبه ، وكل واحد ما يبحث عنه ولو بطريق إخضاع الآيات القرآنية لمذهبه ، والميل بها مع رأيه وهواه ، وتأويل ما يصادمه منها تأويلا يجعلها غير منافية لمذهبه ولا متعارضة معه . ومن هنا بدأ الخروج عن دائرة الرأى المحمود إلى دائرة الرأى المذموم ، واستفحل الأمر إلى حد جعل القوم يتسعون فى حماية عقائدهم ، والترويج لمذاهبهم ، بما أخرجوه للناس من تفاسير حملوا فيها كلام الله على وفق أهوائهم ، ومقتضى نزعاتهم ونحلهم !!

       ونحن نعلم بطريق الإجمال ـ وللتفصيل موضع غير هذا ـ أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال " ستفترق أمتى ثلاثا وسبعين فرقة ، كلها فى النار ، إلا واحدة ، وهى ما أنا عليه وأصحابى " وقد حقق الله نبوءة رسوله ، وصدق قوله فتصدعت الوحدة الإسلامية إلى أحزاب مختلفة ، وفرق متنافرة متناحرة ، ولم يظهر هذا التفرق بكل ما فيه من خطر على الإسلام والمسلمين إلا فى عصر الدولة العباسية ، أما قبل ذلك ، فقد كان المسلمون يدا واحدة ، وكانت عقيدتهم واحدة كذلك ، إذا استثنينا ما كان بينهم من المنافقين الذين ينتسبون إلى الإسلام ويضمرون الكفر ، وما كان بين على ومعاوية من خلاف لم يكن له مثل هذا الخطر ، وإن كان النواة التى قام عليها التحزب، ونبت عنها التفرق والاختلاف. 

       بدأ الخلاف بين المسلمين أول ما بدأ ، فى أمور اجتهادية لا تصل بأحد منهم إلى درجة الابتداع والكفر ، كاختلافهم عند قول النبى صلى الله عليه وسلم : " ائتونى بقرطاس أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدى " حتى قال عمر : إن النبى قد غيبه الوجع ، حسبنا كتاب الله ، وكثر اللغط فى ذلك حتى قال النبى صلى الله عليه وسلم : قوموا عنى ، لا ينبغى عندى التنازع ، وكاختلافهم فى موضع دفنه صلى الله عليه وسلم " أيدفن بمكة ؛ لأنها مولده وبها قبلته ومشاعر الحج ؟ أم يدفن بالمدينة ، لأنها موضع هجرته ، وموطن أهل نصرته ؟ أم يدفن ببيت المقدس ، لأن بها تربة الأنبياء ومشاهدهم ؟ ، وكالخلاف الذى وقع بينهم فى سقيفة بنى ساعدة فى تولية من يخلف رسول الله صل الله عليه وسلم بعد وفاته ، وغير ذلك من الخلافات التى وقعت بينهم ، ولم يكن لها خطرها الذى ينجم عنه التفرق ووقوع الفتنة والبغضاء بين المسلمين (1)

       ظل الأمر فى ذلك إلى زمن عثمان رضى الله عنه ، وكان ما كان من خروج بعض المسلمين عليه ، ومحاصرتهم لداره ، وقتلهم له ، فعرى المسلمين من ذلك الوقت رجة فكرية عنيفة ، طاحت بالروية ، وذهبت بكثير من الأفكار مذاهب شتى ، فقام قوم يطالبون بدم عثمان ، ثم نشبت الحرب بين على ومعاوية رضى الله عنهما من أجل الخلافة ، وكان لكل منهم شيعة وأنصار يشدون أزره ، ويقوون عزمه ، وتبع ذلك انشقاق جماعة علىّ كرم الله وجهه ، بعد مسألة التحكيم فى الخلاف الذى بينه وبين معاوية ، فى السنة السابعة والثلاثين من الهجرة ، فظهرت من ذلك الوقت فرقة الشيعة ، وفرقة الخوارج ، وفرقة المرجئة ، وفرقة أخرى تنحاز لمعاوية ، وتؤيد الأمويين على وجه العموم .

       ثم أخذ هذا الخلاف والتفرق ، يتدرج شيئا فشيئا ، ويترقى حينا بعد حين ، إلى أن ظهر فى أيام المتأخرين من الصحابة خلاف القدرية ، وكان أول من جهر بهذا المذهب ووضع الحجر الأساسى لقيام هذه الفرقة ، معبد الجهنى الذى أخذ عنه مذهبه غيلان الدمشقى ومن شاكله ، وكان ينكر عليهم مذهبهم هذا من بقى من الصحابة كعبد الله بن عمر ، وابن عباس ، وأنس ، وأبى هريرة ، وغيرهم .

       ثم ظهر بعد هؤلاء وفى زمن الحسن البصرى بالبصرة ، خلاف واصل ابن عطاء فى القدر ، وفى القول بالمنزلة بين المنزلتين ، ومجادلته للحسن البصرى فى ذلك ، واعتزاله مجلسه ، ومن ذلك الوقت ظهرت فرقة المعتزلة.

       ثم كان من أصحاب الديانات المختلفة كاليهودية والنصرانية ، والمجوسية ، والصائبة ... الخ من تزيا بزى الإسلام وأبطن الكيد له ؛ حنينا إلى ملتهم الأولى ، كعبد الله بن سبأ اليهودى ، فأوضعوا خلال المسلمين يبغونهم الفتنة ، ويرجون لهم الفرقة ، فأفلحوا فيما قصدوا إليه من تحزب المسلمين وتفرقهم.

       وفى خلال ذلك غلا بعض الطوائف التى ولَّدها الخلاف ، فابتدعوا أقوالا خرجت بهم عن دائرة الإسلام كالقائلين بالحلول والتناسخ من السبئية وكالباطنية الذين لا يعدون من فرق الإسلام ، وإنما هم فى الحقيقة على دين المجوس .

       لم يزل الخلاف يتشعب ، والآراء تتفرق ، حتى تفرق أهل الإسلام وأرباب المقالات ، إلى ثلاث وسبعين فرقة كما قال صاحب المواقف ، وكما عدهم وبينهم الإمام الأكبر ، أبو المظفر الإسفرايينى ، فى كتابه التبصير فى الدين ، وليس هذا موضع ذكرها واستقصائها.

       والذى اشتهر من هذه الفرق خمس : أهل السنة ، والمعتزلة ، والمرجئة ، والشيعة ، والخوارج ، وما وراء ذلك من الفرق كالجبرية ، والباطنية ، والمشبهة ، وغيرها ، فمعظمها مشتق من هذه الفرق الخمس الرئيسية . 

       نحن نعلم هذا التفرق الذى أصاب المسلمين فى وحدتهم الدينية والسياسية ، ونعلم أيضا ، أن الناس كانوا فى عصر النبى صل الله عليه وسلم ، وبعده يقرءون القرآن أو يسمعونه فيعنون بتفهم روحه ، فإن عنى علماؤهم بشئ وراء ذلك ، فما يوضح الآية من سبب للنزول ، واستشهاد بأبيات من أشعار العرب تُفسِّر لفظا غريبا ، أو أسلوبا غامضا ، ولكنا لا نعلم فى هذا العصر الأول ، انحياز الصحابة إلى مذاهب دينية وآراء فى الملل والنحل ، فلما وقع هذا التفرق الذى أشرنا إليه وأجملنا مبدأه وتطوره ، رأينا كل فرقة من هذه الفرق تنظر إلى القرآن من خلال عقيدتها ، وتفسره بما يتلاءم مع مذهبها ، فالمعتزلى يطبق القرآن على مذهبه فى الاختيار ، والصفات ، والتحسين والتقبيح العقليين ... ويؤول ما لا يتفق ومذهبه ، وكذلك يفعل الشيعى ، وكذلك يفعل كل صاحب مذهب حتى يسلم له مذهبه.

ثانيا : تقسيمة الفرق الإسلامية وفروعها


  • أهل السنة والجماعة
  • أهل الحديث

    • السلفية


  • الأشاعرة
  • الماتريدية
  • المرجئة
  • المعتزلة
  • الجهمية
  • الصوفية

    • الطرق الصوفية



[*]الإباضية
[*]الشيعة

  • الزيدية
  • الإمامية

    • الإثنا عشرية

      • الأصولية
      • الإخبارية
      • الشيخية


    • الإسماعيلية

      • النزارية
      • المستعلية


    • العلوية






  • الخوارج

    • الأزارقة
    • النجدات




  • الدروز الموحدون
  • الأحمدية القاديانية
  • القرآنيون
  • بهرة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:10 am

أهل السنة والجماعة

أهل السنة والجماعة هي أكبر طائفة إسلامية وتعادل نسبة 90% من المسلمين [1]. مصادر التشريع الاسلامي السني هي القرآن وسنة نبي الإسلام محمد صل الله عليه وسلم المتمثلة في الأحاديث النبوية المنسوبة إليه والصحيحه منها، ويأخذون الفقه عن الأئمة الأربعة، ويقرون بصحة خلافة الخلفاء الأربعة الأوائل أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ويؤمنون بعدالة كل الصحابة .
نشأة المذهب
ان نشأة المذهب تتمثل بنزول الوحي على النبي محمد في غار حراء حيث ان اهل السنة والجماعه هم المسلمون الحق وسموا انفسهم بذلك لانهم مسمتسكين بسنة وهدي الرسول الاعظم واله واصحابة من بعده و من اجل التميز عن اهل البدع والضلال من الذين بدءوا ينشقون تدريجيا عن الدين الاسلامي الحنيف.[2] و لم يكن مصطلح (اهل السنة والجماعه) مشهورا لا في العصر الراشدي ولا في العصر الاموي ولاحتى بدايات العصر العباسي فقد كان هنالك مسلمون فقط وانما بدئت التسميه تنتشر في منتصف العصر العباسي للتفريق عن الشيعة التي بدئت تسميتها بعد مقتل علي بن ابي طالب على يد الخوارج من اهل الكوفه [3] ويمكن القول أن الطائفة السنية تمايزت كطائفة إسلامية مستقلة في خلافة علي بن أبي طالب عن الخوارج. وعن فرق التشيع بعد صلح الحسن بن علي مع معاوية بن أبي سفيان،الا انهم لم يسموا انفسهم بأهل السنه الا في منتصف العصر العباسي بالرغم من بدء التسميه في نهاية العصر الاموي الا انها لم تشتهر التسميه كما حصل في منتصف العصر العباسي, حيث تجنب أقطاب السنة الخوض في الخلاف بينهما لكي لا يتشتت الدين الحنيف، ومنهم ابن عمر وأنس بن مالك وسعد بن أبي وقاص.[4]. و لم يظهر الانفصال الواضح بين السنة والشيعة بعد. بل كان هناك حركة انفصال تدريجية.[5] وأول من استعمل هذا المصطلح هو محمد بن سيرين ،فيما أخرجه مسلم في مقدمة صححيه بسنده إلى ابن سيرين انه قال : " كانوا لايسألون عن الإسناد ، فلما وقعت الفتنة ، قالوا: سَمُّوا لنا رجالكم ، فيُنْظر إلى أهل السنة فُيؤخذ حديثهم ،ويُنْظر إلى أهل البدعة فيُردّ حديثهم" [6]. وقد نشط الصحابة و التابعين مثل أبو هريرة وحسان بن ثابت وأنس بن مالك وعبد الله بن عمر وكذلك فقهاء المدينة، ورووا الأحاديث التي وصلت إلى مرحلة التدوين المتفرق؛ كما في صحيفة همام بن منبه تلميذ أبو هريرة، وما دونه عروة بن الزبير وأبان بن عثمان بن عفان وغيرهم وتبنى هذه الفكرة أئمة الفقه الأربعة لأهل السنة فيما بعد كما يتضح من نقولاتهم من فقهاء المدينة، حيث اعتمدوا على الكتاب والسنة بشكل أساسي.[بحاجة لمصدر]وان عمر بن عبد العزيز قد رعى فقهاء المدينة ذوي العقيدة الوسطية . وفي نهاية العصر الأموي وبداية العباسي ظهر الإمام أبو حنيفة وتتلمذ الإمام مالك على يد ربيعة بن فروخ وهو أحد فقهاء المدينة السبعة. وكان الشيخان البخاري ومسلم اللذان جمعا الحديث يحتجان بربيعة.[7] وغيرهم ممن جمعوا الحديث وتميزوا عن غيرهم ممن رفضوا الصحابة وخاضوا فيما وقع بينهم. وكان جمع الحديث في بداية الدولة العباسية الذين تميز في عهدهاالمدارس الأربعة التي أعتمدها العباسيون لا حقاً بشكل رسمي. بمعنى أن العباسيين سنة لأنهم أعتمدوا المدارس الأربعة للمذهب السني وشيعة لأنهم يدعون لآل البيت في نفس الوقت (حسب مفهوم عصرهم). بمعني ظهور التمايز الواضح وليس التام بين المدارس السنية وبعض الفرق الشيعية في العصر العباسي

المذاهب الفقهية السنية
تعود نشأة المذاهب الفقهية السنية إلى بداية الإسلام، وخاصة بعد وفاة النبي محمد، حيث اجتهد صحابته وأتباعه والمسلمين عامة في تطبيق أقواله وأفعاله.
وإن من الأصول عند أهل السنة والجماعة استقاء العقيدة والعبادات والمعاملات من مصادر التشريع المتفق عليهان وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس. ولم يحصل الاختلاف بين الأئمة من السلف في أمور الاعتقاد وإنما كانت خلافاتهم في الأحكام التشريعية، إما لعدم توفر دليل صريح من الكتاب والسنة، أو لضعف حديث بحيث لا تقوم به حجة، أو غيره من الأسباب.
ومع انتشار الإسلام وتوسعه وتعرضه للكثير من القضايا الجديدة الدينية والتشريعية كانت هناك حاجة ملحة للخروج باجتهادات لهذه القضايا الفقهية المستجدة وتلبية حاجات الناس والإجابة عن تساؤلاتهم ومن هنا نشأت جماعة من المتفقهين (العلماء) في الدين تعلم الناس في كل إقليم شؤون دينهم ودنياهم.
إن التوسع الجغرافي للإسلام وتنوع البيئات التي انتشر بها، وأيضا قابلية الكثير من النصوص الشرعية الإسلامية للاجتهاد فيها حسب الظروف والحالات أديا إلى نشوء مدارس فقهية منتشرة في الأمصار الإسلامية، وأصبح لكل عالم فقيه أتباع يعملون على نشر فتاواه وحتى العمل ضمن القواعد التي يضعها لإصدار فتاوى جديدة.
ومن علماء الصحابة الذين انتشروا في الأمصار ونشروا علمهم: عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وزيد بن ثابت، وغيرهم، وجاء من بعدهم التابعون وتابعي التابعين، ومنهم : أبو حنيفة النعمان، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن جرير الطبري وغيرهم، لكن الذي اشتهر منهم الأئمة الأربعة لكثرة تلاميذهم الذين نشروا مذاهبهم وأقوالهم وحفظوا تراثهم المكتوب.
فكانت المذاهب الفقهية الأربعة التي انتشرت بشكل واسع عند اهل السنة وأصبحت رسمية في معظم كتبهم هي (حسب ظهورها):
المذهب الحنفي، نسبة إلى أبي حنيفة النعمان
المذهب المالكي، نسبة إلى مالك بن أنس
المذهب الشافعي، نسبة إلى الشافعي
المذهب الحنبلي، نسبة إلى أحمد بن حنبل
وهذه المذاهب ما هي إلا مدارس فقهية، اتفقت في الأصول، واختلفت في الفروع. ولا يوجد بينها اختلاف في العقيدة، كما أن هناك مذاهب فقهية أخرى غير هذه الأربع لكنها لم تنتشر ويحصل لها الاشتهار مثل هذه المذاهب الأربعة. ومنها على سبيل المثال:
المذهب الظاهري
المذهب الأوزاعي
المذهب الليثي وغيرهم.
أصول الفقه
أصول الفقه لأهل السنة تقوم علي القرآن الكريم والسنة النبوية (حديث نبوي) والاجماع والقياس. السنة النبوية مجموعة في كتب السنة العشرة ومنها صحيحي البخاري ومسلم وكتب السنن الأربعة كسنن أبي داود وسنن النسائي والمسانيد كمسند أحمد بن حنبل وغيرها كمصدر للاعتقاد والتشريع. لذلك فإن كل ما ورد في القرآن هو شرع للمسلمين وكل ما صَحَّ من سنة محمد، وتختلف السلفية (وإن كان هؤلاء الأئمة أصحاب المذاهب هم من السلف) مع باقي أهل السنة هنا في الأخذ بالآحاد وإن كان الأشاعرة والماتريدية تأخذ بها في مسائل السمعيات أو إذا تضافرت الأدلة على صحتها.[8][9]
أركان الإسلام
مأخوذة من حديث أبي هريرة، وهي الركائز التي يبنى عليها الإسلام، وبفعلها يعتبر الإنسان مسلماً. وأركان الإسلام الخمس كما ذكرت في الحديث هي:

  • الشهادتان: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
  • إقامة الصلاة
  • إيتاء الزكاة
  • صوم رمضان
  • حج البيت لمن أستطاع إليه سبيلا
  • أركان الإيمان

    • الإيمان بالله
    • الإيمان بالملائكة
    • الإيمان بالكتب السماوية
    • الإيمان بالرسل
    • الإيمان باليوم الآخر
    • الإيمان بالقدر خيره وشره

    أركان التوحيد
    هذه الأركان لم يبينها محمد صل الله عليه وسلم ولا الصحابة عليهم رضوان الله على الرغم من أهمية موضوعها حيث لم يرد بها نص قرآني أو حديث نبوي أو قول صحابي ولم يقل بها غالبية علماء أهل السنة ومنهم الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وإنما انفرد بالقول بها السلفية ،وهي بحسب رأي السلفية تنقسم إلى:

    • توحيد الألوهية
    • توحيد الربوبية
    • توحيد الأسماء والصفات
    • وسطية العقيدة السنية
      يعتقد أهل السنة أن بعض الأفكار والعادات التي استحدثتها الطوائف الأخرى المنتسبة للإسلام هي بدع مخالفة اللقرآن والسنة. من أمثلتها الغلو في الأشخاص. وغلو الخوارج في تفسير آيات الوعيد حتى كفروا كل من يرتكب إثماً. كذلك رؤى القدرية والجهمية حول القدر تعد من البدع في نظر أهل السنة؛ فهذة البدع لم تكن في عهد الرسول أو السلف الصالح وينسبونها إلى تأثر المسلمين بثقافات البلاد التي يفتحوها



وجهة النظر السنية من ناحية أن أهل السنة والجماعة هم أهل الوسطية في المعتقدات
سنقارن بينهم وبين الفرق الأخرى من ناحية القضاء والقدر وفى مسألة الإيمان والدين وفى نظرتهم للإمام على بن أبى طالب
ففى القضاء والقدر
قال أهل السنة والجماعة
فتوسطوا وجعلوا له اختيارا، ولكن اختياره مربوط بمشيئة الله: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وقالوا: إن العباد فاعلون والله خالقهم وخالق أفعالهم، كما ذكر القرآن: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ. فهذا توسطهم في باب القضاء والقدر
أما الجبرية :غلوا في إثبات القدر، فنفوا فعل العبد أصلا، وجعلوا الإنسان مقسورا ومجبورا وليس له اختيارات أبدا.
و اما القدرية : فرطوا في القضاء والقدر، وقالوا إن الإنسان هو الذي يخلق أفعاله وليس لله قدرة على هداية العبد أو على إضلاله.
وفى مسالة الإيمان والدين
أهل السنة والجماعة : جعلوا الإنسان مستحقا اسم الإيمان واسم الإسلام، ولو كان معه شيء من الذنوب وشيء من المعاصي، فمرتكب الكبيرة عندهم ناقص الإيمان، قد نقص إيمانه بقدر ما ارتكب من معصيته، فلا ينفون عنه الإيمان أصلا ولا يخرجونه من الإسلام بالكلية، ولم يجعلوا المذنب كامل الإيمان بل جعلوه مؤمنا ناقص الإيمان.
أما الحرورية والمعتزلة : فالحرورية يسمون مرتكب الكبيرة كافرا ويستحلون دمه وماله، وأما المعتزلة فقالوا: إن مرتكب الكبيرة خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر فهو بمنزلة بين المنزلتين.
و المرجئة والجهمية : فالمرجئة قالوا: أن مرتكب الكبيرة مؤمن كامل الإيمان ولا يستحق دخول النار، وقالوا لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة، فعندهم أن من صدّق بقلبه ولو لم يعمل فهو مؤمن كامل الإيمان.
وفى نظرتهم للإمام علي بن أبي طالب
أهل السنة والجماعة : قالوا أن علي بن أبي طالب خليفة راشد وأنه أفضل من عشرات الألوف من الصحابة إلا ثلاثة وهم أبو بكر وعمر وعثمان وكلهم ذوي فضل، ولكنه ليس معصوما كعصمة الأنبياء.
أما النواصب والخوارج : النواصب قالوا : بفسق علي بن أبي طالب، والخوارج قالوا : بكفر علي بن أبي طالب.
أما رأى الشيعة : فالإثناعشرية قالوا : بأنه معصوم كعصمة الأنبياء وأنه أفضل من كل الأنبياء إلا النبي محمد صل الله عليه وسلم، والسبئية قالت : بألوهيته.
النفوذ وسعة الانتشار
خريطة التوزع الجغرافي للمسلمين في العالم.
يعد المذهب السني أكثر المذاهب الإسلامية أتباعا وسعة انتشار، حيث يبلغ عدد متبعيه حوالي 90% من مسلمي العالم [12]. كما يعد المذهب الرسمي لمعظم الدول الإسلامية اليوم وقديما كان المذهب الرسمي للعديد من دول الإسلام السابقة شرقا وغربا، فعلى سبيل المثال اعتمدت الدولة العثمانية المذهب الماتريدي السني كمذهب رسمي كما اعتمدت المدرسة الحنفية كمصدر لأحكام وتشريعات الدولة، مع الاعتراف بالمذاهب الأخرى وتعيين قضاة ومدرسين لها. ويمكن القول أن أهل السنة والجماعة هم الغالبية الساحقة في دول العالم الإسلامي والتي هي خمسين دولة باستثناء إيران وأذربيجان والعراق[بحاجة لمصدر] حيث يشكل الشيعة الإثني عشرية الأغلبية، وسلطنة عمان حيث يشكل الإباضية الأغلبية.

علماء وأئمة أهل السنة والجماعة

  • الصحابة
  • التابعين
  • أبو حنيفة النعمان
  • مالك بن انس
  • الشافعي
  • أحمد بن حنبل
  • علي بن حزم الأندلسي
  • محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري مصنف كتاب صحيح البخاري
  • مسلم بن الحجاج النيسابوري مصنف كتاب صحيح مسلم
  • أحمد بن شعيب النسائي صاحب سنن النسائي
  • سليمان بن الأشعث الازدي صاحب سنن أبي داوود
  • عيسى بن سورة الترمذي صاحب جامع الترمذي
  • ابن ماجه صاحب سنن ابن ماجه

المدارس الفكرية السنية
ينقسم أهل السنة والجماعة في تحقيق العقيدة إلى ثلاث مدارس فكرية، اعتمد بعضها على النص فقط، وجمع بعضها بين النص فقط أو النص مع العقل، وفي العديد من الحالات تم استخدام علم الكلام[17] هي :


    • الأشاعرة: وهي من مدارس أهل السنة والجماعة التي واجهت المعتزلة باستخدام أساليب المنطق وعلم الكلام في الدفاع عن النصوص وتوضيحها. وسميت بالأشعرية نسبة إلى أبو الحسن الأشعري وهو الذي عمل على التصدي للمعتزلة باستخدام حجج عقلية وبراهين منطقية سعيًا لإثبات عقيدة السلف. وأبو منصور الماتريدي وإليهما ينسب الأشاعرة والماتريدية. واتبعهم كثير من أئمة السنة مثل البيهقي[18][19] والنووي والغزالي والعز بن عبد السلام والسيوطي والقرطبي وابن عساكر والزبيدي وكثيرون غيرهم.
    • الماتريدية: نسبة إلى أبو منصور الماتريدي وعمل كذلك على إثبات عقيدة السلف باستخدام علم الكلام. وتعتبر أفكارهم قريبة للغاية للأشاعرة.




  • الأثرية: يعتمد هذا المنهج في الاعتقاد والتشريع على التلقي من نصوص القرآن والحديث وتقديمها على العقل وسائر النقل من أقوال أو آراء تخالف النصوص المثبتة الواضحة، بينما يفتح مجال الاجتهاد فيما لم يثبت أو يصح فيه نص.

    • السلفية: وهم جماعة ظهروا في القرن السابع الهجري وفقا لما يرونه من صفات لله في القرآن والسنة. وقد إتبعوا ابن تيمية وابن قيم الجوزية، وفي العصر الحديث ظهروا في شبه الجزيرة العربية على يد محمد بن عبد الوهاب بالتزامن مع تكوين الدولة السعودية الأولى.[20]




  • الصوفية: نسبة للتصوف وهو منهج أو طريق يسلكه العبد للوصول إلى الله، أي الوصول إلى معرفته والعلم به، والتحقق بمقام الإحسان، وذلك عن طريق الاجتهاد في العبادات واجتناب المنهيات، وتربية النفس وتطهير القلب من الأخلاق السيئة، وتحليته بالأخلاق الحسنة. والصوفية يتبعون من حيث المقدمات العقائدية المدارس المعروفة عند أهل السنة، أي الأشاعرة والماتريدية، ويتبعون أحد المذاهب الفقهية السنيّة الأربعة، ويأخذون بالكشف والإلهام الذين لا يعارضان القرآن والسنة[21].وقد تنوعت الطرق التي يسلكها المربون في تربيتهم لمريديهم فنشأ عنها ما عرف بـ "الطرق الصوفية"، أشهرها عند أهل السنة:

    • الطريقة الدسوقية
    • الطريقة البرهانية
    • الطريقة الشاذلية
    • الطريقة القادرية
    • الطريقة التيجانية
    • الطريقة الرفاعية



أرآء المعارضين لهذا التقسيم
يعتقد السلفيون أنهم متبعين لعقيدة السلف الصالح، وهم القرون الثلاثة الأولى من الأمة الإسلامية (الصحابة والتابعون وتابعو التابعين)، وأن الأشاعرة والماتريدية ضلوا عن طريق الحق بإتباعهم الطرق الكلامية والفلاسفة التي لم تكن في عهد رسول الله ولا صحابته ولا الأئمة الأربعة، وأن هؤلاء عطلوا صفات الله الواجب إثباتها.
ويعتقد الأشاعرة والماتريدية أنهم متبعون للأئمة الأربعة ويرون أن تسمية جماعة ما بالسلفية هو بدعة لم يأت بها الرسول ولا الصحابة ولا السلف وأن اتباع السلف واجب أما استغلال التسمية للترويج للأفكار هو أمر غير مقبول خاصةً تلك التي تحوي عقائد التجسيم تحت عنوان إثبات الصفات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراجع
[list="color: rgb(255, 238, 221); font-family: Arial, Tahoma, Helvetica, FreeSans, sans-serif; text-align: right; background-color: rgb(68, 21, 0);"]
[*][*][*][*]
^ الا انهم لم يسموا انفسهم بالسنه الا في منصف العهد العباسي.تطور المذاهب الإسلامية
[*][*][*]
^ الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات، ابن الكيال
[*]
^ الأشعرية
[*]
^ عقيدة أهل السنة والجماعة (المدرسة السلفية)
[*]
^ إسلام أونلاين - اسألوا أهل الذكر
[*]
^ تاريخ المذاهب الإسلامية – محمد أبو زهرة – دار الفكر العربي – القاهرة – ص 20.
[*]
^ معوقات الخلافة الإسلامية وسبل إعادتها
[*]
^ ذكره إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي - تفسير القرآن العظيم - - دار الفكر – بيروت – 1401هـ - 3 / 60.
[*]
^ رواه البخاري في صحيحه – 3/ 1080, ومسلم في الصحيح – 3/1471.
[*]
^ قال الإمام السفاريني في "لوامع الأنوار البهية" (1/73): «أهل السنة والجماعة ثلاث فرق: الأثرية: وإمامهم أحمد بن حنبل، والأشعرية: وإمامهم أبو الحسن الأشعري. والماتريدية: وإمامهم أبو منصور الماتريدي»
[*]
^ الاعتقاد/للبيهقي.
[*]
^ ذكر الحافظ ابن عساكر في كتابه "تبيين كذب المفتري"  : «أن الحافظ البيهقي أشعري من الطبقة الثالثة» وذكره فيها
[*]
^ تاريخ المذاهب الإسلامية لمحمد أبو زهرة. ص 181:185
[*]
^ قال أبو عبد الله البكي في كتابه "تحرير المطالب لما تضمنته عقيدة ابن الحاجب": ((واعلم أنّ أهل السنة والجماعة كلّهم قد اتفقوا على مُعتقَدٍ واحد فيما يَجبُ ويجوزُ ويستحيلُ، وإن اختلفوا في الطرق والمبادئ الموصلة إلى ذلك، أو في لِمِّيَّة المسالك.وبالجملة، فهم بالاستقراء ثلاث طوائف: الأولى: أهل الحديث: ومعتمَد مبادئهم الأدلةُ السمعيّة، أعني الكتاب والسنّة والإجماع. الثانية: أهل النّظر العقلي والصناعة الفكرية: وهم الأشعرية والحنفية، وشيخ الأشعرية أبو الحسن الأشعري، وشيخ الحنفية أبو منصور الماتريدي. وهم متفقون في المبادئ العقلية في كل مَطلبٍ يتوقَّفُ السمعُ عليه، وفي المبادئ السمعية فيما يدرِك العقلُ جوازَه فقط، والعقليةِ والسمعيةِ في غيرهما. واتفقوا في جميع المطالب الاعتقادية، إلا في مسألة التكوين ومسألة التقليد، وستأتيان. الثالثة: أهل الوجدان والكشف: وهم الصوفية. ومبادئهم مبادئُ أهل النظر والحديث في البداية، والكشف والإلهام في النهاية)).اهـ ونقله وأقره مرتضى الزبيدي في كتابه "إتحاف السادة المتقين" ج2 ص9
[/list]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:12 am

الأشاعرة






        الأشعرية نسبة لأبي الحسن الأشعري هي مدرسة إسلامية سنية [١] اتبع منهاجها في العقيدة عدد كبير من فقهاء أهل السنة والحديث، فدعمت بشكل عام اتجاههم العقدي. ومن كبار هؤلاء الأئمة: البيهقي والنووي والغزالي والعز بن عبد السلام والسيوطي وابن عساكر وابن حجر العسقلاني والقرطبي والسبكي. 



        يعتبر الأشاعرة بالإضافة إلى الماتريدية، أنهما المكوّنان الرئيسيان لأهل السنة والجماعة إلى جانب فضلاء الحنابلة، وقد قال في ذلك العلاّمة المواهبي الحنبلي: ((طوائف أهل السنة ثلاثة: أشاعرة، وحنابلة، وماتردية، بدليل عطف العلماء الحنابلة على الأشاعرة في كثير من الكتب الكلامية وجميع كتب الحنابلة))[٢].

       

        ظهر هذا المنهج على يد أبو الحسن الأشعري الذي واجه المعتزلة وانتصر لآراء أهل السنة وأوجد مدرسة تستمد اجتهادها من المصادر التي أقرّها علماء السنة فيما يخص صفات الخالق ومسائل القضاء والقدر. بهذا مثّل ظهور الأشاعرة نقطة تحول في تاريخ أهل السنة والجماعة التي تدعمت بنيتها العقدية بالأساليب الكلامية كالمنطق والقياس، فأثبت أبو الحسن الأشعري بهذا أن تغيير المقدمات المنطقية مع استخدام نفس الأدوات التحليلية المعرفية يمكن أن يؤدي إلى نتائج مختلفة.

        يعتمد الأشاعرة في العديد من الحالات على التأويل لشرح بعض ألفاظ القرآن الموهمة للتشبيه وهذا ما يرفضه أهل الحديث سابقا والسلفيون اليوم، وينتقدونهم عليه.

       

        كان أبو الحسن الأشعري في نشأته الأولى معتزليا يأخذ المذهب عن الجبّائي، وما لبث أن عارض شيخه فأسس مذهبا مستقلا انتصر فيه بالأساليب الكلامية لأهل السنة خصوصا في المسائل المتعلقة بخلق القرآن والقضاء والقدر.         ذكر ابن عساكر أن أبا الحسن الأشعري اعتزل الناس مدة خمسة عشر يوما، وتفرغ في بيته للبحث والمطالعة، ثم خرج إلى الناس في المسجد الجامع، وأخبرهم أنه انخلع مما كان يعتقده المعتزلة، كما ينخلع من ثوبه، ثم خلع ثوبا كان عليه ورمى بكتبه الجديدة للناس.[٣] وقد نال لذلك منزلة عظيمة بين الناس، وكثر أنصاره مؤيدوه من حكام وعلماء، ولقّبه بعض أهل عصره بإمام السنة والجماعة.

. ما بعد مرحلة التأسيس 

        كان السبب المباشر لإنطلاقة الأشعري نحو تجديد منهج العقيدة عند أهل السنة هو مواجهة المعتزلة ولعل هذا الهدف تحقق سريعا نتيجة لإلتفاف العلماء حول الأشعري بعد أن ضاقوا بالمعتزلة، إلا أن منهج الأشعري لم يبق جامداً بل إنه تطور وإن كان على القاعدة نفسها التي وضعها المؤسس مع بعض التباين في تطبيقات هذه القاعدة القائمة على جعل العقل خادما للنصوص وعدم اتخاذه حاكما على النصوص ليؤولها أو يمضي ظاهرها كما هو الحال عند المعتزلة، وقابلية المنهج للتطور كان محصوراً في الجانب العقلي ومنسجماً مع المرونة التي اتبعها المؤسس لجهة استعمال العقل كخادم لا كحاكم، وفيما يلي بعض لمحات تطور المنهج وصور التباين في تطبيق منهج الأشعري:

        بعد الأشعري جاء أئمة قووا الآراء التي انتهى إليها الأشعري، وقد تعصب بعضهم لرأي الأشعري، لا في النتائج فقط وإنما كذلك في المقدمات التي ساقها، وأوجبوا اتباعه في المقدمة والنتيجة معاً ،وعلى رأس هذا الفريق أبو بكر الباقلاني حيث أنه لم يقتصر على ما وصل إليه الأشعري من نتائج بل إنه لا يجوّز بغير مقدماته أيضاً.

        رأى فريق آخر من الأشاعرة جاء بعد الباقلاني وعلى رأسه الغزالي أن المقدمات العقلية لم يجيء بها كتاب أو سنة وميادين العقل متسعة وأبوابه مفتوحة وأن هناك إمكانية أن يتم الوصول إلى دلائل وبيّنات من قضايا العقول ونتائج التجارب والقرائح لم يتجه إليه الأشعري وليس من ضير في الأخذ بها ما دامت لم تخالف ما وصل إليه من نتائج وما اهتدى إليه من ثمرات فكرية.

       

        ولم يسلك الغزالي مسلك الباقلاني، ولم يدع لمثل ما دعا إليه، بل قرر أنه لا يلزم من مخالفة الباقلاني في الإستدلال بطلان النتيجة، وأن الدين خاطب العقول جميعا، وعلى الناس أن يؤمنوا بما جاء بالكتاب والسنة، وأن يقووه بما يشاءون من أدلة.

        جاء بعد الغزالي أئمة كثيرون اعتنقوا مذاهب الأشعري في نتائجه، وزادوا على دلائله، فلم يدعوا إلى التقيد بالمقدمات بل قيدوا أنفسهم فقط بالنتائج [٤] .

الإنتشار 

        في المشرق انتشر مذهب الأشعري في عهد دولة السلاجقة وبالتحديد في عهد وزارة نظام الملك الذي اهتم ببناء المدارس وربط المساجد ببعضها والذي كان يرفع من شأن العلماء، وقد تم تدريس المنهج الأشعري في مدرسة بغداد النظامية، ومدرسة نيسابور النظامية، وكانت المدرسة النظامية في بغداد أكبر جامعة إسلامية في العالم الإسلامي وقتها.[٥]، فلم تأت الحروب الصليبية إلا وكان المذهب الأشعري قد ساد المشرق بشكل غير مسبوق، فلما قضى السلطان صلاح الدين على دولة الفاطميين في مصر قام بتحويل الأزهر التي كانت على مذهب الإسماعيلية الشيعة المفروض من الفاطميين إلى مذهب أهل السنة والجماعة على منهج الأشاعرة في العقيدة والذي كان سائداً ومنتشراً في ذلك الوقت.[٦]

       

        أما في بلاد المغرب العربي فإن يوسف بن تاشفين مؤسس دولة المرابطين كان وطيد الصلة مع علماء الأشاعرة فابن رشد الجد (الملقب بشيخ المالكية) وهو من الأشاعرة كان قاضي القضاة زمن المرابطين [بحاجة لمصدر]، وأبي عمران الفاسي الذي يعتبره بعض الباحثين من الأشاعرة [٧]، كما أن أبو بكر بن العربي وهو من أهم علماء المالكية وممن كان يعتمد عليهم ابن تاشفين كان من تلاميذ الغزالي[بحاجة لمصدر] الذي كان أهم علماء المشرق في ذاك العصر ومن المعلوم أن الغزالي من كبار علماء الأشاعرة، وهناك من يرى أن محمد بن تومرت الذي أسقط دولة المرابطين وأسس دولة الموحدين على أنقاضها هو من أدخل أفكار الأشاعرة إلى المغرب العربي[٨]، إلا أنه مما يقوي الطرح الأول أن يوسف بن تاشفين مؤسس دولة المرابطين، عندما عزم على الدخول إلى الأندلس قام باستشارة أبو حامد الغزالي [٩] أحد أهم أئمة الأشاعرة، وهذا لا ينفي أن تدريس المنهج الأشعري ازدهر بعد سقوط دولة المرابطين، فنظراً إلى أن المغرب الإسلامي لم يشهد فرقاً فكرية متنوعة كالتي شهدها المشرق فإن هذا جعل أهل المغرب يعتنون بفروع الدين وبالأخص الفقه دون الأصول كالعقيدة وذلك لعدم وجود تنازع كالذي حصل في المشرق بين الأشاعرة وأهل الحديث من جهة والمعتزلة من جهة أخرى،[بحاجة لمصدر]

        بينما أكد بعض علماء الأشاعرة أن المغرب الإسلامي ظل على معتقد أهل الحديث حتى زمن دولة المرابطين الذين أظهروا هذا المعتقد وحاربوا الفرق والعقائد الكلامية [١٠] وأمروا بكتب الغزالي فاحرقت.[١١] ثم خرج عليهم محمد بن تومرت داعياً إلى المعتقد الأشعري، وكفر المرابطين بدعوى أنهم مجسمة ومشبههة، وسمى أتباعه الموحدين تعريضاً بهم [١٢] واستباح بذلك دماءهم وأموالهم وأعراضهم [١٣] حتى قضى أتباعه من بعده على دولة المرابطين وأسسوا دولة الموحدين على أنقاضها متبنين منهج الأشاعرة، وظل المعتقد الأشعري هوالسائد عندهم حتى يومنا هذا.

        بعد أن استقر المغرب وانطفأت فيه الفتن بدأت حواضر علمية عدة في تبنّي منهجية تعليمية تنافس نظيراتها في المشرق ومن بين المناهج التي اعتمدت كان منهج الأشاعرة في العقيدة ومن أبرز أعلامه في المغرب الإسلامي الطّرطوشي، والمازري، والباجي، والقاضي عياض، والقرطبي، والقرافي، والشّاطبي وابن عاشر وأحمد زروق والسنهوري.

     الأفكار والعقائد 



        الأشعرية مدرسة سنية ذات منهج كلامي لذا فإن عقيدتها هي عقيدة أهل السنة والجماعة، أي أنها تكاد تكون مطابقة لعقائد المدارس الأخرى المنتسبة للسنة إلا في مسائل قليلة بسبب اختلاف منهج التلقي والاستدلال. استدل الأشعري على العقائد بالنقل والعقل، فيثبت ما ورد في الكتاب والسنة من أوصاف الله والإعتقاد برسله واليوم الآخر والملائكة والحساب والعقاب والثواب، يستدل بالأدلة العقلية والبراهين المنطقية على صدق ماجاء في الكتاب والسنة بعد أن أوجب التصديق بها كماهي نقلا، فهو لا يتخذ من العقل حَكَما على النصوص ليؤولها أو يمضي ظاهرها، بل يتخذ العقل خادما لظواهر النصوص يؤيدها.[٤] وقد استعان في سبيل ذلك بقضايا فلسفية ومسائل عقلية خاض فيها الفلاسفة وسلكها المناطقة، والسبب في سلوكه ذلك المسلك العقلي:

        أنه كان منتسبا إلى المعتزلة، فاختار طريقتهم في الإستدلال لعقائد القرآن، ولم يسلك طريقتهم في فهم نصوص القرآن والحديث، فالمعتزلة سلكوا في طريقتهم في الإستدلال مسلك المناطقة والفلاسفة.

        أنه تصدّى للرد على المعتزلة ومعارضتهم فتبع طريقتهم في الإستدلال ليقطع حجتهم ويفحمهم بما في أيديهم ويرد حجتهم عليهم.

        أنه تصدّى للرد على الفلاسفة، والقراطمة، والباطنية وغيرهم، وكثير هؤلاء لا يفنع إلاّ بالأقيسة المنطقية، ومنهم فلاسفة لا يقطعهم إلا دليل العقل.

        وقال السبكي في طبقات الشافعية الكبرى: ((واعلم أن أبا الحسن الأشعري لم ينشىء مذهبًا إنما هو مقرر لمذاهب السلف مناضل عما كانت عليه صحابة رسول الله فالانتساب اليه إنما هو باعتبار أنه عقد على طريق السلف نطاقًا وتمسك به وأقام الحجج والبراهين عليه فصار المقتدي به في ذلك السالك سبيله في الدلائل يسمّى أشعريًا)) ا.هــ

        ومن مميزات منهج الأشاعرة كذلك الأخذ بما تواتر عن النبي من الأحاديث وعدم الأخذ بالآحاد ولو كان صحيحا، إلا في بعض مسائل السمعيات.

< center> مصدر التلقي 

        الإستدلال عند الأشاعرة يكون بالأدلة النقلية (نصوص الكتاب والسنة) وبالأدلة العقلية على وجه التعاضد فالأدلة النقلية والعقلية عندهم يؤيد كل منهما الآخر، فهم يرون أن النقل الثابت الصريح والعقل الصحيح لا يتعارضان. والأشاعرة عندما يوجّهون خطابهم إلى مخالفيهم الذين لا يقيمون وزنا للكتاب والسنة، فإنهم يقدمون الأدلة العقلية على النقلية وذلك يكون فقط في مجال الإستدلال في العقائد في باب العقليات، لأنهم يرون أن المراد هو الرد على المخالفين، كالدهريين والثنوية وأهل التثليث والمجسمة والمشركين ونحوهم، فهؤلاء المخالفين لا يرون حجية للقرآن والسنة، إلا بعد إقامة الأدلة العقلية على الإيمان بالله وأن القرآن كلام الله وأن محمد بن عبد الله هو رسول الله [١٤].

التأويل 

        يتمسك الأشاعرة بظاهر ما يدل عليه اللفظ ويجيزون صرف اللفظ عن ظاهره الراجح إلى احتمال مرجوح لدليل يقترن باللفظ فيصرفه عن ظاهره، وهذا الدليل يسمى عندهم ((قرينة)) ومن أمثلة ذلك عندهم الآية القرآنية: ((نسوا الله فنسيهم)) من سورة التوبة، فتأتي كلمة النسيان في كلام العرب بمعنى الآفة وذهاب العلم، وتأتي بمعنى الترك واستعمالها بالمعنى الأول أكثر ولذا كان هو (الظاهر الراجح) من كلمة النسيان بصفة عامة وكان الثاني وهو الترك هو (الإحتمال المرجوح) لذا فإنه يتعيّن العدول عن تفسير النسيان في الآية عن الظاهر الراجح وهو الآفة وذهاب العلم إلى الإحتمال المرجوح وهو الترك، والقرينة الصارفة عن المعنى الأول هو استحالة (الآفة وذهاب العلم)على الله .

        وأما صرف اللفظ عن ظاهره لغير دليل فلا يجوز، فالخروج عن ظاهر اللفظ إنما يصح عند قيام الدليل القاطع على أن ظاهره محال ممتنع، وهو ما يطلقون عليه (التأويل الصحيح)،أما الخروج عن ظاهر اللفظ لما يظنه المرء دليلاً دون أن يكون في حقيقة الأمر دليلاً فهو (التأويل الفاسد)، وأما الخروج عن ظاهر اللفظ لا لدليل ولا لشبهة دليل فإن الأشاعرة يعتبرونه لعباً وليس من التأويل في شيء وهو ما يطلق عليه ((تحريف الكلام عن مواضعه)) [١٤]

       

        فذهب الأشاعرة في التعامل مع الآيات المتشابهة إلى ((التأويل الصحيح)) للّفظ المتشابه، أي بصرفه عن المعنى الظاهر المباشر إلى معان أخرى، ويستعان على هذا بالقرائن المتعددة، وبعرف الاستعمال والعادة، لأنهم يرون أن التعويل في الحكم والإستنباط على قصد المتكلم ومراده [١٥] ، ومراده يظهر أحيانا من اللفظ نفسه، وأحيانا من العلامات والقرائن المصاحبة، فمراد المتكلم من قوله:رأيت أسدا، غير مراده من قوله: رأيت أسدا يخطب على المنبر، ففي الأولى يقصد الحيوان المفترس بدلالة لفظ الأسد، وفي الثاني يقصد الرجل الشجاع بدلالة القرينة ((يخطب على المنبر)).

        وبالتالي فإنهم يرون أنه من عرف مراد المتكلم بدليل من الأدلة وجب -عليه-اتباع مراده، فالألفاظ عندهم لم تقصد لذواتها، وإنما هي أدلة يستدل بها على مراد المتكلم، فإذا ظهر مراده ووضح بأي طريق، فإنه يجب العمل بمقتضاه سواء كان بإشارة، أو كتابة، أو بإيماءة، أو دلالة عقلية، أو قرينة حالية، أو عادة مطردة [١٥] .

        ضرورة التأويل

        وضّح الكثير من العلماء الضرورة الدافعة إلى التأويل وفيما يلي عرض لجانب من أقوال بعض العلماء بالخصوص:

                الإمام العز بن عبد السلامSad(وليس الكلام في هذا _ يعني التأويل _ بدعة قبيحة، وإنما الكلام فيه بدعة حسنة واجبة لمّا ظهرت الشبهة، وإنما سكت السلف عن الكلام فيه إذ لم يكن في عصرهم من يحمل كلام الله وكلام رسوله على ما لا يجوز حمله عليه، ولو ظهرت في عصرهم شبهة لكذبوهم وأنكروا عليهم غاية الإنكار، فقد رد الصحابة والسلف على القدرية لماأظهروا بدعتهم، ولم يكونوا قبل ظهورهم يتكلمون في ذلك ))[١٦] .

        الإمام الزركشي: ((إنما حملهم على التأويل وجوب حمل الكلام على خلاف المفهوم من حقيقته ،لقيام الأدلة على استحالة المشابهة والجسمية في حق البارئ تعالى ))[١٧] .

       

                إمام الحرمين الجويني: (( لو بقي الناس على ما كانوا عليه لم نؤمر بالإشتغال بعلم الكلام، أما الآن فقد كثرت البدع فلا سبيل إلى ترك أمواج الفتن تلتطم )) [١٨]

السلف والتأويل 

        يرى الأشاعرة أنهم يتبعون السلف باتخاذهم لمذهب التأويل في التعامل مع النصوص المتشابهة وقد أشار إلى ذلك العلاّمة الآلوسي بقوله: ((والتأويل القريب إلى الذهن الشائع نظيره في كلام العرب مما لا بأس به عندي، على أن بعض الآيات مما أجمع على تأويلها السلف والخلف ))[١٩] ، وفيما يلي بعض الأمثلة التي يستشهد بها الأشاعرة على تأويل السلف للنصوص المتشابهة:

        تأويل عبد الله بن عباس الساق بالشدة في الآية: ((يوم يكشف عن ساق))، وتأويل الحسن البصري القدم بالّذين قدمهم الله من شرار خلقه في الحديث: ((لا تزال جهنم تقول هل من مزيد، حتى يضع رب العزة فيها قدمه[٢٠]

        ما قاله الشافعي عن القرآن: وأن منه ظاهراً يعرف في سياقه أنه يراد به غير ظاهره [٢١][بحاجة لتأكيد]

أوّل الإمام أحمد بن حنبل الآية القرآنية ((وجاء ربك)) من سورة الفجر، أنه: جاء ثوابه.[٢٢][بحاجة لتأكيد]

        ما رواه البيهقي عن الحاكم عن أبي عمرو بن السماك عن حنبل أن أحمد بن حنبل تأوّل الآية((وجاء ربك)) أنه جاء ثوابه. ثم قال البيهقي: وهذا اسناد لاغبار عليه [٢٣][بحاجة لتأكيد]

فسّر الحافظ حماد بن زيد حديث Sad(ينزل الله تعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا)) بقوله: نزوله إقباله [٢٤]

        تأويل ابن جرير الآية ((والسماء بنيناها بأيد)) بالقوة، ونقل تأويل الأيدي بالقوة عن ابن عباس ومجاهد وقتادة ومنصور وابن سفيان[٢٥]

        يقول البخاري: ((فأما بيان المجاز من التحقيق فمثل قول النبي للفرس Sad(وجدته بحراً)) وهو الذي يجوز فيما بين الناس وتحقيقه أن مشيه حسن))[٢٦][بحاجة لتأكيد]

تأويل البخاري الضحك بالرحمة [٢٧][بحاجة لتأكيد]

تأويل سفيان الثوري للوجه في الآية ((كل شيء هالك إلا وجهه)) بالملك [٢٨] تصريح مالك والأوزاعي في الحديث ((ينزل ربنا إلى السماء الدنيا)) بأنّ الله لا يجوز عليه الإنتقال [٢٩][بحاجة لتأكيد]

        ما قاله ابن حجر العسقلاني عن حديث الصوت: لفظ الصوت مما يتوقف في إطلاق نسبته إلى -الله- ، ويحتاج إلى تأويل [٣٠][بحاجة لتأكيد]

تأويل الشاطبي الوجه في الآية ((كل شيء هالك إلا وجهه))بالذات [٣١][بحاجة لتأكيد]

        نقل النووي في شرحه على صحيح مسلم عن القاضي عياض أنه لا خلاف بين المسلمين قاطبة، فقيههم،ومحدّثهم، ومتكلّمهم، ونظارهم، ومقلّدهم أنّ الظواهر الواردة بذكر الله في السماء، كما في الآية ((أأمنتم من في السماء)) ونحوه، ليس على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم[٣٢] ،أي جميع من يعتد بهم.[بحاجة لتأكيد]

. أبرز أئمة المذهب 

• القاضي أبو بكر الباقلاني: (328 - 402 هـ) (950 - 1013م).

• أبو إسحاق الشيرازي: (293 - 476 هـ) (1003 - 1083م).

• أبو حامد الغزالي: وهو محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي (450 - 505 هـ) (1058 - 1111م).

• أبو إسحاق الإسفراييني: (ت 418 هـ) (1027م).

• إمام الحرمين أبو المعالي الجويني: وهو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني (419 - 478 هـ) (1028 - 1085م).

• الفخر الرازي: هو أبو عبد الله محمد بن عمر الحسن بن الحسين التيمي الطبرستاني الرازي المولد (544 هـ - 1150م) (606 هـ - 1210م).

موقف الأشاعرة من كتاب الإبانة 

        يرى الأشاعرة أن كتاب الإبانة للإمام أبو الحسن الأشعري دخل عليه الكثير من الدس، كما أن طريقة الكتابة في كثير منه تختلف عن المسلك الذي اتخذه الأشعري في التأليف، فبينما يتمسك معارضو الأشاعرة بالنسخة الرائجة ويرون فيها دليل على عودة الأشعري عن منهج المتكلمين، يجزم الأشاعرة أن النسخة الرائجة محرّفة [٣٣] وفي ذلك يقول العلاّمة الكوثري في تعليقه على كتاب الإختلاف في اللفظ لابن قتيبة: ((ومن غريب التحريف ما دس في بعض نسخ الإبانة للأشعري كما دس فيها أشياء أخر))، كما أن النسخة الرائجة توحي بالتجسيم وتتهجم على الإمام أبو حنيفة، وقد طبع كتاب الإبانة طبعة قوبلت على أربع نسخ خطية بتحقيق الدكتورة فوقية حسين، وعند المقارنة بين النسخة المتداولة مع طبعة الدكتورة فوقية حسين مع فصلين نقلهما ابن عساكر، تبيّن بوضوح قدر ذلك التحريف الذي جرى على هذا الكتاب[٣٤].

أعلام أشاعرة مفسرون 

• القرطبي [٣٥]

• ابن كثير [٣٦][٣٧][٣٨]

• ابن عطية الأندلسي

• أبو حيان الأندلسي

• فخر الدين الرازي

• البغوي: عدّه الأشاعرة منهم [٣٩]

• الواحدي أبو الحسن علي النيسابوري

• الآلوسي[بحاجة لمصدر]

• السمين الحلبي

• جلال الدين السيوطي

• الخطيب الشربيني

• الطاهر بن عاشور

• محمد متولي الشعراوي

• وهبة الزحيلي

. حفّاظ 

• أبو الحسن الدارقطني [٤٠][٤١]

• أبو نعيم الأصبهاني [٤٢][بحاجة لتأكيد]

• أبو ذر الهروي عبد بن أحمد[٤٣]

• أبو طاهر السلفي: ذكره السُبكي في الطبقة الخامسة من الأشاعرة[٤٤][٤٥]

• الحاكم النيسابوري [٤٦][٤٧]

• ابن حبان البستي [بحاجة لمصدر]

• أبو سعد ابن السمعاني: عدّه السُبكي من الأشاعرة[٤٨][٤٩]

• أبو بكر البيهقي[٥٠]

• ابن عساكر[٥١]

• الخطيب البغدادي[٥٢]

• محي الدين يحي بن شرف النووي

• صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي

• أبو عمرو بن الصلاح أول من تولى الدار الأشرفية التي لا يتولاها إلا أشعري[٥٣]

• ابن أبي جمرة الأندلسي [بحاجة لمصدر]

• الكرماني شمس الدين محمد بن يوسف[بحاجة لمصدر]

• المنذري [بحاجة لمصدر]

• الأبي

• ابن حجر العسقلاني

• السخاوي

• السيوطي

• القسطلاني

• المناوي

كتّاب السيرة

• القاضي عياض

• ابن الجوزي ليس أشعريا لكنه موافق للأشاعرة في العقيدة [٥٤][٥٥]

• الحلبي

• السهيلي [بحاجة لمصدر]

• الصالحي الدمشقي الشافعي المتوفى (942)، صاحب سبل الهدى والرشاد، تلميذ السيوطي الذي يعد من كبار علماء الأشاعرة.[٥٦]

. قادة 

• نور الدين زنكي

• صلاح الدين الأيوبي

• قطز

• عبد القادر الجزائري

• عمر المختار

• عز الدين القسام[٥٧]



................................................



هوامش 

1. أنظر:

o قال الزبيدي في الإتحاف: «إذا أطلق أهل السنة والجماعة فالمراد بهم الأشاعرة والماتريدية»

o قال ابن حجر الهيتمي في الزواجر: «المراد بالسنة ما عليه إماما أهل السنة والجماعة الشيخ أبو الحسن الأشعري وأبو منصور الماتريدي»

o قال ابن عساكر في تبيين كذب المفتري: «وأكثر العلماء في جميع الأقطار عليه وأئمة الأمصار في سائر الأعصار يدعون إليه»

2. العين والأثر /ص53.

3. تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام الأشعري، ابن عساكر، الطبعة: 2 سنة: 1979، دار الفكر، صفحة: 472

4. ^ تاريخ المذاهب الإسلامية/الجزء الأول-في السياسة والعقائد/محمد أبو زهرة.

5. أنظر: الكامل في التاريخ - الجزء السادس -لعز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري الشهير بابن الأثير

6. محمد عبد الله عنان - تاريخ الجامع الأزهر - مكتبة الخانجي - القاهرة - 1378هـ - 1958.

7. يوسف احنانة في كتابه تطور المذهب الأشعري في الغرب الإسلامي صفحة 62

8. تاريخ دولتي المرابطين والموحّدين في الشمال الأفريقي تأليف: علي محمد الصلابي دار النشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان

9. قيام دولة الموحدين، الدكتور مراجع عقيلة الغناي، ص49، منشورات جامعة قاريونس

10. قال السبكي في طبقات الشافعية: ((فأتى فاس -أي ابن تومرت- فأظهر الأمر بالمعروف وكان جل ما يدعو إليه علم الاعتقاد على طريقة الأشعرية، وكان أهل المغرب ينافرون هذه العلوم ويعادون من ظهرت عليه فجمع والي فاس الفقهاء له فناظرهم فظهر عليهم لأنه وجد جوا خاليا وناسا لا علم لهم بالكلام فأشاروا على المتولي بإخراجه)). اهـ

11. الإستقصا في تاريخ المغرب الأقصى لإبن خالد الناصري

12. مقدمة ابن خلدون

13. الإستقصا في تاريخ المغرب الأقصى لإبن خالد الناصري

14. ^ عقائد الأشاعرة/صلاح الدين بن أحمد الإدلبي.

15. ^ الآيات المتشابهة/محمد عز الدين الغرياني.

16. فتاوى العز بن عبد السلام/ص 22.

17. البرهان في علوم القرآن/ 209/2.

18. مرقاة المفاتيح/ملا علي القاري.

19. روح المعاني/116/3.

20. دفع شبه من تشبه وتمرد/تقي الدين الحصني .

21. الرسالة/للإمام الشافعي/ ص52.

22. البداية والنهاية/لإبن كثير /10/370.

23. البداية والنهاية10،327.

24. الأسماء والصفات/البيهقي/ ص572.

25. تفسير ابن جرير.

26. خلق أفعال العباد والرد على الجهمية/للبخاري/ ص109 .

27. دقائق الإشارات .

28. المقالات السنية،80.

29. دفع شبه من تشبه و تمرد، ص5.

30. فتح الباري شرح صحيح البخاري1،174.

31. الإعتصام2،303.

32. شرح صحيح مسلم للنووي ،5،24.

33. نظرة علمية في نسبة كتاب الإبانة جميعه إلى الإمام أبي الحسن/وهبي غاوجي.

34. أهل السنة الأشاعرة/حمد السنان، فوزي العنجري /ص267.

35. الجامع لأحكام القرآن /القرطبي.

36. الدارس في تاريخ المدارس /النعيمي/58/1.

37. طبقات الشافعية الكبرى/ 10 /398،200.

38. الدرر الكامنة 1/58

39. أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم صفحة 250

40. تبيين كذب المفتري/ابن عساكر/255.

41. شهد بصحة اعتقاده الخطيب البغدادي وهو ما ذكره الذهبي في السير 16/452، والخطيب البغدادي اعتقاده هو اعتقاد أهل السنة الأشاعرة كما ذكر ابن عساكر في التبيين صفحة 205

42. تبيين كذب المفتري/ابن عساكر/246.

43. الطبقات الكبرى/التاج السبكي/3 / 370.

44. الطبقات الكبرى/التاج السبكي/3 / 372.

45. وكذلك ذكر الذهبي تصوّف السلفي في السير (مجلد21/صفحة 22) : (( و أخذ التصوّفَ عن مَعْمَر بن أحمد الشاشي))

46. تبيين كذب المفتري/ابن عساكر/227.

47. تبيين الكذب المفترى لابن عساكر باب (ذكر جماعة من مشاهير أصحابه..) صفحة 176-178 طبعة (المكتبة الأزهرية للتراث)

48. ومن الخامسة :....والحافظ أبو سعد السمعاني .. الطبقات الكبرى/التاج السبكي/3 / 372.

49. ذكر ذلك مؤلفيْ كتاب(أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم ) صفحة 255، ذكروا أبو سعد ابن السمعاني وقالوا: ((السمعانية كلهم إما أشاعرة أو ماتردية))

50. الإعتقاد/البيهقي.

51. تبيين كذب المفتري/ابن عساكر.

52. تبيين كذب المفتري/ابن عساكر/268.

53. السبكي / طبقات الشافعية الكبرى / مجلد10 /صفحة 200،398

54. كتاب (أهل السنة الأشاعرة) صفحة 262

55. دفع شبه من تشبه وتمرد/ابن الجوزي.

56. ذُكرت أشعريته في كتاب (أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم)ص262 لحمد سنان وفوزي عنجر

57. «ومن متأخري الأبطال والمجاهدين الذين يفخر أهل السنة والجماعة بهم ... والبطل المجاهد عز الدين القسام وهو من أعلام العلماء النسّاك المتصوفة والمجاهدين»
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:13 am

الماتريدية


الماتريدية[1] مدرسة فكرية إسلامية تمثل أتباع أبو منصور الماتريدي, وهي إحدى فرق الكلام ضمن الإسلام السني التقليدي ولا تختلف بشكل عام عن المدرسة الأشعرية إلا في بعض القضايا البسيطة. أحد أشهر الكتب الماتريدية هو متن العقيدة المشهور بمتن العقيدة الطحاوية للإمام الطحاوي الحنفي. يتبع الكثير من علماء الماتريدية المذهب الفقهي الحنفي في حين يغلب على الأشاعرة المذهب الفقهي الشافعي والمالكي.
الماتريدية: فرقة كلامية، تُنسب إلى أبي منصور الماتريدي، قامت على استخدام البراهين والدلائل العقلية والكلامية في محاججة خصومها، من المعتزلة والجهمية (*) وغيرهم، لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية.
التأسيس وأبرز الشخصيات
مرت الماتريدية كفرقة كلامية بعدة مراحل، ولم تُعرف بهذا الاسم إلا بعد وفاة مؤسسها، كما لم تعرف الأشعرية وتنتشر إلا بعد وفاة أبي الحسن الأشعري، ولذلك فإنه يمكن إجمالها في أربع مراحل رئيسية كالتالي:

  • مرحلة التأسيس: [000ـ333هـ] والتي اتسمت بشدة المناظرات مع المعتزلة وصاحب هذه المرحلة:


ـ أبو منصور الماتريدي: [ 000ـ333هـ]: هو محمد بن محمد بن محمود الماتريدي السمرقندي، نسبة إلى (ماتريد) وهي محلة قرب سمرقند فيما وراء النهر، ولد بها ولا يعرف على وجه اليقين تاريخ مولده، بل لم يذكر من ترجم له كثيراً عن حياته، أو كيف نشأ وتعلم، أو بمن تأثر. ولم يذكروا من شيوخه إلا العدد القليل مثل: نصير بن يحيى البلخي، وقيل نصر وتلقى عنه علوم الفقه الحنفي وعلوم الكلام (*).
ـ أطلق عليه الماتريدية، ومن وافقهم عدة ألقاب تدل على قدره وعلو منزلته عندهم مثل: "إمام المهدى"، "إمام المتكلمين".
قال عبد الله المرائي في كتاب الفتح المبين في طبقات الأصوليين: "كان أبو منصور قوي الحجة، فحما في الخصومة، دافع عن عقائد المسلمين، ورد شبهات الملحدين.." (1/193، 194). وقال عنه الشيخ أبو الحسن الندوي في كتابه رجال الفكر والدعوة "جهبذ من جهابذة الفكر الإنساني، امتاز بالذكاء والنبوغ وحذق الفنون العلمية المختلفة"(ص 139) بل كان يرجِّحه على أبي الحسن الأشعري في كتاب تاريخ الدعوة والعزيمة (1/114ـ115).
ـ عاصر أبا الحسن الأشعري، وعاش الملحمة بين أهل الحديث وأهل الكلام من المعتزلة وغيرهم، فكانت له جولاته ضد المعتزلة وغيرهم، ولكن بمنهاج (*) غير منهاج الأشعري، وإن التقيا في كثير من النتائج غير أن المصادر التاريخية لا تثبت لهما لقاء أو مراسلات بينهما، أو إطلاع على كتب بعضها.
ـ توفي عام 333هـ ودفن بسمرقند، وله مؤلفات كثيرة: في أصول الفقه والتفسير. ومن أشهرها: تأويلات أهل السنة أو تأويلات القرآن وفيه تناول نصوص القرآن الكريم، ولا سيما آيات الصفات، فأوَّلها تأويلات جهمية(*). ومن أشهر كتبه في علم الكلام كتاب التوحيد وفيه قرر نظرياته الكلامية، وبيَّن معتقده في أهم المسائل الاعتقادية، ويقصد بالتوحيد: توحيد الخالقية والربوبية، وشيء من توحيد الأسماء والصفات، ولكن على طريقة الجهمية(*) بتعطيل كثير من الصفات بحجة التنزيه(*) ونفي التشبيه(*)؛ مخالفاً طريقة السلف الصالح. كما ينسب إليه شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة، وله في الردود على المعتزلة رد الأصول الخمسة وأيضاً في الرد على الروافض(*) رد كتاب الإمامة لبعض الروافض، وفي الرد على القرامطة الرد على فروع القرامطة.
· مرحلة التكوين: [ 333ـ500هـ ]: وهي مرحلة تلامذة الماتريدي ومن تأثر به من بعده، وفيه أصبحت فرقة كلامية ظهرت أولاً في سمرقند، وعملت على نشر أفكار شيخهم وإمامهم، ودافعوا عنها، وصنفوا التصانيف متبعين مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع (الأحكام)، فراجت العقيدة الماتريدية في تلك البلاد أكثر من غيرها. ومن أشهر أصحاب هذه المرحلة: أبو القاسم إسحاق بن محمد بن إسماعيل الحكيم السمرقندي (342هـ)، عرف بأبي القاسم الحكيم لكثرة حكمه ومواعظه، وأبو محمد عبد الكريم بن موسى بن عيسى البزدوي (390هـ).
• ثم تلى ذلك مرحلة أخرى تُعتبر امتداداً للمرحلة السابقة. ومن أهم وأبرز شخصياتها:
ـ أبو اليسر البزدوي [421ـ493هـ]: هو محمد بن محمد بن الحسين ابن عبد الكريم، والبزدوي نسبة إلى بزدوة ويقال بزدة، ولقب بالقاضي الصدر، وهو شيخ الحنفية بعد أخيه الكبير علي البزودي، ولد عام (421هـ).
ـ تلقى العلم على يد أبيه، الذي أخذه عن جده عبد الكريم تلميذ أبي منصور الماتريدي، قرأ كتب الفلاسفة أمثال الكندي، وغيره، وكذلك كتب المعتزلة أمثال الجبائي، والكعبي، والنّظام، وغيرهم، وقال فيها: "لا يجوز إمساك تلك الكتب والنظر فيها؛ لكي لا تحدث الشكوك، وتوهن الاعتقاد"، ولا يرى نسبة الممسك إلى البدعة(*). كما اطلع على كتب الأشعري، وتعمق فيها، وقال بجواز النظر فيها بعد معرفة أوجه الخطأ فيها، كما اطلع على كتابي التأويلات، والتوحيد للماتريدي فوجد في كتاب التوحيد قليل انغلاق وتطويل، وفي ترتيبه نوع تعسير، فعمد إلى إعادة ترتيبه وتبسيطه مع ذكر بعض الإضافات عليه في كتاب أصول الدين.
ـ أخذ عن الشيخ أبو اليسر البزدوي جمٌّ غفير من التلاميذ؛ ومن أشهرهم: ولده القاضي أبو المعاني أحمد، ونجم الدين عمر بن محمد النسفي صاحب العقائد النسفية، وغيرهما.
ـ توفي في بخارى في التاسع من رجب سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة.
• مرحلة التأليف والتأصيل للعقيدة الماتريدية: [500ـ700هـ]: وامتازت بكثرة التأليف وجمع الأدلة للعقيدة الماتريدية؛ ولذا فهي أكبر الأدوار السابقة في تأسيس العقيدة، ومن أهم أعيان هذه المرحلة:
ـ أبو المعين النسفي [438ـ508هـ]: وهو ميمون بن محمد بن معتمد النسفي المكحولي، والنسفي نسبة إلى نسف وهي مدينة كبيرة بين جيحون وسمرقند، والمكحولي نسبة إلى جده الأكبر، ولكن نسبته إلى بلده غلبت نسبته إلى جده، وله ألقاب عدة أشهرها: سيف الحق والدين.
ـ ويعد من أشهر علماء الماتريدية، إلا أن من ترجم له لم يذكر أحداً من شيوخه، أو كيفية تلقيه العلم، يقول الدكتور فتح الله خليف: "ويعتبر الإمام ! أبو المعين النسفي من أكبر من قام بنصرة مذهب الماتريدي، وهو بين الماتريدية كالباقلاني والغزالي بين الأشاعرة، ومن أهم كتبه تبصرة الأدلة، ويعد من أهم المراجع في معرفة عقيدة الماتريدية بعد كتاب التوحيد للماتريدي، بل هو أوسع مرجع في عقيدة الماتريدية على الإطلاق، وقد اختصره في كتابه التمهيد، وله أيضاً كتاب بحر الكلام، وهو من الكتب المختصرة التي تناول فيها أهم القضايا الكلامية".
ـ توفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة ثمانٍ وخمسمائة، وله سبعون سنة.
ـ نجم الدين عمر النسفي [462ـ537هـ]: هو أبو حفص نجم الدين عمر بن محمد ابن أحمد بن إسماعيل … بن لقمان الحنفي النسفي السمرقندي، وله ألقاب عدة أشهرها: نجم الدين، ولد في نسف سنة إحدى أو اثنتين وستين وأربعمائة.
ـ كان من المكثرين من الشيوخ، فقد بلغ عدد شيوخه خمسمائة رجلاً ومن أشهرهم: أبو اليسر البزدوي، وعبد الله بن علي بن عيسى النسفي. وأخذ عنه خلقٌ كثير، وله مؤلفات بلغت المائة، منها: مجمع العلوم، التيسير في تفسير القرآن، النجاح في شرح كتاب أخبار الصحاح في شرح البخاري وكتاب العقائد المشهورة بالعقائد النسفية، والذي يعد من أهم المتون في العقيدة الماتريدية وهو عبارة عن مختصر لتبصرة الأدلة لأبي المعين النسفي قال فيه السمعاني في ترجمة له: "كان إماماً فاضلاً متقناً، صنَّف في كل نوع من التفسير والحديث.. فلما وافيت سمرقند استعرت عدة كتب من تصانيفه، فرأيت فيها أوهاماً كثيرة خارجة عن الحد، فعرفت أنه كان ممن أحب الحديث، ولم يرزق فهمه".
ـ توفي بسمرقند ليلة الخميس ثاني عشر من جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وخمسمائة.

  • مرحلة التوسع والانتشار: [700ـ1300هـ]: وتعد من أهم مراحل الماتريدية حيث بلغت أوجَ توسعها وانتشارها في هذه المرحلة؛ وما ذلك إلا لمناصرة سلاطين الدولة العثمانية، فكان سلطان الماتريدية يتسع حسب اتساع سلطان الدولة العثمانية، فانتشرت في: شرق الأرض، وغربها، وبلاد العرب، والعجم، والهند، والترك، وفارس، والروم.


وبرز فيها أمثال: الكمال بن الهمام صاحب المسايرة في العقائد المنجية في الآخرة، والذي ما زال يدرَّس في بعض الجامعات الإسلامية. وفي هذا الدور كثرت فيها تأليف الكتب الكلامية من: المتون، والشروح، والشروح على الشروح، والحواشي على الشروح.
وهناك مدراس ما زالت تتبنى الدعوة للماتريدية في شبه القارة الهندية وتتمثل في:
ـ مدرسة ديوبند والندوية [1283هـ ـ …] وفيها كثر الاهتمام بالتأليف في علم الحديث وشروحه، فالديوبندية أئمة في العلوم النقلية والعقلية؛ إلا أنهم متصوفة محضة، وعند كثير منهم بدعٌ قبورية، كما يشهد عليهم كتابهم المهنَّد على المفنَّد لـ الشيخ خليل أحمد السهارنفوري أحد أئمتهم، وهو من أهم كتب الديوبندية في العقيدة، ولا تختلف عنها المدرسة الندوية في كونها ماتريدية العقيدة.
ـ مدرسة البريلوي [1272هـ ـ…] نسبة إلى زعيمهم أحمد رضا خان الأفغاني الحنفي الماتريدي الصوفي الملقب بعبد المصطفي [1340هـ] وفي هذا الدور يظهر الإشراك الصريح، والدعوة إلى عبادة القبور، وشدة العداوة للديوبندية، وتكفيرهم فضلاً عن تكفير(*) أهل السنة(*).
ـ مدرسة الكوثري [ 1296هـ ـ …] وتنسب إلى الشيخ محمد زاهد الكوثري الجركسي الحنفي الماتريدي (1371هـ) ويظهر فيها شدة الطعن في أئمة الإسلام ولعنهم، وجعلهم مجسمة ومشبهة، وجعل كتب السلف ككتب: التوحيد، الإبانة، الشريعة، والصفات، والعلو، وغيرها من كتب أئمة السنة، كتب وثنيةٍ(*) وتجسيمٍ وتشبيهٍ(*)، كما يظهر فيها أيضاً شدة الدعوة إلى البدع(*) الشركية وللتصوف من تعظيم القبور والمقبورين تحت ستار التوسل. انظر تعليقات الكوثري على كتاب الأسماء والصفات للبيهقي، وكتاب مقالات الكوثري.
أهم الأفكار والمعتقدات
• من حيث مصدر التلقي: قسّم الماتريدية أصول الدين حسب التلقي إلى:
ـ الإلهيات [العقليات]: وهي ما يستقل العقل(*) بإثباتها والنقل تابع له، وتشمل أبواب التوحيد والصفات.
ـ الشرعيات [السمعيات]: وهي الأمور التي يجزم العقل بإمكانها ثبوتاً ونفياً، ولا طريق للعقل إليها مثل: النبوات، وعذاب القبر، وأمور الآخرة، علماُ بأن بعضهم جعل النبوات من قبيل العقليات.
ولا يخفي ما في هذا من مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة(*) حيث أن القرآن والسنة وإجماع(*) الصحابة هم مصادر التلقي عندهم، فضلاُ عن مخالفتهم في بدعة تقسيم أصول الدين إلى: عقليات وسمعيات، والتي قامت على فكرة باطلة أصّلها الفلاسفة من: أن نصوص الدين(*) متعارضة مع العقل، فعملوا على التوسط بين العقل والنقل، مما اضطرهم إلى إقحام العقل في غير مجالات بحثه؛ فخرجوا بأحكام باطلة تصطدم مع الشرع ألجأتهم إلى التأويل(*) والتفويض(*)، بينما لا منافاة عند أهل السنة والجماعة بين العقل والسليم الصريح والنقل الصحيح.
• بناءً على التقسيم السابق فإن موقفهم من الأدلة النقلية في مسائل الإلهيات [العقليات] كالتالي:
ـ إن كان من نصوص القرآن الكريم والسنة المتواترة(*) مما هو قطعي الثبوت قطعي الدلالة عندهم، أي مقبولاً عقلاُ، خالياً من التعارض مع عقولهم؛ فإنهم يحتجون به في تقرير العقيدة. وأما إن كان قطعي الثبوت ظني الدلالة عندهم أي: مخالفاً لعقولهم، فإنه لا يفيد اليقين، ولذلك تُؤوَّل الأدلة النقلية بما يوافق الأدلة العقلية، أو تفويض معانيها إلى الله عز وجل. وهم في ذلك مضطربون، فليست عندهم قاعدة مستقيمة في التأويل(*) والتفويض(*)؛ فمنهم من رجّح التأويل على التفويض، ومنهم من رجّح التفويض، ومنهم من أجاز الأمرين، وبعضهم رأى أن التأويل لأهل النظر والاستدلال، والتفويض أليق للعوام.
والملاحظ أن القول بالتأويل(*) لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحاب القرون المفضلة، وإنما هي بدعة دخلت على الجهمية(*) والمعتزلة(*) من اليهود والنصارى، وإلى التأويل يرجع جميع ما أُحدث في الإسلام من بدع فرَّقت شمل الأمة، وهو أشرُّ من التعطيل؛ حيث يستلزم التشبيه(*)، والتعطيل، واتهاماً للرسول صل الله عليه وسلم بالجهل، أو كتمان بيان ما أنزل الله.
وأما القول بالتفويض(*) فهو من أشر أقوال أهل البدع لمناقضته ومعارضته نصوص التدبر للقرآن، واستلزام تجهيل الأنبياء والمرسلين برب العالمين.
ـ وإن كان من أحاديث الآحاد(*) فإنها عندهم تفيد الظن، ولا تفيد العلم اليقيني، ولا يعمل بها في الأحكام الشرعية مطلقاً، بل وفق قواعدهم وأصولهم التي قرروها، وأما في العقائد فإنه لا يحتج بها، ولا تثبت بها عقيدة، وإن اشتملت على جميع الشروط المذكورة في أصول الفقه(*)، وإن وردت مخالفة للعقل(*) ولا تحتمل التأويل رُدَّت بافتراء ناقله أو سهوه أو غلطة، وإن كانت ظاهرة فظاهرها غير مراد، وهذا موقف الماتريدية قديماً وحديثاً؛ حتى أن الكوثري ومن وافقه من الديوبندية طعنوا في كتب السنة بما فيها الصحيحين، وفي عقيدة أئمة السنة بما فيها الصحيحين، وفي عقيدة أئمة السنة مثل: حماد بن سلمة راوي أحاديث الصفات، والإمام الدارمي عثمان بن سعيد صاحب السنن. وهذا قول مبتدع محدث ابتدعته القدرية(*) والمعتزلة(*)، لأن الأحاديث حجة عليهم وهو مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يبعث الرسل إلى الملوك والرؤساء فُرادَى يدعونهم إلى الإسلام. وكذلك فإن تقسيم ما ورد عن النبي صل الله عليه وسلم إلى متواتر(*) وآحاد (*) لم يكن معروفاً في عصر الصحابة والتابعين.
ـ كما رتبوا على ذلك وجوب معرفة الله تعالى بالعقل (*) قبل ورود السمع، واعتبروه أول واجب على المكلف، ولا يعذر بتركه ذلك، بل يعاقب عليه ولو قبل بعثة الأنبياء والرسل. وبهذا وافقوا قول المعتزلة: وهو قول ظاهر البطلان، تعارضه الأدلة من الكتاب والسنة التي تبين أن معرفة الله تعالى يوجبها العقل، ويذم من يتركها، لكن العقاب على الترك لا يكون إلا بعد ورود الشرع، يقول الله تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) [سورة الإسراء الآية 15] وأن أول واجب على المكلف، وبه يكون مسلماً: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والبراءة من كل دين(*) يخالف دين الإسلام على الإجمال، ولهذا لما أرسل رسول الله صل الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن لم يأمره بغير ذلك. وكذلك الأنبياء لم يدعوا أقوامهم إلا بقول (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) [سورة الأعراف الآية 59].
ـ وقالوا أيضاً بالتحسين والتقبيح العقليين(*)، حيث يدرك العقل حسن الأشياء وقبحها، إلا أنهم اختلفوا في حكم الله تعالى بمجرد إدراك العقل للحسن والقبح. فمنهم من قال: إن العباد يعاقبون على أفعالهم القبيحة ولو لم يبعث إليهم رسول ؛ كما سبق، ومنهم من قال بعكس ذلك.
ـ وذهبت كذلك الماتريدية كغيرها من الفرق الكلامية إلى أن المجاز واقع في اللغة والقرآن والحديث ؛ ويقصدون بالمجاز بأنه اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، وهو قسيم الحقيقة عندهم. ولذلك اعتمدوا عليه في تأويل النصوص دفعاً ـ في ظنهم ـ لشبه التجسيم والتشبيه (*). وهو بهذا المعنى : قول مبتدع، محدث، لا أصل له في اللغة ولا في الشرع. ولم يتكلم فيه أئمة اللغة: كالخليل بن أحمد، وسيبويه فضلاً عن أئمة الفقهاء والأصوليين المتقدمين.
ـ مفهوم التوحيد عند الماتريدية هو: إثبات أن الله تعالى واحد في ذاته، لا قسيم له، ولا جزء له، واحد في صفاته، لا شبيه له، واحد في أفعاله، لا يشاركه أحد في إيجاد المصنوعات، ولذلك بذلوا غاية جهدهم في إثبات هذا النوع من التوحيد باعتبار أن الإله (*) عندهم هو: القادر على الاختراع. مستخدمين في ذلك الأدلة والمقاييس العقلية والفلسفية التي أحدثها المعتزلة والجهمية (*)، مثل دليل حدوث الجواهر والأعراض، وهي أدلة طعن فيها السلف والأئمة وأتباعهم وأساطين الكلام والفلسفة (*) وبينوا أن الطرق التي دل عليها القرآن أصح. بيّن ذلك أبو الحسن الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر، وابن رشد الحفيد في مناهج (*) الأدلة. وشيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل. وأيضاً خالفوا أهل السنة والجماعة (*) بتسويتهم بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، فالإله عند أهل السنة: المألوه المعبود الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له. وما أرسلت الرسل إلا لتقرير ذلك الأمر، ودعوة البشرية إلى توحيد الله تعالى في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته.
ـ أثبتوا لله تعالى أسماءه الحسنى، وقالوا: لا يسمَّى الله تعالى إلا بما سمى به نفسه، وجاء به الشرع. وفي ذلك وافقوا أهل السنة والجماعة في القول بالتوقيف في أسمائه تعالى إلا أنهم خالفوهم فيما أدخلوه في أسمائه تعالى: كالصانع، القديم، الذات … حيث لم يفرقوا بين باب الإخبار عن الله تعالى وباب التسمية.
ـ وقالوا بإثبات ثماني صفاتٍ لله تعالى فقط، على خلاف بينهم وهي: الحياة، القدرة، العلم، الإرادة، السمع، البصر، الكلام، التكوين. وعلى أن جميع الأفعال المتعدية ترجع إلى التكوين، أما ما عدا ذلك من الصفات التي دل عليها الكتاب والسنة [ الصفات الخبرية ] من صفات ذاتية، أو صفات فعلية، فإنها لا تدخل في نطاق العقل (*)، ولذلك قالوا بنفيها جميعاً. أما أهل السنة والجماعة (*) فهم كما يعتقدون في الأسماء يعتقدون في الصفات وأنها جميعاً توقيفية، ويؤمنون بها " بإثبات بلا تشبيه، وتنزيه بلا تعطيل، مع تفويض الكيفية وإثبات المعنى اللائق بالله ـ تعالى ـ لقوله تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
ـ قولهم بأن القرآن الكريم ليس بكلام الله تعالى على الحقيقة، وإنما هو كلام الله تعالى النفسي، لا يسمع، وإنما يسمع ما هو عبارة عنه، ولذلك فإن الكتب بما فيها القرآن مخلوقة ؛ وهو قول مبتدع محدث لم يدل عليه الكتاب ولا السنة، ولم يرد عن سلف الأمة. وأول من ابتدعه ابن كلاب. فالله تعالى يتكلم إذا شاء متى شاء بما شاء، ولا يزال يتكلم كما كلم موسى، ويكلم عباده يوم القيامة، والقرآن كلام الله تعالى على الحقيقة، غير مخلوق. وكذلك التوراة والإنجيل والزبور. وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة من سلف الأمة الصالح ومن تبعهم بإحسان.
ـ تقول الماتريدية في الإيمان أنه التصديق بالقلب فقط، وأضاف بعضهم الإقرار باللسان، ومنعوا زيادته ونقصانه، وقالوا بتحريم الاستثناء فيه، وأن الإسلام والإيمان مترادفان، لا فرق بينهما، فوافقوا المرجئة (*) في ذلك، وخالفوا أهل السنة والجماعة (*)، حيث إن الإيمان عندهم: اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان. يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية. ويجوز الاستثناء فيه [ والمقصود عدم تزكية النفس ] والإيمان والإسلام متلازمان، إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا.
• وافقت الماتريدية أهل السنة والجماعة في الإيمان بالسمعيات مثل: أحوال البرزخ، وأمور الآخرة من: الحشر، والنشر، والميزان، والصراط، والشفاعة، والجنة، والنار ؛ لأنهم جعلوا مصدر التلقي فيها السمع، لأنها من الأمور الممكنة التي أخبر بها الصادق صل الله عليه وسلم، وأيدتها نصوص الكتاب والسنة.
ـ وبالتالي فإنهم أثبتوا رؤية الله تعالى في الآخرة ؛ ولكن مع نفي الجهة والمقابلة. وهذا قول متناقض حيث أثبتوا ما لا يمكن رؤيته، ولا يخفي مخالفته لما عليه أهل السنة والجماعة.
• كما وافقت الماتريدية أهل السنة والجماعة في القول في الصحابة على ترتيب خلافتهم، وأن ما وقع بينهم كان خطأ عن اجتهاد منهم ؛ ولذا يجب الكف عن الطعن فيهم، لأن الطعن فيهم إما كفر(*)، أو بدعة (*)، أو فسق. كما يرون أن الخلافة (*) في قريش، وتجوز الصلاة خلف كل برٍ وفاجرٍ، ولا يجوز الخروج على الإمام الجائر.
• وأيضاً وافقوا أهل السنة والجماعة في القول: بالقدر(*)، والقدرة، والاستطاعة، على أن كل ما يقع في الكون بمشيئة الله تعالى وإرادته، وأن أفعال العباد من خير وشر من خلق الله تعالى وأن للعباد أفعالاً اختيارية، يثأبون عليها، ويعاقبون عليها، وأن العبد مختار في الأفعال التكليفية غير مجبور على فعلها.
قالت الماتريدية بعدم جواز التكليف بما لا يُطاق موافقة المعتزلة في ذلك، والذي عليه أهل السنة والجماعة (*) هو: التفضيل، وعدم إطلاق القول بالجواز أو بالمنع.
الجذور الفكرية والعقائدية
يتبين للباحث أن عقيدة الماتريدية فيها حق وباطل؛ فالحق أخذوه عن أهل السنة من الحنفية السلفية (*)، وغيرهم ؛ لأن المستقرىء للتاريخ يجد أن الحنفية بعد الإمام أبي حنيفة تفرقوا فرقاً شتى في وقت مبكر، ولم يَسٍر على سيرة الإمام أبي حنيفة وصاحبيه إلا من وفقه الله عز وجل. وقد كانت الغلبة في ذلك للأحناف المنتسبين للفرق المبتدعة من: جهمية (*)، ومعتزلة (*). ولأن المصادر التاريخية لم تُشِر إلى كيفية تلقي أبي منصور الماتريدي العلم أو من تأثر بهم من العلماء، نستطيع ترجيح الآتي:
ـ تأثُّر أبو منصور الماتريدي مباشرة أو بواسطة شيوخه بعقائد الجهمية (*) من الإرجاء (*) والتعطيل (*)؛ وكذلك المعتزلة (*) والفلاسفة في نفي بعض الصفات وتحريف نصوصها، ونفي العلو والصفات الخبرية ظناً منه أنها عقيدة أهل السنة.
ـ تأثر بابن كلاب (240هـ) أول من ابتدع القول بالكلام النفسي لله عز وجل في بدعته هذه، وأن لم يثبت لهما لقاء، حيث توفي ابن كلاب قبل مولده، بل صرح شيخ الإسلام ابن تيمية أن أبا منصور الماتريدي تابع ابن كلاب في عدة مسائل: الصفات، وما يتعلق بها، كمسألة القرآن هل سبحانه يتكلم بمشيئته وقدرته ؟ ومسألة الاستثناء في الإيمان. (مجموع الفتاوى 7/433، منهاج السنة 2/362).
الانتشار ومواقع النفوذ
انتشرت الماتريدية، وكثر أتباعها في بلاد الهند وما جاورها من البلاد الشرقية: كالصين، وبنغلاديش، وباكستان، وأفغانستان. كما انتشرت في بلاد تركيا، والروم، وفارس، وبلاد ما وراء النهر، والمغرب حسب انتشار الحنفية وسلطانهم، وما زال لهم وجود قوي في هذه البلاد، وذلك لأسباب كثيرة منها:
[list="color: rgb(255, 238, 221); font-family: Arial, Tahoma, Helvetica, FreeSans, sans-serif; text-align: right; background-color: rgb(68, 21, 0);"]
[*]المناصرة والتأييد من الملوك والسلاطين لعلماء المذهب، وبخاصة سلاطين الدولة العثمانية.
[*]للمدارس الماتريدية دورٌ كبير في نشر العقيدة الماتريدية، وأوضح مثال على ذلك: المدارس الديوبندية بالهند وباكستان وغيرها؛ حيث لا زال يدرَّس فيها كتب الماتريدية في العقيدة على أنها عقيدة أهل السنة والجماعة (*).
[*]النشاط البالغ في ميدان التصنيف في علم الكلام (*)، وردهم على الفرق المبتدعة الأخرى، مثل الجهمية (*) الأولي، والمعتزلة، والروافض (*).
[*]انتسابهم للإمام أبي حنيفة ومذهبه في الفروع.

[/list]
يتضح مما سبق: أن الماتريدية فرقة كلامية نشأت بسمرقند في القرن الرابع الهجري، وتنسب إلى أبي منصور الماتريدي، مستخدمة الأدلة والبراهين العقلية والفلسفية في مواجهة خصومها من المعتزلة، والجهمية وغيرهما من الفرق الباطنية(*)، في محاولة لم يحالفها التوفيق للتوسط بين مذهب أهل السنة والجماعة(*) في الاعتقاد ومذاهب المعتزلة والجهمية وأهل الكلام، فأعْلَوا شأن العقل(*) مقابل النقل، وقالوا ببدعة تقسيم أصول الدين إلى عقليات وسمعيات مما اضطرهم إلى القول بالتأويل(*) والتفويض(*)، وكذا القول بالمجاز في القرآن الكريم، والسنة النبوية، وعدم الأخذ بأحاديث الآحاد(*)، وبالقول بخلق الكتب ومنها: القرآن الكريم؛ وعلى أن القرآن الكريم كلام الله تعالى النفسي. مما قربَّهم إلى المعتزلة والجهمية في هذا الباب، وإلى المرجئة (*) في أبواب الإيمان، وأهل السنة والجماعة في مسائل: القدر(*)، وأمور الآخرة وأحوال البرزخ، وفي القول في الإمامة، والصحابة رضي الله عنهم. ولما كان مفهومهم للتوحيد أنه يقتصر على: توحيد الخالقية، والربوبية، مما مكن التصوف الفلسفي بالتغلغل في أوساطهم، فغلب على كبار منتسبيهم وقوي بقوة نفوذ وانتشار المذهب (*) ؛ لوجود أكثر من دولة تحميه وتؤيده مثل: الدولة العثمانية ؛ فضلاً عن وجود جامعات ومدارس مشهورة تعمل على نشره، وكان لانتسابهم لمذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع أثره البالغ في انتشار المذهب الماتريدي إلى اليوم. ومع هذا فإن للماتريدية خدمات في الرد على: المعتزلة والباطنية والفلاسفة الملحدين والروافض (*)، ولهم جهود في خدمة كتب الحديث لا تخلو من ملحوظات.
أعلام الماتردية

  • أبو منصور الماتريدي
  • الآلوسي[2]
  • محمد الفاتح
     

.....................................................
الهوامش
[*] الماتريدية، تاريخ الولوج 16 اغسطس 2011.
[*] قال الشيخ صالح عبد العزيز آل شيخ في كتابه مناهج المفسرين ص15 يقول: (الأشاعرة لهم تفاسير كثيره على هذا النحو مثل القرطبي ومثل تفسير أبي السعود وتفسير الرازي وأشباه هذه التفاسير. والماتوريديه : أيضا لهم تفاسير مثل تفسير النسفي وتفسير الآلوسي روح المعاني وغير هذه التفاسير). ويظهر ذلك واضحا في تفسيره روح المعاني (ج1 ص16) في المقدمة عند حديثه عن في كيفية سماع موسى عليه السلام كلام الحق، يقول: (فأقول الذي إنتهى إليه كلام أئمة الدين كالماتريدي والأشعري وغيرهما من المحققين أن موسى عليه السلام سمع كلام الله تعالى بحرف وصوت كما تدل عليه النصوص التي بلغت في الكثرة مبلغا لا ينبغي معه تأويل ولا يناسب في مقابلته قال وقيل).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:16 am

المعتزلة


        المعتزلة فرقة كلامية ظهرت في بداية القرن الثاني الهجري (80 هـ - 131 هـ) في البصرة (أواخر العصر الأموي)، وقد ازدهرت في العصر العباسي.
        اعتمد المعتزلة على العقل في تأسيس عقائدهم وقدموه على النقل، وقالوا بأنّ العقل والفطرة السليمة قادران على تمييز الحلال من الحرام بشكل تلقائي.
        يقال من أشهر المعتزلة الجاحظ، والخليفة العالم المأمون، والرازي، وابن الراوندي الذي هاجمهم بعد أن فارقهم بكتاباته التي فسرت أحيانًا على أنها إلحادية ورافضة للتدين بشكل عام. وإن كان هذا، وما زال، موضع سجال فكري إلى اليوم.
        أعطى تأكيد المعتزلة على التوحيد، وعلى العدل الاجتماعي، الفرقة أهمية كبرى لدى الناس في عصر كثرت فيه المظالم الاجتماعية وكثر فيه القول بتشبيه وتجسيم الذات الإلهية.
        يعتقد أن أول ظهور للمعتزلة كان في البصرة في العراق، ثم انتشرت أفكارهم في مختلف مناطق الدولة الإسلامية كخراسان وترمذ واليمن والجزيرة العربية والكوفة وارمينيا إضافة إلى بغداد.
        انطوى تراث المعتزلة لقرون، ولم يعرف عنه سوى من كتابات آخرين، سواء من أشاروا إليهم عبورًا أو من عارضوهم، إلى أن اكتشف مصادفة في اليمن، قبل بضعة عقود، أهم كتاب في مذهب الاعتزال وهو المغني في أبواب التوحيد والعدل للقاضي عبد الجبار.
تأسيسها وتسميتها
        اختلف المؤرخون في بواعث ظهور مذهب المعتزلة، واتجهت رؤية العلماء إلى وجود:
1. سبب ديني: فالاعتزال حدث بسبب اختلاف في بعض الأحكام الدينية كالحكم على مرتكب الكبيرة. ويستند العلماء المؤيدين لهذه النظرية إلى الرواية الشائعة في اعتزال واصل بن عطاء عن شيخه الحسن البصري في مجلسه العلمي في الحكم على مرتكب الكبيرة، وكان الحكم أنه مؤمن فاسق.
        وتقول الرواية إن واصل بن عطاء لم ترقه هذه العبارة، وقال هو: في (منزلة بين منزلتين)، أي لا مؤمن ولا كافر.
        وبسبب هذه الإجابة اعتزل مجلس الحسن البصري وكوّن لنفسه حلقة دراسية. وفق ما يفهم ويقال حين ذاك إن الحسن البصري أطلق عبارة (اعْتزِلنا واصل).
2. سبب سياسي: حيث يعتقد بعض العلماء أن الداعي لظهور هذه الفرقة ظرف حضاري أو تاريخي لأن الإسلام، عند نهاية القرن الأول، كان قد توسع ودخلت أمم عديدة وشعوب كثيرة فيه، ودخلت معها ثقافات مختلفة، ودخلت الفلسفة، ولم يعد المنهج النصي التقليدي النقلي يفي حاجات المسلمين العقلية في جدالهم.
                والمنهج الذي يصلح لذلك هو المنهج الطبيعي العقلي، والذي سيصبح أهم المذاهب الكلامية من الناحية الخالصة، فهو أكثر المذاهب إغرقًا وتعلقًا بالمذهب العقلاني.
العقائد والأفكار
        بدأت المعتزلة بفكرة أو بعقيدة واحدة، ثم تطورت فيما بعد، ولم تقف عند حدود مسألة واحدة، بل تجاوزتها لتشكل منظومة من العقائد والأفكار، التي في مقدمتها الأصول الخمسة الشهيرة التي لا يعد معتزليًا من لم يقل بها، ونبتدئ بذكر الأصول الخمسة التي هي:
1 - التوحيد:
        ويعنون به إثبات وحدانيته الله ونفي المثل عنه، وأدرجوا تحته نفي صفات الله، فهم لا يصفون الله إلا بالسلوب، فيقولون عن الله: لا جوهر ولا عرض ولا طويل ولا عريض ولا بذي لون ولا طعم ولا رائحة ولا بذي حرارة ولا برودة... الخ، أما الصفات الثبوتية كالعلم والقدرة فينفونها عن الله تحت حجة أن في إثباتها إثبات لقدمها، وإثبات قدمها إثبات لقديم غير الله. قالوا: ولو شاركته الصفات في القدم الذي هو أخص الوصف لشاركته في الألوهية، فكان التوحيد عندهم مقتضيًا نفي الصفات. ونفصل قليلاً لأن لمبدأ التوحيد مفهوم خاص عند المعتزلة، فهو بالنسبة لهم يعني:
آ- التنزيه المطلق: بمعنى "ليس كمثله شيء"، لا تشبيه ولا تجسيم، وتنزيه الله عن أن يكون مثل الأجسام أو الموجودات الحسية، ونفي أي تشبيه بين المخلوقات والله. والآيات التي تفيد التشبيه لا يقبلها المعتزلة على ظاهرها بل يقومون بتأويلها مثل "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" - نخرج المعنى الظاهر لكلمة (وجه) ونقول إن المقصود بها الذات.
ب- التوحيد بين الذات والصفات: الله ذات ووجود، وهذا الوجود يتصف بصفات ذكرها الله في كتابه، ووصف الله بها نفسه: عالم، كبير، قدير، سميع، خالق، بصير. ويعتبر المعتزلة هذه الصفات مضافة للذات، مثلاً: الإنسان لا يولد عليمًا بل يصبح عليمًا.  
        المعتزلة يقولون إن هذه الصفات ليست زائدة عن الذات إنما هي عين ذات الإلهية (العلم، القدرة، الإرادة، الحياة، السمع، البصر، الكلام): سبع صفات للذات.
        وصفة الذات هي الصفة التي لا يجوز أن أصف الله بها وبضدها، فلا يجوز أن أصف الله الجاهل × عالم، ولا بالعاجز × قادر... الخ. أما صفات الفعل فهي تلك التي يجوز أن يوصف الله بضدها مثل الرزاق، فأحيانًا يرزق وأحيانًا يمنع الرزق، والمعتزلة يقولون إن "الكلام صفة الفعل وليست صفات الذات".
        يقول المعتزلة إن صفات الله الستة لا تنفصل عن الذات، وإنما هي عين الذات الإلهية. سميع بسمعه وسمعه هو عين ذاته، بصير ببصره وبصره هو عين ذاته وهكذا... لأنه إذا قلنا إن الصفات ليست عين الذات فمعنى ذلك أن هناك تعدد وتجزؤ في الذات الإلهية، وهذا لا يجوز في رأي المعتزلة لأنه، في رأيهم، شرك. لأنه عندي ذات قديمة وصفات هي عين الذات، ومعنى ذلك أننا نقع في الشرك ونقول قولاً أفظع من قول النصارى في الله. الخروج من هذا المأزق هو في التوحيد بين الذات والصفات، فصفة العلم هي الذات نفسها، وخصوم المعتزلة يسمونهم المعطلة أو أهل التعطيل، أي عطلوا أن يكون للصفات وجود متمايز. الشيعة والخوارج والإباضية أخذوا بهذا المبدأ، وهذا هو معنى التوحيد عند المعتزلة. ويترتب على هذا المذهب بعض المواقف العقيدية مثل نفي رؤية الله لا في الدنيا ولا في الآخرة. "وجوه يومَئِذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة" - إلى ليست حرف جر بل تعني النعمة، ناظرة أي تنتظر تمشيًا مع مبدأ التنزيه، فإذا رؤي الله بالأبصار فهو جسم.
2- العدل:
        ويعنون به قياس أحكام الله على ما يقتضيه العقل والحكمة. وبناء على ذلك نفوا أمورًا وأوجبوا أخرى، فنفوا أن يكون الله خالقًا لأفعال عباده، وقالوا: إن العباد هم الخالقون لأفعال أنفسهم، إن خيرًا وإن شرًا. قال أبو محمد بن حزم: "قالت المعتزلة بأسرها، حاشا ضرار بن عبد الله الغطفاني الكوفي ومن وافقه كحفص الفرد وكلثوم وأصحابه، إن جميع أفعال العباد من حركاتهم وسكونهم في أقوالهم وأفعالهم وعقودهم لم يخلقها الله عز وجل". وأوجبوا على الخالق، الله، فعل الأصلح لعباده.
        قال الشهرستاني: "اتفقوا - أي المعتزلة - على أن الله لا يفعل إلا الصلاح والخير، ويجب من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد.
        وأما الأصلح واللطف ففي وجوبه عندهم خلاف، وسموا هذا النمط عدلاً"، وقالوا أيضًا إن العقل مستقل بالتحسين والتقبيح، فما حسنه العقل كان حسنًا، وما قبحه كان قبيحًا، وأوجبوا الثواب على فعل ما استحسنه العقل، والعقاب على فعل ما استقبحه. ونفصل قليلاً أيضًا...
        العدل مبدأ هام في فكر المعتزلة، وهم يربطون بين صفة العدل والأفعال الإنسانية، ويرون أن الإنسان حرّ في أفعاله، وهم يقولون ذلك لكي ينقذوا التكليف الشرعي لأن الإنسان المسلم مكلف شرعيًا والإنسان مسؤول عن هذه الأفعال حتى يستقيم التكليف ويكون الثواب عدلاً والعقاب عدلاً.
        خلافًا للجبرية الذين يعتقدون أن الأفعال من خلق الله والإنسان مجبور عليها. ترى المعتزلة أن عدل الله يقتضي أن يكون الإنسان هو صاحب أفعاله، ويترتب على القول بالعدل الإلهي أن الله لا يفعل الشر، فأفعال الله كلها حسنة وخيرّة، الشر إما أن يوجد من الإنسان، أو لا يكون شرًا.
        يقول المعتزلة إن الله يفعل ما هو الأصلح لعباده، ولا يمكن أن يفعل الشر لهم. ويتمثل المعتزلون الذات الإلهية خيرًا مطلقًا، ويقولون باللطف الإلهي أي أن الله يهدي الناس إلى ما فيه الخير لطفًا بهم. القول بالحسن والقبح الذاتيين أو العقليين، والمقصود بها أفعال الإنسان الحسنة وأفعال الإنسان القبيحة. مثلاً الصلاة فعل حسن، التصدق فعل حسن، إطعام المسكين فعل حسن...؛ الزنا فعل قبيح، الاعتداء... أفعال سيئة قبيحة.
        وبالنسبة لتحديد ما إذا كان الفعل حسن أو قبيح هناك إتجاهان: الأول يقول (إن الشرع قد أخبرني ذلك)، أي ما يجعل الأفعال حسنة أو قبيحة هو الإخبار الشرعي، وهذا مبدأ التيار السلفي النقلي الذي يأخذ بظاهر النصوص؛ أما الاتجاه الآخر فهو التيار العقلي الذي يقول إن العقل هو المسؤول.
        يترتب على مبدأ العدل أيضًا القول بخلق القرآن، فالقرآن كلام الله، والكلام صفة من صفات الله، فالله متكلم وكلم موسى تكليمًا، وصفة الكلام هي إحدى الصفات التي يعتبرها بعض المسلمين صفات ذات (صفة الذات هي صفة يوصف الله بها ولا يجوز أن يوصف بضدها مثل الحياة والإرادة)، ويعتقدون أن كلام الله مخلوق أو حادث، أي أنه وجد بعد لم يكن موجودًا، وتكلم الله به بعد لم يكن متكلمًا.
        الخليفة المأمون فرض القول بخلق القرآن، وطلب من الجميع أن يقروا بذلك، واعتبر القول بقدم الذات الإلهية ضرب من الشرك المضاد للتوحيد؛ إلا أن أحمد بن حنبل تصدى لهذا القول فاستضعف وتعرض للسجن والتعذيب، ولذا فقد لقب بإمام أهل السنة.
3المنزلة بين المنزلتين:
        وهذا الأصل يوضح حكم الفاسق في الدنيا عند المعتزلة، وهي المسألة التي اختلف فيها واصل بن عطاء مع الحسن البصري، إذ يعتقد المعتزلة أن الفاسق في الدنيا لا يسمى مؤمنًا بوجه من الوجوه، ولا يسمى كافرًا، بل هو في منزلة بين هاتين المنزلتين، فإن تاب رجع إلى إيمانه، وإن مات مصرًا على فسقه كان من المخلدين في عذاب جهنم.
        أي أن حكم الفاسق في الدنيا هو أنه ليس بمؤمن ولا بكافر، وبالتالي يظل على هذا الحال؛ فإن تاب أصبح مؤمنًا وإن لم يتب حتى موته يخلد في النار.
        ينسب إلى الرواقيين التمييز بين قيمة الخير وقيمة الشرّ، إذ يقولون إن هناك أشياء خيرة وأشياء شريرة وأشياء بين البينين.
        وهذه هي فكرة المعتزلة بالقول بمنزلة بين منزلتين، إذ تأثروا بالرواقيين. وقد تشكل الاعتزال كمذهب في القرن الثاني. والسبب فيه أن رجلاً دخل على الحسن البصري، فقال: يا إمام الدين لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة، وهم وعيدية الخوارج؛ وجماعة يرجئون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان بل العمل على مذهبهم ليس ركنًا من الإيمان ولا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وهم مرجئة الأمة؛ فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقادًا. فتفكر الحسن في ذلك، وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول إن صاحب الكبيرة مؤمن مطلقًا ولا كافر مطلقًا بل هو في منزلة بين المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر. ثم قام واعتزل إلى اسطوانة من اسطوانات المسجد يقرر ما أجاب على جماعة من أصحاب الحسن، فقال الحسن اعتزل عنا واصل، فسمى هو وأصحابه معتزلة.
        ووجه تقريره أنه قال إن الإيمان عبارة عن خصال خير إذا اجتمعت سُميّ المرء مؤمنًا، وهو اسم مدح. والفاسق لم يستجمع خصال الخير ولا استحق اسم المدح فلا يسمى مؤمنًا، وليس هو بكافر مطلقًا أيضًا لأن الشهادة وسائر أعمال الخير موجودة فيه لا وجه لإنكارها، لكنه إذا خرج من الدنيا على كبيرة من غير توبة فهو من أهل النار خالد فيها، إذ ليس في الآخرة إلا فريقان: فريق في الجنة، وفريق في السعير. لكنه يخفف عنه العذاب وتكون دركته فوق دركة الكفار.
4الوعد والوعيد:
        المقصود به إنفاذ الوعيد في الآخرة على أصحاب الكبائر، وأن الله لا يقبل فيهم شفاعة، ولا يخرج أحدًا منهم من النار، فهم كفار خارجون عن الملة مخلدون في نار جهنم. قال الشهرستاني: "واتفقوا - أي المعتزلة - على أن المؤمن إذا خرج من الدنيا على طاعة وتوبة استحق الثواب والعوض. وإذا خرج من غير توبة عن كبيرة ارتكبها استحق الخلود في النار، لكن يكون عقابه أخف من عقاب الكفار. وسموا هذا النمط وعدًا ووعيدًا".
5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
        وهذا الأصل يوضح موقف المعتزلة من أصحاب الكبائر، سواء أكانوا حكامًا أم محكومين، قال الإمام الأشعري في المقالات: "وأجمعت المعتزلة، إلا الأصم، على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الإمكان والقدرة باللسان واليد والسيف. كيف قدروا على ذلك" فهم يرون قتال أئمة الجور لمجرد فسقهم، ووجوب الخروج عليهم عند القدرة على ذلك، وغلبة الظن بحصول الغلبة وإزالة المنكر.
        هذه هي أصول المعتزلة الخمسة التي اتفقوا عليها. لكن هناك عقائد أخرى للمعتزلة منها ما هو محل اتفاق بينهم، ومنها ما اختلفوا فيه، فمن تلك العقائد:
1- نفيهم رؤية الله عز وجل: حيث أجمعت المعتزلة على أن الله لا يُرى بالأبصار، لا في الدنيا ولا في الآخرة، قالوا لأن في إثبات الرؤية إثبات الجهة لله، والله منزه عن الجهة والمكان. وتأولوا قول القرآن: (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) أي منتظرة.
2- قولهم إن القرآن مخلوق: قالوا إن الله كلم موسى بكلام أحدثه في الشجرة.
3- نفيهم علو الله: وتأولوا الاستواء في قول القرآن: "الرحمن على العرش استوى" بالاستيلاء.
4- نفيهم شفاعة النبي لأهل الكبائر من أمته: قال الإمام الأشعري في المقالات: "واختلفوا في شفاعة رسول الله هل هي لأهل الكبائر. فأنكرت المعتزلة ذلك وقالت بإبطاله".
5- نفيهم كرامات الأولياء: قالوا لو ثبتت كرامات الأولياء لاشتبه الولي بالنبي.
المعتزلة في العصر الحديث        ظهرت عدة محاولات لإحياء فكر المعتزلة في مواجهة التردي الذي تعيشه الأمة الاسلامية. ولكن معظم هذه المحاولات كانت تعاني من التأثر بالفكر الغربي. وبالتالي بدت هذه المحاولات وكأنها تلحق الحضارة الإسلامية بالحضاره الغربية. ولكن جهود الشيخ أمين نايف ذياب (1931 - 2006) أدت إلى بعث الاعتزال كفكر سياسي شعبي نابع من حضارة الإسلام


....يتيع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:19 am

... تابع


بعض الفرق المتعلقة بالمعتزلة


الواصلية‏‏
يقول الشهرستاني :
        أصحاب أبي حذيفة واصل بن عطاء الغزال الألثغ كان تلميذاً للحسن البصري يقرأ عليه العلوم الأخبار وكانا في أيام عبد الملك بن مروان وهشام بن عبد الملك‏.‏ وبالمغرب في أيام أبي جعفر المنصور‏.‏ ويقال لهم‏:‏ الواصلية‏.‏
واعتزالهم يدور على أربعة قواعد‏:‏
        القاعدة الأولى‏:‏ القول بنفي صفات الباري تعالى من العلم والقدرة والإرادة والحياة‏.‏
وكانت هذه المقالة في بدئها غير نضيجة وكان واصل بن عطاء يشرع فيها على قول ظاهر وهو الاتفاق على استحالة وجود إلهين قديمين أزليين قال‏:‏ ‏"‏ ومن أثبت معنى وصفة قديمة فقد أثبت إلهين ‏"‏‏.‏
        وإنما شرعت أصحابه فيها بعد مطالعة كتب الفلاسفة وانتهى نظرهم فيها إلى رد جميع الصفات إلى كونه‏:‏ عالماً قادراً ثم الحكم بأنهما صفتان ذاتيتان هما‏:‏ اعتباران للذات القديمة كما قال الجبائي أو حالان كما قال أبو هاشم‏.‏
وميل أبو الحسين البصري إلى ردهما إلى صفة واحدة وهي العالمية وذلك عين مذهب الفلاسفة وسنذكر تفصيل ذلك‏.‏
وكان السلف يخالفهم في ذلك إذ وجدوا الصفات مذكورة في الكتاب والسنة‏.‏
        القاعدة الثانية‏:‏ القول بالقدر‏:‏ وغنما سلكوا في ذلك مسلك معبد الجهني وغيلان الدمشقي‏.‏ وقرر واصل بن عطاء هذه القاعدة أكثر مما كان يقرر قاعدة الصفات فقال إن الباري تعالى حكيم عادل لا يجوز أن يضاف إليه شر ولا ظلم ولا يجوز أن يريد من العباد خلاف ما يأمرن ويحتم عليهم شيئاً ثم يجازيهم عليه فالعبد هو الفاعل للخير والشر والإيمان والكفر والطاعة والمعصية وهو المجازى على فعله والرب تعالى أقدره على ذلك كله‏.‏
        وأفعال العباد محصورة في‏:‏ الحركات والسكنات والاعتمادات والنظر والعلم قال‏:‏ ويستحيل أن يخاطب العبد بالفعل وهو لا يمكنه أن يفعل ولا هو يحس من نفسه الاقتدار والفعل ومن أنكره فقد أنكر الضرورة واستدل بآيات على هذه الكلمات‏.‏
        ورأيت رسالة نسبت إلى الحسن البصري كتبها إلى عبد الملك بن مروان وقد سأله عن القول بالقدر والجبر فأجابه فيها بما يوافق مذهب القدرية واستدل فيها بآيات من الكتاب ودلائل من العقل ولعلها لواصل ابن عطاء فما كان الحسن ممن يخالف السلف في أن القدر خيره وشره من الله تعالى فإن هذه الكلمات كالمجمع عليها عندهم‏.‏ والعجب‏!‏ أنه حمل هذا اللفظ الوارد في الخبر على‏:‏ البلاء والعافية والشدة والرخاء والمرض والشفاء والموت والحياة إلى غير ذلك من أفعال الله تعالى دون‏:‏ الخير والشر والحسن والقبيح الصادرين من اكتساب العباد‏.‏ وكذلك أورده جماعة من المعتزلة في المقالة عن أصحابهم‏.‏
        القاعدة الثالثة‏:‏ القول بالمنزلة بين المنزلتين والسبب فيه أنه دخل واحد على الحسن البصري فقال‏:‏ يا إمام الدين‏!‏ لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة وهم وعيدية الخوارج وجماعة يرجئون أصحاب الكبائر والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان بل العمل على مذهبهم ليس ركناً من الإيمان ولا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة وهم مرجئة الأمة فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقاداً فتفكر الحسن في ذلك وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء‏:‏ أنا لا أقول‏:‏ صاحب الكبيرة مؤمن مطلقاً ولا كافر مطلقاً بل هو في منزلة بين المنزلتين‏:‏ لا مؤمن ولا كافر ثم قام واعتزل إلى اسطوانة من اسطوانات المسجد يقرر ما أجاب به على جماعة من أصحاب الحسن فقال الحسن‏:‏ اعتزل عنا واصل فسمي هو وأصحابه‏:‏ معتزلة‏.‏
        ووجه تقريره انه قال‏:‏ إن الإيمان عبارة عن خصال خير إذا اجتمعت سمى المرء مؤمناً وهو اسم مدح والاسم لم يستجمع خصال الخير ولا استحق اسم المدح فلا يسمى مؤمناً وليس هو بكافر مطلقا أيضاً لأن الشهادة وسائر أعمال الخير موجودة فيه لا وجه لإنكارها لكنه إذا خرج من الدنيا على كبيرة من غير توبة فهو من أهل النار خالداً فيها إذ ليس في الآخرة إلا فريقان‏:‏ فريق في الجنة وفريق في السعير لكنه يخفف عنه العذاب وتكون دركته فوق دركة الكفار‏.‏
وتابعه على ذلك عمرو بن عبيد بعد أن كان موافقاً له في القدر وإنكار الصفات‏.‏
        القاعدة الرابعة‏:‏ قوله في الفريقين من أصحاب الجمل وأ صحاب صفين‏:‏ إن أحدهما مخطئ بعينه وكذلك قوله في عثمان وقاتليه وخاذليه‏.‏ قال‏:‏ إن أحد الفريقين فاسق لا محالة كما أن أحد المتلاعنين فاسق لا محالة لكن لا بعينه وقد عرفت قوله في الفاسق وأقل درجات الفريقين أنه لا تقبل شهادتهما كما لا تقبل شهادة المتلاعنين فلم يجوز قبول شهادة علي وطلحة والزبير على باقة بقل وجوز أن يكون عثمان وعلي على الخطأ‏.‏ هذا قولهَ‏!‏ وهو رئيس المعتزلة ومبدأ الطريقة في أعلام الصحابة وأئمة العترة‏.‏
ووافقه عمرو بن عبيد على مذهبه وزاد عليه في تفسيق أحد الفريقين لا بعينه بأن قال‏:‏ لو شهد رجلان من أحد الفريقين مثل علي ورجل من عسكره أو طلحة والزبير‏:‏ لم تقبل شهادتهما وفيه تفسيق الفريقين وكونهما من أهل النار‏.‏
        وكان عمرو بن عبيد من رواة الحديث معروفاً بالزهد‏.‏ وواصل مشهوراً بالفضل والأدب الهذيلية أصحاب أبي الهذيل حمدان بن الهذيل العلاف‏:‏ شيخ المعتزلة ومقدم الطائفة ومقرر الطريقة والمناظر عليها أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل بن عطاء‏.‏ ويقال‏:‏ أخذ واصل بن عطاء عن أبي هاشم عبد الله بن محمد الحنفية ويقال‏:‏ أخذه عن الحسن بن أبي الحسن البصري‏.‏
وإنما انفرد عن أصحابه بعشر قواعد‏:‏
        الأولى‏:‏ أن الباري تعالى عالم بعلمه وعلمه بذاته قادر بقدرة وقدرته ذاته حي بحياة وحياته ذاته‏.‏وإما اقتبس هذا الرأي من الفلاسفة الذين اعتقدوا‏:‏ أن ذاته واحدة لا ثرة فيها بوجه وإنما الصفات ليست وراء الذات معاني قائمة بذاته بل هي ذاته وترجع إلى أسلوب أو اللوازم كما سيأتي‏.‏
والفرق بين قول القائل‏:‏ عالم بذاته لا بعلم وبين قول القائل‏:‏ عالم بعلم هو ذاته أن الأول نفى الصفة والثاني إثبات ذات هو بعينه صفة أو إثبات صفة هي بعينها ذات‏.‏ وإذ أثبت أبو الهذيل هذه الصفات وجوهاً للذات فهي بعينها أقانيم النصارى أو أحوال أبي هاشم‏.‏
        الثانية‏:‏ أنه أثبت إرادات لا محل لها يكون الباري تعالى مريداً بها‏.‏
وهو أول من أحدث هذه المقالة وتابعه عليها المتأخرون‏.‏
        الثالثة‏:‏ قال في كلام الباري تعالى‏:‏ إن بعضه لا في محل وهو قوله كن وبعضه في محل كالأمر والنهي والخبر والإستخبار‏.‏ وكأن أمر التكوين عنده غير أمر التكليف‏.‏
        الرابعة‏:‏ قوله في القدر مثل ما قاله أصحابه إلا أنه قد ري الأولى جبري الآخرة فإن مذهبه في حركات أهل الخلدين في الآخرة‏:‏ أنها كلها ضرورية لا قدرة للعباد عليها وكلها مخلوقة للباري تعالى إذ كانت مكتسبة للعباد لكانوا مكلفين بها‏.‏
        الخامسة‏:‏ قوله إن حركات أهل الخلدين تنقطع وإنهم يصيرون إلى سكون دائم خموداً وتجتمع للذات قي ذلك السكون لأهل الجنة وتجتمع الآلام في ذلك السكون لأهل النار‏.‏ وهذا قريب من مذهب جهم‏:‏ إذ حكم بفناء الجنة والنار‏.‏
وإنما التزم أبو الهديل هذا المذهب لأنه لما ألزم في مسألة حدوث العالم‏:‏ أن الحوادث التي لا أول لها كالحوادث التي لا آخر لها إذ كل واحدة لا تتناهى قال‏:‏ إني لا أقول بحركات لا تتناهى آخراً كما لا أقول بحركات لا تتناهى أولاً بل يصيرون إلى سكون دائم وكأنه ظن أن ما لزمه في الحركة لا يلزمه في السكون‏.‏
        السادسة‏:‏ قوله في الاستطاعة‏:‏ إنها عرض من الأعراض غير السلامة والصحة وفرق بين أفعال القلوب وأفعال الجوارح فقال لا يصح وجود أفعال القلوب منه مع عدم القدرة فالاستطاعة معها في حال الفعل‏.‏
وجوز ذلك في أفعال الجوارح وقال بتقدمها فيفعل بها في الحال الأولى وإن لم يوجد الفعل إلا في الحالة الثانية قال‏:‏ فحال يفعل غير حال فعل‏.‏
ثم ما تولد من فعل العبد فهو فعله غير اللون والطعم والرائحة ما لا يعرف كيفيته‏.‏
وقال في الإدراك والعلم الحادثين في غيره عند إسماعه وتعليمه‏:‏ إن الله تعالى يبدعهما فيه وليسا من أفعال العباد‏.‏
        السابعة‏:‏ قوله في المكلف قبل ورود السمع‏:‏ إنه يجب عليه أن يعرف الله تعالى بالدليل من غير خاطر وإن قصر في المعرفة استوجب العقوبة أبداً ويعلم أيضاً حسن الحسن وقبح القبيح فيجب عليه الإقدام على الحسن كالصدق والعدل والإعراض عن القبيح كالكذب والجور‏.‏ وقال أيضاً بطاعات لا يراد بها الله تعالى ولا يقصد بها التقرب إليه كالقصد إلى النظر الأول والنظر الأول فإنه لم يعرف الله بعد والفعل عبادة وقال في المكره‏:‏ إذا لم يعرف التعريض والتورية فيما أكره عليه فله أن يكذب ويكون وزره موضوعاً عنه‏.‏
        الثامنة‏:‏ قوله في الآجال والأرزاق‏:‏ إن الرجل إن لم يقتل مات في ذلك الوقت ولا يجوز أن يزاد في العمر أو ينقص‏.والأرزاق على وجهين‏:‏
        أحدهما‏:‏ ما خلق الله تعالى من الأمور المنتفع بها يجوز أن يقال خلقها رزقاً للعباد فعلى هذا من قال‏:‏ إن أحداً أكل أو انتفع بما لم يخلقه الله رزقاً فقد أخطأ لما فيه‏:‏ أن في الأجسام ما لم يخلقه الله تعالى‏.‏
        والثاني‏:‏ ما حكم الله به من هذه الأرزاق للعباد فما أحل منها فهو رزقه وما حرم فليس رزقاً أي ليس مأموراً بتناوله‏.‏
        التاسعة‏:‏ حكى الكعبي عنه أنه قال‏:‏ إرادة الله غير المراد فإرادته لما خلق‏:‏ هي خلقه له وخلقه للشيء عنده غير الشيء بل الخلق عنده قول لا في محل‏.‏ وقال إنه تعالى لم يزل سميعاً بصيراً بمعنى سيسمع وسيبصر وكذلك لم يزل‏:‏ غفوراً رحيماً محسناً خالقاً رازقاً معاقباً موالياً معادياً آمراً ناهياً بمعنى أن ذلك سيكون منه‏.‏
        العاشرة‏:‏ حكى الكعبي عنه أنه قال‏:‏ الحجة لا تقوم فيما غاب إلا بخبر عشرين فيهم واحد من أهل الجنة أو أكثر ولا تخلو الأرض عن جماعة هم فيها أولياء الله‏:‏ معصومون لا يكذبون ولا يرتكبون الكبائر فهم الحجة لا التواتر إذ يجوز أن يكذب جماعة ممن لا يحصون عدداً إذا لم يكونوا أولياء الله ول يكن فيهم واحد معصوم‏.‏
وصحب أبا الهذيل أبو يعقوب الشحام والآدمي وهما على مقالته‏.وكان سنه مائة سنه توفي في أول خلافة المتوكل سنة خمس وثلاثين ومائتين‏
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهذيلية
        أصحاب أبي الهذيل حمدان بن الهذيل العلاف‏:‏ شيخ المعتزلة ومقدم الطائفة ومقرر الطريقة والمناظر عليها أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل بن عطاء‏.‏
        ويقال‏:‏ أخذ واصل بن عطاء عن أبي هاشم عبد الله بن محمد الحنفية ويقال‏:‏ أخذه عن الحسن بن أبي الحسن البصري‏.‏
وإنما انفرد عن أصحابه بعشر قواعد‏:‏
        الأولى‏:‏ أن الباري تعالى عالم بعلمه وعلمه بذاته قادر بقدرة وقدرته ذاته حي بحياة وحياته ذاته‏.‏ وإنما اقتبس هذا الرأي من الفلاسفة الذين اعتقدوا‏:‏ أن ذاته واحدة لا ثرة فيها بوجه وإنما الصفات ليست وراء الذات معاني قائمة بذاته بل هي ذاته وترجع إلى أسلوب أو اللوازم كما سيأتي‏.‏
        والفرق بين قول القائل‏:‏ عالم بذاته لا بعلم وبين قول القائل‏:‏ عالم بعلم هو ذاته أن الأول نفى الصفة والثاني إثبات ذات هو بعينه صفة أو إثبات صفة هي بعينها ذات‏.وإذ أثبت أبو الهذيل هذه الصفات وجوهاً للذات فهي بعينها أقانيم النصارى أو أحوال أبي هاشم‏.‏
        الثانية‏:‏ أنه أثبت إرادات لا محل لها يكون الباري تعالى مريداً بها‏.‏
وهو أول من أحدث هذه المقالة وتابعه عليها المتأخرون‏.‏
        الثالثة‏:‏ قال في كلام الباري تعالى‏:‏ إن بعضه لا في محل وهو قوله كن وبعضه في محل كالأمر والنهي والخبر والإستخبار‏.‏ وكأن أمر التكوين عنده غير أمر التكليف‏.‏
        الرابعة‏:‏ قوله في القدر مثل ما قاله أصحابه إلا أنه قد ري الأولى جبري الآخرة فإن مذهبه في حركات أهل الخلدين في الآخرة‏:‏ أنها كلها ضرورية لا قدرة للعباد عليها وكلها مخلوقة للباري تعالى إذ كانت مكتسبة للعباد لكانوا مكلفين بها‏.‏
        الخامسة‏:‏ قوله إن حركات أهل الخلدين تنقطع وإنهم يصيرون إلى سكون دائم خموداً وتجتمع للذات قي ذلك السكون لأهل الجنة وتجتمع الآلام في ذلك السكون لأهل النار‏.‏وهذا قريب من مذهب جهم‏:‏ إذ حكم بفناء الجنة والنار‏.‏
وإنما التزم أبو الهذيل هذا المذهب لأنه لما ألزم في مسألة حدوث العالم‏:‏ أن الحوادث التي لا أول لها كالحوادث التي لا آخر لها إذ كل واحدة لا تتناهى قال‏:‏ إني لا أقول بحركات لا تتناهى آخراً كما لا أقول بحركات لا تتناهى أولاً بل يصيرون إلى سكون دائم وكأنه ظن أن ما لزمه في الحركة لا يلزمه في السكون‏.‏
        السادسة‏:‏ قوله في الاستطاعة‏:‏ إنها عرض من الأعراض غير السلامة والصحة وفرق بين أفعال القلوب وأفعال الجوارح فقال لا يصح وجود أفعال القلوب منه مع عدم القدرة فالاستطاعة معها في حال الفعل‏.‏وجوز ذلك في أفعال الجوارح وقال بتقدمها فيفعل بها في الحال الأولى وإن لم يوجد الفعل إلا في الحالة الثانية قال‏:‏ فحال يفعل غير حال فعل‏.‏ ثم ما تولد من فعل العبد فهو فعله غير اللون والطعم والرائحة ما لا يعرف كيفيته‏.‏وقال في الإدراك والعلم الحادثين في غيره عند إسماعه وتعليمه‏:‏ إن الله تعالى يبدعهما فيه وليسا من أفعال العباد‏.‏
        السابعة‏:‏ قوله في المكلف قبل ورود السمع‏:‏ إنه يجب عليه أن يعرف الله تعالى بالدليل من غير خاطر وإن قصر في المعرفة استوجب العقوبة أبداً ويعلم أيضاً حسن الحسن وقبح القبيح فيجب عليه الإقدام على الحسن كالصدق والعدل والإعراض عن القبيح كالكذب والجور‏.‏ وقال أيضاً بطاعات لا يراد بها الله تعالى ولا يقصد بها التقرب إليه كالقصد إلى النظر الأول والنظر الأول فإنه لم يعرف الله بعد والفعل عبادة وقال في المكره‏:‏ إذا لم يعرف التعريض والتورية فيما أكره عليه فله أن يكذب ويكون وزره موضوعاً عنه‏.‏
        الثامنة‏:‏ قوله في الآجال والأرزاق‏:‏ إن الرجل إن لم يقتل مات في ذلك الوقت ولا يجوز أن يزاد في العمر أو ينقص‏.‏ والأرزاق على وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ ما خلق الله تعالى من الأمور المنتفع بها يجوز أن يقال خلقها رزقاً للعباد فعلى هذا من قال‏:‏ إن أحداً أكل أو انتفع بما لم يخلقه الله رزقاً فقد أخطأ لما فيه‏:‏ أن في الأجسام ما لم يخلقه الله تعالى‏.‏
والثاني‏:‏ ما حكم الله به من هذه الأرزاق للعباد فما أحل منها فهو رزقه وما حرم فليس رزقاً أي ليس مأموراً بتناوله‏.‏
        التاسعة‏:‏ حكى الكعبي عنه أنه قال‏:‏ إرادة الله غير المراد فإرادته لما خلق‏:‏ هي خلقه له وخلقه للشيء عنده غير الشيء بل الخلق عنده قول لا في محل‏.‏ وقال إنه تعالى لم يزل سميعاً بصيراً بمعنى سيسمع وسيبصر وكذلك لم يزل‏:‏ غفوراً رحيماً محسناً خالقاً رازقاً معاقباً موالياً معادياً آمراً ناهياً بمعنى أن ذلك سيكون منه‏.‏
        العاشرة‏:‏ حكى الكعبي عنه أنه قال‏:‏ الحجة لا تقوم فيما غاب إلا بخبر عشرين فيهم واحد من أهل الجنة أو أكثر ولا تخلو الأرض عن جماعة هم فيها أولياء الله‏:‏ معصومون لا يكذبون ولا يرتكبون الكبائر فهم الحجة لا التواتر إذ يجوز أن يكذب جماعة ممن لا يحصون عدداً إذا لم يكونوا أولياء الله ولم يكن فيهم واحد معصوم‏.‏
        وصحب أبا الهذيل أبو يعقوب الشحام والآدمي وهما على مقالته‏،وكان سنه مائة سنه توفي في أول خلافة المتوكل سنة خمس وثلاثين ومائتين‏
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النظامية
        أصحاب إبراهيم بن سيار بن هانئ النظام قد طالع كثيراً من كتب الفلاسفة وخلط كلامهم بكلام المعتزلة وانفرد عن أصحابه بمسائل‏:‏ الأولى مها‏:‏ أنه زاد على القول بالقدر خيره وشره منها قوله‏:‏ إن الله تعالى لا يوصف بالقدرة على الشرور والمعاصي وليست هي مقدورة للباري تعالى خلافاً لأصحابه فإنهم قضوا بأنه غير قادر عليها لكنه لا يفعلها لأنها قبيحة‏.‏
        ومذهب النظام‏:‏ أن القبح إذا كان صفة للقبيح وهو المانع من الإضافة إليه فعلاً ففي تجويزك وقوع القبيح منه قبح أيضاً فيجب أن يكون مانعاً ففاعل العدل لا يوصف بالقدرة على الظلم‏.‏
        وزاد أيضاً على هذا الاختباط فقال‏:‏ إنما يقدر على فعل ما يعلم أن فيه صلاحا لعباده ولا يقدر على أن يفعل بعباده في الدنيا ما ليس في صلاحهم، هذا في تعلق قدرته بما يتعلق بأمور الدنيا وأما أمور الآخرة فقال‏:‏ لا يوصف الباري تعالى بالقدرة على أن يزيد في عذاب أهل الجنة ولا أن يخرج أحداً من أهل الجنة وليس ذلك مقدوراً له‏.‏ وقد ألزم عليه‏:‏ إن يكون الباري تعالى مطبوعاً مجبوراً على ما يفعله فإن القادر على الحقيقة‏:‏ من يتخير بين الفعل والترك فأجاب‏:‏ إن الذي ألزمتموني في القدرة يلزمكم في الفعل فإن عندكم يستحيل إن يفعله وإن يفعله وإن كان مقدوراً فلا فرق‏.‏
        وإنما أخذ هذه المقالة من قدماء الفلاسفة حيث قضوا بأن الجواد لا يجوز أن يدخر شيئا لا يفعله، فما أبدعه وأوجده، هو المقدور ولو كان في علمه تعالى ومقدوره ما هو أحسن وأكمل مما أبدعه‏:‏ نظاماً وترتيباً وصلاحاً لفعله‏.‏
        الثانية‏:‏ قوله في الإرادة‏:‏ إن الباري تعالى ليس موصوفاً بها على الحقيقة ،فإذا وصف بها شرعاً في أفعاله فالمراد بذلك‏:‏ أنه خالقها ومنشئها على حسب ما علم، وإذا وصف بكونه مريداً لأفعال العباد فالمعنى به أنه آمر بها وناه عنها‏،وعنه أخذ الكعبي مذهبه في الإرادة‏.‏
        الثالثة‏:‏ قوله‏:‏ إن أفعال العباد كلها حركات فحسب، والسكون حركة اعتماد، والعلوم والإرادات حركات النفس ولم يرد بهذه الحركة حركة النقلة ،وإنما الحركة عنده مبدأ تغير ما، كما قالت الفلاسفة‏:‏ من إثبات حركات في الكيف والكم والوضع والأين والمتى إلى أخواتها‏.‏
        الرابعة‏:‏ وافقهم أيضاً في قولهم‏:‏ إن الإنسان في الحقيقة هو النفس والروح والبدن آلتها وقالبها‏،غير أنه تقاصر عن إدراك مذهبهم فمال إلى قول الطبيعيين منهم‏:‏ إن الروح جسم لطيف مشابك للبدن مداخل للقالب بأجزائه مداخلة المائية في الورد والهنية في السمسم والسمنية في اللبن وقال‏:‏ إن الروح هي التي لها‏:‏ قوة واستطاعة وحياة ومشيئة، وهي مستطيعة بنفسها ،والاستطاعة قبل الفعل‏.‏
        الخامسة‏:‏ حكى الكعبي عنه أنه قال‏:‏ إن كل ما جاوز حد القدرة من الفعل، فهو من فعل الله تعالى بإيجاب الخلقة أي إن الله تعالى طبع الحجر طبعاً وخلقه خلقة ،إذا دفعته اندفع وإذا بلغت قوة الدفع مبلغها عاد الحجر إلى مكانه طبعاً‏،وله في الجواهر وأحكامها خبط ومذهب يخالف‏.‏
        السادسة‏:‏ وافق الفلاسفة في نفي الجزء الذي لا يتجزأ‏،وأحدث القول بالطفرة لما ألزم مشى نملة على صخرة من طرف إلى طرف أنها قطعت ما لا يتناهى، فكيف يقطع ما يتناهى ما لا يتناهى قال‏:‏ تقطع بعضها بالمشي وبعضها بالطفرة وشبه ذلك بحبل شد على خشبة معترضة وسط البئر طوله خمسون ذراعاً علق عليه معلاق فيجر به الحبل المتوسط، فإن الدلو يصل إلى رأس البئر وقد قطع مائة ذراع بحبل طوله خمسون ذراعاً في زمان واحد، وليس ذلك إلا أن بعض القطع بالطفرة، ولم يعلم أن الطفرة قطع مسافة أيضاً موازية لمسافة فالإلزام لا يندفع عنه وإنما الرق بين المشي والطفرة يرجع إلى سرعة الزمان وبطئه‏.‏
        السابعة‏:‏ قال‏:‏ إن الجواهر مؤلفة من أعراض اجتمعت، ووافق هشام بن الحكم في قوله‏:‏ أن الألوان والطعوم والروائح أجسام فتارة يقضي بكون الأجسام أعراضاً وتارة يقضي بكون الأعراض أجساماً لا غير‏.‏
        الثامنة‏:‏ من مذهبه‏:‏ أن الله تعالى خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه الآن‏:‏ معادن ونباتاً وحيواناً وإنساناً، ولم يتقدم خلق آدم عليه السلام خلق أولاده، غير أن الله تعالى أكمن بعضها في بعض، فالتقدم والتأخر إنما يقع في ظهورها من مكامنها دون حدوثها ووجودها‏،وإنما أخذ هذه المقالة من أصحاب الكمون والظهور من الفلاسفة‏،وأكثر ميله - أبداً - إلى تقرير‏ مذاهب الطبيعيين دون الإلهيين .‏
        التاسعة‏:‏ قوله في إعجاز القرآن‏:‏ إنه من حيث الإخبار عن الأمور الماضية والآتية، ومن جهة صرف الدواعي عن المعارضة، ومنع العرب عن الاهتمام به جبراً وتعجيزاً ،حتى لو خلاهم لكانوا قادرين على أن يأتوا بسورة من مثله‏:‏ بلاغة وفصاحة ونظماً‏.‏
        العاشرة‏:‏ قوله في الإجماع‏:‏ إنه ليس بحجة في الشرع وكذلك القياس في الأحكام الشرعية لا يجوز أن يكون حجة وإنما الحجة في قول الإمام المعصوم‏.‏
        الحادية عشرة‏:‏ ميله إلى الرفض، ووقيعته في كبار الصحابة قال‏:‏ أولاً‏:‏ لا إمامة إلا بالنص والتعيين ظاهراً أو مكشوفاً، وقد نص النبي صل الله عليه وسلم على علي رضي الله عنه في مواضع وأظهره إظهاراً لم يشتبه على الجماعة ،إلا أن عمر كتم ذلك وهو الذي تولى بيعة أبي بكر يوم السقيفة‏،ونسبه إلى الشك يوم الحديبية في سؤاله الرسول عليه السلام، حين قال‏:‏ ألسنا على الحق أليسوا على الباطل قال‏:‏ نعم قال عمر‏:‏ فلم نعطي الدنية في ديننا قال‏:‏ هذا شك وتردد في الدين ووجدان حرج في النفس مما قضى وحكم‏،وزاد في الفرية فقال‏:‏ إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها وكان يصيح‏:‏ أحرقوا دارها بمن فيها وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين‏،وقال‏:‏ تغريبه نصر بن لحجاج من المدينة إلى البصرة وإبداعه التراويح ونهيه عن متعة الحج ومصادرته العمال‏،كل ذلك أحداث‏.‏
        ثم وقع في أمير المؤمنين عثمان وذكر أحداثه‏:‏ من رده الحكم بن أمية إلى المدينة وهو طريد رسول الله عليه السلام، ونفيه أبا ذر إلى الربذة وهو صديق رسول الله صل الله عليه وسلم ،وتقليده الوليد بن عقبه الكوفة وهو من أفسد الناس، ومعاوية الشام ،وعبد الله بن عامر البصرة، وتزويجه مروان بن الحكم ابنته، وهم أفسدوا عليه أمره، وضربه عبد الله بن مسعود على إحضار المصحف وعلى القول الذي شاقه به‏،كل ذلك أحداثه‏.‏
        ثم زاد على خزيه ذلك، بأن عاب علياً وعبد الله بن مسعود لقولهما‏:‏ أقول فيها برأيي وكذب ابن مسعود في روايته‏:‏ السعيد من سعد في بطن أمه والشقي من شقي في بطن أمه وفي روايته‏:‏ انشقاق القمر وفي تشبيهه الجن بالزط وقد أنكر الجن رأساً‏،إلى غير ذلك من الوقيعة الفاحشة في الصحابة رضي الله عنهم أجمعين‏.‏
        الثانية عشرة‏:‏ قوله في المفكر قبل ورود السمع‏:‏ أنه إذا كان عاقلاً متمكناً من النظر يجب عليه تحصيل معرفة الباري تعالى بالنظر والاستدلال‏.‏وقال بتحسين العقل وتقبيحه في جميع ما يتصرف فيه من أفعاله‏.وقال‏:‏ لا بد من خاطرين أحدهما يأمر بالإقدام والآخر بالكف ليصح الاختيار‏.‏
        الثالثة عشرة‏:‏ قد تكلم في مسائل الوعد والوعيد‏.‏
        وزعم أن من خان في مائة وتسعين درهماً بالسرقة أو الظلم لم يفسق بذلك حتى تبلغ خيانته نصاب الزكاة وهو مائتا درهم فصاعداً فحينئذ يفسق وكذلك في سائر نصب الزكاة وقال في المعاد‏:‏ إن الفضل على الأطفال كالفضل على البهائم‏.‏ ووافقه الأسواري في جميع ما ذهب إليه وزاد عليه بأن قال‏:‏ إن الله تعالى لا يوصف بالقدرة على ما علم أنه لا يفعله ،ولا على ما أخبر أنه لا يفعله‏:‏ مع أن الإنسان قادر على ذلك ،لأن قدرة العبد صالحة للضد ين ،ومن المعلوم أن أحد الضد ين واقع في المعلوم أنه سيوجد دون الثاني‏.والخطاب لا ينقطع عن أبي لهب وإن أخبر الرب تعالى بأنه‏:‏ سيصلى ناراً ذات لهب‏.‏
        ووافقه أبو جعفر الإسكافي وأصحابه من المعتزلة‏،وزاد عليه بأن قال‏:‏ إن الله تعالى لا يقدر على ظلم العقلاء، وإنما يوصف بالقدرة على ظلم الأطفال والمجانين‏.‏
        وكذلك الجعفران‏:‏ جعفر بن مبشر وجعفر بن حرب وافقاه وما زادا عليه إلا أن جعفر بن مبشر قال‏:‏ في فساق الأمة من هو شر من الزنادقة والمجوس وزعم أن إجماع الصحابة على حد شارب الخمر كان خطأ إذ المعتبر في الحدود‏:‏ النص والتوقيف‏.وزعم أن سارق الحبة الواحدة فاسق منخلع عن الإيمان‏.‏
        وكان محمد بن شبيب وأبو شمر وموسى بن عمران‏:‏ من أصحاب النظام إلا أنهم خالفوه في الوعيد وفي المنزلة بين المنزلتين‏:‏ وقالوا‏:‏ صاحب الكبيرة لا يخرج من الإيمان بمجرد ارتكاب الكبيرة‏.وكان ابن مبشر يقول في الوعيد‏:‏ إن استحقاق العقاب والخلود في النار بالفكر يعرف قبل ورود السمع‏.‏وسائر أصحابه يقولون‏:‏ التخليد لا يعرف إلا بالسمع‏.‏
        ومن أصحاب النظام‏:‏ الفضل الحدثي وأحمد بن خابط‏،قال الرواندي‏:‏ إنهما كانا يزعمان أن للخلق خالقين‏:‏ أحدهما قديم وهو الباري تعالى ،والثاني محدث وهو المسيح عليه السلام لقوله تعالى :{وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير}[المائدة:110]وكذبه لكعبي في رواية الحدثي خاصة لحسن اعتقاده فيه‏
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخابطية والحدثية
        الخابطية‏:‏ أصحاب أحمد بن خابط وكذلك الحدثية أصحاب الفضل الحدثي‏:‏ كانا من أصحاب النظام وطالعا كتب الفلاسفة أيضاً، وضما إلى مذهب النظام ثلاث بدع‏:‏
        البدعة الأولى‏:‏ إثبات حكم من أحكام الإلهية في المسيح عليه السلام موافقة النصارى على اعتقادهم‏:‏ أن المسيح هو الذي يحاسب الخلق في الآخرة وهو المراد بقوله تعالى‏:{‏ وجاء ربك والملك صفاً صفاً} ‏[الفجر :22]‏‏،وهو الذي يأتي في ظلل من الغمام وهو المعني بقوله تعالى‏:‏{ أو يأتي ربك}[النعام:158]،وهو المراد بقول النبي عليه السلام‏:‏ ‏"‏ إن الله تعالى خلق آدم على صورة الرحمن ‏"‏‏1 ،وبقوله‏:‏ ‏"‏ يضع الجبار قدمه في النار ‏"2 ‏‏.‏
        وزعم أحمد بن خابط‏:‏ أن المسيح تدرع بالجسد الجسماني وهو الكلمة القديمة المتجسدة كما قالت النصارى‏.‏
        البدعة الثانية‏:‏ القول بالتناسخ‏:‏ زعما أن الله تعالى أبدع خلقه‏:‏ أصحاء سالمين عقلاء بالغين في دار سوى هذه الدار التي هم فيها اليوم، وخلق فيهم معرفته والعلم به، وأسبغ عليهم نعمته ،ولا يجوز أن يكون أول ما يخلقه إلا‏:‏ عاقلاً ناظراً معتبراً ،وابتدأ هو بتكليف شكره، فأطاعه بعضهم في جميع ما أمرهم به ،وعصاه بعضهم في جميع ذلك وأطاعه بعضهم في البعض دون البعض، فمن أطاعه في الكل أقره في دار النعيم التي أبدأهم فيها، ومن أطاعه في البعض وعصاه في البعض ،أخرجه إلى دار الدنيا فألبسه هذه الأجسام الكثيفة وابتلاه‏:‏ بالبأساء والضراء والشدة والرخاء والآلام واللذات‏،على صور مختلفة من صور الناس وسائر الحيوانات على قدر ذنوبهم ،فمن كانت معصيته أقل وطاعته أكثر، كانت صورته أحسن وآلامه أقل ،ومن كانت ذنوبه أكثر كانت صورته أقبح وآلامه أكثر‏،ثم لا يزال يكون الحيوان في الدنيا‏:‏ كرة بعد كرة، وصورة بعد أخرى ،مادامت معه ذنوبه وطاعاته، وهذا عين القول بالتناسخ .
        وكان في زمانهما شيخ المعتزلة أحمد بن أيوب بن مانوس، وهو أيضاً من تلامذة النظام، وقال أيضاً مثل ما قال أحمد بن خابط في التناسخ وخلق البرية دفعة واحدة إلا أنه قال‏:‏ متى صارت النوبة إلى البهيمية، ارتفعت التكاليف ومتى صارت النوبة إلى رتبة النبوة والملك، ارتفعت التكاليف أيضاً وصارت النوبتان عالم الجزاء‏.‏
ومن مذهبهما أن الديار خمس
داران للثواب
إحداهما‏:‏ فيها أكل وشرب وبعال وجنات وأنهار‏.‏
والثانية‏:‏ دار فوق هذه الدار ليس فيها أكل ولا شرب ولا بعال بل ملاذ روحانية وروح وريحان غير جسمانية‏.‏
والثالثة‏:‏ دار العقاب المحض وهي نار جهنم ليس فيها ترتيب بل هي على نمط التساوي‏.‏
والرابعة‏:‏ دار الابتداء التي خلق الخلق فيها قبل أن يهبطوا إلى دار الدنيا ،وهي الجنة الأولى‏.‏
والخامسة‏:‏ دار الابتلاء وهي التي كلف الخلق فيها بعد أن اجترحوا في الأولى‏.‏
        وهذا التكوير والتكرير لا يزال في الدنيا حتى يمتلئ المكيالان‏:‏ مكيال الخير، ومكيال الشر، فإذا امتلأ مكيال الخير، صار العمل كله طاعة، والمطيع خيرا خالصاً، فينقل إلى الجنة ،ولم يلبث طرفة عين، فإن مطل الغنى ظلم وفي الحديث‏:‏ ‏"‏ أعطوا الأجير أجره قبل إن يجف عرقه ‏"‏‏.‏ وإذا امتلأ مكيال الشر صار العمل كله معصية والعاصي شريراً محضاً فينقل إلى النار ولم يلبث طرفة عين وذلك قوله تعالى‏:‏ فإذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ولا يستفيدون‏.‏
        البدعة الثالثة‏:‏ حملهما كل ما ورد في الخبر‏:‏ من رؤية الباري تعالى مثل قوله عليه السلام‏:‏ ‏"‏ إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته ‏"‏ 3 على رؤية العقل الأول الذي هو أول مبدع وهو العقل الفعال الذي منه تفيض الصور على الموجودات وإياه على النبي عليه السلام بقوله‏:‏ ‏"‏ أول ما خلق الله تعالى العقل فقال له‏:‏ أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر فقال‏:‏ وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحسن منك‏!‏ بك أعز وبك أذل وبك أعطي وبك أمنع"4 فهو الذي يظهر يوم القيامة وترتفع الحجب بينه وبين الصور التي فاضت منه فيرونه كمثل القمر ليلة البدر فأما واهب العقل فلا يرى البتة‏،ولا يشبه إلا مبدع بمبدع‏.‏
وقال ابن خابط إن كل نوع من أنواع الحيوانات أمة على حيالها لقوله تعالى‏:{‏ وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم }        [النعام :38]وفي كل أمة رسول من نوعه لقوله تعالى‏:‏{ وإن من أمة إلا خلا فيها نذير}[فاطر:24]‏.‏
        ولهما طريقة أخرى في التناسخ وكأنهما مزجا كلام التناسخية والفلاسفة والمعتزلة ببعضها البعض‏.‏
======================================
رواه البخاري في الاستئذان (6227) 11/5، ومسلم في الجنة ونعيمها (2841)
1
2 - رواه البخاري 6/ 138


3-- رواه البخاري 1/115حديث رقم 551 : المحقق : محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر : دار طوق النجاة الطبعة : الأولى 1422هـ
نقلا عن الملل والنحل 47-50
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البشرية
        أصحاب بشر بن المعتمر كان من أفضل علماء المعتزلة‏،وهو الذي أحدث القول بالتولد وأفرط فيه‏،وانفرد عن أصحابه بمسائل ست‏:‏
        الأولى منها‏:‏ أنه زعم أن اللون والطعم والرائحة ز الإدراكات كلها‏:‏ من السمع ،والرؤية‏ يجوز أن تحصل متولدة من فعل العبد إذا كانت أسبابها من فعله، وإنما أخذ هذا من الطبيعيين، إلا أنهم لا يفرقون بين المتولد والمباشر بالقدرة، وربما لا يثبتون القدرة على منهاج المتكلمين‏.وقوة الفعل وقوة الانفعال‏:‏ غير القدرة التي يثبتها المتكلم‏.‏
        الثانية‏:‏ قوله‏:‏ إن الاستطاعة‏:‏ هي سلامة البنية وصحة الجوارح، وتخليتها من الآفات، وقال‏:‏ لا أقول يفعل بها في الحالة الأولى ولا في الحالة الثانية لكني أقول‏:‏ الإنسان يفعل والفعل لا يكون إلا‏.‏‏.‏‏.‏
        الثالثة‏:‏ قوله‏:‏ إن الله تعالى قادر على تعذيب الطفل، ولو فعل ذلك كان ظالما إياه ،إلا أنه لا يستحسن أن يقال ذلك في حقه؛ بل يقال‏:‏ لو فعل ذلك كان الطفل‏:‏ بالغاً عاقلاً عاصياً بمعصية ارتكبها مستحقاً للعقاب وهذا كلام متناقض‏.‏
        الرابعة‏:‏ حكى الكعبي عنه أنه قال‏:‏ إرادة الله تعالى‏:‏ فعل من أفعاله، وهي على وجهين‏:‏ صفة ذات وصفة فعل‏:‏ فأما صفة الذات فهي‏:‏ أن الله تعالى لم يزل مريداً لجميع أفعاله ولجميع الطاعات من عباده ،فإنه حكيم ولا يجوز أن يعلم الحكيم صلاحاً وخيراً ولا يريده‏.‏ وأما صفة الفعل، فإن أراد بها فعل نفسه في حال إحداثه فهي خلقه له، وهي قبل الخلق لأن ما به يكون الشيء لا يجوز أن يكون معه، وإن أراد بها فعل عباده؛ فهي‏‏ الأمر به‏.‏
        الخامسة‏:‏ قال: إن عند الله تعالى لطفاً لو أتى به لآمن جميع من في الأرض إيماناً يستحقون عليه الثواب، استحقاقهم لو آمنوا من غير وجوده وأكثر منه، وليس على الله تعالى أن يفعل ذلك بعباده‏.‏ولا يجب عليه رعاية الأصلح ،لأنه لا غاية لما يقدر عليه من الصلاح، فما من أصلح إلا وفوقه أصلح ،وإنما عليه أن يمكن العبد القدرة والاستطاعة ويزيح العلل بالدعوة والرسالة‏.‏والمفكر قبل ورود السمع يعلم الباري تعالى بالنظر والاستدلال، وإذا كان مختارا في فعله فيستغني عن الخاطرين، لأن الخاطرين لا يكونان من قبل الله تعالى، وإنما هما من قبل الشيطان
        السادسة‏:‏ قال‏:‏ من تاب عن كبيرة ثم راجعها عاد استحقاقه العقوبة الأولى فإنه قبل توبته بشرط أن لا يعود‏
ـ...  يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:20 am

... تابع

بعض الفرق المتعلقة بالمعتزلة



المعمرية
        أصحاب معمر بن عباد السلمى، وهو من أعظم القدرية فرية‏:‏ في تدقيق القول بنفي الصفات، ونفي القدر خيره وشره من الله تعالى والتكفير والتضليل على ذلك‏.‏
وانفرد عن أصحابه بمسائل‏:
        منها‏:‏ أنه قال‏:‏ إن الله تعالى لم يخلق شيئاً غير الأجسام، فأما الأعراض فإنها من اختراعات الأجسام‏:‏ إما طبعاً كالنار التي تحدث الإحراق والشمس والحرارة والقمر الذي يحدث التلوين، وإما اختياراً كالحيوان يحدث الحركة والسكون والاجتماع والافتراق‏.‏ ومن العجب أن حدوث الجسم وفناءه عنده عرضان، فكيف يقول‏:‏ إنها من فعل الأجسام وإذا لم يحدث الباري تعالى عرضاً، فلم يحدث الجسم وفناءه، فإن الحدوث عرض فيلزمه أن لا يكون لله تعالى فعل أصلاً‏،ثم ألزم‏:‏ أن كلام الباري تعالى‏:‏ إما عرض أو جسم‏.‏فإن قال‏:‏ هو عرض فقد أحدثه الباري تعالى، فإن المتكلم على أصله هو من فعل الكلام أو ما يلزمه‏:‏ أن لا يكون لله تعالى كلام هو عرض ،وإن قال هو جسم، فقد أبطل قوله‏:‏ إنه أحدثه في محل، فإن الجسم لا يقوم بالجسم فإذا لم يقل هو بإثبات الأزلية ،ولا قال بخلق الأعراض، فلا يكون لله تعالى كلام يتكلم به على مقتضى مذهبه،وإذا لم يكن له كلام، لم يكن له آمراً ناهياً ،وإذا لم يكن أمر ونهي، لم تكن شريعة أصلاً، فأدى مذهبه إلى خزي عظيم‏.‏
        ومنها‏:‏ أنه قال‏:‏ إن الأعراض لا تتناهى في كل نوع‏.‏ وقال كل عرض قام بمحل فإنما يقوم به لمعنى أوجب القيام وذلك يؤدي إلى التسلسل‏.‏وعن هذه المسألة هو وأصحابه‏:‏ أصحاب المعاني‏.‏ وزاد على ذلك فقال‏:‏ الحركة إنما خالفت السكون لا بذاتها بل بمعنى أوجب المخالفة، وكذلك مغايرة‏:‏ المثل ومماثلته، وتضاد الضد الضد ،كل ذلك عنده بمعنى‏.‏
        ومنها‏:‏ ما حكى الكعبي عنه‏:‏ أن الإرادة من الله تعالى للشيء ،غير الله وغير خلقه للشيء وغير‏:‏ الأمر والأخبار والحكم فأشار إلى أمر مجهول لا يعرف‏.‏،وقال‏:‏ ليس للإنسان فعل سوى الإرادة‏:‏ مباشرة كانت أو توليداً وأفعاله التكليفية‏:‏ من القيام والقعود والحركة والسكون في الخير والشر‏،كلها مستندة إلى إرادته لا على طريق المباشرة ولا على طريق التوليد وهذا عجب غير أنه إنما بناه على مذهبه في حقيقة الإنسان‏.،وعنده‏:‏ الإنسان معنى أو جوهر غير الجسد وهو‏:‏ عالم قادر مختار حكيم ليس بمتحرك ولا ساكن ولا متكون ولا متمكن، ولا يرى، ولا يمس، ولا يحس، ولا يجس، ولا يحل موضعاً دون موضع، ولا يحويه مكان، ولا يحصره زمان ،لكنه مدبر للجسد، وعلاقته مع البدن علاقة التدبير والتصرف‏،وإنما أخذ هذا القول من الفلاسفة حيث قضوا بإثبات النفس الإنسانية أمراً ما هو جوهر قائم بنفسه‏:‏ لا متحيز ولا متمكن، وأثبتوا من جنس ذلك موجودات عقلية ،مثل العقول المفارقة‏.‏ثم لما كان ميل معمر بن عباد إلى مذهب الفلاسفة ،ميز بين أفعال النفس التي سماها إنساناً ،وبين القالب الذي هو جسده فقال‏:‏ فعل النفس هو الإرادة فحسب،والنفس إنسان، ففعل الإنسان هو الإرادة؛ وما سوى ذلك‏:‏ من الحركات والسكنات والاعتمادات - فهي من فعل الجسد‏.‏
        ومنها‏:‏ أنه يحكى عنه أنه كان ينكر القول‏:‏ بأن الله تعالى قديم، لأن قديم أخذ من قدم يقدم فهو قديم، وهو فعل كقولك‏:‏ أخذ منه ما قدم وما حدث‏.‏وقال أيضاً‏:‏ هو يشعر بالتقادم الزماني ووجود الباري تعالى ليس زماني‏.‏
        ويحكى عنه أيضاً‏:‏ أنه قال‏:‏ الخلق غير المخلوق والإحداث غير المحدث‏.‏
        وحكى جعفر بن حرب عنه أنه قال‏:‏ إن الله تعالى محال أن يعرف نفسه، لأنه يؤدي إلى أن لا يكون العالم والمعلوم واحداً ،ومحال أن يعلم غيره ،كما يقال‏:‏ محال أن يقدر على الموجود من حيث هو موجود‏.‏ولعل هذا النقل فيه خلل فإن عاقلاً ما لا يتكلم بمثل هذا الكلام الغير المعقول‏.‏
        لعمري‏!‏ لما كان الرجل يميل إلى الفلاسفة‏.‏ومن مذهبهم‏:‏ أنه ليس علم الباري تعالى علماً انفعالياً ،أي تابعاً للمعلوم؛ بل علمه علم فعلي، فهو من حيث هو فاعل وعلمه هو الذي أوجب الفعل، وإنما يتعلق بالموجود حال حدوثه لا محالة، ولا يجوز تعلقه المعدوم على استمرار عدمه، وأنه علم وعقل وكونه‏:‏ عقلاً وعاقلاً ومعقولاً شيء واحد، فقال ابن عباد‏:‏ لا يقال‏:‏ يعلم نفسه لأنه يؤدي إلى تمايز بين العالم والمعلوم ولا يعلم غيره، لأنه يؤدي إلى كون علمه من غيره يحصل‏.‏ فإما لا يصح النقل وإما أن يحمل على مثل هذا المحمل‏.‏ولسنا من رجال ابن عباد فنطلب لكلامه وجهاً‏
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المردارية
        أصحاب عيسى بن صبيح المكنى بابي موسى الملقب بالمرداد‏.‏وقد تلمذ لبشر بن المعتمر وأخذ العلم منه وتزهد ويسمى راهب المعتزلة‏.‏وإنما انفرد عن أصحابه بمسائل‏:‏
        الأولى منها‏:‏ قوله في القدر‏:‏ إن الله تعالى يقدر على أن يكذب ويظلم، ولو كذب وظلم كان إلهاً كاذباً وظالماً تعالى الله عن قوله‏.‏
        والثانية قوله في التولد‏:‏ مثل قول أستاذه وزاد عليه‏:‏ بأن جوز وقوع فعل واحد من فاعلين على سبيل التولد‏.‏
        والثالثة قوله في القرآن‏:‏ إن الناس قادرون على فعل القرآن‏:‏ فصاحة، ونظما ،وبلاغة، وهو الذي بالغ في القول بخلق القرآن وكفر من قال بقدمه بأنه قد أثبت قديمين‏.‏وكفر أيضاً من لابس السلطان، وزعم أنه لا يرث ولا يورث ،وكفر أيضاً من قال‏:‏ إن أعمال العباد مخلوقة لله تعالى، ومن قال‏:‏ إنه يرى بالأبصار وغلا في التكفير حتى قال‏:‏ هم كافرون في قولهم‏:‏ لا إله إلا الله‏.‏وقد سأله إبراهيم بن السندي مرة عن أهل الأرض جميعاً فكفرهم، فأقبل عليه إبراهيم وقال‏:‏ الجنة التي عرضها السموات والأرض لا يدخلها إلا أنت وثلاثة وافقوك‏!‏ فخزي ولم يحر جواباً‏.‏
        وقد تلمذ له أيضاً‏:‏ الجعفران، وأبو زفر، ومحمد بن سويد‏،وصحب‏:‏ أبو جعفر محمد ابن عبد الله الإسكافي وعيسى ابن الهيثم‏:‏ جعفر بن حرب الأشج‏.‏وحكى الكعبي عن الجعفرين أنهما قالا‏:‏ إن الله تعالى خلق القرآن في اللوح المحفوظ، ولا يجوز أن ينقل إذ يستحيل أن يكون الشيء الواحد في مكانين في حالة واحدة، وما نقرأه فهو حكاية عن المكتوب الأول في اللوح المحفوظ وذلك فعلنا وخلقنا‏.‏
        قال‏:‏ وهو الذي اختاره من الأقوال المختلفة في القرآن‏.‏
        وقالا في تحسين العقل وتقبيحه‏:‏ إن العقل يوجب معرفة الله تعالى بجميع أحكامه وصفاته قبل ورود الشرع، وعليه أن يعلم أنه قصر ولم يعرفه ولم يشكره‏:‏ عاقبه عقوبة دائمة فأثبتا التخليد واجباً بالعقل‏
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثمامية
        أصحاب ثمامة بن أشرس النميري ،كان جامعاً بين سخافة الدين وخلاعة النفس، مع اعتقاده بأن الفاسق يخلد في النار إذا مات على فسقه من غير توبة، وهو في حال حياته في منزلة بين المنزلتين‏.‏وانفرد عن أصحابه بمسائل‏:‏
        منها‏:‏ قوله‏:‏ إن الأفعال المتولدة لا فاعل لها، إذ لم يمكنها إضافتها إلى فاعل أسبابها، حتى يلزمه أن يضيف الفعل إلى ميت، مثل ما إذا فعل السبب ومات ووجد المتولد بعده‏.‏ ولم يمكنه إضافتها إلى الله تعالى، لأنه يؤدي إلى فعل القبيح وذلك محال‏.‏فتحير فيه وقال‏:‏ المتولدات أفعال لا فاعل لها‏.‏
        ومنها‏:‏ قوله في الكفار والمشركين، والمجوس، واليهود، والنصارى، والزنادقة ،والدهرية‏:‏ إنهم يصيرون في القيامة تراباً ،وكذلك قوله في البهائم والطيور وأطفال المؤمنين‏.‏
        ومنها‏:‏ قوله‏:‏ الاستطاعة هي السلامة وصحة الجوارح وتخليتها من الآفات ،وهي قبل الفعل‏.‏
        ومنها‏:‏ قوله‏:‏ إن المعرفة متولدة من النظر وهو فعل لا فاعل له كسائر المتولدات‏.‏
        ومنها‏:‏ قوله في تحسين العقل وتقبيحه وإيجاب المعرفة قبل ورود السمع‏:‏ مثل قول أصحابه، غير أنه زاد عليهم فقال‏:‏ من الكفار من لا يعلم خالقه وهو معذور‏.‏وقال‏:‏ إن المعارف كلها ضرورية ،وإن من لم يضطر إلى معرفة الله سبحانه وتعالى، فليس هو مأموراً بها ،وإنما خلق للعبرة والسخرة كسائر الحيوان.
        ومنها‏:‏ قوله‏:‏ لا فعل للإنسان إلا الإرادة، وماعداها فهو حدث لا محدث له‏.‏وحكى ابن الرواندي عنه أنه قال‏:‏ العالم فعل الله تعالى بطباعه، ولعله أراد بذلك ما تريده الفلاسفة‏:‏ من الإيجاب بالذات دون الفلاسفة من القول بقدم العالم، إذ الموجب لا ينفك عن الموجب‏.‏
        وكان ثمامة في أيام المأمون وكان عنده بمكان‏
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهشامية
        أصحاب هشام بن عمرو الفوطي‏.‏ ومبالغته في القدر أشد وأكثر من مبالغة أصحابه‏.‏وكان يمتنع من إطلاق إضافات أفعال إلى الباري تعالى وإن ورد بها التنزيل‏.‏
        منها قوله‏:‏ إن الله لا يؤلف بين قلوب المؤمنين بل هم المؤتلفون باختيارهم وقد ورد في التنزيل‏:{‏ ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم}[الأنفال:63.
        ومنها قوله‏:‏ إن الله لا يحبب الإيمان إلى المؤمنين ولا يزينه في قلوبهم، وقد قال تعالى‏:{‏ حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم}[الحجرات :7]‏.‏‏‏.‏ ومبالغته في نفي إضافات‏:‏ الطبع والختم والسد وأمثالها - أشد وأصعب. وقد ورد بجميعها التنزيل قال الله تعالى‏:‏{‏ ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم }[البقرة:7]"‏‏.‏ وقال‏:‏{‏ بل طبع الله عليها بكفرهم}[النساء:155],وقال‏:‏{‏ وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً }[يس:9]‏"‏‏.وليت شعري‏!‏ ما يعتقده الرجل إنكار ألفاظ التنزيل وكونها وحياً من الله تعالى فبكون تصريحاً بالكفر‏!‏، أو إنكار ظواهرها من نسبتها إلى الباري تعالى، ووجوب تأويلها، وذلك عين مذهب أصحابه.
        ومن بدعه في الدلالة على الباري تعالى قوله‏:‏ إن الأعراض لا تدل على كونه خالقاً، ولا تصلح الأعراض دلالات؛ بل الأجسام تدل على كونه خالقاً‏.وهذا أيضاً عجب‏.‏
        ومن بدعه في الإمامة قوله‏:‏ إنها لا تنعقد في أيام الفتنة واختلاف الناس ،وإنما يجوز عقدها في حال الاتفاق والسلامة‏.‏وكذلك أبو بكر الأصم من أصحابه، كان يقول‏:‏ الإمامة لا تنعقد إلا بإجماع الأمة عن بكرة أبيهم‏.‏وإنما أراد بذلك الطعن في إمامة علي - رضي الله عنه إذ كانت البيعة في أيام الفتنة من غير اتفاق من جميع أصحابه، إذ بقى في كل طرف طائفة على خلافة‏.‏
        ومن بدعه‏:‏ أن الجنة والنار ليستا مخلوقتين الآن، إذ لا فائدة في وجودهما، وهما جميعاً خاليتان ممن ينتفع ويتضرر بهما وبقيت هذه المسألة منه اعتقاداً للمعتزلة‏،وكان يقول بالموافاة وأن الإيمان هو الذي يوافي الموت‏.‏ وقال‏:‏ من أطاع الله جميع عمره وقد علم الله أنه يأتي بما يحبط أعماله ولو بكبيرة، لم يكن مستحقاً للوعد وكذلك على العكس‏.‏وصاحبه عباد من المعتزلة، وكان يمتنع من إطلاق القول بأن الله تعالى خلق الكافر لأن الكافر‏:‏ كفر وإنسان والله تعالى لا يخلق الكفر‏.وقال النبوة جزاء على عمل وإنها باقية ما بقيت الدنيا‏.‏ ،وحكى الأشعري عن عباد أنه زعم‏:‏ أنه لا يقال‏:‏ إن الله تعالى لم يزل قائلاً ولا غير قائل‏.‏ووافقه الإسكافي على ذلك‏.‏ قالا‏:‏ ولا يسمى متكلماً‏.‏
        وكان الفوطي يقول‏:‏ إن الأشياء قبل كونها‏:‏ معدومة، ليست أشياء ،وهي بعد أن تعدم عن وجود تسمى أشياء‏،ولهذا المعنى كان يمنع القول‏:‏ بأن الله تعالى قد كان لم يزل عالماً بالأشياء قبل كونها ،فإنها لا تسمى أشياء‏.‏قال‏:‏ وكان يجوز القتل والغيلة على المخالفين لمذهبه، وأخذ أموالهم غصباً وسرقة لاعتقاده كفرهم، واستباحة دمائهم وأموالهم‏
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجاحظية
        أصحاب عمرو بن بحر أبي عثمان الجاحظ‏.‏كان من فضلاء المعتزلة والمصنفين لهم، وقد طالع كثيراً من كتب الفلاسفة، وخلط وروج كثيرا من مقالاتهم بعباراته البليغة ،وحسن براعته اللطيفة‏،وكان في أيام المعتصم ،والمتوكل‏.‏ وانفرد عن أصحابه بمسائل‏:‏
        منها‏:‏ قوله‏:‏ إن المعارف كلها ضرورية طباع ،وليس شيء من ذلك من أفعال العباد، وليس للعبد كسب سوى الإرادة وتحصل أفعاله منه طباعاً كما قال ثمامة‏.‏ونقل عنه أيضاً‏:‏ أنه أنكر أصل الإرادة وكونها جنساً من الأعراض فقال‏:‏ إذا انتهى السهو عن الفاعل، وكان عالماً بما يفعله فهو المريد على التحقيق، وأما الإرادة المتعلقة بفعل الغير فهو ميل النفس إليه‏،وزاد على ذلك بإثبات الطبائع للأجسام كما قال الطبيعيون من الفلاسفة، وأثبت لها أفعالاً مخصوصة بها‏،وقال باستحالة عدم الجواهر، فالأعراض تتبدل، والجواهر لا يجوز أن تفنى.
        ومنها‏:‏ قوله في أهل النار‏:‏ إنهم لا يخلدون فيها عذاباً بل يصيرون إلى طبيعة النار‏.‏ وكان يقول‏:‏ البار تجذب أهلها إلى نفسها من غير أن يدخل أحد فيها‏.ومذهبه‏:‏ مذهب الفلاسفة في نفي الصفات، وفي إثبات القدر خيره وشره من العبد‏:‏ مذهب المعتزلة‏.‏
        وحكى الكعبي عنه أنه قال‏:‏ يوصف الباري تعالى بأنه مريد، بمعنى أنه لا يصح عليه السهو في أفعاله ولا الجهل ولا يجوز أن يغلب ويقهر‏.‏
        وقال‏:‏ إن الخلق كلهم من العقلاء عالمون بأن الله تعالى خالقهم، وعارفون بأنهم محتاجون إلى النبي، وهم محجوجون بمعرفتهم‏.‏ ثم هم صنفان‏:‏ عالم بالتوحيد وجاهل به فالجاهل معذور والعالم محجوج‏.‏ ومن انتحل دين الإسلام فإن اعتقد أن الله تعالى ليس بجسم ،ولا صورة، ولا يرى بالأبصار، وهو عدل لا يجور، ولا يريد المعاصي وبعد الاعتقاد واليقين أقر بذلك كله فهو مسلم حقاً‏، وإن عرف ذلك كله ثم جحده وأنكره،وقال بالتشبيه والجبر، فهو مشرك كافر حقا،وإن لم ينظر في شيء من ذلك كله ،واعتقد أن الله تعالى ربه،وأن محمداً رسول الله ،فهو مؤمن لا لوم عليه ولا تكليف عليه غير ذلك‏.‏
        وحكى ابن الرواندي عنه أنه قال‏:‏ إن للقرآن جسداً يجوز أن يقلب مرة رجلاً ،ومرة حيواناً، وهذا مثل ما يحكى عن أبي بكر الأصم أنه زعم‏:‏ أن القرآن جسم مخلوق‏،وأنكر الأعراض أصلاً وأنكر صفات الباري تعالى‏.‏
        ومذهب الجاحظ هو بعينه مذهب الفلاسفة إلا أن الميل منه ومن أصحابه إلى الطبيعيين منهم أكثر منه إلى الإلهيين‏
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخياطية والكعبية
        أصحاب أبى الحسين ابن أبي عمرو الخياط ،أستاذ أبي القاسم بن محمد الكعبي، وهما من معتزلة بغداد على مذهب واحد، إلا أن الخياط غالى في إثبات المعدوم شيئاً وقال‏:‏ الشيء ما يعلم ويخبر عنه، والجوهر جوهر في العدم ،والعرض عرض في العدم، وكذلك أطلق جميع أسماء الأجناس والأصناف، حتى قال‏:‏ السواد سواد في العدم فلم يبق إلا صفة الوجود أو الصفات التي تلزم الوجود والحدوث، وأطلق على المعدوم لفظ الثبوت، وقال في نفي الصفات عن الباري مثل ما قال أصحابه، وكذا القول في القدر والسمع والعقل‏.
وانفرد الكعبي عن أستاذه بمسائل‏:‏
        منها‏:‏ قوله‏:‏ إن إرادة الباري تعالى ليست صفة قائمة بذاته ،ولا هو مريد لذاته، ولا إرادته حادثة في محل أو في لا محل ،بل إذا أطلق عليه أنه مريد فمعناه أنه‏:‏ عالم قادر غير مكره في فعله ولا كاره‏،ثم إذا قيل‏:‏ هو مريد لأفعال عباده فالمراد به‏:‏ أنه آمر بها راض عنها‏،وقوله في كونه سميعاً بصيرا راجع إلى ذلك أيضاً فهو سميع، بمعنى أنه‏:‏ عالم بالمسموعات وبصير بمعنى أنه‏:‏ عالم بالمبصرات‏،وقوله في الرؤية كقول أصحابه‏:‏ نفياً وإحالة، غير أن أصحابه قالوا‏:‏ يرى الباري تعالى ذاته ويرى المرئيات ،وكونه مدركاً لذلك زائد على كونه عالماً‏.‏
        وقد أنكر الكعبي ذلك قال‏:‏ معنى قولنا‏:‏ يرى ذاته ويرى المرئيات‏:‏ أنه عالم بها فقط‏
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجبائية والبهشمية
        أصحاب أبي على محمد بن عبد الوهاب الجبائي، وابنه أبي هاشم عبد السلام، وهما من معتزلة البصرة‏،انفردا عن أصحابهما بمسائل. وانفرد أحدهما عن صاحبه بمسائل. أما المسائل التي انفردا بها عن أصحابهما‏:
‏         فمنها‏:‏ أنهما أثبتا إرادات حادثة لا في محل يكون الباري تعالى بها موصوفا مريداً وتعظيماً لا في محل إذا أراد أن يعظم ذاته ،وفناء لا في محل إذا أراد أن يفني العالم‏.‏ وأخص أوصاف هذه الصفات يرجع إليه من حيث إنه تعالى أيضاً لا في محل‏.‏ وإثبات موجودات هي أعراض أو في حكم الأعراض لا محل لها ،كإثبات موجودات هي جواهر أو في حكم الجواهر لا مكان لها ،وذلك قريب من مذهب الفلاسفة، حيث أثبتوا عقلاً هو جوهر لا في محل ولا في مكان، وكذلك النفس الكلية والعقول المفارقة‏.‏
        ومنها‏:‏ أنهما حكما بكونه تعالى متكلما بكلام يخلقه في محل وحقيقة الكلام عندهما‏:‏ أصوات مقطعة وحروف منظومة والمتكلم من فعل الكلام لا من قام به الكلام‏.‏ إلا أن الجبائي خالف أصحابه خصوصاً بقوله‏:‏ يحدث الله تعالى عند قراءة كل قارئ كلاماً لنفسه في محل القراءة وذلك حين ألزم‏:‏ أن الذي يقرؤه القارئ ليس بكلام الله والمسموع منه ليس من كلام الله ،فالتزم هذا المحال‏:‏ من إثبات أمر غير معقول ولا مسموع ،وهو إثبات كلامين في محل واحد‏.‏
        واتفقا على‏:‏ نفي رؤية الله تعالى بالأبصار في دار القرار، وعلى القول بإثبات الفعل للعبد خلقاً وإبداعاً، وإضافة الخير الشر، والطاعة والمعصية إليه استقلالاً واستبداداً ،وأن الاستطاعة قبل الفعل وهي‏:‏ قدرة زائدة على سلامة البنية وصحة الجوارح، وأثبتا البنية شرطاً في قيام المعاني التي يشترط في ثبوتها الحياة، وأثبتا شريعة عقلية وردا الشريعة النبوية إلى مقدرات الأحكام ومؤقتات الطاعات التي لا يتطرق إليها عقل ولا يهتدي إليها فكر، وبمقتضى العقل والحكمة يجب على الحكيم ثواب المطيع وعقاب العاصي، إلا أن التأقيت والتخليد فيه يعرف بالسمع‏.‏
        والإيمان عندهما اسم مدح، وهو عبارة عن خصال الخير التي إذا اجتمعت في شخص سمي بها‏:‏ مؤمناً ومن ارتكب كبيرة فهو في الحال يسمى فاسقاً‏:‏ لا مؤمناً ولا كافراً وإن لم يتب ومات عليها فهو مخلد في النار‏.‏
        واتفقا على أن الله تعالى لم يدخر عن عباده شيئا مما علم أنه إذا فعل بهم أتوا بالطاعة والتوبة من الصلاح والأصح واللطف لأنه‏:‏ قادر عالم جواد حكيم‏:‏ لا يضره الإعطاء، ولا ينقص من خزائنه المنح، ولا يزيد في ملكه الادخار‏.‏
وليس الأصلح هو الألذ بل هو‏:‏ الأعود في العاقبة ،والأصوب في العاجلة ،وإن كان ذلك مؤلماً ومكروهاً وذلك‏:‏ كالحجامة، والفصد ،وشرب الأدوية ،ولا يقال‏:‏ إنه تعالى يقدر على شيء هو أصلح مما فعله بعبده‏.‏
        والتكاليف كلها ألطاف، وبعثة الأنبياء، وشرع الشرائع ،وتمهيد الأحكام.
ومما تخالفا فيه‏:‏ أما في صفات الباري تعالى فقال الجبائي‏:‏ الباري تعالى عالم لذاته قادر حي‏.‏
لذاته ومعنى قوله لذاته أي لا يقتضي كونه عالماً صفة هي‏:‏ علم أو حال توجب كونه عالماً‏.وعند أبي هاشم‏:‏ هو عالم لذاته، بمعنى أنه ذو حالة هي صفة معلومة وراء كونه ذاتاً موجوداً ،وإنما تعلم الصفة على الذات لا بانفرادها فأثبت أحوالاً هي صفات‏:‏ لا موجودة ولا معدومة ولا معلومة ولا مجهولة، أي‏:‏ هي على حيا لهالا تعرف كذلك بل مع الذات‏.‏
        قال والعقل يدرك فرقاً ضرورياً بين معرفة الشيء مطلقاً وبين معرفته على صفة، فليس من عرف الذات عرف كونه عالما،ً ولا من عرف الجوهر عرف كونه متحيزا قابلاً للعرض‏.‏
ولا شك أن الإنسان يدرك اشتراك الموجودات في قضية، وافتراقها في قضية، وبالضرورة يعلم أن ما اشتركت فيه غير ما افترقت به ،وهذه القضايا ا        لعقلية لا ينكرها عاقل، وهي لا ترجع إلى الذات ولا إلى أعراض وراء الذات، فإنه يؤدي إلى قيام العرض بالعرض، فتعين بالضرورة أنها أحوال فكون العالم عالما حال هي صفة وراء كونه ذاتاً، أي المفهوم منها غير المفهوم من الذات، وكذلك كونه‏:‏ قادراً حياً‏.‏
        ثم أثبت للباري تعالى حالة أخرى أوجبت تلك الأحوال‏.‏وخالفه والده وسائر منكري الأحوال في ذلك ،وردوا الاشتراك والافتراق إلى الألفاظ وأسماء الأجناس، وقالوا‏:‏ أليست الأحوال تشترك في كونها أحوالاً وتفترق في خصائص، كذلك نقول في الصفات، وإلا فيؤدي إلى إثبات الحال للحال ويفضي إلى التسلسل‏.‏بل هي راجعة إما إلى مجرد الألفاظ إذ وضعت في الأصل على وجه يشترك فيها الكثير، لا أن مفهومها معنى أو صفة ثابتة في الذات على وجه يشمل أشياء ويشترك فيها الكثير، فإن ذلك مستحيل‏.‏
أو يرجع ذلك إلى وجوه واعتبارات عقلية هي المفهومة من قضايا الاشتراك والافتراق وتلك الوجوه‏:‏ كالنسب والإضافات والقرب والبعد وغير ذلك مما لا يعد صفات بالاتفاق‏.‏ وهذا هو اختيار أبي الحسن البصري وأبي الحسن الأشعري‏.‏
        ورتبوا على هذه المسألة‏:‏ مسألة أن المعدوم شيء ،فمن يثبت كونه شيئاً كما نقلنا عن جماعة من المعتزلة فلا يبقى من صفات الثبوت إلا كونه موجوداً، فعلى ذلك لا يثبت للقدرة في إيجادها أثراً ما سوى الوجود‏.‏
والوجود على مذهب نفاة الأحوال لا يرجع إلا إلى اللفظ المجرد ،وعلى مذهب مثبتي الأحوال هو حالة لا توصف بالوجود ولا بالعدم ،وهذا كما ترى من التناقض والاستحالة ،ومن نفاة الأحوال من يثبته شيئاً ولا يسميه بصفات الأجناس‏.‏
        وعند الجبائي‏:‏ أخص وصف الباري تعالى هو القدم والاشتراك في الأخص يوجب الاشتراك في الأعم‏.‏
        وليت شعري‏!‏ كيف يمكن إثباته‏:‏ الاشتراك والافتراق والعموم والخصوص - حقيقة وهو من نفاة الأحوال؟ فأما على مذهب أبي هاشم، فلعمري هو مطرد غير أن القدم إذا بحث عن حقيقته رجع إلى نفي الأولية ، والنفي يستحيل أن يكون أخص وصف الباري .
        واختلفا في كونه سميعاً بصيراً فقال الجبائي‏:‏ معنى كونه سميعاً بصيراً‏:‏ أنه حي لا آفة به‏.‏
        وخالفه ابنه وسائر أصحابه‏:‏ أما ابنه فصار إلى أن كونه سميعاً حالة، وكونه بصيراً حالة، وكونه بصيراً ،حالة سوى كونه عالماً لاختلاف‏:‏ القضيتين والمفهومين والمتعلقين والأثرين‏.‏
        وقال غيره من أصحابه‏:‏ معناه كونه مدركا للمبصرات مدركاً للمسموعات‏.‏
        واختلفا أيضاً في بعض مسائل اللطف فقال الجبائي فيمن يعلم الباري تعالى من حاله أنه لو آمن مع اللطف لكان ثوابه أقل لقلة مشقته، ولو آمن بلا لطف لكان ثوابه أكثر لكثرة مشقته،إنه لا يحس منه أن يكلفه إلا مع اللطف،ويسوى بينه وبين المعلوم من حاله أنه لا يفعل الطاعة على كل وجه إلا مع اللطف ويقول‏:‏ إذ لو كلفه مع عدم اللطف لوجب أن يكون مستفسداً حاله، غير مزيح لعلته‏.‏
        ويخالفه أبو هاشم في بعض المواضع في هذه المسألة قال‏:‏ يحسن منه تعالى أن يكلفه الإيمان على أشق لا وجهين بلا لطف‏.‏
        واختلفا في فعل الألم للعوض فقال الجبائي‏:‏ يجوز ذلك ابتداء لأجل العوض والاعتبار جميعاً‏.‏
وتفصيل مذهب الجبائي في الأعواض على وجهين‏:
        أحدهما أنه يقول‏:‏ يجوز التفضل بمثل الأعواض غير أنه تعالى علم أنه لا ينفعه عوض إلا على ألم متقدم‏.‏
        والوجه الثاني‏:‏ أنه إنما يحسن ذلك لأن العوض مستحق والتفضل غير مستحق‏.‏
والثواب عندهم ينفصل عن التفضل بأمرين‏:‏ أحدهما‏:‏ تعظيم وإجلال للمثاب يقترن بالنعيم والثاني‏:‏ قدر زائد على التفضل فلم يجب إذاً إجراء العوض مجرى الثواب لأنه لا يتميز عن التفضل بزيادة مقدار ولا بزيادة صفة‏.‏
وقال ابنه‏:‏ يحسن الابتداء بمثل العوض تفضلاً والعوض منقطع غير دائم‏.‏
        وقال الجبائي‏:‏ يجوز أن يقع الانتصاف من الله تعالى للمظلوم من الظالم بأعواض يتفضل بها عليه إذا لم يكن للظالم على الله عوض لشيء ضره به‏.‏
        وزعم أبو هاشم‏:‏ أن التفضل لا يقع به نتصاف لأن التفضل ليس يجب عليه فعله‏.‏
        وقال الجبائي وابنه‏:‏ لا يجب على الله شيء لعباده في الدنيا إذا لم يكلفهم عقلاً وشرعاً فأما إذا كلفهم‏:‏ فعل الواجب في عقولهم واجتناب القبائح وخلق فيهم الشهوة للقبيح والنفور من الحسن وركب فيهم الأخلاق الذميمة فإنه يجب عليه عند هذا التكليف إكمال العقل ونصب الأدلة والقدرة والاستطاعة وتهيئة الآلة بحيث يكون مزيحاً لعللهم فيما أمرهم‏.‏
ويجب عليه أن يفعل بهم‏:‏ أدعى الأمور إلى فعل ما كلفهم به وأزجر الأشياء لهم عن فعل القبيح الذي نهاهم عنه ولهم في مسائل هذا الباب خبط طويل‏.‏
        وأما كلام جميع المعتزلة البغداديين في النبوة والإمامة فيخالف كلام البصريين فإن مكن شيوخهم من يميل إلى الروافض ومنهم من يميل إلى الخوارج‏.‏
والجبائي وأبو هاشم قد وافقا أهل السنة في الإمامة غير أنهم ينكرون الكرامات أصلا للأولياء‏:‏ من الصحابة وغيرهم‏.‏
ويبالغون في عصمة الأنبياء عليهم السلام عن الذنوب‏:‏ كبائرها وصغائرها، حتى منع الجبائي القصد إلى الذنب إلا على تأويل‏.‏
        والمتأخرون من المعتزلة مثل: القاضي عبد الجبار وغيره انتهجوا أدلة الشيوخ واعترض على ذلك بالتزييف والإبطال وانفرد عنهم بمسائل‏:
‏         منها نفي الحال ومنها نفي المعدوم شيئاً ومنها نفي الألوان أعراضاً ومنها قوله‏:‏ كلها إلى كون الباري تعالى‏:‏ عالماً قادرا مدركاً‏.‏ وله ميل إلى مذهب هشام بن الحكم في أن الأشياء لا تعلم قبل كونها‏.
والرجل فلسفي المذهب إلا أنه روج كلامه على المعتزلة في معرض الكلام فراج عليهم لقلة معرفتهم بمسالك المذاهب‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:21 am

الجبرية


        الجبر‏:‏ هو نفي الفعل حقيقة عن العبد، وإضافته إلى الرب تعالى، والجبرية أصناف‏:‏ فالجبرية الخالصة‏:‏ هي التي لا تثبت للعبد فعلاً ولا قدرة على الفعل أصلاً، والجبرية المتوسطة‏:‏ هي التي تثبت للعبد قدرة غير مؤثرة أصلاً، فأما من أثبت للقدرة أثراً ما في الفعل وسمى ذلك كسباً فليس بجبري‏.‏
        والمعتزلة يسمون من لم يثبت للقدرة الحادثة أثراً في الإبداع والإحداث استقلالاً‏:‏ جبرياً ،ويلزمهم أن يسموا من قال من أصحابهم بأن المتولدات أفعال لا فاعل لها‏:‏ جبرياً إذ لم يثبتوا للقدرة الحادثة فيها أثراً‏.‏
والمصنفون في المقالات عدوا النجارية والضرارية‏:‏ من الجبرية وكذلك جماعة الكلابية‏:‏ من الصفاتية‏.‏ والأشعرية سموهم تارة حشوية وتارة جبرية‏.‏ ونحن سمعنا إقرارهم على أصحابهم من النجارية والضرارية فعددناهم من الجبرية، ولم نسمع إقرارهم على غيرهم فعددناهم من الصفاتية‏.‏


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الجهمية
        أصحاب جهم بن صفوان، وهو من الجبرية الخالصة‏.‏ظهرت بدعته بترمذ، وقتله سالم بن أحوز المازني بمرو في آخر ملك بني أمية‏،‏ وافق المعتزلة في نفي الصفات الأزلية ،وزاد عليهم بأشياء‏:‏ منها قوله‏:‏ لا يجوز أن يوصف الباري تعالى بصفة يوصف بها خلقه؛ لأن ذلك يقضي تشبيهاً فنفى كونه‏:‏ حياً عالماً وأثبت كونه‏:‏ قادراً فاعلاً خالقاً لأنه لا يوصف شيء من خلقه‏:‏ بالقدرة والفعل والخلق‏.‏
        ومنها لإثباته علوماً حادثة للباري تعالى لا في محل قال‏:‏ لا يجوز أن يعلم الشيء قبل خلقه لأنه لو علم ثم خلق‏!‏ أفبقي علمه على ما كان؟ أم لم يبق؟ فإن بقى فهو جهل، فإن العلم بأن سيوجد غير العلم بأن قد وجد، وإن لم يبق فقد تغير والمتغير مخلوق ليس بقديم‏.‏
        ووافق في هذا مذهب ،هشام بن الحكم كما تقرر قال‏:‏ وإذا ثبت حدوث العلم فليس يخلو‏:‏ إما أن يحدث في ذاته تعالى، وذلك يؤدي إلى التغير في ذاته، وأن يكون محلاً للحوادث ،وإما أن يحدث في محل، فيكون المحل موصوفا به لا الباري تعالى‏.فتعين أنه لا محل له فأثبت علوما حادثة بعدد الموجودات المعلومة‏.‏
        ومنها قوله في القدرة الحادثة‏:‏ إن الإنسان لا يقدر على شيء ،ولا يوصف بالاستطاعة، وإنما هو مجبور في أفعاله‏:‏ لا قدرة له ولا إرادة ولا اختيار، وإنما يخلق الله تعالى الأفعال فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات، وتنسب إليه الأفعال مجازاً، كما تنسب إلى الجمادات، كما يقال‏:‏ أثمرت الأشجار، وجرى الماء، وتحرك الحجر، وطلعت الشمس وغربت، وتغيمت السماء وأمطرت، واهتزت الأرض وأنبتت إلى غير ذلك‏.‏
        والثواب والعقاب جبر كما أن الأفعال كلها جبر قال‏:‏ وإذا ثبت الجبر فالتكليف أيضاً كان جبراً‏.‏
ومنها قوله‏:‏ إن حركات أهل الخلدين تنقطع، والجنة والنار تفنيان بعد دخول أهلهما فيهما وتلذذ أهل الجنة بنعيمها وتألم أهل النار بحميمها، إذ لا تتصور حركات لا تتناهى آخراً ،كما لا تتصور حركات لا تتناهى أولاً، وحمل قوله تعالى‏:‏{ خالدين فيها }على المبالغة والتأكيد دون الحقيقة في التخليد ،كما يقول‏:‏ خلد الله ملك فلان واستشهد على الانقطاع بقوله تعالى‏:‏ ‏{ خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك}[هود:108]"‏‏فالآية اشتملت على شريطة واستثناء‏.‏والخلود والتأييد لا شرط فيه ولا استثناء‏.‏
        ومنها قوله‏:‏ من أتى بالمعرفة ثم جحد بلسانه لم يكفر بجحده، لأن العلم والمعرفة لا يزلان بالجحد فهو مؤمن، قال‏:‏ ولا يتفاضل أهله فيه، فإيمان الأنبياء وإيمان الأمة على نمط واحد، إذ المعارف لا تتفاضل‏.‏ وكان السلف كلهم من أشد الرادين عليه‏.‏ ونسبته إلى التعطيل المحض‏.‏وهو أيضاً موافق للمعتزلة في نفي الرؤية وإثبات خلق الكلام وإيجاب المعارف بالعقل قبل ورود السمع‏
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النجارية
        أصحاب الحسين بن محمد النجار، وأكثر معتزلة الري وما حواليها على مذهبه، وهم وإن اختلفوا أصنافاّ إلا أنهم لم يختلفوا في المسائل التي عددناها أصولاً، وهم برغوثية ،وزعفرانية ،ومستدركة، وافقوا المعتزلة في نفي الصفات‏:‏ من العلم ،والقدرة، والإرادة، والحياة، والسمع، والبصر ووافقوا الصفاتية في خلق الأعمال‏.‏
        قال النجار‏:‏ الباري تعالى مريد لنفسه كما هو عالم لنفسه، فألزم عموم التعلق فالتزم وقال‏:‏ هو مريد الخير والشر والنفع والضر‏.‏ وقال أيضاً‏:‏ معنى كونه مريداً أنه غير مستكره ولا مغلوب‏.‏
        وقال‏:‏ هو خالق أعمال العباد‏:‏ خيرها وشرها حسنها وقبيحها والعبد مكتسب لها‏،وأثبت تأثيراً للقدرة الحادثة وسمى ذلك كسباً، على حسب ما يثبته الأشعري ووافقه أيضاً في أن الاستطاعة مع الفعل‏.‏
        وأما في مسألة الرؤية، فأنكر رؤية الله تعالى بالأبصار وأحالها، غير أنه قال‏:‏ يجوز أن يحول الله تعالى القوة التي في القلب - من المعرفة - إلى العين فيعرف الله تعالى بها فيكون ذلك رؤية‏.‏
        وقال بحدوث الكلام، لكنه انفرد عن المعتزلة بأشياء‏:‏ منها قوله‏:‏ إن كلام الباري تعالى إذا قرئ فهو عرض وإذا كتب فهو جسم‏.‏
        ومن العجب أن الزعفرانية قالت‏:‏ كلام الله غيره، وكل ما هو غيره فهو مخلوق، ومع ذلك قالت‏:‏ كل من قال‏:‏ إن القرآن مخلوق فهو كافر، ولعلهم أرادوا بذلك‏:‏ الاختلاف وإلا فالتناقض ظاهر‏.‏
        والمستدركة منهم زعموا‏:‏ أن كلامه غيره، وهو مخلوق لكن النبي صل الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ كلام الله غير مخلوق ‏"‏ والسلف عن آخرهم أجمعوا على هذه العبارة فوافقناهم وحملنا قولهم غير مخلوق أي‏:‏ على هذا الترتيب والنظم من الحروف والأصوات؛ بل هو مخلوق غير هذه الحروف بعينها وهذه حكاية عنها‏.‏
        وحكى الكعبي عن النجار أنه قال‏:‏ الباري تعالى بكل مكان ذاتاً،ووجوداً لا معنى العلم والقدرة،وألزمه محالات على ذلك. وقال في المفكر قبل ورود السمع مثل ما قالت المعتزلة‏:‏ أنه يجب عليه تحصيل المعرفة بالنظر والاستدلال‏.‏
وقال في الإيمان إنه عبارة عن التصديق، ومن ارتكب كبيرة ومات عليها من غير توبة عوقب على ذلك ،ويجب أن يخرج من النار، فليس من العدل التسوية بينه وبين الكفار في الخلود‏.‏
        ومحمد بن عيسى الملقب ببرغوث، وبشر بن غياث المريسي والحسين النجار‏:‏ متقاربون في المذهب،وكلهم أثبتوا كونه تعالى مريداً - لم يزل - لكل ما علم أنه سيحدث من‏:‏ خير وشر وإيمان وكفر، وطاعة ومعصية‏،وعامة المعتزلة يأبون ذلك‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:23 am

المشبهة


        اعلم أن السلف من أصحاب الحديث لما رأوا توغل المعتزلة في علم الكلام ومخالفة السنة التي عهدوها من الأئمة الراشدين، ونصرهم‏:‏ جماعة من أمراء بني أمية على قولهم بالقدر ،وجماعة من خلفاء بني العباس على قولهم بنفي الصفات وخلق القرآن‏.‏ تحيروا في تقرير مذهب أهل السنة والجماعة في متشابهات‏:‏ آيات الكتاب الحكيم وأخبار النبي الأمين صل الله عليه وسلم‏.‏
        فأما أحمد بن حنبل وداود بن علي الأصفهاني وجماعة من أئمة السلف ،فجروا على منهاج السلف المتقدمين عليهم من أصحاب الحديث مثل‏:‏ مالك بن أنس ومقاتل إ بن سليمان، وسلكوا طريق السلامة فقالوا‏:‏ نؤمن بما ورد به الكتاب والسنة ،ولا نتعرض للتأويل بعد أن نعلم قطعاً أن الله عز وجل لا يشبه شيئاً من المخلوقات، وأن كل ما تمثل في الوهم فإنه خالقه ومقدوره‏.‏ وكانوا يحترزون عن التشبيه إلى غاية أن قالوا‏:‏ من حرك يده عند قراءة قوله تعالى‏:‏{ خلقت بيدي}[ص:75] ‏"‏ أو أشار بإصبعيه عند روايته‏:‏ "قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن‏."‏ وجب قطع يده وقلع إصبعيه‏.‏ وقالوا‏:‏ إنما توقفنا في تفسير الآيات وتأويلها لأمرين‏:
        ‏ أحدهما‏:‏ المنع الوارد في التنزيل في قوله تعالى‏:‏ ‏"‏{ فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب}[آلعمران:7] ‏"‏ فنحن نحترز عن الزيغ‏.‏
        والثاني‏:‏ أن التأويل أمر مظنون بالاتفاق، والقول في صفات الباري بالظن غير جائز، فربما أولنا الآية على غير مراد الباري تعالى، فوقعنا في الزيغ ،بل نقول كما قال الراسخون في العلم‏:‏ كل من عند ربنا‏:‏ آمنا بظاهره وصدقنا بباطنه ،ووكلنا علمه إلى الله تعالى، ولسنا مكلفين بمعرفة ذلك ،إذ ليس ذلك من شرائط الإيمان وأركانه‏.‏
        واحتاط بعضهم أكثر احتياط حتى لم يقرأ‏:‏ اليد بالفارسية ولا الوجه ولا الاستواء ولا ما ورد من جنس ذلك‏.‏بل إن احتاج في ذكرها إلى عبارة عبر عنها بما ورد‏:‏ لفظا بلفظ‏.‏
فهذا هو طريق السلامة وليس هو من التشبيه في شيء‏.‏
        غير أن جماعة من الشيعة الغالية ،وجماعة من أصحاب الحديث الحشوية، صرحوا بالتشبيه مثل‏:‏ الهشاميين من الشيعة، ومثل‏:‏ مضر وكهمس وجهم الهخيمي وغيرهم من الحشوية قالوا‏:‏ معبودهم على صورة ذات أعضاء وأبعاض‏:‏ إما روحانية وأما جسمانية‏.‏ويجوز عليه‏:‏ الانتقال والنزول والصعود والاستقرار والتمكن‏.‏
        فأما مشبهة الشيعة فستأتي مقالاتهم في باب المغالاة‏.وأما مشبهة الحشوية فحكى الأشعري عن محمد بن عيسى أنه حكى عن‏:‏ مضر وكهمس وأحمد الهجيمي‏:‏ أنهم أجازوا على ربهم‏:‏ الملامسة والمصافحة ،وأن المسلمين المخلصين يعانقونه في الدنيا والآخرة إذا بلغوا في الرياضة والاجتهاد إلى حد الإخلاص والاتحاد المحض‏.‏
        وحكى الكعبي عن بعضهم‏:‏ أنه كان يجوز الرؤية في دار الدنيا وأن يزوروه ويزورهم‏.‏وحكى عن داود الجواربي أنه قال‏:‏ اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما وراء ذلك‏.‏
        وقال‏:‏ إن معبوده‏:‏ جسم ولحم ودم وله جوارح وأعضاء من‏:‏ يد ورجل ورأس ولسان وعينين وأذنين ومع ذلك‏:‏ جسم لا كالأجسام ولحم لا كاللحوم ودم لا كالدماء وكذلك سائر الصفات وهو‏:‏ لا يشبه شيئاً من المخلوقات ولا يشبهه شيء‏.‏
وحكى عنه أنه قال‏:‏ هو‏:‏ أجوف من أعلاه إلى صدره مصمت ما سوى ذلك وأن له وفرة سوداء وله شعر قطط‏.‏
        وأما ما ورد في التنزيل من‏:‏ اللإستواء والوجه واليدين والجنب والمجيء والإتيان والفوقية‏.‏وغير ذلك فأجروها على ظاهرها أعني ما يفهم عند الإطلاق على الأجسام‏.‏وكذلك ما ورد في الأخبار من الصورة وغيرها في قوله عليه السلام‏:‏ ‏"‏ خلق آدم على صورة الرحمن ‏"‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ وضع يده أو كفه على كتفي ‏"‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ حتى وجدت برد أنامله على كتفي ‏"‏‏.إلى غير ذلك‏.‏ أجروها على ما يتعارف في صفات الأجسام‏.‏
        وزادوا في الأخبار أكاذيب وضعوها ونسبوها إلى النبي عليه السلام ،وأكثرها مقتبسة من اليهود، فإن التشبيه فيهم طباع حتى قالوا‏:‏ اشتكت عيناه فعادته الملائكة وبكى على طوفان نوح حتى رمدت عيناه ،وإن العرش ليئط من تحته كأطيط الرحل الحديد، وإنه ليفضل من كل جانب أربع أصابع‏.‏
        وروى المشبهة عن النبي عليه السلام أنه قال‏:‏ ‏"‏ لقيني ربي فصافحني وكافحني ووضع يده بين كتفي حتى وجدت برد أنامله ‏"‏‏.‏
        وزادوا على التشبيه قولهم في القرآن‏:‏ إن الحروف والأصوات والرقوم المكتوبة قديمة أزلية ،وقالوا‏:‏ لا يعقل كلام بحروف ولا كلم، واستدلوا بأخبار، منها ما رووا عن النبي عليه السلام‏:‏ ينادي الله تعالى يوم القيامة بصوت يسمعه الأولون والآخرون، ورووا‏:‏ أن موسى عليه السلام كان يسمع كلام الله كجر السلاسل‏.‏
        قالوا‏:‏ وأجمعت السلف على أن القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال هو مخلوق فهو كافر بالله ،ولا نعرف من القرآن إلا ما هو بين أظهرنا فنبصره ونسمعه ونقرؤه ونكتبه‏.‏
والمخالفون في ذلك‏:
‏         أما المعتزلة فوافقونا على أن هذا الذي في أيدينا كلام الله وخالفونا في القدم وهم محجوجون بإجماع الأمة‏.‏
        وأما الأشعرية فوافقونا على أن القرآن قديم وخالفونا في أن الذي في أيدينا كلام الله وهم محجوجون أيضاً بإجماع الأمة‏:‏ أن المشار إليه هو كلام الله‏.‏فأما إثبات كلام هو صفة قائمة بذات الباري تعالى‏:‏ لا نبصرها ولا نكتبها ولا نقرؤها ولا نسمعها فهو مخالفة الإجماع من كل وجه‏.‏
        فنحن نعتقد‏:‏ أن ما بين الدفتين كلام الله أنزله على لسان جبريل عليه السلام فهو‏:‏ المكتوب في المصاحف وهو المكتوب في اللوح المحفوظ وهو الذي يسمعه المؤمنون في الجنة من الباري تعالى بغير حجاب ولا واسطة وذلك معنى قوله تعالى‏:‏ ‏"‏{ سلام قولاً من رب رحيم}[يس:58] ‏"‏ وهو قوله تعالى لموسى عليه السلام‏:‏{ يا موسى إني أنا الله رب العالمين}[القصص:30] ‏"‏ ومناجاته من غير واسطة حتى قال تعالى‏:‏{ وكلم الله موسى تكليما}[النساء:164] ‏"‏ وقال‏:{‏ إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي}[الأعراف :144 ‏"‏‏.وروى عن النبي عليه السلام أنه قال‏:‏ ‏"‏ إن الله تعالى كتب التوراة بيده وخلق جنة عدن بيده وخلق آدم بيده ‏"‏‏.‏
وفي التنزيل‏:‏{ وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء‏}[الأعراف :145].‏
        قالوا‏:‏ فنحن لا نريد من أنفسنا شيئاً ولا نتدارك بعقولنا أمراً لم يتعرض له السلف قالوا‏:‏ ما بين الدفتين كلام لله قلنا‏:‏ هو كذلك واستشهدوا عليه بقوله تعالى‏:‏{ وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}[التوبة:6] ‏"‏ ومن المعلوم‏:‏ أنه ما سمع إلا هذا الذي نقرؤه‏.‏ وقال تعالى‏:{‏ إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين}[الواقعة:77-80] ‏"‏‏.‏وقال‏:‏{‏ في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة}[عبس:13-16] ‏"‏‏.‏وقال‏:‏{ إنا أنزلناه في ليلة القدر}[القدر:1] ‏"‏‏.‏ وقال‏:‏ {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}[البقرة:185] ‏"‏‏.‏ إلى غير ذلك من الآيات‏.‏
        ومن المشبهة من مال إلى مذهب الحلولية، وقال‏:‏ يجوز أن يظهر الباري، تعالى بصورة شخص كما كان جبريل عليه السلام ينزل في صورة أعرابي، وقد تمثل لمريم بشراً سوياً ،وعليه حمل قول النبي عليه السلام ‏"‏ رأيت ربي في أحسن صورة ‏"‏‏.‏ وفي التوراة عن موسى عليه السلام‏:‏ شافهت الله تعالى فقال لي‏:‏ كذا‏.‏ والغلاة من الشيعة مذهبهم الحلول‏.‏
ثم الحلول‏:‏ قد يكون بجزء وقد يكون بكل على ما سيأتي في تفصيل مذاهبهم إن شاء الله تعالى‏.
==============================
‏الملل والنحل83-87
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:25 am

الكرامية


        أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام، وإنما عددناه من الصفاتية، لأنه كان ممن يثبت الصفات إلا أنه ينتهي فيها إلى التجسيم والتشبيه‏.‏وقد ذكرنا‏:‏ كيفية خروجه وانتسابه إلى أهل السنة فيما قدمناه ذكره‏.‏
        وهم طوائف بلغ عددهم إلى اثنتي عشرة فرقة ،وأصولها ستة‏:‏ العابدية، والتونية ،والزرينية ،والإسحاقية، والواحدية، وأقربهم‏:‏ الهيصمية‏.‏ ولكل واحدة منهم رأي، إلا أنه لما يصدر ذلك من علماء معتبرين بل عن سفهاء أغتام جاهلين لم نفردها مذهباً، وأوردنا مذهب صاحب المقالة،وأشرنا إلى ما يتفرع منه .
        نص أبو عبد الله على أن معبوده على العرش استقراراً وعلى أنه بجهة فوق ذاتاً‏.‏وأطلق عليه اسم الجوهر فقال في كتابه المسمى عذاب القبر‏:‏ إنه إحدى الذات إحدى الجوهر وإنه مماس للعرش من الصفحة العليا‏.‏ وجوز‏ الانتقال،والتحول،والنزول،ومنهم من قال: إنه على بعض أجزاء العرش،
‏        وقال بعضهم‏:‏ امتلأ العرش به‏.وصار المتأخر ون منهم‏:‏ إلى أنه تعالى بجهة فوق وأنه محاذ للعرش‏.‏
        ثم اختلفوا‏:‏ فقالت العابدية‏:‏ إن بينه وبين العرش من البعد والمسافة لو قدر مشغولا بالجواهر لاتصلت به‏.‏
        وقال محمد بن الهيصم‏:‏ إن ابنه وبين العرش بعداً لا يتناهى وإنه مباين للعالم بينونة أزلية‏.ونفى التحيز والمحاذاة وأثبت الفوقية والمباينة‏.‏
        وأطلق أكثرهم لفظ الجسم عليه‏.‏ والمقاربون منهم قالوا‏:‏ نعني بكونه جسماً‏:‏ أنه قائم بذاته وهذا هو حد الجسم عندهم‏.‏وبنوا على هذا أن من حكم القائمين بأنفسهما‏:‏ أن يكونا متجاورين، أو متباينين فقضى بعضهم بالتجاور مع العرش، وحكم بعضهم بالتباين‏.‏ وربما قالوا‏:‏ كل موجودين فإما أن يكون أحدهما بحيث الآخر، كالعرض مع الجوهر وإما أن يكون بجهة منه، والباري تعالى ليس بعرض، إذ هو قائم بنفسه، فيجب أن يكون بجهة من العالم، ثم أعلى الجهات وأشرفها جهة فوق، فقلنا هو بجهة فوق الذات حتى إذا رؤي رؤي من تلك الجهة.
        ثم لهم اختلافات في النهاية فمن المجسمة من أثبت النهاية له من ست جهات، ومنهم من أثبت النهاية له من جهة تحت، ومنهم من أنكر النهاية له فقال‏:‏ هو عظيم‏.‏ ولهم في معنى العظمة خلاف ،والعرش تحته وهو فوق كله على الوجه الذي هو فوق جزء منه وقال بعضهم‏:‏ معنى عظمته أنه يلاقي مع وحدته من جهة واحدة أكثر من واحد وهو يلاقي جميع أجزاء العرش وهو العلي العظيم‏.‏
        ومن مذهبهم جميعاً‏:‏ جواز قيام كثير من الحوادث بذات الباري تعالى‏.‏
        ومن أصلهم‏:‏ أن ما يحدث في ذاته فإنما يحدث بقدرته، وما يحدث مبايناً لذاته فإنما يحدث بقدرته من الأقوال والإرادات ،ويعنون بالمحدث‏:‏ ما باين ذاته من الجواهر والأعراض‏.‏
        ويفرقون بين الخلق والمخلوق، والإيجاد والموجود والموجد، وكذلك بين الإعدام والمعدوم‏:‏ فالمخلوق‏:‏ إنما يصير معدوماً بالإعدام الواقع في ذاته بالقدرة‏.‏
        وزعموا‏:‏ أن في ذاته سبحانه حوادث كثيرة مثل‏:‏ الإخبار عن الأمور الماضية والآتية، والكتب المنزلة على الرسل عليهم السلام، والقصص ،والوعد والوعيد والأحكام ومن ذلك المسمعات والمبصرات فيما يجوز أن يسمع ويبصر‏.‏
والإيجاد والإعدام‏:‏ هو القول بالإرادة وذلك قوله‏:‏ كن للشيء الذي يريد كونه‏.‏ وإرادته لوجود ذلك الشيء وقوله للشيء كن صورتان‏:‏
وفسر محمد بن الهيصم الإيجاد والإعدام‏:‏ بالإرادة والإيثار قال‏:‏ وذلك مشروط بالقول شرعاً إذ ورد في التنزيل:{ إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون}[النحل:40] ،‏ وقوله:{ إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له‏كن فيكون}[يس:82] ‏‏‏.‏
        وعلى قول الأكثرين منهم‏:‏ الخلق عبارة عن القول والإرادة‏.‏ ثم اختلفوا في التفصيل‏:‏ فقال بعضهم‏:‏ لكل موجود إيجاد ولكل معدوم إعدام‏.‏
        وقال بعضهم‏:‏ إيجاد واحد يصلح لموجودين إذا كانا من جنس واحد وإذا اختلف الجنس تعدد الإيجاد‏.وألزم بعضهم‏:‏ لو افتقر كل موجود أو كل جنس إلى إيجاد فليفتقر كل إيجاد إلى قدرة فالتزم تعدد القدرة بتعدد الإيجاد‏.‏
        وقال بعضهم أيضاً‏:‏ تتعدد القدرة بعدد أجناس المحدثات وأكثرهم على أنها تتعدد بعدد أجناس الحوادث التي تحدث في ذاته من‏:‏ الكاف والنون، والإرادة ،والسمع ،والبصر‏،وهي خمسة أجناس.‏
        ومنهم من فسر السمع والبصر بالقدرة على التسمع والتبصر، ومنهم من أثبت لله تعالى السمع والبصر أزلا، والتسمعات والتبصرات هي إضافة المدركات إليهما‏.‏
        وقد أثبتوا لله تعالى مشيئة قديمة متعلقة بأصول المحدثات وبالحوادث التي تحدث في ذاته ،وأثبتوا إرادات حادثة تتعلق بتفاصيل المحدثات‏.‏
        وأجمعوا على أن الحوادث لا توجب لله تعالى وصفاً، ولا هي صفات له فتحدث في ذاته هذه لحوادث من‏:‏ الأقوال والإرادات، والتسمعات، والتبصرات، ولا يصير بها‏:‏ قائلاً ولا مريداً ،ولا سميعاً، ولا بصيرا،ً ولا يصير بخلق هذه الحوادث‏:‏ محدثاً ولا خالقاً‏.‏ وإنما هو‏:‏ قائل بقائليته، وخالق بخالقيته ،ومريد بمريديته، وذلك قدرته على هذه الأشياء‏.‏
        ومن أصلهم‏:‏ أن الحوادث التي يحدثها في ذاته واجبة البقاء، حتى يستحيل عدمها، إذ لو جاز عليها العدم لتعاقبت على ذاته الحوادث، ولشارك الجوهر في هذه القضية أيضاً، فلو قدر عدمها فلا يخلو‏:‏ إما أن يقدر عدمها بالقدرة أو بإعدام يخلقه في ذاته‏.‏ ولا يجوز أن يكون عدمها بالقدرة لأنه يؤدي إلى ثبوت المعدوم في ذاته وشرط الموجود والمعدوم أن يكونا مباينين لذاته ولو جاز وقوع معدوم في ذاته بالقدرة من غير واسطة إعدام لجاز حصول سائر المعدومات بالقدرة‏.ثم يجب طرد ذلك في الموجد، حتى يجوز وقوع موجد محدث في ذاته، وذلك محال عندهم، ولو فرض إعدامهم بالإعدام لجاز تقدير عدم ذلك الإعدام فيسلسل فارتكبوا لهذا التحكم استحالة عدم ما يحدث في ذاته.
        ومن أصلهم أن المحدثات ، إنما يحدث في ثاني حال ثبوت الإحداث بلا فصل، ولا أثر للإحداث في حال بقائه‏.‏
        ومن أصلهم‏:‏ أن ما يحدث في ذاته من الأمر فمنقسم إلى:
1-أمر التكوين،وهو فعل يقع تحته المفعول .
2-وإلى ما ليس أمر التكوين :وذلك إما خبر ، وإما أمر التكليف،ونهى التكليف وهي أفعال من حيث دلت على القدرة ولا يقع تحتها مفعولات‏.‏هذا هو تفصيل مذاهبهم في محل الحوادث‏.‏
        وقد اجتهد ابن الهيصم في إرمام مقالة أبي عبد الله في كل مسألة ،حتى ردها من المحال الفاحش إلى نوع يفهم فيما بين العقلاء‏:‏ مثل التجسيم فإنه قال‏:‏ أراد بالجسم‏:‏ القائم بالذات‏.ومثل الفوقية فإنه حملها على العون وأثبت البينوية غير المتناهية ،وذلك الخلاء الذي أثبته بعض الفلاسفة‏.‏
ومثل الاستواء فإنه‏:‏ نفى المجاورة والمماسة والتمكن بالذات‏.‏ غير مسألة محل الحوادث فإنها لم تقبل الرمة فالتزمها كما ذكرنا، وهي من أشنع المحالات عقلاً‏.‏
        وعند القوم‏:‏ أن الحوادث تزيد على عدد المحدثات بكثير فيكون في ذاته أكثر من عدد المحدثات عوالم من الحوادث وذلك محال شنيع‏.‏
        ومما أجمعوا عليه من إثبات الصفات قولهم‏:‏ الباري تعالى‏:‏ عالم بعلم، قادر بقدرة، حي بحياة، شاء بمشيئة، وجميع هذه الصفات‏:‏ صفات قديمة أزلية قائمة بذاته‏.وربما زادوا السمع والبصر كما أثبته الأشعري‏.‏
وربما زادوا الوجه واليدين‏:‏ صفات قديمة قائمة به وقالوا‏:‏ له يد لا كالأيدي ووجه لا كالوجوه‏.‏ وأثبتوا جواز رؤيته من جهة فوق دون سائر الجهات‏.‏
        وزعم ابن الهيصم‏:‏ أن الذي أطلقه المشبهة على الله عز وجل من الهيئة ،والصورة ،والجوف، والاستدارة، والوفرة، والمصافحة ،والمعانقة، ونحو ذلك‏،لا يشبه سائر ما أطلقه الكرامية من ‏:‏ أنه خلق آدم بيده، وأنه استوى على عرشه، وأنه يجيء يوم القيامة لمحاسبة الخلق‏.وذلك أنا لا نعتقد من ذلك شيئاً على معنى فاسد‏:‏ من جارحتين ،وعضوين، تفسيراً لليدين ولا مطابقة للمكان، واستقلال العرش بالرحمن، تفسيراً للاستواء، ولا تردداً في الأماكن التي تحيط به تفسيراً للمجيء، وإنما ذهبنا في ذلك على إطلاق ما أطلقه القرآن فقط من غير تكييف وتشبيه، وما لم يرد به القرآن والخبر فلا نطلقه كما أطلقه سائر المشبهة والمجسمة‏.‏
        وقال الباري تعالى عالم في الأزل بما سيكون على الوجه الذي يكون، وشاء لتنفيذ علمه في معلوماته، فلا ينقلب علمه جهلاً ،ومريد لما يخلق في الوقت الذي يخلق بإرادة حادثة ،وقائل لكل ما يحدث بقوله كن حتى يحدث وهو الفرق بين الإحداث والمحدث والخلق والمخلوق‏.‏
        وقال‏:‏ نحن نثبت القدر خيره وشره من الله تعالى وأنه‏:‏ أراد الكائنات كلها خيرها وشرها، وخلق الموجودات كلها حسنها وقبيحها‏.‏ في إثبات فائدة زائدة على كونه مفعولاً مخلوقاً للباري تعالى تلك الفائدة هي مورد التكليف والمورد هو المقابل بالثواب والعقاب‏.‏
        واتفقوا على أن العقل يحسن ويقبح قبل الشرع وتجب معرفة الله تعالى بالعقل كما قالت المعتزلة، إلا أنهم لم يثبتوا رعاية الصلاح و الأصلح واللطف عقلاً كما قالت المعتزلة‏.‏
        وقالوا‏:‏ الإيمان هو الإقرار باللسان فقط دون التصديق بالقلب‏.‏ ودون سائر الأعمال‏.‏
وفرقوا بين تسمية المؤمن مؤمناً فيما يرجع إلى أحكام الظاهر والتكليف وفيما يرجع إلى أحكام الآخرة والجزاء فالمنافق عندهم‏:‏ مؤمن في الدنيا على الحقيقة مستحق للعقاب الأبدي في الآخرة‏.‏
        وقالوا في الإمامة‏:‏ إنها تثبت بإجماع الأمة دون النص والتعيين كما قال أهل السنة‏.‏
إلا أنهم جوزوا عقد البيعة لإمامين في قطرين وغرضهم‏:‏ إثبات إمامة معاوية في الشام باتفاق جماعة من أصحابه وإثبات أمير المؤمنين علي بالمدينة والعراقيين باتفاق جماعة من الصحابهة.‏ ورأوا تصويب معاوية فيما استبد به من الأحكام الشرعية‏:‏ قتالاً على طلب عثمان رضي الله عنه واستقلالاً ببيت المال‏.‏
        ومذهبهم الأصلي اتهام علي رضي الله عنه في الصبر على ما جرى مع عثمان رضي الله عنه، والسكوت عنه وذلك‏:‏ عرق نزع‏.‏
========================================
الملل والنحل 87-91
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:27 am

الخوارج


        الخوارج والمرجئة والوعيدية‏:‏ كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى‏:‏ خارجياً سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين أو كان بعدهم على التابعين بإحسان والأئمة في كل زمان‏.‏
        والمرجئة‏:‏ صف آخر تكلموا في الإيمان والعمل إلا أنهم وافقوا الخوارج في بعض المسائل التي تتعلق بالإمامة‏.‏
        والوعيدية‏:‏ داخلة في الخوارج وهم القائلون‏:‏ بتكفير صاحب الكبيرة وتخليده في النار فذكرنا مذاهبهم في أثناء مذاهب الخوارج‏.‏
        اعلم أن أول من خرج على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه جماعة ممن كان معه في حرب صفين وأشدهم خروجاً عليه ومروقاً من الدين‏:‏ الأشعث ابن قيس الكندي ومسعر بن فدكي التميمي وزيد بن حصين الطائي حين قالوا‏:‏ القوم يدعوننا إلى كتاب الله وأنت تدعونا إلى السيف‏.‏ حتى قال‏:‏ أنا أعلم بما في كتاب الله‏!‏ انفروا إلى بقية الأحزاب‏!‏ انفروا إلى من يقول‏:‏ كذب الله ورسوله وأنتم تقولوا‏:‏ صدق الله ورسوله قالوا‏:‏ لترجعن الأشتر عن قتال المسلمين وإلا فعلنا بك مثل ما فعلنا بعثمان فاضطر إلى رد الأشتر بعد أن هزم الجمع وولوا مدبرين وما بقي منهم إلا شرذمة قليلة فيها حشاشة قوة فامتثل الأشتر أمره‏.‏
        وكان من أمر الحكمين‏:‏ أن الخوارج حملوه على التحكيم أولاً وكان يريد أن يبعث عبد الله بن عباس رضي الله عنه فما رضي الخوارج بذلك وقالوا هو منك وحملوه على بعث أبو موسى الأشعري على أن يحكم بكتاب الله تعالى فجرى الأمر على خلاف ما رضي به فلما لم يرض بذلك خرجت الخوارج عليه وقالوا‏:‏ لم حكمت الرجال‏!‏ لا حكم إلا لله‏.‏
وهم المارقة الذين اجتمعوا بالنهروان‏.‏
        وكبار الفرق منهم‏:‏ المحكمة والأزارقة والنجدات والبهسية والعجاردة والثعالبة والإباضية والصفرية والباقون فروعهم‏.‏
        ويجمعهم‏:‏ القول بالتبري من عثمان وعلي رضي الله عنهما ويقدمون ذلك على كل طاعة ولا يصححون المناكحات إلا على ذلك ويكفرون أصحاب الكبائر ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنة‏:‏ حقاً واجباً‏


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعض طوائف الخوارج


الأزارقة
        أصحاب أبي رشد نافع بن الأزرق الذين خرجوا مع نافع من الصرة إلى الأهواز، فغلبوا عليها وعلى كورها وما وراءها من بلدان‏:‏ فارس وكرمان في أيام عبد الله بن الزبير وقتلوا عماله فيها بهذه النواحي‏.‏
        وكان مع نافع من أمراء الخوارج‏:‏ عطية بن الأسود الحنفي وعبد الله بن ماخون وأخواه عثمان والزبير وعمر ابن عمير العنبري وقطري بن الفجاءة المازني وعبيدة بن هلال اليشكري وأخوه محرز بن هلال وصخر بن حبيب التيمي وصالح بن مخراق العبدي وعبد ربه الكبير وعبد ربه الصغير‏.‏في زهاء ثلاثين ألف فارس ممن يرى رأيهم وينخرط في سلكهم‏.‏ فأنفذ إليهم عبد الله بن الحرث بن نوفل النوفلي بصاحب جيشه‏:‏ مسلم بن عبيس بن كريز ابن حبيب فقتله الخوارج وهزموا أصحابه‏.‏ فأخرج إليهم أيضاً عثمان بن عبد الله ابن معمر التميميح فهزموه‏.‏
        فأخرج إليهم حارثة بن بدر العتابي في جيش كثيف فهزموه وخشي أهل البصرة على أنفسهم وبلدهم من الخوارج‏.‏ فأخرج إليهم المهلب بن أبي صفرة فبقي في حرب الأزارقة تسع عشرة سنة إلى أن فرغ من أمرهم في أيام الحجاج ومات نافع قبل وقائع المهلب مع الأزارقة وبايعوا بعده قطري بن الفجاءة المازنين وسموه‏:‏ أمير المؤمنين‏.‏
وبدع الأزارقة ثمانية‏:‏
        إحداهما‏:‏ أنه أكفر علياً رضي الله عنه وقال‏:‏ إن الله أنزل في شأنه‏:{‏ ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام}[البقرة:204] ‏"‏ وصوب‏:‏ عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله وقال‏:‏ إن الله تعالى أنزل في شأنه‏:{‏ ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله}[البقرة:207]"‏‏.‏
        وقال عمران بن حطان وهو مفتي الخوارج وزاهدها وشاعرها الأكبر في ضربة ابن ملجم لعنه الله لعلي رضي الله عنه‏:
‏ يا ضربة من منيب ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره يوماً فأحسبه أوفى البرية عند الله ميزانا
        وعلى هذه البدعة مضت الأزارقة وزادوا عليه تكفير‏:‏ عثمان وطلحة والزبير وعائشة وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم وسائر المسلمين معهم وتخليدهم في النار جميعاً‏.‏
والثانية‏:‏ أنه أكفر القعدة وهو أول من أظهر البراءة من القعدة عن القتال وإن كان موافقاً له على دينه وأكفر من لم يهاجر غليه‏.‏
والثالثة‏:‏ إباحته قتل الأطفال المخالفين والنسوان منهم‏.‏
والرابعة‏:‏ إسقاطه الرجم عن الزاني إذ ليس في القرآن ذكره وإسقاطه حد القذف عمن قذف المحصنين من الرجال مع وجوب الحد على قاذف المحصنات من النساء‏.‏
والخامسة‏:‏ حكمه بأن أطفال المشركين في النار مع آبائهم‏.‏
والسادسة‏:‏ أن التقية غير جائزة في قول ولا عمل‏.‏
والسابعة‏:‏ تجويزه أن يبعث الله تعالى نبياً يعلم أنه يكفر بعد نبوته أو كان كافراً قبل البعثة‏.‏
والكبائر والصغائر‏:‏ إذا كانت بمثابة عنده وهي كفر‏.‏
والثامنة‏:‏ اجتمعت الأزارقة على أن من ارتكب كبيرة من الكبائر كفر كفر ملة خرج به عن الإسلام جملة ويكون مخلداً في النار مع سائر الكفار       
  واستدلوا بكفر إبليس وقالوا‏:‏ ما ارتكب إلا كبيرة حيث أمر بالسجود لآدم عليه السلام فامتنع وإلا فهو عارف بوحدانية الله تعالى‏
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النجدات العاذرية
        أصحاب نجدة بن عامر الحنفي ،وقيل‏:‏ عاصم وكان من شأنه أنه خرج مع اليمامة مع عسكره، يريد اللحوق بالأزارقة فاستقبله‏:‏ أبو فديك وعطية ابن الأسود الحنفي في الطائفة الذين خالفوا نافع بن الأزرق فأخبروه بما أحدثه نافع من الخلاف‏:‏ بتكفير العقدة عنه وسائر الأحداث والبدع وبايعوا نجدة وسموه أمير المؤمنين‏.‏
        ثم اختلفوا على نجدة فأكفره قوم منهم لأمور نقموها عليه منها أنه بعث ابنه مع جيش إلى أهل القطيف فقتلوا رجالهم وسبوا نساءهم وقو موها على أنفسهم وقالوا‏:‏ إن صارت قيمتهن في حصصنا فذلك وإلا رددنا الفضل ونكحوهن قبل القسمة وأكلوا من الغنيمة قبل القسمة‏.‏ فلما رجعوا إلى نجدة وأخبروه بذلك قال‏:‏ لم يسعكم ما فعلتم قالوا‏:‏ لم نعلم أن ذلك لا يسعنا فعذرهم بجهالتهم‏.‏
        واختلف أصحابه بذلك فمنهم من وافقه وعذر بالجهالات في الحكم الاجتهادي، وقالوا‏:‏ الدين أمران‏:
‏         أحدهما‏:‏ معرفة الله تعالى ومعرفة رسله عليهم السلام وتحريم دماء المسلمين يعنون موافقيهم والإقرار بما جاء من عند الله جملة‏.فهذا واجب على الجميع والجهل به لا يعذر فيه‏.‏
        والثاني‏:‏ ما سوى ذلك‏:‏ فالناس معذورون فيه‏.‏إلى أن تقوم عليهم الحجة في الحلال والحرام‏.‏
        قالوا‏:‏ ومن جوز العذاب على المجتهد المخطىء في الأحكام قبل قيام الحجة عليه فهو كافر واستحل نجدة بن عامر دماء أهل العهد والذمة وأموالهم في حال التقية وحكم بالبراءة ممن حرمها‏.‏قال‏:‏ وأصحاب الحدود من موافقيه لعل الله تعالى يعفو عنهم ومن نظر نظرة أو كذب كذبة صغيرة أو كبيرة أصر عليها فهو مشرك ومن زنى وشرب وسرق غير مصر عليه فهو غير مشرك وغلظ على الناس في حد الخمر تغليظا شديداً‏.‏
        ولما كاتب عبد الملك بن مروان وأعطاه الرضى‏:‏ نقم عليه أصحابه فيه فاستتابوه فأظهر التوبة فتركوا النقمة عليه والتعرض له‏.‏
        وندمت طائفة على هذه الاستتابة وقالوا‏:‏ أخطأنا وما كان لنا أن نستتيب الإمام وما كان له أن يتوب باستتابتنا إياه‏:‏ أخطأنا من ذلك وأظهروه الخطأ وقالوا له‏:‏ تب من توبتك وإلا نابذناك فتاب من توبته‏.‏وفارقه‏:‏ أبو فديك وعطية ووثب عليه أبو فديك فقتله‏.‏ ثم برئ أبو فديك وعطية من أبي فديك انفذ مروان بن عبد الملك‏:‏ عمرو بن عبيد الله بن معمر من التميمي مع جيش إلى حرب أبي فديك فحاربه أياماً فقتله ولحق عطية بأرض سجستان ويقال لأصحابه‏:‏ الطوية ومن أصحابه‏:‏ عبد الكريم بن عجرد زعيم العجاردة‏.‏
        وإنما قيل للنجدات‏:‏ العاذرية لأنهم عذروا بالجهلات في أحكام الفروع‏.‏
        وحكى الكعبي عن النجدات‏:‏ أن التقية جائزة في القول والعمل كله وإن كان في قتل النفوس‏.‏
        قال‏:‏ وأجمعت النجدات على أنه لا حاجة للناس إلى إمام قط، وإنما عليهم أن يتناصفوا فيما بينهم ،فإن هم رأو أن ذلك لا يتم إلا بإمام يحملهم عليه فأقاموه جاز.
        ثم افترقوا بعد نجدة إلى‏:‏ عطوية وفديكية وبرئ كل واحد منهما عن صاحبه بعد قتل نجدة وصارت الدار لأبي فديك إلا من تولى نجدة‏.‏ وأهل سجستان وخراسان وكرمان وقهستان من الخوارج على مذهب عطية‏.‏
        وقيل‏:‏ كان نجدة بن عامر ونافع بن الأزرق قد اجتمعا بمكة مع الخوارج على ابن الزبير ثم تفرقا عنه‏.‏واختلف نافع ونجدة‏:‏ فصار نافع إلى البصرة ونجدة إلى اليمامة‏.‏
وكان سبب اختلافهما أن نافعاً قال‏:‏ التقية لا تحل والقعود عن القتال كفر واحتج بقول الله تعالى‏:‏{ إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله}[النساء:77] ‏"‏ وبقوله تعالى‏:{‏ يقاتلون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم}[المائدة:45] ‏"‏‏.وخالفه نجدة وقال‏:‏ التقية جائزة واحتج بقول الله تعالى‏:‏{‏ إلا أن تتقوا منهم تقاة}[آلعمران28] ‏"‏ وبقوله تعالى‏:‏{‏ وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه}[غافر:28]‏ وقال‏:‏ القعود جائز والجهاد إذا أمكنه أفضل قال الله تعالى‏:‏ ‏"{‏ وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً}[النساء:95] ‏"‏‏.‏ وقال نافع‏:‏ هذا في أصحاب النبي صل الله عليه وسلم حين كانوا مقهورين وأما في غيرهم مع الإمكان فالقعود كفر لقول الله تعالى‏:{‏ وقعد الذين كذبوا الله ورسوله}[التوبة:90]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البيهسية
        أصحاب أبي بيهس الهيصم بن جابر، وهو أحد بني سعد بن ضبيعة، وقد كان الحجاج طلبه أيام الوليد فهرب إلى المدينة ،فطلبه فيها عثمان بن حيان المزني فظفر به وحبسه وكان يسامره إلى أن ورد كتاب الوليد بأن يقطع يديه ورجليه ثم يقتله ففعل به ذلك‏.‏
        وكفر أبو بهس‏:‏ إبراهيم وميمون في اختلافهما في بيع الأمة وكذلك كفر الواقفية‏.‏وزعم‏:‏ أنه لا يسلم أحد حتى يقر بمعرفة الله تعالى ومعرفة رسله ومعرفة ما جاء به النبي صل الله عليه وسلم والولاية لأولياء الله تعالى والبراءة من أعداء الله‏.‏
        فمن جملة ما ورد به الشرع وحكم به‏:‏ ما حرم الله وجاء به الوعيد فلا يسعه إلا‏:‏ معرفته بعينه وتفسيره والاحتراز عنه‏.‏
        ومنه ما ينبغي أن يعرف باسمه ولا يضره ألا يعرفه بتفسيره حتى يبتلي ويجب أن يقف عندما لا يعلم ولا يأتي بشيء إلا بعلم‏.‏ وبرئ أبو بهس عن الواقفية لقولهم‏:‏ إنا نقف فيمن واقف الحرام وهو لا يعلم أحلالاً واقع أم حراماً، قال‏:‏ كان من حقه أن يعلم ذلك، والإيمان‏:‏ هو أن يعلم كل حق وباطل، وإن الإيمان هو العلم بالقلب دون القول والعمل‏.‏
        ويحكى عنه أنه قال‏:‏ الإيمان‏:‏ هو الإقرار والعلم وليس هو أحد الأمرين دون الآخر‏.‏
وعامة البيهسية على أن العلم والإقرار والعمل كله إيمان، وذهب قوم منهم إلى أنه لا يحرم سوى ما ورد في قوله تعالى‏:‏{‏ قل لا أجد فيما أوحى إلى محرماً على طاعم يطعمه‏}[الأنعام:145]،‏ وما سوى ذلك فكله حلال .
ومن البيهسية قوم يقال لهم‏:‏ العونية وهم فرقتان‏:‏
        فرقة تقول‏:‏ من رجع من دار الهجرة إلى القعود برئنا منه وفرقة تقول‏:‏ بل نتولاهم لأنهم رجعوا إلى أمر كان حلالاً لهم‏.‏
        والفرقتان اجتمعتا على أن الإمام إذا كفر كفرت الرعية‏:‏ الغائب منهم والشاهد‏.‏
        ومن البيهسية صنف يقال لهم‏:‏ أصحاب التفسير زعموا‏:‏ أن من شهد من المسلمين شهادة أخذ‏:‏ بتفسيرها وكيفيتها‏.‏
        وصنف يقال لهم‏:‏ أصحاب السؤال‏:‏ قالوا‏:‏ إن الرجل يكون مسلماً‏:‏ إذا شهد الشهادتين وتبرأ وتولى وآمن بما جاء من عند الله جملة وإن لم يعم فيسأل ما افترض الله عليه ولا يضره أن لا يعلم حتى يبتلي به فيسأل ،وإن واقع حراماً لم يعلم تحريمه فقد كفر ،وقالوا في الأطفال بقول الثعلبية‏:‏ إن أطفال المؤمنين مؤمنون وأطفال الكافرين كافرون‏.‏
        ووافقوا القدرية في القدر وقالوا‏:‏ إن الله تعالى فوض إلى العباد فليس لله في أعمال العباد مشيئة‏.‏ فبرئت منهم عامة البيهسية‏.‏
        وقال بعض البيهسية‏:‏ إن واقع الرجل حراما لم يحكم بكفره حتى يرفع أمره إلى الإمام الوالي ويحده وكل ما ليس فيه حد فهو مغفور‏.‏
        وقال بعضهم‏:‏ إن السكر إذا كان من شراب حلال فلا يؤاخذ صاحبه بما قال فيه وفعل‏.‏
        وقالت العونية‏:‏ السكر كفر ولا يشهدون أنه كفر ما لم ينضم إليه كبيرة أخرى‏:‏ من ترك الصلاة أو قذف المحصن‏
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصحاب صالح بن مسرح
        يقول الشهرستاني :ولم يبلغنا عنه أنه أحدث قولاً تميز به عن أصحابه، فخرج على بشر بن مروان فبعث إليه بشر الحارث بن عميرة أو الأشعث بن عميرة الهمذاني، أنفذه الحجاج لقتاله، فأصابت صالحا جراحة في قصر جلولاء
فاستخلف مكانه شبيب بن يزيد بن نعيم الشيباني المكنى بأبي الصحارى، وهو الذي غلب على الكوفة وقتل من جيش الحجاج أربعة وعشرين أميراً كلهم أمراء الجيوش ثم انهزم إلى الأهواز وغرق في نهر الأهواز، وهو يقول‏:{‏ ذلك تقدير العزيز العليم‏.}[يس:38]‏
        وذكر اليمان‏:‏ أن الشبيبية يسمون‏:‏ مرجئة الخوارج لما ذهبوا إليه من الوقف في أمر صالح‏.‏ ويحكى عنه‏:‏ أنه برئ منه وفارقه ثم خرج يدعي الإمامة لنفسه‏.ومذهب شبيب ما ذكرناه‏.‏ من مذاهب البيهسية إلا أن شوكته وقوته ومقاماته مع المخالفين‏.‏ مما لم يكن لخارج من الخوارج‏.‏وقصته مذكورة في التواريخ‏
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العجاردة
        أصحاب عبد الكريم بن عجرد‏.‏ وافق النجدات في بدعهم وقيل‏:‏ إنه كان من أصحاب أبي بيهس ثم خالفه وتفرد بقوله‏:‏ تجب البراءة عن الطفل حتى يدعى إلى الإسلام ويجب دعاؤه إذا بلغ وأطفال المشركين في النار مع آبائهم ولا يرى المال فيئاً حتى يقتل صاحبه وهم يتولون القعدة إذا عرفوهم بالديانة ويرون الهجرة فضيلة لا فريضة ويكفرون بالكبائر ويحكى عنهم‏:‏ أنهم ينكرون كون سورة يوسف من القرآن ويزعمون أنها قصة من القصص قالوا‏:‏ ولا يجوز أن تكون قصة العشق من القرآن‏.‏
        ثم إن العجاردة‏:‏ افترقوا أصنافاً ولكل صنف مذهب على حياله إلا أنهم لما كانوا من جملة العجاردة أوردناهم على حكم التفصيل بالجدول والضلع وهم‏:‏
الصلتية‏:
‏         أصحاب عثمان بن أبي الصلت والصلت بن أبي الصلت‏.‏ تفردوا عن العجاردة بأن الرجل إذا أسلم توليناه وتبرأنا من أطفاله حتى يدركوا فيقبلوا الإسلام‏.‏ ويحكى عن جماعة منهم‏:‏ أنهم قالوا‏:‏ ليس لأطفال المشركين والمسلمين ولاية ولا عداوة حتى يبلغوا فيدعوا إلى الإسلام فيقروا أو ينكروا‏.‏
الميمونية
        أصحاب ميمون بن خالد‏.‏ كان من جملة العجاردة إلا أنه تفرد عنهم‏:‏ بإثبات القدر خيره وشره من العبد‏.‏ وإثبات الفعل للعبد‏:‏ خلقاً وإبداعاً‏.‏ وإثبات الاستطاعة قبل الفعل‏.‏ والقول بأن الله تعالى يريد الخير دون الشر وليس له مشيئة في معاصي العباد‏.‏ وذكر الحسين الكرابيسي في كتابه الذي حكى فيه مقالات الخوارج‏:‏ أن الميمونية يجيزون نكاح بنات البنات وبنات أولاد الاخوة والأخوات وقالوا‏:‏ إن الله تعالى حرم نكاح البنات وبنات الاخوة والأخوات ولم يحرم نكاح بنات أولاد هؤلاء‏.‏ وحكى الكعبي والأشعري عن الميمونية إنكارها كون سورة يوسف من القرآن‏.وقالوا بوجوب قتال السلطان وحده ومن رضي بحكمه فأما من أنكره فلا يجوز قتاله‏:‏ إلا إذا أعان عليه أو طعن في دين الخوارج أو صار دليلاً للسلطان وأطفال المشركين عندهم في الجنة
الحمزية‏:‏
أصحاب‏:‏ حمزة بن أدرك‏.‏
        وافقوا الميمونية في القدر وفي سائر‏:‏ بدعها‏.‏ إلا في أطفال مخالفيهم والمشركين فإنهم قالوا‏:‏ هؤلاء كلهم في النار‏.‏ وكان حمزة من أصحاب الحسين بن الرقاد الذي خرج بسجستان من أهل أوق وخالفه خلف الخارجي في القول بالقدر واستحقاق الرئاسة فبرئ كل واحد منهما عن صاحبه‏.‏ وجوز حمزة إمامين في عصر واحد ما لم تجتمع الكلمة ولم تقهر الأعداء‏.‏
الخلفية
        أصحاب خلف الخارجي وهم من خوارج كرمان ومكران‏.‏ خالفوا الحمزية في القول بالقدر وأضافوا القدر خيره وشره إلى الله تعالى وسلكوا في ذلك مذهب أهل السنة وقالوا‏:‏ الحمزية ناقضوا حيث قالوا‏:‏ لو عذب الله العباد على أفعال قدرها عليهم أو على ما لم يفعلوه كان ظالماً‏.‏وقضوا بأن أطفال المشركين في النار ولا عمل لهم ولا ترك‏.‏ وهذا من أعجب ما يعتقد من التناقض‏!‏
الأطرافية
        فرقة على مذهب حمزة في القول بالقدر‏.‏إلا أنهم عذروا أصحاب الأطراف في ترك ما لم يعرفوه من الشريعة إذا أتوا بما يعرف لزومه من طريق العقل‏.‏ وأثبتوا واجبات عقلية كما قالت القدرية‏.‏ ورئيسهم‏:‏ غالب بن شاذك من سجستان‏.‏ وخالفهم عبد الله السديورى وتبرأ منهم‏.‏
الشعيبية
        أصحاب شعيب بن محمد وكان مع ميمون من جملة العجاردة إلا أنه برئ منه حين أظهر القول بالقدر‏.‏ قال شعيب‏:‏ إن الله تعالى خالق أعمال العباد‏.‏والعبد‏:‏ مكتسب لها‏:‏ قدرة وإرادة مسئول عنها‏:‏ خيراً وشراً مجازى عليها‏:‏ ثواباً وعقاباً‏.ولا يكون شئ في الوجود إلا بمشيئة الله تعالى‏.‏ وهو‏:‏ على بدع الخوارج في الإمامة والوعيد وعلى بدع العجاردة في‏:‏ حكم الأطفال وحكم القعدة ة الولي والتبري‏.‏
الحازمية         أصحاب حازم بن علي‏.أخذوا بقول شعيب في أن الله تعالى خالق أعمال العباد ولا يكون في سلطانه إلا ما يشاء‏.‏ وقالوا بالموافاة وأن الله تعالى‏:‏ إنما يتولى العباد على ما علم أنهم صائرون إليه في آخر أمرهم من الإيمان ويتبرأ منهم على ما علم أنهم صائرون إليه في آخر أمرهم من الكفر‏.‏ وأنه سبحانه لم يزل محباً لأوليائه مبغضاً لأعدائه‏.‏ ويحكى عنهم أنهم يتوقفون في أمر علي رضي الله عنه ولا يصرحون بالبراءة عنه‏.ويصرحون بالبراءة في حق غيره‏
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثعالبة
        أصحاب ثعلبة بن عامر‏.‏كان مع عبد الكريم بن عجرد يداً واحدة إلى أن اختلفا في أمر الأطفال فقال ثعلبة‏:‏ إنا على ولايتهم‏:‏ صغاراً وكباراً حتى نرى منهم إنكاراً للحق ورضاً بالجور‏.‏فتبرأت العجاردة من ثعلبة‏.‏ونقل عنه أيضاً أنه قال‏:‏ ليس له حكم في حال الطفولة من ولاية وعداوة حتى يدركوا ويدعوا فإن قبلوا فذاك وإن أنكروا كفروا‏.‏وكان يرى‏:‏ أخذ الزكاة من عبيدهم إذا استغنوا وإعطاءهم منها إذا افتقروا‏.‏
الأخنسية‏:
        أصحاب‏:‏ أخنس بن قيس‏.‏من جملة الثعالبة‏.‏ وانفرد عنهم بأن قال‏:‏ أتوقف في جميع من كان في دار التقية من أهل القبلة إلا من عرف منه إيمان فأتولاه عليه أو كفر فأتبرأ منه‏.وحرموا الاغتيال والقتل والسرقة في السر‏.ولا يبدأ أحد من أهل القبلة بالقتال حتى يدعي إلى الدين فإن امتنع قوتل سور من عرفوه بعينه على خلاف قولهم‏.‏وقيل إنهم جوزوا‏:‏ تزويج المسلمات من مشركي قومهم‏:‏ أصحاب الكبائر‏.‏وهم على أصول الخوارج في سائر المسائل‏.‏
المعبدية
        أصحاب معبد بن عبد الرحمن كان من جملة الثعالبة‏.خالف الأخنس في الخطأ الذي وقع له تزويج المسلمات من مشرك‏.‏ وخالف ثعلبة فيما حكم من أخذ الزكاة من عبيدهم وقال‏:‏ غني لا أبرأ منه بذلك ولا أدع اجتهادي في خلافه‏.وجوزوا أن تصير سهام الصدقة سهماً واحداً في حال التقية‏.‏
الرشيدية
        أصحاب رشيد الطوسي ويقال لهم العشرية‏.وأصلهم‏:‏ أن الثعالبة كانوا يوجبون فيما سقى بالأنهار والقنى نصف العشر فأخبرهم زياد بن عبد الرحمن‏:‏ أن فيه العشر ولا تجوز البراءة ممن قال‏:‏ فيه نصف العشر قبل هذا‏.‏ فقال‏:‏ رشيد إن لم تجز البرءة منهم فإنا نعمل بما عملوا فافترقوا في ذلك فرقتين‏.‏
الشيبانية
        أصحاب شيبان بن سلمة‏.الخارج في أيام أبي مسلم وهو المعين له ولعلي بن الكرماني على نصر بن سيار وكان من الثعالبة فلما أعانهما برئت منه الخوارج‏.‏ فلما قتل شيبان ذكر قوم توبته فقالت الثعالبة‏:‏ لا تصح توبته لأنه قتل الموافقين لنا في المذهب وأخذ أموالهم ولا تقبل توبة من‏:‏ قتل مسلماً وأخذ ماله إلا بأن يقتص من نفسه ويرد الأموال أو يوهب له ذلك‏.‏
ومن مذهب شيبان‏:‏ أنه قال بالجبر ووافق جهم بن صفوان في مذهبه إلى الجبر ونفى القدرة الحادثة‏.وينقل عن زياد ابن عبد الرحمن الشيباني أبي خالد‏:‏ أنه قال‏:‏ إن الله تعالى لم يعلم حتى خلق لنفسه علماً وأن الأشياء إنما تصير معلومة له عند حدوثها ووجودها‏.‏ونقل عنه أنه تبرأ من شيبان وأكفره حين نصر الرجلين‏.فوقعت عامة الشيبانية‏:‏ بجرحان ونسا وأرمينية‏.‏والذي تولى شيبان وقال بتوبته‏:‏ عطية الجرجاني وأصحابه‏.‏
المكرمية
        أصحاب مكرم بن عبد الله العجلي كان من جملة الثعالبة وتفرد عنهم بأن قال‏:‏ تارك الصلاة‏:‏ كافر لا من أجل ترك الصلاة ولكن من أجل جهله بالله تعالى‏.وطرد هذا في كل كبيرة يرتكبها الإنسان وقال غنما يكفر لجهله بالله تعالى وذلك أن العرف بوحدانية الله تعالى وأنه اطلع على سره وعلانيته المجازى على طاعته ومعصيته أن يتصور منه الإقدام على المعصية والاجتراء على الخالفة ما لم يغفل عن هذه المعرفة ولا يبالي بالتكليف منه وعن هذا قال النبي عليه السلام‏:‏ ‏"‏ لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ‏"‏‏.الخبر‏.‏
        وخالفوا الثعالبة في هذا القول‏.وقالوا‏:‏ بإيمان الموافاة والحكم بأن الله تعالى إنما يتولى عباده ويعاديهم على ما هم صائرون إليه من موافاة الموت لا على أعمالهم التي هم فيها فإن ذلك ليس بموثوق به إصراراً عليه ما لم يصل المرء إلى آخر عمره ونهاية أجله فحينئذ إن بقى على ما يعتقده فذلك هو الإيمان فنواليه وإن لم يبق فنعاديه وكذلك في حق الله تعالى‏:‏ حكم الموالاة والمعاداة على ما علم منه حال الموافاة‏.وكلهم على هذا القول‏.‏
المعلومية والمجهولية
        كانوا في الأصل حازمية إلا أن المعلومية قالت‏:‏ من لم يعرف الله تعالى بجميع أسمائه وصفاته فهو جاهل به حتى يصير عالماً بجميع ذلك فيكون مؤمناً‏.‏ وقالت‏:‏ الاستطاعة مع الفعل والفعل مخلوق للعبد فبرئت منهم الحازمية‏.‏
        وأما المجهولية فإنهم قالوا‏:‏ من علم بعض أسماء الله تعالى وصفاته وجهل بعضها فقد عرفه تعالى‏.وقالت‏:‏ إن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى
البدعية‏:‏        أصحاب‏:‏ يحيى بن أصدم‏.‏ أبدعوا‏:‏ القول بأن نقطع على أنفسنا بأن من اعتقد اعتقادنا فهو من أهل الجنة ولا نقول‏:‏ إن شاء الله فإن ذلك شك في الاعتقاد ومن قال‏:‏ أنا مؤمن إن شاء الله فهو شاك‏.‏ فنحن من أهل الجنة قطعاً من غير ذلك‏
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإباضية
        أصحاب‏:‏ عبد الله بن إباض الذي خرج في أيام مروان بن محمد فوجه إليه عبد الله بن محمد بن عطية فقاتله بتبالة‏.وقيل إن عبد الله بن يحيى الإباضي كان رفيقاً له في جميع أحواله وأقواله‏.قال‏:‏ إن مخالفينا من أهل القبلة كفار غير مشركين ومناكحتهم جائزة وموارثتهم حلال وغنيمة أموالهم من السلاح والكراع عند الحرب حلال وما سواه حرام‏.‏ وحرام قتلهم وسبيهم في السر غيلة إلا بعد نصب القتال وإقامة الحجة‏.‏
        وقالوا‏:‏ إن دار مخالفيهم من أهل الإسلام دار التوحيد إلا معسكر السلطان فإنه دار بغي وأجازوا شهادة مخالفيهم على أوليائهم‏.وقالوا في مرتكبي الكبائر‏:‏ إنهم موحدون لا مؤمنون‏.‏وحكى الكعبي عنهم‏:‏ أن الاستطاعة عرض من الأعراض وهي قبل الفعل بها يحصل الفعل‏.‏ وأفعال العباد‏:‏ مخلوقة لله تعالى‏:‏ إحداثاً وإبداعاً ومكتسبة للعبد‏:‏ حقيقة لا مجازاً‏.‏
        ولا يسمون إمامهم‏:‏ أمير المؤمنين ولا أنفسهم‏:‏ مهاجرين‏.‏ وقالوا‏:‏ العالم يفنى كله إذا فني أهل التكليف‏.‏قال‏:‏ وأجمعوا على أن من ارتكب كبيرة من الكبائر كفركفر النعمة لا كفر الملة‏.‏ وتوقفوا في أطفال المشركين وجوزوا تعذيبهم على سبيل الانتقام وأجازوا أن يدخلوا الجنة تفضلاً‏.‏ وحكى الكعبي عنهم‏:‏ إنهم قالوا بطاعة لا يراد بها الله تعالى كما قال أبو الهذيل‏.‏
ثم اختلفوا في النفاق‏:‏ أيسمى شركاً أم لا قالوا‏:‏ إن المنافقين في عهد رسول الله صل الله عليه وسلم كانوا موحدين إلا أنهم ارتكبوا الكبائر فكفروا بالكبر لا بالشرك‏.‏
        وقالوا‏:‏ كل شئ أمر الله تعالى به فهو‏:‏ عام ليس بخاص وقد أمر به المؤمن والكافر وليس في القرآن خصوص‏.‏
        وقالوا‏:‏ لا يخلق الله تعالى شيئا إلا دليلاً على وحدانيته ولا بد أن يدل به واحداً‏.‏وقال قوم منهم‏:‏ يجوز أن يخلق الله تعالى رسولاً بلا دليل ويكلف العباد بما يوحي إليه إظهار المعجزة ولا يجب على الله تعالى ذلك إلى أن يخلق دليلاً ويظهر معجزة‏.‏وهم جماعة متفرقون في مذاهبهم تفرق‏:‏ الثعالبة والعجاردة‏.‏
الحفصية
وهم أصحاب‏:‏ حفص بن أبي المقدام‏.‏تميز عنهم بأنه قال‏:‏ إن بين الشرك والإيمان خصلة واحدة وهي معرفة الله تعالى وحده فمن عرفهن ثم كفر         بما سواه‏:‏ رسول أو كتاب أو قيامة أو جنة أو نار أو ارتكب الكبائر‏:‏ من الزنا والسرقة وشرب الخمر‏.فهو كافر لكنه بريء من الشرك‏.‏
الحارثية
        أصحاب الحارث الإباضي‏.‏خالف الإباضية‏:‏ في قوله بالقدر على مذهب المعتزلة وفي الاستطاعة قبل الفعل وفي إثبات طاعة لا يراد بها الله تعالى‏.‏
اليزيدية
        أصحاب يزيد بن أنيسة الذي قال بتولي المحكمة الأولى قبل الأزارقة وتبرأ ممن بعدهم إلا الإباضية فإنه يتولاهم‏.‏ وزعم أن الله تعالى سيبعث رسولاً من العجم وينزل عليه كتاباً، قد كتب في السماء ،وينزل عليه جملة واحدة، ويترك شريعة المصطفى محمد عليه السلام ويكون على ملة الصابئة المذكورة في القرآن وليست هي الصائبة الموجودة‏ بحران ، وواسط
وتولى يزيد من شهد لمحمد المصطفى عليه السلام من أهل الكتاب بالنبوة وإن لم يدخل في دينه‏.‏وقال‏:‏ إن أصحاب الحدود‏:‏ من موافقيه وغيرهم‏:‏ كفار مشركون‏.‏ وكل ذنب صغير أو كبير فهو شرك‏


.... يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:28 am

... تابع

الخوارج


الصفرية الزيادية
        أصحاب زياد بن صفر‏.خالفوا‏:‏ الأزارقة والنجدات والإباضية في أمور منها‏:‏ أنهم لم يكفروا القعدة عن القتال إذا كانوا موافقين في الدين والاعتقاد ولم يسقطوا الرجم ولم يحكموا بقتل أطفال المشركون وتكفيرهم وتخليدهم في النار‏.‏وقالوا‏:‏ التقية جائزة قي القول دون العمل‏.‏
        وقالوا‏:‏ ما كان من الأعمال عليه حد واقع فلا يتعدى بأهله الاسم الذي لزمه به الحد كالزنا والسرقة والقذف فيسمى زانياً سارقاً قاذفاً لا‏:‏ كافراً مشركاً‏.‏وما كان من الكبائر مما ليس فيه حد لعظم قدره مثل‏:‏ ترك الصلاة والفرار من الزحف فإنه يكفر بذلك‏.‏ونقل عن الضحاك منهم‏:‏ أنه يجوز تزويج المسلمات من كفار قومهم في دار التقية دون دار العلانية‏.‏ ورأى زياد ابن الأصفر جميع الصدقات سهماً واحداً في حال التقية‏.‏
        ويحكى عنه أنه قال‏:‏ نحن مؤمنون عند أنفسنا ولا ندري‏!‏ لعلنا خرجنا من الإيمان عند الله‏.‏ وقال‏:‏ الشرك شركان‏:‏ شرك هو‏:‏ طاعة الشيطان وشرك هو‏:‏ عبادة الأوثان‏.‏
والكفر كفران‏:‏ كفر بإنكار النعمة وكفر بإنكار الربوبية‏.‏
والبراءة براءتان‏:‏ براءة من أهل الحدود سنة وبراءة من أهل الجحود فريضة‏.‏
        ولنختتم المذاهب بذكر تتمة رجال الخوارج‏:‏
        من المتقدمين‏:‏ عكرمة وأبو هارون العبدي وأبو الشعثاء وإسماعيل بن سميع‏.‏
        ومن المتأخرين‏:‏ اليمان بن رباب‏:‏ ثعلبي ثم‏:‏ بيهسي وعبد الله بن يزيد ومحمد بن حرب ويحيى بن كامل‏.:إباضية‏.‏
        ومن شعرائهم‏:‏ عمران بن حطان وحبيب بن مرة صاحب الضحاك بن قيس‏.ومنهم أيضاً‏:‏ جهم بن صفوان وأبو مروان غيلان بن مسلم ومحمد بن عيسى‏:‏ برغوث وأبو الحسين كلثوم بن حبيب المهلبي وأبو بكر محمد بن عبد الله بن شبيب البصري وعلي بن حرملة وصالح قبة بن صبيح بن عمرو ومويس بن عمران البصري وأبو عبد الله بن مسلمة وأبو عبد الرحمن بن مسلمة والفضل بن عيسى الرقاشي وأبو زكريا يحيى بن أصفح وأبو الحسين محمد بن مسلم الصالحي وأبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسن الخالدي ومحمد بن صدقة وأبو الحسين علي بن زيد الإباضي وأبو عبد الله محمد بن كرام وكلثوم بن حبيب المرادي البصري‏.‏
        والذين اعتزلوا إلى جانب فلم يكونوا مع علي رضي الله عنه في حروبه ولا مع خصومه وقالوا‏:‏ لا ندخل في غمار الفتنة بين الصحابة رضي الله عنهم‏:‏ عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة الأنصاري وأسامة ابن زيد حارثة الكلبي مولى رسول الله صل الله عليه وسلم‏.‏
        وقال قيس بن حازم‏:‏ كنت مع علي رضي الله عنه في جميع أحواله وحروبه حتى قال يوم صفين‏:‏ ‏"‏ انفروا إلى بقية الأحزاب انفروا إلى من يقول‏:‏ كذب الله ورسوله وأنتم تقولون‏:‏ صدق الله ورسوله ‏"‏‏فعرفت أي شيء كان يعتقد في الجماعة‏:‏ فاعتزلت عنه‏


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




إبطال شبهات الخوارج في التكفير


        الخطيئة والإنسان اسمان بينهما من التلازم مثل الذي بين الشمس والظل، فالخطيئة تكاد تكون من طبيعة الإنسان وجبلته، وقد تعامل الإسلام مع العصاة بمنطق جمع بين الحكمة والرحمة فهو لم يطرد العصاة من رحمة الله، بل أمرهم بالتوبة والرجوع إليه، وحذرهم من المعاصي، وتوعدهم بالعقاب.


        وقد كان العاصي يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيعاتبه، ويأتيه آخر فيأمر بإقامة الحد عليه، ويأتيه آخر فيأمره بالتوبة والرجوع إلى الله، كل حسب معصيته وحكمها، إلا أن الثابت تواتراً أنه – صل الله عليه وسلم - لم يكن يعامل العصاة كما يعامل المرتدين الخارجين عن الإسلام، ولا أدل على ذلك من إقامة الحدود الشرعية فعلى الرغم من أن كل ما ترتب عليه حد فهو من الكبائر، إلا أن الشرع عاقب كل جريمة بحسبها، فالسارق تقطع يده، وشارب الخمر يجلد، وكذلك الزاني غير المحصن، ولو كانت هذه الكبائر كفراً لوجب قتل هؤلاء جميعاً ما لم يتوبوا .


        وفي قصة ماعز والغامدية أعظم دلالة على ذلك، فقد جاء ماعز إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – معترفاً بذنبه، فقال: ( إني زنيت، فأعرض عنه النبي - عليه الصلاة والسلام - حتى شهد على نفسه أربع شهادات، فأقبل عليه النبي قائلاً: أبك جنون ؟ قال: لا، يا رسول الله، فقال: أتزوجت، قال: نعم يا رسول الله، فقال النبي للصحابة: اذهبوا به، فارجموه ) رواه البخاري ، وتخلف ثلاثة من الصحابة عن غزوة تبوك في وقت كان النفير فيه عاماً، وكان الجهاد واجباً على كل قادر، فلما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - واعتذر المنافقون عن تخلفهم، شعر هؤلاء الصحابة بعظم ما اقترفوا من التخلف عن النبي – صلى الله عليه وسلم – والجهاد معه، فاعترفوا بذنبهم، وأدركوا خطأهم، فأعرض عنهم النبي - صل الله عليه وسلم – وهجرهم عقوبة لهم، غير أنه لم يعاملهم معاملة المرتدين الكافرين .


        ومضى على هذا النهج الخلفاء الراشدون، مستندين في تعاملهم مع أصحاب الكبائر على ما دلت عليه دلائل الكتاب والسنة، وما علموه من سيرة نبي الأمة .


        حيث دلَّ القرآن في آيات كثيرة على عدم كفر العصاة كقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان }(البقرة: 78) فقد سمى الله القاتل أخاً في الدين، ولو كان كافرا لنفى عنه الأخوة الإيمانية .


        وقوله تعالى: { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين - إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون }(الحجرات: 9) فقد أثبت الله الإيمان للطائفتين المتقاتلين رغم كون إحداهما باغية، والبغي - ولا سيما في دماء المؤمنين - من أعظم الكبائر وأشنعها، ومع ذلك سمى الله المتصفين به مؤمنين، ودعاهم إلى الصلح والتوبة .


        ومن الآيات الدالة على عدم تكفير مرتكبي الكبائر، قوله تعالى: { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء }(النساء: 48) حيث قسّم سبحانه الذنوب إلى قسمين: ذنوب لا يغفرها الله - لمن مات مصراً عليها - وهي الشرك، وذنوب أصحابها تحت مشيئة الله، إن شاء غفر لهم، وإن شاء عاقبهم، ولا شك أن السرقة، وشرب الخمر، وقتل النفس المعصومة، ذنوب دون الشرك، ولا يمكن مساواتها به، فأصحابها تحت مشيئة الله إن شاء عذبهم فترة من الزمن، ثم يخرجهم من النار بتوحيدهم على ما دلت عليه أحاديث الشفاعة، وإن شاء عفا عنهم وأدخلهم الجنة برحمته .


        هذه بعض أدلة القرآن الكريم على عدم تكفير مرتكبي الكبائر، أما أدلة السنة فكثيرة جداً، بلغت مبلغ التواتر، فمنها حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لجماعة من أصحابه: ( بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه ) فبايعناه على ذلك . متفق عليه . وهو حديث صحيح صريح بيّن فيه النبي - صل الله عليه وسلم – أن أصحاب الكبائر من السراق والزناة والقتلة إن أقيم عليهم الحد في الدنيا فهو كفارة لهم عن خطاياهم، وإن قدموا على الله بتلك الذنوب فهم تحت مشيئته إن شاء عفا عنهم، وإن شاء عاقبهم، ودخولهم تحت المشيئة دليل على عدم كفرهم، لأن مصير الكفار محسوم، وهو النار وبئس المصير .


        ومن أدلة السنة على عدم تكفير أصحاب الكبائر، حديث أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه – أن النبي - صل الله عليه وسلم - قال: ( ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة، قلت: وإن زنى وإن سرق، قال: وإن زنى وإن سرق، قلت: وإن زنى وإن سرق، قال: وإن زنى وإن سرق، قلت: وإن زنى وإن سرق، قال: وإن زنى وإن سرق، على رغم أنف أبي ذر ) متفق عليه . وهو حديث صريح في أن هذه الكبائر لا تبطل التوحيد، ولا تحول دون دخول الموحد الجنة، حتى وإن عوقب عليها .


        ومن الأدلة أيضاً حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صل الله عليه وسلم - : ( خمس صلوات كتبهن الله على العباد، من جاء بهن لم يضيع منهن شيئاً، استخفافاً بحقهن، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة ) رواه أبو داود و النسائي . فترك الصلاة من أكبر الكبائر عند الله، ومع ذلك فقد نص الحديث على أن التارك لها تحت مشيئة الله إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له .


        ومنها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: ( أتدرون من المفلس ؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له، ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار ) رواه مسلم . فقد أثبت النبي – صل الله عليه وسلم - أن الظالم الذي سفك الدماء، وقذف العفيفات، وأكل أموال الناس بالباطل، قد تكون له حسنات يُقْتَصُّ للناس منها، ولو كان كافراً لم تكن له حسنات، لأن الكفر يبطل كل عمل صالح، كما قال تعالى: { ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون }(الأنعام: 88) .


        ومن الأحاديث أيضاً حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله - صل الله عليه وسلم – يقول: قال الله: ( يا بن آدم: إنك لو أتيتني بقراب الأرض – ما يقارب ملأها - خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرة ) رواه الترمذي . ولا شك أن من لقي الله بالمعاصي كالزنا والسرقة والقتل لم يلقه مشركاً، فهو داخل تحت هذا الوعد الإلهي بالمغفرة والصفح .


        ومن الأدلة أيضاً على عدم كفر أصحاب الكبائر أحاديث الشفاعة، وهي أحاديث تنص على خروج طوائف من عصاة الأمة من النار بعد أن دخلوها بذنوبهم، كحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ( أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم - أو قال – خطاياهم، فأماتهم إماتة، حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر – أي جماعات - فبثوا على أنهار الجنة، ثم قيل: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل ) رواه مسلم .
        وحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير ) رواه البخاري ومسلم ، وهي أحاديث صحيحة نص العلماء على تواترها منهم شيخ الإسلام ابن تيمية ، والحافظ ابن حجر العسقلاني ، و السخاوي ، والقاضي عياض وغيرهم، يقول الإمام البيهقي في "شعب الإيمان" : " وقد ورد عن سيدنا المصطفي - صل الله عليه وسلم - في إثبات الشفاعة وإخراج قوم من أهل التوحيد من النار، وإدخالهم في الجنة أخبار صحيحة قد صارت من الاستفاضة والشهرة بحيث قاربت الأخبار المتواترة، وكذلك في مغفرة الله تبارك وتعالى جماعة من أهل الكبائر دون الشرك من غير تعذيب فضلا منه ورحمة والله واسع كريم " .
------


أدلة الخوارج في تكفير عصاة الأمة


        وبناء على ما سبق قد يسأل سائل إذا كانت أدلة أهل السنة والجماعة على عدم تكفير أصحاب الكبائر بهذه الكثرة، وبهذا الوضوح، فعلى ماذا اعتمد من خالفهم ؟ وكيف تأتّى لمخالفيهم تكفير عصاة الأمة وفساقها ؟


        والجواب عن هذا أن أول من ابتدع القول بكفر أصحاب الكبائر هم الخوارج، وكان كلامهم ونقدهم – في بدايته - مسلطاً على الحكام، الذين وقعت منهم معاص استحقوا الكفر بسببها – من وجهة نظرهم –، فكفَّر الخوارج الحكام أولاً، ثم عمموا القول بالتكفير على كل أصحاب الكبائر، وبذلك يظهر أن مسلك التكفير لم يكن مسلكا علميا بحتا قاد إليه الكتاب والسنة، وإنما كان مسلكاً قادت إليه الحماسة الزائدة، وظروف الحرب السائدة آنذاك بين علي ومعاوية - رضي الله عنهما –.


        ثم تطورت الفكرة بعد ذلك، واضطر أصحابها إلى الاستدلال لها من الكتاب والسنة، فزعموا أن القرآن والسنة مليئان بأدلة تكفير العصاة، وذكروا كثيرا من الأمثلة والتي يمكن تقسيمها إلى أقسام:


        القسم الأول: أدلة تخليد العصاة في النار: كقوله تعالى: { بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } (البقرة:81 ) فقالوا إن لفظ "سيئة " نكرة في سياق الشرط فتعم كل سيئة، وأصحاب الكبائر مرتكبون للسيئات بلا شك فهم خالدون في النار بحسب استدلالهم .


        ومما استدلوا به قوله تعالى: { ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين }(البقرة: 275) حيث نصت الآية على أن العصيان وتجاوز حدود الله موجب للعذاب والخلود في النار، ولا يخلد في النار إلا كافر .


        وذكروا أيضاً بعض الأدلة الخاصة التي تؤيد عموم الآيات السابقة، منها قوله تعالى في أكلة الربا: { فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون }(البقرة: 275). وقوله في قاتل المؤمن: { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما }(النساء: 93) وقول النبي - صل الله عليه وسلم - في قاتل نفسه: ( من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ – يطعن - بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحساه – يشربه - في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا ) رواه مسلم .


        القسم الثاني: أدلة تنفي دخول أصحاب المعاصي الجنة: كقوله - صل الله عليه وسلم -: ( لا يدخل الجنة قاطع رحم ) رواه مسلم ، وقوله: ( لا يدخل الجنة نمام ) رواه مسلم . وقوله: ( لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه ) رواه مسلم ، وقوله: ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) رواه مسلم . وغيرها من الأحاديث التي تنفي دخول العصاة الجنة .


        القسم الثالث: أدلة تصرّح بكفر بعض أصحاب الكبائر: كقوله - عليه الصلاة والسلام – ( أيما عبد أبق – هرب - من مواليه فقد كفر حتى يرجع إليهم ) رواه مسلم ، وقوله : ( من أتى حائضاً، أو امرأة في دبرها، أو كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد ) رواه الترمذي ، وقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) رواه الترمذي وقوله: ( لا ترغبوا عن آبائكم فإنه من رغب عن أبيه فقد كفر ) رواه ابن حبان وغيرها من الأحاديث التي فيها التصريح بتكفير من أذنب ذنبا معيناً.


        القسم الرابع: أدلة تنفي الإيمان عمن ارتكب بعض الكبائر، كقوله - صل الله عليه وسلم -: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ) متفق عليه، وكقوله : ( لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له ) رواه أحمد ، وكقوله : ( والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن قيل: من يا رسول الله ؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه – شره - ) رواه البخاري .
----


الرد على شبهات الخوارج في تكفير أصحاب الكبائر


        والرد على ما ذكروه من أدلة في القسم الأول من أوجه:
        الوجه الأول: أن جميع الأدلة التي احتجوا بها أدلة عامة، وأدلة أهل السنة أدلة خاصة، والخاص يقدم على العام .
        الوجه الثاني: أن أدلتهم التي استدلوا بها لم يقولوا هم أنفسهم بعمومها، بل أخرجوا من عمومها صغائر الذنوب فلم يُكفِّروا بها، وإذا جاز إخراج صغائر الذنوب من عموم تلك الأدلة وتخصيصها بأدلة أخرى، فلم لا يجوز إخراج أصحاب الكبائر للأدلة الكثيرة والمتواترة التي تصرح بعدم كفر مرتكب الكبيرة .


        الوجه الثالث: أن اعتمادهم على هذه مبني على تصورهم أن الخلود المنصوص عليه فيها يُقصد به الخلود الأبدي الذي لا ينقطع، وهو تصور مردود لأن الخلود يطلق ويراد به الخلود الأبدي السرمدي، ويطلق ويراد به المكث الطويل، تقول العرب في الرجل المسن إِذا بقـي سواد رأْسه ولـحيته علـى الكبر: إِنه لـمخـلِد، ويقال للرجل إِذا لـم تسقط أَسنانه من الهرم: إِنه لـمخـلِد . وإذا كان معنى الخلود يحتمل كل هذه المعاني فمن المتعين حمله في الآيات التي استدلوا بها على الخلود غير الأبدي وذلك للجمع بين الأدلة .


        وقد يعترض على هذا بأنه إذا جاز حمل الخلود الوارد في النصوص السابقة على الخلود غير الأبدي، فكيف يصح حمله إذا اقترن الخلود بالأبد كقوله – صل الله عليه وسلم – في القاتل نفسه : ( فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا ) والجواب عن هذا من وجهين:
الوجه الأول: أن يضمّن معنى الاستحلال، فيكون المعنى أن من قتل نفسه مستحلا قتلها، فهو كافر، والكافر خالد في النار خلودا أبدياً.


        الثاني: أن المنتحر قد يقع في الكفر إذا يأس من فرج الله، وقنط من رحمته، فاعتقد أن الله غير قادر على تفريج همه، وإذهاب غمه، وبهذا الاعتقاد يستحق الخلود الأبدي في النار على كفره، قال تعالى: { ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون }(يوسف:87) أي لا ينقطع رجاؤكم في ربكم، ولا أملكم في رحمته، فإن ذلك شأن الكافرين الذين لا يعتقدون عموم قدرة الله عز وجل وشمولها لكل شيء .


        أما الرد على ما ذكروه من أدلة في القسم الثاني والتي تنص على عدم دخول بعض أصحاب المعاصي الجنة، فليست صريحة في كفرهم، وخروجهم عن الإسلام، لأن النبي – صل الله عليه وسلم – لم يقل: إنهم لن يدخلوا الجنة مطلقاً، بل يحتمل كلامه أنهم لن يدخلوها مع أوائل الداخلين، بل سيدخلونها متأخرين عن غيرهم ؟ ويحتمل أنهم سيدخلونها بعد عقوبة وعذاب ؟ كل هذه الاحتمالات واردة . والذي يرجح أحدها هو النظر في الأدلة الأخرى، والتي دلت على أنه لن يخلد في النار موحد كما في أحاديث الشفاعة . وعليه يجب حمل هذا القسم من الأدلة على غيرها من الأدلة المصرحة بخروج الموحدين من النار .


        على أن هناك محملاً آخر يمكن حمل كل تلك الأدلة عليه، وهو بتضمين معنى الاستحلال فيها، فيكون معنى قوله - صل الله عليه وسلم - : لا يدخل الجنة قاطع رحم، أي: لا يدخل الجنة من استحل قطيعة الرحم، ولا يدخل الجنة من استحل النميمة، ولا يدخل الجنة من استحل أذية جاره، ولا يدخل الجنة من استحل الكبر وهكذا، فيتعلق الحكم بعدم دخول الجنة مطلقا لمن استحل معلوما من الدين بالضرورة لأنه بذلك يكون كافرا لتكذيبه الله في حكمه .
        أما الردُّ على ما ذكروه من أدلة القسم الثالث: وهو التصريح بكفر بعض أصحاب الكبائر، كالعبد الآبق، ومن انتسب لغير والده مع علمه به، ومن أتى حائضاً وغيرهم، فهي كذلك ليست صريحة في الحكم بالكفر المخرج من الملة، إذ من المعلوم أن الكفر في نصوص الشرع كفران: كفر مخرج من الإسلام، وكفر غير مخرج منه، وعليه فليس كل ذنب أطلق الشارع عليه كفراً يكون صاحبه كافراً خارجاً من الدين، بدليل أن الشرع أطلق الكفر على جحود الزوجة حق زوجها، وليس ذلك بكفر مخرج من الإسلام، وأطلق الكفر على جحد النعم وعدم شكرها، كما في قوله تعالى: { لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد }(إبراهيم:7) .
        وعليه فلفظ الكفر لا يعني بالضرورة الكفر المخرج من الملة، وإنما قد يستعمل في غيره، وبالتالي فلا يصح الاستدلال بما ذكروا من أدلة على تكفير أصحاب الكبائر، لجواز حملها على كفر النعمة والكفر الأصغر، وهو ما يقتضيه واجب الجمع بين الأدلة، والمصير إلى هذا التأويل هو من باب تقديم الدليل الأقوى على ما دونه فأدلة عدم تكفير أصحاب الكبائر تمتاز بأنها قطعية ومتواترة وإجماع السلف على وفقها، فكل دليل يخالفها يجب تأويله وحمله على ما يتفق وهذه النصوص .


        أما الرد على ما ذكروه من أدلة في القسم الرابع من أن نصوص الشرع نفت الإيمان عن بعض أصحاب الكبائر فيقال: إن نفي الإيمان لا يقتضي الكفر بإطلاق، وإنما يطلق ويراد به نقصان الإيمان وعدم كماله، والدليل على ذلك أن النبي – صلى الله عليه وسلم - وإن نفى الإيمان في قوله: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) فقد أثبته في موضع آخر حين قال: ( ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة، وإن زنى وإن سرق ) ومقتضى الجمع بين النصوص أن يقال إن ما نفاه النبي - صل الله عليه وسلم - غير ما أثبته فالذي نفاه هو كمال الإيمان والذي أثبته هو أصل الإيمان الواجب .
        والتعبير بنفي الشيء وإرادة نفي الكمال أمر معروف في استعمال الناس كما يقال: لا سعادة في هذه الحياة، والمراد نفي كمال السعادة لا مطلق السعادة، وكما يقال لا خير في هذا الولد، والمراد نفي كمال الخير لا مطلق الخير، وعليه فكل حديث ورد فيه نفي الإيمان عمن ارتكب كبيرة فلا يقتضي التكفير بإطلاق، وإنما المراد به نفي كمال الإيمان والتحذير من المعاصي لكونها تنقص إيمان المؤمن .


        وبهذا يظهر بطلان مذهب الخوارج وغيرهم ممن وافقهم في تكفير أصحاب الكبائر، والذي أدى بهم إلى تكفير عموم الأمة واستحلال دمائها وأموالها .


        ولا يخفى ما جرَّ هذا المذهب على الأمة من بلاء وفتن وآثار مدمرة، والعجب بعد ذلك أن يأتي من يدعي أن مذهب أهل السنة كان سببا في انتشار المعاصي في عموم الأمة، فانتشر الزنا والربا وشرب الخمور وغيرها، وهو قول لا ينم عن معرفة بمذهب أهل الحق، وإنما يدل على غرض سيء في التشنيع عليهم دون حجة أو برهان، ولو تأمل هذا القائل مذهب أهل السنة لما قال ما قال، فأهل السنة لم يقولوا: أن مجرد الإيمان يكفي، أو أن الذنوب لا تضر من عملها، كما تقول بذلك المرجئة، ولم يقولوا إن العاصي لا يعذب مطلقاً، وإنما مذهبهم أن العاصي تجب معاقبته في الدنيا زجراً له وليعتبر به غيره، وأنه مستحق للعقوبة في الآخرة، وأن جزءاً كبيراً من العصاة سيدخلون جهنم فترة قد تطول أو تقصر كل حسب ذنبه، ولا شك أن مجرد تصور دخول النار يبث الخوف والرهبة في قلوب المسلمين وله أثره البالغ في التحذير من الذنوب والمعاصي .


        ثم إننا لو نظرنا إلى أثر مذهب تكفير العصاة على الأمة لوجدنا أن كثيراً من الناس لا يكاد يخلو عن كبيرة يقترفها، والعاصي إذا وجد أنه كلما فعل كبيرة خرج من الإسلام، ربما دخل عليه الشيطان من هذا المدخل فوسوس له بالقول: إذا كنت كلما دخلت الإسلام خرجت منه، فلا أنت قادر على الكف على المعاصي، ولا أنت باق على الإسلام، فلم التعب والمشقة، فخير لك أن تبقى على كفرك !!. فبذلك تفسد الأمة وتخرج من دينها ويعم الباطل وينتشر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:29 am

المرجئة


المرجئة  هم فرقة إسلامية، خالفوا رأي الخوارج وكذلك أهل السنة في مرتكب الكبيرة وغيرها من الأمور العقدية، وقالوا بأن كل من آمن بوحدانية الله لا يمكن الحكم عليه بالكفر, لأن الحكم عليه موكول إلى الله تعالى وحده يوم القيامة, مهما كانت الذنوب التي اقترفها. وهم يستندون في اعتقادهم إلى قوله تعالى (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
العقيدة الأساسية عندهم عدم تكفير أي إنسان، أيا كان، ما دام قد اعتنق الإسلام ونطق بالشهادتين، مهما ارتكب من المعاصي، تاركين الفصل في أمره إلى الله تعالى وحده، لذلك كانوا يقولون: لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة. وقد نشأ هذا المذهب في أعقاب الخلاف السياسي الذي نشب بعد مقتل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، وعنه نشأ الاختلاف في مرتكب الكبيرة. فالخوارج يقولون بكفره والمرجئة يقولون برد أمره إلى الله تعالى إذا كان مؤمنا، وعلى هذا لا يمكن الحكم على أحد من المسلمين بالكفر مهما عظم ذنبه، لأن الذنب مهما عظم لا يمكن أن يذهب بالإيمان، والأمر يرجأ إلى يوم القيامة وإلى الله تعالى مرجعه. ويذهب الخوارج، خلافا للمرجئة، إلى أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار.
وقد وقف أكثر الفقهاء من أهل السنة والمحدثين موقفا وسطا، فرأوا أن قول المرجئة بعفو الله عن المعاصي قد يطمع الفساق، فقرروا أن مرتكب الذنب يعذب بمقدار ما أذنب ولا يخلد في النار، وقد يعفو الله عنه. ويعرف هؤلاء بمرجئة السنة ومنهم حماد بن أبي سليمان وأبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني وآخرون
        الإرجاء على معنيين‏:‏ أحدهما بمعنى‏:‏ التأخير كما في قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ قالوا‏:‏ أرجه وأخاه ‏"‏ أي‏ أمهله وأخره، والثاني :إعطاء الإرجاء .
‏ أما إطلاق اسم المرجئة على الجماعة بالمعنى الأول فصحيح لأنهم كانوا يؤخرون العمل عن النية والعقد‏.‏
وأما بالمعنى الثاني فظاهر فإنهم كانوا يقولون‏:‏ لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة‏.‏
        وقيل‏:‏ الإرجاء‏:‏ تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة فلا يقضي عليه بحكم ما في الدنيا‏:‏ من كونه من أهل الجنة أو من أهل النار‏:‏ فعلى هذا‏:‏ المرجئة والوعيدية فرقتان متقابلتان‏.‏
        وقيل‏:‏ الإرجاء‏:‏ تأخير علي رضي الله عنه عن الدرجة الأولى إلى الرابعة فعلى هذا‏:‏ المرجئة والشيعة فرقتان متقابلتان‏.‏
والمرجئة‏:‏ أصناف أربعة‏:‏
مرجئة الخوارج ومرجئة القدرية
ومرجئة الجبرية وكذلك الغيلانية أصحاب غيلان الدمشقي أول من أحدث القول بالقدر والإرجاء‏.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اليونسية
        أصحاب‏:‏ يونس بن عون النميري‏.‏زعم أن الإيمان هو‏:‏ المعرفة بالله والخضوع له وترك الاستكبار عليه والمحبة بالقلب فمن اجتمعت فيه هذه الخصال فهو مؤمن وما سوى ذلك من الطاعة فليس من الإيمان ولا يضر تركها حقيقة الإيمان ولا يعذب على ذلك إذا كان الإيمان خالصاً واليقين صادقاً‏.‏
        وزعم أن إبليس كان عارفاً بالله وحده غير أنه كفر باستكباره عليه‏:‏ أبى واستكبر وكان من الكافرين‏.‏
        قال‏:‏ ومن تمكن في قلبه‏:‏ الخضوع لله والمحبة له على خلوص ويقين‏:‏ لم يخالفه في معصية وغن صدرت منه معصية فلا تضره بيقينه وإخلاصه‏.‏
إنما يدخل الجنة بإخلاصه ومحبته لا بعمله وطاعته ‏"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العبيدية‏:‏
        أصحاب‏:‏ عبيد المكتئب‏.حكي عنه أنه قال‏:‏ مادون الشرك مغفور لا محالة وإن العبد إذا مات على توحيده لا يضره ما اقترف من الآثام واجترح من السيئات‏.‏
        وحكى اليمان عن عبيد المكتئب وأصحابه‏:‏ أنهم قالوا‏:‏ إن علم الله تعالى لم يزل شيئاً غيره وإن كلامه لم يزل شيئاً غيره وكذلك دين الله لم يزل شيئا ًغيره‏.‏
وزعم أن الله تعالى عن قولهم على صورة إنسان وحمل عليه قوله صل الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ إن الله خلق آدم على صورة الرحمن"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الغسانية
        أصحاب غسان الكوفي‏.‏زعم أن الإيمان هو المعرفة بالله تعالى وبرسله والإقرار بما أنزل الله وبما جاء به الرسول‏.‏في الجملة دون التفصيل‏.‏ والإيمان‏:‏ لا يزيد ولا ينقص‏.‏
        وزعم أن قائلاً لو قال‏:‏ أعلم أن الله تعالى قد حرم أكل الخنزير ولا أدري هل الخنزير الذي حرمه‏:‏ هذه الشاة أم غيرها كان مؤمناً‏.‏
        لو قال‏:‏ أعلم أن الله تعالى قد فرض الحج إلى الكعبة غير أني لا أدري أين الكعبة ولعلها بالهند‏:‏ كان مؤمناً‏.ومقصودة‏:‏ أن أمثال هذه الاعتقادات أمور وراء الإيمان لا أنه كان شاكاً في هذه الأمور فإن عاقلاً لا يستجيز من عقله أن يشك في أن ومن العجيب‏!‏ أن غسان كان يحكي عن حنيفة رحمه الله مثل مذهبه ويعده من المرجئة ولعله كذب كذلك عليه‏.‏
        لعمري‏!‏ كان يقال لأبي حنيفة وأصحابه‏:‏ مرجئة السنة‏.‏ وعده كثير من أصحاب المقالات‏:‏ من جملة المرجئة ولعل السبب فيه‏:‏ أنه لما كان يقول‏:‏ الإيمان‏:‏ هو التصديق بالقلب وهو لا يزيد ولا ينقص‏:‏ ظنوا أنه يؤخر العمل عن الإيمان‏.‏
والرجل مع تخريجه في العمل كيف يفتي بترك العمل‏!‏‏.‏ وله سبب آخر والمعتزلة كانوا يلقبون كل من خالفهم في القدر‏:‏ مرجئاً وكذلك الوعيدية من الخوارج فلا يبعد أن اللقب إنما لزمه من فريقي‏:‏ المعتزلة والخوارج‏
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثوبانية
        أصحاب‏:‏ أبي ثوبان المرجئ‏.‏الذين زعموا‏:‏ إن الإيمان هو‏:‏ المعرفة والإقرار بالله تعالى وبرسله عليهم السلام وبكل ما لا يجوز في العقل أن يفعله وما جاز في العقل تركه فليس من الإيمان‏.‏ وأخر العمل كله عن الإيمان‏.‏
        ومن القائلين بمقالة أبي ثوبان هذا‏:‏ أبي مروان غيلان بن مروان الدمشقي وأبي شمر ومويس بن عمران والفضل الرقاشي ومحمد بن شبيب والعتابي وصالح قبة‏.‏
        وكان غيلان يقول بالقدر خيره وشره من العبد وفي الإمامة‏:‏ إنه تصلح في غير قريش وكل من كان قائماً بالكتاب والسنة كان مستحقاً لها وأنها لا تثبت إلا بإجماع الأمة‏.‏
        والعجب أن الأمة أجمعت على أنها لا تصلح لغير قريش وبهذا دفعت الأنصار عن قولهم‏:‏ منا والجماعة التي عددناها اتفقوا على أن الله تعالى لو عفا عن عاص في القيامة‏:‏ عفا عن كل مؤمن عاص هو في مثل حاله وإن أخرج من النار واحداً‏:‏ أخرج من هو في مثل حاله‏.‏
        ومن العجب أنهم لم يجزموا القول بأن المؤمنين من أهل التوحيد يخرجون من النار لا محالة‏.‏
        ويحكى عن مقاتل بن سليمان‏:‏ أن المعصية لا تضر صاحب التوحيد والإيمان وأنه لا يدخل النار مؤمن‏.‏
والصحيح من النقل عنه‏:‏ أن المؤمن العاصي ربه يعذب يوم القيامة على الصراط وهو على متن جهنم يصيبه لفح النار وحرها ولهيبها فيتألم بذلك        على قدر معصيته ثم يدخل الجنة ومثل ذلك بالحبة على المقلاة المؤججة بالنار‏.‏
ونقل عن زياد بن غياث المريسي أه قال‏:‏ إذا دخل أصحاب الكبائر النار فإنهم سيخرجون عنها بعد أن يعذبوا بذنوبهم وأما التخليد فيها فمحال وليس بعدل‏.‏
        وقيل‏:‏ إن أول من قال بالإرجاء‏:‏ الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب وكان يكتب فيه الكتب في الأمصار‏.‏ إلا أنه ما أخر العمل عن الإيمان كما قالت المرجئة اليونسية والعبيدية لكنه حكم بأن صاحب الكبيرة لا يكفر إذ الطاعات وترك المعاصي ليست من أصل الإيمان حتى يزول الإيمان بزوالها‏
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التومينية
        أصحاب‏:‏ أبي المعاذ التومني زعم أن الإيمان هو ما عصم عن الكفر وهو اسم لخصال إذا تركها التارك كفر وكذلك لو ترك خصلة واحدة منها كفر ولا يقال للخصلة الواحدة منها إيمان ولا بعض إيمان‏.‏
        وكل معصية كبيرة أو صغيرة لم يجمع عليها المسلمون بأنها كفر لا يقال لصاحبها‏:‏ فاسق ولكن يقال‏:‏ فسق وعصى‏.‏
        وقال‏:‏ وتلك الخصال هي المعرفة والتصديق والمحبة والإخلاص والإقرار بما جاء به الرسول‏.‏
قال‏:‏ ومن ترك الصلاة والصيام مستحلاً كفر ومن تركهما على نية القضاء لم يكفر‏.‏ومن قتل نبياً أو لطمه كفر لا من أجل القتل واللطم ولكن من أجل‏:‏ الاستخفاف والعداوة والبغض‏.‏
        وإلى هذا المذهب ميل‏:‏ ابن الرواندي وبشر الريسي قالا‏:‏ الإيمان هو التصديق بالقلب واللسان جميعاً والكفر هو الجحود والإنكار‏.والسجود للشمس والقمر والصنم ليس بكفر في نفسه ولكنه علامة الكفر‏.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصالحية
        أصحاب‏:‏ صالح بن عمر الصالحي‏.‏ والصالحي ومحمد بن شبيب وأبو شمر وغيلان‏:‏ كلهم جمعوا بين القدر والإرجاء‏.‏ ونحن وإن شرطنا أن نورد مذاهب المرجئة الخالصة إلا أنه بدا لنا في هؤلاء لانفرادهم عن المرجئة بأشياء‏.‏
فأما الصالحي فقال‏:‏ الإيمان هو المعرفة بالله تعالى على الإطلاق وهو أن للعالم صانعاً فقط والكفر هو الجهل به على الإطلاق قال‏:‏ وقول القائل ثالث ثلاثة ليس بكفر لكنه لا يظهر إلا من كافر‏.‏
وزعم‏:‏ أن معرفة الله تعالى هي المحبة والخضوع له ويصح ذلك مع حجة الرسول‏.‏
        ويصح في العقل أن يؤمن بالله ولا يؤمن برسله غير أن الرسول عليه السلام قد قال‏:‏ ‏"‏ من لا يؤمن بي فليس بمؤمن بالله تعالى ‏"‏‏.‏
        وزعم‏:‏ أن الصلاة ليست بعبادة الله تعالى وأنه لا عبادة له إلا الإيمان به وهو معرفته وهو خصلة واحدة‏:‏ لا يزيد ولا ينقص وكذلك الكفر خصلة واحدة‏:‏ لا يزيد ولا ينقص‏.‏
        وأما أبو شمر المرجئ القدري فإنه زعم‏:‏ أن الإيمان هو المعرفة بالله عز وجل والمحبة والخضوع له بالقلب والإقرار به‏:‏ أنه واحد ليس كمثله شيء ما لم تقم عليه حجة الأنبياء عليهم السلام فإذا قامت الحجة فالإقرار بهم وتصديقم من         الإيمان والمعرفة والإقرار بما جاءوا به من عند الله غير داخل في الإيمان الأصلي‏.‏
وليست كل خصلة من خصال الإيمان إيماناً ولا بعض إيمان فإذا اجتمعت كانت كلها إيماناً‏.‏وشرط في خصال الإيمان معرفة العدل يريد به‏:‏ القدر خيره وشره من العبد من غير أن يضاف إلى الباري تعالى منه شيء‏.‏
        وأما غيلان بن مروان من القدرية المرجئة فإنه زعم أن الإيمان هو‏:‏ المعرفة الثانية بالله تعالى والمحبة والخضوع له والإقرار بما جاء به الرسول وبما جاء من عند الله‏.‏
        والمعرفة الأولى فطرية ضرورية‏.‏ فالمعرفة على أصله نوعان‏:‏ فطرية وهي علمه بأن للعالم صانعاً ولنفسه خالقاً وهذه المعرفة لا تسمى إيماناً إنما الإيمان هو المعرفة الثانية المكتسبة‏.‏
تتمة رجال المرجئة كما نقل
        الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب وسعيد بن جبير وطلق بن حبيب وعمرو بم مرة ومحارب بن زياد ومقاتل بن سليمان وذر وعمرو بن أبي سليمان وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وقديد بن جعفر‏.‏
وهؤلاء كلهم‏:‏ أئمة الحديث لم يكفروا أصحاب الكبائر الكبيرة ولم يحكموا بتخليده في النار خلافاً للخوارج والقدرية‏.‏
=================================
الملل والنحل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:31 am

الجهمية


هي فرقة تنتسب إلى الإسلام، ظهرت في الربع الأول من القرن الهجري الثاني، على يد مؤسسها الجهم بن صفوان الترمذي.
التأسيس
ولد الجهم بن صفوان في الكوفة و نشأ فيها، و هناك صحب الجعد بن درهم بعد قدومه إلى الكوفة هارباً من دمشق و تأثر بتعاليمه. و بعد مقتل الجعد بن درهم على يد خالد بن عبد الله القسري عام 105هـ واصل الجهم نشر أفكاره و صار له أتباع إلى أن تم نفيه إلى ترمذ في خراسان.
و في ترمذ أخذ بنشر مذهبه، فانتشر في مدن خراسان، و خاصة في بلخ و ترمذ. و قد قتل الجهم بن صفوان عام 128هـ بعد اشتراكه مع الحارث بن سريج التميمي في الثورة على الدولة الأموية.
المعتقدات
[list="color: rgb(255, 238, 221); font-family: Arial, Tahoma, Helvetica, FreeSans, sans-serif; text-align: right; background-color: rgb(68, 21, 0);"]
[*]تنزيه الله و نفي التشبيه و تأويل الآيات التي تشعر بالتشبيه، كيد الله و وجهه سبحانه و تعالى. و من الصفات التي أولوها صفة الكلام، فكانوا يقولون إن كلام الله إنما هو داخل نفسه – سبحانه و تعالى – و ترتب على ذلك القول بخلق القرآن، كما نفوا رؤية الله في الآخرة و احتجوا بقوله تعالى: { لا تدركه الأبصار }، و قالوا بأن طبيعة الإله أعلى من أن ترى بالأبصار البشرية.
[*]نفي صفات الله الأزلية، كالقدرة و الإرادة و العلم، و قالوا بأن هذه الصفات هي عين ذاته، و ليست مستقلة عنه؛ أي أنه ليس قادراً بقدرة غير ذاته، و ليس مريداً بإرادة غير ذاته، و ليس عالماً بعلم غير ذاته ..
[*]الإنسان لا يوصف بالاستطاعة على الفعل، بل هو مجبور بما يخلقه الله من الأفعال مثل ما يخلقه في سائر الجمادات، و نسبة الفعل إليه إنما هو بطريق المجاز كما يقال جرى الماء وطلعت الشمس وتغيَّمت السماء .. إلى غير ذلك، و بسبب هذه النقطة يعدون من الجبرية.
[*]الإيمان عقدٌ بالقلب و إن تلفظ الشخص بالكفر، و أن الإيمان لا يضر معه شيء، و بسبب هذه النقطة يعدون من المرجئة.
[*]أن الله موجود بالأمكنة كلها، فقد أخرج ابن خزيمة في التوحيد بسنده أن الجهم بن صفوان كان يوماً على جسر ترمذ فقيل له: صف لنا ربك، فدخل البيت لا يخرج ، ثم خرج بعد أيام فقال: هو هذا الهواء مع كل شيء وفي كل شيء ولا يخلو منه شيء.
[*]القول بفناء الجنة و النار، حيث قالو أنه لا يتصور حركات لا تتناهى أولاً فكذلك لا يتصوَّر حركاتٌ لا تتناهى آخراً، وحملوا قوله تعالى: { خالدين فيها أبداً } على المبالغة، واستدل الجهم بن صفوان على الانقطاع بقوله تعالى: { إلا ما شاء ربك }، و قال: (( ولو كان مؤبداً بلا انقطاع لما استثنى )).

[/list]
الرد عليهم
رد أهل السنة على نفيهم صفات الله الأزلية، و تأويلهم للصفات التي تشعر بالتشبيه، فقالوا: بأنه لا يجوز إثبات الصفات - كما يقول: المجسمة - و لا نفيها، واعتبروا بأن هذا مم لم يخض فيه رسول الله أو الصحابة.
رد أهل السنة على قولهم بأن ( الإيمان لا تضر معه معصية ) فيما يعرف بقاعدة الإيمان يزيد و ينقص، فقالوا: بأن الإيمان يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية.
رد أهل السنة على قولهم بأن ( الله موجود في الأمكنة كلها )، و استدلوا بحديث الجارية التي سألها رسول الله: أين الله؟ فقالت: في السماء، فقال رسول الله لصاحبها: أعتقها فإنها مؤمنة.
و أما قولهم بفناء الجنة و النار، فقد اعتُبر مخالفاً لصريح القرآن و الأحاديث.
إنحسار الجهمية
استمرت الجهمية بعد مقتل الجهم بن صفوان عام 128هـ، و لكن مع بداية القرن الثالث بدأت بالإنحسار. و يرى بعض العلماء و المؤرخين أن الجهمية لم تنته فعلاً، فقد جاء بعدهم من وافقهم في بعض معتقداتهم. فقد وافقهم المعتزلة في نفيهم صفات الله الأزلية، و تأويلهم للصفات التي تشعر بالتشبيه، و قولهم بأن القرآن مخلوق، و نفيهم رؤية الله في الآخرة. و أما الأشعرية و الماتريدية فقد وافقوهم في تأويلهم للصفات التي تشعر بالتشبيه، كاليد و الوجه، و في تعطيل صفات الله الأزلية.




مصادر
1 - كتاب الرد على الجهمية للدارمي
[2] : فصل في ذكر كلام الجهمية، من مجموع الفتاوى لابن تيمية
[3] : كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية لابن القيم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:35 am

الشيعة

الشيعة هو اسم يطلق على ثاني أكبر طائفة من المسلمين، ويرى الشيعة أن علي بن أبي طالب هو ونسله من زوجته فاطمة بنت النبي محمد هم أئمة مفترضو الطاعة بالنص السماوي وهم المرجع الرئيسي للمسلمين بعد وفاة النبي. ويطلقون عليه اسم الإمام الذي يجب اتباعه دون غيره طبقاً لأمر من النبي محمد في بعض الأحاديث مثل حديث بالثقلين المنقول عن النبي محمد والذي يستدلون به على غيرهم من خلال وجوده في بعض كتب بعض الطوائف الإسلامية التي تنكر الإمامه وهو كالتالي: (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ; أحدهما أعظم من الآخر ; كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما)

 فالشيعة هم‏:‏ الذين شايعوا علياً رضي الله عنه على الخصوص وقالوا بإمامته وخلافته‏:‏ نصاً ووصية إما جلياً وإما خفياً‏.‏
        واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده وإن خرجت فبظلم يكون من غيره أو بتقية من عنده‏.‏ وقالوا‏:‏ ليست الإمامة قضية مصلحة تناط باختيار العامة وينتصب الإمام بنصبهم بل هي قضية أصولية وهي ركن الدين لا يجوز للرسل عليهم السلام إغفاله وإهماله ولا تفويضه إلى العامة وإرساله‏.‏
        ويجمعهم القول بوجوب التعيين والتنصيص وثبوت عصمة الأنبياء والأئمة وجوباً عن الكبائر والصغائر والقول بالتولي والتبري‏:‏ قولاً وفعلاً وعقداً إلا في حال التقية‏.‏ويخالفهم بعض الزيدية في ذلك‏.‏ولهم في تعدية الإمامة‏:‏ كلام وخلاف كثير وعند كل تعدية وتوقف‏:‏ مقالة ومذهب وخبط‏.‏
        وهم خمس فرق‏:‏ كيسانية وزيدية وأمامية وغلاة وإسماعيلية‏.‏
وبعضهم يميل في الأصول إلى الاعتزال وبعضهم إلى السنة وبعضهم إلى التشبيه‏




أصل التسمية
لفظ شيعة في الأساس من الفعل تشيع وهو الاتباع. وعلى مدار التاريخ الإسلامي أطلق لفظ شيعة على العديد من الحركات الإسلامية المجموعات مثل شيعة عثمان وشيعة معاوية وغيرهم ولكن لفظة الشيعة وحدها تعتبر علما لشيعة علي متبعيه. ويرى الشيعة بأن أصل التسمية ورد في حديث لمحمد بن عبد الله نبي الإسلام في حياته حيث سأله علي بن أبي طالب عن خير البرية فأجابه: «أنت وشيعتك»، وبهذة الرواية يعتقد الشيعة أن التشيع لم يظهر بعد وفاة محمد بل هو الإسلام الحقيقي الذي بعث به محمد. وقد ورد هذا الحديث بروايات مختلفة في كتب الشيعة وبعض المذاهب الإسلامية الأخرى 
نشأة المذهب الشيعي
يؤمن الشيعة أن التشيع هو الإسلام ذاته، ويتبناه الشيعة أنفسهم حيث يرون أن المذهب الشيعي أصلا لم يظهر بعد الإسلام ويعتقدون أنه الإسلام ذاته. ويرون أن المسلم التقي يجب أن يتشيع ويوالي علي بن أبي طالب، وبالتالي فإن التشيع هو ركن من أركان الإسلام الأصيل وضع أساسه النبي محمد نفسه على مدار حياته، وأكده قبل موته في يوم غدير خم عندما أعلن الولاية لعلي من بعده. كما يرون أن الطوائف الإسلامية الأخرى هي المستحدثة ووضعت أسسها من قبل الحكام والسلاطين وغيرهم من أجل الابتعاد عن الإسلام الذي أراده النبي محمد في الأصل. كما يستدل الشيعة بالايه الشريفة في سورة المائدة رقم 67 في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ),
يرى بعض المؤرخين أن بذرة التشيع بدأت بعد وفاة الرسول محمد حيث اجتمع الصحابة في سقيفة بني ساعدة لاختيار الخليفة في غياب وجوه بني هاشم أمثال علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب اللذان كانا يجهزان النبي للدفن أثناء انعقاد السقيفة، وحسب المؤرخين فإن السقيفة انتهت باختيار أبو بكر بن أبي قحافة خليفة حسب إجماع من المجتمعين في السقيفة من المهاجرين والأنصار. بعد السقيفة بدأت مجموعة صغيرة من الصحابة منهم أبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر والمقداد بن عمرو والزبير بن العوام تجتمع في بيت علي بن أبي طالب معترضة على اختيار أبو بكر، ويعتبر الشيعة الصحابة الذين يرون أحقية علي بن ابي طالب هم أفضل الصحابة وأعظمهم قدرا.  ويرى البعض انه بعد أن تطور الأمر في عهد عثمان بن عفان الخليفة الثالث حيث أدت بعض السياسات التي يقوم بها بعض عماله في الشام ومصر إلى سخط العامة وأعلن بعض الثائرين خروجهم على عثمان وبدؤوا ينادون بالثورة على عثمان، وبالرغم من أن علي بن أبي طالب نفسه حاول دفعهم عن الثورة وحاول أيضا من جهة أخرى تقديم النصح لعثمان بن عفان لإنقاذ هيبة الدولة الإسلامية إلا أن عثمان قتل في النهاية على يد الثائرين. وبعد ذلك اجمع المسلمون على الالتفاف حول علي بن أبي طالب يطلبون منه تولي الخلافة. وهنا يأخذ الفكر منعطفا جديدا حيث أن علي بن أبي طالب أصبح حاكما رسميا وشرعيا للأمة من قبل أغلب الناس.
ومع بداية الصراع بينه وبين الصحابة أمثال طلحة والزبير ومعاوية، بدأ يظهر مصطلح شيعة علي يبرز وهم أصحاب علي بن أبي طالب المؤيدين له ويرى أهل السنة أن تأييدهم انما بأمور السياسة ، والذين ينظر إليهم الشيعة كمؤمنين بمبدأ إمامة علي، ومتبعين له من منطلق اعتقادي. ولكن بدأت في ظهور مجموعة في المقابل أطلقت على نفسها شيعة عثمان أعلنوا أنهم يطالبون بدم عثمان وقتل قتلته وتطور الأمر بهم ان أعلنوا رفضهم لخلافة علي بن أبي طالب الذي تباطئ في رأيهم في الثأر لعثمان. وعلى رأس شيعة عثمان كان معاوية بن ابي سفيان من جهة وعائشة زوجة النبي من جهة أخرى وبعد معارك مثل معركة الجمل ومعركة صفين وظهور حزب جديد هم الخوارج ومعركة النهروان. قتل علي بن أبي طالب على يد أحد الخوارج هو عبد الرحمن بن ملجم بسيف مسموم أثناء صلاة الفجر في مسجد الكوفة وقال جملته الشهيرة: "فزت ورب الكعبة".


التقويم الديني

  • عيد الفطر، نهاية الصوم الذي يقع خلال شهر رمضان ويقع في أول يوم من شوال.
  • عيد الأضحى، نهاية الحج إلى مكة، وتبدأ في اليوم العاشر من ذو الحجة.
  • عيد الغدير وهو يوم بيعة غدير خم في الثامن عشر من ذي الحجة حسب اعتقاد الشيعة(من كنت مولاه فهذا علي مولاه) ويسمى أيضاً عيد الولاية والعيد الأكبر.
  • عاشوراء وهي مناسبة تذكر استشهاد الإمام الحسين بن علي. يوم عاشوراء هو يوم حزين للشيعة ويقع في اليوم العاشر من محرم.
  • الأربعين، وهي ذكرى عذاب أطفال ونساء بيت الإمام الحسين. بعد أن قُتل الحسين، تم سبيهم من كربلاء (وسط العراق) إلى الشام (دمشق، سوريا). العديد من الأطفال (من ضمنهم أطفال من سلالة النبي محمد) ماتوا بسبب العطش والحرارة الشديدة. الأربعين يقع في 20 صفر، 40 يوم بعد عاشوراء.
  • المولد النبوي، مولد محمد بن عبد الله وتحتفل الجماعة الصوفية يوم 12 ربيع الأول ماعدى المملكة العربية السعودية، ويحتفل به الشيعة يوم 17 ربيع الأول، الذي يقع مع تاريخ ولادة الإمام السادس، جعفر الصادق. ويعتبر من 12 ربيع الأول إلى 17 ربيع الأول يوم الوحدة العالمي.
  • نصف شعبان هو تاريخ ولادة الإمام الحجة بن الحسن. يحتفل به الشيعة الإثني عشرية يوم 15 شعبان. العديد من الشيعة يصومون هذا اليوم لإظهار الشكر لله.

الأماكن المقدسة لدى الشيعة
لدى الشيعة مدن ومزارات مقدسة تضم أضرحة أئمتهم وإن اتفقوا مع المذهب السني في مدن مثل مكة والمدينة المنورة والقدس وما فيهم من أماكن مقدسة كالكعبة والمسجد النبوي والمسجد الأقصى، لكنهم ينفردون بأماكن يقدسونها كأضرحة ومراقد أئمتهم ومعصوميهم وبعض المساجد الهامة مثل:

  • المدينة المنورة:مرقد النبي الأعظم محمد صل الله عليه وآله ومرقد الامام الحسن المجتبى بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومرقد الامام علي بن الحسين ومرقد الامام محمد الباقر ومرقد الامام جعفر الصادق ((عليهم السلام)) وقد منع الشيعة من التقرب إلى هؤلاء لما يخالف مذهب أهل السنة والجماعة وهو المصدر الأول للتشريع والحكم في المملكة العربية السعودية.
  • كربلاء: ويسمونها كربلاء المقدسة وبها قبر الحسين المعروف عندهم باسم الروضة الحسينية، ومرقد أبي الفضل العباس.
  • النجف: المسماه بالنجف الأشرف.
  • قم: وبهامرقد الامام علي بن موسى الرضا مرقد السيدة فاطمة المعصومة، ومسجد جمكران.
  • الكاظمية:وفيها مرقد الإمام موسى بن جعفر(ع) الملقب بالكاظم وهو ابن الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)
  • سامراء:وفيها مرقد الإمامين الملقبان بالعسكريين وهما علي الهادي بن محمد الجواد بن موسى الكاظم وابنه الحسن العسكري (ع)
     


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


فرق وطوائف الشيعة


الكيسانية 

        أصحاب‏:‏ كيسان مولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وقيل‏:‏ تلميذ للسيد‏:‏ محمد بن الحنيفة رضي الله عنه‏.‏يعتقدون فيه اعتقاداً فوق حده ودرجته من إحاطته بالعلوم كلها واقتباسه من السيدين الأسرار بجملتها من علم التأويل والباطن وعلم الآفاق والأنفس‏.‏
        ويجمعهم القول بأن الدين طاعة رجل حتى حملهم ذلك على تأويل الأركان الشرعية من الصلاة والصيام والزكاة والحج‏.‏و غير ذلك‏ على رجال، فحمل بعضهم على ترك القضايا الشرعية بعد الوصول إلى طاعة الرجل وحمل بعضهم على ضعف الاعتقاد بالقيامة وحمل بعضهم على القول بالتناسخ والحلول والرجعة بعد الموت‏.فمن مقتصر على واحد معتقد أنه‏:‏ لا يموت ولا يجوز أن يموت حتى يرجع ومن معتقد حقيقة الإمامة على غيره ثم‏:‏ متحسر عليه متحير فيه ومن مدع حكم الإمامة وليس من الشجرة‏.‏ وكلهم حيارى متقطعون‏.‏ ومن اعتقد أن الدين طاعة رجل ولا رجل له فلا دين له‏.‏نعوذ بالله من الحيرة والحور بعد الكور‏.‏ رب‏!‏ هدنا السبيل‏.‏
المختارية
        أصحاب‏:‏ المختار بن عبيد الثقفي كان خارجياً ثم صار زبيرياً ثم صار شيعياً وكيسانياً‏.قال بإمامة محمد بن الحنيفة بعد أمير المؤمنين علي رضي الله عنهما وقيل لا بل بعد الحسن والحسين رضي الله عنهما وكان يدعو الناس إليه وكان يظهر أنه من رجاله ودعاته ويذكر علوماً مزخرفة بترهاته ينوطها به‏.‏ ولما وقف محمد بن الحنفية على ذلك‏:‏ تبرأ منه وأظهر لأصحابه أنه إنما نمس على الخلق ذلك ليتمشى أمره ويجتمع الناس عليه‏.‏
        وإنما انتظم له ما انتظم بأمرين‏:‏ أحدهما انتسابه إلى محمد بن الحنفية‏:‏ علماً ودعوة والثاني قيامه بثأر الحسين بن علي رضي الله عنهما واشتغاله ليلاً ونهاراً بقتال الظلمة الذين اجتمعوا على قتل الحسين‏.‏
فمن مذهب المختار‏:‏ أنه يجوز البداء على الله تعالى والبداء له معان‏:‏ البداء في العلم وهو أن يظهر له خلاف ما علم ولا أظن عاقلاً يعتقد هذا الاعتقاد والبداء في الأمر وهو أن يأمر بشيء ثم يأمر بشيء آخر بعده بخلاف ذلك‏.ومن لم يجوز النسخ ظن أن الأوامر المختلفة في الأوقات المختلفة متناسخة‏.‏
        وإنما صار المختار إلى اختيار القول بالبداء بأنه كان يدعى علم ما يحدث من الأحوال‏:‏ إما بوحي يوحى إليه وإما برسالة من قبل الإمام فكان إذا وعد أصحابه بكون شيء وحدوث حادثة فإن وافق كونه قوله‏:‏ جعله دليلاً على صدق دعواه وإن لم يوافق قال‏:‏ قد بدى لربكم‏.‏
        وكان لا يفرق بين النسخ والبداء قال‏:‏ إذا جاز النسخ في الأحكام‏:‏ جاز البداء في الأخبار‏.‏
        وقد قيل‏:‏ إن السيد محمد بن الحنفية تبرأ من المختار حين وصل إليه أنه قد لبس على الناس‏:‏ أنه من دعاته ورجاله وتبرأ من الضلالات التي ابتدعها المختار من‏:‏ التأويلات الفاسدة والمخاريق المموهة‏.‏
        فمن مخاريقه‏:‏ أنه كان عنده كرسي قديم قد غشاه بالديباج وزينه بأنواع الزينة وقال‏:‏ هذا من ذخائر أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه وهو عندنا بمنزلة التابوت لبني إسرائيل وكان إذا حارب خصومه يضعه في براح الصف ويقول‏:‏ قاتلوا ولكم الظفر والنصرة وهذا الكرسي محله فيكم محل التابوت في بني إسرائيل وفيه السكينة والبقية والملائكة من فوقكم ينزلون مدداً لكم‏.‏
وحديث الحمامات البيض‏:‏ معروف‏.‏والأسجاع التي ألفها أبرد تأليف‏:‏ مشهورة وإنما حمله على الانتساب إلى محمد بن الحنيفة كان‏:‏ كثير العلم غزير المعرفة وقاد الفكر مصيب الخاطر في العواقب قد أخبره أمير المؤمنين علي رضي الله عنه عن أحوال الملاحم وأطلعه على مدارج المعالم وقد اختار العزلة‏:‏ فآثر الخمول على الشهرة‏.‏ وقد قيل‏:‏ إنه كان مستودعا علم الإمامة حتى سلم الأمانة إلى أهلها وما فارق الدنيا إلا وقد وكان السيد الحميري وكثير عزة الشاعر‏:‏ من شيعته قال كثير فيه‏:
‏ ألا أن الأئمة من قريش ولاة الحق‏:‏ أربعة سواء‏:
‏ علي والثلاثة من بينه هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبط‏ سبط الإيمان وبر وسبط‏:‏ غيبته كربلاء
وسبط‏:‏ لا يذوق الموت حتى يقود الخيل يقدمه اللواء
تغيب لا يرى فيهم زماناً برضوى عنده عسل وماء
        وكان السيد الحميري أيضاً يعتقد فيه‏:‏ أنه لم يمت وأنه في جبل‏:‏ رضوى بين أسد ونمر يحفظانه وعنده عينان نضاختان تجريان بماء وعسل وأنه يعود بعد الغيبة فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً‏.‏
وهذا هو أول حكم بالغيبة والعودة بعد الغيبة حكم به الشيعة‏.‏ وجرى ذلك في بعض الجماعة حتى اعتقدوه‏:‏ ديناً وركناً من أركان التشيع‏.ثم اختلف الكيسانية بعد انتقال محمد بن الحنفية في سوق الإمامة وصار كل اختلاف مذهباً‏:‏
الهاشمية
        أتباع أبي هاشم بن محمد بن الحنفية‏.‏ قالوا‏:‏ بانتقال محمد ابن الحنفية إلى رحمة الله ورضوانه وانتقال الإمامة منه إلى ابنه أبي هاشم‏.‏ قالوا‏:‏ فإنه أفضى إليه أسرار العلوم وأطلعه على‏:‏ مناهج على الباطن‏.‏
قالوا‏:‏ إن لكل ظاهر باطناً ولكل شخص روحاً ولكل تنزيل تأويلاًن ولكل مثال في هذا العالم حقيقة في ذلك العالم‏.‏
والمنتشر في الآفاق من الحكم والأسرار مجتمع في الشخص الإنساني وهو‏:‏ العلم الذي استأثر علي رضي الله عنه به ابنه‏:‏ محمد بن الحنفية وهو أفضى ذلك السر إلى ابنه أبي هاشم‏.‏وكل من اجتمع فيه هذا العلم فهو الإمام حقاً‏.‏
        واختلفت بعد أبي هاشم شيعته‏:‏ خمس فرق‏:‏
        فرقة قالت‏:‏ أم أبا هاشم مات - منصرفاً من الشام بأرض الشراة وأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله ابن عباس وأجرت في أولاده الوصية حتى صارت الخلافة إلى بني العباس‏.‏
قالوا ولهم في الخلافة حق لاتصال النسب وقد توفي رسول الله صل الله عليه وسلم وآله وعمه العباس أولى بالوراثة‏.‏
        وفرقة قالت‏:‏ إن الإمامة بعد موت أبي هاشم لابن أخيه‏:‏ الحسن بن علي ابن محمد بن الحنفية‏.‏
        وفرقة قالت‏:‏ لا بل إن أبا هاشم أوصى إلى أخيه‏:‏ علي بن محمد وعلي أوصى إلى ابنه‏:‏ الحسن فالإمامة عندهم في بني الحنفية‏:‏ لا تخرج إلى غيرهم‏.‏
        وفرقة قالت‏:‏ إن أبا هاشم أوصى إلى عبد الله بن عمرو بن حرب الكندي وإن الإمامة خرجت من أبي هاشم إلى عبد الله وتحولت روح أبي هاشم إليه‏.‏
والرجل ما كان يرجع إلى علم وديانة فاطلع بعض القوم إلى خيانته وكذبه فأعرضوا عنه وقالوا بإمامة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب‏.‏
و        كان من مذهب عبد الله‏:‏ أن الأرواح تتناسخ من شخص إلى شخص وإن الثواب والعقاب‏:‏ في هذه الأشخاص إما أشخاص بني آدم وإما أشخاص الحيوانات‏.‏ قال‏:‏ وروح الله تناسخت حتى وصلت إليه وحلت فيه‏.‏
وادعى الإلهية والنبوة معاً وأنه يعلم الغيب‏.‏ فعبده شيعته الحمقى وكفروا بالقيامة لاعتقادهم‏:‏ أن التناسخ يكون في الدنيا والثواب والعقاب في هذه الأشخاص وتأول قول الله تعالى‏:{ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا‏}[المائدة:93]
على أن من وصل إلى الإمام وعرفه‏:‏ ارتفع عنه الحرج في جميع ما يطعمن ووصل إلى الكمال والبلاغ‏.‏ وعنه نشأتك الحزمية والمزدكية بالعراق‏.‏         وهلك عبد الله بخرسان وافترقت أصحابه فمنهم من قال‏:‏ إنه بعد حي لم يمت ويرجع‏.‏
ومنهم من قال بل مات وتحولت روحه إلى إسحاق بن زيد بن الحارث الأنصاري وهم الحارثية‏:‏ الذين يبيحون المحرمات ويعيشون عيش من لا تكليف عليه‏.‏وبين أصحاب عبد الله بن معاوية وبين أصحاب محمد بن علي‏:‏ خلاف شديد في الإمامة فإن كل واحد منهما يدعي الوصية من أبي هاشم إليه ولم يثبت الوصية على قاعدة تعتمد‏.‏
البيانية
        أتباع بيان بن سمعان التميمي‏.‏قالوا بانتقال الإمامة من أبي هاشم إليه‏.‏ وهو‏:‏ من الغلاة القائلين بإلهية أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال‏:‏ حل في علي جزء إلهي واتحد بجسده‏:‏ فإنه كان يعلم الغيب إذ أخبر عن آلماكم وصح الخبر وبه كان يحارب الكفار وله النصرة والظفر وبه قلع باب خيبر وعن هذا قال‏:‏ والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسدانية ولا بحركة غذائية ولكن قلعته بحركة رحمانية ملكوتية بنور ربها مضيئة‏.‏ فالقوة الملكوتي في نفسه كالمصباح من المشكاة والنور الإلهي كالنور من المصباح‏.‏قال‏:‏ وربما يظهر علي في بعض الأزمان وقال في تفسير قوله تعالى‏:{‏ هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام}[البقرة 210] ‏"‏‏:‏ أراد به علياً فهو الذي يأتي في الظل والرعد صوته والبرق تبسمه‏.‏
        ثم ادعى بيان‏:‏ أنه قد انتقل إليه الجزء الإلهي بنوع من التناسخ ولذلك استحق أن يكون إماماً‏:‏ وخليفة وذلك الجزء هو الذي استحق به آدم عليه السلام سجود الملائكة‏.‏ وزعم‏:‏ أن معبوده على صورة إنسان‏:‏ عضواً فعضواً وجزءاً فجزءاً‏.‏وقال‏:‏ يهلك كله إلا وجهه لقوله تعالى‏:‏ ‏"‏{ كل شيء هالك إلا وجهه}القصص:88] ‏"‏‏.‏
ومع هذا الخزي الفاحش كتب إلى محمد بن علي بن الحسين الباقر رضي الله عنهم ودعاه إلى نفسه وفي كتابه‏:‏ أسلم تسلم ويرتقي من سلم فإنك لا تدري حيث يجعل الله النبوة‏.‏فأمر الباقر‏:‏ أن يأكل الرسول قرطاسه الذي جاء به فأكلهن فمات في الحال‏.‏ وكان اسم ذلك الرسول‏:‏ عمر بن أبي عفيف‏.‏
        وقد اجتمعت طائفة على بيان بن سمعان ودانوا به وبمذهبه فقتله خالد ابن عبد الله القسري على ذلك وقيل‏:‏ أحرقه والكوفي المعروف بالمعروف ابن سعيد بالنار معاً‏.‏
الرزامية‏:
        أتباع‏:‏ رزام بن رزم‏.‏ ساقوا الإمامة‏:‏ من علي إلى ابنه محمد ثم إلى ابنه هاشم ثم إلى علي بن عبد الله ابن عباس بالوصية ثم ساقوها إلى محمد بن علي وأوصى محمد إلى ابنه‏:‏ إبراهيم الإمام وهو صاحب‏:‏ أبي مسلم الذي دعا إليه وقال إمامته‏.‏
        وهؤلاء ظهروا بخرا سان في أيام أبي مسلم حتى قيل‏:‏ إن أبا مسلم كان على هذا المذهب لأنهم ساقوا الإمامة إلى أبي مسلم‏:‏ فقالوا‏:‏ له حظ الإمامة وادعوا‏:‏ حلول روح الإله فيه ولهذا‏:‏ أيده على بني أمية حتى قتلهم عن بكرة أبيهم وأصطلمهم‏.‏وقالوا بتناسخ الأرواح‏.‏
        والمقنع الذي ادعى الإلهية لنفسه على مخاريق أخرجها كان في الأول على هذا المذهب وتابعه مبيضه ما وراء النهر وهؤلاء‏:‏ صنف من الخرمية دانوا بترك الفرائض وقالوا‏:‏ الدين‏:‏ معرفة الإمام فقط‏.‏ومنهم من قال‏:‏ الدين أمران‏:‏ معرفة الإمام وأداء الأمانة ومن حصل له الأمران فقد وصل إلى الكمال وارتفع عنه التكليف‏.‏
        ومن هؤلاء‏:‏ من ساق الغمامة إلى محمد بن علي بن عبد الله ابن عباس من أبي هاشم بن محمد بن الحنفية‏:‏ وصية
        وكان أبو مسلم صاحب الدولة على مذهب الكيسانية في الأول واقتبس من دعاتهم العلوم التي اختصوا بها وأحس منهم أن هذه العلوم مستودعة فيهم فكان يطلب المستقر فيه فبعث إلى الصادق‏:‏ جعفر بن محمد رضي الله عنهما‏:‏ أني قد أظهرت الكلمة ودعوت الناس عن موالاة بني أمية إلى موالاة أهل البيت فإن رغبت فيه فلا مزيد عليك‏.‏ فكتب إليه الصادق رضي الله عنه‏:‏ ما أنت من رجالي ولا الزمان زماني‏.‏فحاد أبو مسلم إلى أبي العباس عبد الله ابن محمد السفاح وقلده أمر الخلافة‏
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الزيدية
        أتباع‏:‏ زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم‏.‏ ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة رضي الله عنها ولم يجوزوا ثبوت الإمامة في غيرهم إلا أنهم جوزوا أن يكون كل‏:‏ فاطمي عالم زاهد شجاع سخي خرج بالإمامة أن يكون إماماً واجب الطاعة سواء كان من أولاد الحسن أو من أولاد الحسين رضي الله عنهما‏.‏
        وعن هذا جوز قوم منهم‏:‏ إمامة محمد وإبراهيم الإمامين ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن اللذين خرجا غي أيام المنصور وقتلا على ذلك وجوزوا‏:‏ خروج إمامين في قطرين يستجمعان هذه الخصال ويكون كل واحد منهما واجب الطاعة‏.‏
        وزيد بن علي - لما كان مذهبه هذا المذهب أراد أن يحصل الأصول والفروع حتى يتحلى بالعلم فتلمذ في الأصول لواصل بن عطاء الغزال الألثغ رأس المعتزلة ورئيسهم مع اعتقاد واصل‏:‏ أن جده علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حروبه التي جرت بينه وبين أصحاب الجل وأهل الشام ما كان على يقين من الصواب وأن أحد الفريقين كان على الخطأ لا بعينه‏.‏فاقتبس منه الاعتزال وصارت أصحابه كلهم‏:‏ معتزلة‏.‏
        وكان من مذهبه‏:‏ جواز إمامة المفضول مع قيام الأفضل فقال‏:‏ كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه أفضل الصحابة إلا أن الخلافة فوضت إلى أبي بكر لمصلحة رأوها وقاعدة دينية راعوها‏:‏ من تسكين نائرة الفتنة وتطيب قلوب العامة فإن عهد الحروب التي جرت في أيام النبوة‏:‏ كان قريباً وسيف أمير المؤمنين علىّ عن دماء المشركين من قريش وغيرهم لم يجف بعد والضغائن في صدور القوم من طلب الثأر كما هي‏.‏ فما كانت القلوب تميل إليه كل الميل ولا تنقاد له الرقاب كل الانقياد فكانت المصلحة أن يكون القائم بهذا الشأن من عرفوه باللين والمودة والتقدم بالسن والسبق في الإسلام والقرب من رسول الله صل الله عليه وسلم‏.‏ ألا ترى أنه لما أراد في مرضه الذي مات فيه تقليد الأمر عمر بن الخطاب لشدته وصلابته وغلظه في الدين وفظاظته على الأعداء‏.‏ حتى سكنهم أبو بكر بقوله‏:‏ ‏"‏ لو سألني ربي لقلت‏:‏ وليت عليهم خيرهم‏:‏ لهم ‏"‏‏.‏
        وكذلك يجوز أن يكون المفضول إماماً والأفضل قائم فيرجع إايه في الأحكام ويحكم بحكمه في القضايا‏.‏ ولما سمعت شيعة الكوفة هذه المقالة منه وعرفوا أنه لا يتبرأ من الشيخين‏:‏ رفضوه حتى أتى قدره عليه فسميت رافضة‏.‏
وجرت بينه وبين أخيه الباقر‏:‏ محمد بن علي مناظرات لا من هذا الوجه بل‏:‏ من حيث كان يتلمذ لواصل بن عطاء ويقتبس العلم ممن يجوز الخطأ على جده في قتال الناكثين والقاسطين والمارقين ومن حيث يتكلم في القدر على غير ما ذهب غليه أهل البيت ومن حيث إنه كان يشترط الخروج شرطاً في كون الإمام إماماً حتى قال له يوماً‏:‏ على مقضى مذهبك‏:‏ والدك ليس بإمام فإنه لم يخرج قط ولا تعرض للخروج‏.‏
        ولما قتل زيد بن علي وصلب قام بالإمامة بعده يحيى بن زيد ومضى إلى خراسان واجتمعت عليه جماعة كثيرة‏.‏ وقد وصل إليه الخبر من الصادق جعفر بن محمد بأنه يقتل كما قتل أبوه ويصلب كما صلب أبوه فجرى عليه الأمر كما أخبر‏.‏ وقد فوض الأمر بعده إلى محمد وإبراهيم الإمامين وخرجا بالمدينة ومضى إبراهيم إلى البصرة واجتمع الناس عليهما وقتلا أيضاً‏.‏
وأخبرهم الصادق بجميع ما تم عليهم وعرفهم‏:‏ أن آباءه رضي الله عنهم أخبروه بذلك كله وأن بني أمية يتطاولن على الناس حتى لو طاولتهم الجبال لطالوا عليها وهم يستشعرون بغض أهل البيت‏.‏ ولا يجوز أن يخرج واحد من أهل البيت حتى يأذن الله تعالى بزوال ملكهم وكان يشير إلى أبي العباس وإلى أبى جعفر‏:‏ ابني محمد بن علي ابن عبد الله بن العباس‏.‏ وقال‏:‏ إنا لا نخوض في الأمر حتى يتلاعب به هذا وأولاده وأشار إلى المنصور‏.‏ فزيد بن علي قتل بكناسة الكوفة قتله هشام بن عبد الملك ويحيى بن زيد قتل بجوزجان خراسان قتله أميرها ومحمد الإمام قتل بالمدينة قتله عيسى بن هامان وإبراهيم الإمام قتل بالبصرة‏.‏ أمر بقتلهما المنصور‏.‏
        ولم ينتظم أمر الزيدية بعد ذلك حتى ظهر بخراسان صاحبهم‏:‏ ناصر الأطروش فطلب مكانه ليقتل فاختفى واعتزل الأمر وصار إلى بلاد الديلم والجبل ولم يتحلوا بدين الإسلام بعد فدعا الناس دعوة إلى الإسلام على مذهب زيد بن علي فدانوا بذلك ونشئوا عليه وبقيت الزيدية في تلك البلاد ظاهرين‏.‏ وكان يخرج واحد بعد واحد من الأئمة ويلي أمرهم‏.‏ وخالفوا بني أعمامهم من الموسوية في مسائل الأصول ومالت أكثر الزيدية بعد ذلك عن القول بإمامة المفضول وطعنت في الصحابة طعن الإمامية‏.‏
وهم أصناف ثلاثة‏:‏ جارودية وسليمانية وبترية‏.‏والصالحية منهم والبترية‏:‏ على مذهب واحد‏.‏
الجارودية
        أصحاب أبي الجارود‏:‏ زياد بن أبي زياد زعموا‏:‏ أن النبي صل الله عليه وسلم نص على علي رضي الله عنه بالوصف دون التسمية وهو الإمام بعده‏.‏ والناس قصروا حيث لم يتعرفوا بذلك‏.‏ وقد خالف الجارود في هذه المقالة إمامة‏:‏ زيد بن علي فإنه لم يعتقد هذا واختلفت الجارودية في‏:‏ التوقف والسوق‏.‏ فساق بعضهم الإمامة من علي إلى الحسن ثم إلى الحسين ثم إلى علي ابن الحسين‏:‏ زين العابدين ثم إلى ابنه‏:‏ زيد بن علي ثم منه إلى الإمام‏:‏ محمد ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب و قالوا بإمامته‏.‏
        وكان أبو حنيفة رحمه الله على بيعته ومن جملة شيعته حتى رفع الأمر إلى المنصور فحبسه حبس الأبدن حتى مات في الحبس‏.‏
        وقيل إنه إنما بايع محمد ابن عبد الله الإمام في أيام المنصور ولما قتل محمد بالمدينة‏.‏ فتم عليه ماتم‏.‏
        والذين قالوا بإمامة محمد بن عبد الله الإمام‏:‏ اختلفوا‏:‏ فمنهم من قال‏:‏ إنه لم يقتل وهو بعد حي وسيخرج فيملأ الأرض عدلاً ومنهم من أقر بموته وساق الإمامة إلى محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي ابن الحسين بن علي صاحب الطالقان وقد أسر في أيام المعتصم وحمل إليه فحبسه في داره حتى مات ومنهم مكن قال بإمامة يحيى بن عمر صاحب الكوفة فخرج ودعا الناس واجتمع عليه خلق كثير وقتل في أيام المستعين وحمل رأسه إلى محمد بن عبد الله بن طاهر‏.‏ حتى قال فيه بعض العلوية‏:
‏ قتلت أعز من ركب المطايا وجئتك أستلينك في الكلام
وعز علي أن ألقاك إلا و فيما بيننا حد الحسام
        وأما أبو الجارود فكان يسمى‏:‏ سرحوب سماه بذاك أبو جعفر محمد بن علي الباقر‏.وسرجوب‏:‏ شيطان أعمى يسكن البحر قاله الباقر‏:‏ تفسيراً‏.‏ ومن أصحاب أبي الجارود‏:‏ فضيل الرسان وأبو خالد الواسطي‏.‏ وهم مختلفون في الأحكام والسير فبعضهم يزعم‏:‏ أن علم ولد الحسن والحسين رضي الله عنهما كعلم النبي صل الله عليه وسلم فيحصل لهم العلم قبل التعلم‏:‏ فطرة وضرورة‏.‏و بعضهم يزعم‏:‏ أن العلم مشترك فيهم وفي غيرهم وجائز أن يؤخذ عنهم وعن غيرهم من العامة‏.‏
السليمانية
        أصحاب‏:‏ سليمان بن جرير وكان يقول‏:‏ إن الإمامة شورى فيما بين الخلق ويصح أن تنعقد بعقد رجلين من خيار المسلمين وإنها تصح في المفضول مع وجود الأفضل‏.‏ وأثبت إمامة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما حقاً باختيار الأمة حقاً اجتهادياً‏.‏
        وربما كان يقول‏:‏ إن الأمة أخطأت في البيعة لهما مع وجود علي رضي الله عنه خطأ لا يبلغ درجة الفسق وذلك الخطأ‏:‏ خطأ اجتهادي‏.‏غير أنه طعن في عثمان رضي الله عنهم بإقدامهم على قتال علي رضي الله عنه ثم إنه طعن في الرافضة فقال‏:‏ إن أئمة الرافضة قد وضعوا مقالتين لشيعتهم ثم لا يظهر أحد قط عليهم‏:‏
        إحداهما‏:‏ القول بالبداء فإذا أظهروا قولاً‏:‏ أنه سيكون
        والثانية‏:‏ التقية فكل ما أرادوا تكلموا به فإذا قيل لهم في ذلك‏:‏ إنه ليس بحق وظهر لهم البطلان قالوا‏:‏ إنما قلناه‏:‏ تقية وفعلناه‏:‏ تقية‏.‏ وتابعه على القول بجواز إمامة المفضول مع قيام الأفضل‏:‏ قوم من المعتزلة منهم‏:‏ جعفر بن مبشر وجعفر بن حرب وكثير النوى وهو من أصحاب الحديث‏.‏
        قالوا‏:‏ الإمامة من مصالح الدين‏:‏ ليس يحتاج إليها لمعرفة الله تعالى وتوحيده فإن ذلك حاصل بالعقل لكنها يحتاج إليها‏:‏ لإقامة الحدود والقضاء بين المتحاكمين وولاية اليتامى والأيامي وحفظ البيضة وإعلاء الكلمة ونصب القتال مع أعداء الدين وحتى يكون للمسلمين جماعة ولا يكون الأمر فوضى بين العامة فلا يشترط فيها أن يكون الإمام‏:‏ أفضل الأمة علماً وأقدمهم عهداً وأسدهم رأياً وحكمة إذا الحاجة تنسد بقيام المفضول مع وجود الفاضل والأفضل‏.‏
        ومالت جماعة من أهل السنة إلى ذلك حتى جوزوا‏:‏ أن يكون الإمام غير مجتهدن ولا خبير بمواقع الاجتهاد ولكن يجب أن يكون معه من يكون من أهل الاجتهاد‏:‏ فيراجعه في الأحكام ويستقي منه في الحلال والحرام ويجب أن يكون في الجملة ذا رأي متين وبصر في الحوادث نافذ‏.‏
الصالحية والبترية‏:‏
الصالحية‏:‏ أصحاب الحسن بن صالح بن حي‏.‏
والبترية‏:‏ أصحاب كثير النوى الأبتر‏.‏
        وهما متفقان في المذهب‏.‏وقولهم في الإمامة كقول السليمانية إلا أنهم توقفوا في أمر عثمان‏:‏ أهو مؤمن أم كافر قالوا‏:‏ إذا سمعنا الأخبار الواردة في حقه وكونه من العشرة المبشرين في الجنة وإذا رأينا الأحداث التي أحدثها‏:‏ من استهتاره بتربية بني أمية وبني مروان واستبداده بأمور لم توافق سيرة الصحابة‏.‏
        قلنا‏:‏ يجب أن نحكم بكفره فتحيرنا في أمره وتوقفنا في حالهن ووكلناه إلى أحكم الحاكمين‏.‏ وأما علي فهو أفضل الناس بعد رسول الله صل الله عليه وسلم وأولاهم بالإمامة لكنه سلم الأمر لهم راضياً وفوض إليهم الأمر طائعاً وترك حقه راغباً‏.‏
        فنحن راضون بما رضى وهم الذين جوزوا‏:‏ إمامة المفضول وتأخير الفضل والافضل إذا كان الأفضل راضياً بذلك‏.‏
        وقالوا‏:‏ من شهر سيفه من أولاد الحسن والحسين رضي الله عنهما وكان‏:‏ عالماً زاهداً شجاعاً فهو الإمام وشرط بعضهم صباحة الوجه‏.‏
ولهم خبط عظيم في إمامين وجدت فيهما هذه الشرائط وشهرا سيفهما‏:‏ ينظر إلى الأفضل والأزهد وإن تساويا‏:‏ ينظر إلى الأمتن رأياً والأحزم أمراً وإن تساويا تقابلا فينقلب الأمر عليهم كلا ويعود الطلب جذعاً والإمام مأموماً والأمير مأموراً‏.‏
ولو كانا في قطرين‏:‏ افرد كل واحد منهم بقطره ويكون واجب الطاعة في قومه‏.‏ ولو أفتى أحدهما بخلاف ما يفتي الآخر كان كل واحد منهما مصيباً وإن أفتى وأكثرهم في زماننا مقلدون لا يرجعون إلى رأي أو اجتهاد‏:‏ أما في الأصول فيرون راي المعتزلة‏:‏ حذو القذة بالقذة ويعظمون أئمة الاعتزال أكثر من تعظيمهم أئمة أهل البيت‏.‏
        وأما في الفروع فهم على مذهب أبي حنيفة إلا في مسائل قليلة يوافقون فيها الشافعي رحمه الله والشيعة‏.‏
رجال الزيدية أبو الجارود‏:‏ زياد بن المنذر العبدي لعنه جعفر ابن محمد الصادق رضي الله عنه والحسن بن صالح بن حي ومقاتل بن سليمانن والداعي ناصر الحق‏:‏ الحسن بن علي بن الحسن بن زيد ابن عمر بن الحسين بن علي والداعي الآخر صاحب طبرستان‏:‏ الحسين بن زيد ابن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي ومحمد بن نصر‏


....  يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:40 am

....  تابع

الشيعة


الإمامية
        هم القائلون بإمامة علي رضي الله عنه بعد النبي عليه السلام‏:‏ نصاً ظاهراً وتعييناً صادقاً من غير تعريض بالوصف بل إشارة إليه بالعين‏.‏
        قالوا‏:‏ وما كان في الدين والإسلام أمر أهم من تعيين الإمام حتى تكون مفارقته الدنيا على فراغ قلب من أمر الأمة فإنه إنما بعث‏:‏ لرفع الخلاف وتقرير الوفاق فلا يجوز أن يفارق الأمة ويتركهم هملاً‏:‏ يرى كل واحد منهم رأياً ويسلك كل منهم طريقاً لا يوافقه في ذلك غيره بل يجب أن يعين شخصاً هو المرجوع إليه وينص على واحد هو الموثوق به والمعول عليه‏.‏ وقد عين علياً رضي الله عنه في مواضع‏:‏ تعريضاً وفي مواضع‏:‏ تصريحاً‏.‏ أما تعريضاته فمثل‏:‏ أن بعث أبا بكر ليقرأ سورة براءة على الناس في المشهد وبعث بعده علياً ليكون هو القارىء عليهن والمبلغ عنه إليهم وقال‏:‏ نزل على جبريل عليه السلام فقال‏:‏ يبلغه رجل منك أو قال‏:‏ من قومك وهو يدل على تقديمه علياً عليه‏.‏ ومثل أن كان يؤمر على أبي بكر وعمر وغيرهما من الصحابة في البعوث وقد أمر عليهما‏:‏ عمرو بن العاص في بعث وأسامة بن زيد في بعث وما أمر على علي أحداً قط‏.‏
        وأما تصريحاته فمثل ما جرى في نأنأة الإسلام حين قال‏:‏ من الذي يبايعني على ماله فبايعته جماعة ثم قال‏:‏ من الذي يبايعني على روحه وهو وصي هذا الأمر من بعده " فلم يبايعه أحد حتى مد أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يده فبايعه على روحه ووفى بذلك حتى كانت قريش تعير أبا طالب‏:‏ أنه أمر عليك ابنك‏.‏ ومثل‏ ما جرى في كمال الإسلام وانتظام الحالحين نزل قوله تعالى :{ياأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}المائدة:67‏:‏ فلما وصل إلى غدير خم أمر بالدوحات فقممن ونادوا‏:‏ الصلاة جامعة‏.‏ ثم قال عليه السلام وهو على الرحال‏:‏ ‏"‏ من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم‏:‏ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار‏.‏ ألا هل بلغت‏:‏ ثلاثاً ‏"‏‏.فإنا ننظر‏:‏ من كان النبي صل الله عليه وسلم مولى له وبأي معنى فنطرد ذلك في حق علي رضي الله عنه‏.‏
        وقد فهمت الصحابة من التولية ما فهمناه حتى قال عمر حين استقبل علياً‏:‏ طوبى لك يا علي‏!‏ أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة‏.‏
        قالوا‏:‏ و قول النبي عليه السلام‏:‏ ‏"‏ أقضاكم علي ‏"‏ نص في الإمامة فإن الإمامة لا معنى لها إلا أن يكون‏:‏ أقضى القضاة في كل حادثة والحاكم على المتخاصمين في كل واقعة وهو معنى قول الله سبحانه وتعالى‏:‏ ‏"{‏ أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم }[النساء59]‏"‏ قالوا فأولوا الأمر‏:‏ من إليه القضاء والحكم‏.‏
        حتى وفي مسألة الخلافة لما تخاصمت المهاجرون والأنصار كان القاضي في ذلك هو‏:‏ أمير المؤمنين على دون غيره فإن النبي صل الله عليه وسلم كما حكم لكل واحد من الصحابة بأخص وصف له فقال‏:‏ أفرضكم زيد وأقرؤكم له وهو قوله‏:‏ ‏"‏ أقضاكم على ‏"‏ والقضاء يستدعي كل علم وما ليس كل علم يستدعي القضاء‏.‏
        ثم إن الإمامية تخطت عن هذه الدرجة إلى الوقيعة في كبار الصحابة‏:‏ طعناً وتكفيراً وأقله‏:‏ ظلماً وعدواناً‏.‏
        وقد شهدت نصوص القرآن على عدالتهم والرضا عن جملتهم قال الله تعالى‏:‏{‏ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة‏}[الفتح18].‏‏"‏ وكانوا إذ ذاك ألفاً وأربعمائة وقال الله تعالى ثناءا على المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم‏:‏{ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه}[التوبة 100] وقال‏:‏ {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة }التوبة 117]وقال تعالى‏:‏ ‏{ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم}[النور 55] ‏"‏‏.‏
        وفي ذلك دليل على عظم قدرهم عند الله تعالى وكرامتهم ودرجتهم عند الرسول صل الله عليه وسلم‏.‏
        فليت شعري‏!‏ كيف يستجير ذو دين الطعن فيهم ونسبة الكفر إليهم‏!‏ وقد قال النبي عليه السلام‏:‏ عشرة من أصحابي في الجنة‏:‏ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الرحمن ابن عوف وأبو عبيدة بن الجراح إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في حق كل واحد منهم على انفراد وإن نقلت هنات من بعضهم فليتدبر النقل فإن أكاذيب الروافض كثيرة وإحداث المحدثين كثيرة‏.‏
        ثم إن الإمامية لم يثبتوا في تعيين الأئمة بعد‏:‏ الحسن والحسين وعلي بن الحسين رضي الله عنهم على رأي واحد بل اختلافاتهم أكثر من اختلافات الفرق كلها حتى قال بعضهم‏:‏ إن نيفاً وسبعين فرقة من الفرق المذكورة في الخبر هو في الشيعة خاصة ومن عداهم فهم خارجون عن الأمة‏.‏
        وهم متفقون في الإمامة وسوقها إلى جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه ومختلفون في المنصوص عليه بعده من أولاده وقيل‏:‏ ستة‏:‏ محمد وإسحاق وعبد الله وموسى وإسماعيل وعلي‏.‏
ومن ادعى منهم النص والتعيين‏:‏ محمد وعبد الله وموسى وإسماعيل‏.ثم‏:‏ منهم من مات ولم يعقب ومنهم من مات وأعقب‏.‏ ومنهم من قال بالتوقف والإنتظار والرجعة‏.‏
        ومنهم من قال بالسوق والتعدية كما سيأتي ذكر اختلافاتهم عند ذكر طائفة طائفة وكانوا في الأول على مذهب أئمتهم في الأصول ثم لما اختلفت الروايات عن أئمتهم وتمادى الزمان‏:‏ اختارت كل فرقة منهم طريقة فصارت الإمامية بعضها‏:‏ إما وعيدية وإما تفضيلية وبعضها إخبارية‏:‏ أما مشبهة وإما سلفية‏.‏ ومن ضل الطريق وتاه لم يبال الله به في أي واد هلك‏.‏
الباقرية والجعفرية الواقفة
        أتباع‏:‏ محمد الباقر بن علي زين العابدين وابنه جعفر الصادق‏.‏ قالوا بإمامتهما وإمامة والدهما‏:‏ زين العابدين‏.‏ إلا أن منهم من توقف على واحد منهما وما ساق الإمامة إلى أولادهما ومنهم من ساق‏.وإنما ميزنا هذه‏:‏ فرقة دون الأصناف المتشيعة التي نذكرها لأن من الشيعة من توقف على الباقر وقال برجعته كما توقف القئلون بإمامة أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق وهو ذو علم غزير في الدين وأدب كامل في الحكمة وزهد بالغ في الدنيا وورع تام عن الشهوات وقد أقام بالمدينة مدة‏:‏ يفيد الشيعة المنتمين إليه ويفيض على الموالين له أسرار العلوم ثم دخل العراق وأقام بها مدة‏:‏ ما تعرض للإمامة قط ولا نازع أحداً في الخلافة قط‏.ومن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شط ومن تعلى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حط‏.‏ وقيل‏:‏ من أنس بالله توحش عن الناس ومن استأنس بغير الله نهبه الوسواس‏.‏ وهو من جانب الأب‏:‏ ينتسب إلى شجرة النبوة ومن جانب الأم‏:‏ ينتسب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه‏.‏ وقد تبرأ عما كان ينسب إليه بعض الرافضة وحماقاتهم من القول بالغيبة والرجعة والبداء والتناسخ والحلول والتشبيه‏.‏ لكن الشيعة بعده افترقوا وانتحل كل واحد منهم مذهباً وأراد أن يروجه على أصحابه فنسبه إليه وربطه به‏.‏ والسيد برىء من ذلك ومن الاعتزال والقدر أيضاً‏.‏
هذا قوله في الإرادة‏:‏ ‏"‏ إن الله تعالى أراد بنا شيئاً وأراد منا شيئاً فما أراده بنا طواه عنا وما أراده منا‏:‏ أظهره لنا فما بالنا نشتغل بما أراده بنا عما أراده منا‏!‏‏.‏ وهذا قوله في القدر‏:‏ هو أمر بين أمرين‏:‏ لا جبر ولا تفويض‏.‏
        وكان يقول في الدعاء‏:‏ اللهم لك الحمد إن أطعتك ولك الحجة إن عصيتك لا صنع لين ولا لغيري في إحسان ولا حجة لي ولا لغيري في إساءة‏.‏
فنذكر الأصناف الذين اختلفوا فيه ونعدهم لا على أنهم من تفاصيل أشياعه‏:‏ بل‏:‏ على أنهم منتسبون إلى أصل شجرتهوفرع أولاده ليعلم ذلك.
الناووسية
        أتباع رجل يقال له‏:‏ ناووس وقيل‏:‏ نسبوا إلى قرية‏:‏ ناوسا‏.‏
قالت‏:‏ إن الصادق حي بعد ولن يموت حتى يظهر فيظهر أمره وهو القائم المهدين ورووا عنه أنه قال‏:‏ لو رأيتم رأسي يدهده عليكم من الجبل فلا تصدقوا فإني‏:‏ صاحبكم صاحب السيف‏.‏ وحكى أبو حامد الزوزني‏:‏ أن النووسية زعمت أن علياً باق وستنشق الأرض عنه قبل يوم القيامة فيملأ الأرض عدلاً‏.‏
الأفطحية
        قالوا بانتقال الإمامة من الصادق إلى ابنه‏:‏ عبد الله الأفطح وهو أخوه إسماعيل من أبيه وأمه وأمهما‏:‏ فاطمة بنت الحسين ابن الحسن بن علي وكان أسن أولاد الصادق‏.‏ زعموا أنه قال‏:‏ الإمامة في أكبر أولاد الإمام‏.‏ وقال‏:‏ الإمام من يجلس مجلسي وهو الذي جلس مجلسه والإمام‏:‏ لا يغسله ولا يصلى عليه ولا يأخذ خاتمه ولا يواريه إلا الإمام وهو الذي تولى ذلك كله‏.‏
ودفع الصادق وديعة إلى بعض أصحابه وأمره أن يدفعها إلى من يطلبها منه وان يتخذه إماماً وماتن ولم يعقب ولداً ذكراً‏.‏
الشميطية
        أتباع‏:‏ يحيى بن أبي شميط‏.‏ قالوا‏:‏ إن جعفراً قال‏:‏ إن صاحبكم اسمه اسم نبيكم‏.‏ وقد قال له والداه رضوان الله عليهما‏:‏ إن ولد لك ولد فسميته باسمي فهو الإمام فالإمام بعده‏:‏ ابنه محمد‏.‏
الإسماعيلية الواقفة
        قالوا‏:‏ إن الإمام بعد جعفر‏:‏ إسماعيل نصاً عليه باتفاق من أولاده إلا أنهم اختلفوا في موته في حال أبيه‏:‏ فمنهم من قال‏:‏ لم يمت إلا أنه أظهر موته تقية من خلفاء بني العباس وأنه عقد محضراً وأشهد عليه عامل المنصور بالمدينة‏.‏
ومنهم من قال‏:‏ موته صحيح والنص لا يرجع قهقري والفائدة في النص بقاء الإمامة في أولاد المنصوص عليه دون غيرهم‏.فالإمام بعد إسماعيل‏:‏ محمد ابن إسماعيل‏.‏ وهؤلاء يقال لهم‏:‏ المباركية‏.‏ثم منهم من وقف على محمد ابن إسماعيل وقال برجعته بعد غيبته‏.‏ ومنهم من ساق الإمامة في المستورين منهم ثم في الظاهرين القائمين من بعدهم وهم الباطنية وسنذكر مذاهبهم على الإنفراد‏.‏ و إنما مذهب هذه الفرقة‏:‏ الوقف على إسماعيل بن جعفر أو محمد بن إسماعيل‏.‏ والأسماعيلية المشهورة في الفرق منهم هم‏:‏ الباطنية التعليمية اللذين لهم مقالة مفردة
الموسوية والمفضلية
        فرقةواحدة قالت بإمامة موسى بن جعفر نصاً عليه بالإسم حيث قال الصادق رضي اللع عنه‏:‏ سابعكم قائمكم وقيل‏:‏ أن أولاد الصادق على تفرق‏:‏ فمن ميت في حال حياة أبيه ولم يعقب ومن مختلف في موته ومن قائم بعد موته مدة يسيرة ومن ميت غير معقب‏.‏ وكان موسى هو الذي تولى الأمر وقام بعد موت أبيه‏:‏ رجعوا إليه واجتمعوا عليه مثل‏:‏ المفضل بن عمر وزرارة بن أعين وعمار الساباطي‏.وروت الموسوية عن الصادق رضي الله عنه أنه قال لبعض أصحابه‏:‏ عد الأيام فعدها من الأحد‏.‏ حتى بلغ السبت فقال له كم عددت فقال‏:‏ سبعة‏:‏ سبت السبوت وشمس الدهور ونور الشهور‏:‏ من لا يلهو ولا يلعب وهو سابعكم قائمكم هذا وأشار إلى ولده‏:‏ موسى الكاظم‏.‏ وقال فيه أيضاً‏:‏ إنه شبيه بعيسى عليه السلام‏.‏ ثم إن موسى لما خرج وأظهر الإمامة‏:‏ حمله هارون الرشيد من المدينة فحبسه عند عيسى بن جعفر ثم أشخصه إلى بغداد فحبسه عند السندي بن شاهك‏.‏ وقيل‏:‏ إن يحيى بن خالد بن برمك سمه في رطب فقتله وهو في الحبس‏.ثم أخرج ودفن في مقابر قريش ببغداد‏.‏
        واختلفت الشيعة بعده‏:‏ فمنهم من توقف في موته وقال‏:‏ لا ندري أمات أم لم يمت‏!‏ ويقال لهم المطمورة سماهم بذلك علي بن إسماعيل فقال‏:‏ ما أنتم إلا كلاب مطمورة‏.‏ ومنهم من قطع بموته ويقال لهم القطيعة‏.‏ ومنهم من توقف
وقال إنه لم يمت ، وسيخرج بعد الغيبة ،ويقال لهم الواقفة



الاثنا عشرية
        إن الذين قطعوا بموت موسى الكاظم بن جعفر الصادق وسموا‏:‏ قطعية ساقوا الإمامة بعده في أولاده فقالوا‏:‏ الإمام بعد موسى الكاظم ولده‏:‏ علي الرضي ومشهده بطوس‏.‏ ثم بعده‏:‏ محمد النقي الجواد أيضاً وهو في مقابر قريش ببغداد ثم بعده‏:‏ علي بن محمد النقي ومشهده بقم‏.‏ وبعده‏:‏ الحسن العسكري الزكي‏.وبعده ابنه‏:‏ محمد القائم المنتظر الذي هو بسر من رأى وهو الثاني عشر‏.هذا هو طريق الإثني عشرية في زماننا‏.‏
        إلا أن الاختلافات التي وقعت في حال كل واحد من هؤلاء الإثني عشرية و المنازعات التي جرت بينهم وبين إخوتهم وبني أعمامهم‏.‏وجب ذكرها لئلا يشذ عنا مذهب لم نذكره و مقاغلة لم نوردها‏.‏ فاعلم أن الشيعة من قال بإمامة‏:‏ أحمد بن موسى بن جعفر دون أخيه‏:‏ علي الرضي‏.‏ ومن قال بعلي‏:‏ شك أولاً في محمد بن علي إذ مات أبوه وهو صغير غير مستحق للإمامة ولا علم عنده بمناهجها‏.‏ وثبت قوم على إمامته‏.‏ واختلفوا بعد موته أيضاً‏:‏ فقال قوم بإمامة موسى بن محمد‏.‏
        وقال قوم آخرون بإمامة‏:‏ علي بن محمد ويقولون‏:‏ هو العسكري‏.‏ واختلفوا بعد موته أيضاً‏:‏ فقال قوم بإمامة جعفر بن علي وقال قوم بإمامة محمد بن علي وقال قوم بإمامة الحسن بن علي‏.‏ وكان لهم رئيس يقال له‏:‏ علي بن فلان الطاحن وكان من أهل الكلام‏:‏ قوى أسباب جعفر ابن علي وأمال الناس إليه وأعانه فارس بن حاتم بن ماهويه وذلك أن علياً قد مات وخلف الحسن العسكري‏.‏قالوا‏:‏ امتحنا الحسن فلم نجد عنده علماً ولقبوا من قال بإمامة الحسن‏:‏ الحمارية وقوموا أمر جعفر بعد موت الحسن واحتجوا بأن الحسن مات بلا خلف فبطلت إمامته ولأنه لم يعقب والإمام لا يموت إلا ويكون له خلف وعقب‏.‏ وحاز جعفر ميراث الحسن بعد دعاوى ادعاها عليه‏:‏ أنه فعل ذلك من حبل في جواريه وغيرهم‏.‏ وانكشف أمره عند السلطان والرعية وخواص الناس وعوامهم‏.‏ وتشتت كلمة من قال بإمامة الحسن وتفرقوا أصنافاً كثيرة منهم‏:‏ الحسن بن علي بن فضال وهو من أجل أصحابهم وفقهائهم كثير الفقه والحديث‏.ثم قالوا بإمامة جعفر‏:‏ بعلي بن جعفر وفاطمة بنت علي‏:‏ أخت جعفر‏.‏ وقال قوم بإمامة علي بن جعفر دون فاطمة السيدة‏.‏ ثم اختلفوا بعد موت علي وفاطمة اختلافاً كثيراً‏.‏
وغلا بعضهم في الإمامة غلواً كأبي الخطاب الأسدي‏.‏
        وأما الذين قالوا بإمامة الحسن فافترقوا بعد موته إحدى عشرة فرقة وليست لهم ألقاب مشهورة ولكنا نذكر أقاويلهم‏:‏
الفرقة الأولى‏:‏ قالت‏:‏ إن الحسن لم يمت وهو‏:‏ القائم ولا يجوز أن يموت ولا ولد له ظاهراً لأن الأرض لا تخلو من إمام وقد ثبت عندنا‏:‏ أن القائم له غيبتان وهذه إحدى الغيبتين وسيظهر
الثانية‏:‏ قالت‏:‏ إن الحسن مات ولكنه يحيا وهو القئم لأنا رأينا أن معنى القائم‏:‏ هو القيام بعد الموت فنقطع بموت الحسن ولا نشك فيه ولا ولد له فيجب أن يحيا بعد المرت‏.‏
الثالثة‏:‏ قالت‏:‏ إن الحسن قد مات وأوصى إلى جعفر أخيه ورجعت الإمامة إلى جعفر‏.‏
الرابعة‏:‏ قالت‏:‏ إن الحسن قد مات والإمام جعفر وإنا كنا مخطئين في الائتمام به إذ لم يكن إماماً فلما مات ولا عقب له تبينا‏:‏ أن جعفر كان محقاً في دعواه والحسن مبطلاً‏.‏
الخامسة‏:‏ قالت‏:‏ إن الحسن قد مات‏:‏ وكنا مخطئين في القول به وإن الإمام كان محمد بن علي أخا الحسن وجعفر ولما ظهر لنا فسق جعفر وإعلانه به وعلمنا أن الجحسن كان على مثل حاله إلا أنه كان يتستر‏:‏ عرفنا أنهما لم يكونا إمامين فرجعنا إلى محمد ووجدنا له عقباً وعرفنا أنه كان هو الإمام دون أخويه‏.‏
السادسة‏:‏ قالت‏:‏ إن الحسن كان له ابن وليس الأمر على ما ذكروا‏:‏ أنه مات ولم يعقب بل ولد له ولد قبل وفاة أبيه بسنتين فاستتر خوفاً من جعفر وغيره من الأعداء واسمه محمد وهو‏:‏ الإمام القائم الحجة المنتظر‏.‏
السابعة‏:‏ قالت‏:‏ إن له إبناً ولكنه ولد بعد موته بثمانية أشهر وقول من ادعى أنه مات وله ابن باطل لا ذلك لو كان لم يخف ولا يجوز مكابرة العيان‏.‏
الثامنة‏:‏ قالت‏:‏ صحت وفاة الحسن وصح أن لا ولد له وبطل ما ادعى‏:‏ من الحبل في سرية له فثبت أن الإمام بعد الحسن غير موجود وهو جائز في المقولات‏:‏ أن يرفع الله الحجة عن أهل الأرض لمعاصيهم وهي‏:‏ فترة وزمان لا إمام فيه والأرض اليوم بلا حجة كما كانت الفترة قبل مبعث النبي صل الله عليه وسلم‏.‏
التاسعة‏:‏ قالت‏:‏ إن الحسن قد مات وصح موته وقد اختلف الناس هذه الاختلافات ولا ندري كيف هو ولا نشك أنه قد ولد له ابن ولا ندري‏:‏ قبل موته أو بعد موته إلا أنا نعلم يقيناً‏:‏ أن الأرض لا تخلو من حجة وهو‏:‏ الخلف الغائب فنحن نتولاه ونتمسك به باسمه حتى يظهر بصورته‏.‏
العاشرة‏:‏ قالت‏:‏ نعلم أن الحسن قد مات ولا بد للناس من إمام فلا تخلو الأرض من حجةن ولا ندري‏:‏ من ولده أم من ولد غيره الحادية عشرة‏:‏ فرقة‏:‏ توقفت في هذا التخابط وقالت‏:‏ لا ندري على القطع حقيقة الحال لكنا نقطع في الرضي ونقول بإمامته‏.‏
وفي كل موضع اختلفت الشيعة فيه‏:‏ فنحن من الواقفة في ذلك إلى أن يظهر الله الحجة ويظهر بصورته فلا يشك في إمامته من أبصره ولا يحتاج إلى معجزة وكرامة وبينة بل معجزته‏:‏ إتباع الناس بأسرهم إياه من غير منازعة ولا مدافعة‏.‏
ومن العجب‏!‏ أنهم قالوا‏:‏ الغيبة قد امتدت مائتين ونيفاً وخمسين سنة وصاحبنا قال‏:‏ إن خرج القائم وقد طعن في الأربعين فليس بصاحبكم ولسنا ندري كيف تنقضي مائتان ونيف وخمسون سنة في أربعين سنة‏!‏‏.‏
وإذا سئل القوم عن مدة الغيبة‏:‏ كيف تتصور قالوا‏:‏ أليس الخضر وإلياس عليهما السلام يعيشان في الدنيا من آلا السنين لا يحتاجان إلى طعام وشراب فلم لا يجوز ذلك في واحد من أهل البيت
        قيل لهم‏:‏ ومع اختلافكم هذا كيف يصح لكم دعوى الغيبة‏.‏ ثم الخضر عليه السلام ليس مكلفاً بضمان جماعة والإمام عندكم‏:‏ ضامن مكلف بالهداية والعدل والجماعة مكلفون بالإقتداء به والإستنان بسنته ومن لا يرى كيف يقتدى به‏.‏ فلهذا صارت الإمامية متمسكين بالعدلية في الأصول وبالمشبهة في الصفات متحيرين تائهين‏.‏ وبين الإخبارية منهم والكلامية‏:‏ سيف وتكفير‏.وكذلك بين التفضيلية والوعيدية‏:‏ قتال وتضليل‏.أعاذنا الله من الحيرة‏.‏
        ومن العجب‏!‏ أن القائلين بإمامة المنتظر مع هذا الاختلاف العظيم الذي بينت‏:‏ لا يستحيون فيدعون فيه أحكام الإلوهية ويتأولون قوله تعالى‏:‏ عليه:{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة}التوبة:105 ‏"‏‏.‏
قالوا‏:‏ هو الإمام المنظر الذي يرد إليه علم الساعة ويدعون فيه أنه لا يغيب عنا وسيخبرنا بأحوالنا حين يحاسب الخلق‏.‏ إلى تحكمات باردة وكلمات عن العقول شاردة‏.‏
لقد طفت في تلك المعاهد كلها وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر‏ إلا واضعاً كف حائر على ذقن أوقاعاً سن نادم
أسامي الأئمةالإثني عشر عند الإمامية‏:‏ المرتضى والمجتبى والشهيد والسجاد والباقر والصادق والكاظم والرضي والتقي والنقي والزكي والحجة القائم المنتظر‏
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الغالية
        هؤلاء هم الذين غالوا في حق أئمتهم حتى أخرجوهم من حدود الخليقية وحكموا فيهم بأحكام الإلهية فربما شبهوا واحداً من الأئمة بالإله و ربما شبهوا الإله بالخلق‏.‏ وهم على طرفي الغلو والتقصير‏.‏
وإنما نشأت شبهاتهم من مذاهب الحلولية ومذاهب التناسخية ومذاهب اليهود والنصارى إذ اليهود شبهت الخالق بالخلق والنصارى شبهت الخلق بالخالق‏.‏ فسرت هذه الشبهات في أذهان الشيعة الغلاة حتى حكمت بأحكام الإلهية في حق بعض الأئمة‏.‏
وكان التشبيه بالأصل والوضع في الشيعة وإنما عادت إلى بعض أهل السنة بعد ذلك وتمكن الإعتزال فيهم لما رأوا أن ذلك أقرب إلى المعقول وأبعد من التشبيه والحلول‏.‏
        وبدع الغلاة محصورة في أربع‏:‏ التشبيه والبداء والرجعة والتناسخ‏.‏ ولهم ألقاب وبكل بلد لقب‏:‏ فيقال لهم بأصبهان‏:‏ الخرمية والكوذية وبالري‏:‏ المزدكية والسنباذية وبأذربيجان‏:‏ الدقولية وبموضع‏:‏ المحمرة وبما وراء النهر‏:‏ المبيضة‏.‏
        وهم أحد عشر صنفاً‏:‏ السبائية أصحاب عبد الله بن سبأ الذي قال لعلي كرم الله وجهه‏:‏ أنت أنت يعني‏:‏ أنت الإله فنفاه إلى المدائن‏.زعموا‏:‏ أنه كان يهودياً فأسلم وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون وصي موسى عليهما السلام مثل ما قال في علي رضي الله عنه‏.‏وهو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي رضي الله عنه‏.‏ ومنه انشعبت أصناف الغلاة‏.‏
زعم أن علياً حي لم يمت ففيه الجزء الإلهي ولا يجوز أن يستولي عليه وهو الذي يجيء في السحاب والرعد صوته والبرق تبسمه‏:‏ وأنه سينزل إلى الأرض بعد ذلك فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً‏.‏
        وإنما أظهر ابن سبا هذه المقالة بعد انتقال علي رضي الله عنه واجتمعت عليه جماعة وهم أول فرقة قالت بالتوقف والغيبة والرجعة وقالت بتناسخ الجزء الإلهي في الأئمة بعد علي رضي الله عنه‏.‏
قال‏:‏ وهذا المعنى مما كان يعرفه فيه حين فقأ عين واحد بالحد في الحرم ورفعت القصة إليه‏:‏ ماذا أقول في يد الله فقأت عينا في حرم الله فأطلق عمر اسم الإلهية عليه لما عرف منه ذلك‏.‏
الكاملية
        أصحاب أبي كامل أكفر جميع الصحابة بتركها بيعة علي رضي الله عنه‏.‏ وطعن في علي أيضاً بتركه طلب حقه ولم يعذره في القعود قال‏:‏ وكان عليه أن يخرج ويظهر الحق على أنه غلا في حقه‏.‏ وكان يقول‏:‏ الإمامة نور يتناسخ من شخص إلى شخص وذلك النور‏:‏ في شخص يكون نبوة وفي شخص يكون إمامة وربما تتناسخ الإمامة فتصير نبوة وقال بتناسخ الأرواح وقت الموت‏.‏
والغلاة على أصنافها كلهم متفقون على‏:‏ التناسخ والحلول‏.ولقد كان التناسخ مقالة لفرقة في كل ملة تلقوها من‏:‏ المجوس المزدكية والهند البرهمية ومن الفلاسفة والصائبة‏.‏
        ومذهبهم‏:‏ أن الله تعالى قائم بكل زمان ناطق بكل لسان ظاهر في كل شخص من أشخاص البشر وذلك بمعنى الحلول‏.‏ وقد يكون الحلول بجزء وقد يكون بكل‏:‏ أما الحلول بجزء فهو كإشراق الشمس في كوة أو كإشراقها على البللور أما الحلول بكل فهو كظهور ملك بشخص أو شيطان بحيوان‏.‏
        ومراتب التناسخ أربع‏:‏ النسخ والمسخ والفسخ والرسخ‏.‏ وسيأتي شرح ذلك عند ذكر فرقهم من المجوس على التفصيل‏.وأعلى المراتب‏:‏ مرتبة الملكية أو النبوة وأسفل الوراتب‏:‏ الشيطانية أو الجنية‏.‏وهذا أبو كامل كان يقول بالتناسخ ظاهراً من غير تفصيل مذهبهم‏.‏
العلبائية
        أصحاب‏:‏ العلباء بن ذراع الدوسي وقال قوم‏:‏ هو الأسدي‏.‏ وكان يفضل علياً على النبي صلى الله عليه وسلم وزعم أنه الذي بعث محمداً يعني علياً وسماه إلهاً‏.‏وكان يقول بذم محمد صل الله عليه وسلم وزعم أنه بعث ليدعو إلى علي فدعا إلى نفسه‏.‏ ويسمون هذه الفرقة‏:‏ الذمية‏.‏ ومنهم من قال بإلهيتهما جميعاً ويقدمون علياً في أحكام إلهية ويسمونهم‏:‏ العينية‏.‏ ومنهم من قال‏:‏ بإلهيتهما جميعاً ويفضلون محمداً في الإلهية ويسمونهم‏:‏ الميمية‏.‏ ومنهم من قال بالإلهية لجملة أشخاص أصحاب الكساء‏:‏ محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين‏.‏ وقالوا خمستهم شيء واحد والروح حالة فيهم بالسوية لا فضل لواحد منهم على الآخر وكرهوا أن يقولوا‏:‏ فاطمة بالتأنيث بل قالوا‏:‏ فاطم بلا هاء وفي ذلك يقول بعض شعرائهم‏:‏ توليت بعد الله في الدين خمسة‏:‏ نبياً وسبطية وشيخاً وفاطماً‏.‏
المغيرية
        أصحاب‏:‏ المغيرة بن سعيد العجلي‏.ادعى أن الإمامة بعد محمد بن علي بن الحسين في‏:‏ محمد النفس الزكية بن عبد الله ابن الحسن بن الحسن الخارج بالمدينة وزعم أنه حي لم يمت،وكان المغيرة مولى لخالد بن عبد الله القسري وادعى الإمامة لنفسه بعد الإمام محمد وبعد ذلك ادعى النبوة لنفسه واستحل المحارم وغلا في حق علي رضي الله عنه غلواً لا يعتقده عاقل‏.‏ وزاد على ذلك قوله بالتشبيه فقال‏:‏ إن الله تعالى صورة وجسم ذو أعضاء على مثال حروف الهجاء وصورته صورة رجل من نور على رأسه تاج من نور وله قلب تنبع منه الحكمة‏.‏ وزعم أن الله تعالى لما أراد خلق العالم تكلم بالأسم الأعظم فطار فوقع على رأسه تاجاً قال‏:‏ وذلك قوله‏{ سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى‏}الأعلى1].‏ثم اطلع على أعمال العباد وقد كتبها على كفه فغضب من المعاصي فعرق فاجتمع من عرقه بحران‏:‏ أحدهما مالح والآخر عذب والمالح مظلم والعذب نير‏.‏ ثم اطلع في البحر النير فأبصر ظله فانتزع عين ظله فخلق منها الشمس والقمر كله من البحرين فخلق المؤمنون من البحر النير وخلق الكفار من البحر المظلم وخلق ظلال الناس أول ما خلق وأول ما خلق هو ظل محمد عليه السلام وظل علي قبل خلق ظلال الكل‏.‏ ثم عرض على السموات والأرض والجبال أن يحملن الأمانة وهي أن يمنعن علي بن أبي طالب من الإمامة فأبين ذلك ثم عرض ذلك على الناس فأمر عمر بن الخطاب أبا بكر أن يتحمل منعه من ذلك وضمن له أن يعينه على الغدر به على شرط أن يجعل الخلافة له من بعده فقبل منه وأقدما على المنع متظاهرين فذلك قوله تعالى‏:{‏ وحملها الإنسان إنه طكان ظلوماً جهولا}[الأحزاب 72]ً‏:‏‏.‏
وزعم أنه نزل في حق عمر قوله تعالى‏:{‏ كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك}الحشر 16 ‏"‏‏.‏ ولما أن قتل المغيرة اختلف أصحابه‏:‏ فمنهم من قال بانتظاره ورجعته ومنهم من قال بانتظار إمامة‏:‏ محمد كما كان يقول بانتظاره‏.‏ وقد قال المغيرة بإمامة أي جعفر محمد بن علي رضي الله عنهما ثم غلا فيه وقال بإلهيته فتبرأ منه الباقر ولعنه‏.‏ وقد قال المغيرة لأصحابه‏:‏ انتظروه فإنه يرجع وجبريل وميكائيل يبايعانه بين الركن والمقام وزعم‏:‏ أنه يحيي الموتى‏.‏
المنصورية
        أصحاب أبي منصور العجلي وهو الذي عزا بنفسه إلى أبي جعفر محمد بن علي الباقر في الأول فلما تبرأ منه الباقر وطرده زعم أنه هو الإمام ودعا الناس إلى نفسه ولما توفي الباقر قال‏:‏ انتقلت الإمامة إلي وتظاهر بذلك‏.‏
وخرجت جماعة منهم بالكوفة في بني كندة حتى وقف يوسف بن عمر الثقفي والي العراق في أيام هشام بن عبد الملك على قصته وخبث دعوته فأخذه وصلبه‏.زعم أبو منصور العجلي‏:‏ أن علياً رضي الله عنه هو الكسف الساقط من السماء وربما قال‏:‏ الكسف الساقط من السماء هو الله تعالى‏.‏ وزعم حين ادعى الإمامة لنفسه أنه عرج به إلى السماء ورأى معبوده فمسح بيده رأسه وقال له‏:‏ يا بني‏!‏ أنزل فبلغ عني ثم أهبطه إلى الأرض فهو الكسف الساقط من السماء‏.‏ وزعم أيضاً‏:‏ أن الرسل لا تنقطع أبداً والرسالة لا تنقطع‏.‏وزعم‏:‏ أن الجنة رجل أمرنا بموالاته وهو إمام الوقت وأن النار رجل أمرنا بمعاداته وهو خصم الإمام وتأول المحرمات كلها على أسماء رجال أمرنا الله تعالى بمعاداتهم‏.‏وتأول الفرائض على أسماء رجال أمرنا بموالاتهم‏.‏ واستحل أصحابه‏‏ قتل مخالفيهم وأخذ أموالهم واستحلال نسائهم‏.‏ وهم صنف من الخرمية‏.وإنما مقصودهم من حمل الفرائض والمحرمات على أسماء رجال‏:‏ هو أن من ظفر بذلك الرجل وعرفه فقد سقط عنه التكليف وارتفع الخطاب إذ قد وصل إلى الجنة وبلغ الكمال‏.‏
ومما أبدعه العجلي أنه قال‏:‏ إن أول ما خلق الله تعالى هو عيسى ابن مريم عليه السلام ثم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه‏.‏
الخطابية
        أصحاب أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الأسدي الأجدع مولى بني أسد وهو الذي عزا نفسه إلى أبي عبد الله جعفر ابن محمد الصادق رضي الله عنهن فلما وقف الصادق على غلوه الباطل في حقه‏:‏ تبرأ منه ولعنه وأمر أصحابه بالبراءة منه وشدد القول في ذلك وبالغ في التبري منه واللعن عليه فلما اعتزل عنه ادعى الإمامة لنفسه‏.‏ زعم أبو الخطاب‏:‏ أن الأئمة أنبياء ثم آلهة وقال بإلهية جعفر بن محمد وإلهية آبائه رضي الله عنهم وهم أبناء الله وأحباؤه‏.والإلهية نور في النبوة والنبوة نور في الإمامة ولا يخلو العالم من هذه الآثار والأنوار وزعم أن جعفراً هو الإله في زمانه وليس هو المحسوس الذي يرونه ولكن لما نزل إلى هذا العالم‏:‏ لبس تلك الصورة فرآه الناس فيها‏.ولما توقف عيسى بن موسى صاحب المنصور على خبث دعوته‏:‏ قتله بسبخة الكوفة‏.‏ وافترقت الخطابية بعدة فرقاً‏:‏ فزعمت فرقة‏:‏ أن الإمام بعد أبي الخطاب رجل يقال له‏:‏ معمر ودانوا به كما دانوا بأبي الخطاب‏.‏وزعموا أن الدنيا لا تفنى وأن الجنة هي التي تصيب الناس من خير ونعمة وعافية وأن النار‏:‏ هي التي تصيب الناس من شر ومشقة وبلية‏.‏ واستحلوا‏:‏ الخمر والزنا وسائر المحرمات‏.‏ودانوا بترك الصلاة والفرائض وتسمى هذه الفرقة المعمرية‏.‏
        وزعمت طائفة‏:‏ أن الإمام بعد أبي الخطاب‏:‏ بزيغ‏.‏وكان يزعم‏:‏ أن جعفراً هو الإله أي ظهر الإله بصورته للخلق‏.‏ وزعم‏:‏ أن كل مؤمن يوحى إليه من الله و تأول قول الله تعالى‏:‏{‏ وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله }يونس 100‏"‏ أي‏:‏ بوحي إليه من الله وكذلك قوله تعالى‏:‏ ‏"‏ {وأوحى ربك إلى النحل}النحل 68 ‏"‏‏.‏وزعم‏:‏ أن من أصحابه من هو أفضل من جبريل وميكائيل‏.‏ و زعم‏:‏ أن الإنسان إذا بلغ الكمال لا يقال له‏:‏ إنه قد مات‏:‏ ولكن الواحد منهم إذا بلغ النهاية قيل‏:‏ رجع إلى الملكوت‏.‏ وادعوا كلهم معاينة أمواتهم وزعموا أنهم يرونهم‏:‏ بكرة وعشياً‏.وتسمى هذه الطائفة‏:‏ البزيغية‏.‏
        وزعمت طائفة‏:‏ أن الإمام بعد أبي الخطاب‏:‏ عمير بن بيان العجلي وقالوا‏:‏ كما قالت الطائفة الأولى إلا أنهم اعترفوا بأنهم يموتون وكانوا قد نصبوا خيمة بكناسة الكوفة يجتمعون فيها على عبادة الصادق رضي الله عنهح فرفع خبرهم إلى يزيد بن عمر بن هبيرة فأخذ عميراً فصلبه في كناسة الكوفة‏.‏وتسمى هذه الطائفة‏:‏ العجلية والعميرية أيضاً‏.‏
        وزعمت طائفة‏:‏ أن الإمام بعد أبي الخطاب مفضل الصيرفي‏.‏
وكانوا يقولون بربوبية جعفر دون نبوته ورسالته‏.‏وتسمى هذه الفرقة المفضلية‏.وتبرأ من هؤلاء كلهم جعفر بن محمد لصادق رضي الله عنه وطردهم ولعنهم فإن القوم كلهم‏:‏ حيارى ضالون جاهلون بحال الأئمة تائهون‏.‏
        الكيالية
        أتباع‏:‏ أحمد بن الكيال وكان من دعاة واحد من أهل البيت بعد جعفر بن محمد الصادق وأظنه من الأئمة المستورين‏.‏ ولعله سمع كلمات علمية برأيه القائل وفكره العاطل وأبدع مقالة في كل باب علمي على قاعدة غير مسموعة ولا معقولة وربما عاند الحس في بعض المواضع‏.‏ ولما وقفوا على بدعته‏:‏ تبرءوا منه ولعنوه وأمروا شيعتهم بمنابذته وترك مخالطته‏.‏ولما عرف الكيال ذلك منهم‏:‏ صرف الدعوة إلى نفسه وادعى الإمامة أولاً ثم ادعى أنه القائم ثانياً‏.‏ وكان من مذهبه‏:‏ أن كل من قدر الآفاق على الأنفس وأمكنه أن يبين مناهج العالمين أعني‏:‏ عالم الآفاق وهو العالم العلوين وعالم الأنفس وهو العالم السفلي‏.‏كان هو‏:‏ الإمام وأن كل من قرر الكل في ذاته وأمكنه أن يبين كل كلي في شخصه المعين الجزئي‏.‏ كان هو‏:‏ القائم‏.‏ قال‏:‏ ولم يوجد في زمن من الأزمان أحد يقرر هذا التقرير إلا‏:‏ أحمد الكيال فكان هو‏:‏ القائم‏.‏وإنما قتله من انتمى إليه أولاً على بدعته ذلك‏:‏ أنه هو الإمام ثم القائم وبقيت من مقالته في العالم تصانيف عربية وأعجمية كلها‏:‏ مزخرفة مردودة‏:‏ شرعاً وعقلاً‏.‏ قال الكيال‏:‏ العوالم ثلاثة‏:‏ العالم الأعلى والعالم الأدنى والعالم الإنساني‏.‏ وأثبت في العالم الأعلى خمسة أماكن‏:‏ الأول‏:‏ مكان الأماكن وهو مكان فارغ لا يسكنه موجود ولا يدبره روحاني مكان النفس الأعلى ودونه‏:‏ مكان النفس الناطقة ودونه‏:‏ مكان النفس الحيوانية ودونه‏:‏ مكان النفس الإنسانية‏.‏ قال‏:‏ وأرادت النفس الإنسانية الصعود إلى عالم النفس الأعلى فصعدت وخرقت المكانين أعني‏:‏ الحيوانية والناطقة فلما قربت من الوصول إلى عالم النفس الأعلى‏:‏ كلت وانحسرت وتحيرت وتعفنت واستحالت أجزاؤها‏.‏ فأهبطت إلى العالم السفلي ومضت عليها أكوار وأدوار وهي في تلك الحالة من العفونة والاستحالة ثم ساحت عليها النفس الأعلى وأفاضت عليها من أنوارها جزءاً فحدثت التراكيب في هذا العالم وحدثت‏:‏ السماوات والأرض والمركبات‏:‏ من المعادن والنبات والحيوان والإنسان ووقعت في بلايا هذا التركيب‏:‏ تارة سروراً وتارة غماً وتارة فرحاً وتارة ترحاً وطوروا سلامة وعافية وطوراً بلية ومحنة‏.‏ حتى يظهر‏:‏ القائم ويردها إلى حال الكمال وتنحل التراكيب وتبطل المتضادات ويظهر الروحاني على الجسماني وما ذلك القائم إلا‏:‏ أحمد الكيال‏.‏ ثم دل على تعيين ذاته بأضعف ما يتصور وأوهى ما يقدر وهو أن اسم أحمد مطابق للعوالم الأربعة‏:‏ فالألف من اسمه في مقابلة النفس الأعلى والحاء في مقابلة النفس الناطقة والميم في مقابلة النفس الحيوانية والدال في مقابلة النفس الإنسانية‏.‏ قال‏:‏ والعوالم الأربعة هي المبادىء ثم أثبت في مقابلة العوالم العلوية‏:‏ العالم السفلي الجسماني قال‏:‏ فالسماء خالية في مقابلة مكان الأماكن ودونها النار ودونها الهواء ودونه الأرض ودونها الماء‏.‏ وهذه الأربعة في مقابلة العوالم الأربعة‏.‏
ثم قال‏:‏ الإنسان في مقابلة النار والطائر في مقابلة الهواء والحيوان في مقابلة الأرض والحوت في مقابلة الماء وكذلك ما في معناه‏.‏
فجعل مركز الماء أسفل المراكز والحوت أخس المركبات‏.‏ ثم قابل العالم الإنساني الذي هو أحد الثلاثة وهو عالم الأنفس مع آفاق العالمين الأولين‏:‏ الروحاني والجسماني قال‏:‏ الحواس المركبة فيه خمس‏:‏ فالسمع‏:‏ في مقابلة‏:‏ مكان الأماكن‏:‏ إذ هو فارغ وفي مقابلة السماء‏.‏والبصر‏:‏ في مقابلة‏:‏ النفس الأعلى من الروحاني وفي مقابلة النار من الجسماني وفيه إنسان العين لأن الإنسان مختص بالنار‏.‏ والشم‏:‏ في مقابلة‏:‏ الناطق من الروحاني والهواء من الجسماني لأن الشم من الهواء‏:‏ يتروح ويتنسم‏.‏ والذوق‏:‏ في مقابلة‏:‏ الحيواني من الروحاني والأرض من الجسمانين والحيوان مختص بالأرض واللمس‏:‏ في مقابلة‏:‏ الإنساني من الروحاني والماء من الجسماني والحوت مختص بالماء واللمس بالحوت‏.‏ وربما عبر عن اللمس بالكتابة‏.‏ ثم قال‏:‏ أحمد هو‏:‏ ألف وحاء وميم ودال وهو في مقابلة العالمين‏:‏ أما في مقابلة العالم العلوي الروحاني فقد ذكرناه‏.‏
وأما في مقابلة العالم السفلي الجسماني فالألف تدل على الإنسان والحاء تدل على الحيوان والميم على الطائر والدال على الحوت فالألف من حيث استقامة القامة‏:‏ كالإنسان والحاء‏:‏ كالحيوان لأنه معوج منكوس ولأن الحاء من إبتداء اسم الحيوان والميم‏:‏ تشبه رأس الطائر والدال‏:‏ تشبه ذنب الحوت‏.‏ ثم قال‏:‏ إن الباري تعالى إنما خلق الإنسان على شكل اسم‏:‏ أحمد‏:‏ فالقامة‏:‏ مثل الألف واليدان‏:‏ مثل الحاء والبطن‏:‏ مثل الميم والرجلان‏:‏ مثل الدال‏.‏
        ثم من العجب أنه قال‏:‏ إن الأنبياء هم قادة أهل التقليد وأهل التقليد عميان‏.‏ والقائم قائد أهل البصيرة وأهل البصيرة أولوا الألباب وإنما سحصلون البصائر بمقابلة فكيف يرضى أن يعتقدها‏!‏ وأعجب من هذا كله‏:‏ تأويلاته الفاسدة ومقابلاته بين الفرائض الشرعية والأحكام الدينية وبين موجودات عالمي الآفاق والأنفس‏.‏وادعاؤه أنه منفرد بها‏.‏ وكيف يصح له ذلك وقد سبقه كثير من أهل العلم بتقرير ذلك لا على الوجه المزيف الذي قرره الكيال وحمله الميزان على العالمين والصراط على نفسه والجنة على الوصول إلى علمع من البصائر والنار على الوصول إلى ما يضاده‏!‏ ولما كانت أصول علمه ماذكرناه‏:‏ فانظر كيف يكون حال الفروع‏!


....  يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:42 am

.... تابع


الشيعة

‏ الهشامية
        أصحاب‏:‏ الهشامين‏:‏ هشام بن الحكم صاحب المقالة في التشبيه وهشام بن سالم الجواليقي الذي نسج على منواله في التشبيه‏.‏ وكان هشام بن الحكم من متكلمي الشيعة وجرت بينه وبين أبي هذيل مناظرات في علم الكلام‏:‏ منها في التشبيه ومنها في تعلق علم الباري تعالى‏.‏ حكى ابن الرواندي عن هشام أنه قال‏:‏ إن بين معبوده وبين الأجسام تشابهاً ما بوجه من الوجوه ولولا ذلك لما دلت عليه‏.‏ وحكى الكعبي عنه أنه قال‏:‏ هو جسم ذو أبعاض له قددر من الأقدار ولكن لا يشبه شيئاً من المخلوقات ولا يشبهه شيء‏.‏ ونقل عنه أنه قال‏:‏ هو‏:‏ سبعة أشبار بشبر نفسه وأنه في مكان مخصوص وجهة مخصوصة وأنه يتحرك وحركته فعله وليست من مكان إلى مكان‏.وقال‏:‏ هو متناه بالذات غير متناه بالقدرة‏.‏
        وحكى عنه أبو عيسى الوراق أنه قال‏:‏ إن الله تعالى مماس لعرشه لا يفضل منه شيء عن العرش ولا يفضل من العرش شيء عنه‏.‏ ومن مذهب هشام انه قال‏:‏ لم يزل الباري تعالى عالماً بنفسه ويعلم الأشياء بعد كونها بعلم‏:‏ لا يقال فيه‏:‏ إنه محدث أو قديم لأنه صفة والصفة لا توصف ولا يقال فيه‏:‏ هو هو أو غيره أو بعضه‏.‏ وليس قوله في القدرة والحياة كقوله في العلم إلا أنه لا يقول بحدوثهما‏.قال‏:‏ ويريد الأشياء وإرادته حركة‏:‏ ليست هي عين الله ولا هي غيره‏.‏ وقال في كلام الباري تعالى‏:‏ إنه صفة الباري تعالى ولا يجوز أن يقال‏:‏ هو مخلوق أو غير مخلوق‏.‏ وقال‏:‏ الأعراض لا تصلح ان تكون دلالة على الله تعالى لأن منها ما يثبت استدلالاً وما يستدل على الباري تعالى يجب أن يكون ضروري الوجود لا استدلالياً‏.وقال‏:‏ الاستطاعة‏:‏ كل ما لا يكون الفعل إلا به‏:‏ كالآلات والجوارح والوقت والمكان‏.‏
        وقال هشام بن سالم إنه تعالى على صورة إنسان‏:‏ أعلاه مجوف وأسفله مصمت وهو نور ساطع يتلألأ وله حواس خمس ويد ورجل وأنف وأذن وعين وفم وله وفرة سوداء‏:‏ هي نور أسود لكنه ليس بلحم ولا دم‏.‏وقال هشام بن سالم‏:‏ الاستطاعة بعض المستطيع‏.‏ وقد نقل عنه‏:‏ أنه أجاز المعصية على الأنبياء مع قوله بعصمة الأئمة‏.ويفرق بينهما بأن النبي يوحى إليه فينبه على وجه الخطأ فيتوب منه والإمام لا يوحى إليه فتجب عصمته‏.‏
        وغلا هشام بن الحكم في حق علي رضي الله عنه حتى قال‏:‏ إنه إله واجب الطاعة‏.‏وهذا هشام بن الحكم صاحب عور في الأصول لا يجوز أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة فإن الرجل وراء ما يلزم به على الخصم ودون ما يظهره من التشبيه‏.‏ وذلك انه ألزم العلاف فقال‏:‏ إنك تقول‏:‏ الباري تعالى عالم بعلم وعلمه ذاته فيشارك المحدثات في أنه عالم بعلم ويباينها في أن علمه ذاته فيكون عالماً لا كالعالمين فلم لا تقول‏:‏ إنه جسم لا كالأجسام وصورة لا كالصور وله قدر لا كالأقدار‏.‏ إلى غير ذلك ووافقه زرارة بن أعين في حدوث علم الله تعالى وزاد عليه بحدوث‏:‏ قدرته وحياته و سائر صفاته وإنه لم يكن قبل حدوث هذه الصفات‏:‏ عالماً ولا قادراً ولا حياً ولا سميعاً ولا بصيراً ولا مريداً ولا متكلماً‏.‏ وكان يقول بإمامة عبد الله بن جعفر فلما فاوضه في مسائل ولم يجده بها ملياً رجع إلى موسى بن جعفر وقيل أيضاً‏:‏ غنه لم يقل بإمامته إلا أنه أشار إلى المصحف وقال‏:‏ هذا إمامي وإنه كان قد التوى على عبد الله بن جعفر بعض الإلتواء‏.‏
وحكى عن الزرارية‏:‏ أن المعرفة ضرورية وأنه لا يسع جهل الأئمة فإن معارفهم كلها فطرية ضرورية وكل ما يعرفه غيرهم بالنظر فهو عندهم أولي ضروري وفطرياتهم لا يدركها غيرهم‏.‏
النعمانية
        أصحاب‏:‏ محمد بن النعمان أبي جعفر الأحول الملقب بشيطان الطاق‏:‏ وهم‏:‏ الشيطانية أيضاً‏.والشيعت تقول‏:‏ هو مؤمن الطاق‏.‏ وهو تلميذ الباقر‏:‏ محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم وأفضى إليه أسراراً من أحواله وعلومه‏.‏
وما يحكى عنه في التشبيه فهو غير صحيح‏.قيل‏:‏ وافق هشام بن الحكم في أن الله تعالى لا يعلم شيئاً حتى يكون‏.‏
قال محمد بن النعمان‏:‏ إن الله عالم في نفسه ليس بجاهل ولكنه إنما يعلم الأشياء إذا قدرها وأرادها فأما من قبل أن يقدرها ويريدها فمحال أن يعلمها لا لأنه ليس بعالم ولكن الشيء لا يكون شيئاً حتى يقدره وينشئه بالتقدير والتقدير عنده‏:‏ الإرادة والإرادة‏:‏ فعله تعالى‏.‏
وقال‏:‏ إن الله تعالى نور على صورة إنسان رباني ونفى أن يكون جسماً لكنه قال‏:‏ قد ورد في الخبر‏:‏ إن الله خلق آدم على صورته وعلى صورة الرحمن فلا بد من تصديق الخبر‏.‏ ويحكى عن مقاتل بن سليمان‏:‏ مثل مقالته في الصورة‏.‏
وكذلك يحكى عن‏:‏ داود الجواربي ونعيم بن حماد المصري وغيرهما من أصحاب الحديث‏:‏ أنه تعالى ذو صورة وأعضاء‏.‏
ويحكى عن داود أنه قال‏:‏ اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما وراء ذلك فإن في الأخبار ما يثبت ذلك‏.‏
وقد صنف ابن النعمان كتبا جمة للشيعة منها افعل لم فعلت و‏:‏ منها افعل لا تفعل ويذكر فيها‏:‏ أن كبار الفرق أربعة‏:‏
الفرقة الأولى عنده‏:‏ القدرية
الفرقة الثانية عنده‏:‏ الخوارج
الفرقة الثالثة عنده‏:‏ العامة
الفرقة الرابعة عنده‏:‏ الشيعة‏.‏
ثم عين الشيعة بالنجاة في الآخرة من هذه الفرق‏.‏
وذكر عن هشام بن سالم ومحمد بن النعمان‏:‏ أنهما أمسكا عن الكلام في الله ورويا عمن يوجبان تصديقه‏:‏ أنه سئل عن قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏ وأن إلى ربك المنتهى}النجم 42 ‏"‏ قال‏:‏ إذا بلغ الكلام إلى الله تعالى فأمسكوا فأمسكا عن القول في الله والتفكر فيه حتى ماتا‏هذا نقل الوراق‏.‏
ومن جملة الشيعة‏:‏
اليونسية
        أصحاب‏:‏ يونس بن عبد الرحمن القمي مولى آل يقطين‏.‏
زعم أن الملائكة تحمل العرش والعرش يحمل الرب تعالى إذ قد ورد في الخبر‏:‏ أن الملائكة تئط أحياناً من وطأة عظمة الله تعالى على العرش‏.‏ وهو من مشبهة الشيعة وقد صنف لهم كتباً في ذلك‏.‏
النصيرية والإسحاقية
        من جملة غلاة الشيعة ولهم جماعة ينصرون مذهبهم ويذبون عن أصحاب مقالاتهم وبينهم خلاف في كيفية إطلاق الإلهية على الأئمة من أهل البيت‏.‏
        قالوا‏:‏ ظهور الروحاني بالجسد الجسماني أمر لا ينكره عاقل‏:‏ أما في جانب الخير فكظهور جبريل عليه السلام ببعض الأشخاص والتصور بصورة أعرابي والتمثل بصورة البشر‏.‏ وأما في جانب الشر فكظهور الشيطان بصورة إنسان حتى يعمل الشر بصورته وظهور الجن بصورة بشر حتى يتكلم بلسانه‏.‏فكذلك نقول‏:‏ إن الله تعالى ظهر بصورة أشخاص‏.‏ ولما لم يكن بعد رسول الله صل الله عليه وسلم شخص أفضل من علي رضي الله عنه وبعده أولاده المخصوصون وهم خير البرية فظهر الحق بصورتهم ونطق بلسانهم وأخذ بأيديهم فعن هذا أطلقنا اسم الإلهية عليهم‏.‏
        وإنما أثبتنا هذا الاختصاص لعلي رضي الله عنه دون غيره لأنه كان مخصوصاً بتأييد إلهي من عند الله تعالى فيما يتعلق بباطن الأسرار‏.‏قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ أنا أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر ‏"‏‏.‏ و عن هذا كان قتال المشركين إلى النبي صل الله عليه وسلم وقتال المنافقين إلى علي رضي الله عنه‏.‏وعن هذا‏:‏ شبهه بعيسى بن مريم عليه السلام فقال صل الله عليه وسلم‏:‏ لولا أن يقول الناس فيك ما قالوا في عيسى بن مريم عليه السلام‏:‏ لقلت فيك مقالاً‏.‏ وربما أثبتوا له شركة في الرسالة إذ قال النبي عليه السلام‏:‏ ‏"‏ فيكم من يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله ألا وهو خاصف النعل ‏"‏‏.‏ فعلم التأويل وقتال المنافقين ومكالمة الجن وقلع باب خيبر لا بقوة جسدانية‏:‏ من أدل الدليل على أن فيه جزءاً إلهياً وقوة ربانية‏.‏ ويمون هو الذي ظهر الإله بصورته وخلق بيديه وأمر بلسانه وعن هذا قالوا‏:‏ كان موجوداً قبل خلق السموات والأرض‏.‏ قال‏:‏ كنا أظله على يمين العرش فسبحنا فسبحت الملائكة بتسبيحنا فتلك الظلال وتلك الصور التي تنبىء عن الظلال‏:‏ هي حقيقته وهي مشرقة بنور الرب تعالى إشراقاً لا ينفصل عنها سواء كانت في هذا العالم أو في ذلك العالم‏.‏
وعن هذا‏:‏ قال علي رضي الله عنه‏:‏ أنا من أحمد كالضوء من الضوء يعني‏:‏ لا فرق بين النورين إلا أن أحدهما سابق والثاني لا حق به تال له‏.‏قالوا‏:‏ وهذا يدل على نوع من الشركة‏.‏ فالنصيرية‏:‏ أميل إلى تقرير‏:‏ الجزء الإلهي‏.‏
        ولهم اختلافات كثيرة أخر‏:‏ لا نذكرها‏.‏وقد أنجزت الفرق الإسلامية وما بقيت إلا فرقة الباطنية وقد أوردهم أصحاب التصانيف في كتب المقالات‏:‏ إما خارجة عن الفرق وإما داخلة فيها‏.‏وبالجملة‏:‏ هم قوم يخالفون الإثنتين والسبعين فرقة‏.‏
رجال الشيعة ومصنفي كتبهم من المحدثين‏:
‏         فمن الزيدية أبو خالد الواسطي ومنصور بن الأسود وهارون بن سعد العجلي‏.‏ جارودية‏.‏ ووكيع بن الجراح ويحيى بن آدم وعبيد الله بن موسى وعلي بن صالح والفضل بن دكين وأبو حنيفة‏.‏ بترية‏.و خرج محمد بن عجلان مع محمد الإمام‏.‏ وخرج‏:‏ إبراهين بن سعيد وعباد بن عوام ويزيد بن هارون والعلاء ابن راشد وهشيم بن بشير والعوام بن حوشب ومستلم بن سعيد مع إبراهيم الإمامة‏.‏
ومن الإمامية وسائر أصناف الشيعة
        سالم بن أبي الجعد وسالم ابن أبي حفصة وسلمة بن كهيل وثوير بن أبي فاختة وحبيب بن أبي ثابت وأبو المقدام وشعبة والأعمش وجابر الجعفي وأبو عبد الله الجدلي وأبو إسحاق السبيعي والمغيرة وطاووس والشعبي وعلقمة وهبيرةابن بريم وحبة العرني والحارث الأعور‏.‏
ومن مؤلفي كتبهم‏:‏ هشام بن الحكم وعلي بن منصور ويونس ابن عبد الرحمن والشكال والفضل بن شاذان والحسين بن إشكاب ومحمد بن عبد الرحمن وابن قبة وأبو سهل النوبختي وأحمد بن يحيى الرواندي‏.‏ومن المتأخرين‏:‏ أبو جعفر الطوسي‏
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإسماعيلية
        قد ذكرنا أن الإسماعيلية امتازت عن الموسوية وعن الإثني عشرية بإثبات الإمامة لإسماعيل بن جعفر وهو ابنه الأكبر المنصوص عليه في بدء الأمر‏.‏ قالوا‏:‏ لم يتزوج الصادق رضي الله عنه على أمه بواحدة من النساء ولا تسري بجارية كسنة رسول الله صل الله عليه وسلم في حق خديجة رضي الله عنها وكسنة علي رضي الله عنه في حق فاطمة رضي الله عنها‏.‏
وقد ذكرنا‏:‏ اختلافاتهم في موته في حال حياة أبيه‏:‏ فمنهم من قال‏:‏ إنه مات وإنما فائدة النص عليه‏:‏ انتقال الإمامة منه إلى أولاده خاصة كما نص موسى على هارون عليهما السلام ثم مات هارون في حال حياة أخيه‏.‏
        وإنما فائدة النص انتقال الإمامة منه إلى أولاده فإن النص لا يرجع قهقرى والقول بالبداء محال ولا ينص الإمام على واحد من أولاده إلا بعد السماع من آبائه والتعيين لا يجوز على الإبهام والجهالة‏.‏ومنهم من قال‏:‏ إنه لم يمت ولكنه أظهر موته تقية عليه حتى لا يقصد بالقتل ولهذا القول دلالات‏:‏ منها أن محمداً كان صغيراً وهو أخوه لأمه مضى إلى السرير الذي كان إسماعيل نائماً عليه ورفع الملاءة فأبصره وقد فتح عينيه فعاد إلى أبيه مفزعاً وقال‏:‏ عاش أخي عاش أخي‏.‏‏قال والده‏:‏ إن أولاد الرسول عليه السلام كذا تكون حالهم في الآخرة‏.‏
        قالوا ومنها السبب في الإشهاد على موته وكتب المحضر عليه ولم نعهد ميتاً سجل على موته وعن هذا‏:‏ لما رفع إلى المنصور‏:‏ أن إسماعيل بن جعفر رئي بالبصرة وقد مر على مقعد فدعا له فبرىء بإذن الله تعالى‏:‏ بعث المنصور إلى الصادق‏:‏ أن إسماعيل بن جعفر في الأحياء وأنه رئي بالبصرة‏:‏ أنفذ السجل إليه وعليه شهادة عاملة بالمدينة‏.‏ قالوا‏:‏ وبعد إسماعيل محمد بن إسماعيل السا بع التام وإنما تم دور السبعة به ثم ابتدى منه بالأئمة المستورين الذين كانوا يسيرون في البلاد سراً‏.‏ويظهرون الدعاة جهراً‏.قالوا‏:‏ ولن تخلو الأرض قط من إمام حي قائم‏:‏ إما ظاهر مكشوف وإما باطن مستور‏.‏ فإذا كان الإمام ظاهراً جاز أن يكون حجته مستوراً‏.‏ وإذا كان الإمام مستوراً فلا بد أن يكون حجته ودعاته ظاهرين‏.‏ وقالوا إن الأمة تدور أحكامهم على سبعة سبعة‏:‏ كأيام الأسبوع والسموات السبع والكواكب السبعة والنقباء تدور أحكامهم على إثني عشر‏.‏ قالوا‏:‏ وعن هذا وقعت الشبهة للإمامية القطعية حيث قرروا عدد النقباء للأئمة‏.‏
ثم بعد الأئمة المستورين كان ظهور المهدي بالله والقائم بأمر الله وأولادهم‏:‏ نصاً بعد نص على إمام بعد إمام‏.‏
        ومن مذهبهم‏:‏ أن من مات ولم يعرف إمام زمانه‏:‏ مات ميتة جاهلية‏.‏
وكذلك من مات ولم يكن في عنقه بيعة إمام مات ميتة جاهلية‏.‏ ولهم دعوة في كل زمان ومقالة جديدة بكل لسان‏.‏
فتذكر مقالاتهم القديمة ونذكر بعدها دعوة صاحب الدعوة الجديدة‏.‏
وأشهر ألقابهم
        الباطنية وإنما لزمهم هذا اللقب لحكمهم بأن‏ لكل ظاهر باطناً ولكل تنزيل تأويلاً‏.‏ولهم ألقاب كثيرة سوى هذه على لسان قوم قوم‏:‏ فبالعراق يسمون‏:‏ الباطنيةن والقرامطة والمزدكية وبخراسان التعليمية والملحدة ثم إن الباطنية القديمة قد خلطوا كلامهم ببعض كلام الفلاسفة وصنفوا كتبهم على هذا المنهاج‏.‏ فقالوا في الباري تعالى‏:‏ إنا لا نقول‏:‏ هو موجود ولا لا موجود ولا عالم ولا جاهل ولا قادر ولا عاجز‏.‏ وكذلك في جميع الصفات فإن الإثبات الحقيقي يقتضي شركة بينه وبين سائر الموجودات في الجهة التي أطلقناها عليه وذلك تشبيه فلم يمكن الحكم بالإثبات المطلق بل هو‏:‏ إله المتقابلين وخالق المتخاصمين والحاكم بين المتضادين‏.‏ ونقلوا في هذا نصاً عن محمد بن علي بن الباقر انه قال‏:‏ لما وهب العلم للعالمين قيل‏:‏ هو عالم ولما وهب القدرة للقادرين قيل‏:‏ قو قادر فهو‏:‏ عالم قادر بمعنى أنه وهب العلم والقدرة لا بمعنى أنه قام به العلم والقدرة أو وصف بالعلم والقدرة‏.‏ فقيل فيهم‏:‏ إنهم نفاة الصفات حقيقة معطلة الذات عن جميع الصفات‏.‏ وكذلك نقول في القدم‏:‏ إنه ليس بقديم ولا محدث بل القديم‏:‏ أمرهن وكلمتهن والمحدث‏:‏ خلقه وفطرته‏.‏ لأبدع بالأمر العقل الأول الذي هو تام بالفعل ثم بتوسطه أبدع النفس التالي الذي هو غير تام‏.‏ ونسبة النفس إلى العقل‏:‏ إما نسبة النطفة إلى تمام الخلقة والبيض إلى الطير وإما نسبة الولد إلى الوالد والنتيجة إلى المنتج وإما نسبة الذكر إلى الأنثى والزوج إلى الزوج‏.‏
        قالوا‏:‏ ولما اشتاقت النفس إلى كمال العقل احتاجت إلى حركة من النقص إلى الكمال واحتاجت الحركة إلى آلة الحركة فحدثت الأفلاك السماوية وتحركت حركة استقامة بتدبير النفس أيضاً فتركبت المركبات‏:‏ من المعادن والنبات والحيوان والإنسان واتصلت النفوس الجزئية بالأبدان‏.‏
        وكان من نوع الإنسان متميزاً عن سائر الموجودات بالاستعداد الخاص لفيض تلك الأنوار وكان عالمه في مقابلة العالم كله‏.‏
        وفي العالم العلوي‏:‏ عقل ونفس كلي فوجب أن يكون في هذا العالم‏:‏ عقل مشخص هو كل وحكمه حكم الشخص الكامل البالغ ويسمونه‏:‏ الناطق‏.‏ المتوجه إلى الكمال أو حكم النطفة المتوجهة إلى التمام أو حكم الأنثى المزدوجة بالذكر ويسمونه‏:‏ الأساس‏.‏ وهو الوصي‏.‏
        قالوا‏:‏ وكما تحركت الأفلاك والطبائع بتحريك النفس والعقل كذلك تحركت النفوس والأشخاص بالشرائع بتحريك النبي والوصي في كل زمان دائراً على سبعة سبعة حتى ينتهي إلى الدور الأخير ويدخل زمان القيامة وترتفع التكاليف وتضمحل السنن والشرائع‏.‏ وإنما هذه الحركات الفلكية والسنن الشرعية لتبلغ النفس إلى حال كمالها وكمالها‏:‏ بلوغها إلى درجة العقل و اتحادها به ووصولها إلى مرتبته فعلاً وذلك هو القيامة الكبرى‏.‏ فتنحل تراكيب الأفلاك والعناصر والمركبات وتنشق السماء وتتناثر الكواكب وتبدل الأرض غير الأرض وتطوى السماء كطي السجل للكتاب المرقوم وفيه يحاسب الخلق ويتميز الخير عن الشر والمطيع عن العاصين وتتصل جزئيات الحق بالنفس الكلي وجزيئات الباطل بالشيطان المضل المبطل‏.‏ فمن وقت الحركة إلى وقت السكون‏:‏ هو المبدأ ومن وقت السكون إلى ما لا نهاية له‏:‏ هو الكمال ثم قالوا‏:‏ ما من فريضة وسنة وحكم من الأحكام الشرعية‏:‏ من بيع وإجارة وهبة ونكاح وطلاق وجراح وقصاص ودية‏.‏إلا وله وزان من العالم‏:‏ عدداً في مقابلة عدد وحكماً في مطابقة حكم ،فإن الشرائع عوالم روحانية أمرية والعوالم شرائع جسمانية خلقية‏.وكذلك التركيبات في الحروف والكلمات‏:‏ على وزان التركيبات في الصور والأجسام والحروف المفردة نسبتها إلى المركبات من الكلمات‏:‏ كالبسائط المجردة إلى المركبات من الأجسام‏.‏ولكل حرف‏:‏ وزان في العالم وطبيعة يخصها وتأثير من حيث تلك الخاصية في النفوس‏.‏
        فعن هذا صارت العلوم المستفادة من الكلمات التعليمية غذاء للنفوس كما صارت الأغذية المستفادة من الطبائع الخلقية غذاء للأبدان وقد قدر الله تعالى‏:‏ أن يكون غذاء كل موجود مما خلق منه فعلى هذا الوزن صاروا إلى‏:‏ ذكر أعداد الكلمات والآيات وأن التسمية مركبة من سبعة وإثني عشر وأن التهليل مركب من أربع كلمات في إحدى الشهادتين وثلاث كلمات في الشهادة الثانية وسبع قطع في الأولى وست في الثانية وإثني عشر حرفاً في الأولى وإثني عشر حرفاً في الثانية‏.‏
        وكذلك في كل آية أمكنهم استخراج ذلك مما لا يعمل العاقل فكرته فيه إلا ويعجز عن ذلك خوفاً من مقابلته بضده وهذه المقابلات كانت طريقة أسلافهم قد صنفوا فيها كتباً‏.‏ ودعوا الناس إلى إمام في كل زمان‏:‏ يعرف موازنات هذه العلوم ويهتدي إلى مدارج هذه الأوضاع والرسوم‏.‏
        ثم إن أصحاب الدعوة الجديدة‏:‏ تنكبوا هذه الطريقة حين أظهر الحسن بن محمد بن الصباح دعوته وقصر على الإلزامات كلمته واستظهر بالرجال وتحصن بالقلاع‏.وكان بدء صعوده على قلعة‏:‏ ألموت في شهر شعبان سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة وذلك بعد أن هاجر إلى بلاد إمامة وتلقى منه كيفية الدعوى لأبناء زمانه‏.‏ فعاد ودعا الناس أول دعوة إلى تعيين‏:‏ إمام صادق قائم في كل زمان وتمييز الفرقة الناجية عن سائر الفرق بهذه النكتة وهي‏:‏ أن لهم إماماً وليس لغيرهم إمام‏.‏ وإنما تعود خلاصة كلامه بعد ترديد القول فيه‏:‏ عوداً على بدء بالعربية والعجمية إلى هذا الحرف‏.‏ ونحن ننقل ماكتبه بالعجمية إلى العربية‏.‏
        ولا معاب على الناقل والموفق من اتبع الحق واجتنب فنبدأ بالفصول الأربعة التي ابتدأ بها دعوته وكتبها عجمية فعربتها‏:‏ الأول‏:‏ قال‏:‏ للمفتي في معرفة الله تعالى أحد قولين‏:‏ إما أن يقول‏:‏ أعرف الباري تعالى بمجرد العقل والنظر من غير احتياج إلى تعليم معلم وإما أن يقول‏:‏ لا طريق إلى المعرفة مع العقل والنظر إلا بتعليم معلم قال‏:‏ و من أفتى بالأول فليس له الإنكار على عقل غيره ونظره فإنه متى أنكر فقد علم والإنكار تعليم ودليل على أن المنكر عليه محتاج إلى غيره‏.‏
قال‏:‏ والقسمان ضروريان لأن الإنسان إذا أفتى بفتوى أو قال قولاً فإما أن يقول من نفسه أو من غيره وكذلك إذا اعتقد عقداً‏:‏ فإما أن يعتقده من نفسه أو من غيره‏.‏
هذا هو الفصل الأول وهو كسر على‏:‏ أصحاب الرأي والعقل‏.‏
        وذكر في الفصل الثاني‏:‏ أنه إذا ثبت الاحتياج إلى معلم أفيصلح كل معلم على الإطلاق أم لا بد من معلم صادق‏.‏ قال‏:‏ ومن قال‏:‏ إنه يصلح كل معلم ما ساغ له الإنكار على معلم خصمه وإذا أنكر فقد سلم أنه لا بد من معلم صادق معتمد‏.‏ قيل‏:‏ وهذا كسر على‏:‏ أصحاب الحديث‏.‏
        وذكر في الفصل الثالث‏:‏ أنه إذا ثبت الاحتياج إلى معلم صادق أفلا بد من معرفة المعلم أولاً والظفر به ثم التعلم منه أم جاز التعلم من كل معلم من غير تعيين شخصه وتبيين صدقه والثاني رجوع إلى الأول‏.‏ ومن لن يمكنه سلوك الطريق إلا بمقدم ورفيق فالرفيق ثم الطريق‏.‏وهو وذكر في الفصل الرابع أن الناس فرقتان فرقة قالت‏:‏ نحن نحتاج في معرفة الباري تعالى إلى معلم صادق ويجب تعيينه وتشخيصه أولاً ثم التعلم منه‏.‏ وفرقة أخذت في كل علم من معلم وغير معلم‏.‏ وقد تبين بالمقدمات السابقة‏:‏ أن الحق مع الفرقة الأولى فرئيسهم يجب أن يكون رئيس المحقين وإذ تبين ان الباطل مع الفرقة الثانية فرؤساؤهم يجب أن يكونوا رؤساء المبطلين‏.قال‏:‏ وهذه الطريقة هي التي عرفنا بها المحق بالحق معرفة مجملة ثم نعرف بعد ذلك الحق بالمحق معرفة مفصلة حتى لا يلزم دوران المسائل‏.‏
وإنما عنى بالحق ههنا‏:‏ الاحتياج وبالمحق المحتاج إليه‏.‏
        وقال‏:‏ بالاحتياج عرفنا الإمام وبالإمام عرفنا مقادير الإحتياج كما بالجواز عرفنا الوجوب أي واجب الوجود وبه عرفنا مقادير الجواز في الجائزات‏.‏
قال‏:‏ والطريق إلى التوحيد كذلك حذو القذة بالقذة‏.‏
ثم ذكر فصولاً في تقرير مذهبه‏:‏ إما تمهيداً وإما كسراً على المذاهب وأكثرها‏:‏ كسر وإلزام واستدلال بالاختلاف على البطلان وبالاتفاق على الحق‏.‏
        منها فصل الحق والباطل‏:‏ الصغير والكبير يذكر أن في العالم حقاً وباطلاً ثم يذكر أن علامة الحق هي الوحدة وعلامة الباطل هي الكثرة‏.‏ وأن الوحدة مع التعليم والكثرة مع الرأي‏.‏ والتعليم مع الجماعة والجماعة مع الإمام‏.‏والرأي في الفرق المختلفة وهي مع رؤسائهم‏.‏ وجعل الحق والباطل والتشابه بينهما من وجه والتمايز بينهما من وجه والتضاد في الطرفين والترتب في أخد الطرفين‏.ميزاناً يزن به جميع ما يتكلم فيه‏.‏ قال‏:‏ وإنما أنشأت هذا الميزان من كلمة الشهادة وتركيبها من النفي والإثبات حق‏.‏ووزن بذلك‏:‏ الخير والشر والصدق والكذب‏.‏ وسائر المتضادات‏.‏
        ونكتته‏:‏ أن يرجع في كل مقالة وكلمة إلى إثبات المعلم وأن التوحيد هو‏:‏ التوحيد والنبوة معاً حتى يكون توحيداً وأن النبوة هي‏:‏ النبوة والإمامة معاً حتى تكون نبوة‏.‏ وهذا هو منتهى كلامه‏.‏ وقد منع العوام عن الخوض في العلوم وكذلك الخواص عن مطالعة الكتب المتقدمة إلا من عرف‏:‏ كيفية الحال في كل كتاب ودرجة الرجال في كل علم‏.‏
ولم يتعد بأصحابه في الإلهيات عن قوله‏:‏ إن إلهنا إله محمد‏.‏ قال‏:‏ وأنتم تقولون‏:‏ إلهنا إله العقول أي‏:‏ ما هدى إليه عقل كل عاقل‏.‏ فإن قيل لواحد منهم‏:‏ ما تقول في الباري تعالى وأنه هل هو‏:‏ واحد أم كثير عالم أم لا قادر أم لا‏.؟‏لم يجب إلا بهذا القدر‏:‏ إن إلهي‏:‏ إله محمد{ وهو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}التوبة 33. والرسول هو الهادي إليه‏.‏
        وكم قد ناظرت القوم على المقدمات المذكورة فلم يتخطوا عن قولهم‏:‏ أنحتاج إليك؟ وكم قد ساهلت القوم في الاحتياج ؟وقلت‏:‏ أين المحتاج إليه؟ وأي شيء يقرر لي في الإلهيات؟ وماذا يرسم لي في المقولات‏.‏ إذ المعلم لا يعنى لعينه وإنما يعنى ليعلم وقد سددتم باب العلم وفتحتم باب التسليم والتقليد وليس يرضى عاقل بأن يعتقد مذهباً على غير بصيرة وأن يسلك طريقً من غير بينة‏.‏
        وإن كانت‏:‏ مبادىء الكلام تحكيمات وعوقبها تسليمات {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما}[النساء65]‏
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شيعة اثنا عشرية


تؤمن الطائفة الإثناعشرية بأربعة عشر معصوم منهم إثنا عشر إماماً معصوما، ويعتقدون بأن محمد المهدي ابن الحسن العسكري وهو عندهم الإمام الثاني عشر هو المنتظر الموعود الذي غاب عن الأنظار ثم سيعود ليملأ اللأرض عدلا.
وتعتبر الطائفة الإثناعشرية أكبر الطوائف الشيعية من حيث عدد السكان، حيث يقدر عددها بحوالي 85% من الشيعة ، وتحتوي إيران والعراق وأذربيجان على أكثر من ثلثي عدد الشيعة الإثناعشرية، ويرى بعض السنة والشيعة أن ذلك يعود لفترة الحكم الصفوي (1501م – 1736م)، حيث كانت إيران سنية المذهب طوال أكثر من ألف عام [9] ولم يكون فيها سوى أربع مدن شيعية وهي آوه وقاشان وسبزوان وقم، وعقب وصول إسماعيل الصفوي للسلطة في إيران أعلن فرض المذهب الشيعي الإثناعشري مذهبا رسميا للدولة، « بالرغم من وصول الشيعة للسلطة عبر التاريخ الإسلامي (أي كالقرامطة والعبيديون والبوهيون)، حتى القرن السادس عشر ميلادية 1501م ووصول الحكم الصفوي للسلطة وفرضه للمذهب الشيعي الإثناعشري على مستوى الامبراطورية، مما أدى ذلك إلى تحول الشعوب في بلاد الفرس وأذربيجان وبعض الترك ليصبحوا من أتباع الطائفة الشيعية الإثناعشرية
وضع جعفر الصادق الفقه الشيعي ونشر تلاميذه بين الناس وتلقى العلم على يديه آلاف الطلبة واعتبره الشيعة من نجوم الأمة الإسلامية لذا يسمون بالجعفرية أيضا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية   موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية Emptyالأربعاء 31 يوليو 2019, 8:50 am

الإباضية


الإباضية أحد المذاهب الإسلامية
، ويؤمن أهله بأنه "مذهب أهل الحق والاستقامة". سمي الإباضية بهذا الاسم نسبة إلى (عبد الله بن أباض التميمي)، والمؤسس الحقيقي للمذهب هو جابر بن زيد التابعي الجليل, وتنتشر الإباضية في سلطنة عُمان حيث يمثلون 75% من العُمانيين وينتشر أيضا في جبل نفوسة وفي زوارة في ليبيا ووادي مزاب في الجزائر وجربة في تونس وبعض المناطق في شمال أفريقيا.[1]
يعتبر المذهب الإباضي أول مذهب يظهر على الساحة الإسلامية قبل المذاهب الجعفريه الثناعشريه أهل السنة والجماعة(المالكية والشافعية والحنابلية والحنفية) ان اتساع دائرة المذهب الأباضي كدعوة إسلامية سياسية عامة جعل المذهب لا يكسب طابعا خاصا يغلب عليه مدرسة بعينها أو ينسب إلى مدينة بعينها كالبصرة، فَإِنَّ الباحث يتردد كثيرا قبل أَن يرسل حكما عاما يربط فيه المذهب بمركز التجمع الإباضي في البصرة، فقد كانت تجمعات مماثلة في كل من الكوفة ومكة والمدينة وخراسان عرف منها علماء بارزون مختارون، سجلت أقوالهم في الآثار المبكرة لعلماء "الإباضية".
واكتملت صورة المذهب وتم تحرير أقواله وآرائه في صورتها النهائية في أواخر أَيَّام أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة، الذي خلف عبد الله بن اباض على إمامة أشياخ المذهب في البصرة، وهي مركز التجمع الأساسي لعلماء الإباضية؛ حتَّى قرابة نهاية القرن الثالث. وعنه حمله طلبته الذين وفدوا عليه من المغرب والمشرق إلى بلدانهم، التي أضحت (من بعد) مراكز "لدول إباضية"، لعبت دورا سياسيا خطيرا، في كل من جنوب الجزيرة وشرقها (اليمن، وحضرموت ثُمَّ سلطنة عمان وفي شمال أفريقيا: ليبيا، تونس، الجزائر).
وقد عرف هؤلاء التلاميذ باسم خاص تطلقه عليهم كتب السير والطبقات "الإباضية" هو اسم: "حملة العلم".
الدولة الرستمية
وبجهود حملة العلم تأسست دولة "الأباضية" في شمال أفريقيا، فكان إمام الظهور الأول لهذه الدولة هو: أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري أحد حملة العلم، وقد بايعه أصحابه بالإمامة في منطقة "صياد" قرب بلدة جنزور في طرابلس سنة 140 الهجري، ولعب دورا هاما في سياسة المنطقة في فترة قصيرة، التي حكمها أَيام ملك العباسيين. ثُمَّ بعد حروب متصلة بين جيوش الدولة العباسية وجموع "الإباضية" في المغرب، أفلح تلميذ آخر من تلاميذ "أبي عبيدة" وأحد "حملة العلم" وهو عبد الرحمن بن رستم الفارسي في تأسيس الدولة الرستمية بتاهرت (تيارت حاليا، وهي مدينة جزائرية)، والتي استمرت قرابة مائة وعشرين سنة (120 سنة) وازدهرت مع ازدهارها، وما هيأته من ظروف الاستقرار حركة علمية ممتازة في كل من جبل نفوسة و"تاهرت" تركت ثروة علمية واسعة ذات قيمة جليلة، وبعد سقوط الدولة "الإباضية" في "تاهرت" احتفظت التجمعات السكانية "الإباضية" بنوع من الاستقلال الديني والسياسي، مكنها في متابعة تلك النهضة العلمية التي تقوم على رعايتها مجالس العلماء، التي عرفت في اصطلاح الإباضية "بمجالس العزابة"، فاتصل الإنتاج العلمي بين "إباضية" المغرب في مختلف العلوم الإسلامية حتى أَيامنا هذه.
رغم تلك الجفوة التي اصطنعتها ظروف السياسة في تاريخ الأمة الإسلامية بينه وبين سائر مذاهب الأمة فإن المذهب يمثل في واقعه صورة من صور الإسلام الأصيل، في عقائده وفقهه ومسلك أتباعه، ويتميز تاريخه الطويل بذلك الصراع المتصل لإقامة وجود سياسي للعقيدة الإسلامية، ممثلا في إمامة عادلة في حال الظهور، أو في السعي المتصل لإقامتها في مسالك الدين الأخرى في أطوار "الدفاع" أو "الشراء" أو "الكتمان". ولا يزال لهم بقايا في الجزائر وعمان وزنجبار.
ظهور المذهب الإباضي
ظهر المذهب الإباضي في القرن الأول الهجري في البصرة، فهو أقدم المذاهب الإسلامية على الإطلاق وقد نشره عبد السلام الدولان والتسمية كما هو مشهور عند المذهب ،جاءت من طرف الأمويين ونسبوه إلى عبد الله بن أباض وهو تابعي عاصر معاوية وتوفي في أواخر أيام عبد المالك بن مروان، وعلة التسمية تعود إلى المواقف الكلامية والجدالية والسياسية التي اشتهر بها عبد الله بن أباض في تلك الفترة.
أن الإباضية خرجوا على الدولة الأموية أو العباسية خروجا سياسيا وخروجا دينيا. ولم يكونوا راضين عن سياسة الأمويين.
الأباضية يعتقدون أن كل من نطق بكلمة الشهادة فهو مسلم له ما للمسلمين وعليه ما عليهم فلا يستحلون دماء أحد من أهل القبلة إلا بالحق الذي بينته وحددته الشريعة الإسلامية كالردة وقتل النفس وما شابه ذلك. ولا يستحلون مال أحد إلا بالطرق التي رسمتها الشريعة الإسلامية للتعامل بين الناس: فريضة في كتاب الله، هبة عن تراض، بيع عن تراض وما في معناها. أما قتل الأبرياء وسبي الأطفال والنساء فقد حالت دونها كلمة التوحيد، ولا يستحلون هذا حتى من البغاة مهما بالغوا في مسلكهم الظالم. فالاعتبارات التي سمي الخوارج من أجلها خوارج لا وجود لها عند الإباضية.
الخوارج في نظر الأباضية
يرى الأباضية أن إطلاق كلمة الخوارج على فرقة من فرق الإسلام لا يلاحظ فيه المعنى السياسي الثوري سواء كانت هذه الثورة لأسباب شرعية عندهم أو لأسباب غير شرعية ولذلك فهم لم يطلقوا هذه الكلمة على قتلة عثمان ولا على طلحة والزبير وأتباعهما ولا على معاوية وجيشه ولا على ابن فندين والذين أنكروا معه إمامة عبد الوهاب الرستمي وإنما كل ما يلاحظونه إنما هو المعنى الديني الذي يتضمنه حديث المروق والخروج عن الإسلام وهو قوله : "أن ناسًا من أمتي يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية فتنظر في النصل فلا ترى شيءًا ،وتنظر في القدح فلا ترى شيءًا، وتتمارى في الفرق ".
الأصول العقائدية عند الأباضية
الأصل الأول : التوحيد
يقول الأباضية: أن الله واحد في ذاته وصفاته وان ذات الله وصفاته شيء واحد ولا يشاركه فيه شيء ما بأي حال من الأحوال وبأي وجه كان مع الإقرار والاعتقاد بأن لا اله إلا الله وان محمد رسول الله أي : أن الله هو المالك الوحيد الخالق لهذا الكون والمدبر الوحيد الكامل لكل ما يقع من أحداث وان محمد رسول الله خاتم الأنبياء والرسل ورسالته حق على العالمين مع الإلزام بتطبيقها وأتباعها في هذه الحياة.
الأصل الثاني : الصفات الإلهية
يؤكد الأباضية على التنزيه المطلق لله عز وجل لقوله تعالى "ليس كمثله شيء"، فصفاته لذاته هي ذاته لا غيرها، بمعنى أن الله عز وجل غني بذاته سميع بذاته حي بذاته بصير بذاته وهكذا في بقية الصفات لكن المذاهب الكلامية الأخرى قد اختلفت في ماهية الصفات الإلهية
فالأشعرية ترى أن صفات الله غيره وهي قديمة بقدمه الله معنى هذا أن العلم صفة ثابتة قديمة من صفاته الله ولكنها ليست جوهره أي ذاته. فلا يقال أن الله مريد بإرادة وإرادته ذاته، أما الأباضية تقول: أن صفات الله هي عين ذاته والله قادر بذاته أي أن ذاته كافية في التأثير في جميع المقدورات، فصفات الله عز وجل هي عين ذاته لأن الله قديم وصفة القديم مثله في القدم.
الأصل الثالث : الإيمان
الأباضية يرون أن الدين والإيمان والإسلام أسماء لشيء واحد وهو طاعة الله وتطبيق قواعد الإسلام تطبيقًا عمليًا لذا قيل في التوحيد عند الأباضية : أن قيل لك : ما قواعد الإسلام ؟ فقل: أربعة ،العلم والعمل والنية والورع. فالإسلام لا يصح إلا بهذه الأركان الأربعة ولا يجوز الفصل بين القول والعمل.
القول هو: الإقرار بالله انه لا اله إلا هو وبمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي بأنه عبد الله ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وختم به أنبيائه وفضله على جميع خلقه، والإتيان بجميع أركان الإسلام واجتناب جميع المحرمات والوقوف عند الشبهات، فهذه الأصول تناقض رأي المرجئة التي ترى أن الأعمال شيء واحد وان العمال شيء آخر، فالإيمان في زعمها هو التصديق بالقلب فقط إلا أن الأباضية يؤكدون أن الإيمان بدون تطبيق فرائض الإسلام لا معنى له وإلا أصبح فكرة جوفاء وأما الاشعرية فترى الإيمان : من أتى بالقول وضيع العمل وهذا الإنسان تراه مسلمًا عاصيًا مذنبًا فليس بمشرك. أما الأباضية فتراه فاسقًا عاصيا موحدًا ولا يخرج عن ملة الإسلام وتجري علية أحكام الإسلام والمسلمين. وقد اعتنقت المعتزلة والشيعة والزيدية رأي الإباضية في هذا الأصل
الأصل الرابع: نفي رؤية الله عز وجل
عندما نفى الأباضية رؤية الله عز وجل تأكيدا لقوله تعالى : "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار" كان ذلك عن حق منهم فهم فتحوا باب الاجتهاد والتأويل معتمدين في ذلك علي الأدلة العقلية والنقلية لتدعيم النص القرآني المتشابه بالدليل اللغوي المتمثل في لغة العرب في الجاهلية.وهذا يؤكد سمو وعلو المستوى العقلي الذي يتمتع به الفكر الإباضي في فهم وإدراك المجازات اللغوية والابتعاد عن الاتجاه التجسمي الذي لا يؤمن إلا بما هو متصور ومحسوس وله نظيرة وشبيه في الواقع المادي.
فالأباضية ينزهون كتاب الله عز وجل من الركاكة البيانية فقول الله عز وجل: "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " هذه الآية جاءت صريحة في انتظار رحمة الله بعد البعث حسب سياقها القرآني ولا يستقيم المعنى اللغوي بالرؤية البصرية فالآية جاءت في وصف المؤمنيين الذين ينتظرون رحمة ربهم بإدخالهم الجنة وجاءت في مقابلها وصف الكفار الذين ينتظرون الأهوال التي تفقر عظامها ومن المعلوم لدى علماء البلاغة العربية أن المقابلة تعني أن يؤتى بمعنيين متوافقين أو أكثر ثم بما يقابلها على الترتيب وسياق الآية واضح أنه في البعث وقبل دخول الجنة وتأويلها بالرؤية البصرية ليس له وجه في العربية معروف ضمن هذا السياق. وقد نقل الإمام الطبري بخمسة أسانيد عن مجاهد نفي الرؤية منها: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور عن مجاهد(إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) قال: تنتظر الثواب من ربها، لا يراه من خلقه شيء. فقوله لا يراه من خلقه شيء دليل واضح أنه لا يمكن أن يراه أحد وإذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك.
أما الأدلة العقلية فتمثلت فيما يلي: لو أمكنت رؤية الله لكان جسمًا ومتحيزًا وموجودًا في مكان أمام حواسنا أو كونه في حكم المقابلة كما في الورئى بالمرآة وكذلك عدم غاية القرب فإن المبصر إذا التصق بسطح البصر بطل إدراكه بالكلية، فبعد هذه الأدلة فإن الأباضية تجزم بامتناع رؤية الله في الدنيا والآخرة. ولكن مانراه من القواعد العقائدية بأن نقر أسماء الله وصفاته دون تأويل أو تعطيل بل بما فسره رسول الله إن فسره، أو بأن نفسرها حسب اللغة وحسب ما يتناسب مع عزة الله سبحانه وفرديته وقدرته ولا نخضعها لعقل الإنسان لذلك فقد يظن بعض الناس أنه قد أخطأ الإباضيون في إخضاع الخالق لقوانين إلمخلوقين، ولكن الله سبحانه أنزل القرآن حسب ما يتناسب مع فهم الناس "ألوا العلم خصوصا" حسب ما جاء في اللغة العربية وإلا فكيف يفهم الناس القرآن إن كان يتعدى فهم كل فرد منهم؟ وقد ذكر سبحانه في غير ما موضع "إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" "كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب" "إنا أنزلناه قرءانا عربيا لعلهم يعقلون" وقد وضع النبي صل الله عليه وسلم طرقا وأمثلة لتفسير القرآن الكريم نتبعها لنصل إلى الفهم الصحيح لآياته، فالإباضية لا يحكمون العقل دون النقل، ولا النقل دون العقل، بل يوازنون بين الإثنين، وخير الأمور أوسطها فلا يعموا عقولهم عن التفكير، ولا يضربوا بأقوال السلف عرض الحائط.
الأصل الخامس :القدر
الأباضية أعطت للقدر مفهومًا أصيلا يتمثل في القدرة المرتبطة بالمقدور بمعنى الكسب ،أي للإنسان القدرة على الفعل والله عز وجل خلق فينا القدرة ولا يحاسبنا على هذه القدرة بل أن الحساب ينصب على الأعمال التي اكتسبها الإنسان اكتسابًا عن طريق جوارحه وإرادته الحرة. كالمسلم الذي صام رمضان فأكل يومًا متعمدًا، فإن ظاهرة الجوع والعطش أمر جبري من عند الله لأننا لا يمكن أن نزيل دوافعنا الفطرية أما ا لتعمد في الأكل وعدم ضبط الدوافع بإرادة قوية فأمر مكتسب من الإنسان ذاته أذن ليس هناك تعارض بين إرادة الله عز وجل وعمله الأزلي القديم مسبقًا وبين كسب الإنسان، فالله يعذب على المقدور ولا يعذب على القدر.
الخلاصة إن المؤمن الصالح عليه أن يعتقد بالقدر خيره وشره انه من الله ولن يبلغ حقيقة الإيمان حتى يؤمن بذلك مع العمل الدائم وعدم التواكل اعتمادًا على سيرة الرسول وأقواله حين قال أعرابي للرسول : أرسل ناقتي وأتوكل على الله ؟ قال : بل اعقلها وتوكل.
الأصل السادس :العدل والوعد والوعيد
إن قضية الوعد والوعيد أي الثواب والعقاب تعد أصلاً من أصول العقائد الأباضية، فهي المرتبطة بالعدل الإلهي الذي يعطي لكل ذي حق حقه ولا ينسب إليه الجور والظلم تعالى الله عن ذلك، فلا يحكم على أحد بما ليس أهلاً له، ولا يفعل بأحد ما لم يكن أهلاً له فحكمه على القاتل بالقتل عدل، وقطع يد السارق عدل، ورجم الزاني والزانية عدل، وعد الطائع بالجنة عدل، وتوعد العاصي بالنار عدل وعقاب إن مات بدون توبة. وإلا أصبحت أوامر الله كاذبة ومتناقضة مع النصوص القرآنية وعدالته المطلقة فالله عادل لا يظلم أحد وسوف ينفذ وعيده الخالد الأبدي في حق لكافرين العصاة وكذلك سينفذ وعده الخالد الأبدي في حق المؤمنين الصادقين، فالأباضية دحضوا رأي المرجئة والحشوية بالدليل العقلي والنقلي حين زعموا أن الله سيخلف وعيده لأهل الكبائر والعصاة من المسلمين ولا يخلف وعده وعللوا ذلك بقول القرآن :" قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا انه هو الغفور الرحيم ". ولكنهم أجيبوا بالدليل النقلي في قول القرآن :" ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها وله عذاب مهين " صدق الله العظيم
الخلاصة أن الأباضية يرون أن أهل الكبائر من المسلمين بدون توبة كانوا عصاة أو فاسقين فهم مخلدون في النار أبدًا ودائمًا وأما المؤمنون فهم مخلدون في الجنة دائمًا وأبدًا. =
الأصل السابع : الشفاعة
يرى الأباضية أن شفاعة النبي لن تكون لمن مات وهو مصر على الكبائر وإنما تكون للمؤمنين كافة لتخفيف عليهم يوم الحشر والتعجيل بهم للدخول في الجنة أو زيادة درجة لبعض المؤمنين الذين ماتوا على الوفاء والتوبة النصوح. وفي هذا قال الامام نور الدين السالمي وأنه من أطاع الله يدخله*** جناته أبدا لا يبتغي نقلا ومن عصاه ففي النيران مسكنه*** ولم يجد مفزعا عنها فينتقلا وما الشفاعة إلا للتقي كما*** قد قال رب العلا فيها وقد فصلا والمؤمنون عن النيران قد بعدوا*** وما الورود لهم بل للذي انخذلا
الأصل الثامن : خلق القرآن الكريم
الأباضية تؤكد على أن القرآن الكريم كلام الله وانه مخلوق له الله لفظه وكلماته سوره ومعناه إلا ما قام الدليل على قدم معناه فقط كلفظ الرحمن الرحيم لوصفه الله له بكونه منزلاً من عنده وهذه الفكرة مرتبطة بالتصور النقي الخالص لفكرة التنزيه للذات الإلهية عن كل مماثلة لما يحتمل تصوره ووجوده من المحدثات الحسية الواقعية فالقرآن الكريم شيء من الأشياء الموجودة فهو يكون محدثًا أي مخلوقًا أو غير محدث والله الخالق لكل شيء والدليل على ذلك قول القرآن :"إنا جعلناه قرآنًا عربيًا " وقول القرآن: "وجعلنا الليل والنهار آيتين " هذه الآية الأخيرة في غير القرآن من الخلق ثم أن الله عز وجل بين أن القرآن الكريم محدث فقال :" ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون " وقال :" ولقد جئناكم بكتاب فصلناه على علم " وقال في غير القرآن من الخلق :" وكل شيء فصلناه تفصيلا" ولقد قال الله تعالى في غير موضع من القراءن النص صراحة فقال : "الله خالق كل شيء" صدق الله العظيم
الأصل التاسع : لا منزلة بين المنـزلتين
في هذه القضية قضية الكفر والإيمان التي أثيرت في الفكر الإسلامي : هل المسلم إذا ارتكب كبيرة من الكبائر يفقد صفة الإيمان ؟ فيقول الأباضية في هذه القضية: أن من أقر بوحدانية الله ورسالة محمد ولكنه ضيع الفرائض الدينية أو ارتكب كبائر، فتسميه موحدًا وليس بمؤمن ولا بمشرك وان مرتكب الكبيرة يعد كافر كفر نعمة وليس كافر كفر شرك لقول القرآن: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فؤلئك هم الكافرون " وقول الرسول :ليس بين العبد والكفر إلا تركه الصلاة.
فالكفر عند الأباضية ينقسم إلى:

  • كفر نعمة ونفاق: يتمثل في المسلم الذي ضيع الفرائض الدينية أو ارتكب الكبائر وأجمع بينهما
  • كفر شرك وجحود:ويتمثل في الإنسان الذي يجحد بالله وآياته ورسالة محمد فهنا يعد خارجًا عن ملة الإسلام.

فرأي الأباضية واضح جدًا في شأن المسلمين فهي تعدهم في الملة الإسلامية وتجري عليهم أحكام المسلمين ويحرم أن تستحل دماؤهم وأموالهم لقول الرسول : (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك منعوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها)
الجذور الفكرية والعقائدية
يعتمد الإباضيون كمرجع للعقيدة على القران والسنة والرأي والإجماع. بالنسبة للأحاديث النبوية فيعتمدون على مسند الربيع بن الحبيب
الإباضية الأولون [1]

  • عبد الله بن إباض
  • أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة
  • الربيع بن حبيب
  • أبو بلال مرداس بن حدير

أئمة الدولة الرستمية

  • عبد الرحمن بن رستم
  • أفلح بن عبد الوهاب

أعلام الإباضية
انظر مقالة فرعية معجم أعلام الإباضية ومعجم أعلام المغرب

  • يعقوب بن لبيد* التجيبي الملزوزي الكندي(أبو حاتم) (ت: 27 155هـ)
  • عبد الرحمن بن رستم ابن بهرام بن كسرى (حكم من 160هـ إلى 171هـ)
  • الشيخ أبي موسى عيسى بن عيسى الطرميسي
  • الشيخ عيسى بن سليمان الشماخي (حي في 699هـ).
  • الشيخ يحيى أبي العز الشماخي (حي في 704هـ).
  • الشيخ أبو ساكن عامر بن علي بن يسفاو الشماخى (700-792 هـ).
  • الشيخ أبو عمران موسى بن عامر الشماخى توفى (807 أو 808هـ).
  • الشيخ إسماعيل بن موسى الجيطالي أبو طاهر (? - 750هـ)
  • الشيخ أبو الفضل أبو القاسم ابن إبراهيم البرادي الدمَّري (حي في: 810هـ / 1407م)
  • سعيد بن عبد الواحد الشماخي
  • الشيخ عبد الله بن عبد الواحد الشماخي
  • الشيخ بدرالدين أحمد بن سعيد الشماخي (توفى 928 هـ).

أيوب بن يوسف الباروني. (ت أوائل ق: 13هـ / 19م).

  • الشيخ علي يحي معمر
  • الدكتور عمرو خليفة النامي
  • الشيخ إبراهيم بيوض
  • الشيخ أبو اليقضان إبراهيم
  • الإمام نورالدين عبد الله بن حميد السالمي
  • الشيخ عبد الله الباروني
  • قاسم بن سعيد بن قاسم الشماخي (ت 1334هـ).
  • المجاهد سليمان الباروني
  • الشيخ أحمد الخليلي
  • الشيخ أبو اسحق إبراهيم اطفيش (توفى1385هـ).
  • الشيخ محمد بن إبراهيم قرقر الطرابلسي
  • لالّة قاسم الشماخي
  • زعيمة الباروني (1328هـ - 1396هـ).

مراجع
[list defaultattr=]
[*] أ ب ت (1418 هـ). الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة. ردمك 9960-616-03-7.
[/list]

  • الدكتور عمرو النامي، لكتاب أجوبة ابن خلفون: 9-12
  • كتب سير الأئمة وأخبارهم، أبي زكريا يحي بن أبي بكر، ديوان الوطني للمطبوعات الجامعية,1984 الجزائر.
  • موقع أشعة من الفكر الاباضي
  • إباضية بين الواقع والخيال
  • الشماخي، أحمد بن سعيد. سير المشايخ

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
موسوعة المذاهب والفرق الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» موسوعة الأخلاق الإسلامية
» موسوعة المفاهيم الإسلامية
»  موسوعة – العروض والفلاشات الإسلامية
» كتاب موسوعة الحضارة العربية الإسلامية
» موسوعة القواعد الفقهية المنظمة للمعاملات المالية الإسلامية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة العلوم والمعارف :: الموسوعة الإسلامية الشاملة :: المذاهب والفرق الإسلامية-
انتقل الى: