[rtl]إجبار الفتيات على الزواج إكراه ينتهك حقهن في اختيار شريك الحياة[/rtl]
ما تزال السطوة الذكورية تتربع على مقدمة سلوكيات المنزل؛ فالاب والاخ الأكبر في حال غياب الأول، يرسم ويقرر كل شيء، وحتى مصير فتاة العائلة مرتبط بقراره يزوجها كيف يشاء ووقت يشاء بحجة أنه الأعلم بمصلحتها.
ووفقا لخبير حقوق الانسان كمال المشرقي، فإن اجبار الفتاة على الزواج "انتهاك من انتهاكات حقوق الانسان"، حيث دعت الاتفاقيات الدولية إلى حرية اختيار شريك الحياة، ووجوب إعمال الحق في الزواج.
وأشار المشرقي إلى ان حرية اختيار الزوج والحق في الزواج يرتبط اساسا بموضوع الحق في انشاء اسرة، والتي تتجسد معاييرها الاساسية في التفاهم بين الزوجين، وعليه فان "الانتهاك في اجبار الفتاه على الزواج سيعمل على زعزعة نظام الاسرة ورعايتها والقائمة على نهج حقوق الانسان".
وكذلك، يرتبط الحق في اختيار الشريك بأهمية توفير الجو المناسب لتنشئة الاطفال و"المعتمد على الحق في البقاء والنماء"، بحسب المشرقي.
وفي ذلك، يقول استاذ علم الاجتماع مجد الدين خمش إن إجبار الفتيات على الزواج وإكراههن على ذلك من قبل أولياء أمورهن، مرده "الجهل والتعنت والتمسك بالعادات والتقاليد القبلية حتى وإن خالفت شرع الله".
شرعيا، قال مدير المحاكم الشرعية الشيخ عصام عربيات إنه "يحرم إجبار المرأة على الزواج ممن لا تريد الزواج منه، ولو كان الزوج من أهل الكفاءة، ولا بد من إذنها وموافقتها، وإذا تم العقد رغما عنها فمن حقها طلب الطلاق من زوجها وإذا لم يطلقها زوجها فإن القاضي يفسخ العقد لكونه تم بالإجبار والإكراه".
وبدوره، يقر المأذون الشرعي علي الصلاحيين بوجود حالات كثيرة مسكوت عنها في المجتمع، مشيرا إلى أن هناك فتيات كثيرات يتصلن به ويطلبن منه المساعدة لأن أولياء أمورهن يريدون تزويجهن بالإجبار لهدف مادي أو خلافه.
ويوضح أن الكثير من حالات الإجبار "هي زيجات فتيات لرجال كبار في السن"، لافتا إلى أن "بعض الآباء إذا رفضت ابنته الزواج بمن يريد هو فإنه يقف في وجهها ويرفض تزويجها لأنها رفضت الرجل الذي يريد رغم أن ذلك يعارض شرع الله".
وأرجع الصلاحيين كثرة هذه الحالات لتمسك الآباء بالأعراف والعادات والتقاليد و"ربط الفتيات" لأولاد أعمامهن في بعض الأحيان دون أن يستشيروهن.
ويشير إلى أن الإجبار ظلم للفتاة، خصوصا وأنها غالبا ما لا تجد من تلجأ إليه لأن الأسرة كلها تقف ضدها ولا تسمح لها بإبداء رأيها، بل إن الفتاة إذ أبدت رأيها فإنها تعتبر خارجة عن عرف العائلة.
وأوضح الصلاحيين أن عقد المجبرة على الزواج يعتبر عقدا فاسدا لأنه تم الإخلال بأحد شروط الزواج وهو رضا الطرفين.
واقترح تخصيص خط ساخن تشرف عليه وزارة الشؤون الاجتماعية لاستقبال الفتيات المتظلمات من قبل أسرهن سواء في عملية الإجبار، بحيث تباشر الحالة باحثة اجتماعية وتقوم بالتدخل لحل المشكلة التي تهدد كيان الأسرة في المجتمع.
إلى ذلك، اعتبر الاختصاصي الأسري أحمد عبدالله أن اجبار الفتاة على الزواج يدخل في باب "زواج المصالح". وقال "كلها طرق خاطئة وأثرها على البنت والأسرة سيئ جدا، خصوصا أن الفتاة تعيش كل حياتها في جو من الكراهية للأب أو كراهية الأهل، إذا بقيت في البيت وعوملت معاملة سيئة".
وأشار إلى أن "فكرة ارتباط الفتاة بشخص هي غير راغبة فيه، هو بمثابة سجن مؤبد، إلى جانب أنه مدمر لنفسيتها بالدرجة الأولى، إلا أن ما يحدث أن المعاملة التي تعاملها الفتاة في حال رفضت هي أسوأ بكثير من زواجها مجبرة، فحقها يكون مهضوما على كل الأصعدة".
والزواج بالإكراه "فاسد" في رأي الناشطة في مجال حقوق الانسان المحامية سميرة زيتون التي قالت ان "الزواج بالاكراه لايعتد فيه حيث يقع الزواج فاسدا، اذا كان العاقدان أو احدهما غير حائز على شروط الاهلية حين العقد أو مكرها، سندا لنص المادة 31 من قانون الاحوال الشخصية".
وأشارت زيتون الى أنه "إذا وقع العقد فاسدا، ولم يتم به الدخول لا يعتبر حكما أصلا ولا يرتب اثرا، اما إذا تم به دخول فيلزم به المهر والعدة ويثبت به النسب وحرمة المصاهرة، ولا تلزم به بقية الاحكام كالارث والنفقة".