منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الجهر بالقرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75847
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الجهر بالقرآن Empty
مُساهمةموضوع: الجهر بالقرآن   الجهر بالقرآن Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018, 1:36 pm

الجهر بالقرآن


 أول من جهر بالقرآن
 عبدالله بن مسعود و ما ناله من قريش في سبيل جهره بالقرآن
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني يحيى بن عروة بن الزبير ، عن أبيه ، قال ‏‏:‏‏ كان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه ، قال ‏‏:‏‏ اجتمع يوما أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم ، فقالوا ‏‏:‏‏ والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجُهر لها به قط ، فمن رجل يُسمعهموه ‏‏؟‏‏ فقال عبدالله بن مسعود ‏‏:‏‏ أنا ؛ قالوا ‏‏:‏‏ إنا نخشاهم عليك ، إنما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه ؛ قال ‏‏:‏‏ دعوني فإن الله سيمنعني ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى ، وقريش في أنديتها ، حتى قام عند المقام ثم قرأ ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ بسم الله الرحمن الرحيم ‏‏)‏‏ رافعا بها صوته ‏‏(‏‏ الرحمن علم القرآن ‏‏)‏‏ قال ‏‏:‏‏ ثم استقبلها يقرؤها ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فتأملوه فجعلوا يقولون ‏‏:‏‏ ماذا قال ابن أم عبد ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ ثم قالوا ‏‏:‏‏ إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد ، فقاموا إليه ، فجعلوا يضربون في وجهه ، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ ‏‏.‏‏
ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا في وجهه ، فقالوا له ‏‏:‏‏ هذا الذي خشينا عليك ؛ فقال ‏‏:‏‏ ما كان أعداء الله أهون علي منهم الآن ، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدا ؛ قالوا ‏‏:‏‏ لا ، حسبك ، قد أسمعتهم ما يكرهون ‏‏.‏‏
 قصة استماع قريش إلى قراءة النبي صل الله عليه وسلم
أبو سفيان و أبو جهل و الأخنس ، و حديث استماعهم للرسول صل الله عليه و سلم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري أنه حدث ‏‏:‏‏ أن أبا سفيان بن حرب ، وأبا جهل بن هشام ، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي ، حليف بني زهرة ، خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله صل الله عليه وسلم ، وهو يصلي من الليل في بيته ، فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه ، وكل لا يعلم بمكان صاحبه ، فباتوا يستمعون له ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ‏‏.‏‏ فجمعهم الطريق ، فتلاوموا ، وقال بعضهم لبعض ‏‏:‏‏ لا تعودوا ، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا ، ثم انصرفوا ‏‏.‏‏ حتى إذا كانت الليلة الثانية ، عاد كل رجل منهم إلى مجلسه ، فباتوا يستمعون له ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ‏‏.‏‏ فجمعهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة ، ثم انصرفوا ‏‏.‏‏ حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه ، فباتوا يستمعون له ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض ‏‏:‏‏ لا نبرح حتى نتعاهد ألا نعود ‏‏:‏‏ فتعاهدوا على ذلك ، ثم تفرقوا ‏‏.‏‏
ذهاب الأخنس إلى أبي سفيان يستفهم عما سمعه
فلما اصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ، ثم خرج حتى أتى أبا سفيان في بيته ، فقال ‏‏:‏‏ أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد ‏‏؟‏‏ فقال ‏‏:‏‏ يا أبا ثعلبة ، والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها ، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ، ولا ما يراد بها ؛ قال الأخنس ‏‏:‏‏ وأنا والذي حلفتَ به كذلك ‏‏.‏‏
ذهاب الأخنس إلى أبي جهل يسأله عن معنى ما سمع
قال ‏‏:‏‏ ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل ، فدخل عليه بيته ، فقال ‏‏:‏‏ يا أبا الحكم ، ما رأيك فيما سمعت من محمد ‏‏؟‏‏ فقال ‏‏:‏‏ ماذا سمعت ، تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف ، أطعموا فأطعمنا ، وحملوا فحملنا ، وأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تجاذبنا على الركب ، وكنا كفرسَيْ رهان ، قالوا ‏‏:‏‏ منا نبي يأتيه الوحي من السماء ؛ فمتى ندرك مثل هذه ، والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقام عنه الأخنس وتركه ‏‏.‏‏
تعنت قريش عند سماعهم القرآن وما نزل فيهم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان رسول الله صل الله عله وسلم إذا تلا عليهم القرآن ، ودعاهم إلى الله ، قالوا يهزءون به ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ‏‏)‏‏ لا نفقه ما تقول ‏‏(‏‏ وفي آذاننا وقر ‏‏)‏‏ لا نسمع ما تقول ‏‏(‏‏ ومن بيننا وبينك حجاب ‏‏)‏‏ قد حال بيننا وبينك ‏‏(‏‏ فاعمل ‏‏)‏‏ بما أنت عليه ‏‏(‏‏ إننا عاملون ‏‏)‏‏ بما نحن عليه ، إنا لا نفقه عنك شيئا ، فأنزل الله تعالى عليه في ذلك من قولهم ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏‏‏.‏‏‏‏.‏‏ إلى قوله ‏‏(‏‏ وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ أي كيف فهموا توحيدك ربك إن كنت جعلت على قلوبهم أكنة ، و في آذانهم وقرا ، وبينك وبينهم حجابا بزعمهم ؛ أي إني لم أفعل ذلك ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ نحن أعلم بما يستعمون به ، إذ يستمعون إليك ، وإذ هم نجوى ، إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ أي ذلك ما تواصوا به من ترك ما بعثتك به إليهم ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ أي أخطئوا المثل الذي ضربوا لك ، فلا يصيبون به هدى ، ولا يعتدل لهم فيه قول ‏‏(‏‏ وقالوا أءذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ أي قد جئت تخبرنا أنا سنُبعث بعد موتنا إذا كنا عظاما ورفاتا ، وذلك ما لا يكون ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ قل كونوا حجارة أو حديدا ، أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا ، قل الذي فطركم أول مرة ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ أي الذي خلقكم مما تعرفون ، فليس خَلْقكم من تراب بأعز من ذلك عليه ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ حدثني عبدالله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال ‏‏:‏‏ سألته عن قول الله تعالى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ أو خلقا مما يكبر في صدوركم ‏‏)‏‏ ما الذي أراد الله به ‏‏؟‏‏ فقال ‏‏:‏‏ الموت








إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه


 اعتزاز المسلمين بإسلام عمر
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ولما قدم عمرو بن العاص وعبدالله بن أبي ربيعة على قريش ، ولم يدركوا ما طلبوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وردَّهما النجاشي بما يكرهون ، وأسلم عمر بن الخطاب ، وكان رجلا ذا شكيمة لا يرام ما وراء ظهره ، امتنع به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحمزة حتى عازُّوا قريشا ، وكان عبدالله بن مسعود يقول ‏‏:‏‏ ما كنا نقدر على أن نصلي عند الكعبة ، حتى أسلم عمر بن الخطاب ، فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة ، وصلينا معه ،وكان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم إلى الحبشة ‏‏.‏‏
قال البكائي ، قال ‏‏:‏‏ حدثني مسعر بن كدام ، عن سعد بن إبراهيم ، قال ‏‏:‏‏ قال عبدالله بن مسعود ‏‏:‏‏ إن إسلام عمر كان فتحا ، وإن هجرته كانت نصرا ، وإن إمارته كانت رحمة ، ولقد كنا ما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر ، فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة ، وصلينا معه ‏‏.‏‏
 حديث أم عبدالله بنت أبي حثمة عن إسلام عمر
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ حدثني عبدالرحمن بن الحارث بن عبدالله بن عياش بن أبي ربيعة ، عن عبدالعزيز بن عبدالله بن عامر بن ربيعة ، عن أمه أم عبدالله بنت أبي حثمة ، قالت ‏‏:‏‏ ‏
و الله إنا لنترحَّل إلى أرض الحبشة ، وقد ذهب عامر في بعض حاجاتنا ، إذ أقبل عمر بن الخطاب حتى وقف علي وهو على شركه - قالت ‏‏:‏‏ وكنا نلقى منه البلاء أذى لنا وشدة علينا - قالت ‏‏:‏‏ فقال ‏‏:‏‏ إنه للانطلاق يا أم عبدالله ‏‏.‏‏
قالت ‏‏:‏‏ فقلت ‏‏:‏‏ نعم والله ، لنخرجن في أرض الله ، آذيتمونا وقهرتمونا ، حتى يجعل الله مخرجا ‏‏.‏‏ قالت ‏‏:‏‏ فقال ‏‏:‏‏ صحبكم الله ، ورأيت له رقة لم أكن أراها ، ثم انصرف وقد أحزنه - فيما أرى - خروجنا ‏‏.‏‏
قالت ‏‏:‏‏ فجاء عامر بحاجته تلك ، فقلت له ‏‏:‏‏ يا أبا عبدالله ، لو رأيت عمر آنفا ورقته وحزنه علينا ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ أطمعتِ في إسلامه ‏‏؟‏‏ قالت ‏‏:‏‏ قلت ‏‏:‏‏ نعم ؛ قال ‏‏:‏‏ فلا يسلم الذي رأيتِ حتى يسلم حمار الخطاب ؛ قالت ‏‏:‏‏ يأسا منه ، لما كان يُرى من غلظته وقسوته عن الإسلام ‏‏.‏‏
 سبب إسلام عمر
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان إسلام عمر فيما بلغني أن أخته فاطمة بنت الخطاب ، وكانت عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، وكانت قد أسلمت وأسلم بعلها سعيد بن زيد ، وهما مستخفيان بإسلامهما من عمر ، وكان نُعيم بن عبدالله النحَّام من مكة ، رجل من قومه ، من بني عدي ابن كعب قد أسلم ، وكان أيضا يستخفي بإسلامه فرقا من قومه ، وكان خباب بن الأرت يختلف إلى فاطمة ‏بنت الخطاب يُقرئها القرآن ، فخرج عمر يوما متوشحا سيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورهطا من أصحابه قد ذُكروا له أنهم قد اجتمعوا في بيت عند الصفا ، وهم قريب من أربعين ما بين رجال ونساء ، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه حمزة بن عبدالمطلب ، وأبو بكر بن أبي قحافة الصديق ، وعلي بن أبي طالب ، في رجال من المسلمين رضي الله عنهم ، ممن كان أقام من رسول الله صل الله عليه وسلم بمكة ، ولم يخرج فيمن خرج إلى أرض الحبشة ‏‏.‏‏
فلقيه نعيم بن عبدالله ، فقال له ‏‏:‏‏ أين تريد يا عمر ‏‏؟‏‏ فقال ‏‏:‏‏ أريد محمدا هذا الصابئ ، الذي فرَّق أمر قريش ، وسفه أحلامها ، وعاب دينها ، وسب آلهتها ، فأقتله ؛ فقال له نعيم ‏‏:‏‏ والله لقد غرتك نفسك من نفسك يا عمر ، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدا ‏‏!‏‏ أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ وأي أهل بيتي ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ خَتَنُكَ وابن عمك سعيد بن زيد بن عمرو ، وأختك فاطمة بنت الخطاب ، فقد والله أسلما ، وتابعا محمدا على دينه ، فعليك بهما ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فرجع عمر عامدا إلى أخته وختنه ، وعندهما خباب بن الأرت معه صحيفة ، فيها ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ طه ‏‏)‏‏ يقرئهما إياها ، فلما سمعوا حس عمر ، تغيب خباب في مخدع لهم ، أو في بعض البيت ، وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها ، وقد سمع عمر حين دنا إلى البيت قراءة خباب عليهما ، فلما دخل قال ‏‏:‏‏ ما هذه الهَيْنَمة التي سمعت ‏‏؟‏‏ قالا له ‏‏:‏‏ ما سمعت شيئا ؛ قال ‏‏:‏‏ بلى والله ، لقد أُخبرت أنكما تابعتما محمدا على دينه ، وبطش بختنه سعيد بن زيد ؛ فقامت إليه أخته فاطمة ‏بنت الخطاب لتكفه عن زوجها ، فضربها فشجها ؛ فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه ‏‏:‏‏ نعم لقد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله ، فاصنع ما بدا لك ‏‏.‏‏
فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع ، فارعوى ، وقال لأخته ‏‏:‏‏ أعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرءون آنفا أنظر ما هذا الذي جاء به محمد ، وكان عمر كاتبا ؛ فلما قال ذلك ، قالت له أخته ‏‏:‏‏ إنا نخشاك عليها ؛ قال ‏‏:‏‏ لا تخافي ، وحلف لها بآلهته ليردنها إذا قرأها إليها ؛ فلما قال ذلك ، طمعت في إسلامه ، فقالت له ‏‏:‏‏ يا أخي ، إنك نجس ، على شركك ، وإنه لا يمسها إلا الطاهر ، فقام عمر فاغتسل ، فأعطته الصحيفة ، وفيها ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ طه ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ فقرأها ؛ فلما قرأ منها صدرا ، قال ‏‏:‏‏ ما أحسن هذا الكلام وأكرمه ‏‏!‏‏ فلما سمع ذلك خباب خرج عليه ، فقال له ‏‏:‏‏ يا عمر ، والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه ، فإني سمعته أمس وهو يقول ‏‏:‏‏ اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام ، أو بعمر بن الخطاب ، فالله الله يا عمر ‏‏.‏‏ فقال له عند ذلك عمر ‏‏:‏‏ فدلني يا خباب على محمد حتى آتيه فأُسلم ؛ فقال له خباب ‏‏:‏‏ هو في بيت عند الصفا ، معه فيه نفر من أصحابه ،‏ فأخذ عمر سيفه فتوشحه ، ثم عمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فضرب عليهم الباب ؛ فلما سمعوا صوته ، قام رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنظر من خَلل الباب فرآه متوشحا السيف ، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فزع ، فقال ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، هذا عمر بن الخطاب متوشحا السيف ؛ فقال حمزة بن عبدالمطلب ‏‏:‏‏ فأذنْ له ، فإن كان جاء يريد خيرا بذلناه له ، وإن كان جاء يريد شرا قتلناه بسيفه ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ ائذن له ، فأذن له الرجل ، ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه في الحجرة ، فأخذ حُجْزته ، أو بمجمع ردائه ، ثم جَبَذه به جبذة شديدة ، وقال ‏‏:‏‏ ما جاء بك يا ابن الخطاب ‏‏؟‏‏ فوالله ما أرى أن تنتهي حتى ينـزل الله بك قارعة ، فقال عمر ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، جئتك لأومن بالله وبرسوله ، وبما جاء من عند الله ؛ قال ‏‏:‏‏ فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم أن عمر قد أسلم ‏‏.‏‏
فتفرق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكانهم ، وقد عزوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة ، وعرفوا أنهما سيمنعان رسول الله صل الله عليه وسلم ، وينتصفون بهما من عدوهم ‏‏.‏‏ فهذا حديث الرواة من أهل المدينة عن إسلام عمر بن الخطاب حين أسلم ‏‏.‏‏ ‏
 ما رواه عطاء ومجاهد عن إسلام عمر
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني عبدالله بن أبي نجيح المكي ، عن أصحابه ‏‏:‏‏ عطاء ، ومجاهد ، أو عمن روى ذلك ‏‏:‏‏ أن إسلام عمر فيما تحدثوا به عنه ، أنه كان يقول ‏‏:‏‏ كنت للإسلام مباعدا ، وكنت صاحب خمر في الجاهلية ، أحبها وأسر بها ، وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش بالحَزْوَرة ، عند دور آل عمر بن عبد بن عمران المخزومي ، قال ‏‏:‏‏ فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك في مجلسهم ذلك ، قال ‏‏:‏‏ فجئتهم فلم أجد فيه منهم أحدا ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقلت ‏‏:‏‏ لو أني جئت فلانا الخمَّار ، وكان بمكة يبيع الخمر ، لعلي أجد عنده خمرا فأشرب منها ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فخرجت فجئته فلم أجده ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقلت ‏‏:‏‏ فلو أني جئت الكعبة فطفت بها سبعا أو سبعين ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي ، وكان إذا صلى استقبل الشام ، وجعل الكعبة بينه وبين الشام ، وكان مصلاه بين الركنين ‏‏:‏‏ الركن الأسود ، والركن اليماني ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقلت حين رأيته ، والله لو أني استمعت لمحمد الليلة حتى أسمع ما يقول ‏‏!‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقلت ‏‏:‏‏ لئن دنوت منه أستمع منه لأروِّعنه ؛ فجئت من قبل الحجر ، فدخلت تحت ثيابها ، فجعلت أمشي رويدا ، ورسول الله صل الله عليه وسلم قائم يصلي يقرأ القرآن ، حتى قمت في قبلته مستقبله ، ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فلما سمعت القرآن رق له قلبي ، فبكيت ودخلني الإسلام ، فلم أزل قائما في مكاني ذلك ، حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته ، ثم انصرف ، وكان إذا انصرف خرج على دار ابن أبي حسين ، وكانت طريقه ، حتى يجزع المسعى ، ثم يسلك بين دار عباس بن عبدالمطلب ، وبين دار ابن أزهر بن عبد عوف الزهري ، ثم على دار الأخنس بن شريق ، حتى يدخل بيته ‏‏.‏‏ وكان مسكنه صل الله عليه وسلم في الدار الرقطاء ، التي كانت بيدي معاوية بن أبي سفيان ‏‏.‏‏
قال عمر رضي الله عنه ‏‏:‏‏ فتبعته حتى إذا دخل بين دار عباس ، ودار ابن أزهر ، أدركته ؛ فلما سمع رسول اله صلى الله عليه وسلم حسي عرفني ، فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أني إنما تبعته لأوذيه فنهمني ، ثم قال ‏‏:‏‏ ما جاء بك يا ابن الخطاب هذه الساعة ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ قلت ‏‏:‏‏ جئت لأومن بالله وبرسوله ، وبما جاء من عند الله ؛ قال ‏‏:‏‏ فحمد اللهَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال ‏‏:‏‏ قد هداك الله يا عمر ، ثم مسح صدري ، ودعا لي بالثبات ، ثم انصرفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودخل رسول الله صل الله عليه وسلم بيته ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ والله أعلم أي ذلك كان ‏‏.‏‏
 ذكر ثبات عمر في إسلامه و جلده
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني نافع مولى عبدالله بن عمر ، عن ابن عمر ، قال ‏‏:‏‏ لما أسلم أبي عمر قال ‏‏:‏‏ أي قريش أنقل للحديث ‏‏؟‏‏ فقيل له ‏‏:‏‏ جميل بن معمر الجمحي ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏‏ فغدا عليه ‏‏.‏‏ قال عبدالله بن عمر ‏‏:‏‏ فغدوت أتبع أثره ، وأنظر ما يفعل ، وأنا غلام أعقل كل ما رأيت ، حتى جاءه ، فقال له ‏‏:‏‏ أعلمت يا جميل أني قد أسلمت ، ودخلت في دين محمد ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ فوالله ما راجعه حتى قام يجر رداءه واتبعه عمر ، واتبعت أبي ، حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته ‏‏:‏‏ يا معشر قريش ، وهم في أنديتهم حول الكعبة ، ألا إن عمر بن الخطاب قد صبا ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ و يقول عمر من خلفه ‏‏:‏‏ كذب ، ولكني قد أسلمت ، وشهدت أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ‏‏.‏‏ وثاروا إليه ، فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رءوسهم ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ وطَلِحَ ، فقعد وقاموا على رأسه وهو يقول ‏‏:‏‏ افعلوا ما بدا لكم ، فأحلف بالله أن لو قد كنا ثلاثمائة رجل لقد تركناها لكم ، أو تركتموها لنا ؛ قال ‏‏:‏‏ فبينما هم على ذلك ، إذ أقبل شيخ من قريش ، عليه حلة حِبْـرَة ، وقميص موشى ، حتى وقف عليهم ، فقال ‏‏:‏‏ ما شأنكم ‏‏؟‏‏ قالوا ‏‏:‏‏ صبا عمر ؛ فقال ‏‏:‏‏ فمه ، رجل اختار لنفسه أمرا فماذا تريدون ‏‏؟‏‏ أترون بني عدي بن كعب يُسلمون لكم صاحبكم هكذا ‏‏!‏‏ خلوا عن الرجل ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فوالله لكأنما كانوا ثوبا كُشط عنه ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقلت لأبي بعد أن هاجر إلى المدينة ‏‏:‏‏ يا أبت ، من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت ، وهم يقاتلونك ‏‏؟‏‏ فقال ‏‏:‏‏ ذاك ، أي بُنيّ ، العاص بن وائل السهمي ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وحدثني بعض أهل العلم ، أنه قال ‏‏:‏‏ يا أبت ، من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت ، وهم يقاتلونك ، جزاه الله خيرا ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ يا بني ، ذلك العاص بن وائل ، لا جزاه الله خيرا ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني عبدالرحمن بن الحارث عن بعض آل عمر ، أو بعض أهله ، قال ‏‏:‏‏ قال عمر ‏‏:‏‏ لما أسلمت تلك الليلة ، تذكرت أيّ أهل مكة أشد لرسول الله صل الله عليه وسلم عداوة حتى آتيه فأخبره أني قد أسلمت ؛ قال ‏‏:‏‏ قلت ‏‏:‏‏ أبو جهل - وكان عمر لحنتمة بنت هشام بن المغيرة - قال ‏‏:‏‏ فأقبلت حين أصبحت حتى ضربت عليه بابه ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فخرج إلي أبو جهل ، فقال ‏‏:‏‏ مرحبا وأهلا بابن أختي ، ما جاء بك ‏‏؟‏‏ قلت ‏‏:‏‏ جئت لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله محمد ، وصدقت بما جاء به ؛ قال ‏‏:‏‏ فضرب الباب في وجهي وقال ‏‏:‏‏ قبحك الله ، وقبح ما جئت به
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75847
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الجهر بالقرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجهر بالقرآن   الجهر بالقرآن Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018, 1:38 pm

عداوة قريش للرسول وأصحابه


قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فلما بادى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه بالإسلام وصدع به كما أمره الله ، لم يبعد منه قومه ، ولم يردوا عليه - فيما بلغني - حتى ذكر آلهتهم وعابها ؛ فلما فعل ذلك أعظموه وناكروه ، وأجمعوا خلافه وعداوته ، إلا من عصم الله تعالى منهم بالإسلام ، وهم قليل مستخفون ، وحدب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمُّه أبو طالب ، ومنعه وقام دونه ، ومضى رسول الله صل الله عليه وسلم على أمر الله ، مظهرا لأمره ، لا يرده عنه شيء ‏‏.‏‏
فلما رأت قريش ، أن رسول الله صل الله عليه وسلم لا يعتبهم من شيء أنكروه عليه ، من فراقهم وعيب آلهتهم ، ورأوا أن عمه أبا طالب قد حدب عليه ، وقام دونه ، فلم يسلمه لهم ، مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب ، عتبة وشيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ‏‏.‏‏ وأبو سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ واسم أبي سفيان ‏‏:‏‏ صخر ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وأبو البختري ، و اسمه العاص بن هشام بن الحارث ابن أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ أبو البختري ‏‏:‏‏ العاص بن هاشم ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ والأسود بن المطلب بن أسد بن عبدالعزى بن قصي ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ‏‏.‏‏ وأبو جهل - واسمه عمرو ، وكان يكنى أبا الحكم - بن هشام بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي ‏‏.‏‏ والوليد بن المغيرة بن عبدالله ابن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي ‏‏.‏‏ و نُبيه ومنبه ابنا الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي ‏‏.‏‏ والعاص بن وائل ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ العاص بن وائل بن هاشم بن سُعيد بن سهم بن عمرو بن هُصيص بن كعب بن لؤي ‏‏.‏‏
 وفد قريش يعاتب أبا طالب في شأن الرسول الله صل الله عليه و سلم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ أو من مشى منهم ‏‏.‏‏ فقالوا ‏‏:‏‏ يا أبا طالب ، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا ، وعاب ديننا ، وسفه أحلامنا ، وضلل آباءنا ؛ فإما أن تكفه عنا ، وإما أن تخلي بيننا وبينه ، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه ، فنكفيكه ؛ فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا ، وردهم ردا جميلا ، فانصرفوا عنه ‏‏.‏‏
 الرسول صل الله عليه وسلم يستمر في دعوته
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على هو عليه ، يظهر دين الله ، ويدعو إليه ، ثم شرى الأمر بينه وبينهم حتى تباعد الرجال وتضاغنوا ، وأكثرت قريش ذكر رسول الله صل الله عليه وسلم بينها ، فتذامروا فيه ، وحض بعضهم بعضا عليه ‏‏.‏‏
رجوع الوفد إلى أبي طالب مرة ثانية
ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى ، فقالوا له ‏‏:‏‏ يا أبا طالب ، إن لك سنا وشرفا ومنـزلة فينا ، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا ، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آباءنا ، وتسفيه أحلامنا ، وعيب آلهتنا ، حتى تكفه عنا ، أو ننازله وإياك في ذلك ، حتى يهلك أحد الفريقين ، أوكما قالوا له ‏‏.‏‏ ثم انصرفوا عنه ، فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم ، ولم يطب نفسا بإسلام رسول الله صل الله عليه وسلم لهم ولا خذلانه ‏‏.‏‏
ما دار بين الرسول صل الله عليه وسلم وأبي طالب
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حُدث ‏‏:‏‏ أن قريشا حين قالوا لأبي طالب هذه المقالة ، بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له ‏‏:‏‏ يا ابن أخي ، إن قومك قد جاءوني ، فقالوا لي كذا وكذا ، للذي كانوا قالوا له ، فأبقِ علي وعلى نفسك ، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق ؛ قال ‏‏:‏‏ فظن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه بداء أنه خاذله ومسلمه ، وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ يا عم ، والله لو وضعوا الشمس في يميني ، و القمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله ، أو أهلك فيه ، ما تركته ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبكى ثم قام ؛ فلما ولى ناداه أبو طالب ، فقال ‏‏:‏‏ أقبل يا ابن أخي ؛ قال ‏‏:‏‏ فأقبل عليه رسول الله صل الله عليه وسلم ، فقال ‏‏:‏‏ اذهب يا بن أخي ، فقل ما أحببت ، فوالله لا أسلمك لشيء أبدا ‏‏.‏‏
 قريش تعرض عمارة بن الوليد المخزومي على أبي طالب
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم إن قريشا حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول ‏الله صل الله عليه وسلم وإسلامه ، وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم ، مشوا إليه بعُمارة بن الوليد بن المغيرة ، فقالوا له - فيما بلغني - ‏‏:‏‏ يا أبا طالب ، هذا عمارة بن الوليد ، أنهد فتى في قريش وأجمله ، فخذه فلك عقله ونصره ، واتخذه ولدا فهو لك ، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا ، الذي قد خالف دينك ودين آبائك ، وفرق جماعة قومك ، وسفه أحلامهم ، فنقتله ، فإنما هو رجل برجل ؛ فقال ‏‏:‏‏ والله لبئس ما تسومونني ‏‏!‏‏ أتعطونني ابنكم أغذوه لكم ، وأعطيكم ابني تقتلونه ‏‏!‏‏ هذا والله ما لا يكون ابدا ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فقال المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي ‏‏:‏‏ و الله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك ، وجهدوا على التخلص مما تكرهه ، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا ؛ فقال أبو طالب للمطعم ‏‏:‏‏ والله ما أنصفوني ، ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظارهة القوم علي ، فاصنع ما بدا لك ، أو كما قال ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فحقب الأمر ، وحميت الحرب ، وتنابذ القوم ، وبادى بعضهم بعضا ‏‏.‏‏
شعر أبي طالب في التعريض بالمطعم ومن خذله من عبد مناف
فقال أبو طالب عند ذلك ، يعرض بالمطعم بن عدي ، ويُعم من خذله من بني عبد مناف ، ومن عاداه من قبائل قريش ، ويذكر ما سألوه ، وما تباعد من أمرهم ‏‏:‏‏
ألا قل لعمرو والوليد ومطعم * ألا ليت حظي من حياطتكم بكْرُ
من الخور حبحاب كثير رُغاؤه * يُرش على الساقين من بوله قطر
تخلف خلف الوِرْد ليس بلاحق * إذا ما علا الفيفاء قيل له وبر
أرى أخوينا من أبينا وأمنا * إذا سئلا قالا إلى غيرنا الأمر
بلى لهما أمر ولكن تجرجما * كما جُرجمت من رأس ذي علق الصخر
أخص خصوصا عبد شمس ونوفلا * هما نبذانا مثل ما يُنبذ الجمر
هما أغمزا للقوم في أخويهما * فقد أصبحا منهم أكفهما صِفْرُ
هما أشركا في المجد من لا أبا له * من الناس إلا أن يُرس له ذكر
وتيم ومخزوم وزُهرة منهمُ * وكانوا لنا مولى إذا بُغي النصر
فوالله لا تنفك منا عداوة * ولا منهمُ ما كان من نسلنا شفر
فقد سفهت أحلامهم وعقولهم * وكانوا كجفر بئس ما صنعت جفر
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ تركنا منها بيتين أقذع فيهما ‏‏.‏‏
 قريش تظهر عداوتها للمسلمين
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم إن قريشا تذامروا بينهم على من في القبائل منهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أسلموا معه ، فوثبت كل قبيلة على من فيهم من المسلمين يعذبونهم ، ويفتنونهم عن دينهم ، ومنع الله رسوله صلى الله عليه وسلم منهم بعمه أبي طالب ، وقد قام أبو طالب ، حين رأى قريشا يصنعون ما يصنعون في بني هاشم وبني المطلب ، فدعاهم إلى ما هو عليه ، من منع رسول الله صل الله عليه وسلم ، والقيام دونه ؛ فاجتمعوا إليه ، وقاموا معه ، وأجابوه إلى ما دعاهم إليه ، إلا ما كان من أبي لهب ، عدو الله الملعون ‏‏.‏‏
شعر أبي طالب في مدح قومه لنصرته
فلما رأى أبو طالب من قومه ما سره في جهدهم معه ، وحدبهم عليه ، جعل يمدحهم ويذكر قديمهم ، ويذكر فضل رسول الله صل الله عليه وسلم فيهم ، ومكانه منهم ، ليشد لهم رأيهم ، وليحدبوا معه على أمره ، فقال ‏‏:‏‏
إذا اجتمعت يوما قريش لمفخر * فعبد مناف سرها وصميمها
وإن حُصّلت أشراف عبد منافها * ففي هاشم أشرافها وقديمها
وإن فخرت يوما فإن محمدا * هو المصطفى من سرها وكريمها
تداعت قريش غثها وسمينها * علينا فلم تظفر وطاشت حلومها
وكنا قديما لا نقر ظُلامة إذا * ما ثنوا صُعْر الخدود نُقيمها
ونحمي حماها كل يوم كريهة * ونضرب عن أجحارها من يرومها
بنا انتعش العود الذَّوَاء وإنما * بأكنافنا تندى وتنمى أرومها

الوليد بن المغيرة و كيده للرسول ، وموقفه من القرآن
اجتماعه بنفر من قريش ليبيتوا ضد النبي صل الله عليه و سلم
و اتفاق قريش أن يصفوا الرسول صل الله عليه و سلم بالساحر ، و ما أنزل الله فيهم
ثم إن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش ، وكان ذا سن فيهم ، وقد حضر الموسم فقال لهم ‏‏:‏‏ يا معشر قريش ، إنه قد حضر هذا الموسم ، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ، ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قولكم بعضه بعضا ؛ قالوا ‏‏:‏‏ فأنت يا أبا عبد شمس ، فقلْ وأقمْ لنا رأيا نقول به ؛ قال ‏‏:‏‏ بل أنتم فقولوا أسمعْ ؛ قالوا ‏‏:‏‏ نقول كاهن ؛ قال ‏‏:‏‏ لا والله ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه ؛ قالوا ‏‏:‏‏ فنقول ‏‏:‏‏ مجنون ؛ قال ‏‏:‏‏ ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ، ولا تخالجه ، ولا وسوسته ؛ قالوا ‏‏:‏‏ فنقول ‏‏:‏‏ شاعر ؛ قال ‏‏:‏‏ ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه ، فما هو بالشعر ؛ قالوا ‏‏:‏‏ فنقول ‏‏:‏‏ ساحر ؛ قال ‏‏:‏‏ ما هو بساحر ، لقد رأينا السحار وسحرهم ، فما هو بنفثهم ولا عقدهم ؛ قالوا ‏‏:‏‏ فما نقول يا أبا عبد شمس ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لعذق ، وإن فرعه لجناة - قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ‏ويقال لغَدَق - وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عُرف أنه باطل ، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر ، جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجته ، وبين المرء وعشيرته ‏‏.‏‏
فتفرقوا عنه بذلك ، فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم ، لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه ، وذكروا لهم أمره ‏‏.‏‏
فأنزل الله تعالى في الوليد بن المغيرة و في ذلك من قوله ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ذرني ومن خلقت وحيدا ، وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ، ومهَّدت له تمهيدا ‏‏.‏‏ ثم يطمع أن أزيد ‏‏.‏‏ كلا إنه كان لآياتنا عنيدا ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ أي خصيما ‏‏.‏‏ ‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ عنيد ‏‏:‏‏ معاند مخالف ‏‏.‏‏ قال رؤبة بن العجاج ‏‏:‏‏
ونحن ضرابون رأس العُنَّدِ *
وهذا البيت في أرجوزة له ‏‏.‏‏
‏‏(‏‏ سأرهقه صعودا ، إنه فكر وقدر ، فقتل كيف قدر ‏‏.‏‏ ثم قتل كيف قدر ‏‏.‏‏ ثم نظر ، ثم عبس وبسر ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ بسر ‏‏:‏‏ كره وجهه ‏‏.‏‏ قال العجاج ‏‏:‏‏
مضبر اللحيين بسرا منهسا *
يصف كراهية وجهه ‏‏.‏‏ وهذا البيت في أرجوزة له ‏‏.‏‏
‏‏(‏‏ ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر ، إن هذا إلا قول البشر ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏
 
رد القرآن على صحب الوليد
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وأنزل الله تعالى ‏‏:‏‏ في النفر الذين كانوا معه يصنفون القول في رسول الله صل الله عليه وسلم ، وفيما جاء به من الله تعالى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ كما أنزلنا على المقتسمين ‏‏.‏‏ الذين جعلوا القرآن عضين ‏‏.‏‏ فوربك لنسئلنهم أجمعين ‏‏.‏‏ عما كانوا يعملون ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ واحدة العضين ‏‏:‏‏ عضة ، يقول ‏‏:‏‏ عضوه ‏‏:‏‏ فرقوه ‏‏.‏‏ قال رؤبة بن العجاج ‏‏:‏‏
وليس دين الله بالمُعَضَّى *
وهذا البيت في أرجوزة له ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏2/ 108‏‏)‏‏
 تفرق النفر في قريش يشوهون رسالة الرسول صل الله عليه و سلم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فجعل أولئك النفر يقولون ذلك في رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن لقوا من الناس ، وصدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله صل الله عليه وسلم ؛ فانتشر ذكره في بلاد العرب كلها
الرسول عليه الصلاة والسلام يستقي لأهل المدينة حين أقحطوا ، فنـزل المطر ، وود لو أن أبا طالب حي ، ليرى ذلك
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وحدثني من أثق به ، قال ‏‏:‏‏ أقحط أهل المدينة ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فشكوا ذلك إليه ، فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فاستسقى ، فما لبث أن جاء من المطر ما أتاه أهل الضواحي يشكون منه الغرق ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ اللهم حوالينا ولا علينا ، فانجاب السحاب عن المدبنة فصار حوليها كالإكليل ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ لو أردك أبو طالب هذا اليوم لسره ، فقال له بعض أصحابه ‏‏:‏‏ كأنك يا رسول الله أردت قوله ‏‏:‏‏
وأبيض يُستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل
قال ‏‏:‏‏ أجل ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وقوله ‏‏(‏‏ وشبرقة ‏‏)‏‏ عن غير ابن إسحاق ‏‏.‏‏
ذكر الأسماء التى وردت في قصيدة أبي طالب
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ والغياطل ‏‏:‏‏ من بني سهم بن عمرو بن هصيص ، وأبو سفيان بن حرب بن أمية ‏‏.‏‏ ومطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ‏‏.‏‏ وزهير بن أبي أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم ، و أمه عاتكة بنت عبدالمطلب ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وأسيد ، وبكره ‏‏:‏‏ عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ‏‏.‏‏ وعثمان بن عبيد الله ، أخو طلحة بن عبيد الله التيمي ‏‏.‏‏ وقنفذ بن عمير بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ‏‏.‏‏ وأبو الوليد عتبة بن ربيعة ‏‏.‏‏ وأُبيّ الأخنس بن شريق الثقفي ، حليف بني زهرة بن كلاب ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وإنما سمي الأخنس ، لأنه خنس بالقوم يوم بدر ، وإنما اسمه أُبي ، وهو من بني علاج ، وهو علاج بن أبي سلمة بن عوف بن عقبة ‏‏.‏‏ والأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ‏‏.‏‏ وسبيع بن خالد ، أخو بلحارث بن فهر ‏‏.‏‏ ونوفل بن خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي ، وهو ابن العدوية ‏‏.‏‏ وكان من شياطين قريش ، وهو الذي قرن بين أبي بكر الصديق وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما في حبل حين أسلما ، فبذلك كانا يُسميان ‏القرينين ؛ قتله علي بن أبي طالب عليه السلام يوم بدر ‏‏.‏‏ وأبو عمرو قُرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف ‏‏.‏‏
‏‏(‏‏ وقوم علينا أظنَّة ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ بنو بكر بن عبد مناة بن كنانة ، فهؤلاء الذين عدد أبو طالب في شعره من العرب


سفهاء قريش يأذونه ، و رميه صل الله عليه و سلم بالسحر و الجنون 
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم إن قريش اشتد أمرهم للشقاء الذي أصابهم في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أسلم معه منهم ، فأغروا برسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ سفهاءهم ، فكذبوه وآذوه ، ورموه بالشعر والسحر والكهانة والجنون ، ورسول الله صل الله عليه وسلم مظهر لأمر الله لا يستخفي به ، مباد لهم بما يكرهون من عيب دينهم ، واعتزال أوثانهم ، وفراقه إياهم كفرهم ‏‏.‏‏
 أشد ما أوذي به الرسول صل الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فحدثني يحيى بن عروة بن الزبير ، عن أبيه عروة بن الزبير ، عن عبدالله بن عمرو بن العاص ، قال ‏‏:‏‏ قلت له ‏‏:‏‏ ما أكثر ما رأيت قريشا أصابوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانوا يُظهرون من عداوته ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ حضرتهم ، وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر ، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا ‏‏:‏‏ ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من أمر هذا الرجل قط ، سفه أحلامنا ، وشتم آباءنا ، وعاب ديننا ، وفرق جماعتنا ، وسب آلهتنا ، لقد صبرنا منه على أمر عظيم ، أو كما قالوا ‏‏:‏‏ فبينا هم في ذلك إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل يمشي حتى استلم الركن ، ثم مر بهم طائفا بالبيت ، فلما مر بهم غمزوه ببعض القول ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فعرفت ذلك في وجه رسول الله صل الله عليه وسلم ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ ثم مضى ، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها ، فعرفت ذلك في وجه رسول الله صل الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ ثم مر الثالثة فغمزوه بمثلها ، فوقف ، ثم قال ‏‏:‏‏ أتسمعون يا معشر قريش ، أما والذي نفسي بيده ، لقد جئتكم بالذبح ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع ، حتى إن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك ليرفَؤُه بأحسن ما يجد من القول ، حتى إنه ليقول ‏‏:‏‏ انصرف يا أبا القاسم ، فوالله ما كنت جهولا ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان الغد اجتمعوا في الحجر وأنا معهم ؛ فقال بعضهم لبعض ‏‏:‏‏ ذكرتم ما بلغ منكم ، وما بلغكم عنه ، حتى إذا باداكم بما تكرهون تركتموه ‏‏.‏‏ فبينما هم في ذلك طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد ، وأحاطوا به ، يقولون ‏‏:‏‏ أنت الذي تقول كذا وكذا ، لما كان يقول من عيب آلهتهم ودينهم ؛ فيقول رسول الله صل الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ نعم ، أنا الذي أقول ذلك ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فلقد رأيت رجلا منهم أخذ بمجمع ردائه ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فقام أبو بكر رضي الله عنه دونه ، وهو يبكي ويقول ‏‏:‏‏ أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ‏‏؟‏‏ ثم انصرفوا عنه ، فإن ذلك لأشد ما رأيت قريشا نالوا منه قط ‏‏.‏‏
 بعض ما نال أبا بكر في سبيل الرسول صل الله عليه و سلم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني بعض آل أم كلثوم بنت أبي بكر ، أنها قالت ‏‏:‏‏ لقد رجع أبو بكر يومئذ وقد صدعوا فرق رأسه ، مما جبذوه بلحيته وكان كثير الشعر ‏‏.‏‏
 أشد ما أوذي به رسول الله صل الله عليه و سلم
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ حدثني بعض أهل العلم ‏‏:‏‏ أشد ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش أنه خرج يوما فلم يلقه أحد من الناس إلا كذبه وآذاه ، لا حر ولا عبد ، فرجع رسول الله صل الله عليه وسلم إلى منـزله ، فتدثر من شدة ما أصابه ، فأنزل الله تعالى عليه ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ يا أيها المدثر ، قم فأنذر ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏
قول عتبة بن ربيعة في أمر رسول الله صل الله عليه و سلم 
 عتبة بن ربيعة يفاوض الرسول صل الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني يزيد بن زياد ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال ‏‏:‏‏ حدثت أن عتبة بن ربيعة ، وكان سيدا ، قال يوما وهو جالس في نادي قريش ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده ‏‏:‏‏ يا معشر قريش ، ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء ، ويكف عنا ‏‏؟‏‏ وذلك حين أسلم حمزة ، ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون ؛ فقال ‏‏:‏‏ بلى يا أبا الوليد ، قم إليه فكلمه ؛ فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ، فقال ‏‏:‏‏ يا ابن أخي ، إنك منا حيث قد علمت من السِّطَة في العشيرة ، والمكان في النسب ، وإنك أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت به من مضى من آبائهم ، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها ‏‏.‏‏
‏‏:‏‏ قال فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ قل يا أبا الوليد ، أسمعْ ؛ قال ‏‏:‏‏ يا ابن أخي ، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا ، حتى لا نقطع أمرا دونك ، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا ؛ وإن كان هذا الذي يأتيك رَئيِّا تراه لا تستيطع رده عن نفسك ، طلبنا لك الطب ، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه ، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يُداوى منه ، أو كما قال له ‏‏.‏‏
حتى إذا فرغ عتبة ، ورسول الله صل الله عليه وسلم يستمع منه ، قال ‏‏:‏‏ أقد فرغت يا أبا الوليد ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ نعم ، قال ‏‏:‏‏ فاسمع مني ؛ قال ‏‏:‏‏ أفعل ؛
فقال ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ بسم الله الرحمن الرحيم ‏‏.‏‏ حم ‏‏.‏‏ تنـزيل من الرحمن الرحيم ‏‏.‏‏ كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ‏‏.‏‏ بشيرا ونذيرا ، فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون ‏‏.‏‏ وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ‏‏)‏‏ ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها يقرؤها عليه ‏‏.‏‏ فلما سمعها منه عتبة ، أنصت لها ، وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يسمع منه ؛ ثم انتهى رسول الله صل الله عليه وسلم إلى السجدة منها ، فسجد ثم قال ‏‏:‏‏ قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت ، فأنت وذاك ‏‏.‏‏
رأي عتبة
فقام عتبة إلى أصحابه ، فقال بعضهم لبعض ‏‏:‏‏ نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به ‏‏.‏‏ فلما جلس إليهم قالوا ‏‏:‏‏ ما وراءك يا أبا الوليد ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ ورائي أني قد سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط ، والله ما هو بالشعر ، ولا بالسحر ، ولا بالكهانة ، يا معشر قريش ، أطيعوني واجعلوها بي ، وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه ، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم ، فإن تصبه العرب فقد كُفيتموه بغيركم ، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم ، وعزه عزكم ، وكنتم أسعد الناس به ؛ قالوا ‏‏:‏‏ سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه ؛ قال ‏‏:‏‏ هذا رأيي فيه ، فاصنعوا ما بدا لكم ‏‏.‏‏




.... يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75847
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الجهر بالقرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجهر بالقرآن   الجهر بالقرآن Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018, 1:39 pm

..... تابع
عداوة قريش للرسول وأصحابه

ما دار بين رسول الله صل الله عليه و سلم و بين رؤساء قريش ، و تفسير لسورة الكهف
 قريش تفتن المسلمين ، و تستمر على تعذيب من أسلم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم ان الإسلام جعل يفشو بمكة في قبائل قريش في الرجال والنساء ، وقريش تحبس من قدرت على حبسه ، وتفتن من استطاعت فتنته من المسلمين ، ثم إن أشراف قريش من كل قبيلة ، كما حدثني بعض أهل العلم عن سعيد بن جبير ، وعن عكرمة مولى ابن عباس ، عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال ‏‏:‏‏
 زعماء قريش تفاوض الرسول صل الله عليه وسلم
اجتمع عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب ، والنضر ابن الحارث بن كلدة ، أخو بني عبدالدار ، وأبو البختري بن هشام ، والأسود بن المطلب بن أسد ، وزمعة بن الأسود ، والوليد بن المغيرة ، وأبو جهل بن هشام وعبدالله بن أبي أمية ، والعاص بن وائل ، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج السهميان ، وأمية بن خلف ، أو من اجتمع منهم ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ اجتمعوا بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة ، ثم قال بعضهم لبعض ‏‏:‏‏ ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تُعذروا فيه ، فبعثوا إليه ‏‏:‏‏ إن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك ، فأتهم ؛ فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا ، وهو يظن أن قد بدا لهم فيما كلمهم فيه بداء ، وكان عليهم حريصا يحب رشدهم ، ويعز عليه عنتهم ، ‏حتى جلس إليهم ؛ فقالوا له ‏‏:‏‏ يا محمد ، إنا قد بعثنا إليك لنكلمك ، وإنا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه مثل ما أدخلت على قومك ، لقد شتمت الآباء ، وعبت الدين ، وشتمت الآلهة ، وسفهت الأحلام ، وفرقت الجماعة ، فما بقي أمر قبيح إلا جئته فيما بيننا وبينك - أو كما قالوا له - فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا ، فنحن نسودك علينا ، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا ، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من الجن رئيا - فربما كان ذلك ، بذلنا لك أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه ، أونُعذر فيك ؛ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ ما بي ما تقولون ، ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ، ولا الشرف فيكم ، ولا الملك عليكم ، ولكن الله بعثني إليكم رسولا ، وأنزل علي كتابا ، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا ، فبلغتكم رسالات ربي ، ونصحت لكم ، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به ، فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه علي أصبرْ لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم ، أو كما قال صل الله عليه وسلم ‏‏.‏‏
قالوا ‏‏:‏‏ يا محمد ، فإن كنت غير قابل منا شيئا مما عرضناه عليك فإنك قد علمت أنه ليس من الناس أحد أضيق بلدا ، ولا أقل ماء ، ولا أشد عيشا منا ، فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به ، فَلْيُسيـِّرْ عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا ، وليبسط لنا بلادنا ، وليفجر لنا فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق ، وليبعث لنا من مضى من آبائنا ، وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصي بن كلاب ، فإنه كان شيخ صدق ، فنسألهم عما تقول ‏‏:‏‏ أحق هو أم باطل ، فإن صدقوك وصنعت ما سألناك صدقناك ، وعرفنا به منزلتك من الله ، وأنه بعثك رسولا كما تقول ‏‏.‏‏ ‏فقال لهم صلوات الله وسلامه عليه ‏‏:‏‏ ما بهذا بعثت إليكم ، إنما جئتكم من الله بما بعثني به ، وقد بلغتكم ما أُرسلت به إليكم ، فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله تعالى ، حتى يحكم الله بيني وبينكم ‏‏.‏‏
قالوا ‏‏:‏‏ فإذا لم تفعل هذا لنا ، فخذ لنفسك ، سل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك بما تقول ، ويراجعنا عنك ، وسله فليجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة يغنيك بها عما نراك تبتغي ، فإنك تقوم بالأسواق كما نقوم ، وتلتمس المعاش منا كما تلتمسه ، حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم ‏‏.‏‏
فقال لهم رسول الله صل الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ ما أنا بفاعل ، وما أنا بالذي يسأل ربه هذا ، وما بُعثت إليكم بهذا ، ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا - أو كما قال - فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم ‏‏.‏‏
قالوا ‏‏:‏‏ فأسقط السماء علينا كسفا كما زعمت أن ربك إن شاء فعل ، فإنا لا نؤمن لك إلا أن تفعل ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ ذلك إلى الله ، إن شاء أن يفعله بكم فعل ‏‏.‏‏
قالوا ‏‏:‏‏ يا محمد ، أفما علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك عنه ، ونطلب منك ما نطلب ، فيتقدم إليك فيعلمك ما تراجعنا به ، ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا ، إذ لم نقبل منك ما جئتنا به ‏‏!‏‏ إنه قد بلغنا أنك إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له ‏‏:‏‏ الرحمن ، وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبدا ، فقد أعذرنا إليك يا محمد ، وإنا والله لا نتركك وما بلغت منا حتى نهلكك ، أو تهلكنا ‏‏.‏‏ وقال قائلهم ‏‏:‏‏ نحن نبعد الملائكة ، وهي بنات الله ‏‏.‏‏ وقال قائلهم ‏‏:‏‏ لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلا ‏‏.‏‏
 حديث عبدالله بن أبي أمية مع رسول الله صل الله عليه و سلم
فلما قالوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، قام عنهم ، وقام معه عبدالله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم - وهو ابن عمته ، فهو لعاتكة بنت عبدالمطلب - فقال له ‏‏:‏‏ يا محمد ، عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم ، ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من الله كما تقول ، ويصدقوك ويتبعوك فلم تفعل ، ثم سألوك أن تأخذ لنفسك ما يعرفون به فضلك عليهم ، ومنزلتك من الله ، فلم تفعل ، ثم سألوك أن تعجل لهم بعض ما تخوفهم به من العذاب ، فلم تفعل - أو كما قال له - فوالله لا أومن بك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ، ثم ترقى فيه وأنا أنظر إليك حتى تأتيها ، ثم تأتي معك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول ، وأيم الله ، لو فعلت ذلك ما ظننت أني أصدقك ، ثم انصرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏.‏‏ وانصرف رسول الله صل الله عليه وسلم إلى أهله حزينا آسفا لما فاته مما كان يطمع به من قومه حين دعوه ، ولما رأى من مباعدتهم إياه ‏‏.‏‏
 أبو جهل يتوعد الرسول صل الله عليه وسلم
فلما قام عنهم رسول الله صل الله عليه وسلم ، قال أبو جهل ‏‏:‏‏ يا معشر قريش ، إن محمدا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا ، وشتم آبائنا ، وتسفيه أحلامنا ، وشتم آلهتنا ، وإني أعاهد الله لأجلسن له غدا بحجر ما أُطيق حمله - أو كما قال - فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه ، فأسلموني عند ذلك أو امنعوني ، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم ؛ قالوا ‏‏:‏‏ والله لا نسلمك لشيء أبدا ، فامض لما تريد ‏‏.‏‏
 ما حدث لأبي جهل حين هم بإلقاء الحجر على الرسول صل الله عليه و سلم
فلما أصبح أبو جهل ، أخذ حجرا كما وصف ، ثم جلس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظره ، وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يغدو ‏‏.‏‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وقبلته إلى الشام ، فكان إذا صلى صلى بين الركن اليماني والحجر الأسود ، وجعل الكعبة بينه وبين الشام ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وقد غدت قريش فجلسوا في أنديتهم ينتظرون ما أبو جهل فاعل ، فلما سجد رسول الله صل الله عليه وسلم احتمل أبو جهل الحجر ، ثم أقبل نحوه ، حتى إذا دنا منه رجع منهزما منتقعا لونه مرعوبا قد يـبست يداه على حجره ، حتى قذف الحجر من يده ، وقامت إليه رجال قريش ، فقالوا له ‏‏:‏‏ ما لك يا أبا الحكم ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ قمت إليه لأفعل به ما قلت لكم البارحة ، فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل ، لا والله ما رأيت مثل هامته ، ولا مثل قصرته ولا أنيابه لفحل قط ، فهمَّ بي أن يأكلني ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فذُكر لي أن رسول الله صل الله عليه وسلم ، قال ‏‏:‏‏ ذلك جبريل عليه السلام ، لو دنا لأخذه ‏‏.‏‏
 النضر بن الحارث ينصح قريشا بالتدبر فيما جاء به الرسول صل الله عليه و سلم
فلما قال لهم ذلك أبو جهل ، قام النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة ابن عبد مناف بن عبدالدار بن قصي ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ويقال النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فقال ‏‏:‏‏ يا معشر قريش ، إنه والله قد نزل بكم‏ أمر ما أتيتم له بحيلة بعد ، قد كان محمد فيكم غلاما حدثا أرضاكم فيكم ، وأصدقكم حديثا ، وأعظمكم أمانة ، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب ، وجاءكم بما جاءكم به ، قلتم ساحر ، لا والله ما هو بساحر ، لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم ؛ وقلتم كاهن ، لا والله ما هو بكاهن ، قد رأينا الكهنة وتخالجهم وسمعنا سجعهم ؛ وقلتم شاعر ، لا والله ما هو بشاعر ، قد رأينا الشعر ، وسمعنا أصنافه كلها ‏‏:‏‏ هزجه ورجزه ؛ وقلتم مجنون ، لا والله ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون فما هو بخنقه ، ولا وسوسته ، ولا تخليطه ، يا معشر قريش ، فانظروا في شأنكم ، فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم ‏‏.‏‏
 أذى النضر بن الحارث للرسول صل الله عليه وسلم
وكان النضر بن الحارث من شياطين قريش ، وممن كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وينصب له العداوة ، وكان قد قدم الحيرة ، وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس ، وأحاديث رستم واسبنديار ، فكان إذا جلس رسول الله صل الله عليه وسلم مجلسا فذكَّر فيه بالله ، وحذر قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله ، خلفه في مجلسه إذا قام ، ثم قال ‏‏:‏‏ أنا والله يا معشر قريش ، أحسن حديثا منه ، فهلم إلي ، فأنا أحدثكم أحسن من حديثه ، ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم واسبنديار ، ثم يقول ‏‏:‏‏ بماذا محمد أحسن حديثا مني ‏‏؟‏‏ ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وهو الذي قال فيما بلغني ‏‏:‏‏ سأنزل مثل ما أنزل الله ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول - فيما بلغني - ‏‏:‏‏ نزل فيه ثمان آيات من القرآن ‏‏:‏‏ قول الله عز وجل ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ وكل ما ذكر فيه من الأساطير من القرآن
 استكبار قريش عن الإيمان بالرسول صل الله عليه وسلم 
فلما جاءهم رسول الله صل الله عليه وسلم بما عرفوا من الحق ، وعرفوا صدقه فيما حدث ، وموقع نبوته فيما جاءهم به من علم الغيوب حين سألوه عما سألوه عنه ، حال الحسد منهم له بينهم وبين اتِّباعه وتصديقه ، فعتوا على الله وتركوا أمره عيانا ، ولجوا فيما هم عليه من الكفر ، فقال قائلهم ‏‏:‏‏ لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ، أي اجعلوه لغوا وباطلا ، واتخذوه هزوا لعلكم تغلبونه بذلك ، فإنكم إن ناظرتموه أو خاصمتموه يوما غلبكم ‏‏.‏‏
 تهكم أبي جهل بالرسول صل الله عليه و سلم و تنفير الناس عنه
فقال أبو جهل يوما و هو يهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الحق ‏‏:‏‏ يا معشر قريش ، يزعم محمد أنما جنود الله الذين يعذبونكم في النار و يحبسونكم فيها تسعة عشر ، وأنتم أكثر الناس عددا ، وكثرة ، أفيعجز كل مائة رجل منكم عن رجل منهم ‏‏؟‏‏ فأنزل الله تعالى عليه في ذلك من قوله ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ، وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ‏‏)‏‏ إلى آخر القصة ، فلما قال ذلك بعضهم لبعض ، جعلوا إذا جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن وهو يصلي ، يتفرقون عنه ، ويأبون أن يستمعوا له ، فكان الرجل منهم إذا أراد أن يستمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو من القرآن وهو يصلي ، استرق السمع دونهم فرقا منهم ، فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع منه ذهب خشية أذاهم فلم يستمع ، وإن خفض رسول الله صل الله عليه وآله وسلم صوته ، فظن الذي يستمع أنهم لا يستمعون شيئا من قراءته ، وسمع هو شيئا دونهم أصاخ له يستمع منه ‏‏.‏‏
سبب نزول آية ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ و لا تجهر ‏‏.‏‏‏‏.‏‏‏‏.‏‏ الخ ‏‏)‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ حدثني داود بن الحصين ، مولى عمرو بن عثمان ، أن عكرمة مولى ابن عباس حدثهم أن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما حدثهم ‏‏:‏‏ إنما أنزلت هذه الآية ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ، وابتغ بين ذلك سبيلا ‏‏)‏‏ من أجل أولئك النفر ‏‏.‏‏ يقول ‏‏:‏‏ لا تجهر بصلاتك فيتفرقوا عنك ، ولا تخافت بها فلا يسمعها من يحب أن يسمعها ممن يسترق ذلك دونهم لعله يرعوي إلى بعض ما يسمع فينتفع به

عدوان المشركين على المستضعفين ممن أسلم بالأذى والفتنة 
 قسوة قريش على من أسلم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم إنهم عدوا على من أسلم ، واتبع رسول الله صل الله عليه وسلم من أصحابه ، فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين ، فجعلوا يحبسونهم ، ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش ، وبرمضاء مكة إذا اشتد الحر ، من استضعفوا منهم ، يفتنونهم عن دينهم ، فمنهم من يُفتن من شدة البلاء الذي يصيبه ، ومنهم من يصلب لهم ، ويعصمه الله منهم ‏‏.‏‏
 ما لقيه بلال بعد إسلامه ، وتخليص أبي بكر له
وكان بلال ، مولى أبي بكر رضي الله عنهما ، لبعض بني جمح ، مولَّدا من مولديهم ، وهو بلال بن رباح ، وكان اسم أمه حمامة ، وكان صادق الإسلام طاهر القلب ، وكان أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح يخُرجه إذا حميت ‏الظهيرة ، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ، ثم يقول له ‏‏:‏‏ لا و الله لا تزال هكذا حتى تموت ، أو تكفر بمحمد ، وتعبد اللات والعزى ؛ فيقول وهو في ذلك البلاء ‏‏:‏‏ أحد أحد ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني هشام بن عروة عن أبيه ، قال ‏‏:‏‏ كان ورقة بن نوفل يمر به وهو يعذب بذلك ، وهو يقول ‏‏:‏‏ أحد أحد ؛ فيقول ‏‏:‏‏ أحد أحد والله يا بلال ، ثم يقبل على أمية بن خلف ، ومن يصنع ذلك به من بني جمح ، فيقول ‏‏:‏‏ أحلف بالله لئن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانا ، حتى مر به أبو بكر الصديق ابن أبي قحافة رضي الله عنه يوما ، وهم يصنعون ذلك به ، وكانت دار أبي بكر في بني جمح ، فقال لأمية بن خلف ‏‏:‏‏ ألا تتقي الله في هذا المسكين ‏‏؟‏‏ حتى متى ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ أنت الذي أفسدته فأنقذه مما ترى ؛ فقال أبو بكر ‏‏:‏‏ أفعل ، عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى ، على دينك ، أعطيكه به ؛ قال ‏‏:‏‏ قد قبلت ، فقال ‏‏:‏‏ هو لك ‏‏.‏‏ فأعطاه أبو بكر الصديق رضي الله عنه غلامه ذلك ، وأخذه فأعتقه ‏‏.‏‏
 من أعتقهم أبو بكر مع بلال
ثم أعتق معه على الإسلام قبل أن يهاجر إلى المدينة ست رقاب ، بلال سابعهم عامر بن فهيرة ، شهد بدرا وأُحدا ، وقتل يوم بئر معونة شهيدا ؛ وأم عُبيس وزِنِّيرة ، وأصيب بصرها حين أعتقها ، فقالت قريش ‏‏:‏‏ ما أذهب بصرها إلا اللات والعزى ؛ فقالت ‏‏:‏‏ كذبوا وبيت الله ما تضر اللات والعزى وما تنفعان ، فرد الله بصرها ‏‏.‏‏
وأعتق النهدية وبنتها ، وكانتا لامرأة من بني عبدالدار ، فمر بهما وقد بعثتهما سيدتهما بطحين لها ، وهي تقول ‏‏:‏‏ والله لا أعتقكما أبدا ، فقال أبو بكر رضي الله عنه ‏‏:‏‏ حل يا أم فلان ؛ فقالت ‏‏:‏‏ حل ، أنت أفسدتهما فأعتقهما ؛ قال ‏‏:‏‏ فبكم هما ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ بكذا وكذا ؛ قال ‏‏:‏‏ قد أخذتهما وهما حرتان ، أرجعا إليها طحينها ، قالتا ‏‏:‏‏ أو نفرغ منه يا أبا بكر ثم نرده إليها ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ وذلك إن شئتما ‏‏.‏‏
ومر بجارية بني مؤمل ، حي من بني كعب ، وكانت مسلمة ، وعمر بن الخطاب يعذبها لتترك الإسلام ، وهو يومئذ مشرك وهو يضربها ، حتى إذا مل قال ‏‏:‏‏ إني أعتذر إليك ، إني لم أتركك إلا ملالة ؛ فتقول ‏‏:‏‏ كذلك فعل الله بك ‏‏.‏‏ فابتاعها أبو بكر ، فأعتقها ‏‏.‏‏
أبو قحافة يلوم أبا بكر لعتقه من أعتق فرد عليه
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني محمد بن عبدالله بن أبي عتيق ، عن عامر بن عبدالله بن الزبيـر ، عن بعض أهله ، قال ‏‏:‏‏
قال أبو قحافة لأبي بكر ‏‏:‏‏ يا بني ، إني أراك تعتق رقابا ضعافا ، فلو أنك إذ فعلت ما فعلت أعتقت رجالا جلدا يمنعونك ويقومون دونك ‏‏؟‏‏ فقال أبو بكر رضي الله عنه ‏‏:‏‏ يا أبت ، إني إنما أريد ما أريد ، لله ‏عز وجل ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فيُتحدث أنه ما نزل هؤلاء الآيات إلا فيه ، وفيما قال له أبوه ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏‏‏.‏‏‏‏.‏‏ إلى قوله تعالى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏
 تعذيب قريش لآل ياسر ، و تصبير رسول الله صل الله عليه و سلم لهم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكانت بنو مخزوم يخرجون بعمار بن ياسر ، وبأبيه وأمه ، وكانوا أهل بيت إسلام ، إذا حميت الظهيرة ، يعذبونهم برمضاء مكة ، فيمر بهم رسول الله صل الله عليه وسلم فيقول ، فيما بلغني ‏‏:‏‏ صبرا آل ياسر ، موعدكم الجنة ‏‏.‏‏ فأما أمه فقتلوها ، وهي تأبى إلا الإسلام ‏‏.‏‏
 ما كان يعذب به أبو جهل من أسلم
وكان أبو جهل الفاسق الذي يُغري بهم في رجال من قريش ، إذا سمع بالرجل قد أسلم ، له شرف ومنعة ، أنَّبه وأخزاه ‏‏.‏‏ وقال ‏‏:‏‏ تركت دين أبيك وهو خير منك ، لنسفهن حلمك ، ولَنُفيِّلَنّ رأيك ، ولنضعن شرفك ؛ وإن كان تاجرا قال ‏‏:‏‏ والله لنُكسدنّ تجارتك ، ولنهلكن مالك ؛ وإن كان ضعيفا ضربه وأغرى به ‏‏.‏‏
 فتنة المسلمين
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير ، قال ‏‏:‏‏ قلت لعبدالله بن عباس ‏‏:‏‏ أكان المشركون يبلغون من أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم من العذاب ما يعذرون به في ترك دينهم ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ نعم والله ، إن كانوا ليضربون أحدهم ويجُيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر أن يستوي جالسا من شدة الضر الذي نزل به ، حتى يعطيهم ما سألوه من الفتنة ، حتى يقولوا له ؛ آللات والعزى إلهك من دون الله ‏‏؟‏‏ فيقول ‏‏:‏‏ نعم ، حتى إن الجُعَل ليمر بهم ، فيقولون له ‏‏:‏‏ أهذا الجعل إلهك من دون الله ‏‏؟‏‏ فيقول ‏‏:‏‏ نعم ، افتداء منهم مما يبلغون من جهده ‏‏.‏‏
 هشام يرفض تسليم أخيه الوليد إلى قريش ليقتلوه على إسلامه ، و شعره في ذلك
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني الزبير بن عكاشة بن عبدالله بن أبي أحمد أنه حُدث أن رجالا من بني مخزوم مشوا إلى هشام بن الوليد ، حين أسلم أخوه الوليد بن الوليد بن المغيرة ، وكانوا قد أجمعوا على أن يأخذوا فتية منهم كانوا قد أسلموا ، منهم ‏‏:‏‏ سلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقالوا له وخشوا شرهم ‏‏:‏‏ إنا قدا أردنا أن نعاتب هؤلاء الفتية على هذا الدين الذي أحدثوا ، فإنا نأمن بذلك في غيرهم ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ هذا ، فعليكم به ، فعاتبوه وإياكم ونفسه ، وأنشأ يقول ‏‏:‏‏
ألا لا يُقتلنّ أخي عُيـيس* فيبقى بيننا أبدا تلاحي
احذروا على نفسه ، فأُقسم بالله لئن قتلتموه لأقتلن أشرفكم رجلا ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقالوا ‏‏:‏‏ اللهم العنه ، من يُغرّر بهذا الخبيث ، فوالله لو أصيب في أيدينا لقُتل أشرفنا رجلا ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فتركوه ونزعوا عنه ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ وكان ذلك مما دفع الله به عنهم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الجهر بالقرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الشفاء بالقرآن
» إن كان لديك شك بالقرآن والإسلام شاهد هذا الفيديو

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة العلوم والمعارف :: الموسوعة الإسلامية الشاملة :: موسوعة السيرة النبوية-
انتقل الى: