المخدرات عالم كبير ملئ بالمخاطر والأهوال التي غالباً ما تنتهي بنهايات مأساوية ، إلا من رحمه ربه – واستطاع أن يخرج من هذا المستنقع بأقل خسائر ممكنة ، ولعل من أكثر الخسائر التي قد يتعرض لها مدمن المخدرات هي التي تطرأ على أهم جزء بجسم الانسان والذي ميزه به الخالق عز وجل عن سائر مخلوقاته ، وهو العقل البشري ..
حول التأثير الذي تحدثه المواد المخدرة والعقاقير على العقل البشري على المدى القريب والبعيد كان لنا هذا التقرير ، وحينما تنتهي من قراءة هذه السطور ، عليك أن تفكر مرة ثانية وتتخذ قرارك ، هل ستستمر في هذا الطريق أم حان الوقت للصحوة والرجوع.
والجدير بالذكر أن المعلومات التالية جاءت على لسان البروفيسور مارتن بارنز أحد علماء منظمة DrugScope بالإضافة إلى البروفيسور ديفيد نوت عالم الاعصاب الشهير.
1- تأثير المواد المخدرة المشتقة من نبات القنب بأنواعها مثل ( الحشيش و الماريجوانا و ويد و دوب وسكانك ) :
فقد أشارت نتائج العديد من الدراسات إلى أن تأثير هذه المواد على المدى القريب هو الحصول على النشوة المؤقتة ، أما عن أضرارها التي تحدثها على المدى القريب على المخ او العقل البشري ، فعادة ما تجعل العقل البشري يصعب عليه تذكر أي شئ ، بما فيها الأشياء التي تحدث في التو واللحظة ، كما تأتي هذه المواد كأحد الأسباب الرئيسية للإصابة بنوبات القلق والارتباك ، بالإضافة إلى التعرض لنوبات أخرى من العيش في الأوهام والأحساس بأشياء ليس لها أي وجود على أرض الواقع.
أما عن تأثيرها على المدى البعيد ، فتزداد المشكلات التي تنتج عن تعاطي هذه المواد تفاقماً ، حيث يصبح تعاطي هذه المواد السبب الأول للإصابة بالعديد من المشكلات العقلية طويلة الأمد مثل الإصابة بالذهان وانفصام الشخصية ، فضلاً عن التعرض لنوبات من الأكتئاب ، وخاصة مع الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي مع الأمراض العقلية.
2- تأثير الكوكايين والكراك على العقل البشري :
قبل أن نشير إلى التـأثير الذي تحدثه هذه المواد على العقل البشري ، علينا أولاً أن نوضح ما هو الكوكايين ، فهو أحد المواد المنبهة التي تمنح الشعور بالنشوة والثقة بالنفس الزائدة ، بالإضافة إلى الشعور بالنشاط المؤقت ، ولكن سرعان ما ينقلب هذا السحر على الساحر ، ويتحول بعدها هذا الشعور إلى نوبات من القلق المستمر والذعر الغير مبرر و البارانويا ، بالإضافة إلى التعرض لنوبات حادة من الاكتئاب ، فهذا ما تحدثه هذه المواد على المدى القريب.
أما عن المدى البعيد ، فجاءت هذه المواد تحمل العديد من التأثيرات المدمرة ، فعندما يقع الشخص في دوامة الاعتياد ومن ثم الادمان ، فتبدأ العديد من الأعراض في الظهور والتي تشير الى بداية الاصابة ببعض الامراض النفسية والعقلية مثل أمراض الفصام والذهان ، بالإضافة إلى التعرض لنوبات حادة من الاكتئاب والقلق ، فضلاً عن الإصابة بما يسمى البارانويا وما يصاحبها من تقلبات حادة في الشخصية.
3- تأثير عقار النشوة على العقل البشري :
قبل أن نتحدث عن التأثير الذي تحدثه هذه المادة على العقل البشري على المدى القريب ، علينا أولاً أن نؤكد على أن هذا العقار يمتلك خواص منبهة أكثر قوة من العديد من المواد المخدرة ، مما يجعل الشخص المتعاطي يشعر في البداية بحالة من النشوة والسعادة البالغة ، كما تجعله أكثر انتباهاً ومفعما بالحيوية ، وسرعان ما تنتهي هذه المشاعر بانتهاء تأثير هذه المواد ليبدأ بعدها التأثير السلبي الذي تحدثه هذه المواد على العقل البشري ، والذي يتمثل في نوبات من القلق ، بالإضافة إلى الإصابة بأعراض البارانويا ، ولعل من أبرز الأعراض التي تلازم الشخص المتعاطي لهذا النوع من العقاقير هو الاحساس بأنهم مرفوضون من قبل المحيطين بهم ، وهذا الشعور قد يدفع هؤلاء الاشخاص إلى إيذاء أنفسهم.
أما على المدى البعيد ، فعادة ما ينتج عن التعاطي المنتظم لهذا العقار التعرض لاضطرابات في النوم ، والتي قد تصل إلى حد الإصابة بالأرق ، هذا بالإضافة إلى فقدان الحيوية والنشاط ، وعدم القدرة على تناول الطعام ، مما يؤدي الى انخفاض ملحوظ في الوزن ، كما يؤدي تعاطي هذا العقار الى الإصابة بنوبات حادة من القلق المستمر والاكتئاب ، كما أكدت بعض الأبحاث العلمية الحديثة أن تناول هذا العقار بشكل منتظم يؤدي الى انخفاض معدل هرمون السيروتونين لدي الشخص المتعاطي ، الأمر الذي يؤدي إلى تدمير مراكز الاحساس في العقل البشري ، ومن أهمها المناطق المسئول عن التفكير.
4- تأثير مادة الهيروين بمشتقاتها على العقل البشري مثل ( سماك ، الديامورفين ) :
بما أن مادة الهيروين المخدرة تنتمي إلى عائلة المواد الافيونية شديدة الدرجة الادمانية ، فان تناولها يعمل على إبطاء عمل العديد من الوظائف في الجسم ، كما انها تعمل بشكل مباشر على اخفاء مشاعر الآلام العاطفية والجسدية ، وعادة ما يشعر متعاطي هذه المواد بحالة من النشوة والسعادة الموقتة حين تعاطي هذه المواد ، ولكن سرعان ما تفقد هذه المادة تأثيرها ، ليبدأ المتعاطي في البحث عنه عن طريق زيادة الجرعة للوصول إلى أعلى درجات التأثير التي كان يشعر بها في البداية ، وعن تأثير هذه المواد على المدى القريب ، فقد يؤدي تعاطي كميات كبيرة من منها الى الاصابة بالغيبوبة ، والتي قد تصل الى حد الموت المفاجئ .
أما عن التاثير البعيد المدى الذي تحدثه هذه المواد ، فيقول أحد المتخصصين ، أن مجرد التوقف عن تعاطي هذه المواد يصيب المتعاطي بمجموعة من التأثيرات العقلية المدمرة مثل الإصابة بنوبات من الهلاوس السمعية والبصرية ، والتي عادة ما تجعل المتعاطي يتخيل أن الكون بأكمله يتآمر ضدده ، مما يدفعه إلى إيذاء أقرب الأشخاص اليه ، بالإضافة إلى نوبات من الاكتئاب والتشنج ، فضلاً عن ضمور خلايا المخ التي تؤدي إلى صعوبة في التفكير والتحدث بشكل سليم
5- تأثير الكيتامين (ك) على العقل البشري :
حيث يعد الكيتامين أحد العقاقير التي تمتلك خواص قوية مسكنة للألم، مما يجعلها تمنح متعاطيها الشعور بالنشوة والاسترخاء ، وعن تأثير هذا العقار على المدى القريب ، فيقول البروفيسور نوت ، أن تناول حبه واحدة من هذا العقار يشبه في تأثيره تناول زجاجه كامله من الفودكا ، فبمجرد تناولها يصبح الشخص غير قادر على حفظ اتزانه او السيطرة على ما يفعله ..
من هنا تكمن خطورة هذا العقار ، حيث يمكن متعاطي هذا العقار أن يظل في حالة توهان دون وعي، ومن الممكن أن يظل تائها طوال الليل في الشارع لا يستطيع تذكر طريق منزله ، باختصار تتلخص التأثيرات القريبة لهذا العقار على الاصابة بالعديد من الأمراض العقلية مثل الذهان والهلاوس السمعية والبصرية ، بالإضافة الى حالات من الفقدان المؤقت للذاكرة.
أما عن تأثيرها على المدى البعيد ، فتكمن الخطورة في محاولة المتعاطي زيادة الجرعة من أجل الوصول الى مرحلة النشوة السابقة ، وهنا أكد البرفيسور بارنز على انه من الصعب في هذه الحالة الوقوف على تأثيرات محدده يقوم بها هذا العقار على المدى البعيد ، لان ذلك يتوقف على الجرعة التي يتعاطاها الشخص ، ولكن عن التأثيرات البسيطة التي اثبتتها الدراسات والتي يحدثها هذا العقار على المدى البعيد هي رؤية الذكريات القديمة كأنها تحدث في التو واللحظة ، بالإضافة إلى فقدان القدرة على التركيز ، فضلاً عن الإصابة بنوبات من الذهان والفصام في الشخصية.
6- التأثيرات التي تحدثها المذيبات ( الغازات – الصموغ – الضبوبات ) على العقل البشري :
وتعد المذبيات من أكثر المواد المخدرة انتشاراً ، نظراً لرخص سعرها والسماح باستخدامها في العديد من المهن الحرفية ، وعن تأثير هذه المواد على المدى القريب ، فقد تؤدي هذه المواد الى الإصابة بنوبات من الهلاوس السمعية والبصرية ، بالإضافة إلى التلعثم وعدم القدرة على نطق الكلمات بشكل صحيح وواضح.
اما عن تأثيرها على المدى البعيد ، فقد اثبتت العديد من الدراسات ان الاستخدام المفرط لهذه المواد قد يؤدي الى ما يسمى بـــ سمية خلايا المخ ، الأمر الذي يسبب العديد من الأضرار على مستوى الذاكرة ، كما يؤدي الى ضعفها وقد يصل الامر للإصابة مرض الزهايمر ، وضمور في خلايا المخيخ ، مما ينعكس بشكل واضح على عملية التفكير والوعي ويؤدي الى ضعفها ، بالاضافة الى بطئ ملحوظ في رد الفعل ، فضلاً عن التلف الآخر الذي ينتج في مراكز الاحساس بالمخ ، والذي يؤدي الى ضعف حاد في التحكم بالعواطف و عدم القدرة على اتخاذ القرارات السليمة ، فيتحول الشخص الى الطفل الصغير لا يجيد التصرف في اي امر من امور الحياة.
تحدث كلا من البروفيسور مارتن بارنز أحد المتخصصين في دراسة العقاقير والمواد المخدرة بمنظمة DrugScope العالمية والبروفيسور ديفيد نوت ، استاذ علم الاعصاب ، عن المواد المخدرة والعقاقير المستحدثة في عالم المخدرات ذات التأثير القوي على العقل البشري ، فكانت ما يلي:
6- تأثير مخدر السبيد Speed وبلورات الميث ( امفيتامين و ميثامفيتامين ) على العقل البشري :
سبيد ؛ أحد المواد المخدرة المستحدثة والتي ظهرت حديثاً في عالم المخدرات ، ويتلخص تأثير هذه المادة في جعل الانسان أكثر نشاطاً ومفعماً بالحيوية في البداية ، كما انها تمنحه الشعور الزائف بالثقة بالنفس ، وبعد فترة قصيرة من تعاطيه ، تبدأ هذه المشاعر في التلاشي ليظهر بعدها مجموعة من التأثيرات الأخرى التي تظهر على المدى القريب من تعاطي هذا النوع من المخدرات ، ولعل من أبرز التأثيرات التي تظهر على المدى القريب من تعاطي هذه المواد هو التعرض لنوبات من الهلع الغير مبرر والهيجان ، بالإضافة إلى نوبات من البارانويا ، بحيث يشعر الشخص المتعاطي لهذه المواد بأن كل من يحيط به يحقد عليه ويحاول ايذاءه ، الأمر الذي يدفعه إلى ارتكاب جرائم شنيعة في حق أناس ابرياء ، ومن هنا تكمن خطورة هذه المادة.
أما على المدى البعيد ، فقد صرح البرفيسور ديفيد نوت ، أنه حتى الآن لا يمكن تحديد حجم الضرر الذي يحدث على المدى البعيد من تناول هذه المادة سواء عن طريق التدخين او عن طريق الشم ( الاستنشاق ) او عن طريق الحقن ، وأضاف أن ما تم التوصل إليه من خلال إحدى الدراسات التي تم اجرائها على عدد من متعاطي هذه المادة عن طريق الحقن هو التعرض لنوبات شديدة من الاكتئاب والتي تستمر لفترات طويلة ، كما اثبتت هذه الدراسة وجود خلل واضح في طريقة تفكير هؤلاء الاشخاص ، وخاصة في حال تذكر الأشياء أو محاولة الوصول الى حل لمشكلة ما ، هذا بالإضافة الى عدم قدرتهم على التحكم في مشاعرهم.
7- تأثير الستيرويدات على العقل البشري :
وربما لم يتعرض البعض إلى هذا المصطلح من قبل ، فمادة الستيرويدات هي إحدى المواد التي يتم استخدامها لنفخ العضلات ، ولكنها من المواد شديدة الخطورة ، حيث تتمثل أضرارها على المدى القريب في جعل من يتعاطاها عنيف جسديا وجنسياً ، هذا بالإضافة إلى التعرض لنوبات من اضطرابات النوم والارق ، فضلاً عن الإصابة بنوبات من الاكتئاب والتخليط والبارانويا.
أما عن تأثير هذه المادة على المدى البعيد ، فبالتأكيد أشد قوة واشد فتكاً ، حيث تسبب هذه المواد ضمور في خلايا المخ والجهاز العصبي المركزي بالجسم ، كما انها تسبب حالة من الاعتماد النفسي ، فمن يتناول هذه المادة يؤمن بأنه ليس لدية القدرة على القيام بفعل أي شيء بشكل جيد دون تناول هذه المادة.