منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 حج أبى بكر بالناس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75782
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

حج أبى بكر بالناس Empty
مُساهمةموضوع: حج أبى بكر بالناس   حج أبى بكر بالناس Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018, 9:53 pm

حج أبى بكر بالناس


حج أبي بكر بالناس سنة تسع واختصاص النبي صل الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه بتأدية أول براءة عنه
 تأمير أبي بكر على الحج
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم أقام رسول الله صل الله عليه وسلم بقية شهر رمضان وشوالا وذا القعدة ، ثم بعث أبا بكر أميراً على الحج من سنة تسع ، ليقيم للمسلمين حجهم ، والناس من أهل الشرك على منازلهم من حجهم ‏.‏ فخرج أبو بكر رضى الله عنه ومن معه من المسلمين ‏.‏
 نزول سورة براءة في نقض ما بين المسلمين والمشركين ونزلت براءة في نقض ما بين رسول الله صل الله عليه وسلم وبين المشركين من العهد ، الذي كانوا عليه فيما بينه وبينهم ‏:‏ أن لا يصد عن البيت أحد جاءه ، ولا يخاف أحد في الشهر الحرام ‏.‏
وكان ذلك عهداً عاماً بينه وبين الناس من أهل الشرك ، وكانت بين ذلك عهود بين رسول الله صل الله عليه وسلم وبين قبائل العرب خصائص ، إلى آجال مسماة ، فنزلت فيه وفيمن تخلف من المنافقين عنه في تبوك ، وفي قول من قال منهم ، فكشف الله تعالى فيها سرائر أقوام كانوا يستخفون بغير ما يظهرون ، منهم من سمى لنا ومنهم من لم يسم لنا فقال عز وجل‏:‏
‏(‏ براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ‏)‏ أي ‏:‏ لأهل العهد العام من أهل الشرك ‏(‏ فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله ‏)‏ أي ‏:‏ بعد هذه الحجة ‏(‏ فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم إلا الذين عاهدتم من المشركين ‏)‏ أي ‏:‏
العهد الخاص إلى الأجل المسمى ‏(‏ ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحداً فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين فإذا انسلخ الأشهر الحرم ‏)‏ يعني الأربعة التي ضرب لهم أجلا (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تأبوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم وإن أحد من المشركين ‏)‏ أي ‏:‏ من هؤلاء الذين أمرتك بقتلهم ‏(‏ استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون ‏)‏ ‏.‏
ثم قال ‏:‏ ‏(‏ كيف يكون للمشركين ‏)‏ الذين كانوا هم وأنتم على العهد العام ، أن لا يخيفوكم ولا يخيفوهم في الحرمة ، ولا في الشهر الحرام ‏(‏ عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام ‏)‏ وهي قبائل من بني بكر الذين كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم يوم الحديبية ، إلى المدة التي كانت بين رسول الله صل الله عليه وسلم وبين قريش ، فلم يكن نقضها إلا هذا الحي من قريش ، وهي الديل من بني بكر بن وائل الذين كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم ‏.‏
فأمر بإتمام العهد لمن لم يكن نقض من بني بكر إلى مدته ‏(‏ فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين ‏)‏ ‏.‏
ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ كيف وإن يظهروا عليكم ‏)‏ أي ‏:‏ المشركين الذين لا عهد لهم إلى مدة من أهل الشرك العام ‏(‏ لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة ‏)‏ ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏الإل ‏:‏ الحلف ‏.‏ قال أوس بن حجر ، أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم ‏:‏
لولا بنو مالك والإل مرقبة * ومالك فيهم الآلاء والشرف
وهذا البيت في قصيدة له ، وجمعه آلال قال الشاعر ‏:‏
فلا إل من الآلال بيني * وبينكم فلا تألن جهدا
والذمة ‏:‏ العهد ، قال الأجدع بن مالك الهمداني ، وهو أبو مسروق الأجدع الفقيه ‏.‏
وكان علينا ذمة أن تجاوزوا * من الأرض معروفا إلينا ومنكرا
وهذا البيت في ثلاثة أبيات له ‏.‏ وجمعها ذمم ‏.‏
‏(‏ يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون ، اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً فصدوا عن سبيله إنهم ساء ما كانوا يعملون ‏.‏ لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون ‏)‏ أي ‏:‏ قد اعتدوا عليكم ‏(‏ فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون ‏)‏ ‏.‏
 اختصاص علي بتأدية براءة ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف ، عن أبي جعفر محمد بن علي رضوان الله عليه ، أنه قال ‏:‏
لما نزلت براءة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان بعث أبا بكر الصديق ليقيم للناس الحج ، قيل له ‏:‏ يا رسول الله لو بعثت بها إلى أبي بكر ، فقال ‏:‏ لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي ‏.‏ ثم دعا علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، فقال له ‏:‏ اخرج بهذه القصة من صدر براءة ، وأذن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى ، أنه لا يدخل الجنة كافر ، ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان له عند رسول الله صل الله عليه وسلم عهد فهو له إلى مدته ‏.‏
فخرج علي بن أبي طالب رضوان الله عليه على ناقة رسول الله صل الله عليه وسلم العضباء ، حتى أدرك أبا بكر بالطريق ، فلما رآه أبو بكر بالطريق قال ‏:‏ أأمير أم مأمور ‏؟‏ فقال بل ‏:‏ مأمور ثم مضيا ، فأقام أبو بكر للناس الحج والعرب إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحج ، التي كانوا عليها في الجاهلية ‏.‏
حتى إذا كان يوم النحر ، قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فأذن في الناس بالذي أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أيها الناس ، إنه لا يدخل الجنة كافر ، ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو إلى مدته ؛ وأجل الناس أربعة أشهر من يوم أذن فيهم ، ليرجع كل قوم إلى مأمنهم أو بلادهم ، ثم لا عهد لمشرك ولا ذمة إلا أحد كان عند رسول الله صل الله عليه وسلم عهد إلى مدة ، فهو له إلى مدته ‏.‏ فلم يحج بعد ذلك العام مشرك ولم يطف بالبيت عريان ‏.‏
ثم قدما على رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فكان هذا من براءة فيمن كان من أهل الشرك من أهل العهد العام وأهل المدة إلى الأجل المسمى ‏.‏
 الأمر بجهاد المشركين ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم أمر الله رسول الله صل الله عليه وسلم بجهاد أهل الشرك ، ممن نقض من أهل العهد الخاص ، ومن كان من أهل العهد العام ، بعد الأربعة الأشهر التي ضرب لهم أجلا إلا أن يعدو فيها عاد منهم ، فيقتل بعدائه ، فقال ‏:‏
‏(‏ ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله ‏)‏ أي ‏:‏ بعد ذلك ‏(‏ على من يشاء والله عليم حكيم أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون ‏)‏ ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏وليجة ‏:‏ دخيل ، وجمعها ولائج وهو من ولج يلج ، أي ‏:‏ دخل يدخل ، وفي كتاب الله عز وجل ‏:‏ ‏(‏ حتى يلج الجمل في سم الخياط ‏)‏ أي ، يدخل يقول لم يتخذوا دخيلا من دونه يسرون إليه غير ما يظهرون ، نحو ما يصنع المنافقون ، يظهرون الإيمان للذين آمنوا ‏(‏ وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم ‏)‏ قال الشاعر ‏:‏
وأعلم بأنك قد جعلت وليجة * ساقوا إليك الحتف غير مشوب
 القرآن يرد على قريش ادعاءهم عمارة البيت
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم ذكر قول قريش ‏:‏ إنا أهل الحرم ، وسقاة الحاج ، وعمارة هذا البيت ، فلا أحد أفضل منا ؛ فقال ‏:‏ ‏(‏ إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ‏)‏ أي ‏:‏ أن عمارتكم ليست على ذلك ، وإنما يعمر مساجد الله ، أي ‏:‏ من يعمرها بحقها ‏(‏ من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وأتى الزكاة ولم يخش إلا الله ‏)‏ أي ‏:‏ فأولئك عمارها ‏(‏ فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ‏)‏ وعسى من الله ‏:‏ حق ‏.‏
قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله ‏)‏ ‏.‏
ثم القصة عن عدوهم ، وما أنزل الله تعالى من نصره بعد تخاذلهم ، ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة ‏)‏ وذلك أن الناس قالوا ‏:‏ لتنقطعن عنا الأسواق ، فلتهلكن التجارة ، وليذهبن ما كنا نصيب فيها من المرافق ، فقال الله عز وجل ‏:‏ ‏(‏ وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله ‏)‏ أي ‏:‏ من وجه غير ذلك ‏(‏ إن شاء إن الله عليم حكيم قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ‏)‏ أي ‏:‏ ففي هذا عوض مما تخوفتم من قطع الأسواق ، فعوضهم الله بما قطع عنهم بأمر الشرك ، ما أعطاهم من أعناق أهل الكتاب ، من الجزية ‏.‏
 ما نزل في أهل الكتابين ‏:‏
ثم ذكر أهل الكتابين بما فيهم من الشر والفرية عليه ، حتى انتهي إلى قوله تعالى ‏:‏ ‏(‏ إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ‏)‏ ‏.‏
 ما نزل في النسيء ‏:‏
ثم ذكر النسيء وما كانت العرب أحدثت فيه ‏.‏ والنسيء ‏:‏ ما كان يحل مما حرم الله تعالى من الشهور ، ويحرم مما أحل الله منها ، فقال ‏:‏ إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ‏)‏ أي ‏:‏ لا تجعلوا حرامها حلالاً ، ولا حلالها حراماً ، أي كما فعل أهل الشرك ‏(‏إنما النسيء ‏)‏ الذي كانوا يصنعون ‏(‏ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين ‏)‏ ‏.‏
 ما نزل في تبوك ‏:‏
ثم ذكر تبوك وما كان فيها من تثاقل المسلمين عنها ، وما أعظموا من غزو الروم حين دعاهم رسول الله صل الله عليه وسلم إلى جهادهم ، ونفاق من نافق من المنافقين ، حين دعوا إلى ما دعوا إليه من الجهاد ، ثم ما نعى عليهم من إحداثهم في الإسلام ، فقال تعالى ‏:‏
‏(‏ يا أيها الذين أمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض ‏)‏ ، ثم القصة إلى قوله تعالى ‏:‏ ‏(‏ يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ‏)‏ إلى قوله تعالى ‏:‏ ‏(‏ إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار ‏)‏ ‏.‏
 ما نزل في أهل النفاق ‏:‏
ثم قال تعالى لنبيه صل الله عليه وسلم ، يذكر أهل النفاق ‏:‏ ‏(‏ لو كان عرضاً قريباً وسفراً قاصداً لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون ‏)‏ أي ‏:‏ إنهم يستطيعون ‏(‏ عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين ‏)‏ إلى قوله ‏(‏ لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم) ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏أوضعوا خلالكم ‏:‏ ساروا بين أضعافكم ، فالأيضاع ‏:‏ ضرب من السير أسرع من المشي ، قال الأجدع بن مالك الهمداني ‏:‏
يصطادك الوحد المدل بشأوه * بشريج بين الشد والأيضاع
وهذا البيت في قصيدة له ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وكان الذين استأذنوه من ذوي الشرف ، فيما بلغني ، منهم عبدالله بن أبي ابن سلول ، والجد بن قيس ، وكانوا أشرافاً في قومهم ، فثبطهم الله لعلمه بهم أن يخرجوا معه فيفسدوا عليه جنده ، وكان في جنده قوم أهل محبة لهم ، وطاعة فيما يدعونهم إليه ، لشرفهم فيهم ‏.‏ فقال تعالى ‏:‏ ‏(‏ وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين لقد ابتغوا الفتنة من قبل ‏)‏ أي ‏:‏ من قبل أن يستأذنوك ، ‏(‏ وقلبوا لك الأمور ‏)‏ أي ‏:‏ ليخذلوا عنك أصحابك ، ويردوا عليك أمرك ‏(‏ حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا ‏)‏ وكان الذي قال ذلك ، فيما سمي لنا الجد بن قيس ، أخو بني سلمة ، حين دعاه رسول الله صل الله عليه وسلم إلى جهاد الروم ‏.‏ ثم كانت القصة إلى قوله تعالى ‏:‏ ‏(‏ لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ‏)‏ أي ‏:‏ إنما نيتهم ورضاهم وسخطهم لدنياهم ‏.‏
 ما نزل في أصحاب الصدقات ‏:‏
ثم بين الصدقات لمن هي ، وسمي أهلها فقال ‏:‏ ‏(‏ إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ‏)‏ ‏.‏
 ما نزل فيمن آذوا الرسول صل الله عليه وسلم ‏:‏
ثم ذكر غشهم وأذاهم النبي صل الله عليه وسلم فقال ‏:‏ ‏(‏ ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم ‏)‏ ‏.‏ وكان الذي يقول تلك المقالة ، فيما بلغني ، نبتل بن الحارث ، أخو بني عمرو بن عوف ، وفيه نزلت هذه الآية ، وذلك أنه كان يقول ‏:‏ إنما محمد أذن من حدثه شيئا صدقه ، يقول الله تعالى ‏:‏ ‏(‏ قل أذن خير لكم ‏)‏ أي ‏:‏ يسمع الخير ويصدق به ‏.‏
ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين ‏)‏ ثم قال ‏:‏ ‏(‏ ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون ‏)‏ إلى قوله تعالى ‏:‏ ‏(‏ إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة ‏)‏ وكان الذي قال هذه المقالة وديعة بن ثابت ، أخو بني أمية بن زيد من بني عمرو بن عوف ، وكان الذي عفي عنه ، فيما بلغني ، مخشن بن حمير الأشجعي حليف بني سلمة ، وذلك أنه أنكر منهم بعض ما سمع ‏.‏
ثم القصة من صفتهم حتى انتهى إلى قوله تعالى ‏:‏ ‏(‏ يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله ‏)‏ إلى قوله ‏(‏ من ولي ولا نصير ‏)‏ وكان الذي قال تلك المقالة الجلاس بن سويد بن صامت ، فرفعها عليه رجل كان في حجره ، يقال له ‏:‏ عمير بن سعد فأنكرها وحلف بالله ما قالها ، فلما نزل فيهم القرآن تاب ونزع ، وحسنت حاله وتوبته ، فيما بلغني ‏.‏
ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين ‏)‏ وكان الذي عاهد الله منهم ثعلبة بن حاطب ، ومعتب بن قشير ، وهما من بني عمرو بن عوف ‏.‏
ثم قال ‏:‏ ‏(‏ الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم ‏)‏ وكان المطوعون من المؤمنين في الصدقات عبدالرحمن بن عوف ، وعاصم بن عدي ، أخا بني العجلان ، وذلك أن رسول الله صل الله عليه وسلم رغب في الصدقة ، وحض عليها ، فقام عبدالرحمن بن عوف فتصدق بأربعة آلاف درهم ، وقام عاصم بن عدي فتصدق بمائة وسق من تمر ، فلمزوهما ، وقالوا ‏:‏ ما هذا إلا رياء ، وكان الذي تصدق بجهده أبو عقيل ، أخو بني أنيف ، أتى بصاع من تمر ، فأفرغها في الصدقة ، فتضاحكوا به ، وقالوا ‏:‏ إن الله لغني عن صاع أبي عقيل ‏.‏
ثم ذكر قول بعضهم لبعض ، حين أمر رسول الله صل الله عليه وسلم بالجهاد ، وأمر بالسير إلى تبوك ، على شدة الحر ، وجدب البلاد ، فقال تعالى ‏:‏ ‏(‏ وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حراً لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا ‏)‏ إلى قوله ‏:‏ ‏(‏ ولا تعجبك أموالهم وأولادهم ‏)‏ ‏.‏
 ما نزل بسبب الصلاة على ابن أبي
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني الزهري عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة عن ابن عباس قال ‏:‏
سمعت عمر بن الخطاب ، يقول ‏:‏ لما توفي عبدالله بن أبي دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه ، فقام إليه ، فلما وقف عليه يريد الصلاة ، تحولت حتى قمت في صدره ، فقلت ‏:‏ يا رسول الله ، أتصلى على عدو الله عبدالله بن أبي بن سلول ‏؟‏ القائل كذا يوم كذا ، والقائل كذا يوم كذا ‏؟‏ أعدد أيامه ، ورسول الله صل الله عليه وسلم يبتسم حتى إذا أكثرت قال ‏:‏ يا عمر ، أخر عني إني قد خيرت فاخترت ، قد قيل لي ‏:‏ ‏(‏ استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ‏)‏ فلو أعلم إني إن زدت على السبعين غفر له لزدت ‏.‏
قال ‏:‏ ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومشى معه حتى قام على قبره ، حتى فرغ منه ، قال ‏:‏ فعجبت لي ولجرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ورسوله أعلم ‏.‏ فوالله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان ‏:‏ ‏(‏ ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ‏)‏ فما صلى رسول الله صل الله عليه وسلم بعده على منافق ، حتى قبضة الله تعالى ‏.‏
 ما نزل في المستأذنين والمعذرين والبكائين ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم ‏)‏ وكان ابن أبي من أولئك ، فنعى الله ذلك عليه ، وذكره منه ، ثم قال تعالى ‏:‏
‏(‏ لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله ‏)‏ إلى أخر القصة ‏.‏
وكان المعذرون - فيما بلغني - نفرا من بني غفار منهم خفاف بن أيماء بن رحضة ، ثم كانت القصة لأهل العذر ، حتى انتهى إلى قوله ‏:‏ ‏(‏ ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون ‏)‏ وهم البكاءون ‏.‏
ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون ‏)‏ الخوالف ‏:‏ النساء ‏.‏
ثم ذكر حلفهم للمسلمين واعتذراهم فقال ‏:‏ ‏(‏ فأعرضوا عنهم ‏)‏ إلى قوله تعالى ‏:‏ ‏(‏ فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين ‏)‏ ‏.‏
 ما نزل في منافقي الأعراب ‏:‏
ثم ذكر الأعراب ومن نافق منهم وتربصهم برسول الله صل الله عليه وسلم وبالمؤمنين ، فقال ‏:‏ ‏(‏ ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق ‏)‏ أي ‏:‏ من صدقة أو نفقة في سبيل الله ‏(‏ مغرماً ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم ‏.)‏
 ما نزل في المخلصين من الأعراب ‏:‏
ثم ذكر الأعراب أهل الإخلاص والإيمان منهم ، فقال ‏:‏ ‏(‏ ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم ‏)‏ ‏.‏
 ما نزل في السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان
ثم ذكر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، وفضلهم ، وما وعدهم الله من حسن ثوابه إياهم ، ثم ألحق بهم التابعين لهم بإحسان ، فقال ‏:‏ ‏(‏ رضي الله عنهم ورضوا عنه ‏)‏ ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق ‏)‏ أي ‏:‏ لجوا فيه وأبوا غيره ‏(‏ سنعذبهم مرتين ‏)‏ والعذاب الذي أوعده الله تعالى مرتين ، فيما بلغني ، غمهم بما هم فيه من أمر الإسلام ، وما يدخل عليهم من غيظ ذلك على غير حسبة ، ثم عذابهم في القبور إذا صاروا إليها ، ثم العذاب العظيم الذين يردون إليه ، عذاب النار والخلد فيه ‏.‏ ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم ‏)‏ ‏.‏
ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ‏)‏ إلى أخر القصة ، ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ‏)‏ وهم الثلاثة الذين خلفوا ، وأرجأ رسول الله صل الله عليه وسلم أمرهم حتى أتت من الله توبتهم ، ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ والذين اتخذوا مسجداً ضراراً ‏)‏ إلى أخر القصة ، ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ‏)‏ ثم كان قصة الخبر عن تبوك ، وما كان فيها إلى أخر السورة ‏.‏
وكانت براءة تسمى في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وبعده المبعثرة ، لما كشفت من سرائر الناس ‏.‏ وكانت تبوك أخر غزوة غزاها رسول الله صل الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75782
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

حج أبى بكر بالناس Empty
مُساهمةموضوع: رد: حج أبى بكر بالناس   حج أبى بكر بالناس Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018, 9:55 pm

سنة الوفود


ذكر سنة تسع وتسميتها سنة الوفود ونزول سورة الفتح
 انقياد العرب وإسلامهم
قال ابن إسحاق ‏:‏ لما فتح رسول الله صل الله عليه وسلم مكة ، وفرغ من تبوك ، وأسلمت ثقيف ، وبايعت ضربت إليه وفود العرب من كل وجه ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏حدثني أبو عبيدة ‏:‏ أن ذلك في سنة تسع ، وأنها كانت تسمى سنة الوفود ‏.‏
 إذا جاء نصر الله والفتح
قال ابن إسحاق ‏:‏ وإنما كانت العرب تربص بالإسلام أمر هذا الحي من قريش ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن قريشاً كانوا إمام الناس وهاديهم ، وأهل البيت الحرام ، وصريح ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ، وقادة العرب لا ينكرون ذلك ‏.‏ وكانت قريش هي التي نصبت لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافه ، فلما افتتحت مكة ، ودانت له قريش ، ودوخها الإسلام ، وعرفت العرب أنه لا طاقة لهم بحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عداوته ، فدخلوا في دين الله كما قال عز وجل أفواجا يضربون إليه من كل وجه يقول الله تعالى لنبيه صل الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً ‏)‏ أي ‏:‏ فاحمد الله علي ما أظهر من دينك واستغفره إنه كان توابا ‏.‏
 قدوم وفد بني تميم ونزول سورة الحجرات ‏:‏
 رجال الوفد
فقدمت على رسول الله صل الله عليه وسلم وفود العرب ، فقدم عليه عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس التميمي ، في أشراف بني تميم ، منهم الأقرع بن حابس التميمي ، والزبرقان بن بدر التميمي ، أحد بني سعد ، وعمرو بن الأهتم ، والحبحاب بن يزيد ‏.‏
 الحتات وما أخذه معاوية من ميراثه ‏:‏
قال ابن هشام ‏:‏الحتات وهو الذي آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان ، وكان رسول الله صل الله عليه وسلم قد آخى بين نفر من أصحابه من المهاجرين ، بين أبي بكر وعمر ، وبين عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف ، وبين طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام ، وبين أبي ذر الغفاري والمقداد بن عمرو البهراني ، وبين معاوية بن أبي سفيان والحتات بن يزيد المجاشعي ، فمات الحتات عند معاوية في خلافته ، فأخذ معاوية ما ترك وراثة بهذه الأخوة ، فقال الفرزدق لمعاوية ‏:‏
أبوك وعمي يا معاوية أورثا * تراثا فيحتاز التراث أقاربه
فما بال ميراث الحتات أكلته * وميراث حرب جامد لك ذائبه
وهذان البيتان في أبيات له ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏
وفي وفد بني تميم نعيم بن يزيد ،وقيس بن الحارث ، وقيس بن عاصم ، أخو بني سعد ، في وفد عظيم من بني تميم ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏وعطارد بن حاجب ، أحد بني دارم بن مالك بن حنظلة ابن زيد مناة بن تميم ، والأقرع بن حابس ، أحد بني دارم بن مالك ، والحتات بن يزيد ، أحد بني دارم بن مالك ، والزبرقان بن بدر ، أحد بني بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم ، وعمرو بن الأهتم ، أحد بني منقر بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم ، وقيس بن عاصم أحد بني منقر بن عبيد بن الحارث ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ومعهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري ، وقد كان الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن شهدا مع رسول الله صل الله عليه وسلم فتح مكة وحنيناً والطائف ‏.‏
 أصحاب الحجرات وطلبهم المفاخرة ‏:‏
فلما قدم وفد بني تميم كانا معهم ، فلما دخل وفد بني تميم المسجد نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء حجراته ‏:‏ أن اخرج إلينا يا محمد ، فآذى ذلك رسول الله صل الله عليه وسلم من صياحهم ، فخرج إليهم ، فقالوا ‏:‏ يا محمد جئناك نفاخرك ، فأذن لشاعرنا وخطيبنا ؛ قال ‏:‏ قد أذنت لخطيبكم فليقل ‏:‏
 كلمة عطارد يفتخر قومه
فقام عطارد بن حاجب فقال ‏:‏
الحمد لله الذي له علينا الفضل المن ،وهو أهله الذي جعلنا ملوكاً ، ووهب لنا أموالاً عظاما ، نفعل فيها المعروف ، وجعلنا أعز أهل المشرق ، وأكثره عدداً ، وأيسره عدة ، فمن مثلنا في الناس وأولي فضلهم ‏؟‏ فمن فاخرنا فليعدد مثل ما عددنا ، ولو نشاء لأكثرنا الكلام ،ولكنا نحيا من الإكثار فيما أعطانا ، وإنا نعرف بذلك ‏.‏
أقول هذا لأن تأتوا بمثل قولنا ، وأمر أفضل من أمرنا ‏.‏ ثم جلس ‏.‏
 ثابت بن قيس يرد على عطارد
فقال رسول الله صل الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن الشماس ، أخي بني الحارث بن الخزرج ‏:‏ قم فأجب الرجل في خطبته ، فقام ثابت ، فقال ‏:‏
الحمد لله الذي السماوات والأرض خلقه ، قضى فيهن أمره ، ووسع كرسيه علمه ، ولم يك شيء قط إلا من فضله ، ثم كان من قدرته أن جعلنا ملوكاً ، واصطفى من خير خلقه رسولا ، أكرمه نسبا ، وأصدقه حديثاً ، وأفضله حسباً ، فأنزل عليه كتابه ، وائتمنه على خلقه ، فكان خيرة الله من العالمين ، ثم دعا الناس إلى الإيمان به ، فآمن برسول الله المهاجرون من قومه وذوو رحمه ، أكرم الناس حسباً وأحسن الناس وجوها ، وخير الناس فعالا ‏.‏
ثم كان أول الخلق إجابة ، واستجاب لله حين دعاه رسول الله صل الله عليه وسلم نحن ، فنحن أنصار الله ووزراء رسوله ، نقاتل الناس حتى يؤمنوا بالله ، فمن آمن بالله ورسوله منع منا ماله ودمه ، ومن كفر جاهدناه في الله أبداً ، وكان قتله علينا يسيراً ‏.‏ أقول قولي هذا واستغفر الله لي وللمؤمنين والمؤمنات ، والسلام عليكم
إسلام الوفد ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فلما فرغ حسان بن ثابت من قوله ، قال الأقرع بن حابس ‏:‏وأبى ، إن هذا الرجل لمؤتى له ، لخطيبه أخطب من خطيبنا ، ولشاعره أشعر من شاعرنا ، ولأصواتهم أحلى من أصواتنا ، فلما فرغ القوم أسلموا ، وجوزهم رسول الله صل الله عليه وسلم فأحسن جوائزهم

 قصة عامر بن الطفيل وأربد بن قيس في الوفادة عن بني عامر
 رؤساء الوفد ‏:‏
وقدم على رسول الله صل الله عليه وسلم وفد بني عامر ، فيهم عامر بن الطفيل وأربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر ، وجبار بن سلمى بن مالك بن جعفر ، وكان هؤلاء الثلاثة رؤساء القوم وشياطينهم ‏.‏
 عامر يدبر الغدر بالرسول ‏:‏
فقدم عامر بن الطفيل عدو الله ، على رسول الله صل الله عليه وسلم ، وهو يريد الغدر به ، وقد قال له قومه ‏:‏ يا عامر ، إن الناس قد أسلموا فأسلم ، قال ‏:‏ والله لقد كنت آليت أن لا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي ، أفأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش ‏!‏ ثم قال لأربد ‏:‏ إذا قدمنا على الرجل ، فإني سأشغل عنك وجهه ، فإذا فعلت ذلك فاعله بالسيف ‏.‏
فلما قدموا على رسول الله صل الله عليه وسلم ، قال عامر بن الطفيل ‏:‏ يا محمد ، خالني ، قال ‏:‏ لا والله ، حتى تؤمن بالله وحده ، قال ‏:‏ يا محمد ، خالني ، وجعل يكلمه وينتظر من أربد ما كان أمره به فجعل أربد لا يخير شيئاً ، قال ‏:‏ فلما رأى عامر ما يصنع أربد ، قال ‏:‏ يا محمد خالني ، قال ‏:‏ لا حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له ‏.‏
فلما أبي عليه رسول الله صل الله عليه وسلم قال ‏:‏ أما والله لأملأنها عليك خيلاً ورجالاً ‏.‏
فلما ولي قال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ اللهم اكفني عامر بن الطفيل ‏.‏
فلما خرجوا من عند رسول الله صل الله عليه وسلم قال عامر لأربد ‏:‏ ويلك يا أربد ‏!‏ أين ما كنت أمرتك به ‏؟‏ والله ما كان على ظهر الأرض رجل هو أخوف عندي على نفسي منك ، وأيم الله لا أخافك بعد اليوم أبداً ، قال ‏:‏ لا أبا لك ‏!‏ لا تعجل علي ، والله ما هممت بالذي أمرتني به من أمره إلا دخلت بيني وبين الرجل ، حتى ما أرى غيرك أفأضربك بالسيف ‏؟‏ ‏.‏
 موت عامر بدعاء الرسول عليه ‏:‏
وخرجوا راجعين إلى بلادهم ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه ، فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول ، فجعل يقول ‏:‏ يا بني عامر ، أغدة كغدة البكر في بيت امرأة من بني سلول ‏!‏ ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ويقال أغدة كغدة الإبل ، وموتا في بيت سلولية ‏!‏ ‏.‏
 موت أربد بصاعقة
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم خرج أصحابه حين واروه ، حين قدموا أرض بني عامر شاتين ، فلما قدموا أتاهم قومهم ، فقالوا ‏:‏ ما وراءك يا أربد ‏؟‏
قال ‏:‏ لا شيء والله ، لقد دعانا إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي الآن ، فأرميه بالنبل حتى أقتله ، فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين معه جمل له يتبعه ، فأرسل الله تعالى عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما ‏.‏وكان أربد بن قيس أخا لبيد بن ربيعة لأمه ‏.‏
 ما نزل في عامر وأربد
قال ابن هشام ‏:‏ وذكر زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عباس قال ‏:‏ وأنزل الله عز وجل في عامر وأربد ‏(‏ الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد ‏)‏ إلى قوله ‏:‏ ‏(‏ وما لهم من دونه من وال ‏)‏ ‏.‏
قال ‏:‏ المعقبات هي من أمر الله يحفظون محمداً ، ثم ذكر أربد وما قتله الله به فقال ‏:‏ ‏(‏ ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء ‏)‏ إلى قوله ‏:‏ ‏(‏ شديد المحال ‏)‏ ‏.‏
 قدوم ضمام بن ثعلبة وافدا عن بني سعد بن بكر
قال ابن إسحاق ‏:‏ وبعث بنو سعد بن بكر إلى رسول الله صل الله عليه وسلم رجلا منهم يقال له ضمام بن ثعلبة
 إسلامه ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني محمد بن الوليد بن نويفع عن كريب ، مولى عبدالله بن عباس ، عن ابن عباس قال ‏:‏
بعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدم عليه وأناخ بعيره على باب المسجد ، ثم عقله ، ثم دخل إلى المسجد ورسول الله صل الله عليه وسلم جالس في أصحابه ‏.‏
وكان ضمام رجلاً جلداً أشعر ذا غديرتين ، فأقبل حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه ، فقال ‏:‏ أيكم ابن عبدالمطلب قال ‏:‏ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ أنا ابن عبدالمطلب ‏.‏
قال ‏:‏ أمحمد ‏؟‏ قال ‏:‏ نعم ‏.‏ قال ‏:‏ ياابن عبدالمطلب ، إني سائلك ومغلظ عليك في المسألة ، فلا تجدن في نفسك ، قال ‏:‏ لا أجد في نفسي ، فسل عما بداً لك ‏.‏
قال ‏:‏ أنشدك الله ، إلهك وإله من كان قبلك ، وإله من كائن بعدك ، آلله بعثك إلينا رسولا ‏؟‏ قال ‏:‏ اللهم نعم ‏.‏
قال ‏:‏ فأنشدك الله إلهك وإله من كان قبلك ، وإله من هو كائن بعدك ، آلله أمرك أن تأمرنا أن نعبده وحده لا نشرك به شيئا ، وأن نخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون معه ‏؟‏ قال ‏:‏ اللهم نعم ‏.‏
قال ‏:‏ فأنشدك الله إلهك وإله من كان قبلك ، وإله من هو كائن بعدك ، آلله أمرك أن تصلى هذه الصلوات الخمس ‏؟‏ قال ‏:‏ اللهم نعم ‏.‏
قال ‏:‏ ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة ‏:‏ الزكاة والصيام والحج وشرائع الإسلام كلها ، ينشده عند كل فريضة منها كما ينشده في التي قبلها ، حتى إذا فرغ ، قال ‏:‏ فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ، وسأؤدي هذه الفرائض ، وأجتنب ما نهيتني عنه ، ثم لا أزيد ولا أنقص ، ثم انصرف إلى بعيره راجعاً ‏.‏
قال ‏:‏ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ إن صدق ذو العقيصتين دخل الجنة ‏.‏
 دعوة قومه للإسلام
قال فأتى بعيره فأطلق عقاله ، ثم خرج حتى قدم على قومه ، فاجتمعوا إليه ، فكان أول ما تكلم به أن قال ‏:‏ بئست اللات والعزى ‏!‏ قالوا ‏:‏ مه ، يا ضمام اتق البرص ، اتق الجنون ، قال ‏:‏ ويلكم إنهما والله لا يضران ولا ينفعان ، إن الله قد بعث رسولاً ، وأنزل عليه كتاباً استنقذكم به مما كنتم فيه ، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ، وما نهاكم عنه ، قال ‏:‏ فوالله ما أمسى من ذلك اليوم في حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلماً ‏.‏
قال ‏:‏ يقول عبدالله بن عباس ‏:‏ فما سمعنا بوافد قدم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة ‏.‏
 قدوم الجارود في وفد عبدالقيس
قال ابن إسحاق ‏:‏ وقدم على رسول الله صل الله عليه وسلم الجارود بن عمرو بن خنش أخو عبدالقيس ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏الجارود بن بشر بن المعلى في وفد عبدالقيس وكان نصرانياً
 إسلامه
قال ابن إسحاق ‏:‏ حدثني من لا أتهم عن الحسن قال ‏:‏
لما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمه ، فعرض عليه رسول الله صل الله عليه وسلم الإسلام ، ودعاه إليه ، ورغبه فيه ، فقال ‏:‏
يا محمد إني قد كنت على دين ، وإني تارك ديني لدينك ، أفتضمن لي ديني ‏؟‏ قال ‏:‏ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ نعم ، أنا ضامن أن قد هداك الله إلى ما هو خير منه ‏.‏
قال ‏:‏ فأسلم وأسلم أصحابه ، ثم سأل رسول الله صل الله عليه وسلم الحملان ، فقال ‏:‏ والله ما عندي ما أحملكم عليه ، قال ‏:‏ يا رسول الله ، فإن بيننا وبين بلادنا ضوال من ضوال الناس ، أفنتبلغ عليها إلى بلادنا ‏؟‏ قال ‏:‏ لا ، إياك وإياها ‏.‏ فإنما تلك حرق النار ‏.‏
 موقفه من ردة قومه
فخرج من عنده الجارود راجعاً إلى قومه ، وكان حسن الإسلام ، صلباً على دينه ، حتى هلك وقد أدرك الردة ، فلما رجع من قومه من كان أسلم منهم إلى دينهم الأول مع الغرور بن المنذر بن النعمان بن المنذر ، قام الجارود فتكلم ، فتشهد شهادة الحق ، ودعا إلى الإسلام فقال ‏:‏ أيها الناس إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وأكفر من لم يشهد ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ويروى ‏:‏ وأكفي من لم يشهد ‏.‏
 إسلام المنذر بن ساوى
قال ابن إسحاق ‏:‏ وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث العلاء بن الحضرمي قبل فتح مكة إلى المنذر بن ساوى العبدي ، فأسلم فحسن إسلامه ، ثم هلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ردة أهل البحرين ، والعلاء عنده أميراً لرسول الله صل الله عليه وسلم على البحرين ‏.‏
 قدوم وفد بني حنيفة ومعهم مسيلمة الكذاب
وقدم على رسول الله صل الله عليه وسلم وفد بني حنيفة ، فيهم مسيلمة بن حبيب الحنفي الكذاب ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏مسيلمة بن ثمامة ، ويكنى أبا ثمامة ‏.‏
 ما طلبه مسيلمة الكذاب من الرسول صل الله عليه وسلم ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فكان منزلهم في دار بنت الحارث امرأة من الأنصار ، ثم من بني النجار ، فحدثني بعض علمائنا من المدينة أن بني حنيفة أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم تستره بالثياب ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه ، معه عسيب من سعف النخل ، في رأسه خوصات ، فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم يسترونه بالثياب ، كلمه وسأله ، فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ لو سألتني هذا العسيب ما أعطيتكه ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وقد حدثني شيخ من بني حنيفة من أهل اليمامة أن حديثه كان على غير هذا ‏.‏
زعم أن وفد بني حنيفة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخلفوا مسيلمة في رحالهم ، فلما أسلموا ذكروا مكانه ، فقالوا ‏:‏ يا رسول الله ، إنا قد خلفنا صاحبا لنا في رحالنا ، وفي ركابنا يحفظها لنا ، قال ‏:‏ فأمر له رسول الله صل الله عليه وسلم بمثل ما أمر به للقوم ؛ وقال ‏:‏
أما إنه ليس بشركم مكاناً أي ‏:‏ لحفظه ضيعة أصحابه ، وذلك الذي يريد رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
 تنبؤ مسيلمة
قال ‏:‏ ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاءوه بما أعطاه ، فلما انتهوا إلى اليمامة ، ارتد عدو الله وتنبأ وتكذب لهم ، وقال ‏:‏ إني قد أشركت في الأمر معه ‏.‏ وقال لوفده الذين كانوا معه ‏:‏ ألم يقل لكم حين ذكرتموني له أما إنه ليس بشركم مكاناً ، ما ذاك إلا لما كان يعلم أني قد أشركت في الأمر معه ، ثم جعل يسجع لهم الأساجيع ، ويقول لهم ‏:‏ فيما يقول مضاهاة للقرآن ‏:‏ ‏(‏ لقد أنعم الله على الحبلى ، أخرج منها نسمة تسعى ، من بين صفاق وحشى ‏)‏ وأحل لهم الخمر والزنا ، ووضع عنهم الصلاة ، وهو مع ذلك يشهد لرسول الله صل الله عليه وسلم بأنه نبي ، فأصفقت معه حنيفة على ذلك ، فالله اعلم أي ذلك كان ‏.‏

 قدوم زيد الخيل في وفد طيئ
 إسلامه
قال ابن إسحاق ‏:‏ وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد طيئ ، فيهم زيد الخيل ، وهو سيدهم ، فلما انتهوا إليه كلموه وعرض عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام ، فأسلموا ، فحسن إسلامهم ؛ وقال رسول الله صل الله عليه وسلم كما حدثني من لا أتهم من رجال طيئ ‏:‏
ما ذكر لي رجل من العرب بفضل ثم جاءني ، إلا رأيته دون ما يقال فيه ، إلا زيد الخيل ، فإنه لم يبلغ كل ما كان فيه ‏.‏ ثم سماه رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ زيد الخير ، وقطع له فيدا وأرضين معه ؛ وكتب له بذلك ‏.‏
 موت زيد الخير
فخرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعاً إلى قومه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ إن ينج زيد من حمى المدينة فإنه قال ‏:‏ قد سماها رسول الله صل الله عليه وسلم باسم غير الحمى ، وغير أم ملدم ، فلم يثبته ، فلما انتهى من بلد نجد إلى ماء من مياهه ، يقال له فردة أصابته الحمى بها فمات ، ولما أحس زيد بالموت قال ‏:‏
أمرتحل قوم المشارق غدوة * وأترك في بيت بفردة منجد
ألا رب يوم لو مرضت لعادني * عوائد من لم يبر منهن يجهد
فلما مات عمدت امرأته إلى ما كان معه من كتبه ، التي قطع له رسول الله صل الله عليه وسلم ، فحرقتها بالنار ‏.‏
 قدوم عدي بن حاتم
 هربه أولا إلى الشام فرارا من الإسلام
وأما عدي بن حاتم فكان يقول ، فيما بلغني ‏:‏ ما من رجل من العرب كان اشد كراهية لرسول الله صل الله عليه وسلم حين سمع به مني ، أما أنا فكنت امرأ شريفاً ، وكنت نصرانياً ، وكنت أسير في قومي بالمرباع ، فكنت في نفسي على دين ، وكنت ملكاً في قومي ، لما كان يصنع بي ‏.‏
فلما سمعت برسول الله صل الله عليه وسلم كرهته ، فقلت لغلام كان لي عربي ، راعيا لإبلي ‏:‏ لا أبا لك أعدد لي من إبلي أجمالا ذللاً سماناً ‏.‏ فاحتبسها قريباً مني ، فإذا سمعت بجيش لمحمد قد وطىء هذه البلاد فآذني ؛ ففعل ؛ ثم إنه أتاني ذات غداة ، فقال ‏:‏ يا عدي ما كنت صانعاً إذا غشيتك خيل محمد فاصنعه الآن ، فإني قد رأيت رايات ، فسألت عنها ، فقالوا ‏:‏ هذه جيوش محمد ، قال ‏:‏ فقلت ‏:‏ فقرب إلي أجمالي ، فقربها فاحتملت بأهلي وولدي ، ثم قلت ‏:‏ ألحق بأهل ديني من النصارى بالشام ، فسلكت الجوشية ، ويقال ‏:‏ الحوشية ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏وخلفت بنتا لحاتم في الحاضر ، فلما قدمت الشام أقمت بها ‏.‏
 أسر الرسول ابنة حاتم
وتخالفني خيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتصيب ابنة حاتم ، فيمن أصابت ، فقدم بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبايا من طيئ ، وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم هربي إلى الشام ، قال ‏:‏ فجعلت بنت حاتم في حظيرة بباب المسجد ، كانت السبايا يحبسن فيها ، فمر بها رسول الله صل الله عليه وسلم فقامت إليه ، وكانت امرأة جزلة ، فقالت ‏:‏ يا رسول الله ، هلك الولد ، وغاب الوافد ، فامنن علي من الله عليك ‏.‏ قال ‏:‏ من وافدك ‏؟‏ قالت ‏:‏ عدي بن حاتم ‏.‏ قال ‏:‏ الفار من الله ورسوله ‏؟‏
قالت ‏:‏ ثم مضى رسول الله صل الله عليه وسلم وتركني ، حتى إذا كان من الغد مر بي ، فقلت له مثل ذلك وقال لي مثل ما قال بالأمس ‏.‏
قالت ‏:‏ حتى إذا كان بعد الغد مر بي ، وقد يئست منه ، فأشار إلي رجل من خلفه أن قومي فكلميه ، قالت ‏:‏ فقمت إليه ، فقلت ‏:‏
يا رسول الله ، هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فامنن علي من الله عليك ‏.‏ فقال صل الله عليه وسلم ‏:‏ قد فعلت فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة ، حتى يبلغك إلى بلادك ، ثم آذنيني ‏.‏
فسألت عن الرجل الذي أشار إلى أن أكلمه ، فقيل ‏:‏ علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ‏.‏
وأقمت حتى قدم ركب من بلي أو قضاعة ، قالت ‏:‏ وإنما أريد أن آتي أخي بالشام ‏.‏ فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ‏:‏ يا رسول الله ، قد قدم رهط من قومي ، لي فيهم ثقة وبلاغ ‏.‏ قالت ‏:‏ فكساني رسول الله صل الله عليه وسلم ، وحملني ، وأعطاني نفقة ، فخرجت معهم حتى قدمت الشام ‏.‏
 نصيحة ابنة حاتم أخاها بالإسلام
قال عدي ‏:‏ فوالله إني لقاعد في أهلي إذ نظرت إلى ظعينة تصوب إلي تَؤُمُّنا ، قال ‏:‏ فقلت ابنة حاتم ‏.‏ قال ‏:‏ فإذا هي هي ، فلما وقفت علي انسحلت تقول ‏:‏ القاطع الظالم ، احتملت بأهلك وولدك ، وتركت بقية والدك عورتك ‏!‏ قال ‏:‏ قلت ‏:‏ أي أخيه لا تقولي إلا خيرا ، فوالله ما لي من عذر لقد صنعت ما ذكرت ‏.‏ قال ‏:‏ ثم نزلت فأقامت عندي ، فقلت لها ‏:‏ وكان امرأة حازمة ، ماذا ترين في أمر هذا الرجل ‏؟‏ قالت ‏:‏ أرى والله أن تلحق به سريعاً ، فإن يكن الرجل نبيا فللسابق إليه فضله ، وإن يكن ملكاً فلن تذل في عز اليمن ، وأنت أنت ‏.‏ قال ‏:‏ قلت ‏:‏ والله إن هذا الرأي ‏.‏
 إسلام عدي بعد قدومه على رسول الله صل الله عليه وسلم
قال فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فدخلت عليه وهو في مسجده ، فسلمت عليه ، فقال ‏:‏ من الرجل ‏؟‏ فقلت ‏:‏ عدي بن حاتم ، فقام رسول الله صل الله عليه وسلم ، فانطلق بي إلى بيته ، فوالله إنه لعامد بي إليه ، إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة ، فاستوقفته ، فوقف لها طويلاً تكلمه في حاجتها ‏.‏
قال ‏:‏ قلت في نفسي ‏:‏ والله ما هذا بملك ‏!‏
قال ‏:‏ ثم مضى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا دخل في بيته ، تناول وسادة في أدم محشوة ليفا ، فقذفها إلي ، فقال ‏:‏ اجلس على هذه ، قال ‏:‏ قلت ‏:‏ بل أنت فاجلس عليها ، فقال ‏:‏ بل أنت ، فجلست عليها ، وجلس رسول الله صل الله عليه وسلم بالأرض ‏.‏
قال ‏:‏ قلت في نفسي ‏:‏ والله ما هذا بأمر ملك ‏.‏
ثم قال ‏:‏ إيه يا عدي بن حاتم ، ألم تك ركوسيا ‏؟‏ قال ‏:‏ قلت ‏:‏ بلى ، قال ‏:‏ أو لم تكن تسير في قومك بالمرباع ‏؟‏ قال ‏:‏ قلت ‏:‏ بلى ، قال ‏:‏ فإن ذلك يكن يحل لك في دينك ، قال ‏:‏ قلت ‏:‏ أجل والله ‏.‏
وقال ‏:‏ وعرفت أنه نبي مرسل يعلم ما يجهل ‏.‏
ثم قال ‏:‏ لعلك يا عدي إنما يمنعك من دخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم ، فوالله ليوشكن المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه ،
ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه ما ترى من كثرة عدوهم ، وقلة
عددهم ، فوالله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت ، لا تخاف ‏.‏
ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم ، وأيم الله ، ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم ، قال ‏:‏ فأسلمت ‏.‏
وكان عدي يقول ‏:‏ قد مضت اثنتان وبقيت الثالثة ، والله لتكونن ، قد رأيت القصور البيض من أرض بابل قد فتحت ، وقد رأيت المرأة تخرج من القادسية على بعيرها ، لا تخاف حتى تحج هذا البيت ، وأيم الله لتكون الثالثة ، ليفيض المال حتى لا يوجد من يأخذه ‏.‏
 قدوم فروة بن مسيك المرادي
قال ابن إسحاق ‏:‏ وقدم فروة بن مسيك المرادي على رسول الله صلى الله عليه وسلم مفارقاً لملوك كندة ، ومباعداً لهم إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
 يوم الردم بين همدان ومراد
وقد كان قبيل الإسلام بين مراد وهمدان وقعة ، أصابت فيها همدان من مراد ما أرادوا ، حتى أثخنوهم في يوم كان يقال له ‏:‏ يوم الردم ، فكان الذي قاد همدان إلى مراد الأجدع بن مالك في ذلك اليوم ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏الذي قاد همدان في ذلك اليوم مالك بن حريم الهمداني
 قدوم عمرو بن معديكرب في أناس من بني زبيد
 إسلام عمرو ‏:‏
وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن معديكرب في أناس من بني زبيد ، فأسلم ، وكان عمرو قد قال لقيس بن مكشوح المرادي ، حين انتهى إليهم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ يا قيس ، إنك سيد قومك ، وقد ذكر لنا أن رجلاً من قريش يقال له محمد قد خرج بالحجاز ، يقول إنه نبي ، فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه ، فإن كان نبياً كما يقول ، فإنه لن يخفي عليك ، وإذا لقيناه اتبعناه ، وإن كان غير ذلك علمنا علمه ، فأبي عليه قيس ذلك ، وسفه رأيه ، فركب عمرو بن معديكرب حتى قدم على رسول الله صل الله عليه وسلم ، فأسلم ، وصدقه ، وآمن به
 ارتداد عمرو بعد موت الرسول
قال ابن إسحاق ‏:‏ فأقام عمرو بن معديكرب في قومه من بني زبيد ‏.‏ وعليهم فروة بن مسيك ، فلما توفي رسول الله صل الله عليه وسلم ارتد عمرو بن معديكرب ، وقال حين ارتد ‏:‏
وجدنا ملك فروة شر ملك * حمارا ساف منخره بثفر
وكنت إذا رأيت أبا عمير * ترى الحولاء من خبث وغدر
قال ابن هشام ‏:‏قوله ‏:‏ ‏(‏ بشفر ‏)‏ عن أبي عبيدة ‏.‏
 قدوم الأشعث بن قيس في وفد كندة
 إسلامه ومن معه
قال ابن إسحاق ‏:‏ وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الأشعث بن قيس ، في وفد كندة فحدثني الزهري بن شهاب أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمانين راكباً من كندة ، فدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده ، وقد رجلوا جممهم وتكحلوا ، وعليهم جبب الحبرة ، وقد كففوها بالحرير ، فلما دخلوا على رسول الله صل الله عليه وسلم قال ‏:‏ ألم تسلموا ‏؟‏ قالوا ‏:‏ بلى ، قال ‏:‏ فما بال هذا الحرير في أعناقكم ‏؟‏ قال ‏:‏ فشقوه منها ، فألقوه ‏.‏
 انتسابهم إلى آكل المرار
ثم قال الأشعث بن قيس ‏:‏ يا رسول الله ، نحن بنو آكل المرار ، وأنت ابن آكل المرار ، قال ‏:‏ فتبسم رسول الله صل الله عليه وسلم وقال ‏:‏ ناسبوا بهذا النسب العباس بن عبدالمطلب ، وربيعة بن الحارث ‏.‏
وكان العباس وربيعة رجلين تاجرين ، وكانا إذا شاعا في بعض العرب ، فسئلا ممن هما ‏.‏ قالا نحن بنو آكل المرار ، يتعززان بذلك ، وذلك أن كندة كانوا ملوكاً ، ثم قال لهم ‏:‏ لا بل نحن بنو النضر بن كنانة ، لا نقفوا أمنا ، ولا ننتفي من أبينا ، فقال الأشعث بن قيس ‏:‏
هل فرغتم يا معشر كندة ‏؟‏ والله لا اسمع رجلا يقولها إلا ضربته ثمانين ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ الأشعث بن قيس من ولد آكل المرار من قبل النساء ، وآكل المرار ‏:‏ الحارث بن عمرو بن حجر بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندى ؛ ويقال ‏:‏ كندة ، وإنما سمي آكل المرار ، لأن عمرو بن الهبولة الغساني أغار عليهم ، وكان الحارث غائبا ، فغنم وسبى ، وكان فيمن سبى أم أناس بنت عوف بن محلم الشيباني ، امرأة الحارث بن عمرو ، فقالت لعمرو في مسيره ‏:‏ لكأني برجل أدلم أسود ، كأن مشافره مشافر بعير آكل مرار قد أخذ برقبتك ، تعني الحارث ، فسمى آكل المرار ‏.‏ والمرار ‏:‏ شجر ‏.‏
ثم تبعه الحارث في بني بكر بن وائل ، فلحقه فقتله ، واستنقذ امرأته ، وما كان أصاب ، فقال الحارث بن حلزة اليشكري لعمرو بن المنذر ، وهو عمرو بن هند اللخمي ‏:‏
وأقدناك رب غسان بالمنذر * كرها إذ لا تكال الدماء
لأن الحارث الأعرج الغساني قتل المنذر أباه ، وهذا البيت في قصيدة له ‏.‏
وهذا الحديث أطول مما ذكرت ، وإنما منعني من استقصائه ما ذكرت من القطع ‏.‏
ويقال ‏:‏ بل آكل المرار ‏:‏ حجر بن عمرو بن معاوية ، وهو صاحب هذا الحديث ، وإنما سمي آكل المرار ، لأنه أكل هو وأصحابه في تلك الغزوة شجرا يقال له المرار ‏.‏
 قدوم صرد بن عبدالله الأزدي مسلما
 إسلامه
وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم صرد بن عبدالله الأزدي ، فأسلم ، وحسن إسلامه ، في وفد من الأزد ، فأمره رسول الله صل الله عليه وسلم على من أسلم من قومه ، وأمره أن يجاهد بمن أسلم من كان يليه من أهل الشرك ، من قبل اليمن ‏.‏
 قتاله أهل جرش
فخرج صرد بن عبدالله يسير بأمر رسول الله صل الله عليه وسلم ، حتى نزل بجرش ، وهي يومئذ مدينة مغلقة ، وبها قبائل من قبائل اليمن ، وقد ضوت إليهم خثعم ، فدخلوها معهم حين سمعوا بسير المسلمين إليهم ، فحاصروهم فيها قريباً من شهر ، وامتنعوا فيها منه ثم رجع عنهم قافلاً ، حتى إذا كان إلى جبل لهم يقال له شكر ، ظن أهل جرش أنه إنما ولي عنهم منهزما ، فخرجوا في طلبه ، حتى إذا أدركوه عطف عليهم ، فقتلهم قتلاً شديداً ‏.‏
 أخبار الرسول بما حدث
وقد كان أهل جرش بعثوا رجلين منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة يرتادان وينظران ، فبينا هما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية بعد صلاة العصر ، إذ قال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ بأي بلاد الله شكر ‏؟‏ فقام إليه الجرشيان ، فقالا ‏:‏ يا رسول الله ، ببلادنا جبلاً يقال له كشر ، وكذلك يسميه أهل جرش ، فقال ‏:‏ إنه ليس بكشر ، ولكنه شكر ، قالا ‏:‏ فما شأنه يا رسول الله ‏؟‏ قال ‏:‏ إن بدن الله لتنحر عنده الآن ‏.‏
قال ‏:‏ فجلس الرجلان إلى أبي بكر ، أو إلى عثمان ، فقال لهما ‏:‏ ويحكما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينعى لكما قومكما ، فقوما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاسألاه أن يدعو الله أن يرفع عن قومكما ، فقاما إليه ، فسألاه ذلك ، فقال ‏:‏ اللهم ارفع عنهم ‏.‏ فخرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى قومهما ، فوجدا قومهما قد أصيبوا يوم أصابهم صرد بن عبدالله ، في اليوم الذي قال فيه رسول الله صل الله عليه وسلم ما قال ، وفي الساعة التي ذكر فيها ما ذكر ‏.‏
 إسلام أهل جرش
وخرج وفد جرش حتى قدموا على رسول الله صل الله عليه وسلم فأسلموا ، وحمى لهم حول قريتهم ، على أعلام معلومة ، للفرس والراحلة وللمثيرة ، وبقرة الحرث ، فمن رعاه من الناس فمالهم سحت ، فقال في تلك الغزوة رجل من الأزد ، وكانت خثعم تصيب من الأزد في الجاهلية ، وكانوا يعدون في الشهر الحرام ‏:‏
يا غزوة ما غزونا غير خائبة * فيها البغال وفيها الخيل والحمر
حتى أتينا حمرا في مصانعها * وجمع خثعم قد شاعت لها النذر
إذا وضعت غليلا كنت أحمله * فما أبالي أدانوا بعد أم كفروا

 قدوم رسول الله ملوك حمير بكتابهم
 قدوم رسول ملوك حمير
وقدم على رسول الله صل الله عليه وسلم كتاب ملوك حمير ، مقدمة من تبوك ، ورسولهم إليه بإسلامهم ، الحارث بن عبد كلال ، ونعيم بن عبد كلال ، والنعمان ، قيل ذي رعين ومعافر وهمدان ؛ وبعث إليه زرعة ذو يزن مالك بن مرة الرهاوي بإسلامهم ، ومفارقتهم الشرك وأهله ‏.‏


... يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75782
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

حج أبى بكر بالناس Empty
مُساهمةموضوع: رد: حج أبى بكر بالناس   حج أبى بكر بالناس Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018, 9:57 pm

... تابع

سنة الوفود



 قدوم رسول الله ملوك حمير بكتابهم
 قدوم رسول ملوك حمير
وقدم على رسول الله صل الله عليه وسلم كتاب ملوك حمير ، مقدمة من تبوك ، ورسولهم إليه بإسلامهم ، الحارث بن عبد كلال ، ونعيم بن عبد كلال ، والنعمان ، قيل ذي رعين ومعافر وهمدان ؛ وبعث إليه زرعة ذو يزن مالك بن مرة الرهاوي بإسلامهم ، ومفارقتهم الشرك وأهله ‏.‏
 كتاب الرسول إليهم فكتب إليهم رسول الله صل الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم ‏:‏
من محمد رسول الله النبي ، إلى الحارث بن عبد كلال ، وإلى نعيم بن عبد كلال ، وإلى النعمان قيل ذي رعين ومعافر وهمدان ‏.‏
أما بعد ذلكم ‏:‏ فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ‏.‏
أما بعد ‏:‏ فإنه قد وقع بنا رسولكم منقلبنا من أرض الروم ، فلقينا بالمدينة ، فبلغ ما أرسلتم به ، وخبرنا ما قبلكم ، وأنبأنا بإسلامكم وقتلكم المشركين ، وأن الله قد هداكم بهداه ، إن أصلحتم وأطعتم الله ورسوله ، وأقمتم الصلاة ، وآتيتم الزكاة ، وأعطيتم من المغانم خمس الله ، وسهم الرسول وصفيه ، وما كتب على المؤمنين من الصدقة من العقار ، عشر ما سقت العين وسقت السماء ، وعلى ما سقى الغرب نصف العشر ‏.‏
وأن في الإبل الأربعين ابنة لبون ، وفي ثلاثين من الإبل ابن لبون ذكر ، وفي كل خمس من الإبل شاة ، وفي كل عشر من الإبل شاتان ، وفي كل أربعين من البقر بقرة ، وفي كل ثلاثين من البقر تبيع ، جذع أو جذعة ، وفي كل أربعين من الغنم سائمة وحدها ، شاة ‏.‏
وأنها فريضة الله التي فرض على المؤمنين في الصدقة ، فمن زاد خيرا فهو خير له ، ومن أدى ذلك ، وأشهد على إسلامه ، وظاهر المؤمنين على المشركين ، فإنه من المؤمنين ، له ما لهم ، وعليه ما عليهم ، وله ذمة الله وذمة رسوله ‏.‏
وإنه من أسلم من يهودي أو نصراني ، فإنه من المؤمنين ، له ما لهم ، وعليه ما عليهم ، ومن كان على يهوديته أو نصرانيته فإنه لا يرد عنها ، وعليه الجزية ، على كل حال ذكر أو أنثى ، حر أو عبد ، دينار واف ، من قيمة المعافر ، أو عوضه ثيابا ‏.‏
فمن أدى ذلك إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ، فإنه له ذمة الله وذمة رسوله ، ومن منعه فإنه عدو لله ولرسوله ‏.‏
أما بعد ‏:‏ فإن رسول الله محمداً النبي ، أرسل إلى زرعة ذي يزن ، أن إذا أتاكم رسلي فأوصيكم بهم خيراً ، معاذ بن جبل ، وعبدالله بن زيد ، ومالك بن عبادة ، وعقبة بن نمر ، ومالك بن مرة ، وأصحابهم ، وأن اجمعوا ما عندكم من الصدقة والجزية من مخالفيكم ، وأبلغوها رسلي ، وأن أميرهم معاذ بن جبل ، فلا ينقلبن إلا راضيا ‏.‏
أما بعد ‏:‏ فإن محمداً يشهد أن لا إله إلا الله وأنه عبده ورسوله ، ثم أن مالك بن مرة الرهاوي ، قد حدثني أنك أسلمت من أول حمير ، وقتلت المشركين ، فأبشر بخير ، وآمرك بحمير خيراً ، ولا تخونوا ولا تخاذلوا ، فإن رسول الله هو ولي غنيكم وفقيركم ، وأن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته ، إنما هي زكاة يزكى بها على فقراء المسلمين وابن السبيل ‏.‏
وأن مالكاً قد بلغ الخبر ، وحفظ الغيب ، وآمركم به خيراً ، وإني قد أرسلت إليهم من صالحي أهل وأولي دينهم وأولي علمهم ، وآمرك بهم خيراً ، فإنهم منظور إليهم ،والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

وصية الرسول معاذا حين بعثه إلى اليمن
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني عبدالله بن أبي بكر أنه حدث أن رسول الله صل الله عليه وسلم ، حين بعث معاذاً أوصاه ، وعهد إليه ، ثم قال له ‏:‏
يسر ولا تعسر ، وبشر ولا تنفر ، وإنك ستقدم على قوم من أهل الكتاب ، يسألونك ما مفتاح الجنة ‏؟‏ فقل ‏:‏ شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، فخرج معاذ ، حتى إذا قدم اليمن قام بما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتته امرأة من أهل اليمن ، فقالت ‏:‏ يا صاحب رسول الله ، ما حق زوج المرأة عليها ‏؟‏ قال ‏:‏ ويحك ‏!‏ إن المرأة لا تقدر على أن تؤدي حق زوجها ، فأجهدي نفسك في أداء حقه ما استطعت ، قال ‏:‏ والله لئن كنت صاحب رسول الله صل الله عليه وسلم إنك لتعلم ما حق الزوج على المرأة ‏.‏ قال ‏:‏ ويحك ‏!‏ لو رجعت إليه فوجدته تنثعب منخراه قيحاً ودماً فمصصت ذلك حتى تذهبيه ما أديت حقه ‏.‏
 إسلام فروة بن عمرو الجذامي
 إسلامه
قال ابن إسحاق ‏:‏ وبعث فروة بن عمرو النافرة الجذامي ، ثم النفاثي ، إلى رسول الله صل الله عليه وسلم رسولا بإسلامه ، وأهدى له بغلة بيضاء ، وكان فروة عاملاً للروم على من يليهم من العرب ، وكان منزله معان وما حولها من أرض الشام ‏.‏
 حبس الروم له وشعره ومقتله
فلما بلغ الروم ذلك من إسلامه ، طلبوه حتى أخذوه ، فحبسوه عندهم ، فقال في محبسه ذلك ‏:‏
طرقت سليمى موهنا أصحابي * والروم بين الباب والقروان
صد الخيال وساءه ما قد رأى * وهممت أن أغفى وقد أبكاني
لا تكحلن العين بعدي إثمدا * سلمى ولا تدين للإتيان
ولقد علمت أبا كبيشة أنني * وسط الأعزة لا يحص لساني
فلئن هلكت لتفقدن أخاكم * ولئن بقيت لتعرفن مكاني
ولقد جمعت أجل ما جمع الفتى * من جودة وشجاعة وبيان
فلما أجمعت الروم لصلبه على ماء لهم ، يقال له عفراء بفلسطين ، قال‏:‏
ألا هل أتى سلمى بأن حليلها * على ماء عفراء فوق إحدى الرواحل
على ناقة لم يضرب الفحل أمها * مشذبة أطرافها بالمناجل
فزعم الزهري بن شهاب أنهم لما قدموه ليقتلوه ، قال ‏:‏
بلغ سراة المسلمين بأنني * سلم لربي أعظمي ومقامي
ثم ضربوا عنقه ، وصلبوه ، على ذلك الماء ، يرحمه الله تعالى ‏.‏
إسلام بني الحارث بن كعب على يدي خالد بن الوليد لما سار إليهم
 دعوة خالد الناس إلى الإسلام وإسلامهم
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم بعث رسول الله صل الله عليه وسلم خالد بن الوليد ، في شهر ربيع الآخر أو جمادى الأولى ، سنة عشر إلى بني الحارث بن كعب بنجران ، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام ، قبل أن يقاتلهم ثلاثاً ، فإن استجابوا ، فاقبل منهم وإن لم يفعلوا فقاتلهم ‏.‏
فخرج خالد حتى قدم عليهم ، فبعث الركبان يضربون في كل وجه ، ويدعون إلى الإسلام ، ويقولون ‏:‏ أيها الناس ، أسلموا تسلموا ‏.‏
فأسلم الناس ، ودخلوا فيما دعوا إليه ، فأقام فيهم خالد يعلمهم الإسلام وكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وبذلك كان أمره رسول الله صل الله عليه وسلم إن هم أسلموا ولم يقاتلوا ‏.‏
 كتاب خالد إلى الرسول يسأله أمره
ثم كتب خالد بن الوليد إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏
بسم الله الرحمن الرحيم ‏:‏ لمحمد النبي رسول الله صل الله عليه وسلم ، من خالد بن الوليد ، السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله هو ‏.‏
أما بعد ‏:‏ يا رسول الله صلى الله عليك ، فإنك بعثتني إلى بني الحارث بن كعب ، وأمرتني إذا أتيتهم ألا أقاتلهم ثلاثة أيام ، وأن أدعوهم إلى الإسلام ، فإن أسلموا ، أقمت فيهم ، وقبلت منهم ، وعلمتهم معالم الإسلام وكتاب الله وسنة نبيه ، وإن لم يسلموا قاتلتهم ، وإني قدمت عليهم فدعوتهم إلى الإسلام ثلاثة أيام ، كما أمرني رسول الله صل الله عليه وسلم ، وبعثت فيهم ركباناً قالوا ‏:‏
يا بني الحارث ، أسلموا تسلموا ، فأسلموا ولم يقاتلوا ، وأنا مقيم بين أظهرهم ، آمرهم بما أمرهم الله به ، وأنهاهم عما نهاهم الله عنه ، وأعلمهم معالم الإسلام ، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى يكتب إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ،والسلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ‏.‏
 رد رسول الله صل الله عليه وسلم على خالد ‏:‏
فكتب إليه رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏
بسم الله الرحمن الرحيم ‏:‏ من محمد النبي رسول الله إلى خالد بن الوليد ، سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ‏.‏
أما بعد فإن كتابك جاءني مع رسولك تخبر أن بني الحارث بن كعب قد أسلموا قبل أن تقاتلهم ، وأجابوا إلى ما دعوتهم إليه من الإسلام ، وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبدالله ورسوله ، وأن قد هداهم الله بهداه ، فبشرهم وأنذرهم ، وليقبل معك وفدهم ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ‏.‏
 قدوم خالد مع وفدهم على الرسول
فأقبل خالد إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ، وأقبل معه بني الحارث بن كعب ، منهم قيس بن الحصين ذي الغصة ، ويزيد بن عبدالمدان ، ويزيد بن المحجل ، وعبدالله بن قراد الزيادي ، وشداد بن عبدالله القناني ، وعمرو بن عبدالله الضبابي ‏.‏
 حديث الرسول صل الله عليه وسلم معهم
فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآهم ، قال ‏:‏ من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند ‏؟‏ قيل ‏:‏ يا رسول الله ، هؤلاء رجال بني الحارث بن كعب ، فلما وقفوا على رسول الله صل الله عليه وسلم سلموا عليه ، وقالوا ‏:‏
نشهد أنك رسول الله وأنه لا إله إلا الله ، قال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ وأنا اشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ‏.‏
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ أنتم الذين إذا زجروا استقدموا ، فسكتوا ، فلم يراجعه منهم أحد ، ثم أعادها الثانية ، فلم يراجعه منهم أحد ، ثم أعادها الثالثة ، فلم يراجعه منهم أحد ، ثم أعادها الرابعة ، فقال يزيد بن عبدالمدان ‏:‏ نعم ، يا رسول الله ، نحن الذين إذا زجروا استقدموا ، قالها أربع مرار ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏
لو أن خالداً لم يكتب إلي أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا ، لألقيت رءوسكم تحت أقدامكم ، فقال يزيد بن عبدالمدان ‏:‏ أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خالداً ؛ قال ‏:‏ فمن حمدتم ‏؟‏ قالوا ‏:‏ حمدنا الله عز وجل الذي هدانا بك يا رسول الله ، قال ‏:‏ صدقتم ‏.‏
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ بم كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية ، قالوا ‏:‏ لم نكن نغلب أحداً ، قال ‏:‏ بلى ، قد كنتم تغلبون من قاتلكم ، قالوا ‏:‏ كنا نغلب من قاتلنا يا رسول الله إنا كنا نجتمع ولا نفترق ، ولا نبدأ أحدا بظلم ، قال ‏:‏ صدقتم وأمر رسول الله صل الله عليه وسلم على بني الحارث بن كعب قيس بن الحصين ‏.‏
فرجع وفد بني الحارث إلى قومهم في بقية من شوال، أو في صدر ذي القعدة ، فلم يمكثوا بعد أن رجعوا إلى قومهم إلا أربعة أشهر ، حتى توفي رسول الله صل الله عليه وسلم ، ورحم وبارك ، ورضي وأنعم ‏.‏
 الرسول يبعث عمرو بن حزم بعهده إليهم
وقد كان رسول الله صل الله عليه وسلم قد بعث إليهم بعد أن ولى وفدهم عمرو بن حزم ، ليفقههم في الدين ، ويعلمهم السنة ومعالم الإسلام ، ويأخذ منهم صدقاتهم ، وكتب له كتاباً عهد إليه فيه عهده ، وأمره فيه بأمره ‏.‏
بسم الله الرحمن الرحيم ‏:‏ هذا بيان من الله ورسوله ،يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ، عهد من محمد النبي رسول الله لعمرو بن حزم ، حين بعثه إلى اليمن ، أمره بتقوى الله في أمره كله ، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ، وأمره أن يأخذ بالحق كما أمره الله ، وأن يبشر الناس بالخير ، ويأمرهم به ، ويعلم الناس القرآن ، ويفقههم فيه ، وينهى الناس ‏.‏
فلا يمس القرآن إنسان إلا وهو طاهر ، ويخبر الناس بالذي لهم ، والذي عليهم ، ويلين للناس في الحق ، ويشتد عليهم في الظلم ، فإن الله كره الظلم ، ونهى الناس عنه ، فقال ‏:‏ ‏(‏ ألا لعنة الله على الظالمين ‏)‏ ويبشر الناس بالجنة وبعملها ، وينذر الناس النار وعملها ، ويستأنف الناس حتى يفقهوا في الدين ، ويعلم الناس معالم الحج وسنته وفريضته ، وما أمر الله به ، والحج الأكبر ‏:‏ الحج الأكبر ، والحج الأصغر‏:‏ هو العمرة ‏.‏
وينهى الناس أن يصلي أحد في ثوب واحد صغير ، إلا أن يكون ثوبا يثنى طرفيه على عاتقيه ، وينهى الناس أن يحتبي أحد في ثوب واحد ، يفضي بفرجه إلى السماء ، وينهى أن يعقص أحد شعر رأسه في قفاه ، وينهى إذا كان بين الناس هيج عن الدعاء إلى القبائل والعشائر ، وليكن دعواهم إلى الله عز وجل وحده لا شريك له ، فمن لم يدع إلى الله ، ودعا إلى القبائل والعشائر فليقطفوا بالسيف ، حتى تكون دعواهم إلى الله وحده لا شريك له ‏.‏
ويأمر الناس بإسباغ الوضوء وجوههم وأيديهم إلى المرافق وأرجلهم إلى الكعبين ، ويمسحون برؤوسهم كما أمرهم الله ‏.‏
وأمر بالصلاة لوقتها ، وإتمام الركوع والسجود والخشوع ، ويغلس بالصبح ، ويهجر بالهاجرة حين تميل الشمس ، وصلاة العصر والشمس في الأرض مدبرة ، والمغرب حين يقبل الليل ، لا يؤخر حتى تبدو النجوم في السماء ، والعشاء أول الليل ‏.‏
وأمر بالسعي إلى الجمعة إذا نودي لها ، والغسل عند الرواح إليها ‏.‏
وأمره أن يأخذ من المغانم خمس الله ، وما كتب على المؤمنين في الصدقة من العقار عشر ما سقت العين وسقت السماء ، وعلى ما سقى الغرب نصف العشر ، وفي كل عشر من الإبل شاتان ، وفي كل عشرين أربع شياه ، وفي كل أربعين من البقر بقرة ، وفي كل ثلاثين من البقر تبيع ، جذع أو جذعة ، وفي كل أربعين من الغنم سائمة وحدها ، شاة ، فإنها فريضة الله التي افترض على المؤمنين في الصدقة ، فمن زاد خيراً فهو خير له ‏.‏
وأنه من أسلم من يهودي أو نصراني إسلاماً خالصاً من نفسه ، ودان بدين الإسلام ، فإنه من المؤمنين ، له مثل ما لهم ، وعليه مثل ما عليهم ، ومن كان على نصرانيته أو يهوديته فإنه لا يرد عنها ، وعلى كل حالم ‏:‏ ذكر أو أنثى ، حر أو عبد ، دينار واف أو عوضه ثياباً ، فمن أدى ذلك فإن له ذمة الله وذمة رسوله ، ومن منع ذلك فإنه عدو لله ولرسوله وللمؤمنين جميعا ، صلوات الله على محمد ، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته ‏.‏
 قدوم رفاعة بن زيد الجذامي
 إسلامه وحمله كتاب الرسول إلى قومه ‏:‏
وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هدنة الحديبية ، قبل خيبر ، رفاعة بن زيد الجذامي ، ثم الضبيبي ، فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلاماً ، وأسلم فحسن إسلامه ، وكتب له رسول الله صل الله عليه وسلم كتاباً إلى قومه وفي كتابه ‏:‏
 كتاب الرسول إلى قوم رفاعة بن زيد ‏:‏
بسم الله الرحمن الرحيم ‏:‏ هذا كتاب من محمد رسول الله لرفاعة بن زيد ‏.‏
إني بعثته إلى قومه عامة ، ومن دخل فيهم ، يدعوهم إلى الله وإلى رسوله ، فمن أقبل منهم ففي حزب الله وحزب رسوله ، ومن أدبر فله أمان شهرين ‏.‏
فلما قدم رفاعة على قومه أجابوا وأسلموا ، ثم ساروا إلى الحرة ‏:‏ حرة الرجلاء ، ونزلوها ‏.‏
 قدوم وفد همدان
 من رجال الوفد ‏:‏
قال ابن هشام ‏:‏ وقدم وفد همدان على رسول الله صل الله عليه وسلم فيما حدثني من أثق به ، عن عمرو بن عبدالله بن أذينة العبدي ، عن أبي إسحاق السبيعي ، قال ‏:‏
قدم وفد همدان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، منهم مالك بن نمط ، وأبو ثور ، وهو ذو المشعار ، ومالك بن أيفع ، وضمام بن مالك السلماني ، وعميرة بن مالك الخارفي ، فلقوا رسول الله صل الله عليه وسلم مرجعه من تبوك ، وعليهم مقطعات الحبرات ، والعمائم العدنية ، برحال الميس على المهرية والأرحبية ، ومالك بن نمط ورجل أخر يرتجزان بالقوم ، يقول أحدهما ‏:‏
همدان خير سوقة وأقيال * ليس لها في العالمين أمثال
محلها الهضب ومنها الأبطال * لها إطابات بها وآكال
ويقول الآخر ‏:‏
إليك جاوزن سواد الريف * في هبوات الصيف والخريف
مخطمات بحبال الليف *
 خطبة مالك بن نمط بين يدي الرسول صل الله عليه وسلم
فقام مالك بن نمط بين يديه ، فقال ‏:‏ يا رسول الله نصية من همدان ، من كل حاضر وباد ، أتوك على قلص نواج متصلى بحبائل الإسلام ، لا تأخذهم في الله لومة لائم ، من مخلاف خارف ويام وشاكر أهل السود والقود ، أجابوا دعوة الرسول ، وفارقوا الآلهات والأنصاب ، عهدهم لا ينقض ما أقامت لعلع ، وماجرى اليعفور بصلع ‏.‏
فكتب لهم رسول الله صل الله عليه وسلم كتابًا فيه ‏:‏
 كتابه صل الله عليه وسلم لهم
بسم الله الرحمن الرحيم ‏:‏ هذا كتاب من رسول الله محمد ، لمخلاف خارف ، وأهل جناب الهضب ، وحقاف الرمل ، مع وافدها ذي المشعار مالك بن نمط ، ومن أسلم من قومه ، على أن لهم فراعها ووهاطها ، ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ، يأكلون علافها ، ويرعون عافيها ، لهم بذلك عهد الله وذمام رسوله ، وشاهدهم المهاجرون والأنصار ، فقال في ذلك مالك بن نمط ‏:‏
ذكرت رسول الله في فحمة الدجى * ونحن بأعلى رحرحان وصلدد
وهن بنا خوص طلائح تغتلي * بركبانها في لاحب متمدد
على كل فتلاء الذراعين جسرة * تمر بنا مر الهجيف الحفيدد
حلفت برب الراقصات إلى منى * صوادر بالركبان من هضب قردد
بأن رسول الله فينا مصدق * رسول أتى من عند ذي العرش مهتدي
فما حملت من ناقة فوق رحلها * أشد على أعدائه من محمد
وأعطى إذا ما طالب العرف جاءه * وأمضى بحد المشرفي المهند
 ذكر الكذابين مسيلمة الحنفي والأسود العنسي
قال ابن إسحاق ‏:‏ وقد كان تكلم في عهد رسول الله صل الله عليه وسلم الكذابان ، مسيلمة بن حبيب باليمامة في بني حنيفة ، والأسود بن كعب العنسي بصنعاء ‏.‏
 تحقق رؤياه صل الله عليه وسلم فيها
قال ابن إسحاق ‏:‏ حدثني يزيد بن عبدالله بن قسيط ، عن عطاء بن يسار ، أو أخيه سليمان بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، قال ‏:‏سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم وهو يخطب الناس على منبره ، وهو يقول ‏:‏
أيها الناس إني قد رأيت ليلة القدر ، ثم أنسيتها ، ورأيت في ذراعي سوارين من ذهب ، فكرهتهما فنفختهما فطار ، فأولتهما هذين الكذابين صاحب اليمن ، وصاحب اليمامة ‏.‏
 الرسول يتحدث عن الدجالين
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني من لا أتهم عن أبي هريرة ، أنه قال ‏:‏ سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول ‏:‏ لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالاً ، كلهم يدعي النبوة ‏.‏
 خروج الأمراء والعمال على الصدقات
قال ابن إسحاق ‏:‏ وكان رسول الله صل الله عليه وسلم قد بعث أمراءه وعماله على الصدقات إلى كل ما أوطأ الإسلام من البلدان ، فبعث المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة إلى صنعاء ، فخرج عليه العنسي وهو بها ‏.‏
وبعث زيد بن لبيد ، أخا بني بياضة الأنصاري إلى حضرموت وعلى صدقاتها ،
وبعث عدي بن حاتم على طيئ ، وصدقاتها وعلى بني أسد ‏.‏
وبعث مالك بن نويرة - قال ابن هشام ‏:‏ اليربوعي - على صدقات بني حنظلة ‏.‏
وفرق صدقة بني سعد على رجلين منهم ، فبعث الزبرقان بن بدر على ناحية منها ، وقيس بن عاصم على ناحية ، وكان قد بعث العلاء بن الحضرمي على البحرين ، وبعث علي بن أبي طالب رضوان الله عليه إلى أهل نجران ، ليجمع صدقتهم ويقدم عليه بجزيتهم ‏.‏
 كتاب مسيلمة إلى رسول الله صل الله عليه وسلم
وقد كان مسيلمة بن حبيب قد كتب إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، سلام عليك ؛ أما بعد فإني قد أشركت في الأمر معك ، وإن لنا نصف الأرض ، ولقريش نصف الأرض ، ولكن قريشاً قوم يعتدون ‏.‏
فقدم عليه رسولان له بهذا الكتاب ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني شيخ من أشجع ، عن سلمة بن نعيم بن مسعود الأشجعي ، عن أبيه نعيم ، قال ‏:‏ سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول لهما حين قرأ كتابه ‏:‏
فما تقولان أنتما ، قالا ‏:‏ نقول كما قال ‏:‏ فقال ‏:‏ أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما ‏.‏
 جوابه صل الله عليه وسلم على مسيلمة
ثم كتب إلى مسيلمة ‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم ‏:‏ من محمد رسول الله ، إلى مسيلمة الكذاب ، السلام على من ابتع الهدى ‏.‏ أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ‏.‏
وذلك في أخر سنة عشر ‏.‏
تم بعون الله الجزء الخامس من سيرة ابن هشام ، ويليه إن شاء الله الجزء السادس ، وأوله حجة الوداع أعان الله على إتمامه ‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
حج أبى بكر بالناس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة العلوم والمعارف :: الموسوعة الإسلامية الشاملة :: موسوعة السيرة النبوية-
انتقل الى: