الجنس الرابع يطرق أبواب الخليج والاردن!!
تقرير: بسام العنتري
مريم، او "عبود" كما تسمي نفسها، مقتنعة بانها "ولد" حبس قسرا في جسد فتاة، وهي اذ ذاك، تحلق رأسها وتحف الذقن والشارب لاستنبات شعرهما وتتحدث بنبرة رجولية، والادهى انها تضغط صدرها بمشد لإخفاء معالم الأنوثة.
ولمريم، كما لمثيلاتها "البويات"، بنوتة هي زميلة لها في الصف العاشر، تعشقها ولا تتحرج من مغازلتها علنا، كما انها قامت بوشم اسمها على ذراعها.
هذه البنوتة، كما تقول طالبات المدرسة، تمكنت سريعا من قلب مريم بعدما هجرتها بنوتتها السابقة من اجل "بوية" اخرى بعدما ضاقت بغيرتها المفرطة وقسوتها التي وصلت في احيان كثيرة الى حد الضرب المبرح.
ووفقا لتقاليد عالم البويات، فان مريم لا تستطيع الان التعرض لبنوتتها السابقة لان ذلك سيعني اشعال حرب بين اشرس عصابتي بويات في المدرسة.
تلك احدى صور ما يعرف بظاهرة الجنس الرابع التي باتت تشكل قلقا للمسؤولين في عدد من دول الخليج، فيما بدأ المسؤولون في دول عربية اخرى تلمس بذور الظاهرة الاخذة في النمو لديهم.
فمثلا، يقدر باحثون اكاديميون عدد البويات في المدارس الرسمية وفي صفوف العاملات في وزارة التربية في الكويت بانه بالالاف.
وقد دفع هذا العدد الكبير رئيسة لجنة شؤون المرأة في مجلس الوزراء الكويتي الشيخة لطيفة الفهد الى المطالبة بفصل "البويات" العاملات في وزارة التربية لمنع انتشار هذه الظاهرة بين الطالبات.
وفي البحرين وصلت الاجراءات التي اتخذتها وزارة التربية للتصدي لتفشي هذه الظاهرة حد منع المصافحة الاعتيادية بين الطالبات وما يرافقها من قبلات ترحيبية.
بوية و"غاي"
اما في الاردن، فان الظاهرة لم يتم رصد حجمها بعد، وان كانت بذورها موجودة بوضوح، حيث تتحدث طالبات المدارس عن زميلات "مسترجلات" يتبعن اساليب ذكورية في الهيئة والسلوكيات لمحاولة فرض هيمنتهن، كما تبدر منهن تصرفات حيال بعض الطالبات هي اشبه بتلك التي يقوم بها الشبان العشاق.
وتقول طالبة في مدرسة ثانوية في محافظة قريبة من عمان ان هؤلاء بتن معروفات باسم "غاي" بمعنى شاب او رجل، وهن لا يتورعن عن مغازلة الطالبات الجميلات واسماعهن عبارات الاعجاب التي يستخدمها الشبان في العادة.
وبحسب هذه الطالبة، فان في مدرستها "غاي" ترتدي ملابس شقيقها وشعرها قصير جدا وهي تكتب قصائد ترسلها على الدوام الى طالبة جميلة يبدو انها تحبها وتطلق عليها لقب "زلمتي"، كما انها تقوم احيانا بضرب الطالبات اللواتي يتعرضن لها.
ولهذه الغاي شلّة جلها طالبات شبيهات بها ويأتمرن باوامرها، وهن باستمرار حولها سواء خلال ساعات الدوام او في خارج المدرسة.
ورغم وجود شلل اخرى، الا ان هذه الشلة هي الاشرس وتخشى بقية الشلل سطوتها، وبالطبع ايضا بقية الطالبات والمعلمات في المدرسة.
وتتحدث طالبات عن شجارات عنيفة بين هذه الشللل كانت تستخدم فيها العصي والحجارة وكل ما تقع عليه اليد.
وهذه الشجارات كانت تنتهي في بعض الاحيان باصابات تتطلب النقل الى المستشفى، لكن النتيجة الحتمية لها هي ان تنصاع الشلة المهزومة لسلطة الشلة الغالبة.
شيطنة وشذوذ
وفي الوقت الذي يبدو ان ما تشهده المدارس في الاردن لا يزال في اطره الصحية، ولا يعدو حوادث وسلوكيات معتادة منذ عشرات السنين نعرف جميعا مداخلاتها بحكم مرورنا بالمرحلة الدراسية، الا ان الامر يصل الى حد غير معقول في بلدان اخرى كالبحرين.
فهذه صحيفة "الوسط" البحرينية تتحدث عن ممارسة شلل البويات لطقوس اقرب لتلك التي يقوم بها عبدة الشيطان، ويتخللها ممارسات جنسية شاذة تجري اقامتها عند ساعات الفجر في بيوت تمتلكها تلك الشلل.
وتنقل الصحيفة عن طالبة في احدى المدارس قولها انها رأت "جماعة من زميلاتها..تجمعن بالقرب من أحد الأمكنة يمارسن طقوساً غريبة، فتارةً يعمدن إلى قتل القطط، وأخرى يمارسن الشذوذ الجنسي بشكل فاضح!".
وتضيف الطالبة ان الطقوس التي كانت تجري خلال احدى الامسيات التي تقيمها شلل البويات لم تخل من "الأغاني الصاخبة التي تعلو في المكان بلغة غير مفهومة بعيدة عن العربية".
وفي تقريرها، تؤكد صحيفة "الوسط" ان بعض المدارس "تغزوها عصابات منظمة لعبدة الشيطان لكل منها اسم خاص بها، ولكل عصابة قائدة تعرف باسم حركي يختلف عن اسمها الحقيقي".
واعضاء هذه العصابات "طالبات طبيعيات، باستثناء أنهنّ يضعن على حقائب المدرسة وكتبهن الدراسية شعار عبدة الشيطان" وبعضهن يقمن بوشم الشعار على ظهورهن وأكتافهن.
وهن يجتمعن خلال الفسحة في دورات المياه خصوصا، ما يجعل بقية الطالبات يعزفن عن دخولها في تلك الاوقات.
تقول احدى الطالبات "الوضع مخيف، الكثيرات منا ممن ليست لهن علاقة بهذه العصابات يبتعدن عن دخول دورات المياه طوال اليوم الدراسي، ذلك أن الدخول قد يعرضهن لمضايقات منهن، وقد يصل الحد إلى التعدي علينا جنسياً".
الغريب في الأمر، كما تقول الصحيفة، هو أن بعض البويات يكنّ منقبات خارج إطار المدرسة، وبمجرد دخولهن اليها يخلعن النقاب، وتبدو مظاهر الرجولة واضحة عليهن.
اغتصاب وتهديد
وتنقل صحيفة "اخبار الخليج" البحرينية عن طالبات وصفهن لعمليات اغتصاب تقوم بها عصابات البوية في حمامات المدارس وتكون ضحاياها زميلات غافلات.
وتقول: إنهن يقمن بالإمساك برقبتها ويضغطن بقوة في مكان محدد يؤدي إلى تخدر البنت وفقدانها الوعي، ومن ثم يقمن بالتحرش بها جنسياً أو اغتصابها، وتمتد فترة فقدانها الوعي مدة ربع ساعة تقريباً وعندما تستعيد وعيها فإنهن يقمن بتخديرها بنفس الطريقة مرة أخرى.
وتضيف هذه الطالبة قائلة انه بعد استعادة الفتاة وعيها يهددنها بالفضيحة إذا فكرت بالتحدث عن كل ما تعرضت إليه من قبلهن.
والأدهى والأمر، كما تقول، هو أنهن يخبرنها بأنهن قد قمن بتصويرها بكاميرات الهاتف النقال وسوف يقمن بنشرها بالبلوتوث إذا أخبرت أحداً عما يحدث، وهو ما يجعل البنت تتكتم على الموضوع خوفاً من الفضيحة.
وبسبب هذه الأفعال المشينة التي ترتكبها البويات أصبح معظم الفتيات في المدرسة يخشين من الذهاب إلى حمام المدرسة، وفي الحالات القصوى فإنهن يطلبن من ممرضة المدرسة استخدام حمامها الخاص، لأنها على علم بكل ما تفعله البويات فتسمح لهن بالدخول.
كنت بوية
من جهتها، تورد "اخبار الخليج" اعترافات لبويات سابقات، تحدثن فيها عن تجربتهن في دخول هذا العالم والخروج منه.
تقول احداهن انها دخلت عالم البويات منذ أن كان عمرها 13 سنة وهي الآن تبلغ من العمر 17 سنة، وقد تحولت إلى بوية بعد أن قامت زميلاتها في المدرسة بإقناعها بأنها تتمتع بصفات الشباب مثل الشكل وقوة الشخصية وغيرها من الصفات، فأعجبتها المغامرة.
وبعد تحولها إلى بوية أصبحت تمتلك شهرة كبيرة بين البنات في المدرسة فكن يعتبرنها البوية المميزة، لأنها كانت تتصرف مثل الشباب فتعمل على ملاحقة الفتيات وبعد أن تتعرف عليهن تتقرب منهن وتوفر لهن كل ما يحتجن إليه.
ولكن في المقابل تعمل على استغلالهن بأبشع الطرق لأن هدفها كان يرتكز على الناحية الجنسية فقط أثناء تعاملها معهن، ولكن مع مرور الوقت بدأت تشعر بالملل لأنها اكتشفت أن هذه التصرفات خاطئة وهذا ما جعلها في صراع نفسي بين الدين والعادات والتقاليد وبين رغبتها كبوية.
ومن أجل إنهاء هذا الصراع توجهت إلى مركز وتلقت علاجا نفسيا تأكدت بعده أنها أنثى طبيعية مما أشعرها بالراحة النفسية وهي حالياً تمارس حياتها بشكل طبيعي مثل أي فتاة.
سيطرة تامة
بوية اخرى تقول "عندما كنت بوية كانت البنات يلاحقنني وكنت مرغوبة بشكل كبير، وقد استغللت هذا الإعجاب في السيطرة التامة عليهن وكنت أقرر لهن ماذا يفعلن وكيف يتصرفن".
لكنها تؤكد انه "رغم قدرتي على السيطرة على كل البنوتات إلا أنني لم أكن مرتاحة نفسياً لذلك قررت الخروج من هذه الدوامة بالتخلص من هذا السلوك الخاطئ عن طريق العلاج، والذي استمر معي مدة سنتين تعذبت خلالها كثيراً لأن البنات في المدرسة كن يحاولن أن يرجعنني بوية ولكني تمكنت من المقاومة وفي النهاية تمكنت من التخلص من هذه الأزمة والحمد لله".
وتؤكد البوية السابقة ان حياتها تغيرت للأفضل الان وعلى الأخص علاقتها مع أهلها والتي كانت سيئة في ذلك الوقت وقد تمكنت من استرجاع ثقتهم مجدداً.
وهي كذلك توجه نصيحة للطالبات في المدارس قائلة "عندما تكن في حفلة أو في تجمع مع البنات احذرن من الانفراد مع البويات في مكان مغلق لأنهن سيسعين لاستغلالكن وذلك من خلال تعمدهن إلى إظهار لطفهن وصفاتهن الحميدة، وعندما ينجحن في التقرب منكن قد يقمن بالاعتداء عليكن أو يتحرشن بكن".
وتضيف "أنا أقول هذا الكلام من واقع خبرتي لأني كنت بوية في يوم من الأيام وكنت أفعل هذه الأشياء فأستغلهن وأخدعهن بالكلام المعسول من أجل الحصول على أغراضي الجنسية منهن".
حاولت الانتحار
وتتحدث بوية سابقة اخرى عن تجربتها التي قادتها الى حد محاولة الانتحار.
هذه الفتاة كانت قررت أن تتحول إلى بوية، وبعد ذلك بدأ والدها يتركها على حريتها فتدخل وتخرج بكامل حريتها بلا محاسبة كما انها كانت تحضر معها البنوتات إلى البيت وتدخل معهن في غرفتها الخاصة، وكانت تمارس الجنس معهن.
ولكن بعد عودتها إلى فطرتها أصبحت مشمئزة من نفسها بشكل كبير، فكلما تذكرت تلك العلاقات الشاذة التي كانت تمارسها تكره نفسها كثيراً، حتى إنها في أحدى المرات حاولت الانتحار ولكنها فشلت.
ولهذه صديقة اخرى أصبحت بوية لأنها كانت تظن أنها ستجد نفسها بهذا الشكل أكثر من كونها فتاة فهي دائماً تشعر بأنها حرة وتفعل كل ما تريده.
وبعد فترة عدلت عن رأيها بعد أن سمعت قصة أحدى البويات التي أقامت صداقة مع مجموعة من الشباب وأصبحت تتعامل معم على أنهم أصدقائها وهي واحد منهم فكانت تخرج معهم في المجمعات مثل أي صديق في الشلة وبدون علم الأهل ولكن الشباب استغلوها وأوهموها بأنها فعلاً ولد لكن بعد ذلك قاموا باغتصابها لأنهم يعرفون انها بنت وليست ولدا وهذا ما جعلها تقتنع بأنها بنت عادية.
بويات الانترنت
البويات لم يعد صعبا العثور عليهن على الانترنت، حيث وجدن لانفسهن موطئ قدم هناك حيث يعبرن صراحة عن انفسهن وميولهن وعلاقاتهن، كما يقمن ببث همومهن ويشكون ما يعتبرنه ظلما من المجتمع الذي لا يتفهمهن.
فهذه بوية تسمي نفسها اسم سالم، تقول في موقعها الذي اطلقته على الانترنت انها خصصته "للذين يعانون اظطراب (اضطراب) الهوية الجنسية، تغيير الجنس، عدم انتمائهم لجنسهم" في اشارة لمن يعتقدون انهم ذكور في اجساد اناث.
ويحفل الموقع بالعديد من الردود التي تبعث بها ما يبدو انهن بويات وجلها يعبر عن الاستحسان للفكرة، والشكر لصاحبها لانه فتح الباب للتواصل بين البويات في انحاء المعمورة العربية.
ويقول احد الردود الذي بعثت به فتاة كويتية تطلق على نفسها (كيوتي) "بصراحه الموقع وايد حلوو وانا كنت ادور على جذي مواقع من زماااان ... عندي طلب صغير اخ سالم ودي اعرف شلون اقدر اتعرف على بويات من خلال هالموقع؟".
ويرد سالم قائلا "مشكورة ماقصرتي الله يوفقج وويفق الكل انشالله وانا والله قاعد اسويي الواجب والي اقدر عليه".
وفي تقديمها لقسم في موقعها خصصته لبوية اسمها راشد، تقول سالم "هذا القسم مخصص لخوي راشد وهو شخص من قطر يعاني مثل مشكلتي يعاني من ظاطراب (اضطراب) الهوية الجنسية وهو رجل مسجون بجسد فتاة".
ويضيف "وخصصت له هذا القسم الخاص فيه لمشاركاته العديدة والمميزة و له تفكير حلو ووايد يعجبني لانه تفكيره قريب من تفكيري واهم شي انه مثل تفكيري ويبيي يبين للناس انه احنا عندنا مشكلة ولازم لها حل وانه هناك فرق المتضنعين وبيننا وانه لازم لبعض الحالات تغير الجنس اذا كان الانسان مريض فقط وفي هذه الحالة فقط يكون حلال".
وفي قسمها تقول راشد "المجتمع ظلمنا كثير، انا قطري..حاولت اروح للمستشفيات والحكومة وكل مكان اترجى..ولا احد ساعدني واخذ بيدي..لو كان في اهتمام من دولتنا ودول الخليج على الاقل بيكون في توعية للناس ..عن البويات المتصنعات وعن الرجال امثالنا بيكون حقنا محفوظ وما يشاركونا بويات المتصنعات للرجول حقنا الشرعي".
وفي موقعها، تضع سالم وصلات لمواقع بويات اخرى تشترك جميعها في المضمون نفسه، وتعرف صاحباتها على انفسهن باسماء ذكورية ويخترن صورا لشبان بدلا من صورهن.
على ان بعض المواقع تنشر صورا لمن تقول انهن بويات، ويظهرن فيها وقد حلقن شعورهن وبدت خشونة شعر لحاهن جراء الحث المستمر بشفرات الحلاقة.
خطورة الظاهرة
هذا، وتؤكد الاختصاصية النفسية والناشطة في مجال مكافحة العنف الأسري بنه بوزبون خطورة تفشي مشكلة الطالبات المسترجلات بين طالبات الإعدادي والثانوي في البحرين.
وتقول إن هؤلاء الطالبات يعشن بين الطالبات في سلوك الفتيان من حيث المظهر العام وقص الشعر ومحاولة إخفاء معالم الأنوثة وارتداء الملابس الرياضية وتكوين عصابات وفرض علاقات غير سوية على بعض الطالبات تأخذ أحيانا شكل تحرشات في حمامات المدارس.
وأشارت بنه إلى أنها تتلقى يوميا شكاوى أعداد مخيفة من أولياء أمور طالبات يعانين مثل هذه الظواهر السلوكية في مدارسهن وهو ما يجعل أولياء الأمور يشعرون بالقلق على بناتهم في بعض الحالات.
وترى أن مشكلة البويات ظاهرة اجتماعية انتشرت في الآونة الأخيرة وعكست حالة من اغتراب المراهق أو المراهقة عن المجتمع، وهناك أزمة لدى المراهقات (البويات) يعانين معها من عدم الثقة بالنفس وعدم التوافق مع البيئة ومشاكل بين أفراد أسرهن.
فالبنت المراهقة عادة ما تتعرض لعنف لفظي وجسدي واستهزاء من قبل أفراد الأسرة مما يجعلها لا تثق بنفسها وتشعر بأنها غير مرغوب بها، كما أن المراهقة تمر بأزمات نفسية تسعى خلالها إلى أن تكون محور اهتمام الآخرين وإعجابهم، إلا أنها ولعدم وجود صفات إيجابية تتحلى بها تلجأ إلى ممارسة سلوك آخر يجعلها محور الاهتمام.
وتقر بأنها قامت بعلاج عدد من الفتيات المراهقات، فوجدت أن غالبيتهن لا يعانين أي شذوذ هرموني وإن كن يعانين أزمة مع الأهل وأزمة عدم تواصل مع الهيئة التعليمية إلى جانب تأثيرات ضارة للإنترنت.
وترى بنه أن الحل يكمن أولا في الاعتراف بوجود هذه المشكلة ومحاولة رصدها بكل دقة.
قصتان من الاردن
وفي الأردن، كما ذكرنا سابقا، ليست هناك ظاهرة بالمفهوم الذي تشهده بعض دول الخليج، لكن هناك حالات اضطرت فيها فتيات الى الاسترجال كنوع من حماية النفس بحكم اضطرارهن للخروج الى العمل.
وتورد مجلة "اليمامة" السعودية قصتين لامراتين اردنيتين عاشتا ولا تزالان متأثرتين بتجربة الاسترجال.
الاولى عرفتها المجلة باسم سمر - ح -، وهي موظفة - 39 عاماً تقول: توفي والدي وهو في الأربعين من العمر، تاركاً وراءه زوجة صغيرة وثلاثة بنات، ورغم أني أصغرهن حيث كنت في الرابعة عشرة إلا أنني كنت أكثرهن إحساساً بالمسؤولية وحب الأسرة فقررت العمل والدراسة في آن لمساعدة والدتي.
وتضيف :عملت في مصنع خياطة واضطررت ارتداء قناع اللامبالاة والقسوة والخشونة بالتعامل مع زملائي لئلا يطمع بي أحد أو يتحرش بي، وبالطبع لم أكن قادرة على شراء ملابس جميلة جديدة أو مستحضرات تجميل للاعتناء بشكلي وجمالي، لحاجة أهلي إلى كل قرش أكسبه.
وتمضي قائلة "لكن شقيقتي كانتا أكثر أنانية مني فكانتا تأخذان من أمي مالاً لشراء عطر أو ماكياج حتى استطاعتا اصطياد عرسان والفرار من المسؤولية الملقاة على عاتقي وحدي، تقدم لخطبتي بعض الشبان بحكم القرابة لكني حينما كنت أدرك رفضهم فكرة مشاركتنا والدتي العيش، أرفضهم فوراً دون تردد".
وتختم سمر قائلة "أنهيت مرحلة الثانوية العامة وعملت سكرتيرة وأصبحت حياتي أفضل من السابق وأستطيع شراء ما أريد من ملابسي وماكياج وعطور لكن لماذا؟ ولمن؟ أخجل من الاعتناء بجمالي اليوم وأنا مقبلة على الأربعين حتى لا أُتهم بالبحث عن رجل أي رجل ينقذني من شبح العنوسة".
القصة الثانية التي توردها المجلة هي لممرضة في الخامسة والثلاثين اسمها "ريم. س".
وريم كما تقول المجلة ما زالت تتألم بمرارة لخسارتها حبيبها الذي لم تنسه حتى بعد زواجه بامرأة أخرى. تقول ريم عن هذا الحبيب: هو صديق الطفولة وابن الجيران الذي نشأت معه منذ صغرنا وتربط عائلته صداقة وطيدة مع عائلتي، كبرنا معاً لذا لم أشعر يوماً بأني كنت مختلفة عن البنات الأخريات أو أقل منهن جمالاً، كنت أحب ارتداء البنطلونات وأكره الفساتين التي لا تسمح لي بلعب الرياضة أو ركوب الدراجة الهوائية، وأرفض وضع الأصباغ على وجهي كالمهرجة وأحب الطبيعة، فجأة شعرت بالغيرة عليه حينما كان يرافق ابنة خاله.
وتتابع قائلة: كان يطلب مني وضع أحمر الشفاه أو الكحل، حاولت وفشلت، اعتدت على طبيعتي، انتقل أهله إلى منطقة أخرى وافترقنا أشهراً إلا من بضع مكالمات باردة، طلب مني مقابلته، فذهبت وفوجئت بدبلة الخطوبة بيده، صعقت من الصدمة.
وتصف الموقف الذي حصل حينها قائلة: اعترف لي أنه أحبني حقاً من أعماق قلبه لكن الزواج أمر آخر، هو بحاجة لزوجة كاملة الأنوثة لتعزز إحساسه بقوته ورجولته، امرأة تعبر له عن حبها في كل وقت، امرأة تشرفه بأناقتها وجمالها في المجتمعات والحفلات.
وتنهي ريم قصتها بالقول: لم أتزوج لأن من بين كل الذين تقدموا لي لم أحب رجلاً واحداً بينهم، لا أستطيع الارتباط للأبد برجل لا أكن له أي مشاعر حب أو احترام لكني صرت أكثر عناية بأنوثتي من قبل ربما لأثبت لمن تسرع بهجري أني أنثى.
مرض ام عارض؟
الى هنا، يرى أستاذ الطب النفسي يحيى الرخاوي إن استرجال بعض الفتيات أو استرجال المرأة قد يكون مرضاً نفسياً في الغالب وتتفاوت شدة المرض من إمرأة لأخرى، فبعضهن يكتفي بالمظهر بالتقليد في الملابس والتصرفات، وبعضهن الآخر يتقمص الشخصية الرجولية كاملة، وقد يصل الأمر إلى حد المرض فتتقمص الشخصية الرجالية لحد معاكستها بنات جنسها أو الميل إليهن!!
ولكن من تصل منهن إلى هذه الحالة فهي تعاني من إضطراب الهوية الجنسية، وهو من أصعب أنواع الاسترجال علاجاً ويرجعه العلم إلى ارتفاع هرمون «التيستوستيرون» الذكوري في دماء أمهاتهن في أثناء الحمل.
ويشير الرخاوي إلى عوامل أخرى مهمة يمكن أن تخلق فتاة مسترجلة مثل عدد الأشقاء والشقيقات الأكبر سناً في المنزل، ومدى تقدير الأبوين لكل جنس، فقد تنشأ الفتاة في أسرة تحابي الولد وتعطي له كل الحقوق وكل ما يطلب وتحرم الفتاة من أبسط حقوقها.
لكن على جانب آخر، كما يقول الرخاوي، فان هناك نوعا آخر من النساء المسترجلات يمكن أن نطلق عليهن تجاوزاً تعبير "نموذج إيجابي" لأنهن نسوة فرضت عليهن ضرورات الحياة مزاحمة الرجال لكسب عيشهن، فكان لا بد أن يتهيأن لدخول معترك الحياة بالوسائل الذي يستعد بها الرجال أنفسهم.
ويضيف ان السيدات المشتغلات بأعمال الرجال، يصبحن - بطبيعة الحال - مسترجلات، وهن نوعية زهد الرجال في الزواج منهن، وغالبيتهن من الأرامل والمطلقات اللاتي فقدن العائل وأصبحن هن العائل الوحيد للأسرة؛ أي أب وأم فغلب عليهن دور الأب وهكذا يصبح للمسترجلات دولة وقوانين.
مخالفة للدين
وعلى صعيده، ينتقد أحمد عمر هاشم مدير جامعة الأزهر السابق ظاهرة "استرجال النساء"، معتبرا انها مخالفة لكافة الأديان والأعراف والتقاليد الاجتماعية.
وهو يؤكد ان ما نراه من تصرفات وسلوك أولئك النسوة ليس إلا خروجاً على القيم والمبادئ الإنسانية، فضلاً عن تعاليم ووصايا الرسالات السماوية.
وقال هاشم "المرأة المسترجلة التي فرطت في كرامتها وإنسانيتها وعرضها وأهدرت شرفها على النحو الذي نراه، وخانت طهارتها وابتذلت، من الذي يضمن لها الخليل؟ إنها تفعل مع غيره ما تفعله معه، والأعذار جمة، والمبررات وفيرة؛ فتخونه كما يخون زوجته ودينه".
وتساءل "أية ثقة معنوية، ومادية يمكن أن يجدها الرجل عند هذا الصنف من النساء؟ مع أن الثقة الزوجية من أعظم أسباب الهناءة في البيوت العائلية".
ويختم بالقول إن "انتشار هذا النوع من النساء المسترجلات، مدعاة إلى شيوع الفاحشة بين الناس، في حين أن العفة والوقار يقي الأمم من أن تشيع الفاحشة المزرية إلى دمار المجتمعات وبالتالي انهيار الأمة نفسها، وغير ذلك من الأضرار التي لا يحصيها عد ولا يحيط بها حصر".