إنه سحر يتجلى لنا في ليل عمان الرمضاني.. فيوما بعد يوم نشاهدها من على طلة مرتفعة
تتعربش عند أحد سفوح جبل الجوفة التاريخي !.
وتدور الكاميرا من هناك محلقة فوق معظم جبال عمان الشعبية، بمنازلها وشوارعها وحركة الناس والسيارات .. والكاميرا كما اعد لها المخرج هشام غيث والمصور مصطفى الميناوي، لتتجول بنا نحن المشاهدين قبالة أجمل وأشهر جبال عمان الشهيرة بالفرح والرقة والإنسانية وبأشجارها وأحيائها وبيوتاتها الحجرية ذات الطراز العربي القديم المليئة بالبهجة .
هواء
وفي هذا الاستوديو التلفزيوني المكشوف في الهواء الطلق والذي أعده المخرج هشام غيث فوق سطح بيته في جبل الجوفة تلك المنطقة التي تقع بالضبط قبالة سفح جبل عمان المطل على وسط البلد , ومن هذا المكان حيث الاستديو يقف الزائر والمشاهد بذهول وإعجاب وكأنه يكتشف السحر المعطر لأجواء عمان التي تُبدي جمالها في فترات الضحى وفي فترات مابعد العصر.. ولكنها الأروع من كل هذا في فترة الليل وبالذات في سهرات رمضان الرائعة بإنارة البيوت والشوارع والمحلات والقصور الشخصية العريقة المزينة بأحبال وأضواء ونجوم وأهلـّة الزينة الرمضانية بكل الألوان الجذابة للنفس والعين .
البرنامج التلفزيوني اليومي يُعرض من خلال البث الحي والمباشر من جبل الجوفة على قناة نورمينا الاردنية لملايين المشاهدين .. هو عبارة عن فترة من استرجاع الذكريات المشوقة والإستعداد الذهني لموعد ما قبل الإفطار ليظل المشاهدون يعيشون مع هذا البرنامج لمدة»45» دقيقة ، حيث يكون مهندس البث محمد عوض قد جهز كل شيء على أتم حال تقني .
وفكرة البرنامج « فطورك عنّا «ذكية ولطيفة حيث التركيز فيها على وسط البلد وقاع المدينة وتلك الجبال المطلة من حول مكان البث والتي أنجبت كل هذا الحب الأخوي والرائع والفريد لدى سكان عمان .
استضاف البرنامج التلفزيوني عدداً من محبي وعشاق عمان الذين مازالوا يحتفظون بذاكرة بديعة وجميلة لتاريخ وجغرافيا وناس وقصص عمان القديمة منذ الثلاثينات والأربعينات وحتى هذه الأيام امثال: الفنان الممثل ابن هذا الجبل الشامخ سعد الدين عطية ، والفنان أنور خليل ، ورئيس جمعية البخاريين عبدالله البخاري ، والمتعهد المعروف حازم الدويك ، والمصورين محمد القرالة وبلال الناطور ، وصابر العبادي، وكاتب هذه السطور ، واستشاري القلب ايمن حمودة ، والشاعرات الفنانات غدير حدادين ودلال فياض ، وبعض من شخصيات منطقة وادي سرور .
وعندما تضع كفيك لتقبض بهما على درابزين هذا المطل أو الاستوديو الهوائي الطلق وتنزل بناظريك قليلاً للأسفل تجذبك بالحال مآذن أقدم وأشهر مسجد في عمان وهو المسجد الحسيني الكبير والذي سُمي بهذا الاسم نسبة إلى الشريف الحسين بن علي قائد الثورة العربية ونهضتها الكبرى .
فمن هناك تبدأ الحركة النشطة ومشاوير الصائمين سيراً على أقدامهم ، في مسعى لشراء أغراض ولوازم رمضان ومن ثم الذهاب عبر الشوارع إلى منازلهم المنتشرة هنا وهناك في جبل القلعة وجبل اللوبيدة والحسين والأشرفية والمهاجرين والنظيف والأبعد من ذلك أيضاً .
وقبل أذان المغرب تضاء مصابيح المآذن أولاً ثم الشوارع وبعض المحلات التي يفطر أصحابها فيها .. فالعيد ها هو قد اقترب وأصبح السهر في ليالي رمضان يطول ويطول حتى الصباح ، ولدى بعض المحلات التجارية والمتسوقين والمتنزهين والباحثين عن طعام السحور في مطاعم وسط عمان .
وهناك بعيداً ولكنه أمامنا بالذات جزء من شارع فيصل حيث يظهر البنك العربي وسوق الذهب وكشك حسن ابو علي وبعض من أجزاء سوق السعادة للعرائس وأيضا ًبعض الأسواق التجارية كالحميدية والسكر وغيرهما.
وكانت المذيعة الراقية فاتن العملة تذوب كلماتها كالشهد وهي وتسأل وتحاور ضيوف البرنامج يومياً مرحبة بهم وبعمان وبالهواء الذي لا يكف عن الحركة اللطيفة في هذا الرمضان القائظ نهاراً واللطيف ليلاً ،ويساعدها أحياناً المذيع الجديد بطلته البهية حسن عقيل .
وعمان من هذه المطلة الجبلية ، لا أسرار تُخبئها .. فهي مكشوفة بجمالها وهدوئها وروعتها البصرية لكل الناس .. لكن لمن يريد أن يستمتع أكثر بتلك المشاهد المذهلة عليه أن يتعب قليلاً بالصعود إلى هذا المكان المرتفع من جبل الجوفة والذي يقع تحت القصر القديم والشهير لسيدو الكردي والذي بناه قديماً في أعلى قمة الجبل عندما بدأ الناس بالتفكير في بناء البيوت للإقامة في هذا المرتفع.
سكن معظم أهالي عمان قديماً في حول منطقة نهر- سيل - عمان الشاسع والشجري بغاباته البرية ، مثل مناطق حي المهاجرين ورأس العين وشارع الطلياني ،حيث السهول والبساتين الغنّاء المحيطة بالمناطق القريبة من سبيل الحوريات وجبل عمان الجديد وجبل القلعة وبالذات حي الشابسوغ وحي الأبزاغ وحي المدرج الروماني .