منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 طارق بن زياد..فارس الأندلس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

طارق بن زياد..فارس الأندلس Empty
مُساهمةموضوع: طارق بن زياد..فارس الأندلس   طارق بن زياد..فارس الأندلس Emptyالأربعاء 05 ديسمبر 2018, 4:07 pm

طارق بن زياد..فارس الأندلس 19597_image002





طارق بن زياد..فارس الأندلس



طارق بن زياد (50 - 102هـ، 670 - 720م).

طارق بن زياد الليثي فاتح الأندلس. وقيل طارق بن عمرو، مولى موسى بن نصير عامل بلاد المغرب من قبل الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك، وقائد جيوش البربر التي فتحت شبه جزيرة أيبيريا.




وقد اختلف مؤرخو العرب في أصله: فذهب بعضهم إلى أنه كان فارسيًا همذانيًا، وذهب فريق آخر ـ ومنهم الحميدي صاحب جذوة المقتبس ـ إلى أنه كان بربريًا من إفريقيا ومن قبيلة نفزة البربرية، وذهب فريق ثالث إلى أنه لم يكن مولى موسى بن نصير، وأنه لم يكن بربري الأصل؛ وإنما كان ينتسب إلى الصدف.

 وأرجح هذه الآراء جميعًا الرأي القائل بأنه كان بربري الأصل. فقد قيل إنه كان وسيماً جداً, طويل القامة، ضخم الهامة، أشقر اللون. وتنطبق هذه الصفات على عنصر البربر. أسلم على يد موسى بن نُصَير، فكان من أشد رجاله.


أعماله.

  لا يُعرف شيءٌ عن أعمال طارق بن زياد في أول نشأته، ولاعن اشتراكه في مقاتلة البربر أثناء ولاية زهير بن قيس على إفريقيا. فلما قُتل زهير في طبرق، عام 76هـ، عُين طارق أميرًا على برقة غير أنه لم يلبث طويلاً في هذا المنصب، إذ أنه سرعان ما اختير قائدًا لجيش موسى بن نصير، فأبلى بلاء حسنًا في حروبه.

 الطريق إلى الأندلس:

 طارق بن زياد..فارس الأندلس 135224
 وظهرت لموسى قدرته في اقتحام المعارك، ومهارته في قيادة الجيش، فولاه على مقدمة جيوشه بالمغرب.

 وهكذا أتيح لطارق بن زياد أن يتولى قيادة جيوش موسى، ويشترك معه في فتح بقية بلاد المغرب، والسيطرة على حصون المغرب الأقصى حتى المحيط الأطلسي. ومازال يقاتل البربر، ويفتتح مدائنهم حتى بلغ مدينة طنجة (قصبة بلادهم، وأم مدائنهم) فحاصرها حتى افتتحها، وأسلم أهلها. ولم يمض على ولاية موسى للمغرب عدة أعوام، حتى خضع له المغرب بأسره، ولم تستعص عليه سوى مدينة سبتة، لمناعتها وشدة تحصنها. وكان يتولى إمارتها حاكم من قبل الدولة البيزنطية، يعرف بالكونت جوليان، ويسميه مؤرخو العرب يليان النصراني.




وكان يليان هذا ـ برغم تبعيته للدولة البيزنطية ـ يتوجه في طلب المعونة إلى مملكة القوط بأسبانيا، فتمده الحكومة القوطية بالمؤن والأقوات عن طريق البحر.
 وقاتله موسى وطارق فألفياه في نجدة وقوة وعدة، فلم يمكنهما التغلب عليه، فرجعا إلى مدينة طنجة، ومن هناك أخذا يغيران على ما حول سبتة، ويضيقان عليها الخناق دون جدوى.

  فلما يئس موسى من فتح سبتة، أقام قائده طارق بن زياد واليًا على مدينة طنجة حتى تتاح له فرصة مراقبة مدينة سبتة من كثب، وترك تحت تصرف طارق تسعة عشر ألفًا من البربر بأسلحتهم وعددهم الكاملة، مع نفر قليل من العرب ليعلموهم القرآن وفرائض الإسلام. أما موسى، فقد عاد إلى القيروان.




آثر طارق أن يكسب صداقة عدوه يليان مادام قد عجز عن فتح مدينته الحصينة.

 ويُذكر أن طارقًا كان يراسل يليان ويلاطفه حتى تهادنا. ثم حدث في الجانب الآخر القوطي (الأندلس) أمر لم يكن في الحسبان: ذلك أن رودريجو (لذريق) ـ أحد قواد الجيش القوطي ـ وثب على العرش، وخلع الملك غيطشة، وتولى مكانه، ثم إن لذريق اعتدى علىابنة يليان التي كانت في بلاط الملك غيطشة، الأمر الذي أثار غضب يليان، وجعله يأتي بنفسه إلى طارق بن زياد ويعرض عليه مساعدته في فتح الأندلس.

 ولم يتردد طارق في الاتصال فورًا بمولاه موسى بن نصير بالقيروان، الذي اتصل بدوره بالخليفة الوليد بن عبدالملك يطلب استشارته وإذنه، ونصحه الخليفة الوليد بألا يعتمد على يليان بل يرسل من المسلمين من يستكشف الأمر، فأرسلت سرية طريف التي عادت بالبشائر والغنائم.

 فأنس موسى إلى يليان، وازداد إقدامًا على الفتح، ثم استدعى مولاه طارقًا، وأمّره على سبعة آلاف من البربر وثلاثمائة من العرب.

 وأبحرت الحملة من طنجة في 5 من رجب عام 92هـ، إبريل 711م، في أربع سفن، وظلت هذه السفن تنقل جنود طارق إلى جبل كالبي الذي عُرف بعد ذلك بجبل طارق حتى كمل نقلهم وتوافوا جميعهم لديه.

 وقيل إن طارقًا كان نائمًا في السفينة، فرأى النبي  والخلفاء الأربعة الراشدين يمشون على الماء حتى مروا به، فبشره النبي بالفتح، وأمره بالرفق بالمسلمين، والوفاء بالعهد.


وقع على لذريق خبر اقتحام المسلمين ساحل الأندلس الجنوبي، واستيلائهم على الجزيرة الخضراء، وقوع الصاعقة، فانزعج وكر راجعًا إلى جنوبي أسبانيا، وزحف إلى قرطبة في جيش جرّار بلغت عدته ـ وفقًا للروايات العربية ـ نحو مائة ألف. فكتب طارق إلى موسى يستمده، ويخبره أنه فتح الجزيرة الخضراء، وملك المجاز إلى الأندلس، واستولى على بعض أعمالها حتى البحيرة، وأن لذريق زحف إليه بما لا قبل له به. فأرسل موسى إليه مددًا مؤلفًا من خمسة آلاف من المسلمين، كملت بهم عدة من معه اثني عشر ألفًا.


وأقبلت في الوقت نفسه جيوش لذريق حتى عسكرت غربي طريف، بالقرب من بحيرة خندة، على طول نهير برباط الذي يصب في البحر الذي سمَّاه المسلمون وادي كلة. 

وبالمقابل، أخذ طارق في الاستعداد للمعركة الحاسمة. فاختار موقعًا مناسبًا في وادي كلة، يستند في أجنحته على موانع طبيعية تحميه، ونظم قواته، وأصدر أوامره بإحراق السفن، وقام في أصحابه، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله. ثم حث المسلمين على الجهاد، ورغَّبهم فيه، واستثار حماستهم.

 طارق بن زياد..فارس الأندلس Images
 كان مما قاله طارق: ¸أيها الناس! أين المفر؟ البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام·.

 أقبل لذريق في جموعه وهم نحو مائة ألف ذوي عدة وعدد، وهو على سريره، وعليه مظلّة مكللة بالدّر والياقوت والزبرجد، وحوله غابة من البنود والأعلام. وأقبل طارق وأصحابه، عليهم الزَرَدُ، من فوق رؤوسهم العمائم البيض، وبأيديهم القسي العربية، وقد تقلدوا السيوف، وشرعوا الرماح.




وبدأت المعركة الحاسمة، وأنزل الله نصره على جنده المجاهدين في سبيل الله، وتمزق جيش القوط، وسقط لذريق، ولاذت فلول أعداء المسلمين بالجبال. لقد كان الموقف خطيرًا، فقد كانت أوامر موسى بن نصير دقيقة وواضحة، وتنص على عدم تجاوز منطقة الساحل، خوفًا على المسلمين من الضياع في هذا المحيط الواسع من شبه الجزيرة الأندلسية.

 غير أن بقاء طارق عند حدود الساحل، ومع ما هو عليه موقف قواته من الضعف، أمر بالغ الخطورة، فإتاحة الفرصة أمام فلول القوط، قد تسمح لهم بإعادة تجميع قواتهم.
 فسارع طارق وافتتح أشبيليا، وأستجة، وأرسل من استولى على قرطبة ومالقة، ثم فتح طليطلة (عاصمة الأندلس) وتوجه شمالاً فعبر وادي الحجارة وواديًا آخر سمي فج طارق واستولى على عدة مدن، منها مدينة سالم التي يقال إن طارقًا عثر فيها على مائدة سليمان. وعاد إلى طليطلة سنة 93هـ بعد أن أخضع كل ما اعترضه من مُقاومات، ولكن، وإلى الشمال من طليطة، كانت قوات القوط تتجمع لمعركة جديدة.




وكتب طارق لموسى: ¸لقد زحف إليّ ما لا طاقة لي به·. وأسرع موسى، فقاد جيشه المكون من ثمانية عشر ألفًا من المقاتلين فالتقى طارق بموسى بن نصير في طليطلة، ويقال بأنه وبَّخه على مخالفته أوامره بل الأرجح أنه عاتبه في رفق على تسرعه في اقتحام الأندلس من وسطها دون السيطرة على شرقيها وغربيها.

 وذكر ابن حيان أن موسى رضي عن طارق، وأمّره على مقدمة الجيش، وأمره بالتقدم أمامه، ثم تبعه موسى بجيشه، فارتقى طارق إلى الثغر الأعلى، وافتتح سرقسطة عام 96هـ، 714م وأوغل في البلاد، وغنم الغنائم الضخمة، ثم اتجه نحو ماردة متبعًا الطريق الروماني الذي يربط سرقسطة ببرشلونة، ثم يتصل بعد ذلك بالطريق المؤدي إلى أربونة على ساحل البحر الأبيض.


وأشرف القائدان على الأرض الكبيرة، وبعثا السرايا إلى بقية البلاد، فاستولت على برشلونة وأربونة وصخرة إينيون وحصن لودون على وادي ردونة (نهر الرون) وغيرها من البلاد، وخطر لموسى أن يعود إلى المشرق عن طريق أوروبا من جهة القسطنطينية. وفي هذا الوقت، الذي خطرت فيه لموسى متابعة فتوحه في قلب أوروبا، وصل رسول الخليفة إليه يأمره بالكف عن الفتح والعودة إليه في صحبة طارق بن زياد.

 وعبر القائدان المجاز إلى إفريقيا يحملان معهما الغنائم، ويجران خلفهما موكبًا من قواد المسلمين ورؤساء القوط المغلوبين، حتى وصلا إلى الشام في أواخر خلافة الوليد بن عبدالملك وبداية عهد الخليفة سليمان بن عبدالملك. وقد انقطعت أخبار القائد طارق بن زياد إثر وصوله إلى الشام، والأرجح أنه أصبح بعد ذلك في بلاط الخليفة سليمان بن عبد الملك مستشارًا له.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

طارق بن زياد..فارس الأندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: طارق بن زياد..فارس الأندلس   طارق بن زياد..فارس الأندلس Emptyالأحد 15 سبتمبر 2019, 9:08 am

القائد المجاهد طارق بن زياد بين الروايات المتناقضة؟!



يقول الله تبارك وتعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب: 23].

ومِن هؤلاءِ الأبطال المجاهدين الذين سَطر التاريخ الإسلامي صدقهم وأمانتهم وقوة شكيمتهم في دحر الأعداء الصليبيين - طارق بن زياد - رحمه الله.

لكن الروايات التاريخيَّة التي نسجت حول الخطبة المشهورة عنه وما قيل عن حَمل جيوشه على حرق السفن؛ ما تزال إلى اليوم تثير كثيرًا منَ السِّجال والنقاش؛ لهذا كانت هذه الدِّراسة لنقض الرِّوايات المتحاملة، وتحليلها تحليلاً علميًّا لدفع كل غبش وغموض يُقلل من أبطالنا؛ الذين رفعوا راية الإسلام خَفَّاقة في قلب أوروبا النَّصرانيَّة، وما تزال مصادرهم مَلأى بالتَّشهير والتَّزوير لحقائق هذا الرَّجل العظيم؛ لكن الطَّامَّة الكبرى أن نعثرَ في مراجع بني جلدتنا وممن يسمون بأسمائنا طروحات وأفكار الغرب النصراني الحاقد، فلا حول ولا قوة إلاَّ بالله!

1-المعطيات الأوليَّة للموضوع:
- التعريف بشخصيَّة طارق بن زياد:
هو طارق   بن زياد، وُلد سنة 50 هـ - 640 م، وتولَّى طنجة سنة 89 هـ - 707م، ثم فتح الأندلس سنة 92هـ - 710 م. أمَّا وفاته فكانت على الأرجح سنة 102 هـ، وقد اختلف في نسبه، ولكن أرجح الأقوال أنَّه أمازيغيٌّ قُحٌّ؛ ولكنَّه كان على صلةٍ بالعروبة والإسلام منذ زمن ليس بالقصير، فقد ذكر له ابن عذارى أبوين في الإسلام، فاسمه الكامل: طارق بن زياد بن عبدالله، ويبدو أنَّه ليس هو الذي أسلم أوَّلاً بل والده وجده الذي يكون قد انتقل إلى المشرق، وهناك نشأ طارق في بيئة عربيَّة إسلاميَّة، مع احتفاظه بلهجة أجداده البربريَّة، ثمَّ جُنّد بعد ذلك في جيش موسى بن نصير، وجاء معه إلى المغرب، وكان من أشد رجاله[url=https://www.alukah.net/culture/1042/4574#fot 1][1][/url].

أورد ابن عذاري المراكشي أيضًا في كتابه "البيان المغرب في أخبار ملوك الأندلس والمغرب" أنَّ نسب طارق بن زياد هو: طارق بن زياد بن عبدالله بن لغو بن ورقجوم بن نير بن ولهاص بن يطوفت بن نفزاو… فهو نضري[2].

كما استخلص الدكتور محمد علي الصلابي[3] من بعض المصادر التاريخيَّة أوصافًا لطارق بن زياد: طويل القامة، ضخم الهامة، أشقر اللَّون، وهي صفات فيما يبدو بربريَّة، أسلم على يد موسى بن نصير - رحمهما الله، وليس كما ذهبت بعض المصادر إلى أنه فارسي وأخرى قالت إنه عربي.

وصفوة القول: أن طارقَ بن زياد، فاتحَ الأنْدَلُسِ، ولد سنة 50 هـ، تجمع أغلب المصادر على أصله البربري، أَسلم على يد موسى بن نُصَيْرٍ ، فكان من أشدِّ رجاله، ولما تَمَّ   لِموسى فتح طَنْجَةَ ولّى عليها طارقًا سنة 89هـ، فأقام فيها إلى أوائل سنة 92هـ، فجهّز موسى جيشًا قدره سبعة آلاف جنديّ معظمهم من البربر لغَزْو الأندلس وفتحها، وولّى طارقًا قيادتهم، فنزل بهم البحر واستولى على الجبل (جبل طارق) وفتح حصن "قَرْطَاجَنَّة"، ولَمَّا علم طارق بقدوم جيشٍ للأعداء كبيرٍ يقوده الملك "لُذْرِيق" طلب من موسى تعزيزًا فأرسل له خمسةَ آلاف جندي، فأعدَّ طارق جيشه وحارب الملك "لُذريق " فقتله، ثم تَغَلْغَلَ في أرض الأندلس وافتتح "إشْبِيلِيَة" و"إستجة" وأرسـل من استولى على "قُرْطُبَة" و"مَالَقة"، ثم   فتـح "طليطلة" عاصِمة الأندلس. تُوُفِّي طارقٌ بن زيادٍ سنة   102هـ.

- نص الخُطبة:
قال: أيُّها الناس، أين المفر؟ البحر من ورائكم، والعدوُّ أمامكم، وليس لكم - والله - إلا   الصدق والصبر، واعلموا أنَّكم في هذه الجزيرة أضيَعُ منَ الأيتام، في مأدُبَة اللئام، وقد استقبلكم عدوُّكم بِجَيشِه وأسلحتِه، وأقواتُهُ موفورة، وأنتم لا وزر لكم إلا سُيوفكم، ولا أقوات إلاَّ ما تستخْلِصونه من أيدي عدوِّكم، وإن امتَدَّت بكم  الأيام على افتقاركم، ولم تنجزوا لكم أمرًا ذهبت ريحكم، وتعوضت القلوب من رعبها منكم الجراءة عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية، فقد ألقت به إليكم مدينَتُه الحصينة، وإن انتهاز الفُرْصَة فيه لممكن إن سمحتم لأنفسكم بالموت، وإنّي لم أحذِّركم أمرًا أنا عنه بنَجْوة، ولا حملتكم على خُطة أرخصُ متاع فيها النفوسُ (إلاَّ وأنا)[4] أبدأ بنفسي، واعلموا أنَّكم إن صَبرتم على الأشق قليلاً، استمعتم بالأرْفَهِ الألذِّ طويلاً، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي، فما حَظّكم فيه بأوفى من حظي، [وقد بلغكم ما أنشأتْ هذه الجزيرةُ منَ الحور الحسان، من بنات اليونان، الرافلات في الدر والمَرْجان، والحُلَل المنسوجة بالعِقْيان، المقصورات في قصور الملوك ذوي التيجان]، وقدِ انتخبكم الوليد بن عبدالملك أميرُ المؤمنين منَ الأبطال عُزْبانا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهارًا وأختانا، ثقةً منه بارتياحكم للطعان، واستماحكم بمجالدة الأبطال والفُرسان، ليكون حظه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته، وإظهار دينه بهذه الجزيرة، وليكون مَغْنَمُها خالصًا لكم من دونه ومن دون المؤمنين سواكم، والله تعالى ولي إنجادكم على ما يكون لكم ذكرًا في الدَّارين، واعلموا أني أوّل مجيبٍ إلى ما دعوتكم إليه، وأنّي عند مُلْتَقى الجمعين حاملٌ بنفسي على طاغية القوم "لذريق" فقاتِلهُ - إن شاء الله تعالى، فاحملوا معي، فإن هلكت بعده فقد كفيتكم أمره، ولم يعوزكم بطلٌ عاقل تسندون أموركم إليه وإن هلكتُ قبل   وصولي إليه فاخلفوني في عزيمتي هذه، واحملوا بأنفسكم عليه، واكتفوا الهمَّ من فتح   هذه الجزيرة بقتله، فإنَّهم بعده يُخْذَلون"[5].

- شرح غريب ألفاظ الخطبة:
-الوزر: الملجأ والمكان الذي تحتمون به، والمراد هنا السلاح. 
- ذهبت ريحكم: أي انتهت قوّتكم، ذَهاب الريح كِناية عن   زَوال القوة والغَلَبة والضَّعف   والتَّفَرُّق. 
- المناجزة: سرعة المُقَاتلة والاشتباك. 
- نجوة: منجاة؛ أي إنني معكم في هذا الأمر الخطير. 
- العقيان: الذهب. 
- عزبان: جمع أعزب وعازب أي الذي لم يتزوج. 
- أصهار: جمع صهر، القريب وزوج بنت الرجل أو أخته. 
- أختان: جمع ختن، وهو أبو امرأتك أو أخوها. فالأحماء من قبل الزوج، والأختان من قبل الزوجة، والأصهار تجمعهما.

- خصائص الخطبة:
تَتَمَيَّز خصائص خطبة طارق بن زياد المشهورة في فتح الأندلس - وهي من النَّثر الأدبي السائد في خطب العصر الأموي بصورة عامة - بالميل إلى الإيجاز، دون مقدّمات طويلة، أو ألقاب عديدة، ثم عناية بالعبارة المُرَكزة ذات الأداء المباشر دون تلوين أو زخرف.

- أقسام الخطبة ومضمونِها:‏
تخلو هذه الخطبة من أيّ شكل من أشكال المقدمات - كما ذكرنا آنفًا، إذ يتناول طارق الموضوع مباشرة، ويشتمل على ثلاثة مقاطع متتالية تكوّن فيما بينها وحدة في الموضوع (الحث والتحريض على الجهاد).

المقطع الأول: الترهيب: ويبدأ بـ(أيُّها الناس، أين المفر؟..) وينتهي بـ(إلاَّ وأنا أبدأ   بنفسي).

وقد وجّه فيه طارق الخطاب إلى أصحابه، ورسم لهم صورة عامَّة للظروف التي هم فيها، مما يفرض عليهم الصمود والثبات لمُجَابَهة العدو، وقد اعتمد في ذلك على المقابلة بين وضعيتهم ووضعيَّة أعدائهم، فالمسلمون مُحَاطون بالبحر الذي خلفوه وراءهم، وبالعدو الذي يزحف نحوهم، وقد شبّههم في وضعهم هذا بالأيتام الضائعين في مأدبَة اللئام، ولقد لجأ في خطبته إلى العقل أوّلاً دون العاطفة عندما وضع جنوده في الإطار الحقيقي بعد إحراق سفنه، وحين يسيطر العقل على العاطفة في الخطبة تغيبُ الصور عن السَّاحة،   ويتوقف الخيال عن التّدخل... فحديث العقل هامسٌ هادئ، أمَّا حديث العاطفة فحديث قارعٌ ضاجٌّ يستثيرُ النّوازع البدائية في النفوس؛ كما تستثيرها الطبول بأصواتِها القوية المدوية.

المقطع الثاني: التّرغيب: ويبدأ بـ(واعلموا أنَّكم إن صبرتم على الأشق قليلاً)، وينتهي بـ(والله تعالى ولي إنْجادكم على ما يكون لكم ذكرًا في الدَّارين).

وبعد أنْ فصّل في جانب الترهيب، عمد إلى الترغيب، ليبث في نفوس جنُودِه مزيدًا منَ الحماس، فحثهم على الصمود والجهاد، وأوصاهم بالصبر على مشاق الحرب مدة قصيرة ليستمتعوا بثمار النصر زمنًا طويلاً، ولينالوا رضا الله ثم رضا الخليفة (الوليد بن عبدالملك - الذي اختارهم من أبطال العرب والمسلمين لفتح تلك الجزيرة، رغبة منه في أنْ يكون حظه   منهم ثواب الله - عزَّ وجلَّ - على إعلاء كلمته وإظهار دينه في هذه الأرض، ثم ذكرهم بأنَّ الله سبحانه وتعالى سيكون   في عونِهم على هذا العمل الصالح الذي سيكسبهم ذكرًا حسنًا في الدارين.‏

أمَّا الفقرة التي وضعناها بين معقوفتين (في نص الخطبة)، فإنَّنا نرتاب في نسبتها إلى طارق، ونعتقد أنَّها من وضع بعض المستعربين (المستشرقين) الحاقدين على الإسلام والمسلمين وتدبيجهم؛ لأن ما ورد فيها لا يتلاءم والروح الإسلاميَّة العالية التي يتميز بها الفاتحون الأوائل من أمثال طارق بن زياد، فالفارق واضح بين لغة الخطبة كلها، ولغة هذه الفقرة التي يُغري طارق فيها جنوده بفتيات الأندلس وبالحور من بنات اليونان، (ولسنا ندري لماذا اليونان؟) اللائي يرْفلن باللآلئ والمرجان، وهن بنات الملوك والأمراء (كما زعموا)، فهي فقرة شاذة طغى عليها السجع طغيانًا لم نَجِدْه في سائر الخطبة من ناحية، وانحَطّت لُغتُها في الوقت نفسه إلى دركٍ لا يمكن أنْ نظنَّ معه أبدًا أنّها وبقية أجزاء الخطبة من عمل واحدٍ، إلى جانب ما جاء فيها من التَّناقُض في المعاني، وفي الأسلوب، ومن مخالفتها لحقائق تاريخية، كإقحام كلمة "اليونان" في الفقرة، في حين أنَّ المؤرخين الأندلسيين قد اعتادوا على استعمال كلمة "الروم" أو "القوط"، وكذلك اصطلاح "العلوج والعجم أو المشركين والكفار".

وفضلاً عن ذلك فإنَّ المؤرخين العرب القدماء الذين ينتمون إلى أزمنة مختلفة، وأمكنة متباعدة تجاهلوها، وكأنَّها شيء لا أصل له في الخطبة، فلم يثبتها أحد منَ المؤرخين الأوائل، أمثال: عبدالملك بن حبيب (ت 238هـ/852م). صاحب كتاب "مبدأ خلق الدنيا"، المعروف بتاريخ ابن حبيب، وابن قتيبة (ت 276 هـ/889م) صاحب كتاب "الإمامة والسياسة"، والطرطوشي (ت 520 هـ/ 1126م) صاحب كتاب "سراج الملوك"، وغيرهم. وأوّل مَن أورد هذه   الفقرة في الخطبة هو ابن خلكان (ت 681هـ/ 1282م). صاحب كتاب "وفيات الأعيان". ويبدو أنَّ الفقرة قد أضيفت إلى الخطبة بعد عصر ابن خلكان عندما استولى الصليبيون على   بلاد المسلمين وعبثوا بتراثهم...‏   إذًا فلا بد من الوقوف وقفة شكّ كبيرة أمام هذه الفقرة "ومما يزيد هذا الشك رسوخًا تلك   الحقيقة التاريخية التي عُرفت عن الجيوش الإسلامية عامة - ولا سيما في تلك القرون الأولى من حملات الإسلام - وهي أنَّ هذه الجيوش لم تكن تغزو للغزو وللغنائم التي   ينالها الغزاة عادة؛ بل كانت تغزو في سبيل فكرة وعقيدة".

وهذه الحقائق التّاريخية، لا تُعجبُ الصليبيين الحاقدين على الإسلام والمسلمين، فعملوا ما في وسعهم على تشويه التاريخ الإسلامي المجيد بجوانبه المتعددة، تارة بالزيادة،   وطورًا بالحذف، ولكن {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8].

المقطع الثالث: إبراز خطته الحربية في المعركة: ويبتدئ بـ(واعلموا أني أوّلُ مجيب إلى ما دعوتكم إليه)، وينتهي بـ(فإنّهم بعده يخذلون).

وبعد أنْ تناول جانب الترغيب مركزًا على الجانبين المادي والمعنوي معًا، انتقل إلى إبراز خطَّته الحربية في المعركة التي يقبل عليها، واضعًا كل الاحتمالات المُمكنة أمام أعينهم تجنُّبًا للاضطراب أو تصدّع الصفوف في حالة استشهاد القائد، وقد أعلن عن خطته في اللحظات الحاسمة قبل نشوب المعركة، مما يدلُّ على حنكته وبُعد نظره، ثم أخبرهم بأنَّ قتل لذريق ملك الأعداء سيسهل مهمة فتح الأندلس؛ لأن قومه سيخذلون بعد قتله، وقد اتَّخذ نفسه قدوة لجنده عندما تكفل هو بنفسه بقتل لذريق، وقال لهم: فإنْ متُّ بعد قتل الطاغية فقد كفيتكم شره، عندئذٍ تستطيعون إسناد أموركم إلى بطل عاقل يخلفني في قيادتكم[6].

2-الخطبة بين الشك واليقين:
 لقد شكَّ بعض المؤرخينَ في صحَّة هذه الخطبة ونسبتها إلى طارق بن زياد - رحمه الله، ويبدو أنَّ هذا الشَّكَّ جاء أولاً من بعض المستشرقين[7] الذين يشك في نياتِهم؛ لأن "الاستشراق" و"الاستخراب" و"التنصير" ثلاثة أسماء لشيء واحد، ثم حذا حذوهم بعض الأمازيغ المعاصرين وبعض المؤرخين العرب، فشكوا هم بدورهم في نسبة الخطبة، ومن هؤلاء: الدكتور أحمد هيكل في كتابه الأدب الأندلسي من الفتح إلى سقوط الخلافة، والأستاذ محمد عبدالله عنان في كتابه دولة الإسلام في الأندلس من الفتح إلى بداية عهد الناصر.

أ- الشك في الخطبة من حيث اللغة:
وقد شكَّ بعض المؤرخين المحدثين في نسبة هذه الخطبة إلى طارق، على اعتبار أنَّها قطعة أدبيَّة فريدة لا يقدر طارق على صياغتها، كما لا يقدر جنوده على فهمها لأنهم جَميعًا - القائد وجنوده - من البربر، على أن هذا التعليل وإن كان يبدو منطقيََّا ومعقولاً، إلاَّ أنَّه لا يمنع من أنَّ طارقًا قد خطب جنده على عادة القواد الفاتحين في مختلف العصور، وإن كنَّا نعتقد في هذه الحالة أنَّ الخطبة لم تكن باللغة العربية، وإنَّما كانت باللسان البربري كما يُسميه المؤرخون القدامى. ثم جاء الكتاب العرب بعد ذلك، فنقلوها إلى العربية في شيء كثير من الخيال والإضافة والتغيير على عادتهم. ومن هذا نرى أنَّه ليس بعيدًا بالمرة أن يكون طارق قد خطب جنوده البربر بلسانهم، إذ إنه من غير المعقول أن يخاطبوا في ساعات الوغى وفي مقام الجد بلغة لم يتعلَّموها أو يفهموها، فكان استعمال اللسان البربري في هذا الموقف ضرورة لإحراز التأثير المطلوب والفائدة العاجلة[8].

ب- الشك في الخطبة أصلاً:
ويُمَثل هذا الاتّجاه المُؤَرخ عبدالله عنان بقوله: "إنَّه يسوغ لنا أن نرتاب في نسبة هذه الخطبة إلى طارق، فإنَّ معظم المؤرخين ولا سيما المُتقدمين منهم لا يشير إليها، ولم يذكرها ابن عبدالحكم ولا البلاذري، وهما أقدم رواة الفتوحات الإسلاميَّة، ولم تُشِر إليها المصادر الأندلسية الأولى، ولم يشر إليها ابن الأثير وابن خلدون، ونقلها المقري عن مؤرخ لم يذكر اسمه، وهي على العموم أكثر ظهورًا في كتب المؤرخين والأدباء المُتَأخرين، وليس بعيدًا أن يكون طارق قد خطب جنده قبل الموقعة، فنحن نعرف أن كثيرًا من قادة الغزوات الإسلامية الأولى كانوا يخطبون جندهم في الميدان؛ ولكن في لغة هذه الخطبة وروعة أسلوبها وعبارتها ما يحمل على الشك في نسبتها إلى طارق، وهو بربري لم يكن عريقًا في الإسلام والعروبة، والظاهر أنها من إنشاء بعض المتأخرين، صاغها على لسان طارق مع مراعاة ظروف الزمان والمكان[9].

ج- إثبات صحة الخطبة لطارق:
ويمثل هذا الموقف العلامة المغربي عبدالله كنون الذي ذهب مذهبًا آخر، مؤكّدًا أنَّ هذه الخطبة صحيحة، وربط هذا بسرعة انتشار العربيَّة والإسلام في المغرب في آن، يقول - رحمه الله -: "أثرت فيه تأثيرها البليغ المشهود في اندفاعه إلى حومة الوغى، وتهافته على الموت بإيمان وحماس، فكيف يفسر هذا بغير سرعة انتشار العربيَّة، كالسرعة التي انتشر بها الإسلام؟"[10]، بل أكثر من هذا؛ أوْرَد أدلة أخرى تعاضد موقفه هذا:

أ- الدَّليل الأول: طارق بن زياد إن كان أصله بربريًّا فقد نشأ في حجر العروبة والإسلام بالمشرق، ولم يكن هو الذي أسلم أولاً بل والده، بدليل اسمه زياد فإنَّه ليس من أسماء البربر، ولا شكَّ أنَّه كان من مسلمي الفتح المغربي الأوَّل، وأنَّه انتقل إلى المشرق حيث تولاه موسى بن نصير، ونشأ ولده في هذا الوسط العربي الذي كونه وثقفه.

ب- الدليل الثاني: لأنَّ نبوغ غير العرب في اللُّغة العربيَّة منذ اعتناقهم الإسلام أمر غير جديد حتى يستغرب من طارق، وهو قد نشأ في بيت إسلامي عربي. فعندنا سلمان الفارسي الذي قضى شطر حياته في بلاد عجمية فلمَّا أسلم بعد ذلك تفتق لسانه بالعربيَّة إلى أن قال فيها الشعر، وبيته مضروب به المثل في الاعتزاز بالإسلام واعتباره هو نسبه الذي يفخر به، إذا افتخروا بقيس أو بتميم، لا يخفى على أحد. ونمثل ببربري آخر، غير طارق وهو عكرمة مولى ابن عباس الذي قال فيه الشَّعبي: ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة؛ ومقامه في العلم والرواية لا يجهل.

جـ- الدليل الثالث: لأنَّه ليس في الخطبة من صناعة البيان ما يمنع نسبتها لطارق، وبلاغتها في نظرنا إنَّما ترتكز أولاً وبالذات على معانيها، والمعاني ليست وقفًا على عربي ولا عجمي. نعم يمكن أن يكون وقع في هذه الخطبة بعض تصرُّف من الرُّواة بزيادة أو نقص، ونحن قد صَحَّحنا فيها بالفعل إحدى العبارات التي لم تكن واضحة الدلالة على معناها؛ ولكن هذا لا ينفي أصل الخطبة ولا يصح أن يكون حجة للتَّشكيك في نصها الكامل"[11].

وخلاصة القول: يمكن ترجيح قول العلامة عبدالله كنون - رحمه الله؛ فهو عالم وفقيه، وله دراية بعلم الحديث والرجال، على عكس المؤرخ عبدالله عنان الذي يستند إلى آراء عقلية قابلة للأخذ والرد، ورحم الله يحيى بن معين إذ يقول: "وإذا كتبت فقمش، وإذا حَدَّثت ففتش"[12]؛ كما أنَّ التَّدقيق في حياة الرَّجل نجد أنَّه كان على صلة بالعُروبة والإسلام منذ حداثته، فقد ذكر لهُ ابن عذاري أبوين في الإسلام (طارق بن زياد بن عبدالله)[13]؛ كما أن والد طارق زياد أسلم منذ أيام عقبة بن نافع - رحمه الله؛ لذلكَ شَبَّ طارق في بيت مسلم، لقنه تعاليم الإسلام أبوه، وموسى بن نصير... والله أعلم.

3- مسألة حَرْق السُّفُن:
قصَّة حرق طارق بن زياد السُّفن الأجفان والمراكب قطعًا لأمل المجاهدين المَغَاربة في الهُرُوب والرُّجوع والفرار، وتحفيزًا لهم على المُوَاجهة والمُقَاتَلة ومُحَاربة العدو؛ قصَّة مُنتَشرة في كُتُب التاريخ الأوربي والتاريخ الأندلسي والغرب الإسلامي عامَّة، فما مدى صحَّة القصَّة؟ وما أهم الرِّوايات في هذا الباب؟

- إذ ترى الرِّوايات المثبتة للقصَّة أنَّه: "لَمَّا دانتْ بلاد المغرب لموسى بن نصير، وكان واليًا عليها من قبَل الوليد بن عبدالملك طمح بصرُه إلى فتح بلاد الأندلس، فبعثَ مولاه "طارق بن زياد" على جيش جُلُّه منَ البربر سنة 92هـ فعبر بهم البحر، ونمى خبره إلى "لذريق" ملك القوط، فأقْبَل لِمُحاربته بجيش جَرَّار وخاف طارق أن يستحوذَ الرُّعب على جنده لقِلتهم، فأحرق السفن التي أقلتهم حتى يقطع من قلوبهم كل أمل في العودة، وقام فيهم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثُمَّ حَثَّهم على الجهاد ورَغَّبهم في الشَّهادة فقال الخطبة المشهورة[14].

ونفس الشيء يُؤَكِّده الدكتور الباحث المعاصر د.سعد بو فلاقة، الأكاديمي الجزائري، في مقاله الرائق "خطبة طارق بن زياد بين الشَّك واليقين": لَئِن شكَّ بعض المؤرخينَ في الحادثة فإنَّ هذا الشك جاء أوَّلاً من بعض المُستشرقين   الذين يشكّ في نواياهم، ونحن لا نشكّ في الحادثة، وإن شكَّ فيها بعض الناس؛ لأنَّ حرق   السُّفن عملٌ جيّد منَ الناحية الإستراتيجيَّة، فهو بهذا العمل يكون قد قطع على الجيش كلَّ   أمل في العودة إلى المغرب، وليدفع جنوده إلى الاستبسال في القتال والاستماتة في   الاندفاع إلى الأمام، نجدها واردة في عدد منَ المصادر التاريخية للعصر الوسيط المغربي. هناك من يُؤَيد وقوع هذه الحادثة خصوصًا وأنَّ هناك رواياتٍ متشابهة وردت في كتب التاريخ وسيطيََّا وحديثًا تُشير إلى وقوع أحداثاً مماثلة:

- رواية المؤرخ والجغرافي السبتي الإدريسي: المُتَوفَّى 562 هجرية الذي وضع أوَّل خريطة رسم فيها العالم: "وإنَّما سُمّي بجبل طارق لأن طارق بن عبدالله بن ونمو الزناتي لَمَّا جاز بمن معه من البربر وتَحَصَّنوا بهذا الجبل، أحسَّ في نفسه أنَّ العرب لا تثق به، فأراد أن يزيحَ ذلك عنه، فأمر بإحراق المراكب التي جاز بها فتَبَرَّأَ بذلك عمَّا اتهم به)[15]".

- رواية الحميري: "وإنَّما سُمّي بجبل طارق؛ لأنَّ طارق بن عبدالله لما جاز بالبربر الذين معه، تحصن بهذا الجبل، وقدر أنَّ العرب لا ينزلونه، فأراد أن ينفيَ عن نفسه التُّهمة فأمر بإحراق المراكب التي جاز فيها، فتبرأ بذلك مما اتّهم به) [16].

- أدلة الشَّاكين والنَّافين لقصة إحراق السفن:
لقد وقفت عند ردود عديدة لكن أشدها إقناعًا ما سطره - أحد الباحثين - بقوله: الحقُّ أنَّ هذه الرِّواية لا يجب أبدًا أن تستقيم، وهي من الرِّوايات الباطلة التي أدخلت إدخالاً على تاريخ المسلمين، وذلك للأسباب الآتية:

أولاً: أنَّ هذه الرِّواية ليس لها سند صحيح في التاريخ الإسلامي؛ لأن عندنا علم الرجال وعلم الجرح والتعديل، ولابدَّ أن تكونَ الرِّواية منقولة عن طريق أناس موثوق فيهم، فهذه الرواية لم ترِدْ أبدًا في روايات المسلمين الموثوق في تأريخها، إنَّما جاءت فقط في الرِّوايات الأوروبيّة.

ثانيًا: أنَّه لو حدَث فعلاً حرقٌ لِهذه السّفن كان لا بدَّ أن يَحدثَ رد فعل من موسى بن نصير أو الوليد بن عبدالملك سؤالاً عن هذه الواقعة؛ فلا بدَّ أن يكون هناك حوار بين موسى بن نصير وبين طارق بن زياد حول هذه القضية. ولا بدَّ أن يكون هناك تعليق من الوليد بن عبدالملك، ولا بدَّ أن يكون هناك تعليق من علماء المسلمين: هل يجوز هذا الفعل أم لا يجوز؟ ولذلك فإنَّ الكتب اختفى منها ردّ الفعل تَمامًا ممَّا يعطي شكًّا كبيرًا في حدوثها.

ثالثًا: أنَّ المصادر الأوروبيَّة قد أشاعتْ هذا الأمر؛ لأنَّ الأوروبيين لا يستطيعون تفسير كيف انتصر 12 ألف منَ الرجال الرجّالة على 100 ألف فارس في بلادهم وعقر دارهم وفي أرض عرفوها، وهم من الخيالية. فقالوا: إنَّ طارق بن زياد حرق سفنه ليجبر الجنود على القتال فانتصروا؛ لأنَّ الأوروبيين لا يستطيعون فهم القاعدة القرآنية: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249]؛ بل إنَّ الأصل المُتَكرر في معظم المعارك   الإسلاميّة أن يكون المسلمون قلَّة، وأن يكون الكافرون كثرة وأن ينتصر المسلمون   بهذا العدد القليل؛ بل إنَّه منَ العَجَب العُجاب أنَّه لو زادَ أعداد المسلمين انهزموا كما   حدث في حنين: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 25].

رابعًا: أنَّ المسلمين لا يحتاجون إلى تحميس بحرق السفن، فقد جاؤوا إلى هذه الأماكن راغبين في الجهاد في سبيل الله طالبين الموت في سبيل الله، فلا حاجة للقائد أن يحمس المسلمين بحرق السفن.

خامسًا: ليس منَ المعقول أنَّ قائدًا مُحَنَّكًا مثل طارق بن زياد - رحمه الله - يحرق سفنه ويحرق خط الرجعة عليه، ماذا لو انهزم المسلمون في معركة منَ المعارك، يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 15، 16].

أي إنَّ هناك احتمال أن ينسحبَ المسلمون من ميدان المعركة؛ إمَّا تحيزًا إلى فئة وفئة المسلمين كانت في المغرب في الشمال الإفريقي، فكيف يقطع طارق بن زياد على نفسه طريق الانحياز إلى فئة المسلمين أو يقطع على نفسه التَّحَرُّف إلى قتال جديد والاستعداد إلى قتال جديد.

فإنَّ مسألة الحرق هذه فيها تَجاوز شرعي كبير لا يقدم عليه رجل في ورع وتقوى وعلم وجهاد طارق بن زياد - رحمه الله، وما كان علماء المسلمين وحُكَّامهم ليسكتوا على هذا الفعل إن حدث.

سادسًا: إن طارق بن زياد لا يملك كل السفن؛ بل كانت مؤجَّرة من يوليان، وكان طارق بن زياد يعطيه أجرة عن هذه السفن، وكان سيردّها إليه عندما يرجع إلى ميناء "سبتة"، فليس من حقّ طارق بن زياد أن يحرقَ هذه السفن.

لكل هذه الأمور نقول: إنَّ قصَّة حرق السُّفن هي قصة مختلقة أشيعت؛ لتهون من فتح الأندلس.

وذكر أنصار هذا الرَّأي مجموعة منَ الأدلَّة:
1 - أنَّ طارق بن زياد لا يمكن أن يقطعَ وسيلة النجاة للعودة، خاصَّة وأنَّه في أرض مجهولة ولا يعلم مصيره ولا مصير جنوده.

2 - أنَّ طارق بن زياد أرسلَ إلى موسى بن نصير يطلب منه الإمدادات بعد أن عبر وتواجه مع جيش القوط هناك، فأرْسل له موسى بن نصير خمسة آلاف مقاتل، والسُّؤال هناك كيف استطاع موسى أن ينقل كل هذه الأعداد إذا كان طارق قد أحرق السفن؟!

3 - ويمكن أن يقالَ أيضًا: وهل تستطيع المصانع الإسلاميَّة أن توفِّر سفنًا تنقل خمسة آلاف مقاتل في تلك الفترة الوجيزة، إن كان طارق قد أحرقَ السفن.

4 - ولو قلنا مثلاً إنَّ تلكَ السُّفن التي أحرقها طارق هي مراكب يوليان حاكم سبتة، فبأي سلطة يقدم طارق على إحراق سفن الرجل؟
 
5 - وكيف لطارق أن يتصرَّفَ في أموال الدولة على هواه؛ بل يجب عليه أن يستأذنَ الخليفة في هذا الصنيع، ولا يَتَصَرَّفَ بنفسه.

6 - ثمَّ إنَّ طارقًا وجيشه يقاتلون من أجل عقيدة، وإنَّهم من ساعة عبورهم جاؤوا مجاهدين مُستَعدِّين للشهادة، وطارق مُتَأكد من هذه المعاني.

وتبدو صعوبة الحَسم والترجيح في هذه القضية إذ إنَّ كلَّ هذه الأدلَّة التي تَوَصَّل إليها الفريقان لها ما يبررها، رغم أنِّي أميل إلى الرأي الثاني، والله أعلم.

ومهما يكُن من سجال؛ فأغلب الرِّوايات عن تاريخ الغرب الإسلامي، يطغى عليها طابع التَّشكيك، ويعود السبب في ذلك بعدها عن مركز الخلافة الإسلاميَّة، أضف إلى ذلك إلى أنَّ أغلب الدِّراسات في هذا الباب أجنبيَّة، ممَّا يُساهم في التَّشويش على بعض الأحداث، وإخراجها عن سياقها الطبيعي!

المُهم قدر الله سبحانه وتعالى أن ينتصر الجيش الإسلامي في 28 رمضان سنة 92 هـ على جيش القوط ثم فَرَّ لذريق، واستَمَرَّ زحف طارق إلى طليطلة وأتاه الأمر من موسى بتوقف الفتوحات خوفًا على الجيش الإسلامي. 



[url=https://www.alukah.net/culture/1042/4574#fot up 1][1][/url]    - ابن   عذاري المراكشي: "البيان المغرب في أخبار ملوك الأندلس والمغرب"، مكتبة صادر، بيروت، لبنان، ج2، ص: 4 وما بعدها.
[2]   - ابن عذاري: نفس المرجع، الجزء الأول، ص: 43. 
[3]   - "صفحات مشرقة من التاريخ الإسلامي"، المجلد الأول، دار الفجر للتراث، القاهرة سنة 2005، ص: 311. 
[4]   - "زيادة ابن خلكان في وفيات الأعيان". 
[5] وردت الخطبة في مصادر متنوعة: "نفح   الطيب من غصن الأندلس الرطيب": أحمد بن محمد المقري التِّلمساني، تحقيق: إحسان عباس -   بيروت - دار صادر 1988. ونسخة المطبعة الأزهرية - القاهرة 1302 هـ، مج 1، ص: 240 - 241،‏ كما وردتْ في مصادر أخرى مثل: كتاب "الإمامة والسياسية" المنسوب لابن قُتيبة، الجزائر -1998، ج2، ص: 117)، وكتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان (4/404)، وحاولنا إيرادها في صيغة شاملة بما في ذلك حتى بعض الفقرات المشكوك في صحَّتها؛ التي يذهب أغلب الباحثين المعاصرين بأنَّها زيدت من قبل الكتاب الأجانب الذين عبثوا في التراث الإسلامي لتحقيق أهدافهم ومآربهم الإستراتيجية.
[6]   - للتَّوسع في الموضوع انظر: المقالة الرائقة للدكتور- الأكاديمي الجزائري - سعد بوفلاقة، "خطبة طارق بن زياد بين الشك واليقين".
[7]   - للتوسع في الموضع الرجوع إلى كتاب "تاريخ الأدب والنصوص" لمحمد الطيب النافع وإبراهيم يوسف. 
[8]   - أبو عبدالله الذهبي: "أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ"، الشَّبَكة العنكبوتيَّة. 
[9]   - "دولة الإسلام في الأندلس منَ الفتح إلى بداية عهد الناصر"، العصر الأول، القسم الأول، الطبعة الثالثة، ص: 47. 
[10]   - "النبوغ المغربي في الأدب العربي"، الجزء الأول، الطبعة الثانية،1960 ص: 42. وانظر مقالته: "حول خطبة طارق في مجلة دعوة الحق"،   العدد: 6 - 7 السنة 11.
[11]   - "النبوغ المغربي في الأدب العربي"، الجزء الثاني، الطبعة الثانية،1960 ص: 23.
[12]   - "الخطيب البغدادي": تاريخ بغداد 1: 43.
[13]   - ابن عذاري: نفس المرجع، الجزء الثاني، ص:5 
[14]   - أحمد زكي صفوت، "جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة"، المكتبة العلمية - بيروت، الموسوعة الشاملة. 
[15]   - الإدريسي: "نزهة المشتاق" (ص 36) 
[16]   - الحميري: "الروض المعطار" (ص 75 ).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

طارق بن زياد..فارس الأندلس Empty
مُساهمةموضوع: رد: طارق بن زياد..فارس الأندلس   طارق بن زياد..فارس الأندلس Emptyالأحد 15 سبتمبر 2019, 9:13 am

هل أحرق طارق بن زياد سفنه؟


قام قائد الجيش الفاتح للأندلس في معركة وادي "برباط" أو "لُكَّة" بحرْق السفن، وقال للجيش البالغ تعداده "12" ألفًا، غالبه رجّالة، والفرسان قلّة: "البحرُ من ورائكم، والعدوُّ من أمامكم، فأين المفرُّ؟!"

يزعمون أنه فعل ذلك؛ لإرغام الجند على القتال أمام عدو قُدِّر بِـ"100" ألف من الفرسان.

هكذا رُويت القصة؛ لكن أكثر علماء التاريخ الموثوقين لم يوردوا هذه القصة، برغم انتشارها على يد الأدباء والمفكرين غير المحققين لما يرْوُون.

دراسة القصة:
من الناحية العلمية: هذه القصة لا تصح؛ بل لا يسلم اعتمادها؛ لفقدانها لشروط التوثيق التاريخية العلمية، فهي تسقط علميًّا.

المسلمون امتازوا بعلم "الإسناد" في الرواية، وهو ما حفظ وحافظ على الصحيح، وميَّزه عن الضعيف والمدخول من الروايات، كما أسسوا علم "الجرح والتعديل"، وعلم "الرجال"، وعلم "العلل"، كلها لضبط المرويات في الحديث النبوي، أو الآثار عن الصحابة، أو أقوال الأئمة والعلماء، والتاريخ والتدوين.

هذه الرواية إذا أخضعناها للتمحيص العلمي، نجدها فاقدة للمعايير العلمية؛ بل التحقيق يثبت ضعفها، وأنها أُدخلتْ في تاريخ المسلمين إدخالاً؛ فلا وجود لها عند كل العلماء المؤرخين للأندلس ممن عاش تلك الحقبة، أو من تلاهم من علماء الأندلس، فلا حَسيس لها ولا رِكْز، فهم لم يعلموا بها، ولم يجدوا لها كلامًا في زمانهم؛ أي: لم يتداولها أحد، لا في مقام الإشاعات ولا القصص، لا كذبًا ولا صدقًا.

غير أن من نشرها لم يكن من زمان الأندلس؛ بل من العصر الحديث، وهم المستشرقون، وذاك لحاجة في أنفسهم، ثم نقلها ونشرها أذنابُهم، وتلقَّفها من لا علم له بالتاريخ ولا بالتحقيق؛ بل هو كحاطب ليل بَهَته الذي كفر، فآمن بكل ما ورد عن الأوربيين، معتقدًا وموقنًا بالعصمة، والعلمية، والموضوعية! ثم مرَّت على أقوام أفاضل نَقصهم التحقيقُ العلمي، فقبلوها مع حسن نية، وتكَلفوا لها تفسيرات لتجميل الرواية.

من ناحية التخطيط العسكري: هي خطأ كبير، ومغامرة ليس وقتها، ومقامرة في أرض عدو؛ لأسباب هي:
1- لم يثب قط أن قائد المعركة - وهو طارق - استشار قائدَه الأعلى منه، وهو موسى بن نصير، فلا مراسلات أثبتت، لا عند المسلمين، ولا حتى الأوربيين. هذه وحدها مخالفة عسكرية، ليس طارق ممن يقع فيها.
2- الجيش قد يخسر المعركة، وهذا وارد؛ لقِلَّته والفارق بينه وبين عدوِّه، والأرض ليست أرضه، والخسارة قد تقع، فأين المفر؟! وأين مجال إعادة الترتيب إن هُزم ولم يُدمَّر؟! وكيف يطلب التعزيزات؟! بكل المعايير الإستراتيجية هذا انتحار، فأقوى الجيوش يجعل قادتُها مخارجَ للانسحاب كخطة، أو تفاديًا للتدمير الكلي.
3- المسلمون الفاتحون ليسوا بحاجة إلى تحفيزٍ من هذا النوع (الإكراه) على القتال؛ ففيه تلويث للنية، وتحويل للإخلاص والجهاد لوجه الله، إلى القتال فرارًا من الموت المحتم، مما يدل على خلل في الفهم لدى الأوربيين حول عقيدة الفاتحين المسلمين.
4- بعد حرق السفن، كيف يكون طريق الرجعة لو هزم الجيش؟
5- غالب السفن ليست للمسلمين؛ بل استعاروها من حاكم (سبتة)، فهي أمانة يجب أن تعاد لصاحبها.
6- قال أحد الباحثين: هذا الحرق فيه تجاوز شرعي، لا يقدم عليه رجل في تقوى وورع طارق بن زياد، وما كان العلماء وقادة الجيش ليسكتوا لو فرضْنا وقوع ذلك، كما في الرواية تهوين لقوة وعزيمة الفاتحين، حيث تُصوِّر فقدان العزيمة على الجهاد، والهروب من الموت كان المُجبر على البسالة في القتال والانتصار؛ أي: هم طالبو دنيا.

هذا قد يفهم من عقلية أهل الدنيا والغزاة المحتلين كالأوربيين؛ لذا قاسوا ما في أنفسهم على المسلمين المجاهدين الطامحين في الشهادة، فنقبوا في التاريخ ليتلقفوا تلك الرواية في غزو الفرس لليمن قبل الإسلام، ثم لفقوها لفاتح الأندلس بأنه أرغم جنوده على القتال، وإلا لفرَّ الكل وتركوه وحيدًا.
 


المادة باللغة الإنجليزية




Did Tariq Ibn Ziyad burn his ships?


The commander of the Muslim army, which opened Andalusia for Islam, burnt his ships in the battle of "Wadi Birbat" or "Lukkah." He said to his army that was composed of 12 thousand soldiers, most of them were infantry while cavalrymen were few: "The sea is behind you and the enemy is in front of you; where do you think you will go?".

They claim he did that to force his soldiers to fight the enemy who were estimated of "100.000" cavalrymen. Thus the story was reported, but most trustworthy historians did not narrate that story although it was circulated at the hand of untrustworthy writers and thinkers.

Studying the story:

From the scientific aspect, this story is not valid, but rather cannot be certified because it lacks historic and scientific documentation, therefore, it is not valid.

Muslims were known for the science of "the chain of transmission" which was the reason for protecting and distinguishing authentic Hadiths from weak and fabricated narrations. They also established the science of "Invalidating Narrators," "Study of Narrators," and "causes" to verify the narrations of the Hadith, narrations of the Companions, sayings of Imams and scholars, and history and documentation.

If we subject that narration to scientific scrutiny, we find it lacking scientific standards; moreover investigation proves its weakness and that it was deliberately inserted into the history of Muslims. There is no mention of that story in the writings of the historians of Andalusia who lived during that period or the following historians of Andalusia, so there was no mention to such story and no one ever spoke about in their time. Therefore, they did not narrate it neither in their rumors nor in stories, no matter it was true or false.

However, those who spread it were not in the time of that incident but in modern times, mainly orientalists because of something in their hearts, then it was reported and disseminated by their followers. Then it was conveyed by people who do not know history or investigation, but those people were like a person who gathers news and stories from here and there without authentication and believed every story that was reported from the Europeans, believing in their infallibility, scientific method, and objectivity! Afterwards, it was conveyed to good people who lacked scientific investigation who accepted it with good intention and justified the story with nice interpretations.

From the military point of view: it is a big mistake, unsuitable adventure, and a risk in the enemy's land for some reasons:

1- It was not confirmed that the leader of the battle, Tariq ibn Ziyad, consulted his superior leader Musa Ibn Nusir because there were no correspondences neither at Muslims nor at the Europeans to prove that. If that happened, it would have been a military mistake which Tariq could not make.

2- The army might lose the battle, which is possible, because they were few in number and the differences between him and his enemy and because the land was not his, therefore loss might have taken place, where are you going to?

So, where to go and where is the chance for rearrangement if he was defeated but not destroyed? and how he would ask for reinforcement? By all strategic standards, that was a suicide mission. The leaders of the most powerful armies always put alternative plans for withdrawal or to protect themselves against total destruction.

3- Muslims do not need to such kind of (compulsion) to fight because it contains defamation to their intentions and turning sincerity and Jihad (fighting) that were intended for the sake of Allah into fight and escaping decisive death which indicate distortion in the Europeans' understandings about the belief of Muslims.

4- After burning the ships, how would be the returning way if the army has been defeated?

5- Most ships did not belong to Muslims but they were borrowed from the ruler of (Ceuta), so they were a trust that should be rendered to their owners.

6- One of researchers said: that claimed burning is unacceptable according to the Shari`ah and someone pious and god-fearing like Tariq Ibn Ziyad could not do such a thing and scholars and army emirs could not remain silent if that happened. Moreover, the narration contains belittling to the power and determination of the Muslim openers where they imagined that Muslims lost determination to fight, and escaping death was the only motive to fight which means: they were seeking worldly benefits.

That can be understood from the mentality of the European occupiers, therefore they suffered a lot when they faced the Mujahideen who have been seeking martyrdom. So, they searched history to fabricate that story which happened when the Persian invaded Yemen before Islam then attributed it to the leader of the Muslim army in Andalusia whom they claimed to force his army to fight, and if that was true, they would have run away and left him alone.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
طارق بن زياد..فارس الأندلس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: شخصيات :: شخصيات صنعت لها تاريخ-
انتقل الى: